قال لها " بإمكاني أن أكذب عليكِ و آخذ ما أريد ثم أتحجج بزوجتي و عائلتي و أولادي و أنسحب" كان يريد أن يقول لها كم هو إنسان، و كم ضميره واعي، و أخلاقه عالية.ردّت عليه " من قال لك أن المرأة حين تحب يستطيع الرّجل أن ياخذ منها و ينسحب؟"  هي أيضا تأخذ ما تريد، هي في الحقيقة تأخذ و تعطي، ثم حين ينسحب لا بأس من الإحتفاظ بذكراه، ذكرى عناقه، و شفاهه، و أنفاسه، و أصواته، و كل ما حدث بينهما من هيجان و و ثوران و انفجار و تغير كامل لجغرافيا نفسيهما معا... كانت تريد أن تشرح له أن الأمر لم يعد كما كان منذ أربعين عام، أو أنّه لم يعد كما يظن عامة البشر في مجتمعاتنا التي علّمت الرّجل أن يأخذ فقط و علّمت المرأة أن تعطي فقط...
إكتفت بالرد المقتضب الذي لم يفهم أبعاده ربما...
أو ربّما فهم و لكنّه خجل أن يقول لها أنها لا تعجبه، لا تشده، لا شيء مثير فيها، ليست على ذوقه، ليست فتاته و كفى...!أصرّ أن يهمس لها و هي تسمع أدق أصواته المنبعثة من هاتفه أنه ليس فارس أحلامها.و قد خجلت أن تقول له أن بذور الحب حين تنمو في تربة ما فهذا لا يعني أن فارس الأحلام من زرعها...
فارس الأحلام لمراهقات لم يتجاوزن العشرين، أمّا العمر حين يتخطّى سن النضج بخطوات فقط أصبح له مفاهيم جديدة. 
و الحب في هذا العمر ليس مخططا لاختيار امرأة تصلح أما و زوجة و مدبرة بيت و اكسسوارا يتباهي به الرجل أمام العائلة و الرفاق و المجتمع...
في هذا العمر المتأخر يعود الرّجل و المرأة إلى فطرتهما، فيبحثان عن الرفقة الطيبة و المودة و الرّحمة و العمر الذي سُرِق منهما في متاهة المخطط الإجتماعي الذي أتلف اللحظات الجميلة بكثرة الواجبات...وجهة نظر؟ أي نعم هذه وجهة نظر ...هكذا همست له و في قلبها مكان شاسع له، أوسع مما يتخيل...
أرادت أن تكون جريئة أكثر، لكنّها أصيبت بالرّعب من نفسها حين تخيلته هاربا منها خوفا من أن ينهار هرمه الإجتماعي ...
زوجته ، أولاده، عالمه المستقر، قلبه الذي تعوّد أن يدق على إيقاع منتظم...أموره التي ألفها...
أمّا هي فلم تفهم أبدا، لماذا كلما اتسعت المسافات بينهما، كلما غرقت في مشاعر جارفة و جميلة نحوه..لم تفهم لماذا لا يتقدم خطوة و يأخذ ما يريد؟فإن أحبها فسيأخذ دوما ما يريد...و إن انسحب و اختفى من حياتها تكون قد أخذت ما تريد...أحيانا تكتفي المرأة برائحة رجلها الذي تحب لتعيش عليها العمر كله.