جيد أن تطرق برامجنا التلفزيونية مواضيع جارحة و جادة في الوقت نفسه، و جيد أن يكون لدينا حالات صادقة تتحدث بشجاعة أمام الكاميرا، و جيد أيضا أن يكون معدي و مقدمي هذه البرامج ذوي نشاط غير عادي إذ يتوغلون في خبايا المجتمع دون خوف، لكن أظن و بعد التهويل الإعلامي و الإجتماعي الذي يعقب بث كل حلقة يبدأ مسلسل آخر من التهويل يتعرض له ذلك المواطن الشجاع الذي عرض حالته أمام الجمهور...
فلطالما قدمت برامج على قنواتنا العربية تكشف المستور، و تعري الطابوهات، و لعل أشهر مقدمي هذا النوع من البرامج الدكتور زياد نجيم، و هالة سرحان، و آخرين يضيق المقام لذكرهم الآن. لكن يبقى التحدث عن الطابو حبيس لغة الكلام و ساعات الإستعراض الغبية أمام المتفرج العربي الذي لا يعنيه التغيير بقدر ما يعنيه إشباع فضوله لمعرفة بعض المستور في مجتمعه ...
نحن بحاجة إلى المتابعة و معرفة ما بعد بث الحلقة...
ماذا بعد أن تعرت السيدة التي إعترفت بعلاقاتها المتعددة، و بممارسة الجنس قبل الزواج، ماذا كانت ردة فعل أهلها، و ماذا كانت ردة فعل المجتمع تجاهها، المشكلة بالنسبة لنا هي ليس الإقدام على الإعتراف أمام الكاميرا ، فهذه الكاميرا هي ملايين البشر الذين هم سبب معاناة أولئك الناس، هل من قانون يحمي تلك السيدة؟ و هيل يمكن صياغة ذلك القانون؟ إن كان نعم فأي مسؤول أحرجه هكذا برنامج أمام الكاميرا و اعترف بالمخفي أمام الناس عن كواليس الدولة و صناعة القوانين؟
أي مسؤول كان حاضرا ليحكي عقبة صادفته مثل كل الناس؟
هؤلاء الذين نراهم على الشاشة طحنتهم العادات و التقاليد و الفقر و الحاجة، و ظهورهم أمام الشاشة قد يكون مدفوعا لقول بعض الكلام المثير و الجاذب لنسبة عالية من المشاهدة، لكنهم يظلون مساكين و ضحايا، المتشرد يظل متشردا بدون بيت، و المطلقة تظل مطلقة تلاحقها التحرشات الذكورية، و اللوطي يظل لوطيا و منبوذ ا  لا تنفق عليه القناة حتى مبالغ صغيرة لتوجيهه لطبيب نفسي،
تستمر الأشياء على ما هي عليه، و ستظل معلمة بالأحمر العريض..
و اليوم حين يتربع شاب مثل مالك مكتبي على عرش البرامج الحوارية التي تكسر الطابو نتمنى منه أن لا يظل حبيس حلقة البث و الإثارة التلفزيونية، نتمنى أن يخرج لدائرة التغيير،حتى لا يأفل نجمه مثلما أفلت نجوم سبقته، و حتى يكون إعلاميا فعالا لا أداة يفعل بها لرفع نسبة المشاهدة...
مجرد رسالة فهل ستصل؟؟؟؟