اختارت ريم التّعبير باللّغة عن هواجسها، شقّت طريقها نحو الكتابة كمن يقفز من علوّ شاهق بدون مظلّة.
     فقد كبّلها الزّواج الّذي يعدّ في أعرافنا المرأة  كائنًا بلا روح، بلا رغبات، بلا عقل.
     تنام ريم في بيت هربت إليه من بيت الزّوجيّة بعد أن تعرّضت لضرب مبرح تسبّب كسورًا في الجمجمة، ( 45 قطبة بعد العملية)  و كسورًا في الذّراع والكتف...
أجريت لها عمليّات جراحية عدّة وعادت من الموت بمعجزة إلهيّة...(أو نجت من الموت بأعجوبة).
أما المتسبّب في هذا الحادث المأساوي فهو الرّجل الّذي أعدّته دائمًا حبيبها وحاميها ورجلها، زوجها الكريم.
     قبل تعرضها للضّرب كان آخر ما كتبته على صفحتها "فايسبوك": بعض الحبّ خلق لنا، وبعضه خلق ليقتلنا" ...
وبعد غياب دام أسبوعًا، تعود إلى صفحتها وتكتب: " قضيّة ريم قضيّة كلّ امرأة عربيّة، وتعرّضها لمحاولة قتل فاجعة كبرى على كلّ إنسانة تعرف الفرق بين العصا والقلم؛ رجل يعتدي عليها ضربًا حتّى الموت لكنّها لم تستلم لموتها".
     تواجه العالم برفع صوتها دون خوف، وتقرّر أن تستمرّ في نضالها ضد تعنيف المرأة من أيّ كان فتضع حتّى رقم هاتفها على صفحتها وتقرّر أن تعقد مؤتمرًا صحفيًّا  وتواجه العالم كلّه بجراحها وآثار جراحها، وتقول " stop" بطريقتها لكلّ من يعنَف المرأة ليبقيها مدجَنة في بيته.
     هل سينتصر القلم أو العصا؟
هوَ ذا السّؤال الّذي سيطرح بعد أن تواجه ريم رجال القانون و رجال الدّين الّذين يبيحون ضرب الزّوجات عملاً بالآية الّتي تقول: " فليضربوهنّ"... ستجعل الجميع يرى آثار الضّرب الّذي لم يتعوّد المجتمع أن يراه لأنّه تابو آخر من تابوهاتنا!
فنحن قد نسمع صراخ المرأة الّتي تضرب، ولكنّنا لا نرى آثار الضّرب وهذا ما يجعل المأساة مستمرّة.
     ذات يوم رأيت رجلاً يعتدي على امرأة في الشّارع فحملت هاتفي واتّصلت بالرّقم المخصّص لذلك، فردّ صوت خشن: "يمكن هي بتحبّ تنضرب!!!!".
لا تعليق طبعًا..
فالرّقم الّذي خصّص للطّوارئ في حالات مماثلة يفاجئك بردّ غريب، حتّى إنّي شعرت وكأنّي تلقّيت ضربة قويّة على رأسي.
     قلت وردّدت كثيرًا إنّ فعل "ضرب" له أكثر من عشرين معنًى في اللّغة العربيّة، وإنّ لغة القرآن ليست سطحيّة، والإسلام ليس دين عنف، وإنّ الضّرب هنا يعني الإضراب عن الشّيء، والابتعاد عنه؛ فالدّين الّذي يسمح بطلاق الأزواج لا يمكن أن يحضَّ على ضرب الزّوجة لمضاجعتها...
لا تناقض في القرآن -وإن حدث، وإن وجد- فهناك تناقض ومعنى ذلك أنّنا شوّهناه.
     اليوم ونحن على مشارف "نهاية العالم" -كما يردّد بعض المبالغين في تديّنهم- يمضي البعض في تشويه الإسلام إلى أقصى درجة ممكنة، فهو دين العنف، ودين تحقير المرأة، و دين المتع الجسديّة، ودين المظاهر...
إلى أين نحن ذاهبون بأفكار الذّلّ هذه؟
     لا أجد ما أقوله للنّساء الخانعات، لكنّي أحيّي ريم على شجاعتها وأدعو لها بالشّفاء، والصّبر والقوّة لتكمل طريقها، ويجب على اللّبنانيّات أن يقفن معها، و لتساندها نساء العالم العربيّ أجمع، حتّى يتوقّف ظلم المرأة المسلمة بسبب الفهم الخاطئ لدين جاء ليخلّص النّاس من الظّلم وليساوي بينهم ويحلّ السّلام بين الأفئدة أينما كانت وكيفما كانت.
---------
* ريم خالد زكريا : 0096170642751