ماذا فعل بي جورج قرداحي؟            من هي سيمون دي بوفوار؟؟؟؟            إمتنان قصيدة للشاعرة العراقية فيء ناصر             حياة محمد أركون بقلم إبنته سيلفي             مقولة اليوم لسيمون دي بوفوار : المرأة لا تولد إمرأة و إنّما تصبح كذلك       يمكننا شحن اللوحات أيضا إليكم : آخر لوحة وضعت على الموقع لوحة الرسامة اللبنانية سليمى زود             يقدم الموقع خدمات إعلامية منوعة : 0096171594738            نعتذر لبعض مراسلينا عن عدم نشر موادهم سريعا لكثرة المواد التي تصلنا، قريبا ستجد كل النصوص مكانا لها ..دمتم       نبحث عن مخرج و كاميرامان و مختص في المونتاج لإنجاز تحقيق تلفزيوني             فرجينيا وولف ترحب بكم...تغطية فيء ناصر من لندن             boutique famoh : أجمل اللوحات لرسامين من الجزائر و كل العالم             لوحات لتشكيليين جزائريين             المثقف العربي يعتبر الكاتبة الأنثى مادة دسمة للتحرش...موضوع يجب أن نتحدث فيه            famoh : men and women without Borders       famoh : femmes et hommes, sans frontieres       ***أطفئ سيجارتك و أنت تتجول في هذا الموقع            دليل فامو دليل المثقف للأماكن التي تناسب ميوله...مكتبات، ، قهاوي، مطاعم، مسارح...إلخ...إلخ           
متابعات
فرج فودة... الذكرى تمر في صمت
بقلم أحمد إبراهيم الشريف
 مرت ذكرى اغتيال المفكر فرج فودة، التى تمت فى 8 يونيو 1992 أمام مكتبه فى مصر الجديدة، وجاء ذلك الاغتيال من قبل قوى الظلام التى أرقتها أفكار «فودة» التى كان يطالب فيها بفصل الدين عن الدولة، وبعد شهور قليلة من المناظرة الشهيرة التى تمت فى معرض الكتاب، بين فرج فودة ومحمد أحمد خلف …لقراءة المزيد
 مرت ذكرى اغتيال المفكر فرج فودة، التى تمت فى 8 يونيو 1992 أمام مكتبه فى مصر الجديدة، وجاء ذلك الاغتيال من قبل قوى الظلام التى أرقتها أفكار «فودة» التى كان يطالب فيها بفصل الدين عن الدولة، وبعد شهور قليلة من المناظرة الشهيرة التى تمت فى معرض الكتاب، بين فرج فودة ومحمد أحمد خلف الله فى مقابل محمد الغزالى ومأمون الهضيبى ومحمد عمارة، التى جاءت تحت عنوان «مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية». تم القتل بعد نشر جريدة النور الإسلامية فتوى دينية تبيح دمه، كما اعترف القاتل عبدالشافى رمضان بأنه تلقى أوامر بقتل فودة من المحامى صفوت عبدالغنى، القيادى بالجماعة الإسلامية، حدث هذا على الرغم من كون فرج فودة أنهى كلامه داعيًا الله بأن يهتدى الجميع بهدى الإسلام، وأن يضعوه فى مكانه العزيز، بعيدًا عن الاختلاف والمطامع، لكن أعداء الحياة والفكر كان لهم رأى آخر. قال فرج فودة فى المناظرة، إن هناك نقاطًا تؤكد فشل ما سماه الدولة الدينية، فهناك فارق بين الإسلام الدين فى أعلى عليين، وبين الدولة، فهى كيان سياسى واقتصادى واجتماعى، كما أن مَن ينادون بالدولة الدينية لا يقدمون برنامجًا سياسيًا للحكم، مؤكدًا أن الحل هو فصل الدين عن الدولة تمامًا. قتلوه لأنه «يفكر» بغير ما يدعون، ولأن أفكاره مغايرة كما ظهرت فى كتبه «الحقيقة الغائبة، الملعوب، زواج المتعة، نكون أو لا نكون، حوارات حول الشريعة، الوفد والمستقبل، حتى لا يكون كلام فى الهواء، «الطائفية إلى أين؟»، حوار حول العلمانية، قبل السقوط».. إن أعمال فرج فودة تندرج فى إطار فك الارتباط بين السياسة الديمقراطية والتوظيف السلطوى لرجال الدين والدين نفسه، وكتابه «الحقيقة الغائبة» ليس كتابا فى التاريخ، وإنما رؤية فكرية وسياسية تستند إلى وقائع وحقائق التاريخ الإسلامى، وبمثابة رد على أولئك المتزمتين المتعصبين والمتشددين دينيًّا، الذين يهربون من التوثيق والتأصيل ويحيكون المخططات الإرهابية القمعية. أما كتاب «قبل السقوط» فيناقش الدعوة إلى العلمانية، طارحًا المبررات التى يقدمها العلمانيون، ومؤكدًا أن العلمانية ليست كفرا وإلحادا، كما يزعم خصومها، بل هى دعوة لممارسة القوانين الوضعية العصرية لإدارة المجتمعات المدنية ونشر المحبة والتسامح والتكافل الاجتماعى باتجاه إنشاء وتأسيس الدولة المعاصرة القادرة على التخطيط العلمى الممنهج فى خدمة آمال وطموحات الجماهير الشعبية إلى حياة أفضل وأرقى، لا دولة التعصب الأعمى والفكر المنغلق والجاهلية الجديدة والتصفيات الجسدية. وكان فرج فودة يرى أن حل «إرهاب الجماعات الإسلامية» يكمن فى ثلاثة سبل، هى اتساع ساحة الديمقراطية حتى للتيارات الإسلامية، وأن يسود القانون، وأن يكون للإعلام خط ثابت مدافع عن أسس الدولة المدنية. نقلا عن اليوم السابع 
من إمارة العبسي إلى خلافة البغدادي
بقلم بول شاوول
بول شاوولحلب تعيش منذ مدة جحيم ثالوثية: روسية إيرانية أميركية (تواطؤ) حيث تجاوزت هذه الوصايات (بدعمها الأسد) كل حدود انسانية، وسياسية واخلاقية. حلب تدمر تدميراً منهجياً، منظماً كالعديد من المدن والبلدات السورية. حرب إبادة دولية شاملة كأنما يشترك في تغطيتها العالم كله، وحرب تهجير مستمرة ومسلسل لا …لقراءة المزيد
بول شاوولحلب تعيش منذ مدة جحيم ثالوثية: روسية إيرانية أميركية (تواطؤ) حيث تجاوزت هذه الوصايات (بدعمها الأسد) كل حدود انسانية، وسياسية واخلاقية. حلب تدمر تدميراً منهجياً، منظماً كالعديد من المدن والبلدات السورية. حرب إبادة دولية شاملة كأنما يشترك في تغطيتها العالم كله، وحرب تهجير مستمرة ومسلسل لا ينقطع من القتل والقصف بالبراميل والطيران الحربي تحت شعار «محاربة الإرهاب». الإرهاب الأكبر يحارب «الإرهاب« الأصغر. العالم العربي مشغول بالدفاع عن نفسه من هذا المثلث الشيطاني. المجتمع الدولي يكتفي بإعلان «قلقه» والتعبير عن ادانته ومطالبته المجرمين بالتوقف عن إجرامهم! لكن الإبادة مستمرة وطبيعة القلق ونوع الإدانة اللفظية النمطية يغطيان بغبارهما دم الشعب السوري وبعجزها تشجع العدوان «الثلاثي» على الاستمرار في عملياته. جاء الروس بأسلحتهم وجيوشهم وطائراتهم وسفنهم الحربية للقضاء على «داعش» فحيّدوه واستهدفوا الجيش الحر. الإيرانيون سبقوا بوتين ومهدوا له الطريق ونسقوا معه لينسق بدوره جيداً مع اسرائيل. كل هذا يعني ان المعارك مستمرة (رغم الهدنة) وان الروس «يشجعون» عميلهم المدلل بشار بن حافظ الأسد و»الشبل من ذاك.... الأسد» على تعميق نهجه البربري، كسباً للوقت، ومحاولة شل كل مفاوضات يمكن ان تحدد موعداً للانتقال السياسي، والتمسك ببقاء المرؤوس الأسد في قصر المهاجرين.  فالمفاوضات تفاوض نفسها. والهُدن لا تهادن نفسها والاجتماعات مونولوغات منعزلة... وجني أبعد من عطارد وزُحل. وسوريا وشعبها وأرضها في مزاد لا أول له ولا آخر. لكن أين داعش من كل هذه الحروب؟ إنه في أمان في رعاية روسيا وإيران... وأوباما. امان واطمئنان ودعَةٌ. وهذا ليس جديداً فحزب الله كما هو معروف، لم يقاتل داعش، ولم «يتورط» بالصدام به وكانت «جحافله« الإيمانية السموية تمر بالتنظيم الإرهابي مرور الكرام والمحترمين والمهذبين لتحارب الجيش الحر. تماماً كما كانت تمر بحدود الجولان متهيبة، عاقلة، حكيمة، مستورة، عارية من كل شارة من شارات المقاومة (المزعومة) ومن كل لهجة من لهجات «الممانعة» الهزلية. وقد سبق ان أشرنا وكتبنا (مع العديد من العارفين) ان داعش هو من فبركة «العدوان الثلاثي» ومن طينته ومن جبلته ومن هندسته... انكشف المستور من زمان. ذلك لأننا نعرف أساليب نظام آل الأسد في صناعة الإرهاب: أفضل من يصنع الإرهاب هو الإرهاب. عايشنا مسلسلات الوصاية أربعين عاماً وبتنا نعرف مهارتها في هذه المهنة وآخرها انجاب تنظيم شاكر العبسي في نهر البارد: مجرم اطلق من معتقلات سوريا واعطي سلاحاً وزُوّد مالاً واُرسل مشروعَ «أمير» سني على امارة تبدأ في المخيم الفلسطيني ولا تنتهي في طرابلس أو أبعد. والإمارة «المعهودة» يجب ان تكون «سنية « لكي تفعل فعلها في إثارة حرب أهلية أو فتنة مذهبية. وكان حزب سليماني من رعاة العبسي ومن داعميه، وهل ننسى صرخة السيد حسن نصرالله عندما قرر الجيش اللبناني الدفاع عن نفسه: «نهر البارد خط أحمر»، ويعني ضمناً، وتلميحاً وتصريحاً ان هؤلاء «السُّنة» مخلوقات أنابيب صُنعت في مختبراتنا ومختبرات حزب البعث السوري، ولديهم من تعليماتنا وارشاداتنا ودروسنا وخزائننا ما يجعلهم «ودائع« غالية من ودائعنا كالعديد من التيارات والأحزاب اللبنانية. فَحذار منعهم من تحقيق «حلمنا» الإسرائيلي بتمزيق لبنان على أيدي هؤلاء وتدمير مدنه وتخريب كل أمل لقيام الدولة وترميم الجيش وسيادة الجمهورية. الإرهابان السوري والإيراني صنعا إرهاباً «سنياً» ينطق بالتقسيم والقتل والتقطيع والتخريب والوحشية. فحزب الله «بريء» من دم هذا الصديق. غسل يديه المضرّجتين بالدم والتزم الصمت المريب. هذان الإرهابان مضافاً اليهما بوتين استفادوا من تجربة شاكر العبسي (الفاشلة) وكرروا المحاولة لكن بشكل أوسع وأضخم وأرعب ليخيف العباد والعالم: انه تنظيم داعش فبرك بكل وسائل العولمة والعنف! فليكن البغدادي شاكر العبسي بطبعة جديدة وليعلن الخلافة وليسيطر بتواطؤ هؤلاء ودعمهم على المساحات الواسعة لتكون «مرتعاً» لخلافته وأرضاً لها. هذا «العبسي» المتجدد غزا المدن والدساكر السورية والعراقية بسرعة البرق فتحوا الطرقات كلها له. هكذا يريده «الإرهاب الثلاثي» لكي يكون «وديعة« وادعة بين أيديهم وحرباً على الجيش الحر... لتنسيق دقيق مع روسيا وإيران وبشار.. من دون أن تنسى وديعة إيران الأخرى حزب الله حامي حمى الأضرحة المقدسة ونابش قبور شباب الشيعة في سوريا! ولا بأس أحياناً فتمثيل معارك بين «العدوان الثلاثي»: روسيا، إيران، اميركا وداعش يشبه مناورات بلا ذخيرة... للصورة، والكاميرا والخبر والمتاجرة وأصول اللعبة «العبسية- البغدادية»! مسرح داخل المسرح، وحرب «سلمية» وسط حروب شرسة... ففرانكشتاين الداعشي لم يصل بعد إلى مرحلة قتل صانعه... لأن هذا الأخير هو الذي سيُوقت نهاية دوره... «الإرهابي» ويكسب اعجاب العالم الغربي العبقري الذي صدّق هذه الكذبة بعد الضربات التي تلقاها في باريس مؤخراً. أترى انطلت عليه اللعبة، أم سبق أن عرفها وأغفلها وأهملها ظناً أن نارها لن تصل لا إلى أصابعه ولا إلى قلب مدينته. إذاً، انه الارهاب الإسلامي! انه الإسلام. انهم السُنة. انهم العرب. تماماً كما سبق أن صدقوا ان إيران تحارب القاعدة، وهذه الأخيرة موجودة في عهدتها ورهن توجيهها. داعش+ القاعدة+ حزب الله: المثلث الإرهابي المرتبط ارتباطاً عضوياً واستراتيجياً ليحقق مخططات «اسرائيل» بتحويل العالم العربي دويلات متناحرة ومتصارعة مذهبياً واثنياً وجغرافياً وسياسياً. [ الغرب لكن على الرغم من كل ما كُشف من علاقة داعش بالأسد وبإيران وروسيا، اصّر الغرب على تصديق رواية هؤلاء بصورته النافرة ومكنونه القاتل. حتى أن بعض الأقلام والأصوات الاعلامية والسياسية الغربية وبرغم فضح العلاقة بقيت توجه سهامها إلى بعض الدول العربية وخصوصاً السعودية بتمويل داعش وتسليحه ودعمه. انه الغباء؟ انه العماء؟ انه التستر؟ الله اعلم. حتى عندما كشفت جهات غربية علاقة حزب الله وإيران والقاعدة في تفجير البرجين بقي هؤلاء على صممهم وتغافلهم! قبل أيام نشرت جريدة «المستقبل« تقريراً مفنداً من عمل استقصائي اعلامي داخل سوريا، توصلت فيه شبكة «نيوز» الاخبارية البريطانية إلى «كشف العلاقة الوطيدة والتعاون والتوثيق بين نظام الأسد وتنظيم داعش عبر وثائق سرية حصل عليها صحافيون بريطانيون من منشقين من داعش تؤكد أن مدينة تدمر سلمها التنظيم لقوات الأسد وتثبت التعاون الميداني في اعطاء النظام اشارات للإرهابيين لكي يخرجوا هم وأسلحتهم من أي موقع سيقوم الطيران بقصفه بالإضافة إلى مذكرات تأمر بتسهيل عملية النفط مقابل الأسمدة بين الطرفين. وأكدت الوثائق «ان هذين الطرفين ينسقان منذ سنوات وان «داعش» يدرب ارهابيين من أجل ضرب أوروبا منذ عدة سنوات..». هذه الوثائق لم تكشف جديداً. فقد سبق ان اشارت مصادر اعلامية عدة عن هذه العلاقة وكتبنا مقالة عن الدخول المظفر لقوات الأسد إلى تدمر و»استعادتها» من داعش. هذه العملية كانت بمثابة «تسلم وتسليم». بين الطرفين الحليفين. هذه السيناريوات معروفة تنكرها «الممانعة» وتدعي محاربتها داعش بل وتتهم جهات عربية وأجنبية بانها وراء هذا التنظيم. الغريب ان كل هذه المعلومات والوثائق (كسابقاتها في فضح علاقة إيران بالقاعدة) لم تغير من نغمة أوروبا وأميركا العازفة على وتر ان السعودية وراء داعش: والأغرب ان تعلن حالة الطوارئ في فرنسا وتقوم السلطات هناك بمطاردة الأفراد المتهمين بجرائم باريس وشارلي ايبدو من دون أن تشير إلى رعاة ومفبركي هذه الظاهرة التي انتشرت في العراق وسوريا وليبيا وبلجيكا... بل على العكس تماماً راحت أصوات تنادي بالتنسيق مع الأسد وإيران وروسيا لمحاربة داعش! [ المثلث الإرهابي اليوم تحترق حلب بوحشية «المثلث الإرهابي» روسيا وايران وسوريا... تحت شعارات متنقلة وادعاءات صبيانية: الثالوث المذكور يدمر قواعد داعش! أو بث وسائل الثالوث الجهنمي ان المعارك في حلب هي بين الناس والارهاب! أي تنزيه الثالوث العدواني عن المشاركة بل ان بعض الأذناب الاعلاميين تجاوز كل مخيلة إجرامية عندما ادعوا أن لا معارك في حلب وان هذه الأخيرة هادئة مطمئنة أكثر من الجولان المحتل. بل وصل الأمر بهم إلى نكران كل قصف بالطيران للمدنيين، والمستشفيات والمدارس والمنازل. فالمستشفى الذي كان يديره «أطباء بلا حدود» ودمر على رؤوس أطبائه ومرضاه غير موجود أصلاً! ألغوه من الوجود... كما يحاولون الغاء وجود الشعب السوري والحدود السورية وظاهرة المهجرين والنازحين. وقد ينفون غداً حتى الوجود العسكري الروسي والاحتلال الإيراني في سوريا! بل قد يقول حزب الله الإرهابي غداً انه لم يشارك لا في القتال ولا ذهب أصلاً إلى سوريا بل هو الارهاب يحارب الارهاب والشعب يتصدى لهما! والمضحك ان هذه الأطراف الروسية والإيرانية والسورية تعلن انتصاراتها اليومية على الارهاب! وتنشر صور المعارك وعلامات النصر... والمجد. وان حزب الله عميل خامنئي «يشارك» (بدم الشباب اللبناني) ولا يخفي تسجيله فوزاً مبيناً على «داعش» لينحرف خطابه المسموم إلى اتهام السعودية بالمشاركة في المعارك! يعني أن الطيران السعودي هو الذي يلقي البراميل المتفجرة على المدنيين وانه ينسق مع داعش وان المملكة هي التي انتجت كل هذه الظواهر الداعشية العبسية. رائع! بل انهم يشيعون ان «الجيش» السعودي في طليعة المحاربين مع الارهابيين في سوريا. او لم يسبق ان اتهموا تيار «المستقبل« بأنه وراء ظاهرة شاكر العبسي، وانه يمول الارهاب ويشحن السفن المحملة بالسلاح إلى سوريا. كأن كل ذلك فعل فعله وان مرحلياً، وان رذاذاً في العيون على بعض الصعد الدولية. السؤال: ألا يعرف اوباما المصاب بفوبيا الإسلام العربي دور روسيا والأسد وايران في فبركة داعش؟ وهل يمكن أن نصدق ان «مخابراته» غافلة عن كل هذه المعلومات. وانها لم تكتشف التنسيق بين القاعدة وايران في تفجير البرجين وكذلك في الهجوم الانتحاري على الجيش الأميركي في بيروت في الثمانينات؟ لا ندعي نحن ولا احد يدعي انه اعرف من اوباما بحقيقة الدور الإيراني الاسرائيلي الأسدي في صناعة الارهاب. ولا أحد أدرى منه بعلاقة داعش بالثالوث الجهنمي الروسي- الأسدي الفارسي! بمعنى آخر ان هذا الرئيس منذ اندلاع الثورة السورية اتخذ موقفه لدعم الأسد (تماماً كما اتخذ موقفه بدعم الاخوان المسلمين في مصر) عندما منع توفير كل دعم للثوار في مرحلة انتفاضتهم الشعبية السلمية وحال دون مساعدتهم عسكرياً ورفض توفير غطاء جوي يحمي المدنيين من قصف النظام بل أكثر: هدّد بالتدخل اذا كررت سوريا استخدام الكيماوي لكن عندما استخدمته تراجع عن تهديده... وتنكر لوعده.. واستمر في مماطلته وتشجيع الروس على دعم الأسد في ذبح شعبه! ولا نظن ان معزوفته اللفظية «لا مكان للأسد في سوريا المقبلة» التي كررها كيري على امتداد خمس سنوات كانت جدية. بل كأنه في رفضه قبول اي دور للأسد وكأنه ينفي فعلياً قبول أي دور للشعب السوري الذي هب بملايينه لاسقاط «دميته»! سوريا تحترق. العالم يقلق ويستنكر. واوباما «أنا اعمى ما بشوف انا ضراب الخشب» واوروبا جعلت من الاسلام هو المسؤول عن مصائبها وبرزت فيها أقلام معادية للعرب والسعودية... والأسد يستفيد من كل ذلك، وبمعية اسياده بوتين وخامنئي ونتنياهو لاستكمال تدمير سوريا وتهجير ما تبقى من شعبها متشبثاً باحتمال انتصاره على المعارضة والتفرد بالسلطة! ذلك لأنه بات جزءاً من تقسيم المنطقة وتخريب دولها وتاريخها وتمزيق جغرافيتها لمصلحة اسرائيل والفرس. هذا هو دوره الآن. ولهذا يتمسك به اوباما وبوتين وخامنئي. يلعب الدور الاسرائيلي الذي تعهده والده في 1974 من خلال المعاهدة مع اسرائيل والتي كانت اولى ثمارها إغراق لبنان في حروب مذهبية وطائفية... وتقسيمه دويلات على شاكلة ما نراه حالياً: ولاية شيعية مرشدها المحلي حزب الله وخلافة داعشية يتصدرها عميلهم البغدادي.. كل ذلك على صورة امارة شاكر العبسي! فالثالوث الشيطاني روسيا ايران وخلفهما اوباما واسرائيل ينتظمون في حلف... تاريخي لإلغاء التاريخ العربي.. وتشويه حضارة كبيرة وعصور تنوير ما زالت مضيئة.بول شاوول نقلا عن جريدة المستقبل
الخيانات خطيرة… لكن أخطرها خيانة الذات
بقلم بروين حبيب
خيانة طبيعتنا الإنسانية الفطرية التي بداخلنا، وإلحاق الأذى بمَنْ تدفق في الإخلاص لنا بقوة الصدق.. تلك القوة المتدفقةً التي تجعلنا كباراً في عيون الآخرين وقبلها في عيون أنفسنا، تلك الطبيعة الفطرية المتحررة من أي استلاب عاطفي واستغلال روحي أو اجتماعي.. الخطيئة الفعلية هي حين نكون،:ملتزمين أمام …لقراءة المزيد
خيانة طبيعتنا الإنسانية الفطرية التي بداخلنا، وإلحاق الأذى بمَنْ تدفق في الإخلاص لنا بقوة الصدق.. تلك القوة المتدفقةً التي تجعلنا كباراً في عيون الآخرين وقبلها في عيون أنفسنا، تلك الطبيعة الفطرية المتحررة من أي استلاب عاطفي واستغلال روحي أو اجتماعي.. الخطيئة الفعلية هي حين نكون،:ملتزمين أمام الآخرين بحب مزيف، وخائنين لذاتنا خيانة حقيقية. لا شيء يسند الروح كالصدق، ولا شيء يخلق الضعف والتمثيل في العاطفة كالكذب.. الكذب الذي يجعل الآخر محتاجا، ضعيفا بل متسولا صغيرا. ربما تلك الأفكار التي تعتريني هي في دائرة موت الأجزاء فينا باتجاه العطب الأكبر في القلب، والعاطفة لا يمكن اختصارها، إنّها تضرب في أعمق الأعماق لتجعل المكان ملوّثا هناك، حيث نحن في مواجهة المرآة الحقيقية للنفس.في دراسة مهمة أجرتها باحثة ألمانية تبين أن الخائن لا يستطيع أن يصلي، تصاب نفسه بالعطب فجأة ويصبح الوقوف أمام الله صعبا عليه لأداء الصلاة. وهذا ينطبق على كل خطايا الخيانة التي يمارسها الشخص، وتنطبق على كل الأشخاص من ديانات مختلفة. وقد ناقشت صديقا لي يمارس مهنة الطب النفسي منذ أكثر من عشرين سنة في موضوع النكتة العربية الشهيرة عن بعض لصوصنا الذين يصلون صلاة الاستخارة ليعرفوا أي بيت يجب أن يسرقوه، حتى تطمئن قلوبهم. والحقيقة تقال فإن مقاييس خيانة الذات وخيانة الآخر تأخذ أشكالا مختلفة، حسب شخصية الفرد وبيئته، وقد تكون بتأثيرات قنبلة ذرية أحيانا، وقد تكون أخف، لكنها بشكل عام مدمرة للطرف الذي تلقى طعنة الخيانة في ظهره.في لقاء خاص جمعني بكاتب عربي كبير، رحمه الله، سأبقي اسمه سرا احتراما لأولاده، قال لي أن أول خيانة له لزوجته كانت طعنة سامة، ظلّ يعاني منها لفترة طويلة، ثم حين أقدم على الخيانة الثانية كان الأمر أخف وقعا على نفسه، ولم يلاحقه تأنيب الضمير بالقوة نفسها. لكن، قال، إن الخيانة الثالثة جعلت الأمر يصبح سلوكا محببا! وحين سألته كيف استطاع أن يكرر خياناته تلك وضميره يجلده يوميا بعد أول خيانة، أجاب أنه ضعيف أمام غوايات المرأة، وأن الأمر يبدأ بشغف يفوق قدرته على الالتزام والتفكير بعقله، فقد وقع في الحب عدة مرات ودخل في علاقات عابرة بلا حساب، واكتشف سر المتعة، ويعرّفُ الخيانة بأنها فعل لذيذ يجب أن يعيشه كل شخص حر.السؤال هو: هل يمكن لكل شخص أن يتفق معه في كل هذا الكلام؟ وسلفا أعرف أن الإجابات ستكون في الغالب ضد هذا المفهوم الذي يتخذ من الحرية مشجبا لقطعة لحم نتنة، إذ ليس من المنطقي أن نمارس الخيانة بكل أنواعها ونشعر بطمأنينة في القلب.لكن ميلان كونديرا يقول: «الخيانة هي الخروج عن الصف والذهاب نحو المجهول»، ويضيف في إحدى رواياته «سابينا لا تعرف أجمل من الذهاب إلى المجهول» ومن هذا الباب هناك اتفاق سري لأغلب الكتاب والشعراء و»الهائمين على وجه الفن» يجدون متعة بإلقاء أنفسهم من على الهاوية ليقعوا في منحدر الخيانة، يسقطون ويسقطون ويسقطون ثم ينتهون في القاع شبه موتى ولا أعرف هنا هل النهوض بعد كم من الخيانات سهل؟خيانة الذات هي جوهر الموضوع، لأن الخائن في قرارة نفسه حين يخون الآخر، صديقا أو حبيبا، أو وطنا أو مبدأ، أو التزاما أو أي شيء آخر فإنّما يعرف جيدا أن أحد ثوابت نفسه تنهار، تهوي دعامة في داخله ثم يتساقط شيئا فشيئا حتى يصاب بصدمة من نفسه ذات يوم، وهو يقف أمام المرآة.فولتير المنتمي لزمن آخر غير زمن كونديرا يصف مشهد الخيانة بهذه الصيغة المؤلمة ويذهب بعيدا حين يصف شخصية الجاسوس الذي خان أخاه كيف كان يموت يوميا ليس ندمًا بل لأنّه وقع ضحية غش…! في الحروب طبعا الخيانة محاولة لإنقاذ الشخص لنفسه وعائلته، إنها معبر خطير نحو الحياة، ولكن من لديه القدرة لفهم هذه الأحجية المعقدة؟ وبين خائنين كل له مشاعر مختلفة نحو نفسه، يطفو المنكوب الحقيقي على سطح الماء يبحث عن خشبة خلاص، يفقد المخدوع الكثير من شجاعته للنهوض ثانية. يصاب بجبن مفاجئ وكأن حياته كانت متوقفة على شخص واحد هو ذاك الذي منحه الكثير من الثقة وطعنه. وبدل أن يجمع شجاعته في هدوء يقع فريسة وسائله الدفاعية الهزيلة، فيرتدي قناعا في الغالب ليكابر. كل شيء بعدها يتحول إلى مسرحية يؤدي فيها أدوارا مقلقة بحثا عن شخصيته التي دمرها الآخر، فبمفهوم ما الخيانة رفض لشخص أو فكرة أو التزام ما.أما ذلك الشخص المنكوب فأول ما سيتبادر إلى ذهنه هو لماذا تعرّض للخيانة؟ لماذا هو؟ أين أخطأ؟ وما يثقل حجم هذه الخيانة هو الثقة الكبيرة التي وضعها في طاعنه. من هذا الباب يحفظ البعض حديثا يُنسب للنبي محمد، عليه الصلاة والسلام، يقول فيه «أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما يوما». وسواء كان الحديث صحيحا أو غير صحيح، فإنه يحمل في طياته رسالة خطيرة، وهي أنه على المرء أن يعيش في قلق دائم، وينتظر خيانة متوقعة من محبيه، فهل يبدو هذا الحديث صحيحا حتى إن صححه الألباني؟ بالطبع قد يكون أحدهم قاله لكنّه ينفي تماما حديثا آخر يقول: «إن بعض الظنّ إثمٌ»، وهذا يعني أيضا أن الشك في علاقاتنا مع من حولنا سلوك خطير يبلغ مرتبة تصنيفه إثما.ولأنني من الذين لا يتوقفون كثيرا عند جمل من هذا القبيل وأؤمن بالحلول العلمية، فقد آثرت أن تكون محطتي الأخيرة في هذا المقال بعنوان: كيف نشفى من الخيانة؟أولا علينا أن نعرف أن الخيانة تشطر حياتنا نصفين «الماقبل» و»المابعد». ثانيا علينا أن نعمل على شيئين مهمين جدا: أولا ألا نسمح لأنفسنا لنرتدي عباءة الضحية ونوقف الزمن وحياتنا كلها عند تلك العتبة. في الغالب التخلص من خائن شيء جيد وإيجابي لنا، لهذا علينا أن نشكر الله على نعمته، وأنه لم يربطنا إلى الأبد بشخص سيئ منحناه الثقة ومنحنا خيانة. ثم لنأخذ هذه القاعدة: طالما نفكر في الانتقام من الشخص الذي خاننا فهذا يعني أننا لم نشف من مصابنا.ما الحل إذن؟يتفق التحليل النفسي أن إيقاف العلاقة بين الخائن والمخان من طرف هذا الأخير هو الذي ينهي ألم الذات وتوابعها.. حين يقرر المرء بصوت عالٍ أنه لم يعد بحاجة لفلان، فإن النتائج تكون مبهرة. وهناك مقولة رائعة تقول: «الخيانة متعة المنافقين». وعلى كلٍّ فكل الخيانات مقدور عليها لتأديب أصحابها، إلاّ خيانة الذاكرة لنا فهذه من أصعب ما يواجهنا، حين نبلغ الأربعين فما فوق.. ثم تليها خيانة أجسادنا لنا، حين تقرر فجأة أن تتخلى عنّا فنصاب بعطب ينتهي بانتهائنا. بروين حبيب شاعرة وإعلامية من البحريننقلا عن القدس العربي 
منشقون وغيرهم
بقلم سليم بوفنداسة
منحت الأكاديمية السويدية، مرّة أخرى، الفرصة لمناوئيها بمنحها جائزة الجوائز لمنشقة بيلاروسية في مرحلة تشهد عودة روسيا إلى صناعة القرار الدولي. وحتى وإن لم  نكن قد اكتشفنا “القيمة الأدبية” للكاتبة سفيتلانا أليكسيفيتش بعد، فإن أول ما قفز إلى واجهة الإعلام العالمي هو صفتها كمناهضة …لقراءة المزيد
منحت الأكاديمية السويدية، مرّة أخرى، الفرصة لمناوئيها بمنحها جائزة الجوائز لمنشقة بيلاروسية في مرحلة تشهد عودة روسيا إلى صناعة القرار الدولي. وحتى وإن لم  نكن قد اكتشفنا “القيمة الأدبية” للكاتبة سفيتلانا أليكسيفيتش بعد، فإن أول ما قفز إلى واجهة الإعلام العالمي هو صفتها كمناهضة للإرث السوفييتي الذي يريد بوتين إحياءه ودفاعها عن الحريات، وهذا ليس عيبا ينال من مكانة كاتبة لكنه يطرح بالضرورة العلاقات الملتبسة بين النضال السياسي والتقدير الأدبي الذي تمنحه أهم جائزة في العالم. وحتى ما ورد في حيثيات منح الجائزة يشير إلى السياسة أكثر مما يشير إلى الأدب:”كتاباتها متعددة الأصوات التي تمثل معلما للمعاناة والشجاعة في زماننا”. وتبدو الكاتبة نفسها التي وصفت فوزها بالرائع منصرفة إلى الهم السياسي، حيث حذرت في أول تصريح أطلقته بعد تتويجها الدول الأوروبية من التقارب مع رئيس بلادها لوكاشينكو. صحيح أن نوبل ظلت تنبّه العالم إلى كتاب كبار غير مرئيين في الغالب، لكن الجدل لم يتوقف حول ضحاياها ومنسييها وحول أدلجتها خصوصا في سنوات الحرب الباردة حين احتفت بمنشقين فيما اعتبر انخراطا للأكاديمية السويدية في الحرب على المعسكر الاشتراكي، وما يعاب على هذا التوجه هو استخدامه للمعيار السياسي في حقل جمالي خصوصا وأن الجائزة باتت تتمتع بقيمة رمزية كبيرة وبالتالي فإن منحها لمنشقين كان يُفهم كإغاضة للروس والصينيين أكثر منه احتفاء بعبقرية كاتب.والملاحظ أن الكثير من الجوائز التي تمنح في الغرب باتت تعتمد هذا النوع من المعايير في تقديرها للآداب القادمة من ثقافات الأمم الأخرى في نزعة تخفي مرض المركزية الغربية التي لا تكتفي باستخدام ذائقتها بل تزيد عليها بمراعاة  المقاصد السياسية، الأمر الذي دفع بعض طلاب الجوائز من أرض الجنوب – على سبيل المثال- إلى شتم أنفسهم في سعيهم لتحصيل الأمجاد وإثارة انتباه الميديا.هذا المعطى يطرح مجددا المأزق الأخلاقي لحضارة مهيمنة في مرحلة حرجة من تاريخ الإنسانية تحول فيها الكتاب والفلاسفة إلى مروجين لخطب الانغلاق والخوف والحرب بل وتتم استشارتهم من طرف صنّاع القرار في شؤون العدوان وأساليبه.وحين ينتقل  المرض من الساسة والعسكر والصناعيين آكلي البشر إلى رجال الفكر  يصعب أن نتوقع شفاء العالم.سليم بوفنداسة
فكّ الرقبة
بقلم سليم بوفنداسة
تتقاطع في هذا العدد من كراس الثقافة نظرتان لكاتبين جزائري وبريطاني حول اللغة والثقافة، يستهجن الأول محاولات الانتساب إلى لغة الآخر، المهيمن التي يشبّهها بعملية كراء رحم ستنجم عنها تشوهات خلقية لا محالة، و يشخّص الثاني حالة الانحدار التي تعرفها الثقافة التي تحتضن اللغة التي يقصدها الكاتب الأول: …لقراءة المزيد
تتقاطع في هذا العدد من كراس الثقافة نظرتان لكاتبين جزائري وبريطاني حول اللغة والثقافة، يستهجن الأول محاولات الانتساب إلى لغة الآخر، المهيمن التي يشبّهها بعملية كراء رحم ستنجم عنها تشوهات خلقية لا محالة، و يشخّص الثاني حالة الانحدار التي تعرفها الثقافة التي تحتضن اللغة التي يقصدها الكاتب الأول: الفرنسية!ويستخلص أن الثقافة التي أنجبت كبار المفكرين الذين يدافعون عن قيّم الحرية والعدالة والإنسانية تنتج اليوم مثقفين حاقدين على الآخر وخائفين منه، أي أن الثقافة الفرنسية انتقلت من فولتير إلى  ويلباك المتوجّس من المسلمين و ليفي الذي يقود الحروب عليهم. ودون تسفيه للثقافة الفرنسية التي تبقى من أهم الروافد الثقافية في العالم، فإن النخب الجزائرية في حاجة إلى الانتباه إلى «هويتها المستقلة» و العمل من أجل فك الارتباط مع هذا الآخر الذي نتماهى معه إلى حد الامحاء. صحيح أن هناك تاريخا مشتركا وعلاقات اجتماعية وثقافية بين البلدين، لكن «الاستقلال» يقتضي أن يمضي كلّ في غايته وصيرورته، في السياسة  كما في الثقافة والاجتماع. لأن الافتتان بالآخر الذي نعتقد أنه قوي ولا يأتيه الباطل، حتى وإن لم يكن كذلك، سيفرز حالة هجانة في المؤسسات كما في الأفراد، بل أنه أنتج حالة اغتراب عكسي لدى نخب متنفذة تتصرّف كما لو أنها من المفروض أن تكون هناك، لكن ظرفا قاهرا جعلها تبقى هنا، هذه النخب تمارس نوعا من المكارثية والعنصرية على الذين هم هنا لأنهم من هنا! وتحاول استدراج التاريخ  إلى كمائنها  و لي رقبته وتأويله، ومما تفعله وتجد من يروّج لذلك، ربط التفوق في التعليم والإبداع الفني والأدبي وفي الصحافة والتسيير بلغة واحدة ووحيدة، هي لغة ويلباك. بمعنى أن هذه النخب التي تصر على البقاء في مفاصل الدولة والمجتمع، تريد تسوية مشاكل خاصة بمشاريع عامة، مع أن عالم اليوم يسمح للعباقرة بالعيش والنجاح في أي بلد من بلاد الله الواسعة ما داموا يتمتعون بالنبوغ الذي يمكنهم من الإبداع والقيادة.نعم، نعم نحتاج  إلى الانتباه إلى الذات والإيمان بها وتقبلها كي نحمي أنفسنا من تقليد  ويلباك أو حب هولاند.سليم بوفنداسة
هل سكان الفضاء مسلمون؟
بقلم بلال فضل
ما إن قرأت خبر اكتشاف وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) كوكباً شبيهاً بكوكب الأرض في صلاحيته للحياة، حتى تذكرت هذا السؤال الذي لعلك توافقني، أنه سيكون من أبرز ما يفكر فيه الملايين من أبناء أمتنا، لو اتضح، فعلاً، أن هناك سكانا للفضاء في هذا الكوكب أو ذاك.  صادفت هذا السؤال، للمرة الأولى في عام 1996، …لقراءة المزيد
ما إن قرأت خبر اكتشاف وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) كوكباً شبيهاً بكوكب الأرض في صلاحيته للحياة، حتى تذكرت هذا السؤال الذي لعلك توافقني، أنه سيكون من أبرز ما يفكر فيه الملايين من أبناء أمتنا، لو اتضح، فعلاً، أن هناك سكانا للفضاء في هذا الكوكب أو ذاك.  صادفت هذا السؤال، للمرة الأولى في عام 1996، حين نشرت صحيفة الديلي ميل البريطانية فصولا من كتاب يقطع مؤلفاه بوجود حياة على سطح المريخ، زاعمين أن حضارة متقدمة علميا سكنته، بدليل وجود صور لأهرامات ضخمة وتمثال لأبي الهول على سطحه، ليرد علماء كثيرون على زعمهم، ويعتبروه تأويلا بصريا متعسفاً لتضاريس سطح المريخ، ما يجعل من الخطأ التسرع في تصديقه وبناء أحكام عليه.، لكن ذلك لم يمنع صحيفة اللواء الإسلامي المصرية، الدينية واسعة الإنتشار، من أن تنفرد بمدخل خاص في التعامل مع ذلك الحدث، حيث وضعت على صدر صفحتها الأولى عنوانا ضخما يسأل: هل بعث الله إلى سكان الفضاء رسلا، وهل رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي التي بلغتهم؟. وأجابت على ذلك السؤال المدهش، بحوار أجرته مع أستاذ في كلية الآداب جامعة قنا، أي والله الآداب حتى وليس العلوم، والرجل ألقى، في مستهل الحوار، خطبة عصماء، لعن فيها سنسفيل كل من يحتكم إلى العلم ويخاصم كتاب الله، مؤكدا بعزم ما فيه: "إن كائنات الكواكب الأخرى لو كانت حية ذات عقول وأفكار، فإن رسالة نبينا، هي التي بلغتها، لأن الله يقول في كتابه: قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن، والقرآن أثبت وجود كائنات أخرى، لأنه بين السماء والأرض، لا يوجد موضع قدم إلا فيه ملك بالإضافة إلى وجود الشياطين". لم تكن (اللواء الإسلامي) تصدر عن جماعة دينية من اللواتي يوصمن بالتطرف والتخلف، بل كانت تصدر عن مؤسسة صحفية حكومية، بإشراف مباشر من اللجنة الدينية في الحزب الوطني، رمز الفساد الذي حكم مصر وعكمها ثلاثين عاما، والذي كان يمول الصحيفة لتكون لسانه الديني الرسمي في مواجهة تيارات الشعارات الإسلامية، وهو ما فعلته الصحيفة باقتدار، حين زايدت على كل الأفكار المتطرفة والفتاوى المتشددة التي تتبناها تلك التيارات. ولكن، مع التركيز الدائم على فضل طاعة الحاكم ولي الأمر، وتحريم المعارضة التي تؤدي إلى الفتنة والشقاق، والتذكير بسماحة الإسلام، كلما وقعت فتنة طائفية يعجز الأمن عن شكمها. لم يكن فيما نشرته صحيفة الحزب الوطني، في ذلك الصدد، جديد يُفردها بالإدانة دون غيرها، فقد سبق للشيخ محمد متولي الشعراوي أشهر مشايخ مصر الرسميين والشعبيين، أن قال، في حلقات تفسيره للقرآن، إن الله تعالى سخر أهل الغرب، ليقوموا باكتشافات علمية من أجل المسلمين، معتبرا أن ما يقوم به الغرب في مجال حرب النجوم وكشوف الفضاء أمر عقيم لا يجدي، وهو رأي يطابق مجمل تصورات مشايخ السلفيين لطريقة إدارة العلاقة بين المسلمين والغرب، "الذي سخره الله لنا وما كنا له مقرنين"، وإن كان بعض المشايخ قد اختار تنغيص فرحة الغرب بفتوحاته الفضائية، بالقول إن القرآن سبقه إلى ذلك، بدليل قوله تعالى "الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن"، ناقلين في تفسير تلك الآية حديثاً لإبن عباس عن وجود أنبياء لدى أهل السماوات والأرضين السبع، ومع أن البيهقي والسيوطي وابن كثير شككوا في سند الحديث ومتنه، إلا أن أولئك المشايخ فسروا الآية بحديث آخر منسوب إلى ابن عباس أيضا، يقول: "لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم وكفّركم تكذيبكم بها"، معتبرين أنه "لم يشأ تفصيل ما لديه من علم عن سكان الفضاء، لكي لا يكفر العرب محدودي العلم وقتها". يومها، ناقشت في صحيفة الدستور تلك الآراء، مع بعض المتخصصين من علماء الفلك، مشيرا إلى قصة خزعبلية، عاش عليها الإعلام المصري طويلا، تحكي عن رائد فضاء سمع صوت الأذان على الأرض، فأقسم أنه سمعه من قبل على سطح القمر، ودخل في دين الله مسبهلّا، وهو ما وصفه العالم الدكتور محمد جمال الدين الفندي بأنه "كلام غير صحيح علميا جعلت له الفرقعة الإعلامية صدى"، وأشرت يومها إلى دراسات كشفت تعرض بعض رواد الفضاء لاهتزازات نفسية وعصبية، لأتلقى، عقب النشر، ردا بليغا من قارئ غيور على دينه، قال فيه "ياولاد الكلب، الراجل سمع الأذان بودانه، بتكذبه ليه إنت وولاد الوسخة اللي بتسميهم علماء، الله يحرقكم يا كفرة"، وهو رد يحدثني قلبي أنه يحظى بخلود سؤال "هل سكان الفضاء مسلمون"، وأنني سأصادفه مجددا، ولكن، مع المزيد من الإبداع، الذي يقتضيه تطور الزمن.نقلا عن العربي الجديد
نحتاج مساعدة
بقلم د. إبتهال الخطيب
شيء ما ينضح قبحا، يؤلم ويخجل وهو يشير إلى مشكلة كبيرة في العقلية العربية التي تقدم والتي تتلقى، وذلك في برنامج رامز الذي يتفشى في رمضاناتنا كل سنة. يحكي البرنامج عن مبالغاتنا التي تقلب الكوميديا سخافة والمزاح وجعا والشعبية ابتذالا. ليس الخطير فقط هو الدلالات تجاه صانعي البرنامج ومقدمه اللاهث خلف …لقراءة المزيد
شيء ما ينضح قبحا، يؤلم ويخجل وهو يشير إلى مشكلة كبيرة في العقلية العربية التي تقدم والتي تتلقى، وذلك في برنامج رامز الذي يتفشى في رمضاناتنا كل سنة. يحكي البرنامج عن مبالغاتنا التي تقلب الكوميديا سخافة والمزاح وجعا والشعبية ابتذالا. ليس الخطير فقط هو الدلالات تجاه صانعي البرنامج ومقدمه اللاهث خلف الشهرة والانتشار عن طريق استنزاف مشاعر ضيوفه والاستهزاء بهم، وهم في أضعف حالاتهم وأكثرها رعبا وأقربها شعورا بالموت، إنما الأكثر خطورة هو اقبال الجمهور العربي على البرنامج والتداول المتسع له، والذي يحكي قصة وجع في القلب العربي لا يزيله إلا ما يفوقه ويتعداه وصولا إلى استخدام لحظة الرعب من الموت. وعلى قبيل الصدفة، شاهدت حلقة واحدة هذه السنة من هذا البرنامج كانت الضحية فيها الفنانة عفاف شعيب، والتي انهمر عليها مقدم البرنامج سخرية شكلا وموضوعا، وبقيت طوال الحلقة أفكر، ماذا لو أن سكتة قلبية أو جلطة دماغية أصابت الضيفة، خصوصا وهي ليست في مرحلة شباب الجسد الذي يتحمل الصدمات، ماذا لو أن خللا حقيقيا حدث للطائرة وقائدها يتلاعب بها من قبيل إذعار الضيف، ماذا لو أن الضيف في لحظة ذعره ألقى بنفسه فعليا من الطائرة؟ الاحتمالات لما يمكن أن يحدث في الجو من كوارث والإنسان يواجه لحظة موته لا تعد ولا تحصى، ومن المعروف أن كل المقبول من مداعبات أو حركات على الأرض غير مقبول في الجو الذي تتضاعف في هوائه المخاطر، فأي عقلية مريضة ارتأت في هذه الخدعة المميتة كوميديا تستحق النشر؟ وأي عقلية متلق تلك التي تستمع بمشاهدة الآخر وهو في لحظة ذعر عميق واقتراب حقيقي، على ما يعتقده هو، من الموت؟ ومن انتويت بعد هذه الحلقة البائسة أن أكتب مقالة، ثنيتها بأخرى في اليوم التالي محاولة أن أكون موضوعية، ومعطية البرنامج المقيت فرصة أخرى، فكان الضيوف الفنانة مها أحمد وزوجها مجدي كامل اللذين تلقيا من ضروب الإهانة ما لا أفهم له سببا ولا للسكوت عليه مبررا، فالسيدة توجهت لها كلمات مثل «هبل» و «واطية» حيث بقي المقدم يقارنها بغيرها من السيدات ساخرا من حجمها متنبئا بالتفات زوجها لغيرها من الجميلات في البرنامج. الحق أنني لم أستطع إكمال الحلقة، فضرب المقدم في نهايتها لا يقل هبوطا عما يحدث على امتدادها، حيث يرسم البرنامج بمقدمته البذيئة وأحداثه المؤذية ونهايته العنيفة بشكل أو بآخر واقعا بشعا نحن نعيشه وعقليات مريضة نحن نتعايش معها.أعلم أن هناك الكثير من الحديث عن تلفيق الحلقات وعن اشتراك الضحايا فيها عن معرفة، فإن كان البرنامج حقيقيا فتلك مصيبة وان كان تمثيلا فالمصيبة أعظم، فإن تأخذ المقدم الرغبة في الشهرة والانتشار وأن تستولي عليه الشراهة أن يكون «كول» إلى هذا الحد من الابتذال والطعن في الآخرين والسخرية من أدق لحظات ضعفهم فهذه مصيبة مبررة بالجشع، لكن أن يتشارك الضحايا في إظهار أنفسهم بالصورة التي بدو عليها للأسباب ذاتها فهذه مصيبة أعظم لا مبرر لها ولا تفسير، وعليه فإنني أتمنى ألا تتعاظم مأساتنا بثبوت اشتراك الضحايا في هذه المهزلة الرديئة.قبل سنوات عدة عديدة، لم أبلغ أنا وقتها العشرين بعد، إذا كانت حسبتي صحيحة، قدمت إحدى دول الخليج، لا أذكر أيا منها تحديدا، برنامج مقالب لا أزال أتذكر إحدى حلقاته بقلب متألم. كانت الخدعة أن يقترب فريق من بيت ما مدعيا أنه من وزارة ما ويطالب العائلة بإخلاء البيت لصدور قرار فوري بإزالته. لا أزال أذكر وجه رجل مسن، وقف أمام باب بيته مادا ذراعيه صداً عنه قائلا بصوت متحشرج: إذا كان ولا بد فلتهدموني معه، اقتلوني مع بيتي. ما وجدت سوى الدموع تردد صدى صوت الرجل، ومن يومها ما كرهت في حياتي مثلما كرهت مثل هذه البرامج البائسة التي، مثل كل شيء نستورده من الخارج، ما عرفنا نوظفها بخفة وكوميدية، وما استطعنا الا أن نضعها في فرن مبالغاتنا وتهويلنا، حتى بات الحزن فيها أكثر من الضحك.فإذا استطاعت جموع الشعوب العربية أن تجد فكاهة في هذا الأذى ولطافة في هذا الهلع وشخصية «كول» في مبالغات وتصرفات وألفاظ وهياج هذا المقدم، فنحن إذن في أمس الحاجة للمساعدة. آخر شي:بكل أسف، كان للمسلسلات الكويتية الرمضانية هذه السنة الصدارة في رداءة الحوارات ولا منطقية الأحداث، عندنا من المواضيع ما يملأ ساعات بث كل قنوات الدنيا، فلم نحن هنا؟ د. ابتهال الخطيب
ظلال الموت
بقلم بروين حبيب
لا أدري كيف أصف الأمر ولكن الفكرة قفزت إلى رأسي بعد إعلان خبر وفاة كل من الفنان المصري سامي العدل، والفنان العالمي عمر الشريف. نزل خبر وفاة سامي العدل باقتضاب ثم تلاه خبر نعي عمر الشريف بمساحات أكبر، بإسهاب أكثر، وعناوين بالمانشيت العريض… وكل من التقاه أو صادفه في طريقه كتب عن تلك اللحظة، وكثيرون …لقراءة المزيد
لا أدري كيف أصف الأمر ولكن الفكرة قفزت إلى رأسي بعد إعلان خبر وفاة كل من الفنان المصري سامي العدل، والفنان العالمي عمر الشريف. نزل خبر وفاة سامي العدل باقتضاب ثم تلاه خبر نعي عمر الشريف بمساحات أكبر، بإسهاب أكثر، وعناوين بالمانشيت العريض… وكل من التقاه أو صادفه في طريقه كتب عن تلك اللحظة، وكثيرون منهم أرّخوا لها بصور ملتقطة مع الفنان. والملاحظة هي أن الحياة غير منصفة حقا، لكن لم أكن أعرف أن الموت غير منصف أيضا. في الموت تغطي ظلال أشخاص أشخاصا آخرين، وأحيانا تخفيهم تماما وتختصرهم إلى مجرّد أرقام.في عالم الفن ومنذ مطلع السنة الماضية كثُر الرّاحلون من عالم الفن، ذهبوا جماعات إن صحّ التعبير، لكن بعضهم حظي بنصيب محترم لذكره إعلاميا، والبعض الآخر مرّ خبر وفاته مرور الكرام. من عائلة مسلسل «باب الحارة» مثلا غادرنا سبعة فنانين، لكن لا أدري لماذا كان مقتل الفنان محمد رافع (30 سنة) الأكثر إثارة للأقلام الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، ربما بسبب مواقفه السياسية، وربما بسبب طريقة موته، لكن حتما لم تكن نجوميته هي السبب، إذ لم يكن نجما من الصف الأول، ولم ينع من باب حجمه «الدرامي» رحل إلى ربّه وهو ومنبوذ من فريق ومحبوب من فريق آخر، ليس لفنّه بل لموقف سياسي كان سببا في حتفه. لكنّ موته شغل الناس عن موت فنانين آخرين، فجأة مضى الوقت وصحونا على غياب من غابوا، وأصبح الوقت متأخرا للكتابة عنهم والتعريف بهم، فقد غادروا ونحن لا نعرف عنهم سوى بعض أدوارهم التي علقت بأذهاننا. توفيت الفنانة ناهوند مثلا في فترة غياب الفنانة صباح نفسها والشاعر سعيد عقل، وقد غطت جنازة صباح الأسطورية على غياب ناهوند في احتفال لم يحدث لا قبل ولا بعدها… ثم غطى سعيد عقل برصانة جنازته وطقوسها الرّسمية من قلب جامعة عريقة على صباح. لنعد لتواريخ قديمة نوعا ما… من يتذكر الفنان عبد الله محمود؟ لا أظن أن أحدا يتذكره اليوم، لقد كانت ظلال نجوم الدراما المصرية تغطيه، وإن كان قد تألق في أهم أدواره في «اسكندرية ليه» و«حدوتة مصرية» و«الطوق والأسورة» وغيرها… لكن الرّجل لم يستطع أن يظهر بشكل واضح أمام نجوم خدمتهم وسامتهم أكثر من ملامحه المصرية القحة، وكما عاش «واضحا، وغير واضح» فقد غادرنا بالطريقة نفسها… فيما تلاشى اسمه من ذاكرة من يدعون حماية المشهد الفني من الاندثار. فايزة كمال ذهبت هكذا مثل فراشة دخلت بيوتنا واحترقت في غفلة منا بشمعة منسية في الزاوية. فقط اختفت وبعد غياب دام سنوات تساءلنا أين هي؟ والبعض ظن أنها تحجبت مع من تحجبن واعتزلت الفن، لكنها فاجأتنا بموت هادئ هدوء ملامحها الشفافة التي أحببناها في أعمال كثيرة أهمها مسلسل «رأفت الهجّان» وحفظنا اسمها الغريب فيه «يهوديت موردخاي» وظلّت قابعة في أذهاننا بذلك الدور…في الشهر نفسه توفي حسين الإمام الممثل والسيناريست وبعده المخرج مدحت السباعي وغطيا على وفاة فايزة كمال، فقد كانت شهرة الاثنين أكبر من شهرتها، هي التي غادرت في الخمسين من عمرها. أما فتحية العسّال فقد غطت على غياب محمد أبو والحسن، وإن ترافقا في الموت، فإن الإعلام تعامل معهما بطرق مختلفة، لقد كان خبر وفاة فتحية العسّال منتشرا على المستوى العربي، أما محمد أبو والحسن الذي أضحك الكثيرين بأدواره الكوميدية غادر مثل البسمة القصيرة… بدون ضوضاء. الشاعر سميح القاسم والممثلان سعيد صالح وخليل مرسي رحلوا دفعة واحدة في ظرف أسبوعين، لكن سعيد صالح كان أكثر الغائبين حضورا إعلاميا، مع أن شاعرا بمكانة سميح القاسم كان يجب أن تكون خاتمته بحجم مانشيت غياب محمود درويش ونزار قباني… إلاّ أن الصحف والجرائد العربية اختارت أن يكون ضمن مقالات صغيرة داخل الفضاء الثقافي الضيق، وكما العادة في «مناسبات» كهذه أغلب المقالات ليست نابعة من القلب، إنها تقليد إعلامي محض «لتسجيل حضور»…! ولعلّ الممثل خليل مرسي نال اهتماما على المستوى المحلّي في مصر، إلا أنه لم يغادر أسوار المحلية في رحيله مثل زميله سعيد صالح، الذي نزل خبر وفاته في الصفحات الأولى لصحف ومجلات كثيرة على المستوى العربي، ربما لأن هذا الأخير خريج «مدرسة المشاغبين» المسرحية الأكثر مشاهدة إلى يومنا هذا، منذ قدمت أول مرة صيف 1973.مريم فخر الدين ومعالي زايد رحلتا معا في أسبوع واحد، وكلتاهما نجمة حقبة معينة من تاريخ السينما المصرية، لكنّ مريم فخر الدين التي انطفأت باكرا بسبب ما أحدتثه الشيخوخة من تشوهات بصورتها الجميلة أيام شبابها، منحها الإعلام إطلالة أخيرة جميلة بالأبيض والأسود لتودّع بها جمهورها. فيما اكتفت الصحافة باختصار غياب معالي زايد بنشر سيرة مقتضبة عنها وعن مرضها مع خبر وفاتها. غادر الفنان السوري عمر حجو والشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي في الشهر نفسه، الفنان الكويتي أحمد الصالح والممثل المصري إبراهيم يسري غادرا في فترة واحدة، الممثل المصري حسن مصطفى والفنان السعودي عبد الرحمن الخريجي غادرا مؤخرا مع سامي العدل وعمر الشريف … ذهبوا جميعا أزواجا أزواجا… ترافقا إلى الحياة الأخرى كما أراد القدر، لكن ظلال الموت حجبت البعض وتركت الأنوار تتسلسل للبعض وألقت الكثير من الضوء على البعض الآخر… هل يبدو الأمر مؤلما؟ أم أنه غير مهم ويمكننا المرور عليه مرور الكرام؟ اتفق معكم أننا متساوون عند الله، وأن متاع الدنيا سيبقى هنا، وهناك لا جرائد ولا صحف ولا «أكل هوا»، وفي الوقت نفسه أهمس لكم أن من يرمي شهادة وفاة من صنعوا بهجته ومتعته طيلة حياته، وزيّن أيّامه وصنع تاريخا جميلا لوجه أمته لا يستحق الاحترام. نحن نقتل الفنان قبل وفاته، وحين يموت نقوم بصياغة الخبر وكأننا نغسل أيدينا منه إلى الأبد. وهذه المساحة التي نفردها للبعض بشكل أكبر لا تعني أن هناك من هو أهم من الآخر، فالحياة نفسها لا تكتمل إلاّ بوجود أشخاص نحتار أحيانا لماذا خلقهم الله..! لكن وحده الله يعرف. وكما الحياة تماما، يكتمل المشهد الفني والثقافي عندنا بكل من شارك في صنعه، وليس من العدل أن نحذف البعض، ونحقِّر من حضور البعض، ونقلِّص من حجم البعض الآخر ونقرر أن البعض فقط له أهمية. هل كان عمل أي نجم لينجح بدون وجود نجوم الصف الثاني والثالث والكومبارس. هل كان أي شاعر لامع سيلمع أكثر لولا وجود شعراء الصف الثاني وما تحته؟ قد يقول البعض من غير المعقول أن نفرد صفحات لمن كانت أدوارهم «صغيرة» في خريطة مشهدنا الثقافي والفني، لكن ألا يبد الأمر ممتعا حين نكتشف وجها آخر لم نحاول أبدا أن نعرفه. لقد وددت دوما أن يذكر حتى الكومبارس في أي عمل ظهر ومع أي نجوم وقف، وكيف كان يعامل في حياته… هناك جانب إنساني نسقطه من حياتنا وتوثيقنا لها. يمكنكم أن تشاهدوا فيلم «أسبوعي مع مارلين» (2011) قصة كولين كلارك الذي عاش أسبوعا مع مارلين مونرو ولم يكن سوى مساعد مخرج متطوع لشغفه بالعمل في السينما… لتفهموا جيدا ما أردت قوله. شاعرة وإعلامية من البحرين بروين حبيب
" أوذيسة" حياة
بقلم نديم جرجورة
يبدو أنه مُدركٌ موعد المغادرة قبل أن يحين الوقت. يدخل سرداب النسيان، متيحاً له إمكانية النيل منه قبل أن تأتي اللحظة الأخيرة، فيرحل وحيداً في صمتٍ قاتل، أو في تذكّر أعنف من أن يُسكته شيء. منذ وفاة فاتن حمامة (17 كانون الثاني 2015)، يُعلن أنه ينتظر اللحظة هذه. يقول بوحاً ذاتياً يؤكّد ارتباطه العتيق …لقراءة المزيد
يبدو أنه مُدركٌ موعد المغادرة قبل أن يحين الوقت. يدخل سرداب النسيان، متيحاً له إمكانية النيل منه قبل أن تأتي اللحظة الأخيرة، فيرحل وحيداً في صمتٍ قاتل، أو في تذكّر أعنف من أن يُسكته شيء. منذ وفاة فاتن حمامة (17 كانون الثاني 2015)، يُعلن أنه ينتظر اللحظة هذه. يقول بوحاً ذاتياً يؤكّد ارتباطه العتيق بها، ويشير إلى أحمد رمزي (1930 ـ 2012)، معتبراً أن رحيله «كسر» ظهره، المنكسر بقوة أكبر مع غياب فاتن حمامة. كأنه لم يشأ البقاء في عالم ملموس وحسّي، فيدخل إلى عالم النسيان («ألزهايمر» بلغة الطبّ)، ويتجوّل في شوارع القاهرة سائلاً الجميع عن زوجته الوحيدة. كأنه لم يرغب في العيش، فـ «حبّ حياته» لم يعد موجوداً، وصديق العمر ملتحقٌ بآخرة لا يعلم أحدٌ شيئاً عنها، والدنيا تضيق، والعمر يتقدّم بخطى بطيئة، حاملاً معه ثقل ذكريات وحيوات وأعمار مديدة.إنه عمر الشريف. الرجل يحني رأسه أمام الموت. يقبل به، بعد مناداته إياه غداة رحيل فاتن حمامة. يُطلّ في مشهد أخير في فيلم أخير، ويقول أمام الكاميرا: «سأشتاق إليكم» («روك القصبة» للمغربية ليلى مراكشي، 2012). يعرف تماماً أن المشي على طريق النهاية قدرٌ لا فرار منه. يعرف أن العيش الأقصى لن يُؤبّده، وأن الأفلام لن تمنحه أكثر من شهرة ونجومية يُطعّمهما بوسامة لم تنضب كثيراً في شيخوخة تزيده ارتباكاً وعصبيّة، وتضعه في مصاف كبار يصنعون أمجاداً لأنهم منذورون للحياة، ويأتون إلى الموت لأن الموت أخجل من أن يدقّ الأبواب عليهم، كي يرافقهم إلى المثوى الأخير. منذ أشهر، ينادي عمر الشريف الموت، والموت يتردّد في تلبية النداء. غير أن النهاية حتمية، فلا الحبّ أقوى منها، ولا العيش قادر على منعها من الحضور، ولا ملذّات العالم تُبعد الكأس عن طالبها.من أين الدخول إلى عالم عمر الشريف: الحياة بملذّاتها ومتعها ومساراتها المتناقضة؟ السينما بتقلّباتها وهواجسها ونجوميتها؟ السهر في ليالي المدن الكبيرة من أجل لعبة «بريدج» أو امرأة؟ مصر أو الغرب؟ يوسف شاهين أو ديفيد لين؟ أصل الهوية؟ جذر الحكاية؟ لا أعرف. المداخل عديدة: الحبّ. النساء. صدامه مع الكنيسة. اعتناقه الإسلام إكراماً لـ «حبّ حياته». الإقامة الطويلة في الفنادق. العصبيّة المرافقة إياه، خصوصاً في شيخوخته. علاقاته المتنوّعة. إلخ. عناوين يُمكن اعتبارها والتعاطي معها كمحطّات حقيقية في سيرته الذاتية. كجزءٍ من سيرته. التمثيل مهنة. شيء ما بين الوظيفة والعمل على إيجاد مناحٍ «إبداعية» لها. ليس تقليلاً من القيمة الفنية والجمالية لأدائه. الخيط رفيعٌ جداً بين المهنة والخلق في عالم التمثيل. محترفون كثيرون مقيمون في المهنة من دون الانتقاص من متطلّبات الأداء الساحر والجميل. أميل إلى قناعة تقول بهذا، بالنسبة إلى عمر الشريف. ممثل رائع؟ أجل. ممثل محترف؟ طبعاً. ممثل متنوّع الشخصيات والأدوار؟ هذا جزءٌ من المهنة، إن كان العامل فيها مقتنعا بضرورة التطوير والتفعيل. أدوارٌ عديدة له مفعمة بجماليات يتوقّف النقد عندها مراراً. أدوارٌ أخرى لا يُمكن تذكّرها لشدّة بساطتها وعاديتها. الأفلام الأقلّ أهمية المُشارك فيها، تعكس شيئاً من تلك الحرفية في أدائه. حرفية تتوضحّ ببساطة التمثيل وسلاسته، كأنه يؤدّي واجباً لا أكثر، فتكون تأدية الواجب كافية للعمل، وجميلة أيضاً في الوقت نفسه.إنه عمر الشريف. التداخل كبيرٌ ومتين بين التمثيل والحياة. الأسئلة عنه وحوله لا تنتهي: مصريٌّ من أصول لبنانية؟ يُقال إن الأصل سوريّ، بل شاميّ. غربيّ ذو جذر عربيّ؟ هوليوودي منفتح على الفعل الأوروبي، سينمائياً على الأقلّ؟ لغات يُتقن مفرداتها ولهجاتها ونكهاتها؟ براعة في التفنّن أحياناً بتأدية أدوار؟ هذه كلّها «ميزات» غير موجودة كثيراً في زمن عربي متوسطيّ يُقيم، ذات يوم، في حضن أجمل المدن وأحلاها: الإسكندرية. هذه سمة الإسكندرانيّ، عندما كانت الإسكندرية «أم الدنيا» فعلاً لا قولاً.الممثل منكبّ على عمل يدفعه إلى واجهة المشهد أعواماً طويلة. الرجل معقودٌ على معنى العيش في عمق الانقلابات ومصائرها، وفي لذّة التمرّد وجنون امتلاكه. يولد في الإسكندرية، وله في بلاد الشام منبتٌ. يستفيق على مهنة التمثيل، فيضع فيها حيويته وسحره وبراعته في تشكيل صورة سينمائية لصناعة متكاملة عربياً وغربياً. يعاند أقداراً من أجل حبّ، ولا يتردّد عن الخروج على ملّته من أجل من تتملّك قلبه وروحه حتى النهاية. يتعرّف ويرتبط ويتنقّل في حراك لا يهدأ، وفي غليان يُنتج إبداعاً على الشاشة الكبيرة، أو يُشارك في إنتاجه، لكنه في الحياة اليومية يخرج من أسطوريته البصرية، كي يستعيد ذاته وحيداً في مواجهة تحدّي البقاء حيّاً بعيداً عن الـ «كادر». ذات يوم، يوافق على خيار يُصبح، بالنسبة إليه، تحوّلاً حقيقياً في حياته، بعد أن يرفض آخرون خياراً كهذا. تستطيب له الإقامة في مدن، لكنه يعود إلى القاهرة بعد أن أتعبه تجواله الطويل في بقاع الأرض، وعلى أسرة فنادق، وفي أحضان نساء، وأمام كاميرات سينمائيين عديدين.أفلامه العربية والغربية تبقى مادة لقراءات نقدية متنوّعة. قيل فيها الكثير. يُمعن نقّادٌ ومثقفون في تحليلها. لم تعد الكتابة عنها مدعاة لذّة، أو مطلباً لمزيد من المعرفة. تبقى عناوين راسخة في المشهد السينمائي العام، وفي وجدان مشاهدين. رحيله لحظة تأمّل في سيرة وحكايات. لحظة تأمّل في معنى الحبّ أيضاً. نقلا عن جريدة السفير اللبنانية 
في رحيل عمر الشريف
بقلم عماد العبد الله
رحل عمر الشريف في نفس السنة التي رحلت فيها حبيبته وزوجته السابقة فاتن حمامة . عمر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس . الممثل العربي الهوليوودي . دكتور زيفاكو الأبدي . عيناه كانتا تصطادان الناس من بعد ، فكيف إذا أطلتا من على الشاشة مكبرتين مرة ونصف . إنه شيء يدعو الرجال والنساء الى الإبحار دون أدنى معرفة …لقراءة المزيد
رحل عمر الشريف في نفس السنة التي رحلت فيها حبيبته وزوجته السابقة فاتن حمامة . عمر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس . الممثل العربي الهوليوودي . دكتور زيفاكو الأبدي . عيناه كانتا تصطادان الناس من بعد ، فكيف إذا أطلتا من على الشاشة مكبرتين مرة ونصف . إنه شيء يدعو الرجال والنساء الى الإبحار دون أدنى معرفة بالعوم . سحر وأحلام يقظة . الرجال للتشبه والنساء للعشق . سيطرت جاذبية عمر الشريف ووسامته على أجيال عربية مختلفة .في مقابلاته كلها بعد عودته الى مصر ، فاجأ الجميع بأنه لم يكن مبهورا بالغرب ولا بنسائه ولا بأمجاده ولا بالنجومية التي نالها من كونه ممثلا عالميا . كان شديد الصراحة فلم ينل الكثيرون من الذين حاولوا عن طريق التحاور معه والاندهاش بعالميته ، شيئا من تلك البهرجة ، فخرجوا بخيبة مرة .وكان فيلم " أيوب " هو قمة الانتقام من قبل عمر الشريف لتاريخه السينمائي . كان شديد النقد لرحلته صوب العالمية .عاد أخيرا الى وطنه مصر باحثا بلهفة عن عبد الحليم حافظ وذكراه ومتشبثا بأحمد رمزي الذي تبقى له من فترة " أيامنا الحلوة " ومصرا في كل حديث أنه لم يحب في حياته سوى امرأة واحدة هي فاتن حمامة ، ولو أنه كما يعرف الجميع شرق وغرب ما استطاع الى ذلك سبيلا .في العام 2010 التقيته في فندق الشيراتون بالدوحة بدعوة من الصديق الناقد السينمائي والمؤلف إبراهيم العريس .. وكرت اللقاءات لمدة عشرة أيام كان لايدعني فيها عمر أن أذهب الى العمل ، بل يريد أن أبقى الى جانبه في مقهى الفندق . كان يريد ان يتكلم ويتكلم . يتكلم عن حبه لفاتن وعن ابنه طارق وعن الذكريات وعن أصدقائه الذين رحلوا وعن مصر وكان يتجنب كثيرا الحديث عن هوليوود . أقول له لماذا فيقول لي لاشيء يذكر عمل بعمل . أفاض كثيرا في تلك الجلسات . وربما يأتي يوم أذكر فيه كل ما قاله تقريبا ..لكن أكثر ما بقي في ذهني هو حادثة تعلمه الإنكليزية ، اللغة التي جعلت المخرج الأجنبي يختاره للتمثيل في فيلم " لورنس العرب " وفتحت له أبواب العالمية . قال عمر أنه في المرحلة الإعدادية كان سمينا جدا ومسجلا في مدرسة الفرير في الإسكندرية . ومرة شكت والدته لصديقة لها وضعه من حيث البدانة المفرطة ، فقالت لها سجليه داخلي في مدرسة إنكليزية فإن طعامهم لا يطاق وسوف ترين الفرق .وهكذا كان فتخرج عمر من الثانوية بوزن طبيعي وقوام رشيق ولغة إنكليزية إضافة الى الفرنسية . سيكتب الكثير بالطبع عنه وعن تجربته وهواياته ونجوميته الباذخة . لكنني من شدة إعجابي بشخصيته المتواضعة ونبالته وصدقه ونظرته النقدية الصارخة ، لا أملك إلا أن أقول وداعا يا أخي وصديقي الذي أعاد لي الثقة بالنفس وأنني حينما كنت أود لو اكون واحدا من شلة " أيامنا الحلوة " معه ومع عبد الحليم وأحمد رمزي لم أكن مخطئا كما غيري من آلاف الشباب العرب . لرائحة عرق التعب ورائحة الأمل والطموح ..للقمصان الصيفية بنصف كم أو بكم طويل .. لحب المراهقة ومواعيد اللهفة ..للجيوب الخاوية وتحلم بالامتلاء .. لشلة رفاق الطريق ..سلامي .
آداب تدريب الحواس
بقلم بروين حبيب
ينتشر خبر زواج اللبنانية سابين غانم بمليونير أجنبي كما النار في الهشيم، تنقل الصحافة اللبنانية خبر هذا الزواج وكأنّه إنجاز وطني، تماما كزواج أمل علم الدين بالنجم الأمريكي جورج كلوني. وهو الزواج الذي يطرح أسئلة كثيرة، تتعلّق بقدرة المال على طمس كل الحساسيات الطائفية وتغيير أعراف المجتمع. في وقت …لقراءة المزيد
ينتشر خبر زواج اللبنانية سابين غانم بمليونير أجنبي كما النار في الهشيم، تنقل الصحافة اللبنانية خبر هذا الزواج وكأنّه إنجاز وطني، تماما كزواج أمل علم الدين بالنجم الأمريكي جورج كلوني. وهو الزواج الذي يطرح أسئلة كثيرة، تتعلّق بقدرة المال على طمس كل الحساسيات الطائفية وتغيير أعراف المجتمع. في وقت مضى تزوج عملاق الشعر سعيد عقل، رحمه الله، حبيبته الدرزية سعاد أبي صالح، ولم ينجح الأمر، فالطائفة الدرزية من أكثر الطوائف انغلاقا على حالها، وتردد أن الزواج لم يتم فانتحرت، وتردد أنها قتلت.. لكن الحقيقة ظلت حبيسة أسوار الطائفة، كما ظلّ سعيد عقل أعزب إلى أن توفي عن عمر الـ100 وسنتين.زواج غسّان التويني بنادية كان سمفونية عشق لولا اللعنة التي ألمت بهما، ماتت باكرا وفقد أولاده الواحد تلو الآخر، وعاش حتى تجاوز الثمانين، لكنّه جعل من نادية أيقونة أدبية يحتفى بها في لبنان في مناسبات عدة، خاصة في ذكرى وفاتها. ما أريد قوله إن الإعلام أحيانا لا ينصف الإنسان، فذكر طائفة المشاهير تتم في الداخل اللبناني، تماما كالوضع السياسي، ولكنّها تنمحي حين يصبح الأمر بحجم خبر زواج سابين بمليونير أمريكي، أو أمل بجورج كلوني، يُختصر الخبر بأن الزوجة لبنانية!تذوب الطائفية تماما عند صياغة الخبر الذي تصدّر حتى بعض نشرات الأخبار، وهذا شيء يحلم به لبنانيون كثيرون لأن يصبح واقعا يوميا لكنّه لا يحدث. في الخليج نرى هذا الاحتفاء الإعلامي غريبا، لأن النساء اللواتي يتزوجن أصحاب الملايين كثيرات، وهو زواج في النهاية لا يختلف عن زواج أي اثنين في العالم، قد ينجح وقد لا ينجح، ولا شيء يميز زواجا عن آخر سوى «بهرج» العرس الذي تمتلئ به الأفواه لفترة ثم ينطفئ. لدى مجتمعاتنا الإسلامية الاحتفاء بزواج مثل هذه الزيجات اللبنانية غير وارد، بعض الزيجات تتم حين تختلف طائفتا الزوجين بصمت وكأنّ الأمر يتعلّق بفضيحة، خاصة إن كانت المرأة مسلمة والرّجل مسيحيا، ففي المفهوم العام هذا الزواج غير شرعي ويعتبر خطيئة.. والمؤسف والمؤلم أكثر حين يعتنق الرّجل الإسلام، لكن (اجتماعيا وإعلاميا) يظل الرّجل مسيحيا، وزوجته خاطئة إلى الأبد … لا احتفاء بإسلام الرجل الذي يأخذ «ابنتنا».. لكن الأمر يكون أخفّ وطأة إن كان الرجل ثريا جدا، ويغرق من حوله من أقارب الزوجة ومعارفها بكرمه. حتى رجال الدين يباركون زيجات معينة سرا، ويحاربون زيجات أخرى بكل ما أوتوا من قوة حسب الوزن المادي والسياسي للعريس. يشرّعون، ويفصلون «الحلال» حسب رغباتهم الذكورية الخفية.. حتى أصبح الزواج عندنا اليوم لا يختلف عن المساكنة الغربية، إلا في إهدار حقوق المرأة عندنا وسحقها واستبدالها بسهولة يحلم بها الغربيون ولا تتحقق لهم بسبب قوانينهم الصارمة. هل سمعتم برجل دين انتفض لدى إعلان زواج أمل وسابين اللبنانيتين؟ بالطبع لا… وهذا بالضبط ما يمكن أن نسميه «صمت القبول»… وهو صمت صادر عن تكميم الأفواه بقوّة المال .في البوسنة وبعد عشرين عاما من الحرب والتقسيم، يواجه المتزوجون من طوائف مختلفة تمييزا عنصريا يسيء لأولادهم، وهذا يثير التساؤل: «كيف فُكّك العقل الأوروبي وأصبح مثلنا مع أنّه بعد الحرب العالمية الثانية قام بمجهودات جبّارة لترميم نفسه وتحصينها من الانزلاق في مطبّات الحروب الدينية وما شابه؟ «. أطرح هذا السؤال لأننا دائما نعتقد أن العلّة في هذه التقسيمات من عيوب عروبتنا؟وإن كانت حكمة مجتمعاتنا تقول: «كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس»، فإن الواقع أكثر تعقيدا لأن الناس لا يرضيهم العجب العجاب، وكان الأحرى أن تكون حكمتنا كالتالي «كل ما يعجبك، والبس ما يعجبك»، فحريتنا تنتهي حين نبدأ في محاولة فاشلة أن نرضي الناس. نخلق القيود من حيث لا تكون وندخل في المنظومة المحكومة لا الحاكمة. وإن كان البعض يعتقد أن المساواة تبدأ بتوحيد المعتقد الديني والسياسي واللباس، فإن هذا المبدأ انهار تماما مع أنظمة متوالية أرادت أن تبرمج الإنسان على نسق الآلة، فانضغط حتى انفجر مرة واحدة.لنعد لموضوع الطائفية والمال…وسنكتشف بدون كثير من التفكير أن الفقير جدا والثري جدا كلاهما لا يأبه لا للدين ولا للطائفة، وكلاهما يمارس حياته بكل المعصيات التي يجيزها الفقر أحيانا ويجيزها المال أحيانا. الزنا مثلا، رفاهية للأثرياء، ويستحيل أن يحارب المجتمع ثريا يتمختر مع عشيقاته حتى علنا، بل أصبحت العشيقة أكسسوارا ضروريا لكل ثري، وهي صفة تزيد من احترام الرجال له (سرًّا)، وتزيد من تعاطف النساء معه (علنا يا للعجب) معتقدات لسبب أو لآخر أنه رجل مظلوم لأنّه تزوّج «وحدة بشعة ومش من مستواه»، وإن كانت ملكة جمال يسارعن بالحكم عليها أنها «حمارة» مع احترامي لكل من «تحمرنت» وصدقت أنّها المرأة الوحيدة في حياة رجل.الزنا «مهنة « لفئات فقيرة جدا، تلجأ إليها النساء ببيع أجسادهن، وزبائنهن في الغالب رجال يلعنون العاهرات يوميا، ويحتقرونهن لدرجة لا يمكن تخيّلها، لكنهم يستحيل أن يعملوا على القضاء على الظاهرة وإنقاذهن من الفقر… ففقرهن سبب متعتهم السرية، كما أنّه مصدر دخل لأخوتهن الذكور وآبائهن أو أزواجهن حين يغضون البصر عمّا يفعلن أو يزجونهن زجًّا في هذه المهنة. الطبقة التي تهتم بالشرف والكرامة وكل القضايا الخاسرة في العالم هي الطبقة الوسطى.. ولأن هذه الطبقة أصبحت مزعجة فأعتقد أن كل هذه الحروب تقوم دوما لتدميرها لتمضي الحياة كما يريده الأثرياء ويتقبله الفقراء، ففي نهاية الأمر الثراء كافر تماما كما الفقر كافر. وأنا في الحقيقة لست ضليعة في التحليل الاجتماعي، لكنني توصلت لهذه النتيجة التي توصل إليها نعوم تشومسكي بطريقته حين قال: «باختصار ليتسنى لنا أن نسيطر على الشعوب علينا أولا أن نفصلهم عن بعضهم بعضا، وحين يصبحون أقليات معزولة لفترة طويلة يمكننا إقناعهم بأي شيء». تختصر مقولة تشومسكي ما نعيشه، ولكن قبل ذلك نحن نرى ولا نتعظ ، نتابع ولا نتأمّل، ونعيش التجربة تلو الأخرى ولا نتعلّم الدّرس.. حتى أننا نُبقي صورة برّاقة أمام أعيننا تخفي واقعنا الحزين، فنهلل لعرس لا يعكس أبدا كل قناعاتنا، ونحتفي به بحفاوة بالغة فيما في اليوم نفسه يشهد لبنان جريمة أخرى ضحيتها زوجة قتلها زوجها ومظاهرات قامت بها جمعية « كفى» لحماية النساء من عنف أقاربهن.لست أنتقد العرسان، بالرفاه والبنين إن شاء الله، لكنني أنتقد الصورة التي نحملها مثل واجهة تغطي بؤسنا، ونعتبر أي محاولة لكسر الواجهة تشويها لصورتنا أمام العالم..وعلى كل إن كان المثل يقول «سيط غنى ولا سيط فقر» فإن «السيط» ما عاد ينفعنا، نحن أمّة نخرها السّوس، لكنها تختبئ في علبة مزخرفة وتغني موّال الأندلس منذ مئات السنين. وللحديث بقية إن شاء الله شاعرة وإعلامية من البحرين مقالات أخرى لبروين حبيب على موقع جريدة القدس العربي http://www.alquds.co.uk/?p=367956
الحالمة و الشيخ
بقلم سليم بوفنداسة
يجلس الشاب شبه الملتحي شبه المعمّم خلف الكاميرا يستمع إلى التدخلات الهاتفية للمشاهدات و دونما حاجة إلى التفكير يشرع في تفسير أحلامهن!و بالطبع، وكما كل المشعوذين، فإن تفسيرات الشيخ الشاب تسير في مصلحة المشاهدات الكريمات اللواتي سيتزوجن كلهن قريبا أو سينجبن بإذن الله، ويكفي أن يكثرن من الذكر لأن …لقراءة المزيد
يجلس الشاب شبه الملتحي شبه المعمّم خلف الكاميرا يستمع إلى التدخلات الهاتفية للمشاهدات و دونما حاجة إلى التفكير يشرع في تفسير أحلامهن!و بالطبع، وكما كل المشعوذين، فإن تفسيرات الشيخ الشاب تسير في مصلحة المشاهدات الكريمات اللواتي سيتزوجن كلهن قريبا أو سينجبن بإذن الله، ويكفي أن يكثرن من الذكر لأن الأحلام بشارة، أي نبوءة وليذهب فرويد ومن تبعه بإحسان أو بغيره إلى الجحيم.والملفت أن طالبات التفسير يحلمن أحلاما مهذّبة لا هواجس إيروتيكية فيها، إحداهن مثلا ترى نفسها تنظّف مسجدا وأخرى ترى نفسها تحمل مصحفا ثقيلا و أخرى ترى نفسها تزور طبيب نساء يرفض علاجها.. وبكل تأكيد فإنهن ينتقين (أو يختلقن) الأحلام التي يلقين على الشيخ ويشطبن الكثير من التفاصيل، لأن الفتاة التي تريد الزوّاج أو الإنجاب لا تحلم، قطعا، بما روته للشيخ وتفسير حلمها يختلف عن تأويله، بمعنى أن المشاهدة الكريمة تكذب على الشيخ والشيخ يكذب عليها، فيما تسعى القناة التي يعرف القائمون عليها أنهما يكذبان إلى جلب الجمهور التعيس المستعد لسماع الكذب أو ممارسته، مما سيرفع الإنتاج الوطني من هذه المادة واسعة الاستهلاك التي تعرف وفرة لا بأس بها.قد نفهم عمليات الشعوذة التي يمارسها محتالون في مختلف أنحاء الوطن كظاهرة شائعة غالبا ما تنتهي بمآس، أما أن تتحوّل الشعوذة إلى ممارسة إعلامية فتلك مشكلة حقيقية قد تساهم في تعقيد مشاكل مجتمع يتوجه يوما بعد يوم نحو «البدائية» في تسوية حاجاته، فيلجأ إلى العنف والشعوذة، ويستعين بالشيوخ والجن في الأمور التي كان من المفترض أن يسويها بالاجتهاد والعمل.وتلعب وسائل الإعلام هنا دورا بيداغوجيا  في تعميم هذه الظواهر، بالنظر لدورها السحري في توجيه الناس.وما يحدث، في نهاية المطاف، هو حاصل عملية تم بموجبها تسفيه مهنة الصحافة، والقادم سيكون، بكل تأكيد، أحلى.ملاحظة خارج السياقحين تستمع إلى بعض كتاب الإنشائيات الركيكة وهم يمجدون أنفسهم بوقاحة في المنابر ويتحدثون عن ضرورتهم في توازن الكون، ستفهم دون شك لماذا يحتقر المجتمع فئة «المثقفين»، وقد تشاطره ذلك!سليم بوفنداسة
الوهم الأخضر
بقلم بروين حبيب
يصبح الحب جارحا حين يأخذ مسارا غير إنساني من أحد الأطراف. ومهما بالغ البعض في تعريفه بشكل جميل وميتافيزيقي، فإنه يصبح مفرغا تماما من كل معانيه حين يستخف طرف بآخر، ويتعامل مع مشاعره على أنّه «لعب عيال»… أو طيش مراهقة، أو «مراهقة متأخرة» وأوصاف أخرى تلصق بالعاشق الذي يقع ضحية …لقراءة المزيد
يصبح الحب جارحا حين يأخذ مسارا غير إنساني من أحد الأطراف. ومهما بالغ البعض في تعريفه بشكل جميل وميتافيزيقي، فإنه يصبح مفرغا تماما من كل معانيه حين يستخف طرف بآخر، ويتعامل مع مشاعره على أنّه «لعب عيال»… أو طيش مراهقة، أو «مراهقة متأخرة» وأوصاف أخرى تلصق بالعاشق الذي يقع ضحية مشاعر لا يعرف من أين هجمت عليه.بعض العشاق يبلغون مرحلة الخجل من مشاعرهم إلى أن يفكروا في الانتحار، فينتحرون، ويمضي الطرف الآخر الذي دمّره في حياته من دون أي شعور بالذنب.يحدث هذا يوميا في مجتمعنا، وتصفه أفلام الأبيض والأسود برومانسية قاتلة تذهب الحبيبة مع عريس ثري، وتترك إبن محمد أفندي واقفا يشيّع موكب العروس دامع العينين… أو في مشهد آخر حين يتزوج ابن البيه بنت « الزّوات» ويتخلّى عن بنت الحي الشعبي لقدرها…على مدى أكثر من قرن، تعوّدنا قصص الحب الفاشلة في الأدب والتلفزيون، ربما خوفا من أن ننهي أفلامنا ومسلسلاتنا بقبلة… حتى أن القبل القليلة التي صُوّرت على مدى هذا القرن من «نهضتنا السينمائية « أصبحت «أدلّة « على أن الفنون كلها تدعو للمجون والفسوق، بل زادت حمى نشر تلك المقاطع لإهانة الممثلات العربيات اللواتي صورن تلك المشاهد…في الحقيقة نريد حبا بدون قُبَلٍ… وبصراحة أكثر نريد دراما وسينما بدون حب، لأن جماهيرنا لا تقتنع بأن هذا العصر عصر الحب، أو أنّها «ستخسر» الحب حتى في أدوار مُمَثّلة… حسد والعياذ بالله.منذ ألف عام والحكاية نفسها تتكرر… حتّى أنّها تكررت بنسخ مختلفة وكثيرة لا تعد ولا تحصى، ولكنّها في النّهاية تصب في المجرى نفسه، وتربّي أجيالنا، جيلا عن جيل على أن يستخف بالحب. وتحضرني هنا حكاية رواها الأصمعي يقول فيها: «بينما كنت أسير في البادية، إذ مررت بحجر مكتوب عليه هذا البيت:أيا معشر العشاق بالله خبروا …. إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع؟فكتبت تحته البيت التالي:يداري هواه ثم يكتم ســـــره …. ويخشع في كل الأمور ويخضعيقول ثم عدت في اليوم التالي فوجدت مكتوبا تحته هذا البيت:وكيف يداري والهوى قاتل الفتى …. وفي كل يوم قلبه يتقطـعفكتبت تحته البيت التالي:إذا لم يجد الفتى صبرا لكتمان سره …. فليـس له شيء سوى الموت ينفعيقول الاصمعي: فعدت في اليوم الثالث، فوجدت شاباً ملقى تحت الحجر ميتا، ومكتوب تحته هذان البيتان:سمعنا أطعنا ثم متنا فبلغـــــــــــــوا …. سلامي إلى من كان بالوصل يمنـعهنيـــــئا لارباب النعيم نعيمـــــهم …. وللعاشق المسكيـــــن ما يتــجرع وإن كانت الحكاية صحيحة فهذا يعني أننا منذ الأزل ونحن نتعلّم أصول الحب السلبي ونفضل عليه الموت على أن نبوح به أو نشفى منه… حسب الأصمعي وتاريخ طويل من القهر النفسي وقمع عواطفنا فإن الحب يجب أن يخبأ ويظل سرا بين الشخص ونفسه، وحسب العلم اليوم فإن هذا النوع من الحب حب مراهق، يصاب به أشخاص غير ناضجين عاطفيا، ويلزمهم علاج ليبلغوا مرحلة المواجهة، وعدم الخوف من ردات الفعل السلبية للآخر، فالحب لا يتوقف عند شخص واحد تنتهي نبضات الحياة عنده. ينفتح الحب على احتمالات كثيرة، ولكن يجب أن نشرع أبواب قلوبنا للحياة قبل الوقوع في الحب واختيار شريك. فإن كان الأصمعي يدعو العاشق للموت، فإن الفحل عندنا يقتل الحب وينتصر هو… يلعن الحب وأبو الحب ويبني حياته على أنقاض قلبه، يتزوج، ينجب أولادا، ويهرس مشاعره كلما استيقظت بحذاء خشن يحتفظ به لمناسبات الوقوع في الحب. نحدد سن النضج أيضا بمقدار دفن من نحب في قلوبنا. وكلما أتقنا دفن المحبوب وصنعنا له قبرا لا ينفتح أبدا، نكون في نظر من حولنا «ناضجين» ونفكّر بطريقة صحيحة… أجزم أن قلوبنا ليست أكثر من أضرحة، معتقدين أننا ننبض بالحياة، حتى في الأدب الأجنبي قد نكون نجهل أشهر قصص الحب التي كتبت، لكننا حتما نعرف قصة روميو وجولييت، والمثير أننا لم نتوقف أبدا لدراسة أبعاد تلك القصة وتأثيراتها على أجيال كاملة، ظلّت حبيسة نمط معين من الحب… كأن يكون الحب أصلا بدأ في حفل مقنّع، وهذا يعني بشكل ما أن هذا الحب العظيم ما كان لينشأ بدون أقنعة… هناك حقائق مخيفة أخفتها الأقنعة وجعلت العاشقين الشابين يتورطان في حب يشبه الكارثة ولا مخرج منه غير الموت. وهذا مؤشر سيئ إلى أن الحب يحدث حين يدخل العاشقان عالما غير واقعي، غير حقيقي، أشبه بالحلم الجميل، ثم حين يستيقظان على الحقيقة ينتهي كل شيء… وينتهيان.الحب الذي يعلمنا الغفران نادرا ما نجده… الحب الذي يعلمنا التضحية والإيثار والمكاسب الروحية التي لا تقدّر بثمن لا نعرف حتى أن نتخيله ونقدمه على شكل قصص جميلة لأجيالنا الشابة لتتغير نحو الأفضل. فيما سبق، قديما، قديما جدا… كانت المخيلة تلتهب بالحب وتتوالد على شكل قصص خيالية حتى لا تموت… طريقة ذكية لإبقاء الحب على قيد الحياة وعدم دفنه حيا في تابوت دراكولا. هكذا نشأ حب سندريلا، حبا وهميا ولكنه أقنع أطفالنا بجدوى الحب… صحيح أنه قرن بمقاس تعجيزي لحذاء… وإلى يومنا هذا لم نعرف مقاس الحذاء… لكن لنتذكّر أن القصة كتبت في زمن الإسكافي (أو الجزمجي) الذي يفصل كل حذاء لصاحبه على مقاسات قدمه، لهذا ما كانت الأحذية تتشابه.. وما كانت الأقدام تتشابه، وما كان الناس يتشابهون، فالطيبون ينقذهم الحب ويكافئهم، والأشرار يقعون في شر أعمالهم. قلب الموازين في عصر نهضتنا العجيب هو ما جعلنا نصل لهذه المواصيل…صديق من بلد عربي شقيق، أخبرني من منطلق منصبه الحساس في وزارة الثقافة أنه على مدى سنوات كان القانون يمنع شراء أفلام رومانسية، لأن الحب عيب، ولأن تقطيع وتشريح الفيلم قبل عرضه لتنقيته من بعض المشاهد يحوّل الفيلم إلى نسخة مشوهة منه، فاتفق الجميع على ملء السوق بأفلام الآكشن، والنتيجة يقول: «أصبحت شعوبنا كلها عنيفة» تعيش الأكشن في كل الأمكنة حتى في أماكن الصلاة، وهذا قمة جرائم بعض الحكومات في حق شعوبها.والآن أين العار إن وقف العاشق ـ رجلا كان أو امرأة- واعترف بحبه ثم اعتذر الثاني بكل لطف من دون استسخافه؟ العالم لا ينتهي إن فشلنا في الحب مرة أو مرّات… فالتوافق بين اثنين يشبه حذاء سندريلا التي لم يناسبها سوى ذلك الحذاء العجيب. وفشل كل صبايا الحكاية للظفر بقلب الأمير، والحذاء الزجاجي الجميل لا يعني أنهن عشن بائسات، ولو أن من اختلقوا القصة سواء في إيطاليا أو في اليونان أو الصين ألقوا الضوء على صبايا المملكة كلها لعرفنا أنهن عشن حيوات جميلة ومكتملة.مهما اندهش البعض من السؤال بعد هذه المقدمة الطويلة للموضوع، فإن ما أردت الوصول إليه هو أن حجز المرأة في صندوق «العرض والطلب» وتسييجها مثل تحفة هو الذي جعل الشاعر الشاب يخاطب الحجر بدل مخاطبة حبيبته، وجعل الأصمعي يتحوّل إلى قاتل سادي، وجعل الشاب ينتحر… فكل هذه الحواجز خلقها المجتمع ليحوّلوا الحب إلى «بضاعة» نادرة… يتاجرون بها كما يشاؤون… فقد أثبتت الدراسات العلمية أن الكراهية مربحة أكثر ماديا… والحب سبب خسارات لا يتحمّلها الإنسان المدجج بشهوات تفوق الحب، ألم تسمعوا من يرددون مقولة «لو تزوج قيس ليلى لانتهى الحب المجنون بينهما»؟ إنهم يحمون بضاعتهم من الكساد… والحقيقة التي نعرفها منذ الأزل هي اننا نحب الملائكة، ولكننا نحمي الشيطان من الموت، لأنه يشبع شهوات أخرى أكثر إثارة من الحب.. الذي لا عنف فيه ولا اشتهاء… إنه السلام الذي يجعل الحياة ساكنة وربما مملة… ولكم أن تثروا الموضوع بوجهات نظركم التي أسر بها. شاعرة وإعلامية من البحرين بروين حبيب
يصرخون صيفا
بقلم سليم بوفنداسة
خرجوا صيفا كالعادة بالسكاكين القديمة ذاتها ليصرخوا في الساح. ثمة مشكلة في الصيف تدفعهم إلى الخروج والصراخ  و إخراج السكاكين لإجبار الأعداء المحتملين على الاختفاء والصمت. يقول كل ذي سكين أن الساحة ساحته ومن حقه أن "يسيّجها بالأشواك" ليحمي الكائنات من خطر قادم لا ريب فيه.خرجوا. بملامح صارمة …لقراءة المزيد
خرجوا صيفا كالعادة بالسكاكين القديمة ذاتها ليصرخوا في الساح. ثمة مشكلة في الصيف تدفعهم إلى الخروج والصراخ  و إخراج السكاكين لإجبار الأعداء المحتملين على الاختفاء والصمت. يقول كل ذي سكين أن الساحة ساحته ومن حقه أن "يسيّجها بالأشواك" ليحمي الكائنات من خطر قادم لا ريب فيه.خرجوا. بملامح صارمة خرجوا.  شقوا الهواء الثقيل بأصابع التحذير. صرخوا في وجوه الخصوم الذين يسيئون تقدير الأوضاع. صرخوا في الأعداء الكامنين تحت كثبان الرمال أو في شريط الماء الأزرق الذي يمنعنا عن الشمال. صرخوا في الأشباح والأرواح الشريرة التي تخفي جمرها  تحت أكوام تبننا المقدس. صرخوا في المغرضين. صرخوا في الذين تسوّل لهم أنفسهم. صرخوا  في الأنوف التي تندس. صرخوا في الأصابع التي تلهو فوق الخرائط. أشاروا إلى الجهات كلّها قبل أن يقترحوا أنفسهم لتحمّل المشاق كلها كما يجدر بمتخرجين بتفوق من مدارس التضحية وإنكار الذات. سيصفق الواقفون في الساحة، كالعادة، وسيتفرق الذين في قلوبهم غصة وقد استزادوا غصة أخرى. سيصفق الواقفون لأن الخطيب سيشير عليهم بالدرب الآمن الذي يجب سلكه بعد أن خاب الظن في كل الذي لا رجعة فيه.منذ ألف صيف وهم يخرجون. هذا الفصل يستحق الدراسة لأنه يعيد الناس إلى طبعهم وينزع عنهم لباس التوافق. صحيح أن علوم الطبيعة والبيئة تعلّمنا أن الكثير من الكائنات تخرج صيفا، أو في أواخر الربيع بعد أشهر طويلة من الصمت والتأمل، لكن خروج هؤلاء، تحديدا، يتطلب فحص أثر الصيف والميكانيكا التي يحدثها في الكائنات. لم ينتبه بافلوف إلى طباع الفصول. هذا الفصل يكرر عاداته كلّما رأى نفس الأشخاص في الساحة، رغم أن الصيف ليس كلبا ولا من آكلات اللحوم. الصارخون، أيضا، يصرخون كلّما اشتدت الحرارة ويستشعرون المخاطر ذاتها، فيخرجون السكاكين ويمزقون جلد الهواء الثقيل بأصابع الوعيد.محاولة لتفسير الصيف الصيف فصل الغلال في المجتمعات الزراعية القديمة، لذلك فهو فصل الكسب والتحصيل، وهو أيضا فصل الرضا والخيبة. فيه يرتفع الشأن وفيه تزدهر الخصومات و المعارك.ملاحظةالبناء الصحيح للأوطان خير وقاية لها  من مفاجآت الفصول ومن حروب الغلّة والملّة.سليم بوفنداسة
أهم وصايا لكل بنت على عتبة الحياة
بقلم فادي عزّام
ﻭﺻﺎﻳﺎ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻓﺎﺩﻱ ﻋﺰﺍﻡ ﻻﺑﻨﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺎﺗﻲ ﺑﻌﺪ :-1 ﻟﻴﺲ ﻣﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﺗﻀﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻚ ﺑﻞ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻀﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻚ .-2 ﻏﺸﺎﺀ ﺍﻟﺒﻜﺎﺭﺓ ﻻ ﺧﺺ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺸﺮﻑ.-3 ﺍﻗﺮﺋﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻭﺷﻮ ( ﺍﻟﺮﺟﻞ ) ﻭﻻ ﺗﻘﺮﺋﻲ ﻛﺘﺐ ﻧﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﻭﻱ ﺣﺘﻰ 18.-4 ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﺗﺘﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻋﺎﺩﺓ. ﻓﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﻓﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ .-5 ﻻ ﺗﺴﻜﺘﻲ، ﻻ ﺗﺴﺘﻜﻴﻨﻲ ﺇﺫﺍ …لقراءة المزيد
ﻭﺻﺎﻳﺎ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻓﺎﺩﻱ ﻋﺰﺍﻡ ﻻﺑﻨﺘﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺎﺗﻲ ﺑﻌﺪ :-1 ﻟﻴﺲ ﻣﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﺗﻀﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺳﻚ ﺑﻞ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﻣﺎﺫﺍ ﺗﻀﻌﻴﻦ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻚ .-2 ﻏﺸﺎﺀ ﺍﻟﺒﻜﺎﺭﺓ ﻻ ﺧﺺ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺸﺮﻑ.-3 ﺍﻗﺮﺋﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻭﺷﻮ ( ﺍﻟﺮﺟﻞ ) ﻭﻻ ﺗﻘﺮﺋﻲ ﻛﺘﺐ ﻧﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﻭﻱ ﺣﺘﻰ 18.-4 ﺟﺮﺍﺋﻢ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﺗﺘﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ﻋﺎﺩﺓ. ﻓﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﻓﻘﺮﺍﺀ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ .-5 ﻻ ﺗﺴﻜﺘﻲ، ﻻ ﺗﺴﺘﻜﻴﻨﻲ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻼﺑﺘﺰﺍﺯ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﺮﺵ ﻻ ﺗﺨﺸﻲ ﺍﻟﻔﻀﻴﺤﺔ، ﺍﻟﻔﻀﻴﺤﺔﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺼﻤﺖ.-6 ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺘﺤﺮﺭﻱ ﻭﺃﻧﺖ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻣﺎﺩﻳﺎ، ﻣﻦ ﻳﺼﺮﻑ ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺤﻜﻤﻚ ﺑﻘﻮﺍﻧﻴﻨﻪ.-7 ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻀﻄﻬﺪﺓ، ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ، ﻫﻨﺎﻙ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﻀﻄﻬﺪ. ﻳﻌﻮﺽ ﻧﻘﺼﻪ ﻋﻠﻰﺍﻷﺿﻌﻒ ﺟﺴﺪﻳﺎ ﺃﻭ ﻧﻔﺴﻴﺎ ( ﺃﺗﻘﻨﻲ ﺃﺣﺪ ﻓﻨﻮﻥ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ )-8 ﺳﻴﺘﻮﺟﻊ ﻗﻠﺒﻚ ﻣﺮﺓ ﺃﻭ ﻣﺮﺗﻴﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﺗﺒﻘﻲ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺐ .-9 ﻻ ﺗﺘﺰﻭﺟﻲ ﺑﺪﻭﻥ ﺣﺐ. ﻻ ﺗﺘﺰﻭﺟﻲ ﺭﺟﻼ ﻻ ﻳﺤﺒﻪ ﻋﻘﻠﻚ .-10 ﺃﻧﺠﺒﻲ ﻃﻔﻼ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻦ-11 ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﻭﻻ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻓﻘﻂ، ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﺷﻲﺀ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﺘﻌﻠﻤﻪﻣﻦ ﺃﺑﺴﻂ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻭﻟﻮ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﻧﻤﻠﺔ.-12 ﺻﺎﺩﻗﻲ ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻛﻤﺎ ﺗﺼﺎﺩﻗﻲ ﺍﻟﻤﺮﺍﺓ، ﻻ ﺗﻌﻄﻲ ﺃﺳﺮﺍﺭﻙ ﻷﺣﺪ .-13 ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺣﻴﻦ ﻳﻐﺮﻡ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻻﺳﺘﻴﻼﺀ، ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺿﻴﻚ ﻭﺣﺎﺿﺮﻙ، ﻭﻏﺎﻟﺒﺎ ﻻ ﻳﻬﻤﻪ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻚ.ﺍﺑﻘﻲ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻟﻚ.-14 ﺇﺫﺍ ﺷﻜﻜﺖ ﺑﺮﺟﻞ ﺇﻧﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﻳﺤﺒﻚ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻻ . ﺍﻋﺮﻓﻲ ﺃﻧﻪ ﻻ. ﺃﻧﺖ ﺗﺨﻠﻘﻴﻦ ﻭﻫﻤﺎ ﻭﺗﻔﺴﺮﻳﻦﺍﻷﻣﻨﻴﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺣﻘﺎﺋﻖ.-15 ﺃﻥ ﺗﺒﻘﻲ ﻭﺣﻴﺪﺓ ﺑﺪﻭﻥ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻠﻌﺎﻃﻔﺔ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺷﺮﻳﻚ ﻣﻮﺗﻮﺭ، ﻳﺤﻮﻝ ﺣﻴﺎﺗﻚ ﺇﻟﻰ ﺟﺤﻴﻢﺑﺤﺠﺔ ﺣﻤﺎﻳﺘﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ .-16 .. ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻴﻦ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻠﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻤﻠﻪﻣﻦ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﻓﺮﻕ ﺑﺎﻟﺘﺤﻤﻞ .-17 ﻻ ﺗﻔﺴﺪﻱ ﺃﻧﻮﺛﺘﻚ ﺑﺎﻟﺸﺘﺎﺋﻢ، ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﺮﺧﻴﺺ ﺑﺤﺠﺔ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ. ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻧﻲﺃﺭﻗﻰ ﺩﺍﺋﻤﺎ.-18 ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ ﻭﻻﺩﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﺗﺨﺎﻓﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ. ﺑﺎﻟﺨﻤﺴﻴﻦ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺤﺒﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ .-19 ﻻ ﺗﻀﻌﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﺑﺈﻃﺎﺭ، ﻭﺗﺤﺎﻭﻟﻲ ﺃﻥ ﺗﺸﺒﻬﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺘﺨﻴﻠﺔ . ﻛﻮﻧﻲ ﻓﻘﻂ ﺃﻧﺖ ﻣﺜﻠﻤﺎﺃﻧﺖ .-20 ﻻ ﺗﺨﺸﻲ ﺍﻟﺮﻓﺾ، ﻣﻦ ﻳﺮﻓﻀﻚ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻤﻦ ﻳﻘﺒﻠﻚ ﻛﺎﺫﺑﺎ.-21 ﺩﻋﻚ ﻣﻦ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺃﻭ ﺗﺤﺠﻴﻤﻬﺎ ﺃﻧﺼﺘﻲ ﻟﻤﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻦﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭﻻ .-22 ﺳﺎﻋﺪﻱ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺭﺟﻼ ﺑﺄﻥ ﺗﺤﺘﺮﻣﻲ ﺿﻌﻔﻪ.-23 ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﻏﺎﺑﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖِ ﻣﺴﻠﺤﺔ ﺑﻘﻠﺐ ﻣﺤﺐ ﻭﻋﻘﻞ ﻣﻨﻔﺘﺢ ﻭﻳﺪ ﻣﻨﺘﺠﺔ.-24 ﺑﺪﺍﺧﻠﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺫﻛﺮ ﺻﺎﻣﺖ ﺃﻧﺼﺘﻲ ﺇﻟﻴﻪ.-25 ﻟﻴﻜﻦ ﻟﺪﻳﻚ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﺘﺒﺪﺋﻴﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﺒﺪﺃ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ.-26 ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻴﺲ ﺳﻴﺌﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺘﺴﻤﻌﻴﻦ ﻋﻨﻪ، ﺇﻧﻪ ﻓﻘﻂ ﻻ ﻳﺘﻘﻦ ﺍﻟﺼﺪﻕﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻭ ﻋﻨﻚ. ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﻌﻴﻴﺶ ﺑﺼﺪﻕ.-27 ﻟﻜﻞ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺷﻮﺍﺫ ﺣﺘﻤﺎ، ﺍﻷﻫﻢ ﺃﻥ ﺗﻔﻜﺮﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻮﺍﺫ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﻗﺎﻋﺪﺓ ( ﺧﻄﺄﻣﻜﺮﻭﺭ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺻﻮﺍﺏ ﻣﻬﺠﻮﺭ )-28 ﺃﻧﻮﺛﺘﻚ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻧﻲ ﺿﻌﻴﻔﺔ، ﺑﻞ ﻣﺬﻭﻗﺔ.-29 ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﻷﻓﻀﻞ، ﻭﺍﻷﺟﻤﻞ، ﻭﺍﻷﺷﻬﻰ. ﻗﺪّﺭﻱ ﻣﺎ ﺗﺤﺼﻠﻴﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﺼﺒﺢ ﻫﻮﺍﻷﺷﻬﻰ . ﺍﺑﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﺳﻜﺮﻳﺒﻨﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻧﺘﻬﺎﺀ ﺑﺮﺟﻞ .-30 ﺍﻟﺮﺿﺎ ﺟﻴﺪ ﺑﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻓﺔ. ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ. ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻤﻴﺰﺓ.-31 ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﺢ ﻟﺠﻤﺎﻟﻚ، ﺑﻔﺮﺡ . ﺍﻟﻤﺪﻳﺢ ﻟﺠﺴﺪﻙ ﺑﻄﻴﺒﺔ، ﺍﻟﻤﺪﻳﺢ ﻟﻌﻘﻠﻚ ﺑﻔﺨﺮ . ﻭﺍﻗﺘﺮﺑﻲﻣﻤﻦ ﻳﻤﺪﺡ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﻌﺎ.-32 ﺍﻟﻔﺮﺍﻍ ﻋﺪﻭﻙ ﺍﻷﻭﻝ ﺍﻛﺴﻴﻪ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ. ﻛﻮﻧﻲ ﺭﺍﻗﺼﺔ ﺩﺍﺋﻤﺎ. ﻻ ﺗﺘﻮﻗﻔﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺮﻗﺺ.-33 ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﻬﺪﻳﻚ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ . ﻟﻴﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺷﻜﻠﻚ ﺃﻭ ﻳﻌﺪﻙ ﺑﻮﻋﻮﺩ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻫﻮﺳﻤﺴﺎﺭ . ﺍﻟﺴﻤﺎﺳﺮﺓ ﻃﻮﻟﻮﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ .-34 ﻟﻴﻜﻦ ﻟﺪﻳﻚ ﻋﺎﻟﻢٌ ﺭﻭﺣﻲ ﺧﺎﺹ، ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻟﻴﺲ ﺻﻠﻮﺍﺕ ﻭﻃﻘﻮﺳﺎً ﻭﻋﺒﺎﺩﺍﺕ، ﺿﻤﻴﺮﻙﻭﺍﻧﺤﻴﺎﺯﻙ ﻟﻠﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ ﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻴﺼﻨﻊ ﻟﻚ ﺍﻟﻄﻘﻮﺱ ﻭﻳﺪﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ.-35 ﺣﻴﻦ ﺗﺴﻤﻌﻴﻦ ﺳﺮﺍ ﺗﻜﻮﻧﻴﻦ ﺷﺮﻳﻜﺔ ﺑﻪ، ﻻ ﺗﻮﺍﻓﻘﻲ ﺃﺣﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺧﻴﺎﻧﺘﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖﺍﻟﻤﺒﺮﺭﺍﺕ .-36 ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻣﺘﺰﻭﺟﺔ ﻭﺃﺣﺒﺒﺖ ﺭﺟﻼ ﺃﺧﺮ ﺗﺘﻄﻠﻘﻲ ﻓﻮﺭﺍ، ﺃﻭ ﺗﻮﻗﻔﻲ ﻓﻮﺭﺍ .-37 ﺻﺎﺩﻗﻲ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﻴﻦ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰﻳﻦ.-38 ﻻ ﺗﻮﻫﻤﻲ ﺃﺣﺪﺍ ﻭﻻ ﺗﺘﻮﻫﻤﻲ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ .-39 ﺃﺧﻄﺌﻲ ﻭﺗﻌﻠﻤﻲ، ﻣﻦ ﻻ ﻳﻘﺒﻠﻚ ﻣﺨﻄﺌﺔ ﻟﻦ ﻳﻘﺒﻠﻚ ﺃﺑﺪﺍً.-40 ﺳﺘﺮﻳﻦ ﻧﺴﺎﺀ ﺃﻗﻞ ﻣﻨﻚ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻟﺪﻳﻬﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻚ ﺑﻜﺜﻴﺮ . ﻫﻜﺬﺍ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎ. ﺛﻘﻲ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓﻭﺑﺄﻧﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻋﺎﺩﻟﺔ ﻣﻌﻚ ﺃﻳﻀﺎ.-41 ﻗﺒﻠﺘﻚ ﺍﻣﻨﺤﻴﻬﺎ ﻟﻤﻦ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻟﻤﻦ ﺗﺤﺒﻴﻦ . ﻗﺒﻠﺘﻚ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻷﻫﻢ.-42 ﻛﻞ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺗﺤﻠﻢ ﺑﺤﺐ ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﻛﻞ ﺣﺐ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ ﻫﻮ ﺣﺐ ﻋﻈﻴﻢ. ﺑﺨﻴﻤﺔ ﺃﻭﺑﻘﺼﺮ ﻫﺬﺍ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺤﺐ.-43 ﺟﺮﺑﻲ ﺍﻟﺘﺪﺧﻴﻦ ﻣﻊ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ، ﺟﺮﺑﻲ ﺍﻟﻨﺒﻴﺬ ﻣﻊ ﻣﻦ ﺗﺤﺒﻴﻦ . ﻻ ﺗﺪﻣﻨﻲ ﺷﻴﺌﺎ .ﺣﺘﻰﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ .-44 ﺃﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﻭﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﺼﻨﻊ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺭﺅﻳﺔﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻻ ﺗﻌﺘﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ. ﻻ ﻗﺼﺔ ﺷﻌﺮ ﻭﻻ ﺻﺪﻳﻖ ﻣﻠﻮﻝ .-45 ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻲ ﻟﻔﺖ ﺍﻟﻨﻈﺮ، ﺍﺭﺗﺪﻱ ﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻚ ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻏﺎﻟﻲ ﺃﻭ ﻣﻮﺿﺔ،ﻣﻜﻴﺎﺟﻚ ﻟﻴﻜﻦ ﺧﻔﻴﻔﺎ، ﺧﻄﻮﺗﻚ ﺛﻘﻴﻠﺔ، ﻧﻈﺮﺗﻚ ﺻﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﺑﺘﺴﺎﻣﺘﻚ ﺩﺍﺋﻤﺔ.-46 ﺍﻓﺘﺮﺿﻲ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﻨﻴﺔ، ﻭﻟﻴﻜﻦ ﺻﺪﻙ ﻣﺆﺩﺑﺎ، ﻭﻫﺎﻣﺴﺎ.-47 ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻠﺘﻬﺪﻳﺪ ﺃﻭ ﺍﺑﺘﺰﺍﺯ، ﺑﺤﺠﺔ ﺍﻟﻔﻀﻴﺤﺔ ﺃﻓﻀﺤﻲ ﺍﻟﻔﻀﻴﺤﺔ.-48 ﺃﺳﻮﺃ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻫﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺑﺘﺰﺍﺯ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﻲ، ﻣﻦ ﺍﻷﻫﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺤﺒﻴﻦ.-49 ﻻ ﺗﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺃﺣﻼﻣﻚ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ، ﻟﺘﻜﻦ ﺃﺣﻼﻣﻚ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﻚ
محنة السّاق
بقلم سليم بوفنداسة
برزت في الأيام الأخيرة حملات ومواجهات إلكترونية بشأن «اللباس» في الجزائر. فبعد أن قامت مرتادات بنشر صور سيقانهن تضامنا مع الطالبة التي منعها حارس من دخول الجامعة لقصر لباسها ، بدأت حملة مضادة يستخدم أصحابها الزيّ الرسمي كلباس الجيش والشرطة يرفعون فيها شعار:”إن كنت رجلا لا تترك …لقراءة المزيد
برزت في الأيام الأخيرة حملات ومواجهات إلكترونية بشأن «اللباس» في الجزائر. فبعد أن قامت مرتادات بنشر صور سيقانهن تضامنا مع الطالبة التي منعها حارس من دخول الجامعة لقصر لباسها ، بدأت حملة مضادة يستخدم أصحابها الزيّ الرسمي كلباس الجيش والشرطة يرفعون فيها شعار:”إن كنت رجلا لا تترك زوجتك أو ابنتك تخرج بلباس غير محتشم”!هذا «النقاش» يستدعي الانتباه والدراسة، حتى وإن كان محدودا في فضاء الكتروني، لأنه يكشف عن «المكبوتات الوطنية» وعن طريقة فهم الجزائري للعيش المشترك والفضاء العام، و استدعاء الأنوثة  والاستنجاد بالرجولة في الحالتين يعبّر عن مشكلة مرضيّة لدى أفراد تحيل إلى مرض سياسي واجتماعي لدى شعب يعاني من اضطراب في الهوية ويفتقد لمشروع مجتمع ولا يحتكم لفضائل الاستحقاق. وليس اللباس سوى مظهر بسيط من مظاهر هذا الاضطراب الذي أصبح يتجلى، أيضا، في مختلف السلوكات  وفي انهيار سلّم القيم الذي جعل من أي مواطن مغلوب على أمره ينصب نفسه وصيا على الأمة من زاويته الحزينة التي يكسوها الغبار. وبعيدا عن الحق في كشف الساق أو تغليف الجسد كلّه، فإن تعاطي الجزائريين مع اللباس يبدو فريدا من نوعه، ففي الجزائر فقط يمكن  أن تجد موظفين يذهبون إلى العمل بلباس البحر أو لباس النوم، أو موظفات يعملن بلباس الحفلات أو طالبات يدرسن بلباس الملهى، وفي الجزائر يمكن أن ترى الناس يذهبون إلى المقهى والجامع بلباس الرياضة، وفي الجزائر – وفيها فقط – يعري سائق «الطاكسي» ساقيه وفخذيه لركابه ويريهم شعر إبطيه.وكل ما سبق من تعبيرات يحيل إلى معاناة من «عصاب هستيري»، كما يعلّمنا التحليل النفسي، ويتساوى في الهستيريا ذاتها  الإسراف في كشف الجسد أو في إخفائه ويسبح حولها الدعاة إلى هذا وذاك. فاللباس منذ ورقة التوت الأولى إلى التشادور الأخير يحمل الرموز والتعبيرات الجنسية، والإسراف في الاحتشام وإخفاء الجسد، برأي بعض المختصين في سيكولوجيا اللباس، هو نوع من «الستريبتيز»، لأن الإخفاء يحمل وعدا كريما بعكسه.ملاحظةمن الأولويات التي تحتاج إليها «السيقان الجزائرية» مكشوفة  أو مغطاة: تدريب فوري على كيفية السير في الطرقات.سليم بوفنداسة
علبة مزخرفة
بقلم بروين حبيب
ينتشر خبر زواج اللبنانية سابين غانم بمليونير أجنبي كما النار في الهشيم، تنقل الصحافة اللبنانية خبر هذا الزواج وكأنّه إنجاز وطني، تماما كزواج أمل علم الدين بالنجم الأمريكي جورج كلوني. وهو الزواج الذي يطرح أسئلة كثيرة، تتعلّق بقدرة المال على طمس كل الحساسيات الطائفية وتغيير أعراف المجتمع. في …لقراءة المزيد
ينتشر خبر زواج اللبنانية سابين غانم بمليونير أجنبي كما النار في الهشيم، تنقل الصحافة اللبنانية خبر هذا الزواج وكأنّه إنجاز وطني، تماما كزواج أمل علم الدين بالنجم الأمريكي جورج كلوني. وهو الزواج الذي يطرح أسئلة كثيرة، تتعلّق بقدرة المال على طمس كل الحساسيات الطائفية وتغيير أعراف المجتمع. في وقت مضى تزوج عملاق الشعر سعيد عقل، رحمه الله، حبيبته الدرزية سعاد أبي صالح، ولم ينجح الأمر، فالطائفة الدرزية من أكثر الطوائف انغلاقا على حالها، وتردد أن الزواج لم يتم فانتحرت، وتردد أنها قتلت.. لكن الحقيقة ظلت حبيسة أسوار الطائفة، كما ظلّ سعيد عقل أعزب إلى أن توفي عن عمر الـ100 وسنتين.زواج غسّان التويني بنادية كان سمفونية عشق لولا اللعنة التي ألمت بهما، ماتت باكرا وفقد أولاده الواحد تلو الآخر، وعاش حتى تجاوز الثمانين، لكنّه جعل من نادية أيقونة أدبية يحتفى بها في لبنان في مناسبات عدة، خاصة في ذكرى وفاتها. ما أريد قوله إن الإعلام أحيانا لا ينصف الإنسان، فذكر طائفة المشاهير تتم في الداخل اللبناني، تماما كالوضع السياسي، ولكنّها تنمحي حين يصبح الأمر بحجم خبر زواج سابين بمليونير أمريكي، أو أمل بجورج كلوني، يُختصر الخبر بأن الزوجة لبنانية!تذوب الطائفية تماما عند صياغة الخبر الذي تصدّر حتى بعض نشرات الأخبار، وهذا شيء يحلم به لبنانيون كثيرون لأن يصبح واقعا يوميا لكنّه لا يحدث. في الخليج نرى هذا الاحتفاء الإعلامي غريبا، لأن النساء اللواتي يتزوجن أصحاب الملايين كثيرات، وهو زواج في النهاية لا يختلف عن زواج أي اثنين في العالم، قد ينجح وقد لا ينجح، ولا شيء يميز زواجا عن آخر سوى «بهرج» العرس الذي تمتلئ به الأفواه لفترة ثم ينطفئ. لدى مجتمعاتنا الإسلامية الاحتفاء بزواج مثل هذه الزيجات اللبنانية غير وارد، بعض الزيجات تتم حين تختلف طائفتا الزوجين بصمت وكأنّ الأمر يتعلّق بفضيحة، خاصة إن كانت المرأة مسلمة والرّجل مسيحيا، ففي المفهوم العام هذا الزواج غير شرعي ويعتبر خطيئة.. والمؤسف والمؤلم أكثر حين يعتنق الرّجل الإسلام، لكن (اجتماعيا وإعلاميا) يظل الرّجل مسيحيا، وزوجته خاطئة إلى الأبد … لا احتفاء بإسلام الرجل الذي يأخذ «ابنتنا».. لكن الأمر يكون أخفّ وطأة إن كان الرجل ثريا جدا، ويغرق من حوله من أقارب الزوجة ومعارفها بكرمه. حتى رجال الدين يباركون زيجات معينة سرا، ويحاربون زيجات أخرى بكل ما أوتوا من قوة حسب الوزن المادي والسياسي للعريس. يشرّعون، ويفصلون «الحلال» حسب رغباتهم الذكورية الخفية.. حتى أصبح الزواج عندنا اليوم لا يختلف عن المساكنة الغربية، إلا في إهدار حقوق المرأة عندنا وسحقها واستبدالها بسهولة يحلم بها الغربيون ولا تتحقق لهم بسبب قوانينهم الصارمة. هل سمعتم برجل دين انتفض لدى إعلان زواج أمل وسابين اللبنانيتين؟ بالطبع لا… وهذا بالضبط ما يمكن أن نسميه «صمت القبول»… وهو صمت صادر عن تكميم الأفواه بقوّة المال .في البوسنة وبعد عشرين عاما من الحرب والتقسيم، يواجه المتزوجون من طوائف مختلفة تمييزا عنصريا يسيء لأولادهم، وهذا يثير التساؤل: «كيف فُكّك العقل الأوروبي وأصبح مثلنا مع أنّه بعد الحرب العالمية الثانية قام بمجهودات جبّارة لترميم نفسه وتحصينها من الانزلاق في مطبّات الحروب الدينية وما شابه؟ «. أطرح هذا السؤال لأننا دائما نعتقد أن العلّة في هذه التقسيمات من عيوب عروبتنا؟وإن كانت حكمة مجتمعاتنا تقول: «كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس»، فإن الواقع أكثر تعقيدا لأن الناس لا يرضيهم العجب العجاب، وكان الأحرى أن تكون حكمتنا كالتالي «كل ما يعجبك، والبس ما يعجبك»، فحريتنا تنتهي حين نبدأ في محاولة فاشلة أن نرضي الناس. نخلق القيود من حيث لا تكون وندخل في المنظومة المحكومة لا الحاكمة. وإن كان البعض يعتقد أن المساواة تبدأ بتوحيد المعتقد الديني والسياسي واللباس، فإن هذا المبدأ انهار تماما مع أنظمة متوالية أرادت أن تبرمج الإنسان على نسق الآلة، فانضغط حتى انفجر مرة واحدة.لنعد لموضوع الطائفية والمال…وسنكتشف بدون كثير من التفكير أن الفقير جدا والثري جدا كلاهما لا يأبه لا للدين ولا للطائفة، وكلاهما يمارس حياته بكل المعصيات التي يجيزها الفقر أحيانا ويجيزها المال أحيانا. الزنا مثلا، رفاهية للأثرياء، ويستحيل أن يحارب المجتمع ثريا يتمختر مع عشيقاته حتى علنا، بل أصبحت العشيقة أكسسوارا ضروريا لكل ثري، وهي صفة تزيد من احترام الرجال له (سرًّا)، وتزيد من تعاطف النساء معه (علنا يا للعجب) معتقدات لسبب أو لآخر أنه رجل مظلوم لأنّه تزوّج «وحدة بشعة ومش من مستواه»، وإن كانت ملكة جمال يسارعن بالحكم عليها أنها «حمارة» مع احترامي لكل من «تحمرنت» وصدقت أنّها المرأة الوحيدة في حياة رجل.الزنا «مهنة « لفئات فقيرة جدا، تلجأ إليها النساء ببيع أجسادهن، وزبائنهن في الغالب رجال يلعنون العاهرات يوميا، ويحتقرونهن لدرجة لا يمكن تخيّلها، لكنهم يستحيل أن يعملوا على القضاء على الظاهرة وإنقاذهن من الفقر… ففقرهن سبب متعتهم السرية، كما أنّه مصدر دخل لأخوتهن الذكور وآبائهن أو أزواجهن حين يغضون البصر عمّا يفعلن أو يزجونهن زجًّا في هذه المهنة. الطبقة التي تهتم بالشرف والكرامة وكل القضايا الخاسرة في العالم هي الطبقة الوسطى.. ولأن هذه الطبقة أصبحت مزعجة فأعتقد أن كل هذه الحروب تقوم دوما لتدميرها لتمضي الحياة كما يريده الأثرياء ويتقبله الفقراء، ففي نهاية الأمر الثراء كافر تماما كما الفقر كافر. وأنا في الحقيقة لست ضليعة في التحليل الاجتماعي، لكنني توصلت لهذه النتيجة التي توصل إليها نعوم تشومسكي بطريقته حين قال: «باختصار ليتسنى لنا أن نسيطر على الشعوب علينا أولا أن نفصلهم عن بعضهم بعضا، وحين يصبحون أقليات معزولة لفترة طويلة يمكننا إقناعهم بأي شيء». تختصر مقولة تشومسكي ما نعيشه، ولكن قبل ذلك نحن نرى ولا نتعظ ، نتابع ولا نتأمّل، ونعيش التجربة تلو الأخرى ولا نتعلّم الدّرس.. حتى أننا نُبقي صورة برّاقة أمام أعيننا تخفي واقعنا الحزين، فنهلل لعرس لا يعكس أبدا كل قناعاتنا، ونحتفي به بحفاوة بالغة فيما في اليوم نفسه يشهد لبنان جريمة أخرى ضحيتها زوجة قتلها زوجها ومظاهرات قامت بها جمعية « كفى» لحماية النساء من عنف أقاربهن.لست أنتقد العرسان، بالرفاه والبنين إن شاء الله، لكنني أنتقد الصورة التي نحملها مثل واجهة تغطي بؤسنا، ونعتبر أي محاولة لكسر الواجهة تشويها لصورتنا أمام العالم..وعلى كل إن كان المثل يقول «سيط غنى ولا سيط فقر» فإن «السيط» ما عاد ينفعنا، نحن أمّة نخرها السّوس، لكنها تختبئ في علبة مزخرفة وتغني موّال الأندلس منذ مئات السنين. وللحديث بقية إن شاء الله شاعرة وإعلامية من البحرين نقلا عن جريدة " القدس العربي" 
كذبة الناشر على كاتبه..عواقب وخيمة
بقلم بروين حبيب
إلى أي مدى يمكن للناشر أن يكون صادقا مع كُتّابه في العالم العربي؟ طرحت السؤال على نفسي حين وصلتني رسائل من كتاب بخصوص رواياتهم المشاركة في البوكر على حدّ علمهم، كما كتب لي بعض الأصدقاء عتابا بخصوص روايات أخرى وجدوها تستحق بلوغ القائمة الطويلة على الأقل. وجوابي كان صادما وهو أن الروايات التي …لقراءة المزيد
إلى أي مدى يمكن للناشر أن يكون صادقا مع كُتّابه في العالم العربي؟ طرحت السؤال على نفسي حين وصلتني رسائل من كتاب بخصوص رواياتهم المشاركة في البوكر على حدّ علمهم، كما كتب لي بعض الأصدقاء عتابا بخصوص روايات أخرى وجدوها تستحق بلوغ القائمة الطويلة على الأقل. وجوابي كان صادما وهو أن الروايات التي ذكرت لم تكن مرشحة أساسا، ويبدو لي أنه من العدل اليوم، لنضع الكاتب في مواجهة الناشر، الذي يتعامل معه أن تنشر قائمة كل الروايات المرشحة كل سنة في موقع الجائزة… وإلاّ فإن المتهم الوحيد الذي سيحمل وحده ثقل التهمة هو لجنة التحكيم مهما تغير أعضاؤها. إن كذبة الناشر على كاتبه في وضع كهذا، ليست كذبة بيضاء أبدا، لأنها لا تسئ للكاتب وحده، ولا للجنة وحدها، بل تشوه سمعة الجائزة كلها، وبالتالي فإنها تضع القارئ العربي مرة أخرى أمام حقيقة مرة، وهي ما مدى مصداقية جوائزنا؟ لن أكون سببا في خلق مشاكل بين من أقصاهم ناشروهم من بلوغ البوكر ولو من باب الترشيح، لكنني قرأت رواية أهدتني إياها صديقة، وهي لكاتبة شابة أيضا، وتأسفت أنها لم ترشح من قبل ناشرها، وعرفت من صديقتي أن الناشر أقنعها بأنه رشحها …ترى لماذا يكذب الناشر على كاتبه؟هل لأن هذه العلاقة أصلا لا تقوم على تقاليد ثقافية، كما قال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي ذات يوم، ووصف هذه العلاقة بالفاسدة؟ أم لأن الناشر والكاتب عندنا دخلا عالم الأدب من باب آخر لا يمت للأدب بصلة؟ حتى لا أعمم فقد التقيت ناشرين من شدة نزاهتهم وتواضعهم شعرت بأنني أعيش نقلة زمنية ومكانية عظيمة، أعطتني أملا في أن النزاهة لم تنضب عندنا. لكن عليّ أن أعترف أن هؤلاء من النوادر. من الأكاذيب التي أصبحت من قواعد الناشرين العرب أنهم يوهمون الكاتب الجديد بأن لديهم لجان قراءة، والحقيقة المؤلمة أنه لا لجنة قراءة لدى أي ناشر، فلبعض الناشرين أصدقاء يقومون بهذه الوظيفة بدون مقابل في وقت فراغهم، كنوع من التسلية، والبعض يصرُّ على أن يكون هو» لجنة قراءة» فيقرأ من كل عمل يصله حوالي العشر صفحات وربما أقل ويحكم على العمل من خلال هذه الصفحات، ولأنه يقوم بهذه الوظيفة لوحده، فإنه يتأخر ليردّ على الكاتب لعدة شهور، وأحيانا ينسى أن يرد، وأحيانا أخرى لا يرد، بمزاجية غريبة يترك الكاتب يحترق انتظارا، ثم حين يقطع هذا الأخير الأمل نهائيا، يلجأ لناشر آخر ليدخل في دوامة جديدة، قد تكون أسوأ وقد تكون أخف وطأة حسب « كاركتير» الناشر ومزاجيته، ومزاجه التجاري…بعض الناشرين يختارون الأسماء المعروفة، ولا يهم إن كان العمل الذي وصلهم جيدا أو غير جيد، وهذا يوحي بأن زمن تشجيع النص الجيد ولّى، خاصة حين يقصى الموهوب بسبب اسم كبير إلى جانبه يقارن معه إلى أن يموت.يقوم الإعلام أيضا بهذه المهمة حين يختصر أدب بلد بأكمله في اسم أو اسمين، ويلغي بقية كتابه وكأنّهم مجرّد أشباح، لتصبح عملية البحث عن ناشر بالنسبة للمواهب «مهمة مستحيلة» ، فيُشَغِّل كل ما لديه من معارف لبلوغ عتبة ناشر… وإلاّ فسيرضى بالموجود ويبقى مغمورا ومُقَزّمًا مدى حياته وقد تحدث معجزة تغير واقعه ذاك.بالمقابل أيضا نجد الناشر الذي يختار كاتبا يموّل كتابه، يضع تسعيرة لنشر الكتاب تغطي مصاريف الطباعة والتوزيع، وحفل «الكوكتيل» الذي يرافق حفل التوقيع وطباعة بطاقات الدعوة، التي يوجه بعضها لوزراء ونواب وشخصيات من البلد توهم «الكاتب» بأنه كاتب عصره وزمانه، فيما كل هذا الهيلمان ليس أكثر من واجهة اجتماعية ينتهي بريقها بعد أن تنطفئ الأضواء، وتنقل شحنة الكتب الباقية إلى المخازن، ما لم يطلب الكاتب نفسه عددا من النسخ ليوزعها مجانا على المعارف والأصدقاء، وهم بدورهم يحافظون على الكتاب إلى الأبد بجعله ينام في مكتباتهم بدون قراءة صفحة منه.الآن السؤال الذي يحضرني هو إلى متى ستظل هذه العلاقة « الفاسدة» قائمة بين الناشر وكاتبه في عالمنا العربي؟ وإن كان الفساد متفشٍّ حتى بين صُنّاع الثقافة والكتاب تحديدا، فلماذا نلوم الطبقة السياسية بالفساد؟ ولماذا نلوم المجتمع كله بالتخلف والرجعية وعزوفه عن القراءة إلى درجة تصل أحيانا إلى «مقاطعة» للكتاب. وهي مقاطعة لا نعترف بها، لكنها موجودة، ما دامت نسبة القراءة لدينا لا تتجاوز كتابا واحدا لكل ربع مليون عربي…وما دامت نسبة الأمية تتجاوز الستين في المئة لدينا… ومادامت ميزانية استيراد الأسلحة وتفجير حروب دينية وأهلية تبلغ أرقاما مرعبة، مع أن ميزانية الإصلاح والتعليم والتثقيف لا تحتاج لكل هذه المبالغ المهولة، وهذا الكم من الدماء التي تسيل هدرا، وتحول بلداننا إلى غابة وحوش تتقاتل لا غير. إن أكبر الميزانيات لاستيراد الأسلحة للدول العربية بدون منازع، ثم لدول العالم الثالث في أنحاء المعمورة كلها. وحيثما نجد بؤرة حرب، تكون ميزانية استيراد الأسلحة ضخمة جدا، وهذا يفسّر العلاقة الوطيدة بين الجهل والحرب. فالجاهل لا يتقن غير لغة العنف لحل مشاكله، وتفجير حرب في أي منطقة في العالم إن لم تتسم حكومتها بالحكمة، ولجأت للغة الحوار أولا، فإن الحرب لن تترك خلفها انتصارا إلاّ للجهل ونقل مجتمع بأكمله من حقبة إلى حقبة زمنية أخرى تعيده للصفر، إن لم يكن تحت الصفر بكثير.نعم يتسلسل بنا الحديث من موضوع إلى موضوع حتى نصل إلى هذه المرحلة لندرك أن الحل لبلداننا في أيدي مثقفيه، وأن الحل السحري لكل أزماتنا وحروبنا ومشاكلنا يكمن في العودة لاستعمال «الكلمة» بصدق …وحدها الكلمة لديها هذه القدرة العجيبة لإخماد نيران الموت المندلعة هنا وهناك، التي حوّلت حياتنا في العالم العربي إلى جحيم وشوّهت صورتنا أمام العالم كله، فنحن في أبسط أمور حياتنا لم نعد نستعمل الكلمة الصادقة لتحقيق سلامنا.كل هذا الكلام إذن بدأناه بالحديث عن الكاتب وعلاقته بناشره، ولا شك أن البعض لن يتفق معي، وأنا كالعادة أحبذ أن يكون قارئي إيجابيا ويثري ما قلت، يضيف ويعلّق ويلقي الضوء على زوايا غابت عني، فأنا أؤمن حتى الأعماق بأن كل كلمة إضافية يكتبها قارئ متنور من مكان ما ستجعل رؤيتي أوضح للأمور، وستفيد غيري وغيره، لتتسع بقعة الضوء التي ستشملنا معا.أخيرا أحب أن أهمس في أذن كل ناشر كذب على كاتبه بشأن البوكر، أن العالم صغير، وأن كذبته «سودة ومهبّبة» ولا تغتفر، وسأقدم بهذا الشأن تقريرا للجنة البوكر لتنشر قائمة كل الكتب المشاركة، مهما كان عددها في موقع الجائزة، ويا دار ما دخلك شر، واللي أوله شرط آخره نور…!وللحديث بقية بإذن الله… شاعرة وإعلامية بحرينية
العارف
بقلم سليم بوفنداسة
أشعر الآن بالراحة. هزمتهم جميعا. تواروا الواحد بعد الآخر. دخلوا جحور الصمت وماتوا. الأوغاد. لم يحسنوا تقديري فدفعوا الثمن. كل من يسيء تقديري يدفع الثمن. أنا هكذا. مذ تعلّمت فنون التدبير وتمكنت من علوم التوقّع لم يصمد أمامي خصم. لا سرّ في الأمر سوى أني عبرت الطريق الصّحيح. قلّة هم الذين يعبرون الطريق …لقراءة المزيد
أشعر الآن بالراحة. هزمتهم جميعا. تواروا الواحد بعد الآخر. دخلوا جحور الصمت وماتوا. الأوغاد. لم يحسنوا تقديري فدفعوا الثمن. كل من يسيء تقديري يدفع الثمن. أنا هكذا. مذ تعلّمت فنون التدبير وتمكنت من علوم التوقّع لم يصمد أمامي خصم. لا سرّ في الأمر سوى أني عبرت الطريق الصّحيح. قلّة هم الذين يعبرون الطريق الصّحيح، أما أنا فقد عرفت الدرب من البداية ولم أكن في حاجة إلى عمر كامل من النّدم كي أكتشف الحياة الصائبة. غادرت المدرسة باكرا، الحياة قليلة والغبيّ الغبيّ من يعتقد أن الكتب والكراريس تغنيها. سنوات قليلة ضيّعتها في المدرسة، تعلّمت كتابة ما أحتاج إليه: اسمي مثلا. ثم هربت إلى المدرسة الحقيقية. صحيح أني تعذّبت لكن عذابي مثمر، فلو لم أفعل ما فعلت لما كنت ما أنا عليه الآن. ليس في تاريخي ما يخجل: تاجرت تجارة حرّة، شاء الفاشلون أن ينعتوها بتسميات أخرى. رقصت في أعراس الآخرين ولا زلت أفعل، بالمناسبة، ليس عيبا أن أخدم الآخرين وأفرح بهم، خصوصا إذا كانوا يستحقون. أنا أحترم وضعي الطبقي مهما علا شأني، إن أشاروا عليّ بشيء فعلته وإن دعوني إلى الانصراف انصرفت وصمتّ إلى الحد الذي أكف فيه عن الحديث إلى زوجتي وأبنائي. أنا منضبط. أتحرك بحسبان. أتنبأ باتجاه الريح قبل هبوبها. كنت في طفولتي البعيدة أضع أذني على الأرض فأعرف اتجاه الريح وأعرف مواعيد المطر وأعرف وجهة بغال المهربين ومواقع القطارات، كان كل من يفقد قطيعا يستنجد بي لأدله على قطيعه، وإلى الآن لازلت أضع أذني على الأرض لأعرف اتجاه الأقدام ومستقبل الرؤوس في بورصة المصائر. كنت كريما ولا زلت. لا أرى عيبا في منح هبة أو صبية لمن استحق ذلك. لا عيب في إسعاد الناس. العيب كل العيب فيما يأتيه هؤلاء المتفلسفون الذين لا يرون من الحياة سوى وجهها الأسود. كثيرون يسخرون من نجاحي لأنهم لم يصيبوا ما أصبت من عنب. أنا سعيد وتزداد سعادتي كلّما ارتفع  منسوب السعادة في بلدي الذي سخرت له عمري كاملا، وإن زادني الله سأزيد. لا أكترث بسخرية، أعرف أن أمثالي قلّة وأننا جئنا لنتقدم القافلة، نزيل الأشواك ونستقبل الأذى المحتمل بصدورنا.ملاحظةأنا لا أقرأ التاريخ لكني أحفظ جيدا وأطبّق حكمة نابليون عن شروط النجاح في ممارسة...السياسة.سليم بوفنداسة
كواعب بيكاسو
بقلم سليم بوفنداسة
اكتشف جزائريون أن بيكاسو استدرج كواعبهم إلى تكعيبيته فاشتعلوا غضبا: كيف لهذا المصاب بمسّ شيطاني أن يعبث بنسائنا ، وكيف له أن يكشف نهودهن على هذا النحو السافر؟ الاكتشاف جاء بعد ستين سنة من تكعيب بيكاسو لنساء دولاكروا المطمئنات في مخدعهن، ومناسبته، بيع لوحة الفنان الاسباني في المزاد بدار عرض …لقراءة المزيد

اكتشف جزائريون أن بيكاسو استدرج كواعبهم إلى تكعيبيته فاشتعلوا غضبا: كيف لهذا المصاب بمسّ شيطاني أن يعبث بنسائنا ، وكيف له أن يكشف نهودهن على هذا النحو السافر؟ الاكتشاف جاء بعد ستين سنة من تكعيب بيكاسو لنساء دولاكروا المطمئنات في مخدعهن، ومناسبته، بيع لوحة الفنان الاسباني في المزاد بدار عرض نيويوركية والذي أثار غضبا بأثر رجعي. وحدها قناة «فوكس فايف» (السلفية) الأمريكية شعرت بحجم الأذى الذي لحق بالشرف الرفيع فعمدت إلى تغطية النهود في الصور التي بثتها عن اللوحة!  قطاع آخر من الجزائريين اعتبر اللوحة إرثا وطنيا لأنها تحمل كلمة الجزائر في اسمها، وربما نسج كثيرون على مزحة سوداء رفيعة أطلقها الكاتب مهدي براشد حين نصح كبير مقاولي الجزائر بتصحيح زلة لسانه عن نساء الجزائر في الصين بشراء لوحة نساء الجزائر من نيويورك. دعوات كثيرة “لاسترجاع” اللوحة أطلقت وانخرط في الجدل حتى بعض الفنانين الذين يعرفون حق المعرفة “سوق الفن” في الجزائر ويعرفون فضائل «جامعي الأموال» في هذا البلد.  ويحيل هذا الجدل إلى مستوى مأساوي في تعاطي الجزائريين مع المسائل الفنية، فما تم بيعه في نيويورك هو عمل فني لفنان عالمي وليس “نساء الجزائر” هن من تم بيعهن في المزاد، و بيكاسو ليس جزائريا ولوحته ليست جزائرية ولم تنجز في الجزائر.  وكان الأحرى أن يثار النقاش حول أعمال فنية أنجزت في الجزائر لفنانين عالميين وتم تهريبها أو نهبها من طرف تجار وسماسرة لا يعرفون من هذه الأعمال سوى قيمتها المالية، كما حدث للوحات إتيان ديني، أو كما حدث للوحات بلدية سكيكدة الذي كاد حريق أن يأتي على ما تبقى منها قبل ست سنوات لتنتبه وزارة الثقافة وتصنفها كتراث وطني، وتحدثت الكثير من المصادر عن ضياع عدد من الآثار الفنية التي جمعتها زوجة رئيس البلدية الشهير في العهد الاستعماري بول كيتولي.  ومن الغرابة أن نطلب من أصحاب المال دخول السوق الفنية في بلد كالجزائر يفتقد إلى بورجوازية حقيقية، ولا يعرف الأثرياء فيه من الإنفاق على الفن سوى “التبراح» في الملاهي. ولا تنخرط مؤسساته في دعم الفن بشراء أعمال بصورة دائمة وشفافة.  ملاحظة من الصعب إقناع الغاضبين المأزومين أن لوحة بيكاسو بيعت ب179 مليون دولار لأنها تحمل توقيعه وليس لأنها تحمل ما أخفته «فوكس 5».

------------------------

المصدر/ جريدة النصر الجزائرية في 19 ماي 2015

 

لا ...لا تديري خدّك الأيسر
بقلم لبنى فوّاز
لاحظت قبل أيام طرف جرح صغير في أعلى كتف إبنتي التي لا تتجاوز الرابعة من عمرها.  كانت قد عادت لتوها من المدرسة وعند سؤالي أخبرتني بلغتها الطفولية أن صديقها حاول أخذ اللعبة منها بالقوة فجرحها. أمر طبيعي يحصل في كل المدارس وبين كل الأطفال وهو ما اتصلت المعلمة لاحقاً لقوله والتأكيد عليه. القصة أن …لقراءة المزيد
لاحظت قبل أيام طرف جرح صغير في أعلى كتف إبنتي التي لا تتجاوز الرابعة من عمرها.  كانت قد عادت لتوها من المدرسة وعند سؤالي أخبرتني بلغتها الطفولية أن صديقها حاول أخذ اللعبة منها بالقوة فجرحها. أمر طبيعي يحصل في كل المدارس وبين كل الأطفال وهو ما اتصلت المعلمة لاحقاً لقوله والتأكيد عليه. القصة أن "سما" راحت تبرر لهذا الطفل الذي يرافقها في صف الحضانة للسنة الثانية على التوالي بالقول إنه لم يقصد إيذاءها وبإنها ليست غاضبة منه. هذه القصة على بساطتها أقلقتني وجعلتني أفكر ملياً. هل أوافق ابنتي على مسامحة صديقها سريعاً وأصرف نظر عن الموضوع أم أقتنص الفرصة لأعلم ابنتي أنه ليس من المقبول لأي شخص صغير أو كبير، قريب أو بعيد، أن يلمسها بقصد إيذاءها؟ لربما يعتبر البعض في أن ما أقوله مبالغة، ولربما هذا صحيح. لكن متى وأين هو الحد الفاصل الذي يجب أن تقف فيه الأنثى لردع من يحاول تعنيفها بقصد أو بغير قصد؟ أعذروني على المبالغة... لكنني سأعلّم ابنتي أن من يؤذيها نفسياً أو جسدياً لا يستحق منها ولو نظرة. سأقول لها أن المجتمع الظالم الذي يقبل على نسائه الذل والهوان لا يستحق أن تحترم قوانينه ولا أن تنضوي تحت جناحه. سأخبرها عما شهدته طيلة هذه السنوات: نساء معنفات، مظلومات من أقرب الأقرباء لا يستطعن التحرر من قيودهن بسبب ضغط أقرب الأقرباء...  سأخبرها عن أن الأنثى تُظلم مرتين، مرة ممن يعنّفها بكلامه أو بقوة ساعديه ومرات ممن يطلب منها السكوت والرضوخ لسطوة القمع. لكن المؤكد أنني سأقول لإبنتي أن من يتجرأ على النيل من أي امرأة مهما كان وضعها الاجتماعي، عزباء كانت أو متزوجة، مطلقة كانت أو أرملة، أو لأي سيدةٍ تعرضت للخيانة على أنواعها ووصمِها بصفات سلبية، إنسان جاهل وسفيه لا يجب الالتفات لرأيه أو أخذه بعين الاعتبار. سأقول لها أن ظلم بنات جنسها أنفسهن لمن تسوّل لها نفسها أن تتمرد أو تعترض قد يكون أشد مضاضة... فلا يلجُمنّها ذلك. هن الحرات المكسورةُ إرادتهن بفعل التربية والزمن. سأقول لها: طيري يا "سما" وسع السماء حدودك، أنجبتك بلا قيد فلا تذعني لأي قيد. أنجبتك حرة مكرّمة، شريفة متَوجة فلا تلتفتي لمن يعاملك بأقل من ذلك. * لبنى فوّاز كاتبة و إعلامية لبنانية مقيمة في كندا 
الخليج ليس نفطا.. والنفط ليس عارا!
بقلم سعدية مفرح
احتاج الكاتب والروائي يوسف زيدان أن يعود إلى المنطق التقليدي لبعض مثقفي العرب فيما يخص نظرتهم للخليج وأهله، عندما أراد أن يمتدح الصورة الإيجابية لسلطنة عمان التي أذهلته خلال زيارته الأخيرة لها كما يبدو وأجبرته على التراجع عن فكرته السلبية السابقة عنها، والتي كانت قد أثارت نقمة معظم …لقراءة المزيد

احتاج الكاتب والروائي يوسف زيدان أن يعود إلى المنطق التقليدي لبعض مثقفي العرب فيما يخص نظرتهم للخليج وأهله، عندما أراد أن يمتدح الصورة الإيجابية لسلطنة عمان التي أذهلته خلال زيارته الأخيرة لها كما يبدو وأجبرته على التراجع عن فكرته السلبية السابقة عنها، والتي كانت قد أثارت نقمة معظم متابعيه من العمانيين والخليجيين. فقد سأل زيدان مرافقه العماني تعليقًا على تفاعل المشهد الثقافي مع الندوة التي حاضر فيها عن “دور التراث في صياغة الوعي المعاصر”؛ هل أنتم دولة نفطية فعلًا؟، قالها زيدان بإعجاب فضح رؤيته القاصرة لما يسميها بالدول النفطية! وبالتأكيد فإن زيدان لا يعني الدول التي تنتج النفط في البلاد العربية فهي كثيرة، ولكنه يعني الخليجية منها، وكأن من الغريب والمثير للعجب أن يجد في دول خليجية مثقفين يمكنهم مجاراته في ثقافته ومناقشته في أفكاره. ففي هذه الدول لا يفعل الناس شيئًا سوى استئجار من يستخرج لهم النفط، للتنعم بخيراته العميمة التي لا يستحقونها؛ لأنهم لا يعرفون كيف يتصرفون بها، فمتعة الخليجيين هي العيش في الصحراء بجانب خيامهم وأغنامهم؛ ولذلك لم يتورع زيدان من التعليق على من طالبه بتمديد وقت الندوة بالقول: “خلاص.. نفرد خيمة، ونجيب شوية معيز، ونسهر على ضوء القمر”!

منذ اكتشاف النفط في البلدان الخليجية، ونحن الخليجيين نعيش عقدة النفط التي أقنعنا بها إخوتنا العرب من خارج النطاق الخليجي. عقود طويلة ونحن نحمل تلك العقدة على ظهورنا بخجل ونتسلل كاللصوص إلى محافل الثقافة والكتابة والفنون العربية من النوافذ وأحيانًا من الأبواب الخلفية وكأننا لا نستحق الدخول من الأبواب الرئيسة.

وهكذا سادت نظرية المركز والأطراف في الثقافة العربية ما يقرب من القرن من دون أي تغيير يذكر؛ حيث عاش الأدباء والكتاب والمثقفون الخليجيون تحت وطأة هذا المفهوم الذي زرعه في نفوسهم مثقفون عرب رأوا في النفط الذي تدفق فجأة على الشواطئ الخليجية مثلبة تنتقص من قدر الإنسان العربي في الخليج.

وإذا كنا قد تقبلنا سيادة هذه النظرية في وقت من الأوقات جزئيًا ولأسباب عديدة، أهمها عدم انتشار وسائل الإعلام بما يكفي للترويج عن منجزات العرب الخليجيين مقارنة بأشقائهم في البلاد الأخرى مع اختلاف متوقع لطبيعة تلك المنجزات، فإن من الغريب إصرار الكثيرين حتى الآن على التعامل مع مثقفي الخليج بنفس النظرة السابقة، وغالبًا متكئين على مقارنات براقة في الشكل ولكنها خاوية في المضمون، فللتدليل على التفوق الثقافي العربي غير الخليجي على العربي الخليجي تنتشر صور تقليدية للثقافة بتراكمها الحضاري في البلدان غير الخليجية، ومع أهمية تلك الصور في المحصلة النهائية؛ إلا أنها ليست كل شيء في التقييم الحضاري تاريخيًا، وهي لا تصمد كثيرًا لو حاولنا رصد منتجاتها الحديثة أو الراهنة وأثرها على الناس. فماذا نفعل بحضارة عمرها آلاف السنين إن لم تستطع تلك الحضارة وتلك السنين إنتاج واقع ثقافي أو حضاري راهن قادر على المنافسة العالمية مثلًا؟ كيف يمكننا احترام معطيات تلك الحضارة في البشر ما دام هؤلاء البشر ما زالوا أسرى أوهامهم المكرسة ضد بلاد لا ذنب لها سوى أنها تنتج النفط؟

لقد نجحت، إلى حد ما ، معظم البلاد الخليجية في استثمار ثرواتها النفطية لصالح الثقافة والمثقفين، ولا نتحدث الآن عن أشياء أخرى، شكلًا وموضوعًا، ولكنها رغم كل اجتهاداتها المستمرة والدؤوبة على هذا الصعيد ما زالت متهمة، وما زال مثقفون عرب كثيرون ينظرون لها تلك النظرة “الاستشراقية” القاصرة والظالمة.

نعم ما زالت البلاد الخليجية، وفقًا لتلك النظرة، مجرد بلاد تنظم مهرجانات ثقافية وفنية ليحضرها ويحاضر فيها إخوتنا العرب فقط، وتنشئ جوائز أدبية بأرقام فلكية ليفوز فيها إخوتنا العرب فقط، وتنشر سلاسل محترمة للكتب لينشر فيها إخوتنا العرب فقط، وتصدر مجلات ومطبوعات راقية يحتل صفحاتها إخوتنا العرب فقط، وتبني مسارح راقية ليمثل ويغني عليها إخوتناالعرب فقط، و…و… وطبعًا كل هذا بأموال النفط الذي يستمر إخوتنا العرب باعتباره لعنة أصابت الخليج والخليجيين!

لقد “اقتنعنا” نحن الخليجيين عقودًا من الزمن بهذه اللعنة فعلًا للدرجة التي خجلنا فيها من نفطنا، وتمنى بعضنا لو أنه لم يكتشف أو لو كان باستطاعتنا إرجاعه إلى آباره حتى يرضى علينا إخوتنا العرب، ويعترفوا بنا وبأننا بشر قبل النفط والحجر، وبأن ما نملكه من عقول ومنجزات ثقافية يوازي ما يملكون في القياسات الراهنة، وبأن ما نكتبه يستحق أن ينشر ويقرأ ويفوز بالجوائز، وما نغنيه يستحق أن يسمع، وما نمثله يستحق أن يشاهد، وما نقوله يستحق أن يسمع!

في ندوة يوسف زيدان الأخيرة في الكويت، وكانت قبل ندوته في عمان بيومين فقط، حاولتُ التعليق على إحدى القضايا التي أثارها أثناء الحديث وسؤاله عنها، ورغم أنني لم أستنفد وقتي المخصص لي من قبل مدير الندوة بعد ولم أكمل تعليقي ولا سؤالي، إلا أن زيدان قاطعني بالقول: “طيب طيب يا سعدية.. فهمت فهمت”، قبل أن يجيب على سؤالي بشكل يدل على أنه لم يفهمني أبدًا، وربما لم يسمعني؛ لأنه لا يريد أن يفهمني ولا أن يسمعني، ذلك أنه اعتاد على أن يأخذ الخليجيين “على قد عقلهم” بقياساته هو لهذا العقل وحسب!

حسنًا.. يستطيع يوسف زيدان وزملاؤه من المثقفين العرب الذين ما زالوا يظنون أننا في الخليج مجرد “خيمة وشوية معيز” نسهر تحت ضوء القمر ونهرع لسماعهم ونشر نصوصهم وتقديم الجوائز لهم ونحن نبتسم لهم بلا كلام، أن يستمروا في تصويرنا بهذه الصورة المشوهة، رغم شاعريتها، لكن عليهم أن يعرفوا أن العالم قد تغير فعلًا، وأن الخليجيين قد أصبحوا أكثر ثقة بأنفسهم وأنهم في طريقهم إلى التخلص من عقدة النفط!

لقد آن الأوان الآن أن يتلفت الجميع حول نفسه ليعرف حجمه وموقعه من خريطة العالم كله قبل أن يقرر كيف سينظر لمن حوله. لم تعد الظروف الجديدة تسمح بسيادة الترهات العربية القديمة تجاه العرب الخليجيين، وعلى المثقفين العرب ممن يؤمنون بتلك الترهات ويعتبرونها ما زالت أساس العلاقة بينهم وبين أهل الخليج أن يعيدوا النظر بسرعة، وإذا كان الكاتب الكويتي د.محمد الرميحي قد أكد قبل أربعة عقود بأن “الخليج ليس نفطًا” في كتابه الذي يحمل هذا العنوان، فإنني أضيف الآن: والنفط ليس عارًا.

 المصدر/ موقع جريدة التقرير

الصنهاجي الحائر
بقلم سليم بوفنداسة
لم يفهم لماذا أجلسوه هنا لكنه جلس مستسلما لخاصيته الجديدة و التي منعته من مبادلة العابرين التحية أو استلام السجائر التي عرضت عليه أو شرب القهوة. لم يستطع حتى الحديث في العلب الصغيرة التي عرف، فيما بعد، أنها اختراع متأخر للعلم تُبقى صوت حاملها متاحا في كل حين. حاول جاهدا فرز الجمل التي يرطن …لقراءة المزيد

لم يفهم لماذا أجلسوه هنا لكنه جلس مستسلما لخاصيته الجديدة و التي منعته من مبادلة العابرين التحية أو استلام السجائر التي عرضت عليه أو شرب القهوة. لم يستطع حتى الحديث في العلب الصغيرة التي عرف، فيما بعد، أنها اختراع متأخر للعلم تُبقى صوت حاملها متاحا في كل حين. حاول جاهدا فرز الجمل التي يرطن بها المحيطون به وهم يقتنصونه في آلاتهم الصغيرة. حاول أكثر من مرّة القيام لكن وضعه الجديد منعه من ذلك. شعر بضيق. ضاق بالأيدي التي تمتد إليه. ضاق بالقبل. ضاق باسمه منطوقا. ضاق بالغبار بالسيارات التي تتوقف بالنساء بالنهار الطويل كفيلم مملّ. ضاق بالصفات التي تُنسب إليه. ضاق بمقولاته مبتورة في الخطب. ضاق بتلك القصيدة في الكتب المدرسية  وفي جُمل تلاميذ السياسة. ضاق باستدراجه إلى مواضع لا تلائم طبعه.ضاق بذكرياته مستعادة. ضاق بذاته متخيلة أو ممثلة.  ضاق بما كانه وما صار عليه. تمنى لو يستطيع التنفس بعمق أو الصراخ. لكنه يعرف أن صرخته العظيمة ستبقى مكتومة خلف معدن يحمي صدره  من الأذى و لا يمنع عنه الألم. تمنى لو يستطيع إغماض عينيه ليقنع نفسه أنه في حلم سينتهي بعد قليل. تمنى لو يستطيع البكاء ليمسح الخيبة وأطفالها الذين يلعبون عند قدميه. تمنى لو يستطيع الركض بلا توقف حتى يهلك بعيدا في الأحراش و “يُنسى”.
لم يفهم لماذا أجلسوه. لم يفهم الذين أجلسوه لماذا فعلوا ذلك. فكرة ما عبرت خيال أحدهم  وتجسدت بسرعة، ثم انتظم الطقس تلقائيا: أطفال يريدون اللعب، ممثلون يبحثون عن مسرح  لترشيد صرف الهستيريا، قبائل تبحث عن طوطم.
تجري الأمور دائما على هذا النحو، تعبر فكرة ما رأس أحدهم وتنزل إلى الشارع  الذي يتجاوب مع الأفكار العبقرية ويدعمها بالأساطير المؤسسة.
يعرف الصنهاجي الذي كان يدرّس ابن خلدون لطلبته قبل نهوض الشياطين من نومها أن أحوال الأمم متغيرة. ويعرف أن الحضارة تبدأ ببناء الإنسان قبل الجدران. ويعرف الآن أن حلمه لازال مؤجلا. ويعرف أن التاريخ أخذ طريقه في المنحدر.
ملاحظة
لا يشبه التمثال صاحبه لكنه يعبّر بصدق عن حال من يمثلهم في جلسته الحزينة وسط الغبار والضجيج.

محمد ديب ذهب إلى الغابة البعيدة بعينين مغمضتين ليلتحف ببلده وينام على أمل أن يدرك أعماقه
بقلم جمانة حداد
هل ثمة عودة ممكنة لمن رحل؟ لا أعتقد، أو بالأحرى أظنّ أن ذاك الذي رحل ليس هو نفسه هذا الذي يعود". "شجرتي هي أنا. هنا نمتْ جذوري، وسأكون هذه الشجرة وسأظلّها حتى النهاية. وحتى عند موتي سأبقى الشجرة نفسها، منتصباً في مكاني هذا، سأكون الشجرة التي يستطيع والدي رؤيتها من بعيد من حيثما ينطلق عائداً …لقراءة المزيد
هل ثمة عودة ممكنة لمن رحل؟ لا أعتقد، أو بالأحرى أظنّ أن ذاك الذي رحل ليس هو نفسه هذا الذي يعود". 
"شجرتي هي أنا. هنا نمتْ جذوري، وسأكون هذه الشجرة وسأظلّها حتى النهاية. وحتى عند موتي سأبقى الشجرة نفسها، منتصباً في مكاني هذا، سأكون الشجرة التي يستطيع والدي رؤيتها من بعيد من حيثما ينطلق عائداً إليّ ، إليّ أنا شجرته الصغيرة". 
محمد ديب
قدرُ الكبار أن يشحذ الموت سكّين حضورهم فينا، أن تكون ظلالهم الراقدة أكثر هيبةً من قاماتهم المنتصبة، وأشدّ سطوعاً، أن يصلنا صوتهم من مملكة الصمت المطبق فاتحاً مخترِقاً لا يُكتم، كما لو أن الغياب يعيدهم إلى الفردوس الأول، إلى منطقة الولادة اللامتناهية، أي إلى رحم الوجدان والذاكرة والحلم والنوم الجنيني الذي لا خروج منه إلى الفناء. وآخر العنقود في سلالة الغائبين "المولودين" أولئك هو الشاعر والروائي الجزائري باللغة الفرنسية محمد ديب، الذي توفي أخيراً في باريس عن 82 عاما بعد صراع طويل مع المرض، ف"رحل إلى الغابة البعيدة بعينين مغمضتين" ليكون "قشة تغذّي النار" وليحلّق حرّاً طليقاً "بين ذراعي شجرة".

القصيدة كمون الرواية

يميل معظم النقاد إلى ايلاء أهمية كبرى لنتاج محمد ديب الروائي على حساب أعماله الشعرية، آخذين في الاعتبار المعيار الكمّي الذي يغلّب الفئة الأولى على الثانية، ومتناسين بذلك واقع أن رواياته ليست سوى استمرار لشعره، وهو القائل إن "القصيدة هي كُمون الرواية". فنثره يعبق شاعرية، لا بل يترنّح حتى الإغماء على حافة البئر الشعرية. كأن لغته، التي تحدّت على مرّ ثلاثين مؤلفاً في الشعر والرواية والمسرح وأدب الأطفال والقصة، قيود الأنواع الأدبية وقواعد الكتابة التقليدية ذات الخامة الأحادية، كأنّ هذه اللغة إبحار متواصل بين الشعر والنثر، على نحو "يشعرن" النثر و"ينثرن" الشعر في عملية تهجين وتلاقح وتناضح مُسكرة. فنرى كيف أنه كتب مثلا رواية في جسد قصائد ( "نشوة لوس انجلس" ) أو كيف تطالعنا في قصصه جملٌ وتأملات شعرية كثيرة على غرار هذه : "الظلال التي تضيّعها الغيوم على الطريق تهيم في الحقول، تهيم في حيرة هائلة. نحن نهيم أيضا، ولكن ظلال أي غيوم نحن؟"، ناهيك بالأبخرة الحلمية والغرائبية التي تتصاعد من بعض مؤلفاته (على غرار أجواء "من يتذكّر البحر" و"سيمورغ" وغيرهما). ولطالما أصر ديب في الواقع على "مواطنيته" الشعرية فكان يردد باستمرار: "إنني شاعر في الجوهر وقد أتيت إلى الرواية من الشعر، لا العكس". وإذا كنتُ قد ارتأيتُ شخصياً أن أنطلق في قراءتي له من موقع الإصرار على شعريته في شكل خاص، فلأن هذه الشعرية هي في رأيي سمة جوهرية موحِّدة تلفّ كل عالمه وتترقرق كمياه الجدول في تربته الروائية الخصبة وهو الذي وصفه الطاهر بن جلون ب"الصوت المسكون بالشعر".

بدأ نجم محمد ديب، الذي يُعدّ من آباء الأدب الفرنكوفوني في الجزائر إلى جانب مولود فرعون وكاتب ياسين، في السطوع مع ثلاثية "البيت الكبير" و"الحريق" و"النول"، وهي روايات نشرت بين عامي 1952 و1957 وتتمحور حول معاناة الشعب الجزائري، والطبقة الفلاحية خصوصاً، أثناء الاستعمار، عبر شخصية بطلها عمر على امتداد مراحل حياته المختلفة بدءاً من أواخر الثلاثينات وصولا إلى عشية اندلاع حرب التحرير. ولم يكتف ديب بوصف المعيش اليومي التقليدي في المدينة والريف، بل نقل خصوصاً يقظة الوعي السياسي لدى الشعب الجزائري أمام الاستعمار، وعالج معنى الالتزام الوطني ولكن بعيدا عن الجزم التبسيطي والخطاب الأيديولوجي والنضالي الرنان. وقد تكون ربما من أبرز أسباب شهرة تلك الثلاثية ما تتضمنه من رموز القضاء على النظام الاستعماري ووقعها الثوري في نفوس الناس، ناهيك بتحويلها مسلسلا تلفزيونيا في السبعينات. وقد أدّى محمد ديب فيها دور المراقب - المحرِّك بامتياز، فأطلق العنان لنظرته النافذة الرحّالة وتأمل، بنبوغ البساطة وبواقعيةٍ فجة، بشاعة الفقر والبؤس والاضطهاد والظلم والاستعمار، وطرح قضايا وجودية كالخوف من فقدان الهوية والمواجهة بين الناس ومصائرهم.

المكان بين المنفي العادي والصوفي 
بدءا من عام 1959، أي تاريخ ترحيله من الجزائر بسبب نشاطاته النضالية، اختار محمد ديب أن تكون فرنسا بلد المنفى، فأهدته اللغة بذلك إلى الأرض بدل أن يحصل العكس. الا أنه لم يمنح المنفى يوماً طابعاً دراماتيكياً، بل شكّل هذا بالنسبة إليه محض "قطيعة مع مشهد" بحسب قوله، وجسّد عبوره من ثقافة إلى أخرى، وهو عبور يغني جميع الذين يختبرونه في رأيه لأنه يدفع الإنسان إلى التوغل في جحيمه الداخلية. وغالبا ما عبّر ديب عن سروره بالإقامة في باريس، والحقيقة أن مفهوم المنفى لديه ليس مسطّحاً بل متعدّد الوجه والمستوى، إذ انه يفصل بين المنفي العادي وذاك الصوفي، فيسأل مثلا: 
"هل يعيش المنفي الصوفي والمنفي العادي التجربة نفسها؟ بالطبع لا. فرغم أن الاثنين يغذيان قلبيهما وافكارهما بالحنين، الا أن الشيء الذي يعاني الأول حنينه ليس هو نفسه ما يعذب الثاني. الصوفي يحيي خساراته بالنار الإلهية، أما المهاجر فلا يحلم سوى بالتلاقي من جديد مع بلده المفقود، وبالانبعاث الذي قد يعنيه ذلك اللقاء له". 
إلا أن هذه "العقلنة" لواقع المنفى والمصالحة معه لم تكن مرادفاً لحصانةٍ انتمائية لدى ديب، تنبع من اللامبالاة أو من الانشقاق الراديكالي عن الأرض الأم، بل كانت على الأصح تجسيداً لرؤية شمولية شبه طوباوية عن مفهوم "المكان" والهجرة والاغتراب، وهي رؤية تنمّ على ألم وانسلاخ ومعاناة عميقة. في رفض ديب إذاً لصفة المنفيّ كبرياءٌ بقدر ما فيه من القناعة، ونستشف أهمية ذلك من خلال الكتابة غير المنفصلة لديه عن المكان ، ومن هنا بعدها الحيزيّ ، لكنه بُعد فقدان الأرض لا الانصهار بها. فاللغات والحدود ليست بالنسبة إلى الكاتب سوى أقنعة، وقد آثر أن يتبنّى هذه الأقنعة وطناً جامعاً شاملاً، وهو الذي "عولم" جزائره وتجاوز مفهوم الهوية الواحدة وجعل كل الدروب تؤدي إلى بلاده ودربَ بلاده تؤدي إلى العالم اجمع: 
"ربما سيأتي يومٌ يتوقّف فيه ذهاب الغرباء هذا وإيابهم. آنذاك سنلتقي جميعاً أينما كنّا. ولن أعود في حاجة إلى معرفة ما إذا كنتُ من هنا أو من أي مكان آخر. لن يرفض أي مكان أن يصبح ملكي ولن يعيش أحد في بلد مستعار. حتى الصحراء ستستقبلنا بحفاوة وتمد لنا عري يدها المفتوحة. وحين تعود الأرض إلى وجهها الأول، سوف تكون ملك أول الوافدين".

ولم تكن علاقة ديب بالمكان منوطة بتجربة المنفى والتيمات الجزائرية فحسب، بل كانت تتبلور كذلك في أفقه المفتوح على عوالم أخرى. فهو كان رجلاً كثير الأسفار، وقد نشل مادة أدبية غزيرة من أمكنة سفره على غرار فنلندا التي كتب حولها ثلاثية أخرى ("شرفات اورسول" و"نوم حواء" و"ثلوج مرمرية")، ولوس انجلس التي أقام وعلّم فيها ("نشوة لوس انجلس"). الا أنه حمل الجزائر معه في جميع ترحاله: جزائر الضوء والصحراء، جزائر شجرة التين والزيتون و"الثلوج الرملية". وقد فعل ذلك بحنين لصيق بنوع من "الحقد" النبيل الخلاق، من نافل القول إنه حقد مبرر، إذ في حين تُرجمت مؤلفاته إلى لغات كثيرة منها الايطالية في العام الماضي مع نشر دارAiep كتابه "صيف أفريقي"، وبينما تستعد فرنسا اليوم لإصدار كتبه في سلسلة "كتب الجيب" ولعرض أعماله في الخريف المقبل في المكتبة الوطنية الفرنسية في إطار سنة الجزائر التي تحتفل بها، يروّعنا أنّ حضور هذا الوجه العربي في اللغة العربية شبه معدوم، إذا استثينا ديوان "إسماعيل الفجر" الذي صدر مترجما في الجزائر عام 2001، أي بعد نحو نصف قرن على صدور "البيت الكبير" في فرنسا، والجائزة الأدبية التي أنشئت بإسمه في مسقط رأسه تلمسان.

"أصبُّ اختلافي في قالب اللغة"، كان ديب يقول متحدثاً عن علاقته باللغة الفرنسية والتحامها بلغة صوره الذهنية، أي بعربية بلاده. ولطالما ردّد أنه يشعر حين يكتب أو يتكلم بأن لغته الأم تتلاعب على نحو غامض وسرّي بفرنسيته. ولكن ليس هذان الاختلاف والتلاعب اللذان يشير اليهما دلالةً على اغتراب وطلاق بين هوية الكاتب واللغة التي يكتب فيها، بقدر ما هما علامة على المسافة الفاصلة بين وجدان هذا وجسد لاوعيه من جهة، والصوت الخارجي الذي اختاره من ثانية. وهما اختلاف وتلاعب أثريا تعبيره بدل أن يفسداه إلى حدّ دفع اراغون، الذي قدم لمجموعته "الظل الحارس" الصادرة عام 1961، إلى امتداح قدراته اللغوية وفرنسيته الصافية المتقنة المنزّهة عن أي اكزوتيكية لفظية، فقال عن الكاتب المعجون بميتولوجيا الشرق والغرب على حد سواء: "هذا الرجل الآتي من بلاد لا علاقة لها بأشجار نافذتي ولا بأنهر ضفافي ولا بحجارة كاتدرائياتنا، يتحدّث بلغة فيّون وبيغي". 
ورغم أن ثلاثية الجزائر مصدر شهرة محمد ديب ، الا أن أعماله في مرحلة ما بعد الاستقلال هي الأكثر أهمية في رأي عدد كبير من النقاد. فقد كان الجسد الأول لكتابته واقعياً ، " شاهداً " على اللحظة، وسرعان ما أعاد الكاتب النظر في ذلك الجسد الأرضي الناقص فتخطّاه وصعّده وأوجد لغة دائمة التجاوزات على غرار الهلوسة. لغة متطلبة على قلق، معرّاة على كثافة. لغة الغوص في الأعماق والتساؤل الهجسي عن الحياة والموت والحب والهوية والكتابة وقدراتها، لغة اللاوعي المحموم والخيال الايروسي والباطن الصاعق العنيف الذي لا يرحم ولا يكلّ في محاولة إثباته عجز الكلمة أمام العدم ونقيض ذلك في آن واحد: لغةٌ هي في اختصار وعلى أكثر من صعيد زواج بين النار والثلج، ومن غير المبالغ القول إنها صنعت الكاتب بقدر ما هو صنعها.
أدب بمنازل كثيرة 
وإذ يحلو للبعض تقسيم مسيرته مرحلتين أو ثلاثاً بناء على محور الاستقلال الذي سجّل تحولا جذريا في كتابته، الا أن هذا التقسيم غير دقيق بسبب عدم وجود فواصل جذرية في رحلته الأدبية، التي تتداخل فيها السوريالية مع الرمزية والباطنية والغرائبية والصوفية والايروسية والنفحة الكافكاوية، حتى ليبدو ديب كمحارب يقاتل على جبهات متعددة في آن واحد، ناهيك بالعلاقة المعقدة والمتشابكة بين أناه الذاتية وأناه الروائية التي لا يختفي فيها بل يتخفى وراءها. بذلك تتجلى علاقته مع الكتابة علاقة قاتلة ومحرّرة على حد سواء، علاقة هروب واصطدام متعاقبين. إنها عملية صيد للقبض على المعنى، لكنّ الصياد يصبح فيها الطريدة. وهي أيضا سهر وانتظار وتأرجح لامتناه بين الواقع واللاواقع، بين الفردي والجماعي، بين السيرة والخيال، بين المعنى وضدّه، بين الواقع والرمز، في نَفَس لاهث راكض إلى حد الدوار، فلا يسعنا إلا أن نلهث وراءه: "سوف تظل هناك حلقة سوف تظل هناك نملة سوف تظل هناك نجمة وسترفض الكلمة على الصفحة أن تنكتب وستعيدون تركيب الأحرف في كل الاتجاهات وستولد منها كلمات مقنّعة ستتضخم معها معرفتكم حتى البدانة وستتربّع البدانة على العرش".
وقد اتاح التقاء أساليب الكتابة المختلفة هذه مع امكانات القراءة المختلفة لدى ديب استنباطه نهج بناء محيّراً، إذ ما أن يظن القارىء انه وجد الدليل الذي يرشده إلى "اللب" حتى يضيّعه من جديد ويغرق في العتمة. وما هذا التزاوج بين الأنواع في نظره سوى محاولة لإنقاذ الشعر من الارتخاء والخدر بواسطة واقعية الرواية، ولإنقاذ النثر من الجمود والمحدودية بواسطة حلمية الشعر، فتبدو لنا معانيه متكاثرة متطايرة كشظايا حارقة في كل الاتجاهات. إنها بداية دائمة وعودة إلى نقطة الصفر، فيتوجّه إلى الشعراء بهذه الكلمات: "لم تقولوا كل شيء، مثلما ظننتم، ولا قلتم ما أردتم قوله كما يجب. الخيبة تنتظركم دائما في آخر الطريق". 
وشعر ديب الذي بدأ شفافاً وازدادت لغته هرمسية مع الوقت هو شعر الأسئلة التي لا جواب عنها، شعر الحياة الواقفة على شفا الكلمة، شعر الخيال المتحرك ذي القدرات المتعددة والفلسفة الصوفية التي تتعالى من ضجيج الواقع وعري الحقيقة : إنه شعر لا يسلّم كل مفاتيحه لكنه طالع من الينابيع، وليست هرمسيته الا قشرة ظاهرية تعقّد عملية العبور إلى الجوهر من دون أن تجعلها مستحيلة. قصائده تقع في منطقة البين بين، فهنا صمت وهناك بوح، هنا غموض وهناك استسلام، هنا تصادم وهناك انسياب. وهو مسكون خصوصاً بالحساسية الإنسانية وبهاجس الفراغ الذي تنبجس منه كيمياء اللغة التي يصفها بالمرأة لأنها على غراراها "مثل فجرٍ يظل ظلمة مثل فراغٍ يتكوّن فيه المصيرُ الإزهرارُ الخاطف الربيعُ الذي لا سنّ له". 
كان محمد ديب رجالا كثيرين في رجل واحد. ولقد عمل حائكا ومحاسبا ومعلما ومترجما وصحافيا قبل أن يكرّس نفسه كلياً للكتابة. وحاز نسّاج الحقيقة والحلم هذا جوائز أدبية كثيرة في حياته على غرار جائزة مالارميه الشعرية على ديوانه "الطفل-الجاز" والجائزة الكبرى لمدينة باريس والجائزة الكبرى للفرنكوفونية من الأكاديمية الفرنسية عام 1994 على كتاب "تلمسان أو مناطق الكتابة" الذي يستكشف فيه تجربة الشعر متقاطعاً مع الصورة، وهو عبارة عن نصوص للكاتب مضفورة مع صور لفيليب بورداس: نصوص وصور تروي مدينة تلمسان مسقط رأس ديب والعاصمة الثقافية والدينية لغرب الجزائر، وتقدّم خصوصا تأملات حول علاقة الشاعر بالأفق والطفولة والمشهد، واحتكاكه الأول مع رغبة الكتابة. إلا أن الجائزة التي لم ينلها محمد ديب رغم تداول اسمه فيها هي جائزة نوبل للآداب : ويمكن القول إن هذه هي التي فوّتته على ذاتها لا العكس، ولا خسارة حقيقية على هذا المستوى للشاعر صاحب الصوت الخفيض والكلمة الطاغية الذي لطالما كره الاحتفاءات ونبذ الأضواء بتواضع العارفين وكِبَر الكبار. 
رحل محمد ديب بعدما روى للعالم ومضاته وجماله وكسوره. رحل بعدما صرخ "عينه الدامعة حتى الاختناق". هبط عليه الظلام ف"جاءت الشجرة إليه وأغمضت عينيه". أوى الشاعر إلى صمته وفضّل أن "يحفظ الكلام لأمور أخرى".

---------------------------------------------------

 المصدر/ جريدة النهار اللبنانية _ملحق النهار الثقافي- الأحد 11 أيار 2003

محمد ديب.. هاجس تمثل الذات
بقلم محمد بن زيان
من ثلاثيته الأولى إلى آخر أعماله تشكلت رحلة داخل الذات بتعبير الناقد طاهر بكري... رحلة بدأت بالمجسد وعرجت نحو المجرد، عروجا نحو التحقق بأفق إنساني... وفي كل مرحلة عبرت أعمال ديب عن رحلته مع الكتابة التي استغرقت نصف قرن.. بدأها بما يوصف بالواقعية وختمها بكتابة تنشد المطلق وفي الوقت ذاته تظل تحيل …لقراءة المزيد

من ثلاثيته الأولى إلى آخر أعماله تشكلت رحلة داخل الذات بتعبير الناقد طاهر بكري... رحلة بدأت بالمجسد وعرجت نحو المجرد، عروجا نحو التحقق بأفق إنساني... وفي كل مرحلة عبرت أعمال ديب عن رحلته مع الكتابة التي استغرقت نصف قرن.. بدأها بما يوصف بالواقعية وختمها بكتابة تنشد المطلق وفي الوقت ذاته تظل تحيل للعمق، عمقا ظل يمد الكاتب، وظل الكاتب يمد العمق بعصارة خبرة السفر عبر التضاريس واكتشاف العوالم، من مسقط رأسه بتلمسان إلى الغرب بتنوعاته من فرنسا إلى الولايات المتحدة الأمريكية مرورا بأوربا الشمالية وبالتحديد فنلندا.

لايمكن استيعاب مسار ديب بدون ربطه بالسياقات التي صاغت منجزه وبلورت ما نسجه من نصوص سردية وشعرية، بدأها بواقعية في بداياته بثلاثيته الأولى (الحريق ـ الدار الكبيرة ـ النول) التي كتبت واقعا جزائريا في السنين القليلة التي سبقت الثورة فكانت نصوصه مصورة بروعة للواقع بتأثيراته النفسية والاجتماعية عبر شخصيات الأم عيني والطفل عمر والمناضل سراج وبقية الشخصيات التي سكنت الذاكرة كإحالات لتاريخ وليس فقط كشخصيات رسمها الخيال الروائي. وكان ديب مع كاتب ياسين ومالك حداد ومولود فرعون ومولود معمري وآسيا جبار روادا أسسوا في الكتابة بالفرنسية، وتشكلوا بالتثاقف مع الثقافة الفرنسية ولكن بتواصل مع خصوصيات مجتمعهم فكتبوا بلغة تحمل رغم لاتينية حروفها وشم جزائريتها.

وبعد استرجاع الاستقلال وتبلور معطيات أخرى، جاءت مرحلة رؤية نقدية مع روايات كـ  “من يتذكر البحر” و«رقصة الملك” وهي كتابة عن خيبة إجهاض الحلم وجاءت مرحلة مع “سطوح أورسول” و(نوم حواء) و(ثلوج من رخام) لتدشن تحولا وتجاوزا، لكن ظل التواصل الذي يمكن تلخيصه بالبحث عن تمثل الذات وصياغتها.

في حوار أجراه معه عثمان تزغارت  بيّن ديب ما يتصل بخصوصيات مساره وما يتصل بالمراحل التي يتوقف عندها النقاد فقال: (اختلاف مضامين أعمالي في تلك المراحل المختلفة يوجد تفسيره في تطورات الأحداث التي عايشتها أو كنت طرفا فيها. وأذكر أنني قبل أن أكتب روايات “الثلاثية الأولى”، كانت لي كتابات أخرى لم أنشرها، سابقة لفترة حرب التحرير، وبقيت غير معروفة، وكانت كتابات ذات هواجس فنية وجمالية بالدرجة الأولى، تختلف في مضامينها كثيرا عن “الثلاثية” التي جاءت في خضم الحركة الوطنية الجزائرية، وكانت إسهاما مني في التعريف بقضية بلادي وثورتها، حيث قررت آنذاك أن من واجبي أن أصهر صوتي في الصوت الجماعي للشعب الجزائري، وأن أجعل من كتاباتي أسلحة بيد الثورة الوطنية. أما بعد الاستقلال فقد اختلف الوضع كثيرا. الاستقلال بالنسبة لنا ككتّاب وطنيين متمرّدين على الاستعمار كان حدثا رائعا.. ذلك أننا وضعنا كل إبداعنا في خدمة قضيتنا الوطنية، وعندما حصلت البلاد على استقلالها، أصبح بإمكاننا أن نتحرّر بدورنا، وأن نصبح “كتابا مستقلِّين” يعبِّرون أساسا عن ذواتهم ومشاغلهم الحميمة، دون أن يكون مفروضا علينا ـ كما في السابق ـ أن نكون محامين نُرافِع باستمرار باسم شعوبنا وأوطاننا. صحيح أن كتاباتنا ظلّت مرتبطة ببيئتنا ومجتمعاتنا، لكن مشاغلنا أصبحت شخصية وحميمية أكثر، ولم تعد متعلقة فقط بالنضالات السياسية والاجتماعية، كما في فترة حركة التحرّر. وهكذا بدأنا تدريجيا نكتشف ذواتنا ومشاغلنا الحميمة ونعبِّر عنها في كتاباتنا.. وأصبح الفرد هو مركز اهتمامنا، حتى في أعمالنا الجديدة ذات البعد الوطني).

لعل ما يتميّز به ديب هو أنه ارتبط بالكتابة وفضل العزلة فلم يدل إلا بأحاديث قليلة ولم يشارك في النقاشات والمعارك التي خاضها غيره.. وفي عزلته كتب متأملا الذات ومبنينا لها بتمثل شكلته حواريته مع الثقافات وخبراته التي بدأها بمهن مارسها في تلمسان ومنها الصحافة والترجمة..

كتابة ديب هي تمثل للذات، بداية تمثلها جماعية ثم استغرق في تمثل الذات المفردة... وبنضج التجربة وتراكم العطاء حضر ما يحيل للإشراقات الصوفية التي تمتد لتخرق الحجب وتحرر من النسق والتصنيف.

في حوار أدلى به عقب الاستقلال لمجلة “إفريقيا الأدبية والجمالية”: “فالإشكال فيما يخصنا نحن كروائيين جزائريين هو تخطي ذلك المحظور والتحدث عن الذات، وتجاوز بعض الممنوعات الأخلاقية النابعة من تربيتنا (...) علمونا أن نقدر أكثر فأكثرالكرامة والحقيقة. لكن الرواية تفرض تجاوز ذلك، فينبغي المساس بالكرامة للذهاب إلى ما هو أبشع أحيانا وقبيح أحيانا أخرى: الحقيقة”.

حضور الذات لا يحمل ما قد يراه البعض انسلاخا عن الهم العام أو عن الوطن، بل هو إعادة صياغة لما اختل لما تم طمس الذات، تمثل الذات باكتشافها هو منطلق تمثل الكلي... وفي تمثل الذات تمثلات تخرج من الذات لتعيد الدخول برؤية تنير الدهاليز وتنير المعتم والمبهم... تمثلات بامتصاص ما يتراكم من خبرات السير في الآفاق واكتشاف المدارات المختلفة... فمن تلمسان وإيقاعات الحوزي إلى أمريكا وتوقيع الجاز، كان ديب في صمته يستنطق بلاغة الكون ويكتب ما ينقدح من تجليات تقول الذات وفي قول الذات تقول الإنساني الذي يصهر بالعروج ما يتشتت بتمدد أبراج بابلية، تمدد بإلغاء الذات وبالغائها لا تستقيم أي حقيقة ولا يحضر البليغ الذي يقول التجلي... كان ديب يترقب فجر إسماعيل، فجر الانبعاث بكتابة تشف بشعرية تنسج عبارات العبور، تنسجها بما يفارق العابر ويستقيم دالا في ديمومة الإنساني.

وفي عزلة ديب ما قد يمثل رسالة قابلة لعدة قراءات، ومثله عاشت في عزلتها يمينة مشاكرة ـ مع اختلاف في الظروف والحيثيات بطبيعة الحال ـ .

ولكن العزلة في سياق ديب ليست انفصالا بل تموقع قد يمثل عمق التواصل والاتصال... فهي عزلة متصلة ومتوجة  لخبرات تراكمت.. إنها كعزلة متصوف يجاهد في مكابدة السفر في مدارج السالكين... عزلة السفر نحو رؤية الوجود، سفر بلغة، من لغة الثلاثية الأولى إلى لغة آخر أعماله، لغة تدرجت من درجة نحو أخرى، وفي كل درجة يشتغل الكاتب بغية تحقيق يهندس بها سكنه الوجودي واللغة بالتعبير الهايدغري هي ذلك المسكن.

ديب من الرواد الذين نبضوا بقوة إبداعية، قوة تكثفت برؤية أنطولوجية أمدت العطاء الجمالي بقوة التوليد الدلالي والتأويلي.

حمى الجوائز العربية
بقلم بروين حبيب
مثل المصاب بحمى وما عاد يهمه إلا نفسه، نعيش هلوسات الجوائز التي تمنح هنا وهناك وبأسماء مختلفة، جوائز للأكل، للمياه، للرياضيين، للمعلوماتيين، والإعلاميين والسينمائيين والكتاب والشعراء.. أسماء نعرفها وأسماء لا نعرفها. أعمال تستحق وأخرى لا تستحق.. وأكثرها لا يستحق..!   جوائز، جوائز، وجوائز…. …لقراءة المزيد
مثل المصاب بحمى وما عاد يهمه إلا نفسه، نعيش هلوسات الجوائز التي تمنح هنا وهناك وبأسماء مختلفة، جوائز للأكل، للمياه، للرياضيين، للمعلوماتيين، والإعلاميين والسينمائيين والكتاب والشعراء.. أسماء نعرفها وأسماء لا نعرفها. أعمال تستحق وأخرى لا تستحق.. وأكثرها لا يستحق..!   جوائز، جوائز، وجوائز…. واحتفالات في الخليج والعالم العربي… تكريمات ودروع من ورق أو زجاج، خطب وكلام يشيد بالفائزين ويطير في الهواء، أكل وشرب كما في أعراسنا العادية، همس، ولمز، وثرثرات، سخرية وتجريح في الخفاء، ابتسامات مصطنعة تخفي الضغينة التي يكنها البعض للبعض…   كما في كل مناسباتنا، ولكن هذا العام زادت حمى الجوائز لدرجة أنه فاتنا أن نحارب أدونيس وآسيا جبار مثل كل سنة على أنهما لا يستحقان جائزة نوبل. فاتنا حتى أن نبيّن نوايانا الحسنة ونقترح أسماء كبيرة عندنا تستحق نوبل…فاتنا أن نستعرض مسيرة الكاتبة غادة السمان، الكاتبة العربية الوحيدة التي كتبت عن قضايا العرب بإنسانية مفرطة، والكاتبة الوحيدة التي نذرت حياتها للكتابة وتطلق كتبها كل سنة من دون غوغاء إعلامية، من دون ظهور تلفزيوني، أو إعلامي كيفما كان، من دون حضور على شبكة التواصل الاجتماعي، لا تويتر ولا فيسبوك ولا إنتسغرام…فكل ما أنشئ لها من صفحات ليس لها به علم. وغير ذلك يجب ألا ننسى أنها منذ أول طلعتها تحوّلت إلى مدرسة أنجبت أجيالا من الكُتّاب يسيرون على خطاها، أثرت فيهم ليس فقط بلغتها الشاعرية وسحرية واقعيتها، بل أيضا بنمط حياتها الذي أدهش جمهورها على مدى أكثر من نصف قرن، فقد ناضلت أولا وأخيرا من أجل حريتها وعاشت حرة كما تريد إلى يومنا هذا.   في كتابها الأخير الذي وصلني من صديقة عزيزة من بيروت «يا دمشق وداعا»، الذي حقق مبيعات ممتازة رغم أنه لم يعلن عن صدوره أبدا في الصحافة، تكتب إهداءها إلى دمشق ثم تردف «إلى الحبيب الوحيد الذي لم أخنه يوما واسمه الحرية…الحرية…الحرية..».   الرّائع إبراهيم نصر الله يستحق أن يمنح اهتماما أكبر، لأنه ليس فقط كاتبا مختلفا في نمط تفكيره، ونمط كتابته كشاعر وروائي، بل أيضا في نمط صمته، ونضاله السلمي من أجل القضايا العادلة للإنسان وأولها القضية الفلسطينية… هل هناك كاتب عربي غيره تسلّق قمة كليمنجارو من أجل قضية؟ بالطبع لا يوجد.   جائزة غونكور الفرنسية التي لم ينلها سوى عربيين فقط سابقا هما المغربي الطاهر بن جلون واللبناني أمين معلوف فتحت شهية المضطربين فكريا والمتطرفين دينيا لإهدار دم الكاتب الجزائري كمال داوود، لأنها أبرزته هذه السنة بروايته «ميرسو ضد الاستجواب»، وأفكاره، فكانت من نصيبه، لكن هذه الحرب ظلت محلية، فلا أحد اتخذ موقفا صريحا من العالم العربي والغربي لوقف الفتاوى التي تحرّض على القتل. مع أن بطل غونكور هذه المرة لجأ للقضاء الجزائري لمقاضاة المحرضين على قتله، وتصرّف بشجاعة لم نعهدها في العالم العربي بالبقاء في بلده، وفي عمله في جريدة محلية غرب الجزائر، والوقوف ضد من يدعون للجريمة علنا باسم الدين.   هذه الضوضاء التي لم تصلنا في ظل ضوضاء جوائزنا، حجبت عنا حتى أصداء جائزة نوبل، فبقدرما فوجئ صاحبها هذا العام باتريك موديانو بها، بقدر ما لم نفاجأ نحن، وكأن الجائزة لا تعنينا، بمفهوم آخر، نوبل هذه السنة لم تعد جائزة تعني العرب، هي جائزة غربية، وكل حروبنا السابقة التي خضناها ضد نجيب محفوظ، العربي الوحيد الذي نالها وضد بعض المرشحين العرب لنيلها، انتهت هكذا فجأة. وفيما عالمنا العربي غارق في دموية لا معنى لها، دخل صُنّاع المشهد الثقافي في متاهة جديدة، الضائعون في المتاهة والناجحون لبلوغ المخارج الذهبية. في مهرجان دبي السينمائي كُرّم الصحافيون الشباب، ومنحت جائزة للإعلامية الشابة ميس العموري ضمن ستة طلبة بناء على أدائهم الأكاديمي للعمل ضمن الفريق الإعلامي على تغطية أنشطة المهرجان طوال أيامه الثمانية، وهذا في حد ذاته منجز ضخم لأن الحدث لم يكن عاديا، فمهرجان دبي السينمائي احتفال ضخم يضاهي الاحتفالات العالمية، إن لم يكن من أجملها على الإطلاق على مستوى الفخامة والتنظيم. ولعلّ المدعوين إليه يعتبرون من المحظوظين فما بالك فيمن نالوا تكريما خلاله. أحد الأصدقاء همس لي أن كهول الصحافة يستحقون أيضا تكريما خلاله، وهذه ليست بهمسة عادية، إنها الحقيقة التي أخفتها الأقنعة المبتسمة خلال الحفل. لكن مع هذا فإن بهرج «دبي السينمائي» غطّى بريقه سماء العالم العربي كله، وحجب أمورا كثيرة على مدى ثمانية أيام… لم نهتم كثيرا بجائزة نجيب محفوظ، حدثت وكأنها لم تحدث، نالها كاتب سوداني يدعى حمور زيادة بروايته «شوق الدراويش» وحسبما نشرته الصحافة المصرية فإن الرواية موزاييك جميل فيه ما يميزها عن النتاج الروائي المألوف في العالم العربي، وحسب لجنة التحكيم رأت أن الرواية «تتناول لوحة متعددة الألوان واسعة النطاق من الشخصيات والأحداث في غنى ما بين السرد والشعر والحوار والمونولوج والرسائل والمذكرات والاغاني والحكايات الشعبية والوثائق التاريخية والترانيم الصوفية والابتهالات الكنسية وآيات القرآن والإنجيل والتوراة». صحيح أن قيمة الجائزة ألف دولار لا غير، ما يجعلها تبدو باهتة أمام الجوائز الخليجية الباذخة، لكنها تحمل اسم نجيب محفوظ وكان يجب أن تمنح مساحات أكبر للاحتفاء بذكرى مولد الكاتب، وبمن نالها، فلحد الآن لا نعرف من هو حمور زيادة… والمخيف أن يأتي يوم ننسى فيه من هو نجيب محفوظ، فهذا البرود الإعلامي نحو رموزنا الأدبية، لا ينبئ بالخير أبدا، حتى إن أصبحت الجوائز مثل مزرعة للفطر، تنمو بسرعة مذهلة أحيانا… جائزة الطيب صالح في دورتها الثانية عشرة هي الأخرى، مرّت من دون ضوضاء إعلامية، حجبت الجائزة ويبدو أن منظميها فقدوا الحماسة للترويج لها قبل هذا الإعلان البائس عن حجبها، بحجة أن الأعمال المرشحة لم تكن في المستوى. فالسؤال الأول الذي يتبادر للأذهان بعد هذا الخبر الصدمة هو لماذا لم ترشح أعمال كثيرة للجائزة؟ وماذا تخفي الجهة المنظمة من أسرار؟ علما بأن العالم العربي «يغلي» بالمبدعين وبالأقلام الجيدة. جاء الإعلان عن حجب الجائزة في مؤتمر صحافي عقدته لجنة المسابقة في مدينة أم درمان غرب العاصمة الخرطوم. غير أن اللجنة منحت جائزتها التقديرية الوحيدة للروائي والقاص أحمد الجالي أحمد الشهير في الأوساط الثقافية السودانية بأحمد أبي حازم عن روايته «ساحة الدهماء»… ترى ألم يكن ممكنا منحه الجائزة دون هذا اللف والدوران وجعلها جائزة تقديرية؟ هل التقدير إنقاص من قيمة العمل القصصي؟ أم أنه إنقاذ لماء وجه الجائزة؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها بشأن جائزة تحمل اسم كاتب كبير، عاش متواضعا، في ظل سمعته الأدبية العملاقة، ومنح الأدب أغلب عمره واهتمامه، ألم يكن ممكنا منح جائزته لكاتب واحد من كل كتاب الرواية الذين تصدروا المبيعات في معارض الكتب العربية لأول مرة في تاريخ الكتاب؟ غريب أيضا أن تمنح جائزة كتاب العام لـ«قاموس الأدباء» في السعودية لمؤسسة ولا تمنح لمؤلف كما جرى العادة، ويثار لغط وجدل حول الأمر، ذلك أن الجائزة حدث سنوي مهم، كان بإمكانه أن يقدم إضافات للمشهد الأدبي السعودي، ويحرض القارئ على الإقبال على الكتاب، وهو الهدف الأساسي من الجوائز الأدبية… ترى من لديه الرغبة لاقتناء قاموس غير الدارسين، وهم ليسوا بحاجة للترويج له لكي يقتنوه. لقد لفت نظري مثلا اسم الكاتبة السعودية أثير عبد الله النشمي، التي تبلغ طبعة كل كتاب تصدره الرقم سبعة عشر أو ثمانية عشر.. من دون أدنى إعلان أو ظهور إعلامي أو ترويج لكتبها، فلم لم تمنح لها الجائزة لأنها بلغت قلوب القراء فقط بالكتابة تماما مثل غادة السمان، التي ظلت متمسكة بالكتابة وبعزلتها الباريسية وسط كل هذا الضجيج عبر وسائل الإعلام المتنوعة المجنّد لمن يركضون خلف الشهرة والجوائز بأي ثمن. و للحديث بقية إن شاء الله .   * أعلامية وشاعرة بحرينية – القدس العربي اللندنية
ندوة حول التحرّش الجنسي بالأطفال لرولا بطرس سعد و الدكتور بيارو كرم
بقلم famoh
نعيش في مجتمعات تظلم الطفولة بتفاوت، إذ لا يكفي أن أغلب أطفال العالم العربي محرومون من طفولتهم، و تُلَوَّث براءتهم بسبب حروب  الناضجين،  لأن بعض البلدان الهائدة نسبيا أيضا يتعرض فيها الأطفال للتعنيف الجسدي و المعنوي، كما تتعرض نسبة واسعة من الأطفال للإغتصاب و التحرش الجنسي ما يخلق جيلا …لقراءة المزيد
نعيش في مجتمعات تظلم الطفولة بتفاوت، إذ لا يكفي أن أغلب أطفال العالم العربي محرومون من طفولتهم، و تُلَوَّث براءتهم بسبب حروب  الناضجين،  لأن بعض البلدان الهائدة نسبيا أيضا يتعرض فيها الأطفال للتعنيف الجسدي و المعنوي، كما تتعرض نسبة واسعة من الأطفال للإغتصاب و التحرش الجنسي ما يخلق جيلا بأكمله من المتأزمين نفسيا خاصة إن عرفنا أن نسبة من يُتحرش بهم تفوق أحيانا ال 70% و هذه نسبة مرعبة و تكشف عن حقيقة مأساوية يعيشها الطفل عندنا، كما تكشف عن وحشية شريحة من مجتمعنا تحتمي بالصمت و التكتم الذي تمارسه الضحايا، ضد نفسها، و يمارسه أهالي الضحايا خوفا من الفضيحة و العار، فيعاقبون الضحية مرتين و يحمون المعتدي ليمضي في ممارساته اللاإنسانية  متلذذا بالمتعة التي يعيشها، و مرتاحا لأن المجتمع لا يعاقبه. لكن هل حياة الضحايا بعد الإعتداء تمضي بشكل طبيعي؟ من يشعر مع الضحية ؟ من يضمد جراحه؟ من يصحح مسار حياته الذي تعثّر بحجر ضخم يصعب زحزحته؟   في هذا الإطار إحتضنت مدرسة الرّاهبات الأنطونيات  برومية ( مار ضوميط) ندوة هامّة جدا، حضرها أهالي التلاميذ، حول التحرُّش الجنسي بالأطفال، أثراها كل من الكاتبة رولا بطرس سعد صاحبة رواية     " خط أحمر" التي تتناول الموضوع بأبعاده الفردية و الإجتماعية، و الدكتور بيارو كرم إختصاص أمراض جنسية و محلل نفسي و لديه دراية واسعة بالموضوع، و يعتبر من أهم من كتب في الموضوع بشكل معمق في جريدة النهار لمن يريد متابعته.   تخلل  اللقاء شهادة حية لإحدى السيدات الشجاعات في القاعة، بحيث تحدثت عما حدث لها في سن الثامنة من طرف متحرش و كيف سارت حياتها فيما بعد بسبب تلك الذكرى السيئة في ذاكرتها. كان الموضوع جد حساس و صادم، حين إكتشف الحاضرون أن المتحرش في الغالب قريب جدا من العائلة، و نادرا ما يكون بعيدا، و أن آثار التحرش في الصغر لها أبعاد سيئة إن لم نقل مأساوية إن لم نعالجها باكرا. و قد طرح الأهالي تساؤلاتهم على الدكتور كرم، و لم يكتفوا بالوقت المخصص للندوة، بل أحاطوا بالكاتبة عند توقيعها لروايتها في مكتبة المدرسة، و حاصروه بأسئلة كثيرة، أجاب عنها بصدر رحب ، و وعد الحاضرين أنه على استعداد ليعود مرة أخرى لمناقشة موضوعات مشابهة  تعتبر من التابوهات في مجتمعنا، حتى يساعد الأهالي على الإعتناء بأولادهم و توجيههم بشكل صحي و صحيح نحو حياة لا تشوبها المآسي. خلال حفل توقيع الكاتبة رولا بطرس سعد لروايتها فوجئت بتلاميذها القدامى يحيطون بها للترحيب بها، و اقتناء الكتاب،  فالكاتبة  من العائلة الأنطونية، و تدرس مادة الرياضيات في مدرسة الراهبات الأنطونيات بالدكوانة. لكنّها إقتحمت عالم الكتابة خلال فترة تلقيها لعلاج كيميائي مكثف إثر إصابتها بمرض السرطان، و يبدو أنها قاومت المرض بالشعر، كما وجدت في الكتابة ملجأ لتحرير أفكارها، و قول ما يجب أن يقال في زمن أصبح فيه الصمت عن الحق وسيلة دفاعية جبانة لإستمرار الحياة. كان اللقاء  فكريا،  شبه عائلي، دافئا،  تشوبه المحبة و الفرح. و إذ تشكر المدرسة كل من الكاتبة رولا بطرس سعد و الدكتور بيارو كرم، تمنت من الأهل أن يقترحوا الموضوعات التي تؤرقهم، و لتوفر لهم دوما مختصين لمناقشتها، و توسيع دائرة معارفهم. مع ملاحظة أن ريع بيع الكتاب عاد لجميعة متكفلة بمرضى السرطان و هذا ما دأبت عليه الكاتبة مع كل حفل توقيع لها. شكرت رئيسة المدرسة الأخت باسمة الخوري المحاضرين و قدمت لهم باقات ورد، و تمنت لهم أعيادا مجيدة و سنة كلها محبة و سلام و تسامح. و بدوري أتمناها سنة حلوة و ناجحة للجميع، ينعم فيها الأطفال بقدر من الأمان و الإحترام لبراءتهم. كل عيد و الطفولة بخير.
بين بوكر أبوظبي وكتارا الدوحة
بقلم عبده وازن
كانت أعين معظم الروائيين العرب، لا سيما الجدد منهم، موجَّهة الى ابوظبي التي تمنح جائزة البوكر العربية، لكنها اليوم، بعد اعلان جوائز كتارا للرواية العربية باتت ترنو الى الدوحة ايضاً. بات هؤلاء الروائيون يكتبون، وأحد همومهم الملحّة ان يفوزوا بجائزة ما، تضعهم في الواجهة، واجهة الاعلام والمبيع، عطفاً …لقراءة المزيد
كانت أعين معظم الروائيين العرب، لا سيما الجدد منهم، موجَّهة الى ابوظبي التي تمنح جائزة البوكر العربية، لكنها اليوم، بعد اعلان جوائز كتارا للرواية العربية باتت ترنو الى الدوحة ايضاً. بات هؤلاء الروائيون يكتبون، وأحد همومهم الملحّة ان يفوزوا بجائزة ما، تضعهم في الواجهة، واجهة الاعلام والمبيع، عطفاً على المكافأة المالية التي نادراً ما يحصلون عليها. وغدوا يشترطون على انفسهم مراعاة المعايير التي تفترضها الجوائز من غير ان تعلنها، ولو على حساب الإبداع نفسه. وهي معايير تدفعهم في احيان الى مراقبة نصوصهم ولجم عنان مخيلتهم الجامحة وطمس غرائزهم الخفية.
الآن بعد اعلان جوائز كتارا للرواية العربية، اصبحت الدوحة في حال من التنافس مع ابوظبي مانحة البوكر، وبات قدر الرواية العربية الجديدة معلقاً بين هاتين العاصمتين الاسخى، بخاصة ان كتارا تكافئ خمس روايات في آن واحد، والخامسة تنال مبلغاً كبيراً هو مئتا الف دولار، والمعيار ان تكون صالحة للتحول الى مسلسل تلفزيوني. اما الجوائز الاخرى فقيمة الواحدة منها تعادل قيمة البوكر، أي خمسين ألف دولار. ولعل الرقم المفاجئ كان عدد المرشحين الى جوائز كتارا في دورتها الاولى، فهو تخطى السبعمئة رواية (700)، منها مئتان وثلاث وستون (263) منشورة وأربعمئة وخمس وسبعون (475 ) مخطوطة، ومعظم هذه الروايات، منشورةً ومخطوطةً، صدرت وكُتبت خلال العام 2014 ما خلا قلة تعود الى العام 2013. اما الطريف فهو مشاركة روائيين من دول غير عربية في كتارا، وهم أصابتهم عدوى الجوائز، مثل ايران وتشاد وإريتريا، وغالبيتهم مستشرقون يجيدون العربية.
هذا الإقبال على كتابة الرواية ظاهرة لم تعرفها الحركة الروائية العربية من قبل. كان الناشرون يستميتون في العثور على رواية ينشرونها مقابل ما ينشرون من دواوين شعرية. أما اليوم فهم يتلقون من مخطوطات الروايات ما يتجاوز قدرتهم على النشر. لكنهم يرحبون بها كل ترحاب ويُقبلون على نشرها من غير تردد وفي حسبانهم أنّ حصول روائييهم على الجوائز يمنحهم مزيداً من الشهرة والحظوة وفرص البيع.
هل كان على الرواية العربية ان تنتظر صعود موجة الجوائز لتشهد حال الازدهار «الشكلي» والظاهر والكمّي الذي تشهده اليوم؟ هل كان على قراء الرواية العرب ان ينتظروا ايضاً هذه الجوائز ليقبلوا على شراء الروايات متكئين على ذائقة لجان التحكيم؟
تشهد الرواية العربية اليوم ما يمكن ان يُسمى «فورة» في أكثر من وجهة: في الكتابة كما في النشر والمبيع والترجمة الى لغات عالمية. لكنّ علامات هذه «الفورة» كانت بدأت تظهر قبل الجوائز. راحت الرواية تحتل حيّزاً مهمّاً في المشهد الابداعي بصفتها النوع الادبي الأرحب والأقدر على استيعاب اسئلة العصر المضطرب وعلى اشتمال الهموم الجديدة التي عصفت بحياة الفرد والجماعة، وهي هموم سياسية واقتصادية وأيديولوجية... جاءت الجوائز لاحقاً لتزيد من قوة «الفورة» وتوسّع مداها وتشرّع ابوابها امام الجميع. وليس مستغرباً ان تصبح الجوائز الآن سبباً رئيساً في رواج الحركة الروائية. وهذا ما تستهجنه قلة من نقاد وروائيين لم يأبهوا يوماً للجوائز ولم يعيروها ادنى اهتمام.
أكثر من تسعمئة رواية إذاً مرشحة هذا العام الى جوائز البوكر وكتارا، ومعظمها كتب خلال العام 2014. هذا رقم يدعو الى التفاؤل مقدار ما يدعو الى الشك والظن. لم يسبق ان «انتج» العالم العربي هذا الكم من الروايات. ولم يسبق ان شهدت الرواية العربية نفسها هذا الرواج وهذا «الانعتاق» من قيود العمل الابداعي وهذا «التفلت» من رهبة الكتابة وشروطها وأعبائها. اصبحت الرواية خبز الكتّاب والمطابع والقراء. لكنّ هذا الخبز ليس طازجاً دوماً ولا سليماً وخلواً من الزؤان والقش. روايات تهطل من كل حدب وصوب. احياناً تأتيك من حيث لم تنتظر. حتى النقاد ما عاد عددهم يكفي لقراءة - وتقويم - هذا الكم من الروايات. باتت الساحة النقدية ضئيلة جداً حيال هذا التراكم الذي لا يني يتراكم. ما أحوج الساحة الآن الى مزيد من النقاد. البضائع جمة والنقاد قلة قليلة.
كان لا بد للرواية العربية من ان تزدهر أخيراً وتصبح بمثابة البوصلة والخريطة. لم يبق الشعر (ديوان العرب) ولا القصة القصيرة قادرين على احتواء ازمة الحضارة الحديثة وعلى مرافقة ما يحصل من تحولات راهنة تفوق الوصف. حلت الرواية في صدارة المشهد الادبي، ولكن من غير ان تلغي الاجناس الاخرى، ولعلها أفادت منها كثيراً. حتى الشعراء التحقوا بصفوف الروائيين بحثاً عن فضاءات اخرى تتيح لهم الخروج من حصار الشعر، الفن الأنقى والأشد التصاقا بـ «الذات» والمتعالي عن بشاعات العالم وآثامه.
لم يبق مهمّاً ان يكون زمننا «زمن الرواية»، المهم هو زمن اي رواية، هذا الزمن؟.
--------------------------------------------
المصدر جريدة الحياة 
لا تقتلوا .. كمال داود
بقلم حسان زهار
تأخرت ثلاثة أيام في متابعة حصة الكاتب والاعلامي الجزائري "غير العربي" كما وصف نفسه، كمال دواد، في القناة الفرنسية الثانية، والتي أحدثت ضجة كبيرة، بعد أن تنكر صاحبنا للعروبة والاسلام وكاد أن يتنكر للجزائر.ورغم أني لم أكن متفاجئا لفحوى ما تناقله الاعلام عن كمال دواد، في تلك الحصة الفرنسية الراقية، …لقراءة المزيد
تأخرت ثلاثة أيام في متابعة حصة الكاتب والاعلامي الجزائري "غير العربي" كما وصف نفسه، كمال دواد، في القناة الفرنسية الثانية، والتي أحدثت ضجة كبيرة، بعد أن تنكر صاحبنا للعروبة والاسلام وكاد أن يتنكر للجزائر.
ورغم أني لم أكن متفاجئا لفحوى ما تناقله الاعلام عن كمال دواد، في تلك الحصة الفرنسية الراقية، أصريت أن أسمع بأذني تلك الفتوحات، وأرى بعيني تعابير الوجه، ومخارج الحروف، وكيف يضع صاحبنا الحالم بجائزة "الكونكورد" رجلا على رجل، وهو يقدم لفرنسا قرابين العشق الثقافي والحضاري الكامل.
وللصدفة، ما إن أنهيت مشاهدة الحصة تلك، حتى نزل خبر الفتوى المنسوبة لعبد الفتاح حمداش، بقتل كمال داود، قبل أن يؤكد كاتبنا ذلك في صفحته على الفيسبوك، لأجدني اصرخ وحدي، لا .. لا تقتلوه.. كمال داود نريدك حيا.
القضية لم تبدأ أكيد، مع رواية "ميرسو.. تحقيق مضاد"، فباعترافه أنه كان في هذه الرواية أقل حدة، مما كان يكتبه في أعمدته عبر الصحافة، وخاصة لوكوتيديان دورون،و مع ذلك فقد كسر ثلاثية الدين واللغة والانتماء، لكن حين راح يجلد ذاته بطريقة مازوشية أمام الفرنسيين، بترديد ما كان أجدادهم يعملون لترسيخه في الجزائر، عبر ضرب العروبة والاسلام، وتحويل الانتماء إلى الجزائر أشبه ما يكون للانتماء إلى أرض خراب، لا امتداد لها في التاريخ، ولا في الحضارة.. حكم كمال داود على نفسه بالموت، الموت الأخلاقي على الأقل، أما الجسد فنريده حيا، ليبحث عن حقيقته الضائعة بطريقة أفضل.
لقد أعلنها كاتبنا العبقري "أنا لست عربي، أنا لا أنتمي للعرب، أنا أتكلم الجزائرية، وأحوز جواز سفر جزائري"، وفي هذا التكثيف، طلاسم وأوجاع، وتخبط وضياع، بينما يحدق فيه الفرنسيون باستغراب، من اين جاء هذا المخلوق الفضائي؟ إن كانت "العروبة احتلال، وهي سيطرة فعلا" كما يدعي، فأي هوية يحمل بين جنباته؟ .
هل يمكن أن تكون اللغة "الجزائرية" التي يتكلمها صاحبنا، لغة مشتقة من لغات الزولو انكاتا؟ أليس الدارجة الجزائرية عربية، كما هي الدارجة المغربية والمصرية والسورية عربية ؟ 
ولماذا تكون العروبة احتلالا .. وهي من هذه الأرض الطيبة، نبتت فيها مثل نخيل الوطن منذ قرون طويلة، بينما لا تكون الفرنسية احتلالا، بل هي على طريقة كاتب ياسين "غنيمة حرب" ثمينة، قريبة جدا، إلى مفهوم السبي عندما يتعلق الأمر بسبي امرأة جميلة ذات شعر أزرق وعيون خضراء.
ما يجعلنا نصر، على أن يبقى كمال داود حيا، ويدفعنا دفعا للوقوف في وجه فتاوى سوداء كتلك التي أطلقها الشيخ زراوي، هو إدراكنا أن داخل هذا الكاتب الخلوق، الطيب، طفل صغير، بريء، كان يوما وهو في سن البلوغ والبراءة، على سجيته، تحركه الفطرة إلى دين الله الإسلام، ففي تلك السن المبكرة، لم تتمكن بعد المراجع الفرنسية، التي اطلع عبرها عن الموروث العربي، قد تمكنت من تلويث فكره إلى درجة اعتقاده أن "علاقة العرب بربهم هي من جعلتهم يتخلفون".. فكيف كانت يا ترى علاقة العرب بربهم قبل ألف سنة من الآن مثلا ؟ ولماذا كانوا حينها سادة الدنيا وقادتها؟.
هل غير العرب اتجاه كعبتهم، هل حولوا إلههم الواحد الأحد إلى صنم من تمر، ولما جاعوا أكلوه ؟. أم أنه يرى الموروث العربي بعيون المستشرقين الحقودين ، ممن ترجموا علوم العرب من دون أمانة علمية، وسرقوا معظم تلك العلوم ونسبوها إلى أنفسهم.
لا أريد لكمال داود أن تقتله فتوى مجنونة، فالاسلام أكبر ومن خلفه العروبة، أكبر بكثير من كمال داود وكل من هم على شاكلته، فعسى يقرأ يوما هذا الجزائري غير العربي، أن مدنا أوربية مثل باليرمو وتوليدو وكاربو في اسباينا، كانت سنة 1215، أحد مراكز العلوم الاسلامية الكبرى، وأن القيصر الألماني وقتها فريديتش الثاني، كان مهووسا بالحضارة العربية الاسلامية، تماما كما هو اليوم كمال داود مهووس بالحضارة الغربية المسيحية، وبالثقافة الفرنسية.
لقد كان القيصر فريديريتش، وهو الألماني الأصيل ، أكثر عروبة من الكثير من العرب، وقد امتلأ قصره بالساعات الفلكية العربية التي تراقب النجوم والكواكب، بينما باريس وروما كانت تعيشان في ظلام الكنيسة الدامس.
إن كتب التاريخ التي لم يقرأها كمال داود، والتي لا يمكن للفرنسيين أن يشيروا إليها، تثبت أن ليوناردو ديفانشي وغاليلي، وغيرهم من علماء أوربا الذين انتفضوا على التخلف، انما انطلقوا من العلوم الاسلامة، كالكيمياء والفيزياء والطب والقياس الزمني والهندسة، والتي تم ترجمتها في سالارمو من العربية إلى اللاتينية في مجلدات ينوء بحملها أولي العصبة.
من السهل أن يحدث أي جندي جبان ضجيجا هائلا في صفوف أي جيش محترم، إذ يكفي أن يقف في مؤخرة الجيش، عند احتدام المعركة، ليطلق النار على زملائه من الخلف.. هكذا تكون البطولة لدى بعض كتابنا.. إطلاق النار على الذات عبر دهس المقدس، هو أقصر الطرق لنيل الجوائز العالمية الكبرى، ولن يقتصر الأمر في هكذا حالة، على نيل الغونكور وموريالك وجائزة القارات الخمس للفرنكفونية، بل سيكون صاحبنا مرشحا لجائزة نوبيل للآداب ، وكلنا يعلم توجهات الحاصلين عليها.
أنا شخصيا، أعلن رفضي لفتوى القتل الغبية هذه، لأني أنتظر أن يحصل كمال داود على نوبل للآداب، لأحتفل به بوصفي جزائريا، أما كوني عربيا مسلما، فلا باس من تأجيل احتفالية هذا الجزء مني، فنحن اليوم انتقلنا من تفتيت الأمم والدول والكيانات، إلى تفتيت الذات الواحدة، وتحويل الانسان المسلم، إلى فتات بلوري تحركه يد الشيطان.
ليعلن كمال داود ما شاء له أن "اللغة العربية ميتة، وميتة جدا"، لكني أراهن على أن يبقى هو حيا، لكي يشهد بعينيه ميلاد أجيال كاملة ، ترفس بقدميها هذا الهراء الذي لا يرى في القرآن الكريم، كلام رب العالمين ، مجرد "لغو غريب، ونحيب، وتهديدات وهذيان".
إني أرفض أن يموت كمال داود، كما مات أطفال غزة، فهؤلاء الأطفال الذين دفنوا تحت الأنقاض هم برأي كاتبنا الكبير "أكثر سوء من الاسرائيليين" فقط لأنهم عرب.. ولذلك يستنكر المسيرات المساندة للفلسطينيين، ويدعونا لنجرب الحياة في عاصمة الكيان "عش في تل أبيب".
أليس من حق اللوبي الصهيوني في فرنسا، أن يفرش الورد لهذا الكاتب البارع، الذي شذ عن قطيع العربان الجزائريين، من العروبيين البعثييين الإسلامويين كما يقولون، وهؤلاء موجودون في كل أزقة الجزائر وحواريها؟ .
سيكون علينا أن نرفض بكل تأكيد أن تمس هذا الكاتب اللامع أي سوء، بفتوى ظلامية أم بغيرها، لأننا نريد للجانب المعتم في دواخلنا أن يرى النور يوما .. هذا النور الذي لا يمكن أن يأتي من فرنسا أبدا، ولا من ثقافتها، ولا من بلاتوهاتها التلفزيونية أو جوائزها الملغمة.
هذا النور يوجد بعيدا جدا، في آفاق لا يطالها قلب يحقد على ماضيه وانتمائه، ولا يرى في بلاده إلا قطعة مفصولة عن امتدادها الطبيعي، ويريد رغم أنف التاريخ والجغرافيا أن يلصقها بفرنسا لصقا.
هذا النور، لا يمكن أن يسكن عيونا ترى في الجزائر مجرد "مزبلة بشعة"، في مقابل جنة فرنسا وشوارعها الأنيقة.
لا .. لا تلمسوا كمال داود بسوء.. نحن نختلف معه ، لكن لا نكفره ولا نلغيه.
دعوا الأقدار تصل بهذا القلم اللامع، أن يقرأ ويستوعب يوما شهادة التلفزيون الألماني عن العلم الاسلامي المكتوم، الموجود في مجلدات جامعة فرنكفورت...
ففي هذه الشهادة ما يرد على كل هذا اللغط ذلك أنه "بينما كانت بيوت العرب والمسلمين في القرن العاشر مجهزة بدورات إمداد وتصريف للمياه وكانوا يذهبون يوميا للحمامات لتنظيف أنفسهم، كان الناس في المدن الأوربية يسيرون في الشوارع بأحذية خشبية عالية جدا، لتفادي كميات البراز المتراكمة في الشوارع .".
--------------------------------------------------------------------------------
المصدر/ جريدة الحياة الجزائرية 
قصة الحيوان الذي يسكننا!
بقلم بروين حبيب
 لطالما آمنت أن المرأة والرّجل كائن واحد، مع أني ولدت وكبرت في مجتمع يفرّق بين الجنسين منذ لحظة الولادة، بحيث تمتدُّ تلك التفريقات إلى آخر عمر المرأة. ويصرُّ أغلب من أعرفهم من النساء والرجال على أن المرأة هي سبب وضعها التعيس في العالم العربي، وأنّها ضد المساواة لأسباب تعود أصلا إلى أعباء الحرية… …لقراءة المزيد
 لطالما آمنت أن المرأة والرّجل كائن واحد، مع أني ولدت وكبرت في مجتمع يفرّق بين الجنسين منذ لحظة الولادة، بحيث تمتدُّ تلك التفريقات إلى آخر عمر المرأة. ويصرُّ أغلب من أعرفهم من النساء والرجال على أن المرأة هي سبب وضعها التعيس في العالم العربي، وأنّها ضد المساواة لأسباب تعود أصلا إلى أعباء الحرية… هذا ما نسمعه، لأن ما نراه يختلف عمّا نعيشه. مؤخرا فقط التقيت صديقا حكى لي ـ بحكم مهنته — كيف يمنع أغلب اللاجئين السوريين بناتهم من الالتحاق بالمدارس، ويفضلون أن تتزوج البنت ولو في عمر السادسة عشرة أو أقل. حكايات صديقي حول وضع اللاجئين من النوع الذي يجعل السّامع يضحك مع الشُّعور العميق بالمرارة. فنحن في النهاية مجتمع المتناقضات العجيبة بامتياز، لدرجة أنني أصبحت أشك في أن كل ما دُوّن عن قاسم أمين ونضاله لتحرير المرأة إنّما دُوِّن من باب غرائبية قصته، مثله مثل «السندباد» و»علي بابا والأربعون حرامي»، وغيرها من القصص التي كانت تدهشنا لكثرة عناصر التشويق والإدهاش فيها. فمثلا قلة من يعرفون أن قاسم أمين من أب تركي، لكنه ينسب لمصرية أمه أكثر مما يذكر نسبه الأبوي، وهذه إحدى غرائب الموضوع كله، فابن السيدة المصرية السعيدة الحظ نال ما لم ينله أترابه في أواخر سنوات الـ1800 التي كانت أتعس سنوات في تاريخ البلاد العربية كلها، وهي ترزح تحت الحكم العثماني… فالرجل خريج جامعة مونبيليه من فرنسا، يتقن الفرنسية، يفكر بطريقة غربية، ويحب بناته ويناضل من أجل حرية النساء.. ثم حين تلت حكاية هدى شعراوي حكاية قاسم أمين، تحدث التاريخ عن أول مظاهرات قامت بها النساء سنة 1919 للمطالبة بحقوقهن، لكنه أهمل كيف قمعت المظاهرات، ومن هن من ذهبن ضحية هذه المطالب. هذه الثورة المصرية الطويلة للمطالبة بحق النساء حققت نتائج أرعبت المجتمع في الحقيقة، حين امتدت تأثيراتها إلى الجيران.. وفي أوج اليقظة النسائية في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي بدأت التيارات المعاكسة تعمل لعرقلة هذا التطور… ومع نهاية القرن، أصبحت المرأة نفسها «تناضل» للعودة للبيت، وتعدد الزوجات، أما اليوم «والحمد لله» فقد فُتِحت أسواق النّخاسة عندنا من جديد، وتوج «نضال» دعاة التدين المتطرف بإنجازات قطع الرؤوس، وبيع النساء بأثمان بخسة… مع ملاحظة أن بيع النساء لم يتوقف أبدا، فقد كانت مهور الزواج التعجيزية أحيانا سببا مباشرا لصب الغضب الذكوري على المرأة، مع أن البائع والشاري دائما هو الرجل. تعقد الزيجات كما لو أنها صفقات مربحة، ولهذا حوصرت المرأة حتى لا تحب وتعشق، فالحب كالسحر يجعل المرأة تمنح نفسها بدون مقابل للرجل الذي تحب. لا غرابة إذن إن سمعنا قريبا عن رجال يسافرون من بلد إلى بلد «لاقتناء» نساء رخيصات بعشرين دولارا أو أقل. ولا غرابة بعد سنوات قليلة، بما أن تطورنا نحو الخلف سريع جدا، أن نجد من يقايض امرأة بسلة بيض، أو كيس بصل، أو صندوق بطاطا. وعلى كل فلمزيد من المعلومات فقط فإن سعر الخروف في أسواقنا العربية قد يصل لـ300 دولار، أمّا البقرة فإن سعرها لا يقل عن 2500 دولار. لست خبيرة بسعر الأبقار حتى لا تنهال عليّ الأسئلة بشأنها، فما أوردته إنّما من باب المقارنة فقط بين سعر المرأة في أسواق النخاسة الجديدة عندنا، وأسعار الأبقار، فهل ستبدأ ثورة جديدة للنساء بسبب تدني هذه الأسعار؟ أقول هذا لأن أغلب نسائنا المثقفات يعتبرن صفة «نسوية» تهمة… ولهذا فهن تهربن من هذه الشبهة لفترة سنوات طويلة جدا، ومارسن الصمت الذي جعل التيارات المتطرفة تنمو في هدوء، وحين بلغت السكين البلعوم الآن بدأن يتحركن ويعترفن شيئا فشيئا بأنهن نسويات. مؤتمرات في كل مكان خلال الأشهر الأخيرة تنظمها نساء عربيات في عواصم عربية وغربية تناقش وضع المرأة المزري، وتبحث عن وسائل لإيقاف الحملة القمعية الشرسة على النساء في بؤر الحرب العربية اليوم. برامج تلفزيونية وإذاعية أصبحت يوميا تثير الموضوع، مقالات تغيرت نبرة أصحابها من الدعوة لردع تحرر المرأة إلى الدعوة لإنقاذ المرأة… وهذا يبدو غريبا، فقد كان الأسهل أن نواصل ما بدأه التنويريون العرب في بداية القرن الماضي، لنحقق الرخاء الذي نحلم به، لكننا مشينا عكس السير فحدثت كل هذه الكوارث. فإن كان بعض نسائنا اليوم يُبعن في أسواق الذل بسعر دجاجة مذبوحة، فإن استباحتهن وهتك أعراضهن أصبح من أقبح وصمات العار التي لحقت بنا مؤخرا، وهذا أمر أدخلنا في متاهة، ضائعين بين أن ندافع عن سمعة الإسلام الطيبة وسمعتنا كمجتمع محافظ، وبين الالتفات لجراحنا ومحاولة تطبيبها. إذ ليس سهلا أن نعيد هذه الوحوش الكاسرة إلى بطون أمهاتهم الجاهلات، ونعمل «ريسايكل» لملايين العقول الفاسدة للحصول على منتوج إنساني جديد عندنا. إننا بحاجة إلى معجزة ربانية تفسر حكمة الخلق لهؤلاء، قبل أن نبدأ بعقد مؤتمرات في قاعات مغلقة في عواصم غربية (في الغالب) تضم الهاربات من مجتمعاتهن بسبب تخلف الأكثرية ومحاربتها لهن. صحيح أننا متأخرون دوما في تبني نظريات الآخرين، ولكن بالنسبة للمرأة كان وضعنا أفضل حين كانت لدينا رموز نسائية قمة في الروعة مثل، جميلة بوحيرد الجزائرية، أو نوال المتوكل المغربية، وغيرهما، وكان مناسبا جدا أن نمضي قدما من تلك المرحلة، لكن تمشي الرياح بما لا تشتهي السفن، هبت علينا رياح «رجعية» كسرت تاريخ كل تلك القامات العظيمة التي توجت تاريخنا. واليوم أصبح علينا أن نصحح بعض الأفكار: النساء هن شقائق الرجال وهن كائنات من الجنس نفسه الذي ينتمي إليه الرجال «بقدرة القادر»، لهذا يستحيل أن تكون أمك أفضل النساء في العالم، وأمهات باقي الرجال حثالات أو غنائم حرب. ابنتك أو اختك لن تكون محترمة بين الناس ما لم تحترمها أنت أولا وتحميها، وإن أهنتها مرة واحدة أمام غيرك فقد فتحت باب الجحيم عليها، سيهينها كل من هب ودب، وتصبح مهزلة تعلك يوميا في الأفواه من خلف ظهرك.. و»اسأل مجرّب ولا تسأل حكيم..!». لا تكتئب إن أحبت ابنتك شابا فهذه بوادر خير على أنها ليست شاذة، فمن غير المعقول أن تحب صبية مثلها، وتبقى سجينة علاقاتها الأنثوية فقط. كن مثلها الأعلى لتختار رجلا يشبهك، ولا تكن «الشبح» الذي يصنع كوابيس حياتها فترتمي في حضن أول سافل يمثل عليها دور المنقذ لها. كن صديقا لها فلا أجمل من صداقة الأب لابنته، وصداقة الأم لابنها… كونوا أصدقاء تجمعكم المودة والرحمة.. وخذوا الحكمة مني، لا يمكن لمجتمع نصفه مشلول بتعقيدات الحياة، مقيّد بأغلال عديدة تحدُّ من حركته أن يتحوّل إلى أمة محترمة. قيّدوا أي حيوان أمامكم وتابعوا ماذا سيفعل، إن أطعمتموه وسقيتموه سيدجن مع الزمن، وإن جوّعتموه تحوّل إلى وحش، وأول شخص أمامه سيمزقه… المصيبة أننا عشنا على مدى قرون مثل هذا الحيوان ومازلنا نفكر: أين الحل؟ فُكُّوا القيد رجاء… أطلقوا سراح هذا «الحيوان» ..دعوه يتدبر أمره…! وللحديث بقية إن شاء الله … ٭ إعلامية وشاعرة بحرينية بروين حبيب نقلا عن القدس العربي
ذريعة حجاب المرأة!
بقلم سطام المقرن
  من المعلوم أن تجميد المرأة عن المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يؤدي إلى تكريس واقع الجهل والتخلف، ونحن اليوم نعيش ظاهرة التغير في الأعراف والتقاليد والأفكار، التي تدعونا إلى الانسجام معها شئنا أم أبينا بالرغم من اعتراف رجال الدين والدعاة بوجود الخلاف الفقهي حول أصل تشريع الحجاب …لقراءة المزيد
  من المعلوم أن تجميد المرأة عن المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يؤدي إلى تكريس واقع الجهل والتخلف، ونحن اليوم نعيش ظاهرة التغير في الأعراف والتقاليد والأفكار، التي تدعونا إلى الانسجام معها شئنا أم أبينا بالرغم من اعتراف رجال الدين والدعاة بوجود الخلاف الفقهي حول أصل تشريع الحجاب وحدوده، وما إذا كان حكما تأسيسيا أو إمضائيا وغير ذلك من البحوث في هذه الدائرة مثل كشف أو غطاء الوجه، إلا أن ردة فعل البعض كانت عنيفة عند ظهور الدكتور "أحمد الغامدي" وزوجته في برنامج تلفزيوني، واصفين ذلك بالفعل "الحرام" و"الفتنة"! إذ يقول أحد الدعاة ما نصه: "من فتن هذا العصر انحلال الغيرة والرجولة تحت ستار الخلاف الفقهي، يعمد أحدهم إلى امرأة خصه الله بها فيعرضها أمام الناس، ويل لمفتتحي أبواب الفتنة". ويقول آخر: "نحن في معركة تدور رحاها حول ستر المرأة، ويتعارك طرفاها حول الأمر باللباس وهو الطرف الرحماني، ونزع اللباس وهو الطرف الشيطاني، ولما كان الفريق الشيطاني اليوم قد جعل عنوان هذه الجولة نزع الستر الواجب عن وجه المرأة، فإننا نشن الغارة عليه بما يفضح أمرهم"! في الماضي كان يقول بعض الدعاة عن الذي يسمح لبناته بالتعليم في المدرسة "ديوث" (لا يغار على حريمه)، وذات الوصف عن الذي يدخل في بيته التلفزيون، وفيما بعد الذي يدخل في بيته "الدش الفضائي"، وأيضا عن الذي يسمح لأهله باستخدام الجوال، وها هم اليوم يكررون الوصف لمن يسمح لزوجته بكشف وجهها! والسؤال المطروح هنا: إذا كانت مسألة الحجاب خلافية. فلماذا يتهم المخالف بفعل الحرام ويطعن في دينه؟ خاصة أن الدعاة دائما ما يقولون عن اختلافات الفقهاء إنها "غذاء للعقل وغربلة للفكر"، ويقولون أيضا عن المنكرين لغطاء الوجه "هؤلاء نتوجه إليهم بالإنكار العلمي مع عميق المودة والحب في الله". فما الذي حدث إذًا؟ لقد دأب الدعاة ورجال الدين على الإشادة بالحجاب دائما، والصعود به إلى الدرجة الأخلاقية المطلقة ومحور الإيمان والالتزام الديني للمرأة المسلمة، إلى جانب التخويف من الغرب والسفور والاختلاط حتى لا يبقى شيء من القيم الأخلاقية والدينية للمرأة إلا ويدخل في إطار الحجاب. واهتمام الدعاة بالحجاب ليس من الناحية الشكلية، وإن كان ذلك محور دعوتهم، وإنما يقف وراء ذلك تفريغ طموح المرأة في المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنيل من الهوية الإنسانية لها، وإلا فإن كشف وجه المرأة يتفق على مشروعيته الكثير من علماء المسلمين. البعض قد يقول إن حرب العلمانيين والليبراليين على الحجاب تبدأ من خلال الهجوم على النقاب وغطاء الوجه مستغلين في ذلك اختلاف العلماء في هذه المسألة، لأنهم يعلمون أنها متى تحققت سيسهل ما بعدها، وعندما ينجحون في حربهم هذه، يبدأ الهجوم على الجلباب ثم غطاء الرأس ثم على الأكمام الطويلة حتى تخرج المرأة سافرة ومتبرجة من بيتها تخالط الرجال، وكما قال الله تعالى: "ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما". يقول أحد رجال الدين: "وما قاسم أمين عنا ببعيد! فعندما كان يطالب بكشف الوجه في كتابه الأول "تحرير المرأة". إذا به يكشف عن خبثه في كتابه الثاني "المرأة الجديدة" فيشن الحملة التشويهية على الحجاب كله! والمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين". وعلى هذا المنوال، يبدأ الدعاة بسرد كيف حدث السفور في البلدان العربية الأخرى، متجاهلين في الوقت نفسه أن المرأة هناك تعيش أجواء الممارسة الاجتماعية والاهتمام بالوعي الثقافي والاقتصادي والسياسي إلى جانب الالتزام الديني والمحافظة على العفة والأخلاق وعلى العلاقات الأسرية والقيام بواجب الأمومة!. إن الهدف من الحجاب الذي ينادي به الدعاة ورجال الدين ليس في شكله من كشف أو غطاء، فهذه ليست مشكلة بالنسبة للدعاة وحتى للمجتمع الذي بدأ يدرك أن الالتزام بغطاء الوجه مرده إلى العرف والتقاليد، وإنما الهدف هو التأكيد التام على حجب المرأة وحبسها في البيت لممارسة دور الأمومة والحضانة وخدمة الزوج فقط على حساب كرامتها وحرمانها من شخصيتها الإنسانية والاجتماعية. لا شك أن الأمومة وتربية الأطفال دور مهم وعظيم للمرأة، ولكن هذا لا يعني أبدا أن تنحصر شخصية المرأة في هذا الإطار فقط، فللمرأة الحق في تنمية طاقاتها وكسب هويتها في المجالات التي يحتاجها المجتمع، حينها ستكون أقدر على تربية الأطفال؛ لما تملكه من فهم واسع وشخصية اجتماعية سليمة تؤثر إيجابيا على أطفالها. كثيرا ما نتساءل في المجتمع عن أسباب عدم قدرة الأطفال في الحديث أمام الناس وخجلهم الشديد؟ ونقيس ذلك على أطفال الغرب الذين يتحدثون ويتصرفون كالكبار، والسبب في ذلك يعود إلى نضوج المرأة هناك في تعاملها مع أطفالها، فهي وصلت إلى مدارج عالية من التعليم في الطب والهندسة ومشاركة الرجل في الصعود بالواقع الاجتماعي من موقع المسؤولية والقيم الإنسانية التي أرادها الله عزّ وجل للإنسان في عملية استخلافه على الأرض. من المعلوم أن تجميد المرأة عن المشاركة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يؤدي إلى تكريس واقع الجهل والتخلف في المجتمع، ونحن اليوم نعيش ظاهرة التغير في الأعراف والتقاليد والأفكار، التي تدعونا إلى الانسجام معها شئنا أم أبينا، والمرأة اليوم تحس بوجودها وكيانها المستقل وهي تطالب بهذا الاستقلال.. أليس ذلك من حقها؟ لا يمكن أن يؤدي حجب المرأة عن المجتمع بذريعة الحجاب إلا إلى مزيد من قهر المرأة وتكريس التخلف والتبعية للرجل في المجتمع. أعتقد أن السبب الذي يقف وراء اتخاذ الدعاة ورجال الدين لمثل هذه المواقف السلبية ضد المرأة يعود إلى الثقافة القديمة المتوغلة في أعماق الذهنية المسلمة، والرواسب التاريخية القديمة التي تقوم على أساس المجتمع الذكوري الذي لا يرى للمرأة مكانا وشأنا سوى الخدمة في البيت وإرضاع الأطفال وما إلى ذلك. سطام المقرن  
«ربيكا» لا تأكل التراب في ألمانيا
بقلم عارف حمزة
لم أعد أتفاجأ في ألمانيا، التي ذهبتُ إليها لاجئاً، بعدم العثور على قرّاء، لمن كانوا في عمري، لكتبي المفضّلة، أو على قرّاءٍ لكتب قد تصبح مفضّلة عندي في يوم من الأيام. ومجرّد عدم التفاجؤ هو أمر محزن بالنسبة لشخص وحيد فقد مكتبته، التي ظلّت وحيدة هناك في الحرب. هو أمر محزن لأنك تصبح مقيماً، أو عدم …لقراءة المزيد
لم أعد أتفاجأ في ألمانيا، التي ذهبتُ إليها لاجئاً، بعدم العثور على قرّاء، لمن كانوا في عمري، لكتبي المفضّلة، أو على قرّاءٍ لكتب قد تصبح مفضّلة عندي في يوم من الأيام. ومجرّد عدم التفاجؤ هو أمر محزن بالنسبة لشخص وحيد فقد مكتبته، التي ظلّت وحيدة هناك في الحرب. هو أمر محزن لأنك تصبح مقيماً، أو عدم موجود نهائيّاً، في بلد ذهبت إليه وأنت تفكّر أن تعيش كسائح لاجئ متحفّز الحواس لكلّ جديد. تعرّفتُ على مجموعة من الشبّان والشابات الذين تخرّجوا حديثاً من الجامعة الألمانيّة، أو في عامهم الأخير من الدراسة الجامعيّة، وكانوا يُشرفون على مركز تطوّعي لتعليم اللغة الألمانيّة، إضافة لوجود قاعة للأنترنت والبلياردو. ورغم الخليط الكبير من اللاجئين المداومين في ذلك المركز، خاصّة مع وجود الأنترنت المجاني وإمكانيّة سماع أصوات أهلهم من بلدان منكوبة في آسيا وأفريقيا إلى قرية «فريدلاند» (وتعني أرض السلام) ، إلا أنّهم كانوا يملكون ذاكرة طازجة في حفظ أسمائنا ومواهبنا القليلة على كلّ حال. ربيكا ويوهانسن كانا يصرّان على تعلّم العربيّة منّي، رغم وجود صديقتهم «زهرة» المولودة في ألمانيا من أبوين إيرانييّن، وتعرف العربيّة الفصحى بطلاقة. كانا يريدان تعلّم العربيّة العامية وليس الفصحى. العربيّة التي نعثر عليها في كلّ مكان ما عدا الكتب التي حرّموها هناك، أي العربيّة التي نعثر عليها كعشب وليس كفطر سام. ربيكا ويوهانسن، لم يكونا يفهمان لماذا هذه العربيّة العامية تختلف حتى من قرية إلى أخرى بسبب موقع القرية وجغرافيّتها أو تاريخها أو طائفة سكانها، ولا يدركان ما معنى الحملة الشرسة عليها، من حرّاس اللغة، طالما هي موجودة بكثرة في العلن. طالما أنّها موجودة «كدولة» وليس «كمستعمرة»!. ربيكا لم تكن تعرف أنّ اسمها معروف لديّ. ولم تعرف أنّها كانت تأكل التراب والكلس عن جدران قرية متهالكة وممحيّة في كولومبيا. ورغم أنّها تخرّجت من الجامعة منذ عامين لم تكن قد سمعت بقرصان مشهور اسمه «غابرييل غارسيا ماركيز». «معقول»؟. سألتها. قالت لي نعم وهي ما زالت خائفة من تلك الـ «ربيكا» التي كانت تترك سريرها في الليل وتذهب لتتحسّس رطوبة الجدران، وتنصت للحركات القليلة والخاطئة للديدان داخل وجبتها المفضّلة. أتصوّر بأنّها كانت راقية في عدم استفراغ وجبتها الصباحيّة في وجهي. المتخرّجون الخمسة لم يكونوا قد قرأوا، أو سمعوا حتى، بوليم فوكنر أو ساراماغو أو كوبو آبي أو صموئيل بيكيت أو آن سكستون أو ريلكه الألماني أو سلفيا بلاث... ولكنّهم اعتبروا ج. ك. رولينغ أكثر الكتاب إبداعاً مع كتابة سلسلتها الشهيرة «هاري بوتر»!!. تذكّرت وقتها حبّ الألمان، الشبّان منهم والكبار في السنّ، لقراءة كتب المغامرات والإثارة. ربّما اللؤم هو ما جعلني لا أسألهم عن صاحب «شيفرة دافنشي« و»ملائكة وشياطين». من بين الخمسة تألّمت لأنّ ربيكا لم تعرف ولم تقرأ المئة عام من العزلة؛ لأنّني كنتُ أظن أنّ للشخص نصيباً من اسمه، ورغم أنّني سعدتُ بنجاتها من مصيرها الرطب في الرواية، إلا أنّني حزنت على وحدة قرينتها التي لم تذق تراب ألمانيا طوال الأعوام العشرين الماضية. زهرة أخذت نصيبها من تكشيرة ملامحي، ملامحي التي تكون مخيفة وأنا سعيد فما بالكم مع تكشيرة لاجئ؟!، عندما قالت بأنّها لم تسمع بأحمد شاملو أو فروخ فرخزاد. ولكنّنا شعرنا بالفرح عندما تحدثت لنا عن الأسماء العظيمة في السينما الإيرانيّة. وصارت تتحدّث عن مسقط رأس أبيها الذي هو نفسه مسقط رأس «محسن مخملباف». وفي نهاية هذه الجملة بالذات نظرت زهرة في عينيّ، وسمعتني معاتباً: ومع ذلك لا تعرفين فروخ فرخزاد؟ من دون أن أقول لها ذلك. فانسحب دم الفرح من وجهها من جديد وبرّرت حزنها الخفيف بسبب الصوم في شهر رمضان. أنا تفاجأت من فكرة أن خريجي جامعة لا يعرفون تلك الكتب العظيمة في الرواية والشعر والمسرح. إذ كانت أيام الجامعة تعني كذلك الغرق في تلك «البرك» التي تملؤها الروايات والشعر بماء الحب والحياة الجديدة التي كنّا نخوض فيها. وتفاجأت من فكرة أن خريجي جامعة قد يعرفون كاتباً ما من خلال مسلسل تلفزيونيّ أو فيلم سينمائيّ فحسب؛ كما كان يحدث عندنا؛ من خلال معرفة نجيب محفوظ في المسلسلات التلفزيونيّة، وإحسان عبد القدوس في الأفلام..، ولكن ليس من خريجي الجامعات على أيّة حال. أنت شاعر إذاً. قال لي «هيلموت» سائق «الفان» التي كانت تأخذنا إلى أماكن بعيدة في الريف الألماني الجميل، والذي بقى طازجاً منذ انتهاء آخر الحروب والابادات على هذه الأرض وحتى الآن. وشعر بالغبطة لأنني قرأتُ ريلكه مترجماً إلى العربيّة. ثمّ تفاجأ لأننا في بلادنا العربيّة قرأنا تراكل، في الشعر أيضاً، وهوسلر وهايدغر في الفلسفة. وقال لي بأنّ تراكل تصعب قراءته وفهم نصوصه باللغة الألمانيّة نفسها فكيف يقرأوه العرب؟. قال هيلموت بأنّ الشباب الألماني، وحتى الكبار، يهتمون بالروايات العاطفيّة والرومانسيّة. هي الروايات التي تجدهم يقرأونها ككتب، أو في أجهزتهم المحمولة، في المترو والقطارات والمتنزّهات أثناء تعرّض الشمس لأشعة أجسادهم وبياضها الأصفر. الأجساد التي تبدو «منزليّة» من كثرة ما هي بيضاء وبزغب خجول. وكان يقصد تلك الروايات التي تشبه روايات الجيب السرّية عندنا كروايات عبير وما شابهها. ثمّ أخفض صوته وكأنّه يقول سرّاً عائليّاً: أنا أعتقد بأنّه لم يخرج شاعر عظيم عندنا هنا في ألمانيا، ولا روائيّ عظيم، منذ عشرات السنين. في البنسيون الذي أسكن فيه، وهو مخصّص للاجئين أيضاً، توجد مكتبة كبيرة، بقيت أنقل غبارها الكثيف من الكتب إلى عينيّ وأنا أحاول معرفة عناوينها وأسماء كتّابها. وكانت كلها لا علاقة لها بالأدب!. كانت عن الأماكن والبلدان والتاريخ والأدوية والمنظمات التي تعمل في الإغاثة وحقوق الإنسان وأطالس وكيفيّة تعلّم الرسم ومجلّدات ضخمة عن الطبخ. مع بعض القصص الصغيرة المصوّرة للأطفال. وبدا الأمر أنّ تلك الكتب كانت مدفونة في المكتبة؛ إذ لم ألمح أحداً يقترب منها ويختار كتاباً ليقرأه، لا من عائلة مونيكا، التي تسكن معنا، ولا من اللاجئين الذين يبحثون عن عمل «أسود» في أول استقرار لهم هناك. كما أن الشموع العديدة حول تلك المكتبة بدت سهراً على راحة أرواح تلك الأسماك والحيتان الميّتة على رفوف الخشب. سألتُ مونيكا صاحبة البنسيون، التي كانت تطلب مشاهدة صور طفليّ وزوجتي كي تطلق زفرات طويلة ضد الحرب، وكانت تزعل لأنّني «أتزهّد« بعدم خروجي كثيراً من البنسيون: ألا توجد روايات هنا أو كتب شعر؟ روايات؟؟ ردّت عليّ مونيكا متسائلة باندهاش كبير وكأنّني كفرت، أو كأنني بدأت أفكّر بخيانة زوجتي أو قضيّتي!!.
قبر فخم لكاتب رواية (الساعة الخامسة والعشرون)
بقلم  فاضل ابراهيم الجبوري
رواية الساعة الخامسة والعشرون كتبت باللغة الفرنسية، وهي أحدى أهم الروايات التي قرأتها في حياتي، وكانت آخر كتاب بعته في شارع المتنبي في زمن الحصار، وشعرت حينها كأنني خسرت صديقاً عزيزاً، قرأتها عدة مرات، وما زلت أحن الى قراءتها، قرأتها وكأنني شاركت في تحمل مآسي الحرب الكونية الثانية في كل المواقع …لقراءة المزيد
رواية الساعة الخامسة والعشرون كتبت باللغة الفرنسية، وهي أحدى أهم الروايات التي قرأتها في حياتي، وكانت آخر كتاب بعته في شارع المتنبي في زمن الحصار، وشعرت حينها كأنني خسرت صديقاً عزيزاً، قرأتها عدة مرات، وما زلت أحن الى قراءتها، قرأتها وكأنني شاركت في تحمل مآسي الحرب الكونية الثانية في كل المواقع والمدن والظروف، وكنت أمزج قراءتي لها بكتابات يونس بحري –سوري الجنسية- عن الحرب في مجلة (الحرب العالمية الثانية). قرأتها أول مرة في العام 1980 مترجمة الى العربية، هزتني وابكتني وصارت الرمز الذي احادث فيه الناس عن الساعة التي لن تأتي أبداًَ، لانها خارج الزمن والعقل، سئل نجيب محفوظ عن أفضل كتاب قرأه في العام 1982 وكان جوابه (رواية الساعة الخامسة والعشرون)، نحن لم تصبنا تلك الحرب مباشرة ولكن اثرها كان مدمراً علينا، ولن أنسى ما حدث لـ(يوهان مورتيز) وزوجته سوزانا، كاتب الرواية روماني مقيم في باريس (كونستانتان جيورجيو) تصورت انه مات منذ زمن بعيد غير اني اكتشفت من مجلة كل العرب، التي تصدر من باريس، ان جيورجيو مازال حياً يعيش في باريس، وقد كتب رسالة الى رئيس بلدية المدينة حينها (جاك شيراك) يرجو فيها ان يمتلك قبراً في باريس بعد ان اصبح على بعد خطوة من الموت، جاك شيراك عمدة بلدية باريس آنذاك لم يرد على الكاتب بسرعة، لكنه ذات يوم دق باب الكاتب العجوز، وما ان فتح له الرجل الباب، حتى تمنى عليه ان يصطحبه في نزهة قصيرة، ثم اقترب به من مقبرة العظماء في فرنسا، وعندما دخلاها أشار الى فسحة كبيرة مزروعة ورداً وريحاناً، وفي وسطها قبر من الرخام الذهبي.. ثم ابتسم وقال له: يؤسفني ان تكون علاقتنا عبر قبر، ولكن هذا مآلنا جميعاً، وكم تمنيت لو انك طلبت شيئاً غير القبر، فأنت تستحق أي شيء تطلبه، ولكن الكاتب الراهب لم يطلب اكثر من ذلك، وقال له عمدة باريس بالحرف الواحد: بعد عمر طويل ستفخر باريس ان تضم رفاة كاتب عظيم مثلك. هكذا الحضارة، وهكذا الكبار عندما يفعلون شيئاً من اجل العظماء. قال له جاك شيراك: ذاك قبر نابليون بونابرت، فيكتور هيجو، جان جاك روسو، فولتير، شارل ديغول، المهندس ايفل، جان دارك، سارتر، بابلو بيكاسو، ...وسواهم. بالمناسبة قال رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل عن الاديب الخالد وليم شكسبير: ان بريطانيا مستعدة ان تخسر كل مستعمراتها ولا تخسر شكسبير! ونحن الذين نقول ان الشعر ديوان العرب، نبني قبراً متهالكاً في أطراف مدينة النعمانية لاعظم شاعر عربي (ابو الطيب المتنبي) هذا القبر أصبح مظلة لرعاة الاغنام الذين يصنعون من طابوقه مصطبة (دكة Dock). وكتابنا مثل عبدالرحمن مجيد الربيعي وعبد الخالق الركابي وعبدالستار ناصر وحاتم الصكر وغيرهم يجوبون شوارع بنغازي وعمان وصنعاء كمعلمين للصغار... وربما سيموتون على قارعة الطريق ولا يجدون من يلمهم ويهيل عليهم تراب الوطن الذي أحبوه.. لو ان حكومة بغداد كانت تعرف ان آلاف الصبات (الكونكريت concertr) لم تمنع السيارات المفخخة من الدوي الهائل داخل دواوين الوزارات او مجالس المحافظات، لما صرفت مئات الملايين من الدولارات على الصبات التي كانت أثمانها تكفي لإنشاء مائة مدرسة عصرية بدل الطين والقصب.
إغتصاب
بقلم فرح محمد
اغتصاب الأنثي مادياً قد لا يُوجِعُها بعض الشئ بِقدر ما يُوجِعُها اغتصابها بِنظرات المُجتمع العقيم الذي يرمي بِسهام وسِياط من نار عليها باللوم الدائم تاركين الجاني ومُمسكين بالمجني عليه لِكونها إمراه وهي من تَسببت فِ اغراءهِ , انما هو فَ رجل لا يعيبهُ شئ سوي أنه المُغررّ بهِ , تلك هي المُبررات …لقراءة المزيد
اغتصاب الأنثي مادياً قد لا يُوجِعُها بعض الشئ بِقدر ما يُوجِعُها اغتصابها بِنظرات المُجتمع العقيم الذي يرمي بِسهام وسِياط من نار عليها باللوم الدائم تاركين الجاني ومُمسكين بالمجني عليه لِكونها إمراه وهي من تَسببت فِ اغراءهِ , انما هو فَ رجل لا يعيبهُ شئ سوي أنه المُغررّ بهِ , تلك هي المُبررات والحجج القائمه ,تلك هي العادات والتخاريف المُجتمعيه التي تُسقِط حق المرأه المُغتصَبه وتُبيح الفعل لِلرجل دون ردعٍ له لِيكون عِبره لِغيره ولَكن لا أحد يعتبرّ فَهذا مُجتمعنا وتِلك عقول البعض المَحشوهَ بالعهر الفِكري والتخلُف الشرقي المُزدوجّ , فَكم من أُنثي تم إغتصابها كم من أنثي تم التحرش بها بكل معاني التحرش البذيئه؟ كم من مرة أخذت فيها المرأه حقها وكم من أحدٍ قدم لها يدِ العون والمُساعده ؟ اين القانون واين التشريع الحاسم في تلك المُعاناه التي تُعانيها كل فتاه وامرأه تم التحرش بها او إغتصابها؟ المجتمع لِلاسف هو اللبنه الاساسيه في مساعده الجاني بإن ينفذ من العقوبه لِكون ان الرجل يحق له فِعل أي شئ دوم مُحاسبتهِ , وتأتي بعد ذلك الانثي التي تم اغتصابُها تلتزم الصمت لِخوفها من نهش المُجتمع لها , لِخوفها بِأنها لم ولن تستطيع أخذ حقها لِأنها تعلم علم اليقين ان لا احد سَيقف بِجانبها لِلخوف الشديد من نظرات المُحيطين من الجيران والمعارف والاهل الخ الخ تُنحَتّ نفسيا وتُقهَر اجتماعياً والسبب رجل عاهر أخلاقياً شهواني فِكريا لا يُفكر إلّا من بين أرجلهُ فقط لا تهمه الضحيه التي تتوسل له بِقدر مايهمه فقط إشباع غرائزه العَفِنه دون رحمه رغم توسلاتها له إلّا انه لا يرحم إلاّ شهوته الفارغه فَهي عنده أحق بالرحمه والشفقه^ إلي متي السُكوت علي ما نراه فِ مُجتمعاتنا من نَهب وسَلب لِأجسادنا كَ إناث ؟ إلي متي الصمت واين الردّع القانونيِ الحازمّ والحاسمّ لِتلك الكارثه التي تتفاقم يوميا وبأكثر من معدلات المواليد تَحدث؟ علينا بِتحطيم تابوت الموروثات التي يحشونَ بها عقولنا كَي نحمي نفوسنا ونتحرك ونفعل لِأجلنا نَحنُ و لِأجل حِمايتنا من مُجتمع يري الأنثي وكَأنها شئ مُباح(ملكيه عامه) لِلرجل يفعل ما يشاء دون عِقاب أو رَدعّ. عليكِ أيتُها الأنثي الصامته ان تنزعي عنكِ هذا الصمت ان تصرُخي فِ وجه مُجتمع عقيم ولا تكونِ ضعيفه بلّ كونِ أقوي فَ أنتي من كشفتي بِقوتك عَهر المُجتمع وفِكرهُ المزدوج ومن جانب اخر يجب تشريع قانون صارم يُجرّمّ تِلك الفِعله ويأتي بحق المُتحرش بها والمُغتصبه لِضمان حقها ولِلردعّ لِمن يُهيأ نفسه لِلقيام بمثل هذا الجُرّم اللأخلاقي. اما المجتمع : فَعليك تربيه رجالك وعقلهم والتحكم فِ غرائزهم وهذا لن يأتي إلّا من البيت من الأم التي لا هم لها سوي ان تجعل من ابنها الذكر ملك مُدللّ والاخرون يسيرون لِخدمته للِاسف هذا مايَحدث وللِحديث بقيه بقلم/فرح محمد.. يُتبع لاحقاً ملحوظه: كل مقالاتي ملكيه فكريه مُسجلّه .. نقلا عن موقع حركة مصر المدنية
اغتصاب الطفلة .. مسؤولية من؟!
بقلم سمر المقرن
الخبر الذي قرأناه مؤخرًا، ولن يكون الأخير، عن حادثة اغتصاب سائق من الجنسية السورية لطفلة عمرها 8 سنوات أثناء توصيله لها إلى المدرسة، هو خبر تعجز الحروف أن تكتب عن حجم ألمه، ولا توفي الكلمات وصف حالة الأبوين بل والمجتمع برمته جراء هذه الجريمة النكراء. يتضح من سياق الخبر وتصريح المتحدث الإعلامي …لقراءة المزيد
الخبر الذي قرأناه مؤخرًا، ولن يكون الأخير، عن حادثة اغتصاب سائق من الجنسية السورية لطفلة عمرها 8 سنوات أثناء توصيله لها إلى المدرسة، هو خبر تعجز الحروف أن تكتب عن حجم ألمه، ولا توفي الكلمات وصف حالة الأبوين بل والمجتمع برمته جراء هذه الجريمة النكراء. يتضح من سياق الخبر وتصريح المتحدث الإعلامي لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن السائق يعمل بصورة غير نظامية، وأنا هنا لن ألوم الوالدين لأن الظروف أجبرتهما على تسليم فلذة كبدهما لهذا المجرم، ولا أظن هناك بيت في السعودية لم يستعن بسائق غير نظامي بسبب الظروف القاسية التي تجعلنا خاضعين لهؤلاء المجرمين سواء نظاميين أو غير نظاميين، وندخلهم بيوتنا ونسلمهم فلذات أكبادنا ونحن لا نملك أي خيارات أخرى في ظل واقع نعيشه بهذا الشكل المؤلم! يتضح من الخبر أن الطفلة خضعت عدة مرات لعملية الاغتصاب ولم تكن المرة الأولى، إلا أن الله أراد فضح هذا القذر وسقط بيد الجهات الضبطية، ولا أستبعد أنه يقوم بهذه الجريمة الشاذة مع فتيات أخريات، وتحت التهديد والوعيد هنّ لا يتحدثن لأهاليهن، هذا أمر آخر يحز في النفس، أن ترضخ فتاة في هذه السن لتهديدات هذا المجرم ولا تفصح لوالدتها منذ أول مرة تحرش فيها، وهذه مشكلة تربوية أبعدت البنات عن أحضان أمهاتهن، وفجوة ثقة كبيرة بين الطرفين. كما يؤكد المشهد على عدم شعور الطفلة بالأمان! أيضًا، من قراءتي للخبر عن كون السائق يعمل بصورة غير نظامية وما أكثرهم، فيحق لي أن أتساءل عن تلك الحملات التطهيرية التي ساهمت في الحد من هذه العمالة، لماذا لم تستمر؟ وما هي نتائجها؟ شاهدناها كالفرقعة التي سرعان ما جثت وانطفأت! إن هذا الوطن بحاجة إلى حملات دورية تطهيرية تساهم في إبعاد غير النظاميين والمجرمين عن وطننا. إضافة إلى الجهات التي تتحمل مسؤولية مثل هذا الحادث يجب أن نصارح أنفسنا أن وزارة التربية والتعليم تتحمل كثيراً من المسؤولية، فأين مديرة المدرسة وحارسها، مثل ما إنهم حريصون على ارتداء الطفلة -قبل سن الحجاب- العباءة كاملة، فلماذا لا يكونوا حريصين على سلامتها والتأكد من أنها لا تصعد إلى سيارة أو حافلة غير آمنة، ولماذا مثل هذه الحافلات التي حصلت فيها حادثة الطفلة لم تطلب المدرسة صورة الإقامة والرخصة وملكية السيارة وأن معه امرأة من محارمه ترافقه لتوصيل الطالبات؟ مشكلتنا أننا ابتلينا بالاهتمام بالهوامش والقشور ونسينا الأساسيات التي هي قيّم يجب أن لا نتنازل عنها. بعيدًا عن هذا كله، أعود لما رددته في عشرات المقالات ألا وهو نظام مكافحة التحرش الذي ما زال مدفونًا داخل أدراج الشورى، نريد من مجلس الشورى الموقر أن يظهر لنا ويتحدث بصراحة عن عوائق ظهور هذا النظام، فوالله إن هذه الطفلة وغيرها من الأطفال والنساء ممن يتعرضون للتحرش الذي قد يؤدي بعضه إلى الاغتصاب، أن ذنب ما يحصل لهم هو في رقبة كل متخاذل عن تفعيل نظام التحرش الجنسي، فلو تم تفعيله لن تخاف تلك الطفلة من أن تبوح ببداية تعرضها للتحرش وقبل وقوع الاغتصاب، ولن يدفنّ النساء رؤوسهن خوفًا من عدم وجود من يأخذ لهنّ حقهن.. ها نحن ننتظر وقد تم اغتصاب الطفلة ذات الثمان سنوات، والقادم أكثر وجعًا! www.salmogren.net نقلا عن جريدة الجزيرة
الصمت جريمة.. شهادات نسائية عن الأزمات والحروب
بقلم فيء ناصر
أخْتتم قسم الدراسات العربية والترجمة في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة مؤخراً مؤتمراً بعنوان (سرديات وترجمات خطابات الإغتصاب والعنف الجنسي في الحروب في منطقة الشرق الاوسط). المؤتمر جمع مبدعات وأكاديميات عربيات لتحليل ونقد عدة ظواهر لغوية رافقتْ خطاب العنف ضد المرأة من بداية مرحلة التسعينيات حيث …لقراءة المزيد
أخْتتم قسم الدراسات العربية والترجمة في جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة مؤخراً مؤتمراً بعنوان (سرديات وترجمات خطابات الإغتصاب والعنف الجنسي في الحروب في منطقة الشرق الاوسط). المؤتمر جمع مبدعات وأكاديميات عربيات لتحليل ونقد عدة ظواهر لغوية رافقتْ خطاب العنف ضد المرأة من بداية مرحلة التسعينيات حيث بدأ المد الإسلامي المتشدد في الجزائر وإنتهاءاً بمرحلة بيع النساء في سوق نخاسة داعش . أُلقيتْ في المؤتمر عدد من البحوث والشهادات الحية والأفلام الوثائقية وكذلك سرد للنتاجات الروائية العربية التي تناولت موضوع الإغتصاب بشكل صريح. اليوم الأول للمؤتمر كان حافلاً بعدة بحوث أصيلة أَغنتْ دراسات تحليل خطاب العنف، بتعريف موجز عن قسم الترجمة والدراسات العربية في جامعة برمنغهام من قبل الدكتورة رئيسة القسم أنيسة الداودي بدأت فعاليا اليوم الأول، وأكدتْ إن المزيد من البحوث والإحصاءات والمؤتمرات من شأنها تعميق دراسة وتحليل خطابات العنف بالشرق الأوسط وكذلك من شأنها أن توثق للجرائم التي حصلتْ و ما زالت تحدث وتقديم الجناة للمحاكم الدولية مستقبلاً، وإن كل توثيق لكل حالة عنف وقعت على كل إمراة هو أمر بالغ الأهمية وليس هناك أي مبرر لشعور اللامبالاة والتغاضي عن العنف بكل صوره وأشكاله، وهو نوع من إحترام الضحية ورد الإعتبار لها. بعدها بدأت جدول الأعمال الذي تضمن بحثاً للدكتورة كريمة بنون إستاذة القانون الدولي من جامعة كاليفورنيا والدكتورة كريمة جزائرية المولد أمريكية النشأة عنوان بحثها ( فتوتك لاتُطبق ْ هنا Your Fatwa Does Not Apply Here ) وهو عنوان كتابها الذي صدر عام 2013 وفيها تروي الدكتورة كريمة خمسة آلاف حالة إغتصاب من مختلف البلدان الإسلامية، باكستان وأفغانستان والجزائر ومصر، وكيف إنها قضتْ ما يقارب السنتين لكي تزور هذه البلدان وتجمع هذه القصص الحقيقية وإن دافعها الرئيسي لذلك هو معاناتها عندما كانت طفلة في الجزائر حيث تعرض والدها الأستاذ الجامعي وقتئذ محفوظ بنون للتهديدات المختلفة من قبل المتشدديين الأمر الذي إضطره الى الهجرة الى أمريكا، الأستاذة كريمة قالت أيضاً إن الإعلام الغربي يغض البصر عن ضحايا الإرهاب من المسلمين وهو لا يحفل سوى بضحايا مواطنيه وإختتمتْ كلمتها بأن الذين يواجهون الإرهاب بطرقهم البسيطة يستحقون كل التقدير والإشادة بهم من قبل مجتمعاتهم ومن قبل الرأي العام الدولي. اخوات الفراش الدكتورة آمال قرامي الأستاذة الجامعية من جامعة منوبة في تونس قالت في كلمتها إن هناك مفاهيم جديدة طرأتْ على المجتمع التونسي بعد شرارة الربيع العربي التي إنطلقت من تونس وسقوط الرئيس زين الدين بن علي ومن هذه المفاهيم (الواهبات أنفسهن للرسول، أخوات الفراش، مؤازرات الاخوان ، صحابيات ومجاهدات النكاح)، وقالت إن هناك حقد ذكوري على كل من تكافح ضد هذه المفاهيم وترفع صوتها للمطالبة بحقوقها ووصمها بأنها من أيتام زين الدين بن علي أو من أخوات ليلى زوجته وقالت إنها شهدتْ عشرات الحالات من طالبات الجامعة يذهبن الى سوريا والعراق بحجة الجهاد. قدمت بعدها الأستاذة والمحامية الجزائرية وسيلة تمزالي الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة ورقة بحثها باللغة الفرنسية عن شجاعة النساء في الأزمات والحروب وسردت قصص واقعية عن كيفية مقاومة المرأة للعنف والتعسف خصوصاً في حقبة التسعينيات في الجزائر. الأستاذة مديحة النعاس باحثة وناشطة إجتماعية ليبية قدمت ورقة بحثها المرفق بأفلام وثائقية عن حالات الإغتصاب والقتل التي مارسها جنود القذافي خلال الثورة الليبية وطالبتْ بتقديم الجناة للمحاكم وعدم السكوت والنسيان. فعاليات اليوم الثاني أدراتها الدكتورة زاهية الصالحي رئيسة قسم الترجمة في جامعات مانشستر وقُدمت فيه ورقة بحث من قبل طالبة الدكتوراه العراقية في جامعة برمنغهام بلسم عوني عن الخطابات اللغوية لجهاد النكاح والسبي في سوريا والعرق كذلك قدم طالب الدكتوراه الليبي من جامعة برمنغام منعم صالح ورقة بحثه عن الصمت في حالات الإغتصاب في ليبيا بعد سقوط القذافي. البرفسور والصحفي سكوت لوكاس من قسم العلوم السياسية في جامعة برمنغهام قدم ورقة بحثه عن التبشير والدعاية لخطاب العنف في الحرب الأهلية في سوريا. في ختام فعاليات اليوم الثاني قدمت الروائية الجزائرية أنعام بيوض مقتطفات من روايتها (السمك لا يبالي) وهي عن نضال المرأة حين تضيق حلقات العنف عليها، وقرأت الروائية فضيلة الفاروق مقتطفات من روايتها (تاء الخجل) بإعتبارها أول رواية عربية تناولت موضوع الإغتصاب بشكل صريح. الصمت جريمة بلغت نقاشات المؤتمر نتيجة واحدة، و هي أن الصمت على ما يحدث سيكون جريمة في حق أنفسنا، فمرحلة الثورات العربية خلفتْ علامة إستفهام كبيرة لكل من حلم بالتغيير، لأنها لم تحمل سوى الدمار الذي لم يكتف بتصفية الأجساد و هدم معالم التاريخ و الذاكرة بل بلغ مرحلة سحق المرأة و تجريدها من إنسانيتها، فهي ليست أكثر من مخلوق يُباع و يشترى من أجل المتعة، وهي غنيمة حرب، و هدف لإذلال الآخر. فما دامت نساء النكاح أو أخوات الفراش اللواتي يتركن عائلاتهن للسفر إلى سورية والعراق لتقديم أجسادهن لل " مجاهدين" جامعيات في الغالب فهذا يعني أن الجامعات العربية لم تعمل على تنمية العقل و تحريره من أغلال الماضي السحيق الذي إستعبد المرأة، و دورنا اليوم هو أن نواجه الظلام القادم من أعماق تراث ملغوم بمصابيح تنير الطريق لأجيالنا القادمة.
نسوة الموت.. نسوة الحرية
بقلم فاطمة الشيدي
وضع المرأة العربية أو المسلمة يثير، غالبا، الكثير من الحنق والشجن العميق والوجع الخفي لدى كل ذي وعي، فهي بؤرة المسكوت عنه من ظلم وقهر وانتقاص للحريات في بلداننا التي لا يعرف مواطنوها مفهوم الحرية أصلا، فهم مقيدون بسلطات كثيرة كالدين والسياسة والأعراف المجتمعية، وغيرها من السلطات المتجذِّرة …لقراءة المزيد
وضع المرأة العربية أو المسلمة يثير، غالبا، الكثير من الحنق والشجن العميق والوجع الخفي لدى كل ذي وعي، فهي بؤرة المسكوت عنه من ظلم وقهر وانتقاص للحريات في بلداننا التي لا يعرف مواطنوها مفهوم الحرية أصلا، فهم مقيدون بسلطات كثيرة كالدين والسياسة والأعراف المجتمعية، وغيرها من السلطات المتجذِّرة والمتجددة التي تحجب عنهم الرؤية، بلا محاولات للتفكيك أو الفهم غالبا.
غير أن المرأة هي الأكثر امتثالا لشروط هذه السلطات متحدة، وبمشروعية شرعية وزمنية ومكانية تجعلها الأكثر خضوعا، ورضوخا، وربما تقبلا وانصياعا لها، لأنها لا تعرف غير ذلك، وقد لا تحاول أن تعرف، وحين تقرر ـ مَنْ تحاول التحرر من خوفها الداخلي وعبوديتها التاريخية ـ أن تخرج على تلك السلطات، سيكون هناك ألف سيّاف، وألف سيف يقتص من محاولتها تلك، بكل السبل وأبشعها كالقتل الحقيقي بإزهاق الروح، أو القتل المعنوي بالتشهير والفضح لقصقصة أجنحتها، وجعلها عبرة لكل من تحاول لاحقا.
المرأة التي ما تزال محبوسة في أطر الرغبة، وهوامش الانتفاع منها جسدا، وروحا، بإرادتها أو بدون وعي لما تفعل، وبعيدة كل البعد عن النظر لها كإنسان كامل الأهلية والإنسانية، مكتمل الحرية والعقل، حري بالتقدير والاحترام، مهما بلغت درجة وعيها، أو علمها، أو مكانتها. فهي في نظر المجتمع «مجرد امرأة»، وكم هي محظوظة من تجد بعض المؤمنين بها، وبمكانتها وإنسانيتها، لتتمتع ببعض الحرية الناقصة والمختصة في دوائر معينة صغيرة، داخل الدائرة الكبيرة الخانقة والمؤطرة.
ولاشك أن الألم والقهر والغضب، المتعلق بالمرأة العربية والمسلمة، عميق وسحيق في الزمني والمكاني العربي، إلا أنه يحضر ويتصاعد كلما ظهر جديد على الساحة، كما حين تبصر دموع نساء الربيع العربي ـ في معظم أقطاره الحاضنة لثوراته ـ ذلك الربيع الذي روته النساء بدموعهن ودمائهن، مضحيات بأوقاتهن، وأطفالهن شهداء، حالمات بالحرية والعدالة والمساواة في كل شيء من لقمة الخبز حتى الحقوق الإنسانية. إلا أنه سرعان ما انقلب عليهن (هن تحديدا!)، ليكون شتاء صقيعيا لأحلامهن وحرياتهن، ليخرج عليهن منه مدّعو الدين، ليسحقوا حرياتهن، ويسرقوا أحلامهن، ويعيدوهن لعصور النخاسة جوارٍ للبيع والشراء، ولعصور الظلام عورات واجبة الستر والإخفاء.
يتصاعد الألم والقهر والغضب، والجميع يتناقل فيديو المرأة التي رجمها «داعش» بكل وحشية، وظلم، وهم ينصّبون أنفسهم آلهة في الأرض، ويقتصون من ضعف المرأة، ومن قلة حيلتها، وهم يتناسون رحمة الله الواسعة، ويجعلون من أيديهم القذرة أداة للبطش باسمه الرحيم والحليم وواسع المغفرة.
يتصاعد الألم والقهر والغضب، حين تقرأ رسالة ريحانة جبري إلى أمها، تلك الرسالة التي أبكت الحجر والأرض والسماء، الفتاة التي كانت جريمتها الكبيرة أنها دافعت عن شرفها، فيقطف رأسها المحمل بالشرف والعزة والكرامة، وبأحلام الطفولة والشباب والغد الذي كان عليه أن يقبل بكل هدوء وفرح وحب. فأين الشرف في ذلك، وقد زرعوا في كل طفلة شرقية، أن الشرف هو الروح والحياة، وأنها يجب أن تدافع عنه حتى آخر رمق، فلماذا اختلف الحال هنا؟ وأين العدالة والقانون؟ أم أن القانون الذي يطبق على النساء مختلف وناقص، كحقوقهن الناقصة أبدا، وكإنسانيتهن وحريتهن، وعقولهن في أعراف القبيلة العربية وما جاورها وما شابهها في الوعي والحضارة؟
يتصاعد الألم والقهر والغضب، حين ترى الحقوق الناقصة للمرأة في العمل والحياة، والموت أحيانا، حين تسرق طفولة الطفلات بحجبهن عن الحياة، ولفهن في بدايات التفتح البكر في قماش يعيق حركتهن ولعبهن وأحلامهن، وحين توهب أعمارهن الصغيرة وأجسادهن الغضة وأرواحهن الشغفة بالحياة واللعب فقط، لمن يغتصبهن شرعا باسم الله والدين وهن في عمر التفتح والفرح بلا نضج ولا فهم للعبة الحياة القاسية، ودون مشورة أو رأي، وحين تحرم فتاة من تعليمها ومن مصدر قوتها المستقبلي باسم الشرف، وحين يفرق بين الرجل والمرأة في الأجر والعمل، وحين لا تستطيع امرأة أن تتخلص شرعيا من رجل يؤذيها ليل نهار. والقانون أو الشريعة أو كلاهما معا لا ينظر سوى في أحكام الخلع والمال الذي يجب أن تدفعه، ولا ينظر للعمر والجسد والروح الذي أفنته، حين يبصق رجل كلمات الطلاق الثلاث في وجه زوجته، أو عبر وسيط ورقي أو رقمي بلا تقدير ولا تمهيد ولا محكمة، ولا شهود ولا حوار، يليق بسنوات العشرة، أو بإنسانية هذا الشريك الإنسان الذي هو امرأة.
يتصاعد الألم والقهر والغضب، حين ينصّب المجتمع، باسم الدين، الرجل وصيا على المرأة في حركاتها وسكناتها، لبسها وسفرها، جسدها وعقلها (هذا إذا استطاعت التفكير في مجتمعات القهر والكبت) وعلى حياتها، وربما على موتها حين عليه أن يوقع بالموافقة، كولي أمر، على أن تجرى لها أي عملية جراحية، أو الخضوع لأي علاج يهب لها الحياة، في مقابل أن يمنحها هو هبة مجانية للموت.
وحين باسم الدين تصدر الدولة القوانين التي تمنع المرأة من العمل، أو من سياقة السيارة أو من السفر. ولا تشفع جائزة «نوبل» التي تمنح بين فينة وأخرى لامرأة من بلاد القهر حتى لو على سبيل المواساة والتشجيع، ليتغنى بها المتغنون، دون أن تزرع وتربي في المرأة القوة الداخلية لاستشعار إنسانيتها والتمرد على تلك القيود والخروج من الإطار، أو بتغيير السياسات وقوانين الأحوال الشخصية الخاصة بالمرأة، نحو الحرية والمساواة والعدالة.
يتصاعد الألم والقهر والغضب، دائما وكثيرا، في مجتمعاتنا… هذه المريضة بجسد المرأة!
----------------------------
فاطمة الشيدي/ كاتبة عمانية
نقلا عن جريدة القدس العربي
رحيل المفكر التونسي عبد الوهاب المؤدب.. النقد المزدوج
بقلم  عبد الرحيم الخصار
 يحسب لعبد الوهاب المؤدب الذي غادر عالمنا أول أمس الخميس أنه على مدار عقود كان يمارس "النقد المزدوج" في تعامله مع الظواهر المرتبطة بالعالم الإسلامي، فبقدر ما كان يدعو إلى إعادة النظر في تركيبة التفكير الإسلامي الراهن، كان يعتب بالمقابل على الغرب لنظرته النمطية للعالم العربي الإسلامي وأحكامه …لقراءة المزيد
 يحسب لعبد الوهاب المؤدب الذي غادر عالمنا أول أمس الخميس أنه على مدار عقود كان يمارس "النقد المزدوج" في تعامله مع الظواهر المرتبطة بالعالم الإسلامي، فبقدر ما كان يدعو إلى إعادة النظر في تركيبة التفكير الإسلامي الراهن، كان يعتب بالمقابل على الغرب لنظرته النمطية للعالم العربي الإسلامي وأحكامه الجاهزة التي لا تأخذ بعين الاعتبار تنوع هذا العالم وتعدد مكوناته. كانت له أيضا انتقادات من حين لآخر للأوساط الثقافية الفرنسية المنغلقة على ذاتها، فحين اندلعت الثورة في تونس أغضبه عدم تفاعل مثقفي باريس معها: "استمرارية صمت المثقفين الفرنسيين تجاه ثورة الياسمين لا تغتفر، كيف يمكن تفسير هذا الصمت؟ ما فحواه وما دلالاته؟ هل هو ناجم عن اللامبالاة بتونس وشعبها؟ أم أنه لا يزال يعبر عن تقسيم العالم إلى مركز وأطراف تابعة؟" . يقول المؤدب في كتابه "أوهام الإسلام السياسي" الذي صدرت ترجمته العربية في بيروت والدار البيضاء بهذا العنوان، وإن كان العنوان الأصلي هو "مرض الإسلام": "إن ما يهمني أولا وأخيرا أن أنتقد ديانتي الإسلام بطريقة مشابهة لما فعله نيتشه في عصره مع المسيحية". ولعل هذه الجملة تشكل النواة التي قام عليها فكر الرجل، أي إعادة قراءة الفكر الديني من الداخل وتفكيكه ومحاولة مساءلته من أجل عملية يمكن أن نسميها "التحيين"، فالرجل كان عقلانيا، وكانت مواقفه واضحة وصارمة من المد الأصولي والتوظيف الأيديولوجي للدين. ولد عبد الوهاب المؤدب سنة 1946، ونشأ في أسرة محافظة، بدأ يدرس القرآن منذ الرابعة من عمره على يد والده، وفي عامه السادس التحق بمدرسة فرنكوعربية بتونس، ومنذ الرابعة عشرة سيميل نحو الآداب الفرنسية، كان يقرأ كل ما تصل إليه يده من الروايات والكتب المؤلفة بلغة موليير، وبعد سنوات من الدراسة الجامعية بتونس سيلتحق منتصف الستينيات بجامعة السوربون لدراسة الأدب وتاريخ الفن، وسيحصل من جامعة مارسيليا لاحقا على الدكتوراه في "الكتابة والجينالوجيا المزدوجة". منذ 1970 سيشرع في نشر أبحاثه ودراساته بمجلتين لهما مكانتهما الخاصة في الأوساط الثقافية بفرنسا هما "دفاتر السينما" و"الأزمنة الحديثة". وفي الفترة ذاتها سينضم للجنة القراءة التابعة لدار النر "لوسوي"، كما سيتعاون مع دار النشر التي تقف وراء معجم "روبير" من أجل إضافة شروحات تتعلق بالإسلام من جهة، وبتاريخ الفن من جهة أخرى. ومنذ منتصف السبعينيات إلى نهاية الثمانينيات سيشرف على منشورات "سندباد" التي قدمت للقارئ الفرنسي كبار رموز الأدبين العربي والفارسي، لا سيما المرتبطين بالتجربة الصوفية. كان المؤدب يلقي محاضرات ودروسا في الأدب المقارن في كل من جامعة جنيف ويال وفلورانسا وباريس - ديكارت، تمحورت هذه المحاضرات في معظمها حول تاريخ الإسلام والتصوف والأدب العربي المكتوب بالفرنسية. وسيشرف في المرحلة ذاتها على برنامج للأبحاث في مؤسسة "عبر الثقافة". زاوج بين الكتابة والعمل الصحافي، حيث كتب في الشعر والرواية والبحث والترجمة، وأشرف على تحرير مجلة "ما بين العلامات" ومجلة "ديدالوس" كما كان يقدم عبر الإذاعة الثقافية بفرنسا برنامجا أسبوعيا اختار أن يسميه "ثقافات الإسلام"، والحقيقة أن هذا البرنامج كان امتدادا لفكره وتصوراته حول راهن الإسلام وماضيه. حصل سنة 2002 على جائزة فرانسوا مورياك عن كتابه الإشكالي "أوهام الإسلام السياسي"، وفي السنة نفسها سيفوز بجائزة ماكس جاكوب عن مجموعته الشعرية "مادة العصافير"، وبعدها جائزة بينيامين فوندان سنة 2007 عن كتابه "الخطب المضادة"، ثم سينال جائزة الدوحة عاصمة الثقافة العربية عن مجموع أعماله التي تجاوز عددها 35 كتابا موزعة على عدد من حقول الإبداع والمعرفة، ومن بينها: قبر ابن عربي، أقوال البسطامي، الغزالة والطفل، حكاية المنفى الغربي للسهروردي، الصورة واللامرئي، مواجهة الإسلام، الإسلام بين الحضارة والبربرية، ربيع تونس، اِرحل! الثورة...
 ----------------------------- 
نقلا عن جريدة السفير اللبنانية
أتعس حياة و أشقى قصة حب
بقلم حسن إسماعيل إسماعيل
... أدغار آلان بو رائد الرومانسية الامريكية و مبدع قصة الخيال و الرعب مع فرجينيا عزيزتي فرجينيا يابسة اطرافك كروحي العطشى للحياة .. شحوب ملامحك يرسم صورة ماسخة عن حياتي التي لم اعانق فيها ملامح الفرح شفتاك تختصران نهرا جف ماؤه و غزت تربته ملوحة الحياة و جدبها .. فرجينيا …لقراءة المزيد
... أدغار آلان بو رائد الرومانسية الامريكية و مبدع قصة الخيال و الرعب مع فرجينيا
عزيزتي فرجينيا يابسة اطرافك كروحي العطشى للحياة .. شحوب ملامحك يرسم صورة ماسخة عن حياتي التي لم اعانق فيها ملامح الفرح شفتاك تختصران نهرا جف ماؤه و غزت تربته ملوحة الحياة و جدبها .. فرجينيا أميرتي الصغيرة دون تاج و دون قصور كم هي مرعبة لحظات وداعك و كأنني اترنح في سكرة الموت الدائم الذي عشعش حياتي و أنا طفل صغير ليرفل أبي بعيدا عنا و تهرول أمي الحنونة نحو السماء دون وداع فرجينيا ملاكي مازلت اسمع همس انفاسك تداعب قلبي : أدغار عزيزي احضني .. ما زلت اتذكر مخطوطي الرائع الغراب و قد قضيت عشر سنوات وانا ادون روح كلماته لأبيعه فقط بسنتين لا غير لأشتري لجسدينا القليل من الطعام .. لكني قرأت المستقبل فأخبرني بأن المخطوط الذي دونته بيع بآلاف الدولارات و تنافس لشرائه العشرات من دور الكتب و المعارض لأنه مكتوب بخطي المجنون .. يا للعجب فرجينيا لا أعلم كيف طاردتني لعنة الشراب و السكر و القمار كل هذه السنين و كأنني قربان لهذه اللعنة .. هي اللعنات تطارد ارواحنا مثل مرضك الكئيب حيث تزفر رئتاك بالوجع الدائم لتنتقل سيمفونية الألم مع آهاتك إلى روحي .. كم موتا أموت باليوم و أنا امسح الدماء الجامحة من رئتيك حيث يسكن وحش المرض .. السل فرجينيا رغم كل اللعنات و الانكسارات كنا سعداء في عشنا الصغير نقضي غالب يومنا جوعا و إن ضاقت حالنا نقطف العشب الندي من المرج المجاور لنسلقه على بقايا الحطب و ننتشي به طعاما أروع من أي و ليمة .. ألا تتذكرين لسعات البرد الغاضبة تهاجم جسدينا و عندها لا نجد سوى جسدينا نكتسي بهما لنقي انفسنا أكبر قدر من البرد قبلك فرجينيا كنت مجنونا كثيران جارنا الحنطي كالتراب و لم تكن روحي تعرف للسلام لونا .. كيف أوحت لي روحي أن أهيم لروحك طفلتي و ان يقترن قدري الاهوج بقدرك البائس .. ها هو قطي الاسود يجول بحسرة هو يقرأ في عيني صرخات الألم و الحزن المجنون فيهيج مجنونا مثلي و عندما اداعب ساقيك و اتلمس بقايا الحياة فيهما ينظر إلي بلهفة و كأنه يقرأ صرخات ألمي و رجائي له أن يدفئ ساقيك الباردتين كجليد روحي نعم قطي العزيز أمنح دفء فرائك لساقي حبيبتي .. داعب برود اطرافها صديقي فرجينيا ثقي حبيبتي أعلم بأنك راحلة و أعلم بأن النجوم و القمر سيبقيان رسول شوقي حتى أدفن معك .. ليجمعنا التراب الندي نهاية ............ بعد رحيل فرجينيا كتب ادغار آلان بو الكلمات الخالدة النالية لا يستطيع القمر إلا و يعيد إلى أحلامي حسنائي الجميلة و لا تتألق النجوم إلا و أشعر بصفاء عيني حسنائي الجميلة و هكذا طوال الليل أرقد بجوار حبيبتي .. حبيبتي .. حياتي و عروسي في ضريحها هنالك بجوارالبحر في قبرها الراقد بالقرب من البحر الصاخب كتبت هذه الاسطر تخليدا لذكرى الشاعر الخالد الذي منح حياتي رونق الحب و السلام هذا المبدع الذي وجد ميتا كأي متسكع بالشوارع الصاخبة بعد أن زهد بالحياة لأن فرجينيا رحلت عن الحياة .. حسن اسماعيل اسماعيل
بين الشكولا و الفول المدمس
بقلم بروين حبيب
مثل إعلانات الوظائف الغريبة التي تشترط أن يكون عمر المتقدم للوظيفة بين 20 و25 سنة مع خبرة أقلها خمس سنوات، تنهال علينا الأخبار الفنية عن جيل كله أقل من خمس وعشرين سنة، بخبرة لا تتجاوز مجازا خمس سنوات، بما في ذلك من أوقفوا عمرهم عند هذا الرقم، مع التحفظ عن ذكر الأسماء. لست ضد أحد، فالعالم واسع، …لقراءة المزيد
مثل إعلانات الوظائف الغريبة التي تشترط أن يكون عمر المتقدم للوظيفة بين 20 و25 سنة مع خبرة أقلها خمس سنوات، تنهال علينا الأخبار الفنية عن جيل كله أقل من خمس وعشرين سنة، بخبرة لا تتجاوز مجازا خمس سنوات، بما في ذلك من أوقفوا عمرهم عند هذا الرقم، مع التحفظ عن ذكر الأسماء. لست ضد أحد، فالعالم واسع، ومجال الإبداع لا حدود له، وجمهورنا منوع، لكن على ما يبدو أن الفكر الحر الذي يعمل بتقنيات التنّوع لم نمتلكه بعد. على عشرات الفضائيات العربية، يتابع جيل بأكمله تجاوز الأربعين عاما أخبارا واحدة. جيل الخمسينيات والستينيات جيل لا نعير له اهتماما بتاتا، والأغرب أن من يظن أن الأجيال الشابة تحب برامجنا العربية فهو مخطئ ، فأبناؤنا اليوم من الخليج إلى المحيط، عيونهم مصوبة نحو كل ما هو أجنبي.. حتى هيفاء وهبي بكل أنوثتها الصارخة وأليسا بكل دلالها ونانسي بخفتها وأخريات، لا يعنين للجيل الشاب شيئا أمام بيونسيه، بكومة جوائز الـ»غرامي» التي حصلت عليها، أو ريهانا أو سيلينا غوميز أو حتى أديل بكل بساطتها وغيرهن كثيرات يضيق المقام لذكرهن. عذرا أذكر الأسماء النسائية لأنها مع احترامي للجميع أصبحت اليوم «الفاست فود» الذي يقدم سريعا لفئة معينة من المشاهدين. يعرضن كقائمة المأكولات في مطعم يعج بفقراء الذوق. من تلك المطاعم التي حتى النادلين فيها يتعاملون مع الزبائن وكأنهم عمّال جمعية خيرية في بلد يأكله الفقر. برامج أخرى تعتمد على المواهب التي تحلم بالشهرة، وقبل بلوغها هذا الحلم يتعين على سيل من الحالمين القادمين من كل صوب وحدب أن يملأوا فضائياتنا شبه الفارغة بهفواتهم المثيرة للضحك… يأتي البعض محملا بأحلام تفوق قدراته، فيقف أمام الكاميرا ويهرّج بما لديه، إما ارتباكا أو إفلاسا.. تضحك لجنة التحكيم حتى الانبطاح، وما تخفيه الكواليس أعظم، ونحن أيضا نضحك حتى البكاء أحيانا، لأننا لا نجد بديلا يرقى بنا لما هو أجمل من «السخرية» على شبان لا يعرفون أنهم ليسوا أكثر من مادّة تلفزيونية غير مكلفة حتى لا أقول «رخيصة». صحيح أن هذا النوع من البرامج منتشر في التلفزيونات الغربية، لكننا بالمقابل نجد عند الغرب برامج تهتم بجمهور كبير صقله النضج، ولا يمكن شدّه للشاشة فقط بالأجساد الجميلة و»المضحكات المبكيات» التي نتناولها نحن كما يتناول البعض المخدرات. نسهر على برامج فخمة تستضيف أزنافور مثلا، أو ميراي ماتيو أو خوليو إغليزياس، أو غيرهم من العمالقة، ونتأسف لأن كنوزنا العربية، نودعها دهاليز النسيان ونستثمر فقط فيما يثير شهوتنا الآنية. نحن شعوب تعشق تدمير ذاكرتها وإلاّ لماذا يغيب الكبار عن مسارحنا، ومهرجاناتنا وتلفزيوناتنا، لماذا لا نرى سهرة كاملة مع الرّائعة هيام يونس من دون أن يحشر معها الصغار، ومُهرّجو السياسة في برامج لا تليق بمسيرتها الفنية الضخمة؟ لماذا لا نراها وهي التي لا تزال تقف على المسرح لأكثر من ساعة وتغني بالصوت نفسه الذي لم يتغير منذ أربعين سنة؟ لماذا لا نمنحها فرصة لتحكي عن الزمن الجميل الذي عاشته؟ عن تجربتها وهي طفلة في الرّابعة تغني لأم كلثوم؟ عن شهادة صادقة على العصر وتغيراته… لماذا لا نعطي لها الكلمة، هي التي منحتنا الكثير حين كنا صغارا، وصقلت ذائقتنا؟ أليس مؤلما أن نرى الصبُّوحة تُجَرُّ من مكان لمكان لاستعراضها كشجرة ميلاد في آخر موسمها، تحكي بصعوبة، وتتحرك بصعوبة، ونتعب ذاكرتها بالأسئلة الجارحة والمحرجة، من دون أن يُقدم لها ما يحفظ كرامتها فعلا، فيما من هم قادرون على العطاء نمنحهم عطلة إجبارية حتى ينهش الفقر والذل عظامهم. صحيح أن هيام يونس تعيش محترمة في بيتها، ولديها أقارب يحيطون بها مثل ملائكة تحرسها، ولكن من واجبنا أن نسأل عنها ونقدمها لجمهور يشتاقها ولا يعرف حتى إن كانت حية أو ميتة. نعم حدث أن أحيت مهرجانات متباعدة في عواصم عربية، لكن أليس غريبا أن أُسأل في عقر بيروت: هل لا تزال هيام يونس طيبة؟ لماذا لم يهتم الإعلام العربي بنجاحات هيام يونس في هذا العمر؟ أقسم أنها مثل السندريلا، كما ألفناها منذ كنا أطفالا… أقسم أنها سفيرة الأغنية العربية بامتياز وأنها يجب أن تعامل معاملة أرقى. هل تسمعني يا كاظم الساهر؟ لعلّك الوحيد الذي قد يفهم عبارتي هذه… نعم يا جيلي الجميل، يا جيل «تعلّق قلبي بطفلة عربية» هيام لا تزال طيبة، الله يطول عمرها، ولا تزال معطاءة… لا تزال مشرقة، مبتسمة، تحفظ الشعر العربي القديم والموزون، وتكتب أشعارا جديدة، تُلبِسها ألحانا جميلة، كما لو أنها كائنات يجب ألا تظلّ عارية. سميرة توفيق أيضا لا تزال طيبة، تعيش في عزلة تامة ربما اختارتها بملء إرادتها، لكن هل تستحق منا كل هذا التهميش، هي التي صنعت جزءا كبيرا من بريق الزمن الجميل للفن. كيف لذاكرتنا أن تنطفئ وجيشٌ من بنات العرب اللواتي وُلدن حين بث مسلسل «فارس ونجود» أيام السبعينات يحملن اسم «نجود» تبرُّكا بجمال وسحر سميرة توفيق، صاحبة الغمزة الشهيرة التي كسرت قلوب الرجال…؟ من أذكر لكم أيضا؟ عاد وحيد جلال مؤخرا إلى الشاشة الصغيرة من خلال مسلسل «سليم 3» ولم يكن دوره رائعا فقط لأنه كان أكثر من ممتاز، أبدع فيه بكل جوارحه وأعادنا بصوته الفخم إلى طفولتنا، أعاد لنا البراءة التي فقدنا أغلبها بسبب الزمن الأسود الذي نعيش فيه، والغريب أن كل الذين يُطَبِّلون بقضية «حماية اللغة العربية» لم يحتفوا بعودة بطل طفولتنا، صمتَ الإعلام العربي وكأن الرجل يرتدي طاقية إخفاء… مع أن أغلب المسؤولين على برامج وصفحات الفن في إعلامنا السمعي البصري والمكتوب من جيل «غرندايزر» و»سلفر» جزيرة الكنز، وعلى بابا وسندباد. كم هم كثر أبطالنا في تلك الحقبة، حين كانت مسلسلات الرسوم المتحركة تؤخذ من الأدب العالمي وتعلمنا اللغة العربية الفصحى بأذكى طريقة وجدت على الأرض، ولكن مع هذا نحن مخيبون للآمال، أولينا وجوهنا عكس كل تلك الأصوات التي أبهجتنا ونحن صغار، وأصبحنا ننتج ونقدم برامج لمشاهد افتراضي، نفصله على مقاسات ومعطيات بعيدة تماما عنّا. إنه الإلغاء التام لذواتنا. إن لم ننتج برامج لمتعتنا الشخصية كجيل تربّى على نتاجات العمالقة، فهذا يعني أنّنا جيل فاشل، لم يعرف أن يستفيد من التجارب العظيمة التي قدمت له من جيل نحت الصخر بأظافره لينتج روائع بكل أنواعه في القرن الماضي، وإننا إلى اليوم لدينا مشكلة كبيرة للمزج بين النظري والتطبيقي… مشكلة كل عربي، مرض الإزداوجية المقيتة التي تجعلنا أشخاصا نكره ونحب الشيء نفسه، نحب الفول المدمس والخبز الساخن مع بصل طازج وزيتون وفجل، ولكننا نفضل قضم الشكولا حتى لا نُتّهم بالتخلف.. بالطبع الشكولا لذيذة وطيبة، ولكنها ليست وجبة دسمة ليبقى متناولها واقفا على قدميه. هذا هو الحال، وللحديث بقية إن شاء الله. ٭  بروين حبيب شاعرة وإعلامية بحرينية نقلا عن جريدة القدس العربي كل إثنين تمتع قراءها http://www.alquds.co.uk/?p=244746
رواه داود عن الأسواني!
بقلم سليم بوفنداسة
استطاع الكاتب كمال داود أن يحقق برواية واحدة ما لم يحققه غيره بعشرات الروايات. والحق أن الموهبة الأدبية لهذا الكاتب تجلت منذ سنوات طويلة في زاوية يومية كتبها بانتظام  بيومية «لوكوتيديان دوران» حيث تفصح الزاوية عن كاتب يلهو باللغة فتبادله اللغة لهوا بلهو وتلك خاصية لا تتوفر إلا …لقراءة المزيد
استطاع الكاتب كمال داود أن يحقق برواية واحدة ما لم يحققه غيره بعشرات الروايات. والحق أن الموهبة الأدبية لهذا الكاتب تجلت منذ سنوات طويلة في زاوية يومية كتبها بانتظام  بيومية «لوكوتيديان دوران» حيث تفصح الزاوية عن كاتب يلهو باللغة فتبادله اللغة لهوا بلهو وتلك خاصية لا تتوفر إلا للمصابين بلوثة الإبداع. فازت «ميرسو، تحقيق مضاد» إلى حد الآن بجائزتين في فرنسا ودخلت القائمة القصيرة للغونكور وبات اسم كاتبها على كل لسان في الساحة الثقافية الفرنسية. إنه المجد المبكر الذي جعل صاحبه يعلن عن تطليق الصحافة قاتلة الإبداع والتفرغ للكتابة الأدبية.
وقد أبدى كمال داود غضبا واضحا من الأصوات التي قال أنها ارتفعت لتتساءل  عن خلفيات الترشيح والفوز وأشار في حوار لموقع “الجزيرة.نت» إلى رغبة جزائرية في الإجهاز على أسماء الكتاب الناجحين والمعروفين عالميا والذين لا يتجاوز عددهم، حسبه، ثلاثة أسماء. 
من حق الكاتب أن يغضب، لكن ليس من حقه على الاطلاق أن يوجه سهامه في الاتجاه الخطأ. كأن يقول مثلا: «...في الجزائر، قلما تجد كاتبا بعيدا عن الدين وهو معرب».
ويبرّر كمال داود هذا الحكم القاسي على كتاب الرواية بالعربية بمبرر غريب ، وهو أن علاء الأسواني أخبره بذلك:» في جلسة جمعتني مؤخرا مع الكاتب المصري علاء الأسواني قال لي إنه وجد أكثر الكتاب المعربين في الجزائر يتبنون الفكر الديني المحافظ، وهو ما يأسر منطق الرواية المعربة بالجزائر ولم تستطع أن تتحرر وتتطور بسبب ثقل المقدس عليها».
فهل كان السيد كمال داود  الذي درس وعاش واشتغل بالجزائر ينتظر حتى يأتيه طبيب الأسنان المصري ليقدم له تقريرا عن الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية؟
و لو فحص الكاتب الذي اشتغل طويلا في مهنة تستدعي التحري والتدقيق ريبرتوار الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية لما أصدر هذا الحكم ولما أمّن على قول طبيب الأسنان.   
والخوف كل الخوف أن يدفع «المجد» المبدع كمال داود إلى تطوير نظرة استعلائية للأدب المكتوب بالعربية والتي اعتقدنا أنها زالت مع الأجيال الجديدة التي تحسن اللغتين، والدليل أن عددا كبيرا من “الكتاب المعربين” احتفوا بداود وروايته في الصحافة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي  و نشر كراس الثقافة قراءة مميزة لقس الرواية للدكتور إسماعيل مهنانة  وهو أستاذ فلسفة يكتب بالعربية  وكذلك فعل الكاتب سعيد خطيبي في مجلة الدوحة، بل أن هذا الشاب الذي يكتب بالعربية والفرنسية دافع في أكثر من موقع عن داود ودعا الطاهر بن جلون إلى التصويت لصالحه في الغونكور.
ملاحظة
أن تكون كاتبا جيدا ويتم الاحتفاء بك في فرنسا فإن ذلك لا يجيز لك تسفيه الآخرين، خصوصا حين «تجهل» أدبهم  و يصير مبرّرك التعيس أن أحدهم أخبرك بذلك. أنت هنا يا صديقي عربي يتلقف الأحاديث غير الصحيحة المنقولة عن طريق العنعنة دون تمحيص أو دراسة.
------------------------------------------
المصدر/ جريدة النصر في 04 نوفمبر 2014
قراءة في كتاب "العرب ومسألة الإختلاف"
بقلم نصيرة محمدي
في فضيلة التفكير والتساؤل والإختلاف يندر أن تحل روح في روحك كما الأبدية وتضيئ داخلك كما تضيئ ما حولك.روح شاسعة وخرافية كالقلب الذي يرى من وراء أكثر من قبر،وأكبر من شعر.بعد كل طقوس الألم والغربة والوحشة نُنفى ونَفنى داخل كتاب،لنكون نحن أكثر،ولنعرف أننا صرنا داخله،وأن شغفنا العالي به ربما تكتمل معه …لقراءة المزيد
في فضيلة التفكير والتساؤل والإختلاف
يندر أن تحل روح في روحك كما الأبدية وتضيئ داخلك كما تضيئ ما حولك.روح شاسعة وخرافية كالقلب الذي يرى من وراء أكثر من قبر،وأكبر من شعر.بعد كل طقوس الألم والغربة والوحشة نُنفى ونَفنى داخل كتاب،لنكون نحن أكثر،ولنعرف أننا صرنا داخله،وأن شغفنا العالي به ربما تكتمل معه الملحمة المضنية،نحن الذين نسكن الأقاصي أكثر من أي شيئ.مكابدة للسؤال،وسخاء معرفي يضعنا أمام حرقة الكائن الإنساني، ووجاهة الفلسفة في تحليقها المبهم نحو عوالم نفقد فيها هويتنا،وتصير نزفنا الداخلي الذي لا يتوقف حين نقرأ كامي للمرة الأولى صغارانصعق،وهذا ماحدث لإسماعيل مهنانة حين تماهى مع شخصية "ميرسو"،وفهم "الغريب"من أول قراءة،وحفظ فقرات بالفرنسية منها. شكلت هذه الرواية الأولى في قراءاته صدمة جمالية،وعبرت عما يشعره الطفل من سوء فهم المحيط له. من حفظ القرآن كاملا،إلى القراءات العميقة للفلاسفة الغربيين:هيدغر،ونيتشه،وهيغل،وديريدا،وفوكو، وغيرهم، إلى الديانات واللغات والعلوم وخاصة علم النفس لتولد كتبا:الوجود والحداثة،مدرسة فرانكفورت،جدل التحرر والتواصل والإعتراف،إدوارد سعيد:الهجنة والسرد والفضاء الامبراطوري.من الكينونة إلى الأثر،موسوعة الفكر العربي المعاصر والتي ستصدر قريبا وتعتبر الأولى من نوعها في الثقافة العربية.
روح متمردة تنتفض على الحياة الأكاديمية.شاعر بثوب فيلسوف،وفيلسوف بقلب شاعر لا يعترف بالحدود.عقل حاد يقفز على الأزمنة والأمكنة.روح متوثبة قراءةً وبحثا وسفرا وتجربةكنص كبير لا يستنفذ بالقراءة.يرى إسماعيل مهنانة أن المعرفة تردم الهشاشة الأصلية للكائن البشري،ولهذا عوقب برومثيوس،والعقل وسيلة لتفكيك القيود،والإيمان بالحياة كنواة صلبة.
صوت حي ومختلف وعميق يرى أن الحرية هي خلاص الكائن.ثورة لا تهدأ لزعزعة اليقينيات،وتحرير الكائن من الأوهام الراسخة.كصوت راكض في النص والأنثى والطريق وخمرة المعرفة هو الباحث الفيلسوف إسماعيل مهنانة الذي نلتقيه في قلق العالم،وفي وجودنا الهش والعابر في حكمة تتواقد في هدوء،وتؤدي غرضها بكل ثقة.الجمرة لا يجب إحراقها ولا تركها تخمد. يحرك الباحث تاريخنا المسكوت عنه،وفكرنا الجامد المتكلس والتاريخ كما يقول لا تحركه إلا أقلية ذكية بآليات أكثر ذكاءا.
"إننا لم نفكر بعد". مقولة الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر هي مفتاح كتاب الباحث إسماعيل مهنانة"العرب ومسألة الإختلاف/مآزق الهوية والأصل والنسيان".حيث السؤال هو جوهر قيامة الكائن الإنساني،والتفكير طريق لتفكيك الخطابات وتكسير القناعات الجاهزة،ورفض الإنغلاق في بنية ثقافية منمطة وضيقة،إلى الإنفتاح على أفق السؤال والبحث في مواجهة الشروخ العميقة للفكر العربي الذي وقع تحت أسر المد الأصولي بهشاشته وسطحيته وإفرازاته الخطيرة عنفا وكراهية لكل منجز حضاري حديث بذريعة الخصوصيةالثقافيةكما يؤكد مهنانة،ونفيا لكل إختلاف بما "هو مبدأ وجودي وإنساني عميق لم تحصل عليه الإنسانية إلا بعد مسيرة حضارية عميقة في قيم التمدن والحداثة،وبعد دروس قاسية من مطبات الشمولية والفاشية،المنحدرة توا من تصورات ميتافيزيقية للهوية".مثلما يرى مهنانة مضيفا أن فشل العالم الإسلامي في تمثل قيم الإختلاف يعود أساسا إلى عدم المشاركة في هذه المسيرة التاريخية،وبقاء الإسلام على هامش منجزات الحداثة،ثم فشل مشاريع التحديث والنهضة التي استلهمها بشكل سطحي ومتوجس من التجربة الغربية.
الحداثة قدرنا،والعقل العربي لم يستوعب هذه الحداثة،وركن إلى خموله وكسله مستسلما لمعتقدات جاهزة.ظل سجينا في قوالب وأحكام لا تحركها إلا الصدمات العنيفة والأسئلة التي تخترق السكوني والراسخ والمغلق والمؤسطر.يحاول البحث هنا استنطاق مسيرة الفكر العربي الإسلامي ومجابهته بالتفكيك وخلخلة المفاهيم،معيدا قراءة هذه الثقافة إذ يوقظ كل طاقات السؤال،وإمكانات الحرية في شق الدروب المستحيلة،ورصد الآليات التي انبنت عليها ثقافة بأكملها.يتسلح مهنانة باليقظة والمعرفة والحرية ويطرق مناطق خطيرة ومحرمةمسائلا تاريخا كاملا من الصمت والمهادنة والتلفيق في هذه الثقافة المكبلة بالخوف وهيمنة الفقيه والسياسي.كما خاض في مقاربات جريئة وصادمة حول النص الديني/الوحي،القرآن،المصحف.والمصحف هو النص الممكن الوحيد الذي دُوِن في عهد عثمان بن عفانفي ظل صراعات وظروف سياسية حرجة.يضعنا الباحث بذلك أمام ظروف وجمع وتدوين المصحف وما رافق ذلك من تناقضات وتلفيقات ووقائع مختلفة تحركها المصالح والسياسة.إن نقد الدين ومواجهة سلطة الرقيب والفقيه على العقول يفضي إلى مواجهة معضلات وجودية كبرى تتعلق بالكيانات التراثية المتعاليةعلى التاريخ،بينما هي في رأي الباحث مفاهيم تاريخية تعمر وتموت في الزمن.يحاول مهنانة تقريب أسئلة التراث إلى الوعي المعاصر بأدوات جديدة نابعة من مكابداته لواقعه لتحرير الفكر،والقدرة على تجاوز كافة الإستلابات وأشكال القمع التاريخية على العقل العربي.وفي ظل تنامي خطابات دينية متطرفة تراجع العقل لصالح فئات تدميرية لمجتمعات منهارة،فشلت فيها النخب الفكرية والثقافية في صياغة مشاريع تنويرية تعبر بهذا الوعي الزائف والمستلب إلى نور المعرفة والحرية والفكر المسائل.حيث التفكير الفلسفي الحر بحسب الباحث يظل طرفا معاديا ومضادا للدين الذي يشكل هوية المجتمعات العربية الإسلامية.
إن العلاقة بين الفلسفة والثقافة العربية الفقهية علاقة ملتبسة ومتوترة منذ قرون.منذ تلك الإدانة الشهيرة لأبي حامد الغزالي وتكفيره للفلاسفة،وماتبعه من إضطهاد للمفكرين الأحرارمن قبل السلطة السياسية والفقهية.
إن قراءة الظاهرة الدينية من منظور التحليل النفسي لتخييل الأصول، أي قراءة في قصص الأصل،الأب،الوحي هي استراتيجية نصية لتوزيع أدوار الهوية والأصلتكون قد شقت أمام المعرفة الإنسانية طريقا نحو تقدم معتبر كما عبر عن ذلك يوما سيغموند فرويد في خاتمة كتابه "حياتي والتحليل النفسي" وفي مواجهة المعضلات الوجودية يشق الباحث طريقا نحو اللغة والفن والشعر كحاجة إنسانية لكينونة الفرد باعتبار الفن تحريرا وطاقة تختبر وجودنا برمته.كلما حضر الفن حضر الفكر والنقد والسؤال والتأمل في الذات والمصير والعالم.
ومع كل تلك الأسئلة الحارقة ينبثق سؤال الأنوثة والثقافة في محاولة تجاوز الوضع غير الصحي وغير العادل لمشكلة المرأة،نحو عالم لن يكتمل إلا بالفن والأنوثة.أسئلة صادمة ومفتوحة على جرح نازف في الثقافة العربية بحاجة إلى التفكير أكثر من أي وقت مضى.
-------------------------------------------
المصدر/ جريدة النصر، في 21 أكتوبر 2014
جاك فرجيس و قصة حبه مع جميلة بوحيرد
بقلم فائزة مصطفى
«لو أعدمت جميلة، كنت سأقتحم مكتب الجنرال ماسو أو بيجار وأقتلهما، لم أكن أتصور موتها، فحياتها هي التي جعلتني اليوم متصالحاً مع نفسي». هو الجواب نفسه الذي يدلي به جاك فيرجيس حول أكثر الأسئلة التي طرحت عليه في حياته. يذكر الجميع استماتته في الدفاع عن أكثر رموز وأيقونات الحركات التحريرية …لقراءة المزيد
«لو أعدمت جميلة، كنت سأقتحم مكتب الجنرال ماسو أو بيجار وأقتلهما، لم أكن أتصور موتها، فحياتها هي التي جعلتني اليوم متصالحاً مع نفسي». هو الجواب نفسه الذي يدلي به جاك فيرجيس حول أكثر الأسئلة التي طرحت عليه في حياته. يذكر الجميع استماتته في الدفاع عن أكثر رموز وأيقونات الحركات التحريرية في العالم خلال الخمسينيات جميلة بوحيرد (1935) بعد إدانتها في المشاركة في تفجيرات أماكن أوروبية خلال معركة الجزائر التي قادها المناضل ياسف سعدي وأوقعها في الأسر وبحوزتها وثائق سرية عام 1957، وتعذيبها الوحشي على يد المظليين الفرنسيين (فرقة في الجيش الفرنسي)، مما جعل أعضاء جبهة التحرير الجزائرية يتصلون بمجموعة من المحامين من بينهم الفرنسيون المساندون للثورة الجزائرية والمنتقدون للسياسة الاستعمارية للدفاع عن قضيتهم ومناضليهم المعتقلين في سجون الإحتلال الفرنسي. لمع نجم فيرجيس في قضية الفدائية جميلة، خاصة بعد إصدار نص محاكمتها برفقة صديقه الكاتب جورج أرنو (1917 - 1987) ضمن كتابه الشهير «من أجل جميلة»، وثق فيه تقارير الطبيبة الفرنسية جنين بلخوجة التي أشرفت على علاجها في سجنها، تثبت ما تعرضت له المناضلة الجزائرية من تعذيب جسدي ونفسي وجنسي. وبعد صدور حكم الإعدام عليها ورفيقاتها من بينهم جميلة بوعزة في 15 تموز (يوليو) 1957، ساهم فيرجيس ونظراؤه من أحرار فرنسا بينهم المثقفون والفنانون والشيوعيون في تأجيج شعوب العالم ضد فرنسا الإستعمارية خاصة بعد كشفه وتدوينه لشهادات الآلاف من مناضلي ثورة التحرير في السجون والمعتقلات وأماكن التعذيب السرية في مجلة «الأزمنة المعاصرة». بعدها، عمّت مظاهرات حاشدة في أشهر مدن العالم رافعة شعارات منادية باستقلال الجزائر ومطالبة بالعفو عن جميلة بوحيرد، ووصل صدى القضية إلى منظمات حقوق الإنسان وهيئات دولية في مقدمتها الأمم المتحدة. كما تنافس الأدباء والفنانون إلى تناول قضيتها إبداعياً. خرجت جميلة من سجنها الفرنسي قبل الإستقلال بشهور قليلة، وعادت إلى وطنها دون أن تنقطع علاقتها مع محاميها الشهير الذي أصبحت قصة وقوعه في غرامها حدث ’خر في تاريخ أكثر الثورات إنسانية. ظلّ جاك فيرجيس وفياً للجزائر طيلة حياته منذ أن قرر الإقامة فيها لغاية طلاقه من جميلة عام 1965 وخروجه من الجزائر بعد الانقلاب الذي قام به الرئيس السابق هواري بومدين الذي دفع بأصدقاء الجزائر من الأوروبيين والمجاهدين والسياسين للمغادرة، لتدخل البلاد بعدها في نظام الحكم الشمولي والنفي واغتيال طال رفقاء الثورة. لكن المحامي الشرس ظل حاضراً في مختلف المناسبات التاريخية والثقافية، كما تنافست كبار دور النشر الجزائرية على اصدار كتبه والاحتفاء به في معارض الكتاب الدولية، وقلِّد أوسمة وتكريمات عدة، تماماً كاستمرار علاقته الانسانية مع طليقته التي ظلت تحتفظ باسمه على باب بيتها في عمارتها البسيطة وسط مدينة الجزائر، وتشاركا معاً في تربية ابنيهما مريم وإلياس رغم اقامتهما المتباعدة بين باريس والجزائر. وكان فيرجيس حاضراً في أحلك المراحل التاريخية التي شهدتها الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي حين تسبب الغاء المسار الانتخابي عام 1991 بعد فوز الجبهة الاسلامية للانقاذ بالانتخابات التشريعية في دخول البلاد في دوامة من التطرف والإرهاب. وكعادة المحامي المشاكس والعنيد، عرض نفسه للدفاع عن زعماء الحزب المحظور على غرار عباسي مدني وعلي بلحاج ورفاقهما، رافضاً سجن الاسلاميين ومطاردتهم الأمنية. موقف أثار زوبعة سياسية حينذاك وأقلق السلطات الجزائرية كونه كان صديقاً للقضية الوطنية، لكنّه يجهل ظروف تراجعه وأسبابها. غادر «الشيطان المغروم» عالمنا، بينما يبقى الجزائريون مدينين لفضله ونضاله في سبيل تحرير بلادهم، كما سيظل إسمه مقروناً بالبطلة الجزائرية التي قلبت كيانه منذ لقائهما الأول في سجنها معذبة وجريحة ومفعمة بالقوة حسبما جاء في شهادة صديقه الكاتب الفرنسي ليونال دوروا. نشر المقال في العدد 2080 السبت 17 آب 2013 في جريدة الأخبار اللبنانية
صباح الخير يا ريحانة إيران
بقلم نسرين طرابلسي
صباح الخير ياريحانة إيران ياامرأة يا بطلة في موتك الصارخ وإعدامك الظالم لو كان في وجه العالم الذكوري شوية دم .. يا سيدي مو الذكوري.. خلي الذكور بحروبهم وفوضاهم وين النساء لإعادة ترتيب العالم لماذا لم تمتلئ الساحات العامة بالسخط والغضب والتنديد هزوا الأرض في ظلم باسم القانون هزوا الأرض في أطفال عم …لقراءة المزيد
صباح الخير ياريحانة إيران ياامرأة يا بطلة في موتك الصارخ وإعدامك الظالم لو كان في وجه العالم الذكوري شوية دم .. يا سيدي مو الذكوري.. خلي الذكور بحروبهم وفوضاهم وين النساء لإعادة ترتيب العالم لماذا لم تمتلئ الساحات العامة بالسخط والغضب والتنديد هزوا الأرض في ظلم باسم القانون هزوا الأرض في أطفال عم تموت بلقاحات فاسدة هزوا الأرض هناك أطفال ينحرون باسم الله هزوا الأرض هناك امرأة ترجم على مرأى والدها وبمباركته بلا أدلة هزوا الأرض ريحانة أعدمت لأنها دافعت عن نفسها هذه رسالة ريحانة لأمها .. ريحانة العظيمة ريحانة البطلة يا الله وين النيزك كأنو طول: اقروا للآخر لا تتركوا ولا حرف.. بعد أن نفذت السلطات الإيرانية حكم الإعدام الصادر بحق الشابة ريحانة جباري التي أدينت بقتل رجل استخبارات إيراني حاول اغتصابها، مثيرة حملة ضد قرار الإعدام، تم الكشف عن وصية ريحانا الأخيرة التي سجلتها بصوتها لوالدتها قبل أشهر(في أبريل الماضي) من تنفيذ إعدامها؟ وفيما يلي الرسالة الكاملة: "عزيزتي شوليح، علمت اليوم أنه قد جاء دوري الآن لمواجهة القصاص. أنا متألمة أنك لم تعلميني بنفسك أنني قد وصلت إلى الصفحة الأخيرة من كتاب حياتي، ألا تظنين أنه كان يجب أن أعرف؟ تعرفين كم أنا خجولة من حزنك. لماذا لم تعطيني الفرصة لتقبيل يدك ويد أبي؟ سمح العالم لي أن أعيش لمدة 19 عاماً، وكانت تلك الليلة المشؤومة هي الليلة التي كان يجب أن أقتل فيها. كان سيتم إلقاء جسدي في ركن من أركان المدينة، وبعد بضعة أيام، كانت الشرطة سوف تستدعيك لمكتب الطبيب الشرعي للتعرف إلى جثتي، وهناك كنت ستعلمين أيضاً أنني تعرضت للاغتصاب، ولم يكن سيتم إلقاء القبض على القاتل، لأننا لا نمتلك ثرواتهم وقوتهم، ومن ثم كنت سوف تقضين حياتك في معاناة وعار، وبعد سنوات قليلة كنت ستتوفين نتيجة هذه المعاناة، وكان كل شيء سينتهي هناك. رغم ذلك، ومع تلك الضربة اللعينة، تغيرت القصة. جسدي لم يلق جانباً، ولكن في قبر سجن إيفين وعنابره الانفرادية، والآن في السجن الذي يشبه القبر في شهرراي، ولكنك تعرفين جيداً أن الموت ليس نهاية الحياة. لقد علمتني أننا نأتي إلى هذا العالم لاكتساب الخبرات وتعلم الدروس، وأنه مع كل ولادة توضع مسؤولية على كتف شخص ما. لقد تعلمت أن على الشخص أحياناً القتال. أتذكر عندما قلت لي إنه للخلق قيمة ينبغي على المرء أن يثابر حتى لو كان عليه أن يموت. أنت علمتني أنه عندما أذهب إلى المدرسة ينبغي علي أن أكون سيدة في وجه النزاعات والشكاوى. هل تذكرين كم كنت شديدة بشأن الطريقة التي نتصرف بها؟ وكانت تجربتك صحيحة. ولكن عندما وقع هذا الحادث تعاليمي لم تساعدني. تقديمي إلى المحكمة جعلني أبدو كأنني قاتلة بدم بارد ومجرمة بلا رحمة، لم أذرف الدموع، لم أتسول. وتابعت: "هذا البلد الذي زرعت حبه في داخلي لم يكن يريدني أبداً، ولا أحد دعمني عندما كنت تحت ضربات المحقق أبكي وأسمع أكثر المصطلحات إهانة. وعندما نزعت عن نفسي علامة الجمال الأخيرة، وحلقت شعري، كوفئت بـ11 يوماً في الحبس الانفرادي. عزيزتي شوليح، لا تبكي على ما تسمعينه الآن. في اليوم الأول الذي عمد فيه وكيل الشرطة إلى إيذائي من أجل أظافري، فهمت أن الجمال ليس أمراً مرغوباً في هذا العصر، لا جمال المنظر، ولا الأفكار والرغبات، أو الكتابة، أو حتى جمال العيون والرؤية، ولا حتى الصوت. أمي العزيزة، لقد تغيرت أيديولوجيتي، أنت لست مسؤولة عن ذلك. كلماتي لا تنتهي، وأعطيتها كلها لشخص ما حتى عندما أعدم من دون وجودك ومعرفتك، يسلمك إياها، لقد تركت لك الكثير من المواد المكتوبة بخط اليد كتراث لي. ومع ذلك، أريد شيئاً منك قبل موتي، وعليك أن تقدمي لي هذا الشيء بكل قوتك وبأي شكل من الأشكال، في الواقع هذا هو الشيء الوحيد الذي أريده من هذا العالم، من هذا البلد ومنكم. أمي الطيبة، أكثر شيء عزيز علي في حياتي، أنا لا أريد أن أتعفن تحت التراب، لا أريد لعينيّ أو قلبي الشاب أن تتحول إلى غبار. أتوسل إليك أن يتم أخذ قلبي والكلى والعيون والعظام وأي شيء يمكن زرعه بعيداً عن جسدي، ما أن يتم شنقي، ويعطى لشخص يحتاج إليه كهدية. لا أريد أن يعرف المتلقي اسمي، أو يشتري لي باقة ورد، أو حتى يقوم بالدعاء إلي. أنا أقول لك من أعماق قلبي إنني لا أريد أن يكون لي قبر لتأتي إليه وتحزني وتعاني. أنا لا أريدك أن تقومي بارتداء الملابس السوداء، وابذلي قصارى جهدك لنسيان أيامي الصعبة، وامنحيني للريح لتأخذني بعيداً. العالم لم يحبنا. والآن أنا أستسلم لذلك وأحتضن الموت، لأنه في محكمة الله سوف أقوم باتهام المفتشين، وسوف ـتهم القاضي، وقضاة المحكمة العليا في البلاد الذين ضربوني عندما كنت مستيقظة، ولم يمتنعوا عن مضايقتي. في العالم الآخر، أنا وأنت من سيوجه التهم، وغيرنا هم المتهمون. دعينا لنرى ما يريده الله. أحبك".
الخريف الحزين...سلاما مُنَح بك
بقلم عماد العبدالله
كأني حينما أرثي منح بك ، أرثي مدينة بيروت . مدينة هي خليط من ذاكرة عائلية وأوقاف عثمانية وتوق الى استقلال ونهضة العرب . لا ليست بيروت هذا فقط .. هي جامعة متناقضات لا يجمعها عقل جن . وأنت تسير في شارع السادات من الحمرا في بيروت لا بد ان يتلفت القلب الى المتفرع الذي يقع فيه منزل منح بك . ذكريات …لقراءة المزيد
كأني حينما أرثي منح بك ، أرثي مدينة بيروت . مدينة هي خليط من ذاكرة عائلية وأوقاف عثمانية وتوق الى استقلال ونهضة العرب . لا ليست بيروت هذا فقط .. هي جامعة متناقضات لا يجمعها عقل جن . وأنت تسير في شارع السادات من الحمرا في بيروت لا بد ان يتلفت القلب الى المتفرع الذي يقع فيه منزل منح بك . ذكريات البرندا الارضية التي تجمع وجوها وقلوبا مستريحة ولاجئة الى حضن البك . الى عاداته الارستقراطية من استقبال وضيافة وتوديع . السياسة والتاريخ والادب والشعر والصحافة كلها مواضيع شهية ترافق الشاي والقهوة وقطع الكيك . البك مفتر الثغر كطفل صغير يجتمع مه " رفقاته " للهو والتسلية والمرح .. هو ذاته الذي يجول نهارا وليلا على مكاتب الصحف والمجلات في بيروت ..وهو كاتب افتتاحية مجلة الحوادث في ابهى مراحلها ..كما انه المرشح ادائم لرئاسة مجلس الوزراء ..هو أمين سر عائلة ال الصلح وعائلات بيروت غير المعلن ..روى لي مرة ان سائقه الذي بلغ في ثمانينيات القرن المنصرم التسعين من العمر كان يسوق السيارة به وعندما تقع في مطب يقول له : لازم نخبر عماد بك ( وهو والد منح بك المتوفي قبل اكثر من نصف قرن في ذلك الحين ..وكان رئيسا لبلدية بيروت ) منشان يزفت الطريق !! هكذا هو الزمن المستعاد ..صلحي بامتياز يسترجعه السائق خوف ان يواجه ما هو غريب لا قلب له ولا عاطفة ولا رحمة ولا مسؤولية .ذلك السائق المخرف أحببته لانني مثله في العناد والاشاحة والسهو . منح بك كنت تقرأ الصحافة كلها بنهظ مدهش ..تضيء جلسات المقاهي ..الوينمبي ..المودك ..وغيرها .اخر عهدي بك مقهى السيتي كافيه ومحطة كلامك معي : اييه عماد شو صار ..ببينما تكون تفكر بما لا ادريه . ساعدتك اكثر من مرة على الخىوج من المقهى وكأني اعير كتفي لابي او لجدي . انا صلحي بامتياز من رياض بك الصلح الذي كان يرسل له عمنا خنجر بك العبد الله النقود كي يدفع أقساط ابنه حسين العبدالله ( الذي اصبح نائبا ووزيرا وسفيرا فوق العادة وأمينا مساعدا في الجامعة العربية ) لمدرسة الحكمة . ثم بعد ذلك يرعاه ويرشده . فانظروا الى نوع مشاغل عملاق السياسة والقومية العربية وتواضعه وحنوه . الى سامي بك الصلح الكبير الذي فتحت عيني على الحياة وانا في روضة مدرسة حوص الولاية التي كانت تقع على طرف منزله . كنا نقف في الصباح قبل الدخول الى الملعب بانتظار بابا سامي الذي كان يتوجه مشيا الى السرايا ..وحينما يخرج نبدأ بالتصفيق بكفوفنا الغضة فيبتهج ويخرج من جيوبه المخشخشة النقود ( من فئة العشرة قروش وربع الليرة ونصف الليرة وكانت تعتبر ثروة في ذلك الزمن ) ويبدأ بتوزيعها علينا . بعد الظهر يطلب من الحارس ان نروي الحكايات لبعضنا البعض في زوايا الملعب بصوت خافت لان بابا سامي نائم وجزاء هدوئنا توزع علينا النقود مرة اخرى . سامي بك ( ابو الفقرا ) الذي فجروا له منزله في بداية احداث 1958 بداعي انه لا يحب مذاق القومية العربية ..؟! ولا يذوب حبا بعبد الحكيم عامر وعشيقته برلنتي عبد الحميد ( وفق تقرير السفير المصري في لبنان حينها عبد الحميد غالب ) هو ابن العائلة التي اخترعت القومية العربية . اما الرئيس الراحل تقي الدين الصلح ملك الصحافة غير المتوج فكان من نصيب صديق الطفولة والشباب نهاد المشنوق وزير الداخلية الحالي الذي كان يروي لي الطرائف الصلحية والحوارات الشيقة التي كانت تدور في الصالون الذهبي . منح بك ..تقطعت بي سبل الذكريات ..وانت صاحبها بامتياز ..وكانت حكاياتك لا تنتهي . عزائي لنفسي وللعائلة الكريمة وجميع الاصدقاء الذين اختلفوا على كل شيء سوى حبك واحترامك . أطال الله بعمر عبد الرحمن بك الصلح وجميع افراد ال الصلح من السادة الصيد والغر الميامين .
حقّ مجاهدات النكاح فى هبة أجسادهن للثوّار
بقلم آمال قرامي
أخوات الفراش» و«مؤازرات الإخوان» و«مجاهدات النكاح للجهاد أصناف ومراتب وأحكام، وكذلك فضائل… وأوّلها مجاهدة النفس وترويضها حتى تتفانى فى خدمة الصالح العام، ولذلك اعتبر «الزعيم بورقيبة» أن الجهاد الفعلى فى مرحلة بناء «الدولة الحديثة»، هو ضدّ الجهل …لقراءة المزيد
أخوات الفراش» و«مؤازرات الإخوان» و«مجاهدات النكاح للجهاد أصناف ومراتب وأحكام، وكذلك فضائل… وأوّلها مجاهدة النفس وترويضها حتى تتفانى فى خدمة الصالح العام، ولذلك اعتبر «الزعيم بورقيبة» أن الجهاد الفعلى فى مرحلة بناء «الدولة الحديثة»، هو ضدّ الجهل والفقر والكسل والتبعيّة والتواكل على جهود الآخرين. وخلنا بعد ثورة 14 يناير أننا سننخرط فى «جهاد» الفساد والمحسوبية والإقصاء والتمييز والقهر. ولكن ها نحن اليوم إزاء جهاد من نوع آخر: «جهاد النكاح» وقد تصدّرت التونسيات قائمة المتنافسات على تبوء مرتبة الشرف بل يبدو أنّ «أمّ البراء» (13 سنة) أضحت «النموذج» و«القدوة النسائية» بفضل تطوّر «كفاءاتها وقدراتها» لا في الميادين العامة، حيث المواجهات، بل فى الفراش. ولكلّ «ناشطة» جهادها الخاص. ولئن كان الدور الموكول تقليديّا، إلى المرأة فى الحروب، الخدمة (الطبخ، التنظيف، التمريض..) وشدّ الأزر عبر نظم الشعر والغناء فإنّ مجاهدات النكاح يشددن الرحال ويتركن أسرهن من أجل مؤازرة المقاتلين بتوفير المتعة لهم علّهم يضاعفون الفتوحات، ويحققون الانتصارات. ونظرا إلى هذه الخدمات الجليلة لُقبّت الفتيات اللواتى آمن بأنّهن يقمن بواجب دينى تثاب عليه المسلمة ب»أخوات الفراش» و«مؤازرات الإخوان» و«مجاهدات النكاح» ولعلهن حلمن بالتماهى مع حور العين. أمّا المغرّر بهنّ ممن أجبرن على ممارسة هذه «الوظيفة» فقد اعتبرن فى أسفل السلم. والناس درجات ولهم منازل وأقدار. المجاهدات الجديدات آثرن الجهاد بـ«البضع» على الجهاد بالقلب أو باللسان أو باليد، قبلن بتحويل أجسادهن إلى جسر عبور يمرّ عليه الباحثون عن قضاء الحاجة فى كلّ الأوقات، وعلى عجل. وحسب تصريحات وزير الداخلية يتوافد على التونسيات جميع الرهوط (بين 20- 100) ينتظرون «الدور، الطابور» ليحققوا الوطء فى زمن قياسى على طريقة «التيك أواى». وبعد أن كان النقاش حول المرأة المكمّلة فى الدستور صار الحديث عن المرأة الوعاء التى تهب نفسها أو تبيع جسدها لإشباع غرائز المقاتلين. وتناقلت وكالات الأنباء العالمية خبر مجاهدات النكاح التونسيات، وبدل أن تتحوّل تونس كما وعدنا الرئيس المؤقت إلى «سويسرا العرب» أضحت مورّدا لطاقات وخبرات فى مجال الدعارة الحلال.دان وزير الداخلية «صمت» الحكومة ولم يعترف بأنّ وزارة حقوق الإنسان غضّت الطرف عن هذا الموضوع مثلها مثل وزارة شئون المرأة ووزارة الشئون الدينية، واكتفى المسئولون باعتبار هذه الحالات «حالات معزولة» وأنّ «فتوى النكاح لا تلزم التونسيات». وفى حكومة «من يعرفون الله» أغلبيتها من حزب ذى مرجعيّة إسلامية أغلقت المواخير وفتح المجال لممارسات وأنشطة تفرغ المسار الثورى من بعده الإنسانى والحضارى والأخلاقى. فأنّى لنا أن نتهاون فى معالجة الظاهرة منذ تشكل ارهاصاتها الأولى والحال أنّها تنسف القيم الإسلامية فى العمق. فحسب المرجعيّة الدينية تتعارض هذه الممارسات مع مقولة «الإسلام كرّم المرأة»، وأحكام النكاح، وتقوّض أنموذجا تروّج له صفحات المتأسلمين «المرأة المسلمة الصالحة، الستيرة، العفيفة..» بل إنّها تُضاد السيرة النبوية فى حرص الرسول (صلعم) على تعليم الناس آداب الجماع التى تنطلق بالتبرّج فالقبلة، فالملامسة.ووفق المرجعيّة الحقوقيّة كان من المفروض التصدّى لهذه الظاهرة وغيرها (كالزواج العرفى) لأنها تتعارض مع قوانين البلاد والتزام الحكومة بالمواثيق والمعاهدات ومنها اتفاقية «السيداو» التى يُناصبها الإسلاميون العداء. فبأى منطق نقبل انتهاك كرامة التونسيات وتحويل أجسادهن إلى سلع تباع أو تستأجر فى أسواق النخاسة؟ وبأى منطق نغضّ الطرف عن المتاجرة بالبشر وشبكات الدعارة، وإرساء ثقافة العبودية، وممارسة العنف الوحشى ضدّ النساء؟ وأنّى السبيل إلى معالجة هذا الوضع الذى يتطلب رعاية «المجاهدات» العائدات: صحيا ونفسيا وفكريا ودينيا وقانونيا، خاصة الحوامل اللواتى سيتحولن إلى أمهات عازبات يعولون أبناء مجهولى النسب.لم ينهض الوزراء بمسئولياتهم فى ترشيد الخطاب الدينى وتأمين حصوننا من «الغزو الوهابى» وتسريب الأميّة الجديدة عبر التعليم الموازى و«الفكر» الدعوى، لم يحرصوا على حماية العباد والبلاد.وعندما تهون تونس على «أبنائها» يتمأسس الجهل ويسدل النقاب على ممارسات تضرب فى العمق سرديات: تميّز الثورة التونسية ومنزلة المرأة، ومع ذلك ما زلنا نردّد أنّ مصير تونس بيد نسائها: «نساء بلادى نساء ونصف» سيقاومن حتى آخر رمق. * الدكتورة أمل قرامي أستاذة جامعية بتونس، كاتبة و ناشطة من أجل حقوق المرأة و الإنسان
يا تطخه يا تكسر مخه
بقلم د. ابتهال الخطيب
لبيت بكل سرور دعوة من ملتقى الفجيرة الإعلامي لحضور المؤتمر الإعلامي السنوي والذي كان لهذه السنة بعنوان المرأة والإعلام…الصورة الأخرى . كانت ورقتي تدور حول صورة المرأة العربية في الإعلام العربي والتحديات التي تواجهها، وهو الموضوع الذي تناوله معظم المتحدثين في أوراقهم المختلفة بالنقد والتحليل وتفاعل …لقراءة المزيد
لبيت بكل سرور دعوة من ملتقى الفجيرة الإعلامي لحضور المؤتمر الإعلامي السنوي والذي كان لهذه السنة بعنوان المرأة والإعلام…الصورة الأخرى . كانت ورقتي تدور حول صورة المرأة العربية في الإعلام العربي والتحديات التي تواجهها، وهو الموضوع الذي تناوله معظم المتحدثين في أوراقهم المختلفة بالنقد والتحليل وتفاعل معه الجمهور تفاعلاً قوياً وأحياناً انفعالياً. أتيت في الورقة على ذكر الأنماط الإعلامية للمرأة العربية والتي أعتقد أنها تقريباً تنحصر في ثلاث: الصورة التشيئية الجسدية التي تتعامل مع المرأة كمادة اغرائية ربحية، وتلك لربما هي صورة عالمية يتهم بها كل الإعلام العالمي، ثم الصورة الملائكية الكاملة للمرأة المضحية بالغة النقاء والطهارة، وها هنا ينعكس المتضادين الكلاسيكيين: المرأة الملاك والمرأة الشيطان، حيث قليلاً ما تظهر المرأة بصورة انسان يجمع بين الاثنين. اما الصورة الثالثة فهي الصورة الكوميدية الهستيرية والتي من خلالها تقدم المرأة كمخلوق أهوج عاطفي هستيري، سرعان ما يتحطم بانفعالاته التي غالباً ما تأتي كوميدية القالب. من خلال هذه الصورة تتم السخرية من عذابات وآلام ومشاكل المرأة واستخدام الأنماط التقليدية لتأطير هذه السخرية، فمثلاً، في احدى الدعايات التي كانت لها شهرة في الكويت، بدت الزوجة طالبة من زوجها الخروج فيها هو يود مشاهدة مباراة لكرة القدم، فعاونه والده في كذبة لابقائه في المنزل وجلسا بعدها ضاحكين سعيدين بنجاحهما. وفيما ستكون هذه الدعاية خفيفة الظل في مجتمع تقترب فيه المرأة من حرياتها وحقوقها، تكون هذه الدعاية سمجة ومهينة في مجتمع لا يزال ينمط المرأة ويعتقدها ناقصة عقل ودين. في تعدادي للمعوقات الإعلامية للمرأة ذكرت أن من أهمها غياب الحرية والتحرر كمبادئ عامة في مجتمعاتنا، سيطرة المفاهيم الدينية وتداخلها مع سياسات الدولة بما فيها الإعلامية، سيطرة العادات والتقاليد وطبيعة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية التي تحكم المرأة وتداخل حياتها بحياة الرجل، سهولة كسر المرأة من خلال كلمة أو اشاعة أو نقد بذيئ، تمنع المجال الميداني على المرأة، ارتباط نجاح المرأة بمدى تبنيها للأنماط السلوكية وأحياناً المظهرية للرجل، ارتباط الإعلام بالأنظمة السياسية، الا أن أهم هذه العوائق كما أرى هو الاقتصادي، وكما تقول ملاك ناصر في مقال لها نشر في مجلة الكـــويت: «لغويا، يأتي التلفزيون أو «التلفاز» كاسم معرب على أنه «مذكـــر»… وأما الشاشة… أو شاشة هذا التلفزيون، فهي مؤنثة… ولعل هذه التفرقة اللغوية داخل الجهاز نفسه، يمكن استعارتها في شأن الانفصام والانفصال الحادث في عــــالم الإعلام المرئي، خاصة بالنسبة إلى المرأة والتعبير عنها… فالتلفزيون مذكر، ليس كجهاز وحسب، بل كأداة يقف خلفها عالم من الرجال، من أصحاب فضائيات، إلى مديرين عموميين، إلى منتجين… هؤلاء الرجال في عالمنا العربي هم القوة المحركة لآلة الإعلام العربي». ان المتحكم اقتصادياً هو بطبيعة الحال صاحب القرار، وعليه وبما أن العجلة الاقتصادية الاعلامية رجالية خالصة، نجد أن المرأة بعيدة تماماً عن مراكز صنع القرار مما يحولها الى مادة اعلامية جاذبة يستخدمها صاحب القرار تجاه ما يدر الاموال على مشروعه الإعلامي. الكثير من هذا الحديث مكرر وهو بلا شك غير شامل في استعراضه للوضع الإعلامي للمرأة العربية، الا أن ما جذب الانتباه فعلاً هو الحوار الذي دار بعد هذه الأوراق، والذي من خلاله تظهر لنا بعض العقلية العربية التي لا تعرف فكرة الانتصاف، مع بالغ الاحترام لكل ما دار من آراء. فقد تعامل البعض مع جمال المرأة على أنه هو العدو، فيما فرض آخرون (قليلون في الواقع) مفهومهم للحشمة على أنه الطريق «لانقاذ» المرأة اعلامياً. كذلك، انصب الحوار في معظمه على فكرة «التخلص» من الاعلام الرديئ على أنه هو الهدف في النهاية، وهذه الفكرة، في رأيي، هي المشكلة تحديداً. بالطبع، لا يمكن النظر للجمال والاهتمام بالشكل على أنه العدو الرئيسي لعقل المرأة اعلامياً، أي لا يمكن أن نتعامل مع المرأة الجميلة على أنها قليلة ذكاء، ففهي ذلك تنميط ما سعينا الا لانهائه من خلال مثل هذا المؤتمر الثري. كما وأن فكرة محاربة الإعلام «الهابط» وهذا التوصيف بحد ذاته استشكالي من حيث أنه وجهة نظر غير ملزمة للجميع، هي استهلاك للطاقة وتضييع للوقت، فأولاً لا يمكن في يوم للاعلام الهابط (أياً كان مفهومه) أن ينتهي، وثانياً وهو الأهم ليس من مصلحة الإعلام أن ينتهي الهابط منه، فلا يبقى سوى اعلام جيد لن نستطيع تقديره ولا مقارنته بغيره. طبيعة الأشياء تتطلب وجودها وتضاداتها، فليس من الطبيعي ولا من المفيد أن يكون هناك لون واحد من الأشياء. وما مفهوم الحرية الذي أعتقد أنه يحرر الإعلام ويثريه الا راع لكل أنواعه، الجيد والرديئ، الهادف والهابط، وهكذا يجب أن يكون الإعلام وتكون الحياة بتنوعها عموماً. كان الحوار المؤتمري ثرياً بكل تأكيد، الا أن تطرف بعض الآراء أظهر المشكلة الحقيقية والتي تتجلى في الهوة المتسعة بين العقلية العربية ومفهوم الحرية، هذا المفهوم الذي تكمن عظمته في أنه يفسح المجال للسيئ قبل الحسن. نتعامل أحياناً مع مشاكلنا بمفهوم «يا تطخه يا تكسر مخه» فلا يتبدى لنا أن الحل في الواقع يقع في المنتصف. ستأخذ المرأة مكانها القراري في الإعلام قريباً، ليس عندما ينتهي الإعلام الذي يسلعها وليس عندما تنتهي نظرة الرجل الدونية وليس عندما يرغب المشاهد بذات العقل وليس ذات الجمال، فكل تلك مظاهر ستستمر الى أن نفنى، ولكن عندما تصبح المرأة خلف الشاشة أكثر من عليها، عندما تجلس على كرسي صنع القرار وتبدأ رحلة تغيير الأنماط التقليدية وكسرها في كل الوسائل الإعلامية. يبقى أن أشير الى قوة الأوراق والكلمات المشاركة في المؤتمر، وخصوصاً، وان بدا ذلك تحيزاً، تلك المقدمة من النساء العربيات سواءاً الإعلاميات، الأكاديميات أو القياديات في المجال، فقد تحدثن بهمة وأحسن النقد والتحليل بما يشيع الأمل في النفوس في مستقبل المرأة الإعلامي. وأخيراً أوجه خالص الشكر لملتقى الفجيرة الإعلامي على روعة التنظيم وجميل الضيافة والأهم على نسبة الحرية الحوارية المرتفعة التي اتاحت لنا كشف الكثير من المختبئ واستعراضه بالنقاش والبحث عن الحلول. د. ابتهال الخطيب نقلا عن القدس العربي
إزدراء
بقلم سليم بوفنداسة
اشتكى رؤساء جامعات من رفض الطلبة الالتحاق بالمدرجات. اشتكت وزيرة التربية من رفض الأساتذة الجدد الالتحاق بمناصب عملهم ومن التحاق الأساتذة القدامى بالحج عوض المدارس. يفضل طلبة الجامعات إطالة عطلة الصيف إلى آخر الخريف. يفضل الأساتذة  الجدد وظائف أخرى ويدخلون إلى مسابقات التوظيف في قطاع التربية …لقراءة المزيد
اشتكى رؤساء جامعات من رفض الطلبة الالتحاق بالمدرجات. اشتكت وزيرة التربية من رفض الأساتذة الجدد الالتحاق بمناصب عملهم ومن التحاق الأساتذة القدامى بالحج عوض المدارس. يفضل طلبة الجامعات إطالة عطلة الصيف إلى آخر الخريف. يفضل الأساتذة  الجدد وظائف أخرى ويدخلون إلى مسابقات التوظيف في قطاع التربية مضطرين لذلك يرجئون الذهاب إلى المدارس إلى غاية استنفاد فرص الذهاب إلى أماكن أخرى. و يفضل الأساتذة الذين التحقوا بمناصبهم ولم يذهبوا إلى الحج بيع الكباش وتقديم الدروس الخصوصية في المستودعات. هدّد رؤساء الجامعات الطلبة بالترسيب وهدّدت الوزيرة الأساتذة بالفصل. لم يسأل أحد لماذا لا يريد الطلبة العودة إلى الجامعة ولماذا يرفض الأساتذة الذهاب إلى المدارس ولماذا يحب آخرون المستودعات فيسخرونها تارة لعلف الكباش وأخرى لبيع المعرفة. و لو شئنا تبسيط الإشكال سنصل إلى نتيجة مؤداها  أن فئة من الطلبة لا تحب الذهاب إلى الجامعة وفئة من الأساتذة لا ترغب في الذهاب إلى المدارس، بمعنى أننا أمام حالة رفض للعلم تحصيلا وتلقينا. كان يمكن ألا تكون أخبار من هذا النوع مجرد عناوين في جرائد، لكن مرورها  بلا أثر يحيل، بدوره، إلى أن الأمر يتعلّق بظاهرة يجب فتح ورشات تفكير بشأنها: ظاهرة ازدراء العلم. وهي نتيجة تحولات اجتماعية أعادت ترتيب سلم القيّم على نحو مشؤوم يتيح الصعود السريع لفئات معفاة من المعرفة ومدجّجة بالحيّل البدائية وضليعة في الزور والبهتان. فحين تقف فئات من هذا النوع في مقدمة المشهد فإنها تتيح نموذجا سيئا للتقمص و التماهي  للفئات "الهشة" من ضعاف القلوب وذوي الاحتياجات. هذا الوضع يفرز نوعين من ردود الفعل: الاحتجاج  مترجما في العنف بكل أشكاله والذي أصبح سلوكا عاديا في مجتمعنا أو الانسياق الذي تترجمه اللهفة والانتهازية وشقيقاتهما البارزات في الطبعة الجديدة المنقحة من قاموس الأمجاد. ملاحظة اشتكى المشتكون السابقون من عدم ذهاب من سبق ذكرهم إلى حيث كان يجب أن يذهبوا، والحق الحق أنه لا أحد في هذا البلد يذهب إلى حيث يجب! سليم بوفنداسة نقلا عن جريدة النصر
فؤاد العروي وكامل داوود.. بعد بن جلون مغاربيان على اللائحة الأولى لجائزة «غونكور
بقلم إسكندر حبش
ربما الأمر مثلما يقال عادة: الجوائز الأدبية هي اختصاص فرنسي بامتياز. بمعنى أن الجميع يتحمسون لها وينتظرونها. وكما العادة في كلّ عام، تبدأ الساحة الثقافية الفرنسية بالتكهن عمّا ستكون عليه نتائج الجوائز هذا العام وفي طليعتها جائزة غونكور (أهم جائزة أدبية فرنسية). منذ سنين و«غونكور» لا …لقراءة المزيد
ربما الأمر مثلما يقال عادة: الجوائز الأدبية هي اختصاص فرنسي بامتياز. بمعنى أن الجميع يتحمسون لها وينتظرونها. وكما العادة في كلّ عام، تبدأ الساحة الثقافية الفرنسية بالتكهن عمّا ستكون عليه نتائج الجوائز هذا العام وفي طليعتها جائزة غونكور (أهم جائزة أدبية فرنسية). منذ سنين و«غونكور» لا تنجو من الانتقادات ومن أنها تمرّ إلى جانب الكتب المهمة من دون أن تنتبه لها، أو على الأقل تنتبه لها لكنها لا تعيرها الاهتمام الكافي، فلا نجدها على اللوائح الأولى، وإن وجدت فستخرج مع التصفيات، وإن حالفها الحظ وبقيت لتصل إلى اللائحة النهائية فلن تفوز بالجائزة. الأمر يبدو مشابهاً مع بداية هذا العام، إذ كيفما طالعت الصحف والمجلات والمواقع الفرنسية لا بدّ من أن تقرأ عن استثناء رواية إيمانويل كاريير «المملكة» التي لم تجد الفرصة لتكون على اللائحة الأولى لغونكور، على الرغم من أنها منذ صدورها في نهاية آب الماضي وهي تثير الجميع: القراء أولا، فهي تتصدر لائحة الكتب الأكثر مبيعاً (آلاف النسخ إلى الآن)، والنقاد ثانيا، الذين اعتبروها من أكثر كتب كاريير تكاملا وجمالا، وفيها يعود إلى رواية تشكلّ «المملكة» المسيحية، بمعنى أنها تروي سيرة المسيحيين الأوائل، وهو يفعل ذلك انطلاقاً من سيرة الآباء كما تضمنتها الأناجيل. في أي حال، ردّ فعل كاريير على استثنائه، جاء متوازناً، معتبراً أن عدم وجود اسمه على اللائحة الأولى، إن دلّ على شيء فهو يدل على أن أعضاء أكاديمية غونكور لا يحبون كتبه وما يكتب. ربما لم يرغب الكاتب في إثارة الجدل كثيرا وبخاصة أن الرواية اختيرت على لوائح جوائز أخرى منها جائزة الأكاديمية الفرنسية وجائزة «رونودو» (التي توزع بعد دقائق من إعلان غونكور، وهي التي اعتبرت في تاريخها أنها «غونكور المضادة»). بيد أن «المفاجأة» في لوائح هذا العام ورود اسمي كاتبين مغاربيين، الأول المغربي فؤاد العروي والثاني الجزائري كامل داوود. العروي من مواليد «وجدة» في المغرب، وهو يعيش حاليا في هولندا. درس الاقتصاد وهو يعمل في مجاله هذا، وإلى جانب عمله يكتب الأدب، إذ أصدر العديد من الروايات والمجموعات القصصية منها «أسنان الطوبوغرافي» (1996)، و«اليوم الذي لم تتزوج فيه مليكة» (2009) و«سنة عند الفرنسيين» (2010)، وقد حاز في أيار الماضي «جائزة غونكور للقصة القصيرة» عن كتابه «القضية الغريبة لبنطال داسوكين»، ومنذ أيام حاز «ميدالية الفرنكوفونية» التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية التي تكافئ فيها «عملا أدبيا لشخص فرنكوفوني ساهم في بلده أو في العالم ـ بطريقة بارزة في الحفاظ على اللغة الفرنسية». رواية العروي المرشحة بعنوان «مِحَن آخر شخص من سجلماسي» وتتحدث عن مهندس مغربي اسمه آدم سجلماسي يقرر ذات يوم أن يقطع كل علاقاته مع عالم حياته المتغربن، ليحاول العودة إلى جذوره الأصلية، أي اننا أمام رحلة عكسية في الحياة إذا جاز القول، من حيث رفض الواقع والبحث عن البيئة الأصلية التي شكلت حياته الأساسية. أما رواية كامل داوود، فهي الرواية الأولى له، وكانت قد صدرت في أيار الماضي عن منشورات «البرزخ» في الجزائر، قبل أن تعيد منشورات «أكت ـ سود» (الفرنسية) نشرها مع مطلع هذا الشهر، وهي بعنوان «ميرسو، تحقيق مضاد». وما ميرسو إلا بطل رواية «الغريب»، الإشكالي، التي كانت سبب شهرة ألبير كامو. تقوم فكرة الرواية على «اختراع» أخ لشخصية العربي الذي يقتله ميرسو في رواية الغريب ولينسج حولها مسألة الهوية وليعيد عبرها التفكير بكل العلاقات الجزائرية الفرنسية، وهي رواية شهدت حين صدورها في الجزائر الكثير من الجدل. في أي حال، ليس جديداً الالتفات إلى الأدب المغاربي الفرنكوفوني (وإن كان بن جلون أول وآخر من حازها، وهو اليوم عضو في أكاديمية غونكور، أما العربي الثاني فكان اللبناني أمين معلوف) إذ نجد في السنوات الأخيرة العديد من كتّاب المغرب العربي الذين ورد اسمهم على لوائح الجوائز، لا أكثر، مثل ياسمينا خضرا («الاغتيال» 2005، جائزة رونودو) والمهدي أشرشور ( «الدوري» 2010، جائزة فمينا) وبوعلام صنصال («قرية الألماني» 2008 جائزة ميديسيس) وسليم باشي («صمت محمد» 2008 جائزة غونكور وعام 2010 مع «غراميات ومغامرات السندباد البحري، جائزة رونودو) وأنور بن مالك (طفل الشعب القديم، 2000 جائزة فمينا). إسكندر حبش نقلا عن جريدة السفير
لسان جينيفياف
بقلم سليم بوفنداسة
نجحت عجوز في الثانية والثمانين في سرقة الأضواء من شابة في العشرين في مسابقة لاختيار ملكة جمال. العجوز فرنسية والشابة جزائرية من باب الوادى. الأولى اسمها جونفياف دو فونتناي والثانية اسمها فاطمة الزهراء شعيب. الأولى أختيرت سيدة للأناقة في فرنسا سنة 1957 والثانية صارت ملكة لجمال الجزائر سنة 2014. …لقراءة المزيد
نجحت عجوز في الثانية والثمانين في سرقة الأضواء من شابة في العشرين في مسابقة لاختيار ملكة جمال. العجوز فرنسية والشابة جزائرية من باب الوادى. الأولى اسمها جونفياف دو فونتناي والثانية اسمها فاطمة الزهراء شعيب. الأولى أختيرت سيدة للأناقة في فرنسا سنة 1957 والثانية صارت ملكة لجمال الجزائر سنة 2014. الجزائريون نسوا تماما جمال الملكة وانصرفوا إلى العجوز التي جرى لسانها بما أغضبهم. الأولى نطقت خطأ أو عمدا العبارة القاتلة "الجزائر فرنسية" والثانية قالت بالفرنسية أنها تعتز بجذورها ووطنها وتفتخر لأنها من حي باب الوادى الشعبي. الأولى منتوج كولونيالي أما الثانية فهي منتوج شعبوي مشبع بايديولوجيا اشتراكية. الأولى تحدثت من التاريخ والثانية من الغضب. جونفياف استحضرت فرنسا للتعبير عن جمال الجزائر وفاطمة تحدّت بجمالها من ينسبون الجمال إلى أنفسهم حصرا فقالت أن الجمال يأتي من باب الوادى، أيضا، أي أنه لا يقيم، فقط، في أعالي العاصمة حيث تتبادل أشجار السلالات السعيدة غبار الطلع النبيل الذي يمكّن من إنجاب ذرية جميلة صالحة للثراء والحكم. نعم، الجزائر ليست فرنسية فلماذا نخاف من عبارة جرت على لسان عجوز عمدا أو خطأ؟ ثمة حساسية مفرطة للجزائريين من الكلمات الفرنسية والسبب هو التكلفة الكبيرة للاستقلال، الاستقلال الذي لم يتقبله الكثير من ساسة فرنسا ومثقفيها إلى اليوم، والاضطراب في الهوية الذي يعاني منه الجزائريون بسبب تاريخهم المعذب والإخفاقات التي صاحبت بناء الدولة الوطنية. لنتفق أن الفرنسية غنيمة حرب كما قال كاتب ياسين، ولنتغاضى عن كون استعمالها يفتح الأبواب المغلقة في الجزائر، لكن علينا أن ننتبه إلى أن الفرنسيين هم من يكتب تاريخنا وأننا لازلنا نحتاج إليهم في الغذاء والدواء وتسيير الماء، ونحتاج إليهم في اختيار ملكة جميلاتنا. صحيح أن بيننا تاريخ مشترك له إفرازاته السلبية والايجابية و بيننا علاقات بشرية تجعلنا على تواصل دائم تكون له أحيانا أعراض جانبية. لكن علينا أن نكف عن تقييم أنفسنا من خلال نظرة الآخر، لأن هذا التمرين يعذّب الجماعات، تماما كما يعذّب الأفراد. فحين نشعر  بأننا صرنا جزائريين تماما سنكف عن التأثر بما يقوله الآخرون. نقلا عن جريدة النصر
إنها العولمـة... عزيزتي الأونيسكو !
بقلم ميشال معيكي
" علـى مسؤوليـتي " قبل فترة ، احتفلت الأونيسكو باليوم العالميّ للغة الأم ، للدلالة على أهمية التنوع اللغوي في العالم. وكانت الأمم المتحدة سنة 2007 اصدرت قرارا دعا الى المحافظة على جميع اللغات وحمايتها، تعزيزا لوحدة البشر، ضمن إطار التنوع وتفاهم الشعوب وحماية الثقافات، بإعتبار أن اللغات هي …لقراءة المزيد
" علـى مسؤوليـتي " قبل فترة ، احتفلت الأونيسكو باليوم العالميّ للغة الأم ، للدلالة على أهمية التنوع اللغوي في العالم. وكانت الأمم المتحدة سنة 2007 اصدرت قرارا دعا الى المحافظة على جميع اللغات وحمايتها، تعزيزا لوحدة البشر، ضمن إطار التنوع وتفاهم الشعوب وحماية الثقافات، بإعتبار أن اللغات هي الأدوات الأقوى لحفظ وتطوير التراث الإنساني. إحصائيات الأونيسكو أشارت الى اندثار حوالى اربعمائة لغة في العالم ، بفعل عولمة التجارة والعمالة واللباس والمآكل وتشير أيضا الى وجود حوالي سبعة آلاف لغة حيّة، يستخدمها سكان كوكب الأرض حاليا ، بعضها على طريق الأندثار. مع إحتفال الأونيسكو بيوم اللغة الأم، نتساءل عن صحّة لغتنا العربية، وسط هذا الكمّ من اللهجات المحكيّة : من لبنان حتى الصومال وجزر القمر!! -2- منذ عقود طويلة، يتراجع استعمال اللغة الأم الفصحى في العالم العربي عامّة وفي لبنان بشكل أخص... إزدواجية اللغة لعبت دائما الدور الرئيس بين العربية الأكاديمية في التدريس والمحاضرات والإعلام المكتوب، والمؤتمرات وبين اللّهجات المحكية في يومياتنا . إختلافات لا بأس بتأثيراتها إضافة الى اللغات الأخرى غير العربية المستخدمة ، كنوبيّة جنوب مصر والسودان ، والكردية في العراق وسوريا، والأرمنية في لبنان وسوريا والأمازيغية في دول شمال افريقيا... في لبنان تلعب وسائل الإعلام المرئي والمسموع دورا كارثيّ الأثر على اللغة الأم . فإكثر من نصف اوقات نشرات الأخبار تستخدم فيها المحكية المشوّهة ببعض الجمل بالفصحى ، اضافة الى جهل كبير باللغة لدى بعض مقدمّي بعض البرامج، وتأثير ذلك على الرأي العام والشباب... جوابنا الى الأونيسكو بأسف: لغتنا العربية الى تهازل مريع ، ولعلّ أخطر التحديات. سببه وسائل التواصل الإجتماعي ،.. التي انتجت لغات هجينة – ما يُصطلح بتسميتها بالعربيزي ( أي العربي – الإنكليزي ) أو بالعرنسي ( أي العربي الفرنسي ) أو بالأثنين معا . وصارت عبارات التواصل بين الناس مزيجا من كلمات بكل اللغات في الجملة الواحدة. إنها العولمة يا عزيزتي الأونيسكو... أهل كوكب الأرض انخرطوا بدوّامة العولمة... صرنا فعلا وواقعا، سكان قرية صغيرة !!! لغةٌ واحدة – حتى اليوم بسطت ابجديتها على الجميع، بفعل التفوق التكنولوجي – الإقتصادي... الإنكليزية اليوم ، غدا ربما الصينية أو سواها ... -3- علاقات البشر عبرت حدود الجغرافيات ! أرقام مؤسّسة Internet Words Stats تشير الى 450 مليون مستعمل ناشط على الفيسبوك . عدد الرسائل بين البشر في حدود العشرة مليارات رسالة يوميا ! أرقام الصور المرسلة 500 مليون في اليوم الواحد! أمر مخيف ان نتكلم غدا لغة واحدة ونرتدي جينزا واحدا ونلتهم على الواقف وجبة سريعة واحدة : من ففث Avenue الى الشانزيليزيه الى سوهو، مرورا بساحة تيانانمن وقندهار ، ومن غزة الى سد الموصل الى جبال همالايا ... ولا يبقى في الذاكرة إلاّ مؤشر داو جونز وبرميل Brent وعواصف البورصات وسعر إقفال عقولنا ..!!! ****** في ماضي الطفولة السعيدة ، كنت أجهد للتعرف الى وجه أبي العسكري بين رفاق السلاح ، خلال استعراض عيد الإستقلال ... فلا انجح! العولمة ، أماتت الفرادة ، واللغات ... كالعساكر في الأرض ، يتشابهون، وتمحى العلامات الإنسانية الفارقة تحت الخُوَذ ! يتحول الرجال الى بنادق وجزمات موحدة ، تتحرك آلياً ، على أيقاع واحد ، وتخضّب خُضرة عشب الأرض !!! إذاعـة صوت لبنـان ليوم السبت 30/8/2014
المحرّك
بقلم سليم بوفنداسة
       أصبحت النساء فرائس سهلة للجماعات المتطرفة في العالمين العربي و الاسلامي، وتقدم التقارير الإعلامية معلومات مرعبة عن عمليات السبي التي يقوم بها جند الخلافة غير الراشدة في العراق وسوريا، وإذا أضفنا إليها عمليات السبي غير المعلنة في البلدان خفيفة الدعش  فإننا نجد …لقراءة المزيد
       أصبحت النساء فرائس سهلة للجماعات المتطرفة في العالمين العربي و الاسلامي، وتقدم التقارير الإعلامية معلومات مرعبة عن عمليات السبي التي يقوم بها جند الخلافة غير الراشدة في العراق وسوريا، وإذا أضفنا إليها عمليات السبي غير المعلنة في البلدان خفيفة الدعش  فإننا نجد أنفسنا أمام معطى لم ينل ما يستحق من الدراسة حول الخلفية الجنسية للتطرف الديني. وحتى و إن كانت كلاسيكيات الدراسات النفسية تشير إلى علاقة الحرمان والكبت بالانطواء والتطرف، إلا أن الظاهرة لم تدرس ميدانيا ولم تعالج إعلاميا بالشكل الذي يقدم المتعصب المكبوت كمريض وليس كنجم ( أي كشخص في حاجة إلى علاج وليس كشخص يعالج مشاكل الناس ويسعى إلى قيادتهم). ويبدو أن إيران قرأت بعين ذكية ما يحدث  لجيرانها حيث طرح برلمانها المسألة الجنسية للنقاش العلني بعد أن كشفت دراسة مثيرة لمعهد بحث تابع لذات الهيئة عن تمرد الأجيال الجديدة على القوانين التي تمنع التواصل الحر في الجمهورية الإسلامية، وأيدت الحكومة مقترحات بتسهيل الزواج المؤقت لمواجهة الأصوات المطالبة بالحرية. و حتى وإن لم تكن إيران مثلا يحتذى به في هذا الشأن فإن طرح المشكلة للنقاش يعد خطوة أولى على طريق الحل. صحيح أن المعطيات تختلف بين الواقع السوسيولوجي لشباب إيران الذي يهرب إلى الحرية والشباب العربي الذي يهرب إلى التطرف، حيث تكون تسوية الإشكالية طبيعية في الحالة الأولى و باتولوجية في الحالة الثانية، لكن المؤكد أن المشكلة الجنسية أصبحت عدوا  كامنا يتسبب في ظواهر خطيرة يعبر عنها بالعنف الذي يأخذ أشكالا مختلفة، ومنها العنف المنظم  الذي يهدف إلى إقامة الخلافة و يستهدف أول ما يستهدف النساء سبيا واستباحة في تسوية مشؤومة للأزمة الأصلية تحت الغطاء الديني. ويستفيد “المرضى” هنا من السكوت الاجتماعي عن الظاهرة للقيام ببروباغوندا سرية تستخدم أسلوب الإفتاء باتت تستقطب «مجاهدات» و «مجاهدين» يطمعون في تحصيل المحظورات التي تبيحها ضرورات الحرب. وإذا كانت الجزائر قد عاشت في تسعينيات القرن الماضي ما تعيشه بلدان عربية اليوم وأجرت تسويات للأزمة على أصعدة مختلفة، فإن العنف المدفوع جنسيا لا زال يتجول في شوارع حياتنا والأخطر من ذلك أن بعض النخب السياسية والإعلامية ترعاه وتترجم هذه الرعاية في معارضة تشريعات تشدّد العقوبات على ممارسي العنف ضد النساء.   سليم بوفنداسة
الجزية لا الرّحيل
بقلم شارل ألفريد جبور
منعا لإحراج "الجمهورية"، فضلت نشر هذا المقال على صفحتي الفيسبوكية: "الدولة الإسلامية" خيرت المسيحيين في الموصل بين دفع الجزية أو اعتناق الإسلام أو مغادرة المدينة، فاختاروا، بكل البساطة، المغادرة. ولم يسجل أي مقاومة جماعية أو فردية ولا حتى محاولة للتفاوض والحوار مع المسؤولين في هذه الدولة. أصاب …لقراءة المزيد
منعا لإحراج "الجمهورية"، فضلت نشر هذا المقال على صفحتي الفيسبوكية: "الدولة الإسلامية" خيرت المسيحيين في الموصل بين دفع الجزية أو اعتناق الإسلام أو مغادرة المدينة، فاختاروا، بكل البساطة، المغادرة. ولم يسجل أي مقاومة جماعية أو فردية ولا حتى محاولة للتفاوض والحوار مع المسؤولين في هذه الدولة. أصاب البطريرك الماروني بشارة الراعي بدعوته "داعش" إلى الحوار قائلا: "تعالوا نتحاور ونتفاهم على واحدة فقط تجمعنا بكم هي انسانية الانسان، لأنه خلاف ذلك أنتم تعتمدون لغة السلاح والإرهاب والعنف والنفوذ، أما نحن فلغة الحوار والتفاهم واحترام الآخر المختلف"، وسائلا: "ماذا فعل المسيحيون في الموصل وكل العراق العزيز لكي تعاملوهم بمثل هذا الحقد والتعدي". فما حصل مع المسيحيين في الموصل جريمة موصوفة ومرفوضة وغير مبررة على الإطلاق، ولكن في نفس الوقت هناك بعض التساؤلات التي لا بد منها وفي طليعتها: هل تخيير المسيحيين بين الجزية والإسلام والمغادرة كان مجرد دعوة إعلامية شكلية تبريرا لتهجيرهم؟ ولماذا تحتاج جماعة مثل "داعش" تتباهى بالقتل والعنف والإجرام إلى حجج وتبريرات لترحيل المسيحيين؟ أولم يكن بإمكانهم قتل المسيحيين دون إنذارهم؟ وهل يعقل أن يكون الرحيل وترك الأرض أهون الشرور؟ وهل يعقل أنه لم ينوجد شخص واحد ديني أم زمني يأخذ على عاتقه الحوار مع "داعش" باسم الجماعة ولو كانت كلفة هذا الحوار حياته؟ وفي هذا السياق ترددت أخبار لم يتم نفيها بأن "الدولة الإسلامية" كانت دعت جميع ممثلي الموصل من الوجھاء وشيوخ العشائر ورجال الدين وممثلي الأقليات الدينية الى الحضور لاجتماع يناقش آلية الإدارة الجديدة في المدينة، وأن المشاركين أعلنوا على أثر ذاك الاجتماع قبولهم بقرارات "داعش"، وأن "الدولة الإسلامية" تذمرت من عدم حضور أي ممثل من المسيحيين في المدينة، ما دفعها إلى إمهالهم عبر عدد من القساوسة المتبقين في المدينة مھلة أسبوعين للقدوم إليھم وعقد اجتماع يتناول أوضاعھم. ولكن عندما لم يأتِ أحد خيرتهم بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو مغادرة المدينة، فيما تنظيم "الدولة الإسلامية" كان يتوقع أن يوافق مسيحيو الموصل على شروطھم كما حصل في منطقة الرقة في سوريا عندما وافق مسيحيوھا على شروط التنظيم بدفع الجزية. فخيار الرحيل يجب أن يكون آخر الخيارات لا أولها، وإسرائيل تتمنى لو يرحل الفلسطينيون من داخل الدولة الإسرائيلية أمس قبل اليوم، وأما التذرع برفض الاستسلام، فهذا الرفض في غير محله للأسباب الآتية: أولا، هل المسيحي أو أي مواطن مسلم يعيش حريته في الدول الديكتاتورية أم أنه يخضع لذمية سياسية على غرار الذمية الدينية التي تدعو إليها "الدولة الإسلامية"؟ وما الفارق بين ذمية سياسية وذمية دينية؟ ثانيا، يجب الإقرار أن هناك نظام حكم جديد اسمه "الدولة الإسلامية"، وبالتالي على المواطنين داخل إطار هذه الدولة الخضوع لشروطها والتكيف مع نظام حكمها أو الرحيل. ولا شك في أن محاولة البقاء، على صعوبتها، تستحق المجازفة والمحاولة، لأن أي شيء يبقى أفضل من هذه الهجرة الجماعية، إلا تجنب القتل. ثالثا، تسعى الدولة الإسلامية إلى تطبيق نص موجود ضمن سياق دار الحرب ودار الإسلام، حيث أن واجب المسلمين، كأفراد وجماعة، الجهاد في سبيل تحويل كل أرض لا تطبق فيها الشريعة إلى دار إسلام، فيخير الذين ليسوا من أهل الكتاب بين القتل أو اعتناق الإسلام، فيما يمنح أهل الكتاب، أي المسيحيون واليهود، خيارا ثالثا في حال أرادوا البقاء على دينهم هو دفع الجزية كتعويض ومساهمة في الجهاد الملزم لكل مواطن يخضع لحكم الإسلام، وذلك على قاعدة: تدفع تسلم. رابعا، على رغم الاستقلالية الذاتية النسبية التي نعم بها جبل لبنان إبان حكم السلطنة العثمانية، إلا أن أهل هذا الجبل كانوا ملزمين تسديد الضرائب. فالأمير عليه تسديد المبالغ المترتبة على إمارته للدولة العثمانية، وإلا تم خلعه، وهذه الدولة كانت وضعت أساسا ما عرف بـ"الخط الهمايوني"، وهو قانون يطبق على كل الملل والأديان غير الإسلامية، وينظم بناء الكنائس والمقابر وترميمهما ويمنح بعض الامتيازات للأجانب الذين يعيشون في الولايات العثمانية. خامسا، المسيحيون اللبنانيون خضعوا لنظام الوصاية السورية لمدة 15 عاما، ومن عارض منهم كان مصيره النفي أو السجن أو القتل، ولكنهم تعايشوا في نهاية المطاف مع هذا الوضع الذي حرمهم الحرية السياسية، إلا إذا كان مصدرها دمشق. وها هم يتعايشون وسائر اللبنانيين مع سلاح "حزب الله" الذي يخطف قرارهم الوطني ومتّهم بأنه وراء اغتيال ومحاولات اغتيال مجموعة واسعة من القادة السياسيين. وعليه، ليس المقصود إطلاقا الدفاع عن "الدولة الإسلامية" ولا تبرير ارتكاباتها وفظائعها ونظام حكمها الذي لا ينتمي إلى هذا العصر الذي يَنشَدّ فيه المواطنون إلى دول مدنية يتساوون فيها في الحقوق والواجبات وقائمة على الحرية والديموقراطية، ولكن هذا لا يعني عدم التعامل مع الوقائع المستجدة كما هي بأن هناك نظاما جديدا يجب التسليم بأحكامه حتى إشعار آخر، وأنه بين السيئ والأسوأ لا يجب التردد باختيار السيئ، أي البقاء في الأرض، وإذا كان هناك من يشكك بقبول "الدولة الإسلامية" بمبدأ الجزية، فيجب "اللحاق بالكذاب لورا الباب". وإذا كانت المشكلة من طبيعة مالية بعجز أهل الموصل عن تسديد هذه الجزية، فحينذاك يُمتحن المسيحيون بصدق تضامنهم ومدى استعدادهم لمساعدتهم على البقاء في أرضهم. المسيحيون العراقيون اختاروا الرحيل، وهذا أمر مؤسف. وليس مطلوبا منهم المقاومة، لأن ظروفهم التاريخية والجغرافية والديموغرافية لا تسمح لهم بذلك. ولكن حسنا فعل البطريرك الراعي بدعوته "الدولة الإسلامية" للحوار، والبطريرك مطالب اليوم بترجمة دعوته فعليا من خلال إرسال وفد ديني وزمني للمباشرة بهذه المهمة، بدلا من البكاء على الأطلال أو توزيع المسؤوليات على كل دول العالم، فيما المطلوب مبادرات عملية لا مواقف استنكارية...
سجون
بقلم فادي عزّام
بالرغم من أن الأمر يبدو غريبا فإن السجن الأكثر رعبا في سوريا يسمى فرع فلسطين. تذكرت ذلك " وأنا استمع لهذه القصة الإدواردو كاليانو " بالرغم من أن الأمر يبدو غريباً، إلا أن السجن الرئيسي في الدكتاتورية العسكرية في الأورغواي كان يسمى (( حرية )) ومن المذهل أيضا، إنه في ذلك السجن المسمى (( حرية )) كان …لقراءة المزيد
بالرغم من أن الأمر يبدو غريبا فإن السجن الأكثر رعبا في سوريا يسمى فرع فلسطين. تذكرت ذلك " وأنا استمع لهذه القصة الإدواردو كاليانو " بالرغم من أن الأمر يبدو غريباً، إلا أن السجن الرئيسي في الدكتاتورية العسكرية في الأورغواي كان يسمى (( حرية )) ومن المذهل أيضا، إنه في ذلك السجن المسمى (( حرية )) كان محظوراً على السجناء أن يرسموا أو يعلقوا رسومات لفراشات أو نجوم أو طيور. أحد السجناء كان معلم مدرسة واعتقل لأنه كان لديه أفكارا أيديولوجية تلقى في يوم الأحد زيارة من ابنته " ميلاي " البالغة من العمر خمس سنوات. جلبت له رسما لعصافير. وبما أن العصافير محظورة، قامت رقابة السجن بتمزيق الرسم على المدخل. في الأحد القادم، أحضرت " ميلاي " رسما للأشجار. وبما أن الأشجار ليست محظورة دخل الرسم السجن. الآب سأل ابنته أهذه أشجار فاكهة؟ برتقال أم ليمون أم تفاح. ابنته سكّتته ( هصصص ) بابو : ألا ترى إنها عيون، عيون الطيور التي أحضرتها لك مختبئة خلف الأشجار.
حقيقة تفوق القاصة ( المرأة) على القاص ( الرجل) بكتاباتها
بقلم أحمد الخليفي - الكويت
   المشهد الثقافي في الكويت لم يعد ذلك المشهد البطيء في تغيراته كما في السابق، يتحرك محاولاً ان يسبق السلحفاة ليحرك ساكنا ويصدر ضجيجا عندما يميل قليلاً عن اتجاهه عند بروز طفيف لمظهر أو قضية تنعكس على ملامحه العامة دون ترك أثر في لبه العميق لتترسخ قواعد جديدة ومشاهد تُشكل ذاتيا. أما بعد …لقراءة المزيد
 
 المشهد الثقافي في الكويت لم يعد ذلك المشهد البطيء في تغيراته كما في السابق، يتحرك محاولاً ان يسبق السلحفاة ليحرك ساكنا ويصدر ضجيجا عندما يميل قليلاً عن اتجاهه عند بروز طفيف لمظهر أو قضية تنعكس على ملامحه العامة دون ترك أثر في لبه العميق لتترسخ قواعد جديدة ومشاهد تُشكل ذاتيا.
أما بعد سهولة التواصل وعرض الكثيرين تجربتهم علانية من خلف المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة التي أزاحت وحطمت الحدود البيروقراطية في عالم الثقافة يكاد كل يوم يحدث تغيير ربما يكون طفيفا أو يُخلق مشهد جديد بهزة مزلزلة ولعل أهم هذه المشاهد التي انتبه لها خاصة الأدب وعامته وقارئه عودة القصة القصيرة إلى اهتمامات الروائيين وخاصة الشباب وكذلك قناعة البعض بتفوق الروائيات على الروائيين في هذا المجال إبداعا وجودة وكماً للإصدارات القصصية القصيرة، ولا بد أن يكون لذلك أسبابه التي حاولنا أن نكتشفها ونكشف عنها من خلال هذا التحقيق الذي أجريته مع ثلاثة روائيين يمثلون رؤى مختلفة حول الموضوع وهم طالب الرفاعي ومنى الشمري وباسمة العنزي، وحتى يكتمل المشهد بهذه الرؤى المتفاوتة زمنيا ونوعياً بوجهة نظرها مزجناها بالرأي النقدي من خلال مشاركة أستاذ النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية الدكتور علي العنزي لتكتمل زواياه. بداية قال الروائي طالب الرفاعي ان الرواية تصدرت بشكل لافت، وتحديداً خلال العقدين الماضيين المشهد الأدبي ليجعل منها الجنس الأدبي الأكثر تسيّداً على باقي الأجناس الأدبية، حتى انتشرت مقولة «العالم يعيش عصر الرواية». ويمكن التدليل على ذلك بأكثر من أمر بينها نصيب الرواية المرتفع بين إصدارات دور النشر العالمية والعربية، وتوجّه عدد كبير من النقاد للتخصص في نقد الرواية، وأخيراً الكم الكبير من الجوائز الأدبية التي تقدم لها عما سواها مستدركاً بأن هذا مجتمع لا ينفي حضور فن القصة القصيرة، خاصة والسحر الإبداعي الذي يلازم هذا الفن الصعب. وأشار الرفاعي أن الدوائر الأدبية عالمياً وعربياً بدأت تشهد خلال السنوات الماضية عودة لفن القصة وأن مصدر ذلك حيوية هذا الفن وقدرته على تمثّل الهم الإنساني اليومي العابر، وتشبع السوق العالمية والعربية بنتاج الرواية، وطبيعة اللحظة الإنسانية الراهنة بتسارع رتمها وسيطرة مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي على اهتمام شريحة كبيرة من القُراء وكاد يجزم أن السنوات القادمة ستشهد ازدياد مطرد بنتاج القصة القصيرة، لتعود إلى مكانتها الرائدة، كما كانت في بداية الستينات وحتى منتصف الثمانينات. واوضح أن اشتغال عدد أكبر من الفتيات والنساء بكتابة القصة القصيرة في الكويت مقارنة بالأقلام الرجالية مشهد طبيعي، فالفتاة الكويتية متفوقة بما لا يقاس في نتائج الدراسة الثانوية والجامعية بسبب ظروف المجتمعات العربية عامة والخليجية خاصة بالتضييق عليها مما يجبرها على البقاء حبيسة البيت وتمتعها بفسحة من الوقت تتيح لها القراءة والكتابة. وزاد الرفاعي أن الظلم والقهر الواقعين عليها يجعلانها تفكر بتفريغ شحنة وجعها وليس كالكتابة صوت لمن لا صوت له ،خاصة وأن البحبوحة المالية أدت إلى توفر أجهزة الكمبيوتر، واتصالها بشبكة الإنترنت، وإذا ما رُبط ذلك بسهولة النشر سواء عبر دور النشر المحلية أو العربية فإن هذا مجتمع يؤدي إلى تفوق المرأة الخليجية على الرجل في الكتابة عامة، والكتابة الروائية والقصصية خاصة. مع ملاحظتي بأن تحقق الشرط الفني للكتابة هو الفيصل في أهمية ما يطرح من نتاج. وذكر مجموعة من أسماء قصصية نسائية لامعة في الكويت خصوصاً من الأجيال الشابة من بينها باسمة العنزي ومنى الشمري وتالياً تأتي أسماء كإستبرق أحمد ونورة أبوغيث إلى جانب أسماء شبابية رجالية مثل خالد النصر الله ومشاري العبيد وعبدالعزيز مال الله والشاب الواعد عبدالله العتيبي. واختلفت الروائية منى الشمري مع ما طرحناه وقالت على العكس تماما وأجد ان الإقبال الآن في الكويت والعالم العربي ينصب على كتابة الرواية مستشهدة بذلك على أنه نادرا ما تصدر مجموعة قصصية قصيرة مستوفية شروطها الفنية بمستوى عال من جودة خامة الإبداع. وعللت ذلك بعدة أسباب منها ان القصة القصيرة كفن أصعب من الرواية لانها تحتاج من الجهد المضاعف لحجمها المحدود الذي يتطلب تكثيف الحدث ونثر الإشارات المقتضبة التي تقود النص بشحنة الطاقة القصصية والإيحاءات والمعاني بخصوصية سردية للمتلقي، أما السبب الثاني فهو حجم الاستهلاك الأدبي الفعلي وتدخل ما يقتضيه التداول والحاجات النفعية عند القراء بعيدا عن معيار الملاءمة وهو أمر يأخذ الأشكال الأدبية إلى ضفاف بعيدة عن روحها وحقيقتها النسقية والجمالية. وتابعت الشمري مثل هذا الأمر يثير تحديات حقيقية أمام المبدع وعلاقته بالنص الذي يخلق سياقه الخاص ويعمل عليه بانسجام داخلي يعتني بمعطيات النص وبنيته الكلية وقبوله لشرط التأويل بعيدا عن منزلقات الصدارة والشكل المهيمن انغماسا وراء النفس التجاري السائد الذي يشجعه الناشر ويحث عليه، ولهذا تجد الرواية احتفاء لاتجده القصة القصيرة في الوقت الراهن. وكشفت بأنها لا تؤمن بما يتداوله خاصة الأدب وعامة القراء بالنسبة لتفوق المرأة القاصة على الرجل القاص ولا تؤمن بهذا النوع من التصنيف أو التهميش أو المفاضلة «وسموها ما شئتم» وأنها تؤمن بالنص الجامع لشروطه الفنية، اللامع بجمالياته وأطروحاته المؤثرة إذا استبعدنا الخواطر العاطفية التي تكتبها الكثيرات في الكويت وتنشر تحت مسميات نصوص أو قصص حينها سنجد إن المرأة ليست متفوقة على الرجل في الانتاج القصصي إنما الكم الفاقد الهوية الذي يعجز عن أن يتشابك مع أي من الأجناس الأدبية لأنه هزيل ويثير الغبش في المشهد الثقافي ويصور ان هناك إنتاجا أدبيا نسائيا أوفر بينما هو في حقيقة الأمر أنثوي يجد أحيانا قراءات نقدية مجاملة تروج له تتخلى عن مسؤوليتها الأخلاقية في تضليل القارئ لسبب نبيل غير مبرر وهو التشجيع من أجل التشجيع. ورأت من جانبها الكاتبة الروائية باسمة العنزي أن الاصدارات القصصية وتزايدها لا يعود إلى أسباب الاهتمام الفعلي بالقصة كشكل سردي، بل كجزء من ظاهرة تزايد الاصدارات عموما ونصيب الأسد من هذه الإصدارات تحصده الرواية والقصة معا بلا تفاضل بينها. وأوضحت أن المجموعات القصصية الصادرة في السنوات الأخيرة تتراوح ما بين المتمكن والضعيف، ويظهر ذلك جليا فيما بينها من خلال التفاوت في المستوى الفني وأن المشهد لم يتوقف عند ذلك من الضعف والوهن، فهناك إصدارات ضلت طريقها فوضع على غلافها مجموعة قصصية وهي أقرب للخواطر والفضفضة! وتابعت العنزي بقولها أنا لا أدقق في مسألة أي جنس أدبي أكثر أقبالا من المرأة في الاتجاه إليه كتابة، ولا أظن أن القاصة تفوقت على القاص في غزارة الانتاج مؤكدة على أن العملية ليست متعلقة بسلعة استهلاكية قابلة للقياس بعزوف الرجل عن استخدامها بل هي سهولة النشر التي شجعت الكل على طباعة انتاجه. وأضافت ربما حققت بعض الأسماء النسائية حضورا في القصة لكن ذلك لا يكون ظاهرة نستند عليها خاصة في ظل غياب الأرقام كعملية مدروسة مثبتة وان أزمة القصة الحقيقة ومعاناتها يكمن في عزوف القراء وندرة النقاد وانحسار الضوء عنها لصالح الرواية في الوقت الراهن. أما الجوانب النقدية في محوري التحقيق فقد أضاءها أستاذ النقد في المعهد العالي للفنون المسرحية الدكتورعلي العنزي الذي بدأ القول ان للقصة القصيرة عشاقها ومتذوقيها كويتيا وخليجيا، وهي من الأجناس الأدبية التي لها سياحها لما لها من تأثير ومتعة على متلقيها وبأنه شخصيا من عشاق القصة القصيرة باعتبارها تتميز بالميل إلى التكثيف، ولا تحتمل أصول كتابتها أكثر من حدث واحد؛ وهو أسلوب كتابي أعده الأقرب إلى ذائقتي مستذكرا في هذا الصدد وصف يوسف إدريس بأن القصة القصيرة «مثل الرصاصة؛ تنطلق نحو الهدف مباشرة»، أو كما قال الناقد الأرجنتيني أندرسون امبرت الذي يصف القصة القصيرة بأنها تتضمن «موقفا تترقب حل عقدته بنفاد صبر، يضع القص نهايته فجأة في لحظة حاسمة مفاجئة». وأكمل العنزي أن للقصة القصيرة روحاً قريبة من روح عصر السرعة بكل تناقضاته وإشكالاته المختلفة، وكل ما يحتاجه من سرعة في تفجير الأسئلة في ضمير المتلقي. وغني عن البيان ان الإقبال على القصة القصيرة كبير بين أدباء الكويت، وقلما نجد روائياً كويتياً مخلصا إخلاصا كاثوليكياً لجنس الرواية فقط، فجميعهم تقريبا، خاضوا في غمرة حياتهم الأدبية تجربة إبداعية واحدة أو أكثر في مجال القصة مرجعاً ذلك الى أن الكويت ضمت بين أضلعها علامات مخضرمة وأخرى شابة في مجال القصة القصيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر د. سليمان الشطي، وليلى العثمان، وطالب الرفاعي، وباسمة العنزي، وميس العثمان، وإستبرق أحمد ومنى الشمري.. وغيرهم كثر. وانتقد الناشئة من أبناء الكويت والخليج عموما على بروز آفة بين صغار الكتاب، تتمثل في أنه على النقيض من جنس الرواية التي تصور النهر، كما يقولون – من المنبع إلى المصب، أما القصة القصيرة فتصور دوامة واحدة على سطح النهر ولذلك بعض الشباب الجدد غير قادرين على إثراء أعمالهم القصصية لتصير حمالة أوجه ويقصد أن تحمل وجهًا ظاهرًا للجميع، وآخر أعمق لا يدركه إلا المتذوق الجيد لاستعانة أغلبهم بدفقات المشاعر للتعويض عن هشاشة حبكة الأحداث. ولا ريب أن غير بالغي الرشد من كتاب القصة مطالبين بتذوق المزيد من الأعمال والاطلاع على الدراسات النقدية للتوسع في القدرة على إدراك أدق فنيات كتابة القصة إدراكا واعيا. القدس العربي
طقوس الكاهنة
بقلم  مها الجويني - تونس
كان يعلم بأنها ست النساء و ليس لديه بديل .. و  لم يخفى عليه يوما  أنها ملكة القلم و أن  أمام ثغرها يغيب الكلام الجميل و أمام صدرها يذوب بكاء الرضيع .. صمت أمامها فقالت له : لا تحزن ، الله غالب .. إنها  طقوس الحديث مع الجميلات ، تستوجب الصمت و حسن البيان و الخجل و الجرأة و تربك …لقراءة المزيد
كان يعلم بأنها ست النساء و ليس لديه بديل .. و  لم يخفى عليه يوما  أنها ملكة القلم و أن  أمام ثغرها يغيب الكلام الجميل و أمام صدرها يذوب بكاء الرضيع .. صمت أمامها فقالت له : لا تحزن ، الله غالب .. إنها  طقوس الحديث مع الجميلات ، تستوجب الصمت و حسن البيان و الخجل و الجرأة و تربك أشجع إنسان . إبتسمت و أزاحت خصلة شعرها الكستنائي المموج عن وجهها الأسمر المشرق كلون صخور جبال الشمال  حيث يستمد الخيل الاشقر قوته . صمتها مستفز كإستدارة خصرها . قال لها :  مثيرة و تجدين التلاعب بقلوب الرجال و جريئة أكثر مما ينبغي .. هنيئا لك بالعاشقين لجمالك ، اما انا فإني لا أحبذ الشركاء في ما أملك .. و كما تعلمين فإني ألعن داعش و لا أصوت للأحزاب الإشتراكية ... رفعت رأسها قائلة : لست بمثيرة ، أنا الجميلة بألف لام التعريف ولست مسؤولة عما يخالج أصحاب الانفس الضعيفة لرؤيتي و كما تعلم فإني أدافع عن حرية الضمير و عن حق التعبير و أصوت للكل حزب وطني ، يختار اللون الزهري .. قال : اه لون باربي ردت : عفوا لون قلم شفاهي ألم تلحظ بأني أضعه قبل القلم الحبر و الورق .. كم أحبه لا يفارقني ترشف من القهوة و أشعل سيجارته ، دفعت هي بإصبعها طفاية السجائر و قالت : "تذركني بقول الشاعر دخ تدخينك يغريني .. كغيوم معركة عاتية .. أشتهي إنتصارها ... إستطرد حلم الغيوم و صهيل الخيول و طبول المعركة قائلا : سآتي بفرس من أكاسوس و سأعمد بمياه الجنوب لأحارب من أجل هذه الشفاه الزهرية ... التي تذكرني بحلمة أمي ... صمتت و أبعدت عينيها عنه لتنظر إلى المزهرية ، مسك يدها وقال : لا  تخجلي و لا تخشي شيئا  إن رياح أكاسوس  ليست بعاتية .. رياحي خضراء دافئة  كسنابل أرضك الخضراء   .. كخصال شعر أمك الكاهنة قاتمة ... إنتظرني لأستمتع بسحرك ..تلك بداية الطقوس ... الله غالب أنا فارس لبنات الكاهنة ... نقلا عن وكالة أخبار المرأة
باختصار : الشاعرة لميس سعيدي
بقلم مفتاح بخوش
توصف بأيقونة المشهد الثقافي الجزائري والعربي ومعلم لتجليات تجربة شعرية متميزة تكابر في صروح الابداع وفواصل الوعي لتستنطق كل عناصر المحيط استنطاقا يولد معنى شعريا متحركا في كل شيء جامد ـ انها الأديبة الجزائرية، لميس سعيدي برزت لميس سعيدي إلى مسرح الحياة الأدبية في السنوات القليلة الماضية غير أن هذه …لقراءة المزيد
توصف بأيقونة المشهد الثقافي الجزائري والعربي ومعلم لتجليات تجربة شعرية متميزة تكابر في صروح الابداع وفواصل الوعي لتستنطق كل عناصر المحيط استنطاقا يولد معنى شعريا متحركا في كل شيء جامد ـ انها الأديبة الجزائرية، لميس سعيدي برزت لميس سعيدي إلى مسرح الحياة الأدبية في السنوات القليلة الماضية غير أن هذه الفترة وعلى ضآلة حجمها الزمني لم تحول بينها وبين إقدامها على تشييد قدرها الابداعي بصورة مدهشة ترجمته مجموعتان شعريتان مدهشتنا وقعتهما الادبية لميس سعيدي، الأولى في العام 2007، حيث صدرت لها مجموعتها "نسيت حقيبتي ككل مرة" عن دار النهضة العربية في بيروت. أما المجموعة الشعرية الاخرى التي عنونتها لميس بـــ "الى السينما" فقد صدرت عن دار الغاوون ببيروت في العام 2010 . وإزاء هذين العالمين لم تتوقف وسائل الإعلام عن إعلامنا بين الفينة والأخرى بمشاركاتها ونشاطاتها الدؤوبة والتي منها مشاركتها مهرجان ليالي الشتاء الأدبي في لاهاي-هولندا 2008 ومهرجان أفريقيا المدهشة في امستردام-هولندا 2008 ومهرجان ليالي الشتاء الادبي في جنوب افريقيا 2010. ومهرجان سيت الشعري في فرنسا 2011. ومهرجان المسرح الوطني المحترف بالجزائر في دورتين: 2008 و 2009 .. بالإضافة إلى تنشيطها لعشرات الامسيات الشعرية داخل الوطن وخارجه. بالإضافة إلى إشرافها على منتدى صدى الأقلام الاسبوعي بالمسرح الوطني تستلهم لميس سعيدي وقعها الشعري كما نقل عنها من تفاصيل الحياة المعقدة ومن تجربتها الشخصية ومن تجارب الآخرين، سواء تلك المدونة فوق القراطيس أو فوق الوجوه المستترة بأقنعة كثيفة لا تستطيع اختراقها إلا اطياف الشعر حين تحلق بعيدا لتنزل بين الفينة والاخرى بإطلالة روحية متدفقة تعكس الواقع الإبداعي كما هو متخفي وراء ألق الانحرافات
عن رحيل الروائي الكبير غابرييل غارسيا ماركيز: فجيعة موت معلن
بقلم عبد القادر حميدة
إنه الحزن يا سيدي ذلك الذي غشاني ليلة قرأت نبأ نقلك للمستشفى في حالة غيبوبة، احترت من أمري يا (غابو) وفكرت في شفاء لحزني، بحثت داخلي فلم أجد بلسما غير الرجوع لرواياتك التي بحوزتي فأعيد قراءتها، كنت كأنني أرثيك بطريقة من يتشبث بك، كنت ترفع الكتابة في وجه البياض، وتطيل عمرك بالحكايات، كما كانت تفعل …لقراءة المزيد
إنه الحزن يا سيدي ذلك الذي غشاني ليلة قرأت نبأ نقلك للمستشفى في حالة غيبوبة، احترت من أمري يا (غابو) وفكرت في شفاء لحزني، بحثت داخلي فلم أجد بلسما غير الرجوع لرواياتك التي بحوزتي فأعيد قراءتها، كنت كأنني أرثيك بطريقة من يتشبث بك، كنت ترفع الكتابة في وجه البياض، وتطيل عمرك بالحكايات، كما كانت تفعل جدة الرواية (شهرزاد)، لكنني اليوم لم أستطع إكمال قراءة رواية (حكاية موت معلن) فتركت سنتياغو نصار يواجه مصيره، ومضيت إلى عين جفت مآقيها من الأحزان المتتالية أبحث داخلها عن بقايا دمعة أذرفها على رحيل جاء يأخذك هناك.. أنت الذي قلت (لو أن لي قليلا من الوقت لكنت كتبت بعضا مني على الجليد وانتظرت شروق الشمس) عبارة أخذتها منك وزينت بها ممر مجموعتي القصصية (رغبة صغيرة)، فبعد العتبات تأتي الممرات، وتأتي الشمس التي تذيب الجليد، وها قد خرجت يا سيدي للنهار، فاكتب ما شئت منك على الجليد، ونم هانئا تحت شمس، ستظل مشرقة ما دامت رواياتك تصنع البهجة والمتعة في نفوس الناس، في مختلف نواحي الأرض.. هل لي أن أعترف أنني تلمست روعتك بعيدا عن (مائة عام من العزلة)، تلمستها حينما غفوت في ذلك اليوم البعيد أقرأ قصتك المميزة (قيلولة يوم الثلاثاء)، غفوتي حملتني إلى رؤياي الوحيدة التي رأيتك فيها، يومها كنت مريضا، داؤك السرطان اليمفاوي، وأدخلت المستشفى، فأخبرتك في المنام أنك ستشفى لو كتبت رواية جديدة، وبالفعل كان، فقرأ العالم رواية حب جديدة، حاولت فيها تجاوز وطأة (الحب في زمن الكوليرا)، وسحر (غانياتي الحزينات)، وإخبارنا كلنا أن القلب لا يشيخ إلا إذا فقد القدرة على الحب، هذه اللوعة سبق لدوستوفسكي أن جربها قبلك، وسماها اسما يليق بها هو (الجحيم).. هل لي أن أستسمحك، أنا قارئك البعيد الذي لا تعرفه، كهل مغمور لا يثير أي انتباه، منطو على ذاته، منكفئ على أحلامه، مقاوم لموته بكتابة حكايات سرعان ما يمل منها فيمزقها، أو يداويها بالنار، كنت ذات يوم يوما مسكونا بأحلام مشوبة بالغرور، فعلمتني سيرتك التواضع، التواضع أمام البسطاء، والاستحمام بشمسهم الاستثنائية، شمسهم التي تداوي كل داء، فقط يلزمك التواضع وقليل من الصمت.. لو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس بسيطة وأستلقي على الأرض، ليس فقط عاري الجسد وإنما عاري الروح أيضاً. هل لي أن أستسمحك لأخبرك أنك فعلا-كما قلت في وصيتك الأخيرة- قد برهنت "للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق" وأنك قبل أن تكتب كلمتك الأخيرة كنت قد "أعطيت للطفل الأجنحة وتركته يتعلم التحليق وحده" وعلمتنا أن "الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان".. هل لي أن أستسمحك، لأخبرك أن الرغبة في قراءة رواياتك، وخاصة سيرتك الذاتية (Vivir para contarla) كانت السبب الرئيس في حملي على الشروع في تعلم لغتك التي تكتب بها، الإسبانية الأمريكو لاتينية وتوابلها الحريفة.. ربما لم أكن لأكتب عن رحيلك اليوم، الذي جاءني خبره بغتة فأربكني، لولا أن عبدالكبير الخطيبي غرر بي حين أخبرني عن طريق (ذاكرته الموشومة) أن (لاشفاء ممكنا إلا في كتابة مبينة)، أنا الذي لم أشف من الراحلين بعد، الذين ماتوا وخلفوني أردد مع الشاعر القديم: ذهب الذين يستسقى الغمام بهم**وبقيت في خلف كجلد الأجرب لم أكن لأفعل ذلك، لو أني استمعت جيدا لما قالته الكاتبة نانسي هيوستن حين قالت: نصبح مجروحين أكثر عندما نكتب.. لكنني أعلم أن الكتابة عنك تبهجك، لأنها تساهم في بقاء شمسك مشرقة.. وقبل أن أترك عند قبرك بضع فراشات صفراء ترفرف حوله بأجنحتها الصغيرة، أخبرك أن كونديرا فضح السر حين أخبرنا بلغة فرنسية حزينة أن "الذكرى شكل للنسيان".. ها أنا أعود لقصتك (يوم من تلك الأيام) لأستعيد روحك حية، روحا تغلبت على سطوة الموت، روحا ستبني عشها الجديد بين كلماتك بعيدا عن جسدك، ها أنا قد كتبت، وواجهت بالكلمات حزن الفقد، وفجيعة الموت المعلن.. عبدالقادر حميدة الجلفة في: 17 أفريل 2014م Kader9@hotmail.com
غربة لا تشبه الغربة
بقلم آمنة سعدون البرماني
قرأت في صفحه احدهم عن العراقيين و مرارة رحلتهم مع الغربه في الثمانينات  ,فأوحى لي الكلام بهذه المقاله  يمكننا ان نعتبر فترة الثمانينات هي بدايه حقيقيه لرحله العراقيين مع الغربه عن الوطن ,رغم ان الهجرة بدأت قبل ذلك بكثير وتحديدا منذ فترة اوائل السبعينات وكانت محصورة بين  الاكراد …لقراءة المزيد
قرأت في صفحه احدهم عن العراقيين و مرارة رحلتهم مع الغربه في الثمانينات  ,فأوحى لي الكلام بهذه المقاله  يمكننا ان نعتبر فترة الثمانينات هي بدايه حقيقيه لرحله العراقيين مع الغربه عن الوطن ,رغم ان الهجرة بدأت قبل ذلك بكثير وتحديدا منذ فترة اوائل السبعينات وكانت محصورة بين  الاكراد الذين تم تهجيرهم طوعا او قسرا لعدم اعتراف النظام بأبسط حقوقهم  والكل يذكر الحروب الداميه التي سخر فيها النظام آلته الحربيه لسحق ما سمي ((تمرد  ))الاكراد  وما تلا ذلك من جرائم ابادة جماعيه بمختلف صنوفها لهذه الشريحه الطيبه من ابناء العراق  .وايضا  هجرة العراقيين المسيحيين نحو العالم الجديد او استراليا هربا من حكم البعث الذي لاحق الكثير منهم من الاثرياء او الكفاءات وحتى رجال الدين و ابتزازهم ماديا ومعنويا والاصرار على تجنيدهم في صفوف المخابرات** ! هذه المعلومه قد تكون جديدة على البعض ولكن الكثير من مسيحيي العراق يعرفوها . المهم  الغربه تنوعت في مطلع الثمانينات, فمن غربه قسريه لكل من يمتلك التبعيه الايرانيه -في ما عُرٍفَ وقتها بالتسفير -, والتي قد لاتكون بالضرورة محددة لاصله وفصله لان كما يعرف البعض كان الالتجاء الى التبعيه الايرانيه وسيله فعاله للتخلص من التجنيد الاجباري في زمن العثمانيين وكانت العمليه لا تكلف الشخص سوى بضع فلوس بسيطه يرحم نفسه واولاده من السفر عبر القفار والثلوج للدفاع عن امجاد دوله السلطان العثماني  !*.  وما تلا ذلك  من ملاحقه وتضييق لكل شيعه ال البيت , وبالاخص في فترة الحرب العراقيه الايرانيه وما تلاها  , كما بدأت الغربه الاختياريه للكثير من الشباب الملاحق من قبل ازلام النظام المقبور فقط بسبب الانتماء الطائفي (الشيعه ) او الانتماء القومي (الاكراد) والكل يعلم  كيف كانت الحياة في سجون واقبيه المعتقلات لامثال هؤلاء الفتيه , وخاصه ان القله القليله منهم  كان بالفعل من نزلاء هذه المعتقلات وكانت الصدفه او المعجزة  -سموها ما شئتم -من ساعدته على الافلات والهرب نحو حريه تغلفها غربه ابديه عن الوطن . لفت نظري في ما قرأت التاريخ وتحديدا 1985,قد لا يعلم البعض ما معنى هذا التاريخ بالنسبه لي او بالنسبه للعراق ككل هذا العام تحديدا بدأت الحرب العراقيه الايرانيه تأخذ منحى اخر بعد ان بدأ صدام باستخدام الصواريخ أرض –أرض لقصف المدن والاحياء الامنه في ايران وجرت هذه الفعله الحمقاء الى تبادل القصف على المدن ضاربه بعرض الحائط كل الاعراف والمواثيق الدوليه وسط تجاهل المجتمع الدولي (رغم وجود بعض الجهود هنا وهناك لايقاف القصف المتبادل ولكنها كانت ذرا للرماد في العيون ليس الا !)واستحسان بعض دول الجوار ! ,هذا التاريخ كان ايضا بدايه الغربه بالنسبه لي ,غربه طويله داخل الوطن وما اقسى الغربه داخل الوطن ,ففي هذا العام اضطررت الى مغادرة بيت الاسرة الذي ابصرت النور فيه ,بيت والدي الحبيب رحمه الله  بعد ان طالته الصورايخ الضخمه واحالته حطاما وكانت المعجزة ان نخرج منه احياء انا  وعمتي لوالدي الباقيه الوحيدة من حادث اغتيال والدي ووالدتي مطلع السبعينات على ايدي ازلام النظام السابق, لملمنا ما يمكن الاستفادة منه من الاغراض التي سحبناها من بين الركام والزجاج المتكسر لنهاجر لفترة بين بيوت الاقرباء ضيوف مرحب بهم حينا وفي اخر ضيوف ثقلاء الى حين شرائنا لسقف ياوينا في منطقه بعيدة عن ايدي الصواريخ وبعيدة ايضا عن ديار الاهل والاجداد .اسرتي التي سكنت منطقه كرادة مريم لقرون تهجرت بعدنا ايضا ,بسبب الاستملاك القسري الذي قام به النظام لبيوت  واملاك اسرتنا  ومنها بيتنا المقصوف ,نظير دريهمات لا تفي ربع سعر املاكنا الحقيقي ! استقرينا في منطقتنا الغريبه الجديدة لمدة استطالت الى عشرين عاما , منطقتي التي تعد من المناطق ذات التنوع الطائفي والعشائري, الجديدة نسبيا في فترة الثمانينات ,منطقه غرباء جمعتهم بيوتها الحديثه وشوارعها العريضه النظيفه   ,التي لم احس فيها بالانتماء وايضا لا يمكنني ان اعتبرها غربه حقيقيه وذلك بسبب العلاقه الجميله  ببعض جاراتي الرائعات واسرهن الطيبه   والتي ازدادت قوة بعد سقوط النظام  وبدايه ما يسمى بالحواسم حيث وقف الجيران  سنه وشيعه ,عربا واكرادا ,ومسيحيين وصابئه , يدا بيد لحمايه المنطقه من التسليب واحتفالا بزوال الكابوس , لاازل اذكر كيف كانت جلسات السمر امام البيوت والتندر بحب الجنود الامريكان للفلافل العراقيه ,او عشقهم لاكله الباقلاء بدهن ! لا ادري كيف تسلل الارهاب الى منطقتي ولا ادري كيف صحونا ذات يوم على اسراب سيارات نقل الاثاث وهي تنقل الاخر _ذو المذهب المختلف _عن منطقتنا الى غير رجعه ! من سمح لهم بالتغلغل ومن ساعدهم على الدخول اذا كان كل الجيران قد استحالوا الى اسرة واحدة ؟! علم ذلك عند الله وصناع السياسه ! منذ 2006 ومع تدهور الوضع بدأت رحلتي مع غربه جديدة ,غربه قاسيه مرة الطعم , التهجير ,غربتي بين احضان بغداد ,الام القاسيه ,التي لم تعد تسع امثالنا ,بعد ان تمدد اليها الوافدون الاغراب من كل حدب وصوب والذين احضروا معهم فلسفتهم الخاصه ,تقاليدهم البعيدة عنا, والاقسى من كل هذا , نظرتهم التي تحتقركل ما يميز اي بغدادي ,نظرة كُره  نَمَتْ  عبر السنين لا اعلم لها سببا نحو كل ما يطبع بغداد وتراث بغداد واصاله بغداد , لم تسعني الاماكن ولا بيوت الاقارب التي كنا عليها كما السابق ضيوفا اعزاء مرة وتارة اخرى ضيوف غير مرحب بهم ! افتقدت جاراتي الطيبات ,اخواتي في كل محن العراق الماضيه ما قبل 2003 وايضا شريكاتي في حسرتنا على جيرة  حلوة ذهبت تحت اقدام امراء القتل ونصل سكين الذبح ,لي الان 8 سنوات من الهجرة داخل الوطن ,داخل بغدادي وبغداد ابي وعمومتي واجدادي ,سنوات شعرت فيها بالذل والمهانه والتشرد ,كل شعور قبيح لم يتمكن صدام المقبور ولا ماكنته الجهنميه القاتله ان يفرضوه علي  وعلى امثالي طيله فترة الحكم السابق , اكثر من 35 عاما وقفنا فيها كالشوكه في حلق النظام ,فلا نحن نوالي  فنستريح ,ولا نحن نُهاجر فُنريح , حتى مل الانتظار مني ولاسبابي الخاصه حططت رحالي اخيرا في كردستان ,لابدأ مشوار غربه من نوع اخر ,اظنها لن تطول ,لان شعورا بالامتنان والانتماء ,لمدينه احتضنتني , واسرتي و اعطتني الامان ,واحترمت ضعفي وتفهمت معاناتي  ,واهلها الطيبين الذين يلقونني يوميا بالابتسامه والترحيب ,هم يفهمون تماما ما عانيت وأعاني ,فالاكراد كانوا اول ضحايا التهجير والملاحقه والقتل والابادة الجماعيه , هم خبراء الاغتراب  في هذا الوطن ,اظنني وجدت اخيرا موطيء قدم و شبرا من الارض يأويني في هذا الوطن الممزق الجريح *المصادر: سلسله  اللمحات للدكتور علي الوردي ** المعلومه من تجربتي الشخصيه لكوني درست في مدارس الراهبات وقتها والكثير من صديقاتي  كُنَّ من الطائفه المسيحيه  آمنة سعدون البرماني 6/6/2014
ماركيز مات؟
بقلم عزت القمحاوي
هي جميلة جدًا، وهو كذلك، لكنه غالبًا لم يكتبها؛ تلك الرسالة التي عاودت الظهور بمناسبة موته المعلن وغير النهائي. لا أذكر بالتحديد تاريخ ظهور خطبة الوداع المنسوبة إلى الروائي الأشهر في كل الدنيا غابرييل غارثيا ماركيز، لكن عمرها لا يقل عن خمس سنوات، عندما قطع شوطًا على طريق النسيان، امتثالاً …لقراءة المزيد
هي جميلة جدًا، وهو كذلك، لكنه غالبًا لم يكتبها؛ تلك الرسالة التي عاودت الظهور بمناسبة موته المعلن وغير النهائي. 
لا أذكر بالتحديد تاريخ ظهور خطبة الوداع المنسوبة إلى الروائي الأشهر في كل الدنيا غابرييل غارثيا ماركيز، لكن عمرها لا يقل عن خمس سنوات، عندما قطع شوطًا على طريق النسيان، امتثالاً لداء عائلته المتأصل الذي لمسناه في ‘مائة عام من العزلة’ أشهر روايات التاريخ بعد دون كيخوت. 
‘لو شاء الله أن يهبني شيئًا من حياة أخرى، فإنني سأستثمرها بكل قواي، ربما لن أقول كل ما أفكر به، لكنني حتمًا سأفكر في كل ما أقوله، سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه، سأنام قليلاً، وأحلم كثيرًا مدركًا أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور’ هذا المفتتح ذو المسحة الرسولية يصنع من ماركيز مسيحًا جديدًا، لكنه لا يبشر بالآخرة بل بالحياة الدنيا. 
عذوبة الأسلوب في الرسالة، الوصية، أو العظة المنبرية تليق بماركيز الكاتب، وحب الدنيا ‘يلبق’ لماركيز الإنسان: ‘لو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقًا متى شاخو، من دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق’ ذكاء المفارقة في الجملة الماركيزية يبدو واضحًا كذلك في الوصية، لكن الكآبة التبشيرية ليست له، وهذا اليقين بأنه قد اقترب ورأى ليس من طبيعته الأكثر ميلاً إلى التواضع المراوغ، وغياب السخرية في الرسالة عيب شنيع، لا أظن أن ماركيز يمكن أن يقع فيه، حتى في ظرف الاقتراب من الموت. 
قيل في بداية ظهور النص الوداعي إنه منقول عن ماركيز عبر صديق مقرب، ولم يهتم ماركيز أو لم يجد الفرصة لينفي أو يؤكد إن كان النص العذب له أم لا! ولكن المؤكد أنه امتلك واحدًا من أجمل الأساليب، له سماته المميزة، ولذا فهو قابل للتقليد. مثاله في لغتنا العربية طه حسين، ولا تسعفني الذاكرة المرهقة بأسلوب كاتب آخر يغري المنتحلين بالانتحال. 
من سخريات القدر أن الرجل الذي عاش حياته الطويلة ليروي عن الآخرين، انتهى مرويًا عنه، وأمست السنوات الأخيرة من حياته غيابًا غامضًا لا يشبه سوى غياب ملكلياديس، الغجري المشعوذ بالعلم، الذي يشبهه ماركيز بأكثر مما يشبه أي شخص آخر من أبطال رواياته.
ملكلياديس كانت قوته في معرفة بالكيمياء والفيزياء وظفها في إبهار سكان القرى باعتبارها معجزات، من المغناطيس الذي يجذب الحديد إلى أعجوبة لوح الثلج، ولا بأس من تمرير كذبة تحضير الذهب وسط المعجزات الظريفة!
وكذلك كان ماركيز، اشتغل على صنعته بدأب، عاش بحواس مفتوحة لاستقبال العالم واستفاد من كل ما مر به ليكون الروائي الأشهر والأكثر عذوبة في العالم على الأقل منذ نشر ‘مئة عام من العزلة’ عام 1967 إلى اليوم. 
حتى الصحافة، مقبرة المبدعين استفاد منها ماركيز، ركبها ولم يقع تحت حافرها؛ ليس فقط باستعارته بعضًا من أعذب حكاياته من تغطياته الصحافية، بل باستعارة السهولة والاختصار والدقة، دون أن يسمح لماكينتها بتجريده من ذكاء المفارقة وعمق السخرية. وهكذا كان بوسعه أن يشبه هيمنجواي في تلمس لحم الواقع بالحانات وقصور الأغنياء وخنادق المحاربين وأن يجري الحوارات ويعقد الصداقات مع الزعماء ومرتكبي الجرائم الخطرين، على أن يبقى مثله الأعلى وليم فوكنر.
لم يترك ماركيز الصحافة إلا بعد أن منحها وظيفة أخيرة، عندما اخترع الصحافي المسن الذي روى حكايات غانياته الحزينات. لم تخرج من قلبه رواية كاواباتا ‘الجميلات النائمات’ منذ قرأها للمرة الأولى وشاء ألا يودع الدنيا دون أن ينسخها، وهو يعرف أن اتهامات اللصوصية لن تطارده، لأنه ماركيز!
وهذا ما كان؛ لم يجد القراء شيئًا في أن يزين ثري قصره الفخم بنافذة يابانية من زجاج ملون. ومن لا يعجبه ذلك يستطيع أن يتفادى النظر إلى تلك النافذة بالذات، وستجد عيناه في القصر الكثير الذي تتأمله. 
ترك ماركيز الكثير الذي نتأمله، ويمكننا ألا نحب ‘حكايات غانياتي الحزينات’ أو نحبها، ونستطيع أن نصدق أو لا نصدق أن ماركيز كتب رسالته الوداعية التي ظلت تهب من صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية كلما تواترت أخبار عن تدهور صحته، لكن الأحمق فقط يستطيع رفض دعوتها للحب.
ويبقى أن الموت النهائي المعلن لماركيز، قد يكون مؤلمًا للكثيرين من محبيه، لكن المؤكد أن موته السابق، غير المعلن كان يؤلمه هو، عندما كان يستعيد ذاكرته للحظات ويعرف أنه ماركيز، الرجل الذي احتفى بالذاكرة في كل ما كتب.
استراح الرجل، لكن الكاتب سيعيش طويلاً، طويلاً جدًا سيعيش.
---------------------------------------
المصدر/ نقلا عن جريدة القدس العربي
ماركيز: الكاتب الجيد حين يرحل
بقلم أمير تاج السر
في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، وفي بداية تعرفي إلى سكة الكتابة السردية، بعد أن ظللت أكتب الشعر منذ الطفولة، وكنت طالبا في مصر، أصابتني حمى القراءة العنيفة لكل ما كتب من قصة ورواية ونقد، سواء أن أنتج عربيا أو ترجم لنا من لغات أخرى. لم تكن هناك بالطبع إنترنت ولا وسائل اتصالات من أي نوع …لقراءة المزيد
في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي، وفي بداية تعرفي إلى سكة الكتابة السردية، بعد أن ظللت أكتب الشعر منذ الطفولة، وكنت طالبا في مصر، أصابتني حمى القراءة العنيفة لكل ما كتب من قصة ورواية ونقد، سواء أن أنتج عربيا أو ترجم لنا من لغات أخرى. لم تكن هناك بالطبع إنترنت ولا وسائل اتصالات من أي نوع ليتعرف المرء عن طريقها إلى الطرق التي تؤدي إلى أهدافه، مثل أي الكتب يقرأ، وأي الأفلام السينمائية يشاهد، ومن هم الكتاب الجديرون بمتابعتهم.
لكن كانت توجد المقاهي الثقافية، أي المقاهي التي يرتادها المثقفون في وسط القاهرة، ليجلسوا ساعات، يستمعون فيها إلى بعضهم، ويتناقشون في إصداراتهم وإصدارات غيرهم من تلك التي قرأوها وكونوا رأيا، ولم تكن تلك الجلسات يومية في الغالب، ولكن مرة أو مرتين في الأسبوع، وإن كان البعض يأتون بشكل شبه يومي. وقد نوهت كثيرا إلى أن تلك المقاهي كانت الفيسبوك، وتويتر، الخاص بذلك الزمان، حيث يمكن العثور بسهولة على أخبار الثقافة ونقلها مباشرة إلى الصحف، ويحدث في كثير من الأحيان أن ينطق أحدهم بفكرة ما، لم تصبح نصا بعد، ليجدها في اليوم التالي، تحتل مساحة لا بأس بها في صحيفة أو مجلة، بوصفها خبرا عن عمل منجز تحت الطبع، وأذكر في تلك الأيام أن ذكرت لعدد من الذين يجلسون معي إنني أكتب نصا اسمه: ذاكرات ميتة، وكان ذلك في الحقيقة مجرد فكرة خطرت ببالي، لم تنجز قط، لكن وجدت بعد عدة أيام، في إحدى الصحف اليومية، خبرا عريضا عن الذاكرات الميتة التي ستصدر عن إحدى دور النشر قريبا.
إذن كانت ثمة وسيلة لمعرفة ما يجري في المحيط الثقافي، وعن طريق تلك الوسيلة، وتزامنا مع حمى القراءة التي ذكرتها، دخلت آداب كثير من البلدان إلى حياتي كقارئ، ومنها أدب أمريكا اللاتينية، وعلى رأسه ما أنجزه غابرييل غارسيا ما ركيز. دخلت روايات مثل: جنازة الأم الكبيرة، ليس لدى الكولونيل من يكاتبه، إيرنديرا الغانية، مئة عام من العزلة، سواء في طبعات عربية أو إنجليزية، وتأتي بعد ذلك في فترة التسعينيات وبعد أن تركت مصر، باقي أعماله كلها، وحتى سيرته الذاتية التي حملت عنوان: عشت لأروي، أو تلك التي كتبها جيرالد مارتن، بعد أن أمضى سنوات طويلة في مصاحبة ماركيز، والاستماع لشهاداته وشهادات أصدقائه، في شتى الشؤون.
لقد أردت القول، إن ماركيز كما أعتقد، ولعل الكثيرين يوافقونني على ذلك، كان الأجدر وسط ذلك الزخم القرائي، بسرقة أي قارئ من الكتب الأخرى لآخرين، وتوظيفه في قراءته وحده. لم يكن ديكتاتورا عنيفا في ذلك، ولكن القارئ يستجيب برغبته، وكامل إرادته، ويصبح من الصعب أن ينتزع نفسه من عالمه بعد ذلك، ليغرسها في عوالم أخرى. الدهشة، الغرائبية التي تصبح حقيقة حين تعجن بفن داخل نصوص حقيقية. رواية القصص بانسيابية غريبة، والحوادث النادرة كأنها تحدث كل يوم، فالرجل الكبير حين يصاب بالخرف، يربط إلى جذع شجرة في حوش البيت، ولا يكون ذلك غريبا، والخادم يعود إلى بيت سيده بعد سنوات من الغياب ليردد إنه جاء ليشارك في جنازة السيد، ويكون السيد في تلك اللحظة في كامل صحته، ويتناول عشاءه، ثم ليموت في اليوم التالي، ويشارك الخادم بالفعل في الجنازة. إيرنديرا التي كانت من شدة ما كانت ترهقها جدتها، ساعات نومها كاملة وهي تعمل، ثم يحترق البيت من شموعها أثناء نومها النشط، وبعد تقدير خسائرها، توظفها الجدة عاهرة متنقلة، لتجميع مبالغ تعوض خسائرها.
لقد كان الخيال هو مفتاح الإدهاش عند ماركيز، وشخصيا لا أنسجم مع أي عمل روائي أو قصصي لا يتبل بالخيال، ودائما ما أقول، إن القراء لا يحتاجون لمن يكتب لهم حياتهم اليومية كما يعيشونها، ولكن تلك الحياة الموازية، التي ربما كانت ستكون حياتهم، وربما هي أحلامهم البعيدة التي لن تتحقق، ماركيز صنع ذلك، وكثيرون غيره من كتاب أمريكا اللاتينية والعالم صنعوا ذلك، فقط تأتي الريادة، الجرأة التي كسرت حاجز الخوف من التحديث، واستخدام الخيال في أقصى طاقته. نعم فقصة مثل قصة الملاك المسكين الذي عثر عليه في حوش أحد البيوت،لا تكتب إلا والخيال في قمة اشتعاله، وقصة مثل: أجمل غريق في العالم، كانت درة لأنها علقت على جيد الكتابة بقلادة من الخيال الخصب.
لقد كان ماركيز معلما كبيرا بلا شك، انتقل بموهبته وحدها، من تشرده الأخاذ في أوروبا خاصة باريس، في فترة من فترات حياته، إلى استقراره الأخاذ، في أي وجدان تهزها الكتابة الجيدة، وأي موهبة أخرى، تود أن تصبح موهبة مؤثرة. ولعله الكاتب الوحيد الذي يجري اسمه على كل لسان حين تذكر الملكة الكتابية المؤثرة، ولذلك لم يكن غريبا، أن يتم اختيار ملحمته: مئة عام من العزلة، من قبل نقاد وقراء، ومتخصصين، الرواية الأكثر تأثيرا في العالم، وهي كذلك لأن لا أحد قرأ مئة عام من العزلة إلا ضحك أو بكى أو استغرب أو اندهش، أو اضطرب. وفي رأيي إن: الحب في زمن الكوليرا، ملحمة أخرى لا تقل تأثيرا عن مئة عام من العزلة، لكن الأخيرة أضاعت شيئا من شهرتها، لأنها أتت أولا، ولأنها كانت حاضرة، كشهادة عظيمة أهلت المعلم ماركيز لجائزة نوبل.
منذ سنوات كتب ماركيز روايته الصغيرة: ذكرى غانياتي الحزينات، متأثرا برواية الياباني ياسوناري كاباواتا: الجميلات النائمات. كما هو معروف، وهذا تأثر لم ينكره ماركيز، حين كتب فكرة يا سوناري قصة قصيرة أولا عن المسافر الذي يراقب نوم امرأة جميلة، تجلس بجانبه في الطائرة، ثم كتبها رواية بعد ذلك. شخصيا أعتقد وربما يخالفني آخرون، إن غانيات ماركيز الحزينات، لم تكن رواية أصلية، ترتدي ثياب خياله البديع، ليست مثل أجمل غريق في العالم، ولا أحداث موت معلن، حين تكون الفكرة ضربة إدهاش موفقة، ارتدت ثوب خيال مطرزا في معمله الشخصي، بل صناعة لنص مهما حاول لن يخرج عن تساؤل الناس، مقارنته بالنص الأصلي البديع الذي كتبه كاباواتا. لقد كتبت في تلك الأيام عن شيخوخة الكتابة، وإن المبدعين أسوة بغيرهم ينبغي أن يتقاعدوا عن الكتابة حين تشح هرمونات الأفكار أو تنعدم. عموما ذلك لم ولن يقلل من حجم كاتب مثل غارسيا، لأن الكاتب الجيد، يحال لتجربته كاملة لا لنص عاق من نصوصه، كتبه تحت ظروف معينة.
المحصلة، إن غابرييل غارسيا ماركيز، سيد الكتابة، أستاذ الحكايات، قد رحل، وخسارة مثل هذه نحسبها من الكوارث.
---------------------------------------
المصدر/ نقلا عن جريدة القدس العربي
"السيسي" أصبح إلهاً في ظرف ما يقل عن السنة، بعد أن كان محسوباً على الفلول
بقلم إبتهال الخطيب
لماذا نحن هكذا؟ نعظم القادة والحكام حتى لنوصلهم إلى مصاف الآلهة ونحولهم إلى طواغيت تلتهمنا فيما بعد بشراهة؟ طرقني هذا السؤال على قمة رأسي عند وصولي إلى جملة محددة في مقال الزميل صالح القلاب المعنون "عسكرية السيسي فخر له" (الجريدة، الاثنين 31 مارس)، حيث يقول: "أليس من حقه (أي السيسي) أن يذكر عائلته …لقراءة المزيد
لماذا نحن هكذا؟ نعظم القادة والحكام حتى لنوصلهم إلى مصاف الآلهة ونحولهم إلى طواغيت تلتهمنا فيما بعد بشراهة؟ طرقني هذا السؤال على قمة رأسي عند وصولي إلى جملة محددة في مقال الزميل صالح القلاب المعنون "عسكرية السيسي فخر له" (الجريدة، الاثنين 31 مارس)، حيث يقول: "أليس من حقه (أي السيسي) أن يذكر عائلته وأهله وشعب مصر بأنه ذاهب من موقع رجولة، حيث بقي يدافع عن بلده وشرف بلده..."، وتوقفت ها هنا. تلك هي حقيقة معضلتنا التي لا نريد أن نتخطاها والزمن يخطو فوق رؤوسنا ويتخطى عقولنا. نحن شعوب غارقة في "الأبوية" الشوفينية، لم نقترب خطوة باتجاه العالم المعاصر، نحن لا نزال نعيش في بلاد الرافدين، أو لربما في مصر القديمة، أو ممكن أن نكون أحدث زمناً فاستقررنا في الإمبراطورية الإغريقية، ما زلنا نعبد السلطة الأبوية والرمز الذكوري بعد أن أباد الرجال كل أثر للرموز المقدسة الأنثوية. عفواً منكم، ابتعدت عن فكرتي ودخلت في تاريخ الأديان القديم، لكنني أرى الموضوع، وأعترف بغرابة رؤيتي، شديد الترابط. نحن لا نزال نعيش الأديان القديمة، نعبد الرجل ونقدس الذكورة: ما زال "زوس" يحكم عقولنا و"ديونيسيس" يغيبها أحياناً، عقول مدبوغة بتقديس الذكر وكل الصفات القديمة المرتبطة به. فلا غرابة في أن الكلمة الأولى التي يوصف بها المشير السيسي في مصر هي "دكر" باللهجة المصرية نسبة الى "ذكر" بالعربية الفصحى. هذه الإشارة ليست بالطبع فسيولوجية، إنها إشارة معنوية، هي توصيف "لموقع الرجولة" والذي منه يدافع السيسي عن "شرف" بلده كما جاء في مقال الزميل القلاب. وفي حين أن العالم المتحضر قد تخطى أولاً التعريف القديم للذكورة المنحصر في العنف واستعراض القوة، وتخطى ثانياً اللفظة بحد ذاتها، فلم تعد منحصرة في ذكورة أو أنوثة، بل اتسعت لتشير إلى "شجاعة" و"إصرار" و"عزيمة" وغيرها من الأخلاق الإنسانية التي تسمو بالشخص بغض النظر عن جنسه، لا نزال نحن نستصرخ ذات الصفات البائدة التي لم يعد لها معنى أو قيمة حقيقيان بين المفاهيم الإنسانية المعاصرة. ولكن مجازاً وإيجازاً، إذا أردت اعتماد كلمة "رجولة" على أنها إشارة مديح للشخص ذكراً كان أم أنثى، وتلك معضلة لغوية ليس محلها النقاش في هذا المقال، فعلينا أولاً أن نعرف هذه الرجولة. أتراها تنحصر في القوة واستعراض العضلات؟ أتراها تتجلى فقط في ساحات الحروب والمعارك وتحت البدل العسكرية والنجوم الذهبية؟ هل يدخل في تعريف الرجولة إرهاب الناس وقسرهم وإخماد أصواتهم؟ هل تتجلى الرجولة في إفزاع كل من تسني له نفسه النزول في الانتخابات مقابل "الدكر"؟ هل تتحقق الرجولة في البوليسية، في تحويل المجتمع إلى ثكنة عسكرية الكل يمشي فيها بحساب ويتحدث فيها بحساب وإلا فالعقاب بالانتظار؟ هل الرجولة هي الترهيب والتخويف وقمع الصوت وإبعاد المختلف والمخالف عن الطريق؟ هل الرجولة هي الطعن في الجسد المسجى الذي كثرت سكاكينه؟ لربما هي عندنا لا تزال كذلك، فالرجل أصبح إلهاً في ظرف ما يقل عن السنة، بعد أن كان منتقداً ومحسوباً على الفلول، فقط نحن، في عالمنا العربي المنكوب، نستطيع أن نحقق الألوهية لبشر وفي فترة قياسية كتلك، فقط نحن يمكننا أن نشهد القمع فنغني عن الحريات، نشهد التخويف فنتغنى بالأمان، نشهد التأليه "فنتفرفط" حباً في شخص هذا "الذكر" المتواضع. نحن، بقينا نحن وحدنا نعبد البزة العسكرية، التي لا يلبسها في الزمن البائد الذي ما زلنا نعيشه سوى الرجل، يدافع بها عن "الشرف"، وتعريف هذه الكلمة قصة أخرى، ينام بها رجلاً ويصبح بها إلهاً، ونحن حوله دروايش ندور وندور. نقلا عن موقع سبر ، من عمود الدكتورة إبتهال " رؤى و زوايا"
في ضرورة قتل الأم (2)
بقلم د. خالد سليكي
لا بد من التنويه، في البداية، إلى أن ما نقصده ليس ”الأمومة“ وإنما ”الأم“ كثقافة لها امتداداتها داخل الفرد وما تعكسه هذه ”التمثلات“ من سلطة وقوة لها دور خطير في إنتاج عدد من الممارسات والسلوكات التي تكون حاسمة في علاقاتنا، ذكورا وإناثا، رجالا ونساء، أفرادا …لقراءة المزيد
لا بد من التنويه، في البداية، إلى أن ما نقصده ليس ”الأمومة“ وإنما ”الأم“ كثقافة لها امتداداتها داخل الفرد وما تعكسه هذه ”التمثلات“ من سلطة وقوة لها دور خطير في إنتاج عدد من الممارسات والسلوكات التي تكون حاسمة في علاقاتنا، ذكورا وإناثا، رجالا ونساء، أفرادا ومجتمعات. لا يمكن فهم الشخصية العامة في مجتمعاتنا إلا من خلال ”الأم“ حيث امتدت علاقة الأم/الطفل النفسية إلى الوحدة النفسية الاجتماعية، أوبالأحرى هذه العلاقة ”تراكمت في الحبل السري“، كما تقول هلي دويتش. ففي مجتمعاتنا العربية، نلاحظ أن للرجل له علاقة خاصة بأمه، فهو يفوض لها أمر أن تختار له زوجة مستقبله، ونجده يعبر عن حنينه إليها. كما أنه دائم الطلب لرضاها، بدء من تقبيل يدها وانتهاء بالخضوع لرغباتها في فرض رؤيتها وتصوراتها الخاصة في تربية أطفاله أو تسمية أبنائه بل وقد يصل هذا إلي حد التدخل في الأمور الحميمية بين الزوجين، بل وقد تتدخل في تطليق الزوجة بسبب عدم رضا ”الأم“! ويزداد الأمر تعقيدا لدى الفرد المهاجر، فهو لا يتوقف عن التعبير عن ”الحنين“ إلى ”خبز أمه، وقهوتها“ و“مرقها“ ورائحة ”طجينها“، كما أنها تمثل ملجأه الدائم في الغربة، إذ لا الزوجة ولا الأولاد يمكنهم أن يسدوا الفراغ الوجودي الذي تملأه ”الأم“. والواقع أن المسألة أعمق بكثير مما يمكن أن يتصوره البعض، ذلك أن المسألة تتداخل فيها مكونات التربية/التنشئة ومكونات نفسية لاواعية تظل تتحكم في شخصية الرجل، وتجعله دائم المعاناة من عدم الفطام الذي يتحقق بصورة كافية. إن مظاهر القهر الذي تعيشه المرأة داخل مجتمعاتنا، سواء القهر الجنسي أو التربوي أو الاقتصادي، يجعلها في موقع تبحث عن تحقيق للذات ولو اقتضى منها ذلك أن تحققه وهما. وهكذا تلجأ إلي بعض الأساليب التي تعلي من قيم أنوثتها والسيطرة على الرجل بصورة خفية. وهذا ما يتحقق عبر وسيلتين -حسب حجازي- هما التضخم النرجيسي والسيطرة غير المباشرة. تتجاذب المرأة صفتان لا رابط بينهما، فهي في نظر المجتمع العورة القاصر، فهي تمثل رمزا للضعف ورمزا للخصاء، لكنها من جانب آخر ”أم“ تتمركز حولها كل المثل العليا لدى الفرد/الطفل، وهي رمز الحنان والتضحية والمحبة والخير والعطاء. وقد استطاعت المرأة أن تطور توازنا استثنائيا بين تعارضين متنافرين هما النزعة النرجسية وعاطفة الأمومة، وذلك بفعل عملية ”التحويل“ من ”الأنا“ في اتجاه الطفل/ولدها. لكن هذا التحويل لا يمحو العناصر النرجسية للمرأة، بل تظل قائمة، إذ تربط الأم حبها لطفلها بحدث هام وهو أنها تعتبر نفسها ”ضرورة“ وليس يمكن للطفل حياة إلا بوجوها، وهذا ما يترسخ في باطن ولاوعي الفرد وينمو معه. وهكذا، ففي مجتمعات تربط قيمة الأم بهذه الوظيفة (الأمومة) وبالخصوبة التي تنتج استمراية لسلالة الأب تعمل ”الأم“ على التمركز حول ذاتها فتنال كل دلالات السمو التي تؤدي بها إلى مركز القداسة، ومن ثم فإن تضخم قيمة الطفل يأتي من تضخم قيمة الأم، وهذا يؤدي بدوره إلى نشوء علاقة تملكية تمارسها الأم على الطفل، مما يجعل استقلال الطفل عن أمه أمرا غير وارد تقريبا في المجتمعات العربية. والأم بلعبها دور الوسيط بين الأب المهيمن والأبناء الذين لا يوجد لديهم دور أو مكان في عالم الأب، تخلق توازنا وتخفف من الهوة الساحقة بينهما. فهي تتقن هذا الدور وتنجح في الكثير من الأحيان بأن تدفع الأب إلي الاستسلام، وهي بذلك تخلق بعدا للتندر بينها وبين الأولاد، وهذا ما لايخلو -في العديد من الأحيان- من إيحاءات أو تلمحيات جنسية. كما يبقى من الواضح أن الأم تبدي تفهما يتجاوز الأخلاق والقيم السائدة، بحيث لا تتحرج من تشجيع اللقاءات الخاصة (أي خارج إطار الشرعية، سواء تعلق الأمر بالبنت أو الولد!) بإخلاء المكان/البيت، أو تدافع عن ممارسات تكون خارج الأعراف والتقاليد المعمول بها. أو ليست في النهاية هي المسؤولة -إلى حد كبير، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر- عن اختيار زوجة الإبن؟! إن هناك ”عبادة“ للأم داخل مجتمعاتنا، وهذا نتيجة الشحنات العاطفية التي تبسطها (الأم) على الأولاد، ما يتخذ صورة الاستحواذ المرضي أحيانا. فهي (أي الأم) ترى في الطفل عالمها، إنه حاضرها الذي تحقق من خلاله وجودها داخل المجتمع الذي لايتوقف عن اضطهادها (ولنا أن نستحضر مظاهر القهر والعنف الرمزي الذي يمارسه المجتمع والزوج على الزوجة إن كانت عاقرا، أو كانت لا تلد غير البنات، أو إن كان ولدها البكر أنثى!!!)، كما يشكل الطفل مستقبلها، وهو ضمانة أساسية لمواجهة المستقبل المجهول الذي قد يحمل إليها تخلي الزوج عنها، أو إصابتها بمرض أو شيخوخة وما يترتب عنهما من عجز لمواجهة الحياة. هكذا فهي تكتسب مكانا اعتباريا وشرطا حينما تصبح ”حماة“، سيما إن كان لها ذكورا. بحيث يمكها أن تمارس تحكما في زوجات الأبناء وتدخلا تمارس فيه سلطوية قد تلعب دورا حاسما في مستقبل العلاقة بين الزوجين. ولعل حياتنا اليومية تعرف غنى كبيرا في هذا الباب! إن المجتمع الأبوي المحكوم بالسلطة الباطرياركية محكوم عليه أن يصبح ”أميا“ (من الأم!) حيث تقبع الهامشية في قلب حياة الفرد الخاصة والعامة لتنعكس فيما بعد على الزوجة. إذ بمجرد ما يتزوج الرجل يتحول إما إلى طفل عاطفي تابع وخاضع، أو يصبح طاغية مفرط الحساسية لا يتوقف تفكيره عن مكانته كذكر. ولذلك كان الرجل أميل إلي الثانية لتلعب الزوجة دور الأم، في حين يبقى عدم استقرار الزواج تعبيرا عن عجز الرجل عن التخلص الكلي من ”الأم“ وفشله في تصور المرأة كشريك، ذلك أن السعي الدائم للرجل وراء المرأة/المثال التي تختزل صورة أمه يؤدي إلى قلق دائم في داخله يحول دون تحقيق التوازن الضامن لنجاحه في الاستمرار مع الزوجة كشريك. إذ يرى يونغ أن الشهوة تتركز على الصورة الذهنية للأم في اللاوعي، وسعي الرجل نحو تحقيق الزواج الناجح يحمل في عمقه بحثا عن بديل للأم! فإذا كانت البنت حين تتزوج تنتقل من سلطة الأب إلي سلطة الزوج، فإنها رغم الحضور السلطوي للرجل تملك حرية أكبر داخل بيت زوجها بسبب ما تضفيه عليها ”الأمومة“ والإثارة/الجسد، غير أن الرجل يظل يعيش امتدادا لعلاقته بأمه، بحيث تحل الزوجة محل الأم. هكذا فإن مهاجمة ”الأم“ -في البعد الرمزي للمسألة- تحمل في عمقها نضجا سيكولوجيا في الفرد، لأنه على الرجل أن يقتل الصورة المزيفة التي تشكلت في ذهنه، لأن الحضور الوهمي للأم يمنع الرجل من التفكير في مستقبله وعلاقاته بحرية ونضج واستقلالية. فالأم بحاجة إلى أن تُرى في حقيقتها، لأننا ”نعاني من الشهوة في شكل الانطباع الذهني للأم“ -يونغ-. ثمة فارق بين الاحترام الواجب للأم والتقديس المزيف المرضي لصلة الرحم، الذي ينبغي مساءلته ونفض غبار ”التأليه“ الذي يغطيه. فالاحترام يستوجب المساعدة في توفير الأمن ومواجهة الذل لكن في المقابل ينبغي التخلص من ”بقايا الرغبة في الأم“! أولسنا بحاجة إلى المرأة كي تتخلص من ”الأم“ فيها! أوليس الرجل أول ضحايا عقله البطريراكي بسبب القهر الذي يدفع المرأة إلي إعادة إنتاج نفس الوعي، لكنه يكون مدمرا يشتغل في لاوعينا الجمعي لينتج ممارسات واختلالات تعطل الإرادات الفردية وتقتل النجاحات داخل المجتمع؟
المرأة و التخلُّص من " الأمّ"
بقلم خالد السليكي
قادني الانشغال بقضية البطرياركية وذكورية المجتمع العربي، إلي الاطلاع على عدد كبير من شهادات نساء وشابات مغربيات، سواء من خلال ما نشر علي صفحات الأنترنيت، أو برامج تلفزية وإذاعية، أو بعض النصوص الأدبية. حيث قضيت ساعات وأياما أنصت وأسجل وأصغي جيدا، مهتما بنبرات أصواتهن، أو معجمهن اللغوي الموظف، فخلصت …لقراءة المزيد
قادني الانشغال بقضية البطرياركية وذكورية المجتمع العربي، إلي الاطلاع على عدد كبير من شهادات نساء وشابات مغربيات، سواء من خلال ما نشر علي صفحات الأنترنيت، أو برامج تلفزية وإذاعية، أو بعض النصوص الأدبية. حيث قضيت ساعات وأياما أنصت وأسجل وأصغي جيدا، مهتما بنبرات أصواتهن، أو معجمهن اللغوي الموظف، فخلصت إلي عدة استنتاجات، كان أهمها: - ”جرأة“ المرأة في التعبير عن معاناتها - الدقة في إيصال المعاناة، والكشف عن درجة ”العنف“ الثقافي والجنسي واللغوي الذي يعانين منه - ترضى المرأة، في النهاية، بأن تحتمي بدور ”الأم“ باعتباره آخر ملجإ يمكن الركون إليه في أمان داخل المجتمع - العنف الذكوري عميق ويستمد مرجعيته وطاقته من المرأة التي هي ”الأم“ أو“الأخت“، إذ تلعب الأم والأخت دورا حاسما في إعادة إنتاج الوعي الذكوري وترسيخه داخل العلاقات الاجتماعية، حيث يعاد توزيعه وفق طبيعة التحول الاجتماعي ظلت المرأة/الأنثى طوال مدة تاريخية غير قصيرة تعيش بعيدا عن الشارع، ومن ثم فهي كانت تحيا داخل فضاء منغلق على نفسه، عالم تنسجه النساء وتمارسن فيه حريتهن، لكن بعيدا عن الضوء. وبالعودة إلى النصوص الكبرى التي تؤرخ لبعض الأحداث الاجتماعية، فإن المجتمع كان يميز بين نوعين من النساء، الحرائر، ومكانهن البيت، وهن منزهات عن كل سوء أو أعمال خارج القيم التي حددها العقل ال“الرجولي“. وكانت تحصر عوالم المرأة، بالنسبة لهذا العقل، في دور الأم والزوجة، حيث العلاقة بين الزوج والزوجة محكومة بتقاليد ”شرعية“ -في العموم-. بينما الرجل كان ”أبا“ للأولاد في البيت، وسلطة مطلقة تتعامل مع “الزوجة“ باعتبارها أما لأطفاله. ولكنه خارج البيت كانت له حياة أخرى منفتحة على العوالم ”السفلى“ ويمارس ”نشاطه“ العملي و“الجنسي“ بحرية وبشكل منفصل ومستقل عن عوالم البيت/الأسرة. إما النمط الثاني من النساء، فهن اللواتي كن يتحركن في فضاء الحرية والهامش، وهن ”الغواني“. وهن مستباحات، ويشكلن عالما مستقلا يلجأ إليه الرجل هربا من ”الأم/الزوجة“ ومعهن يتحول الأب/السلطة إلى عشيق وعاشق ومستهتر. غير أن هؤلاء النساء يتخلصن من ”الأم“ فيهن لينتجن ويساهمن في صناعة ”الجسد الأنثوي“ القابل للاستمتاع به. غير أن هذا الصنف الثاني، كان في احايين كثيرة ينتمي إلي الصنف الأول، فكن أمهات، وكن أخوات، وزوجات، يهربن من ”الفضاء“ المحروس، ويلجأن إلى الهوامش بحثا عن ”المفتقد“ وبحثا عن ”الانتقام“ بأجسادهن من ”الزوج“ الذي غالبا ما خبرت النساء عوالمهم السرية. في هذا السياق ظلت المرأة تطور ”ثقافة“ صامتة، وابتدعت تقنيات لحريتها وآليات لإخضاع الرجل الذي كان يهرب من المرأة إلى المرأة، فيهرب من الزوجة بحثا عن العشيقة، ويهرب من النظام والانضباط والأخلاق (التي يسعى بكل سلطة إلي الحفاظ عليها داخل البيت) إلى الاستهتار، ومن العالم الظاهر النهاري إلى العالم السفلي الليلي. وفي تناقض ظاهر يستبيح كل شيء لنفسه، ويحرم الزوجة من كل شيء... الواقع أن المرأة استطاعت أن تخلق لنفسها حرية بعيدا عن أعين الرجل، وإن كان ذلك يتم من خلال الرجل، ولكن في العوالم السرية التي يشترك فيها الطرفان خارج المجال الانضباطي. وقد كان الرجل يرضى بذلك، مادام أنها تلعب دور ”الخاضع“ و ”الأداة“ التي يستعملها الرجل للاستمتاع. ومن هنا كان الخطاب التراثي الرجولي، أقصد النصوص التي ألفت من قبل الرجال، غنية بالأحداث التي تكون فيها المرأة أداة استمتاع، فأنتج خطاب إيروتيكي غني، يعبر عن ثراء الفضاء الذي كانت تمارس فيه الحرية ”السفلية“ بعيدا عن أعين الرقابة و“النظام الأخلاقي الانضباطي“ الاجتماعي السائد. بل إنه خطاب اجتهد بعضهم في إيجاد مصوغات ”شرعية“ له، وذلك بتحرير ”المتعة الجنسية“ وما يرتبط بها من قاموس وتقاليد وطقوس، وهو ما زاد من غنى وحرية هذا الخطاب، من جهة، ومن جهة أخرى زاد من تعميق الهوة بين العالمين ”الظاهري الأخلاقي/الاجتماعي“ و ”الباطني الانزياحي/الاجتماعي“. فكان هناك تواطؤا خطيرا داخل المجتمعات، على مر العصور، من أجل الإبقاء علي الفضاءين منفصلين، حيث يعيش الفرد، رجلا أو امرأة، عالمين متناحرين تتجاذبهما انفصامات ظلت تتعايش بصورة غريبة، انتهت في الأخير، وبفعل التحولات الاجتماعية إلى تصادمهما وخروج المرأة من مجالها المنغلق والخاص، إلى الانفتاح على الظاهرالاجتماعي والحضور في المجال العام، بل ودخولها الفضاء ”الرجولي“ ومواجهة سلطويته وذكوريته. مادامنا نقر بأن مجتمعاتنا كانت وما تزال تعرف العوالم السفلية، فهذا يعني أن هذه العوالم ما كانت لتكون من غير أن يؤثثها العنصر النسوي، بل إن العنصر النسائي يلعب فيها المركز والمحور الذي تدور حوله اللعبة. فماذا تغير اليوم؟ الفارق يكمن في أن المرأة سعت إلي قلب المعادلة، أرادت أن ترفع صوتها، وأن تتحول من الهوامش السفلى إلي مركز الواقع، وأنها أرادت أن تتخلص من ”الأم“ فيها، وأن تمارس حقها في كونها أنثى، وإن ”الأم“ ليس هي ”حقيقتها“ مثلما أن ”الأب“ ليس هو ”الحقيقة“. وهي بذلك تعبر عن ميولاتها ورغباتها، وهذا ما شكل قلقا ”للعقل الذكوري“ لأنه يتهدد سلطته، ويفقده الكثير من امتيازاته داخل المجتمع. فما يصدم الرجل، اليوم، هو أن المرأة دخلت المجال العام، وسلبت منه سطوته المطلقة على الفضاء العام، وبدأت تتواصل وتعبر وتفصح عن معاناتها، بل وتتحدث عن عوالمها وعلاقاتها الجنسية (مثل العنف الجنسي الذي يمارسه بعض الأزواج، أو علاقات غير شرعية/(الخيانة الزوجية)، أو عشقيات) وهي بذلك توظف صورا أو معجما دلالاليا، طالما اعتقد الرجل أنه الوحيد الذي له الحق في توظيفه. بل إن بعض النصوص التي أبدعتها بعض المبدعات المغربيات/العربيات قد وظفت فيها معجما (ألفاظ) لم يتمكن حتى النقد الأدبي الذي تهيمن عليه النزعة الذكورية أن يتقبله، ولكأنها ألفاظ لا يجوز للمرأة استعمالها، فيلجأ هذا النقد إلي الحديث عن ”الجرأة“، بينما حين يوظفها الكاتب/الذكر لا تعتبر جرأة!! إن الخطاب الذي تساهم في إنتاجه المرأة المغربية/العربية اليوم، يوحي بأنها لم تعد تقبل بذلك التسييج والضبط والإخضاع، الذي بناه الرجل وحدده جغرافيا (البيت) ولغويا (اللغة العاطفية التي تلبس ”الحشمة“ وتبتعد عن كل ما هو جنسي) وقانوينا (تسلط الرجل وهيمنته، باعتباره مالكا وليس شريكا) وجنسيا (بأن تبقى المرأة أداة استمتاع بيد الرجل، وليس لها الحق في الافصاح عن رغباتها)، ولهذا يمكن ملاحظة أن التحولات التي يعرفها وعي المرأة في مجتمعاتنا هي أكبر وأقوى من قدرات الرجل على استيعابها ومواكبتها، وهذا ما ينذر بتحولات مخلخلة للوعي الذكوري السائد الذي هو بدوره يجتهد من أجل إعادة محاصرة المرأة والتضييق عليها ومحاولة إرجاعها إلى العالم السفلي الذي أتت منه، وأن يعيدها إلى الاختزال في ”الأم“. ولعل الكثير من الممارسات والسلوكات التي تنتج في الشارع من ”تحرش“ و إعادة إنتاج ”لخطاب ديني دعوي سلفي متزمت“ والإغراق في التشبث ببعض الطقوس المرتبطة بالزواج، وكذا الارتباط القانوني بنمط من الخطاب الفقهي، والأعراف والتقاليد الاجتماعية التي لها صلة بالعلاقة بين المرأة والرجل، كل هذه المكونات تشتغل بتقنيات ذكورية ووعي قضيبي تعضده ”الإمبريالية“ والنظام ”الرأسمالي“ واقتصادياته الموظفة لتقينات غاية في الخطورة، من قبيل الإشهار، والترويج ”لأسطورة الجمال“، والتسويق للجسد وخلق اقتصادياته في الترويج، كل هذا يسعى جاهدا إلى قمع الوعي النسائي ووأده، حتى يبقى الوعي الذكوري مستفيدا وراعيا لمصالحه التاريخية التي من الصعب أن يتنازل عليها بين عشية وضحاها. نقلا عن موقع هسبرس 
أمهات زي العسل
بقلم غادة عبد العال
  التعامل مع الأمهات في عالمنا العربي يحتاج من الأبناء قدرة على التفهم و التحمل و توقع ردود الأفعال المختلفة التي لا يحكمها منطق و لا مقدمات، وهن في هذا يختلفن عن الأمهات الغربيات. غادة عبد العال ألا تتساءل معي أحيانا إذا كان هناك يوم للاحتفال بعيد الأم و يوم آخر (أقل شهرة) للاحتفال بعيد …لقراءة المزيد
  التعامل مع الأمهات في عالمنا العربي يحتاج من الأبناء قدرة على التفهم و التحمل و توقع ردود الأفعال المختلفة التي لا يحكمها منطق و لا مقدمات، وهن في هذا يختلفن عن الأمهات الغربيات. غادة عبد العال ألا تتساءل معي أحيانا إذا كان هناك يوم للاحتفال بعيد الأم و يوم آخر (أقل شهرة) للاحتفال بعيد الأب ، فلماذا إذا لم يفكر أحدهم في الاحتفال بعيد للأبناء، تذكر معي أنه إن كانت مهمات أمهاتنا من المهام الصعبة، و لا أحد منا يمكنه أن ينكر ذلك فمهمتنا أيضا ليست بالسهولة التي يتوقعها الجميع، خاصة في ظل التعامل مع شخصيات أمهاتنا المتعددة الجوانب، و بخاصة الأمهات العربيات ومنهن الأم المصرية التي تشب في تقلبها أيام شهور الربيع المثيرة، جميلة بألوانها و مشرقة بزهورها، لكنها لا تخلو أيضا من بعض العواصف و تقلبات الطقس. فالتعامل مع الأمهات في عالمنا العربي يحتاج من الأبناء قدرة على التفهم و التحمل و توقع ردود الأفعال المختلفة التي لا يحكمها منطق و لا مقدمات، وهن في هذا يختلفن عن الأمهات الغربيات، فردة فعل أم غربية على إصابة طفلها بالبرد مثلا هو الأحضان و القبلات و الكثير من الشوربة الساخنة و عصير البرتقال ، بينما رد فعل الأم العربية يشتمل كل ذلك لكنه قد يشتمل أيضا وابل من اللوم أو ربما علقة ساخنة من النوع المتوسط لأنك بخروجك في الشارع دون أن ترتدي الـ 25 سترة صوفية التي نصحتك بارتدائهم هو ما تسبب في إصابتك بالبرد و في جريمة لابد أن تعاقب عليها بالطبع و لا تمر مرور الكرام. إن ضللت يوما الطريق و انطلقت أمك و أفراد من عائلتك للبحث عنك، فسينالك حتما قلمين كالصاعقة على وجهك من يد أمك الكريمة جزاءا لـ"خضتها" عليك التي تسببت فيها، و هي ردة فعل تختلف عن الأم الغربية الذي أقصى ما ستفعله هو احتضان طفلها العائد من المجهول و البكاء بحرارة و هي تمطر وجهه بالقبلات. رد فعل أي أم غربية تقليدية على حصول إبنها على درجات قليلة في امتحاناته سيكون في الغالب الجلوس معه حول طاولة المطبخ و مناقشة الأسباب و النتائج و محاولة الوصول لحل لتلك المشكلة، الأم العربية لن تتحدث كثيرا فمن سيتحدث في هذا الوقت هو شبشبا (أبو وردة) الذي ينطلق في الهواء كصاروخ أرض جو ليصيب رأسك أيا كان مكانك في الشقة و أيا كانت سرعة جريكما يجعلك تتساءل لماذا لم يفكر أحد في تكوين فريق للرماية واستغلال موهبة التنشين عند كل أمهات العالم العربي. والله لكنا وقتها ضمنا ميداليات ذهبية تكفي لوضع كل الدول العربية في مركز الصدارة في أي أولمبياد، عقاب الأم الغربية الأفضل لأطفالها هو تحديد إقامتهم في حجراتهم، عقاب الأم العربية المفضل لأولادها هو في إطعامهم السبانخ، مكافأة الأم الغربية لأطفالها هو أخذهم في رحلة ممتعة، مكافأة الأم العربية لأولادها هو أيضا إطعامهم السبانخ، تهتم الأم الغربية بطعام أولادها و محاولة إرشادهم لطعام صحي يساعدهم على المحافظة على أجسادهم من السمنة و يمنحهم طاقة يستخدموها في نشاطاتهم المختلفة . تهتم الأم العربية بطعام أولادها و بخاصة (هل نحن بحاجة لتكرارها مرة أخرى ) السبانخ، و هكذا نطالب نحن الأبناء بعيد خاص بنا و بالاعتراف بتضحياتنا و قدرتنا على التحمل، و بخروجنا للمجتمع أفرادا صالحين رغم كل ما يحدث لنا أثناء طفولتنا و شبابنا في كنف امهاتنا المتميزات، اللاتي مهما فعلن بنا أو نلنا منهن وقت وجودنا في أحضانهن، نعلم جيدا أنه إنما يصدر من قلب محب و نفس طيبة و حنان جارف و طيبة ليست لها مثيل، كل عام و أمهاتنا بخير دائما، و كل أفعالهن على قلوبنا "زي العسل" نقلا عن إرم نيوز 
الدين فيتامين الضعفاء !
بقلم أحمد عبد الرحمن العرفج
المهتمون بالشأن العالمي يدركون أنّ كلّ الانفجارات والتحوّلات والانهيارات التي تعتصر العالم تشهد على أنّ صورة الدين لم تتزعزع؛ بل على العكس، لقد ساهمت هذه التحولات في عودة البشرية إلى الدين بكلّ أشكاله وألوانه ومذاهبه! المسلم عاد مهرولاً إلى أمان إسلامه، والمسيحي هرع كالخائف المذعور إلى سكينة …لقراءة المزيد
المهتمون بالشأن العالمي يدركون أنّ كلّ الانفجارات والتحوّلات والانهيارات التي تعتصر العالم تشهد على أنّ صورة الدين لم تتزعزع؛ بل على العكس، لقد ساهمت هذه التحولات في عودة البشرية إلى الدين بكلّ أشكاله وألوانه ومذاهبه! المسلم عاد مهرولاً إلى أمان إسلامه، والمسيحي هرع كالخائف المذعور إلى سكينة مسيحيته، واليهودي بكلّ ما فيه من سرعة وعجلة دخل في ميدان يهوديته، وقل ذلك عن البوذي والسيخي وغيرهما من الطوائف والمِلل والمذاهب والنِّحل. لقد صعد الدين إلى مسرح الأحداث بعد قرون من عصر الغياب في تلافيف العلمنة والحداثة والعقلانية.. نعم لقد عاد الدين ورجعت الأصوليّات بكلّ ألوانها وأطيافها، فهذا العالم الإسلامي يعجّ بالحركات والتنظيمات التي تنسب نفسها إلى حقل العمل الإسلامي، وها هي في العالم الغربي تبدو الأصوليّات آخذة بعضها برقاب بعض، ومن يتابع الأوضاع في بريطانيا وأمريكا سيجد أنّ الأصوليّة المسيحيّة تزدهر هناك على نحو لم تعهده من قبل، خاصّة الأصوليّة الإنجيليّة، بكلّ ما تحتويه من أساطير وقصص تمتدّ إلى الحياة الأخرى! لقد قال المفكر علي حرب في نبوءة جادّة: إنّ القرن الواحد والعشرين هو قرن ديني بامتياز.. ولكن هل عاد الدين بصورته المعهودة، أعني بوصفه مشروعًا بشريًّا يضمّ نصوصًا وصيغًا تزرع شيئًا من التوازن، وتبثّ روح الاعتدال، وتنشر ثقافة الموازنة بين متطلّبات الروح والجسد، وتحقّق تعادلاً بين لذّة الإيجابيات ومكابدة السلبيّات.. باختصار كان الدين شريعة تشرح الخطوط، وتميّز الحدود بين الحلال والحرام، وبين التقى والنّفاق، بين الصدق والكذب، بين الوعد والوعيد، بين العصبيّة والسلطة، بين الحقوق والواجبات.. باختصار بين عمارة الدنيا وتنمية الحياة الأخرى! ولكن هل عاد الدين الآن، في هذا العصر بهذا الوجه البهي؟!   الإجابة: لا.. لأنّ الأمر ببساطة يخضع لسنن الكون التي تقول: لا شيء يعود كما كان عليه، وهذا شأن كلّ شيء يرجع في غير وقته، إنّه يستعيد وجهه ولكن مع رداءة التقليد، وقبح المحاكاة.. الأمر الذي جعل أحد الباحثين يطرح السؤال قائلاً: كيف يستعاد الدين، ويوظف – الآن- من جانب شرطته وحماته؟! ويجيب بقوله: إنّه يعود حقًّا، ولكن بصورة معكوسة، لكي يمارس على النّحو الأسوأ والأخطر، قهرًا وإرهابًا، أو قتلاً وإبادة، أو خرابًا ودمارًا!! حسنا ، ماذا بقي؟ بقي القول: ما أجمل قول الفيلسوف الفرنسي ريجس دوبريه عندما قال: الدين فيتامين الضعفاء!!   أحمد عبدالرحمن العرفج Arfaj555@yahoo.com  نقلا عن جريدة الوئام
المسؤولة أنثى...إسما و صفة و فعلا
بقلم رباب حامد
القاهرة- رباب حامد  دائماً ما تتشدق المجتمعات الشرقية بأن الرجل هو المسؤول الأول والأخير في حياة أسرته، سواء كان والداً أو أخاً أو زوجاً. أما الواقع فيثبت العكس تماماً، فتجد الأم هي المسؤول الأول عن تربية الأبناء في معظم الأسر العربية، ولا تجد للأب دورا يُذكر، بل وتجد معظم طلبات الأبناء تتوجه …لقراءة المزيد
القاهرة- رباب حامد  دائماً ما تتشدق المجتمعات الشرقية بأن الرجل هو المسؤول الأول والأخير في حياة أسرته، سواء كان والداً أو أخاً أو زوجاً. أما الواقع فيثبت العكس تماماً، فتجد الأم هي المسؤول الأول عن تربية الأبناء في معظم الأسر العربية، ولا تجد للأب دورا يُذكر، بل وتجد معظم طلبات الأبناء تتوجه للأم بالأساس. ولو ركزت في أحداث حياتك، ستجد  أن أول من يبادر بمساندتك في أحلك الظروف من الإناث. تجدهن يتصرفن في المواقف الصعبة أسرع من الرجال، ربما يعود ذلك لتنشئتهن على تحمل المسؤولية منذ الصغر. تنشأ الأنثى على أنها  شخص مسؤول، فهي الأولى بمساعدة الأم في المنزل، فلا يليق بالولد أن يفعل ذلك، وهي المسؤولة عن راحة أبيها وأخيها طوال الوقت، فهي خليفة الأم في مسؤوليات المنزل، وكأنه ميثاق عُرفي غير مكتوب. وحياة الفتاة مُسخرة لخدمة من يحيطونها من ذكور، ودراستها وعملها يُعدان من قبيل الرفاهية؛ فتجد الأم لا تستطيع تأخير ابنها على محاضراته أو عمله لقضاء حوائجها؛ في حين لا يكون الأمر كذلك مع ابنتها. العمل رفاهية للأنثى تقول رانيا، وهي فتاة  قاهرية عاملة عن ذلك الفرق الذي تلاحظه من أسرتها:  "دائماً كان والداي يطلبان مني قضاء احتياجات المنزل، ولا يطلبان شيئا من أخي، بحجة أنه دائماً مشغول، وفي بعض الأحيان يطلبان مني عدم الذهاب للعمل لقضاء تلك الاحتياجات؛ وكأن عملي من قبيل الرفاهية"  وتضيف: "بعد عمل أخي بدولة أخرى أصبحت المسؤولة عن استقباله بالمطار في إجازاته، بل وعند زواجه كنت أنا من اهتم بترتيب بيته لعدم وجوده". البنت لأهلها وتقول أم مصرية، فضلت ألا تذكر اسمها: "نعم هناك فرق بين البنت والولد، البنت في مجتمعنا تنتمي لأهلها بالدرجة الأولى وليس لها أي انتماء آخر حتى تتزوج، أما الولد فهو لا يعتاد تحمل أي مسؤولية إلا بعد زواجه؛ فإذا ما احتجت أي مساعدة مادية في البيت، ألجأ لابنتي العاملة أولا، ربما لأنها الأقرب لي، وربما لأني لا أرى لها التزامات أخرى، مثل ابني". وتقول أروى، وهي متزوجة وتعيش في القاهرة: "أعمل الآن في ثلاث وظائف لسد احتياجات البيت"؛ وتروي أن زوجها كان في وظيفة مدير منذ ثلاث سنوات بإحدى شركات الخليج، ولكن بعد تسريح جزء كبير من العمالة اضطر للرجوع إلى مصر. المؤسف، حسب قولها، أنه منذ ذلك الحين لم يلتحق بأي وظيفة ولا يرضى بقبول أي وظيفة دون مستواه الوظيفي السابق . وتضيف: "زوجي لا يهتم بمسؤولية المنزل المادية بقدر اهتمامه بألا يتنازل عن متطلباته. نعم زوجي لا يعمل منذ ثلاث سنوات، ونعم أنا من أنفق على كل احتياجات البيت والأولاد، ولكن ذلك لم يثر لديه أي رغبة في التنازل عن طلباته المظهرية. فالمسؤولية لديه في مرتبة أدنى من طموحه وكرامته". المسؤولية أنثى. هذا هو الوضع المتأصل في مجتمعاتنا بالتربية؛ فهل سمعت يوما أماً تقول لابنها: "حضّر الطعام لشقيقتك لأنها متعبة بعد يوم شاق في عملها؟" لا. لم ولن تسمعها. وتستغرب الأنثى تلك المعاملة المزدوجة، فتجد نفسها المسؤول الأكبر في قضاء الاحتياجات ومشاوير البيت حتى لو لوقت متأخر، وكذلك مسؤولة عن تلبية مطالب ذكور العائلة، وفي الوقت ذاته، إن طالبت لنفسها بوقت خاص للخروج أو السفر مع صديقاتها تجد  طلبها قوبل بالرفض: "أنتِ بنت ما ينفعش!" وكأن أنوثتها لها توقيت معين تتذكره الأسرة، وهو بالطبع ليس نفس توقيت طلباتهم اللامتناهية. لا تتظاهروا بتحملكم المسؤولية، فالمسؤولية أنثى اسما وصفة وفعلا. والسبب في ذلك التربية المعيبة التي تُفرق في تحمل المسؤولية على أساس الجنس، فتقوم الأنثى بمعظم الأدوار، إن لم تكن كلها، ولكن يظل الذكر هو المسؤول بالاسم والمظاهر فقط. أتعجب من أمهات عانين من تحمل ما يفوق طاقتهن لعدم تحمل الرجال في حياتهن مسؤولياتهم، ومع ذلك يربين أولادهن بنفس الأسس المجتمعية المعيبة. التربية  الصحيحة  بعيدا عن تكرار الأخطاء المجتمعية الشائعة هي الحل. نقلا عن : موقع هنا صوتك http://hunasotak.com/article/5626
نساء الجنة: حور عين أم عنب أبيض؟
بقلم ريتا فرج
في الحرب الجهادية العالمية الدائرة في سوريا توقف كثيرون عند العوامل الدافعة للتداعي غير المسبوق لكل هؤلاء الجهاديين من مشارق الأرض ومغاربها. وفي موازاة الدافع السياسي والمذهبي الممهور بالدم، الذي شكل الحظوة الكبرى في رسم معالم الصراع على سوريا وهويتها، انشغلت وسائل إعلامية عربية عدة، مرئية …لقراءة المزيد
في الحرب الجهادية العالمية الدائرة في سوريا توقف كثيرون عند العوامل الدافعة للتداعي غير المسبوق لكل هؤلاء الجهاديين من مشارق الأرض ومغاربها. وفي موازاة الدافع السياسي والمذهبي الممهور بالدم، الذي شكل الحظوة الكبرى في رسم معالم الصراع على سوريا وهويتها، انشغلت وسائل إعلامية عربية عدة، مرئية ومكتوبة، برصد ظاهرة الجهاد الجنسي لملاقاة حُور العين في جنة منشودة تبشر المولعين بحوريات منتظرات. تدفع النساء في الحروب الضريبة الكبرى، قتلاً واغتصاباً وتعذيباً وتشويهاً. يجري استحضار المرأة ككبش فداء في مقاتل الذكور. بعيداً عن تاريخ العنف المرتكب بحق الإناث في أبعاده الدينية والسياسية والمجتمعية والثقافية، كيف فسرت المدونة الإسلامية الكلاسيكية الآية 54 من سورة الدخان (كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ) يضاف إليها آيات أخرى وردت في سور قرآنية مختلفة؟ هل ثمة قراءات تفترق عن الفقه التقليدي؟ ورد في لسان العرب: الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء، حارَ إِلى الشيء وعنه حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً؛ والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ العين وسَوادُ سَوادِها وتستدير حدقتها وترق جفونها ويبيضَّ ما حواليها؛ وقيل: الحَوَرُ شِدَّةُ سواد المُقْلَةِ في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، ولا تكون الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قال الأَزهري: لا تسمى حوراء حتى تكون مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ الجَسَدِ. والأَعْرابُ تسمي نساء الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لبياضهن وتباعدهن عن قَشَفِ الأَعراب بنظافتهن. وفي تفسير الجلالين شرحت الآية 54 على النحو الآتي: (كذلك) يقدر قبله الأمر (وزوجناهم) من التزويج أو قرناهم (بحور عين) بنساء بيض واسعات الأعين حسانها. أما ابن كثير، فيقول: (كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِين) أَيْ هَذَا الْعَطَاء مَعَ مَا قَدْ مَنَحْنَاهُمْ مِنْ الزَّوْجَات الْحِسَان الْحُور الْعِين اللَّاتِي» لَمْ يَطْمِثهُنَّ إِنْس قَبْلهمْ وَلَا جَانّ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوت وَالْمَرْجَان هَلْ جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان. قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا نُوح بْن حَبِيب حَدَّثَنَا نَصْر بْن مُزَاحِم الْعَطَّار حَدَّثَنَا عُمَر بْن سَعْد عَنْ رَجُل عَنْ أَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ رَفَعَهُ نُوح قَالَ: لَوْ أَنَّ حَوْرَاء بَزَقَتْ فِي بَحْر لُجَيّ لَعَذُبَ الْمَاء لِعُذُوبَةِ رِيقهَا. يقول ابن جرير الطبري في تفسيره: القول في تأويل قوله تعالى: (كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) يقول تعالى ذكره: كما أعطينا هؤلاء المتقين في الآخرة من الكرامة بإدخالهم الجنات، وإلباسهم فيها السندس والإستبرق، كذلك أكرمناهم بأن زوّجناهم أيضاً فيها حوراً من النساء، وهن النقيات البياض، واحدتهنّ: حَوْراء. اختلف الفقهاء في قضيّة خلق حور العين وذهب فريق منهم إلى أنهن نساء هذا العالم اللواتي أجيز لهن دخول الجنة لإيمانهن وصلاح أعمالهن، بينما اعتبر آخرون أن الحور العين لسن النساء الآدميات، ويقول الطبري إنّهن خلقن من الزّعفران بينما يعتقد القمي أنهنّ خلقن من تربة الجنة النّورانيّة، أمّا التّرمذي فيقول إن سحابة أمطرت من العرش فخلقت الحور من قطرات الرحمة، في حين أن ابن عباس يورد أن الله خلق الحوراء من أصابع رجليها إلى ركبتيها من الزعفران ومن ركبتيها إلى ثدييها من المسك ومن ثدييها إلى عنقها من العنبر ومن عنقها إلى رأسها من الكافور. وهناك خلاف حول الأفضلية: هل للحور العين أم للنساء الآدميات؟ فثمّة من يرى من الفقهاء أن الحور أفضل والآخرون يرون العكس مع اختلافهم على العدد. (را: عن الحور العين، موقع الأوان، 14 كانون الثاني، 2013). في كتابها «القرآن والمرأة_ إعادة قراءة النص القرآني من منظور نسائي» ذهبت أستاذة الدراسات الإسلامية في جامعة «فرجينيا كومونولث» الأميركية آمنة ودود في تفسيرها للآية 54 من سورة الدخان (كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) الى أن لفظ حورية، كان يعني شيئاً ما خاصاً بالعرب في الجاهلية، وقد سماها عرب الصحراء بذلك بسبب بياضها وجمالها وإشراقها، «إنها امرأة مخلوقة من بشرة وجلد وضّاح». ويُظهر الوصف الخاص هنا برفاق الجنة كما توضح ودود، مدى إلمام القرآن بأحلام وأماني هؤلاء العرب، إذ إن النص الديني يقدم الحورية كحافز من أجل السعي وراء الحقيقة. ومن المستحيل التصديق بأن القرآن يقصد إلى تمثل المرأة البيضاء ذات العينين الواسعتين من حيث هو وصفٌ فرديٌ عام للجمال في النوع الإنساني. فإذا نحن أخذنا هذه الأوصاف الأسطورية على أنها المثال الأنثوي الإنساني بإطلاق شامل، فإن عدداً من التحديدات الثقافية النوعية مُلزمةً بأن تتجه اتجاهات مخالفة للقرآن. ومن بين الخلاصات الهامة التي تخرج بها ودود «أن قيمة هذه الجزئيات محدودة الى أبعد حد، والقرآن نفسه يدل على تحديد أو حصر هذا الوصف الخاص حين كثر أتباع جماعة المؤمنين بالإسلام وأقاموا في المدينة. ولم يستخدم القرآن أبداً بعد العصر المكي هذا اللفظ ليصف أصحاب النعيم، بعد المدينة يصف القرآن أصحاب النعيم بألفاظ توليدية. ويفضي التأويل لهذه الآية عند ودود الى تأكيد القول إن «الحور العين» لسن مجرد فتيات عذارى خصّ الله بهن المؤمنين من الرجال في الآخرة، وإنما هن كائنات أو مخلوقات في الجنة لا تنتمي الى جنس النساء أو جنس الرجال، حيث إن كل ما يتعلق بالجنة مجهول بالنسبة إلينا، لأنه داخل في مجال الغيب الذي لا يعلمه إلاّ الله. يقدم الباحث الألماني المختص في اللغات السامية القديمة كريستوف لوكسنبرغ ( Christoph Luxenberg) في أطروحته: «قراءة آرامية سريانية للقرآن _ مساهمة في تفسير لغة القرآن» (صدرت في نصها الألماني العام 2000 ونقلت إلى الإنكليزية العام 2007: The Syro -Aramaic Reading of the Koran: A Contribution to the Decoding of the Language of the Koran) تفسيراً مغايراً لـ «حور العين» معتبراً أن أهل التفسير شرقاً وغرباً قد اخطأوا في فهمهم التعابير القرآنية إعتماداً على عربية ما بعد سيبويه. ويبين لغوياً بأن تعابير «حور العين» ترجع الى نصوص سريانية معروفة بالـ «ميامر» وضعها أفرام السرياني في القرن الرابع ميلادي عن الجنة. وخلاصة الشرح أن لفظ «حور» صفة سريانية للعنب الأبيض وأن «عين» صفة إسمية تعبر عن صفاء وبريق الحجارة الكريمة التي ينعت بها القرآن نصاعة العنب الأبيض، إذ يشبهه باللؤلؤ المكنون. ولما نعت القرآن (الولدان المخلدون) بالتعبير نفسه تبين كذلك بأن المراد بالولدان وفقاً للمرادف السرياني (يلدا): الثمار، فتوجّب قراءة «مجلدون» بدلاً من «مخلدون»: أي أن ثمار الجنة تؤكل باردة بخلاف أهل الجحيم (لَآَكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54)) (سورة القارعة). خلص المفكر المغربي محمد عابد الجابري (1936 _ 2010) في مقالة عنوانها «الشهادة والشهداء وحور العين» إلى أن الشبان الذين يتهيأون للقيام بـ«عمليات استشهادية»، وهم فرحون مستبشرون، متباهون بكونهم سيجدون أنفسهم مباشرة بعد موتهم - بوصفهم شهداء_ قد فهموا (أو أُفهِموا)، هذه الآيات (الواردة في سورة الواقعة) ومثيلاتها التي تتحدث عن نعيم الجنة فهماً لفظياً مادياً متخيلين أن «الحور العين» في الآخرة هي هي كما في الدنيا، تماماً كما فهم مشركو قريش الآيات التي تتحدث عن عذاب النار فهماً لفظياً كذلك، فاحتجوا بعدم معقولية وجود شجرة «الزقوم» في نار جهنم مع أن النار تأكل الأخضر واليابس. فرد عليهم القرآن الكريم بقوله تعالى: «»إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ»(أي قصدنا ترهيبكم بها وبث الحيرة في أنفسكم)، ولكي يزيدهم حيرة وتخويفاً وترهيباً أخذ يصف تلك الشجرة فقال: «إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ، طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ، ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ، ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ» (الصافات63 - 68). أما بالنسبة لـ «الحُور العِين» فالأمر لا يتعلق بفتيات من جسم ولحم كما في الدنيا وإنما ذلك مجاز وتمثيل بقصد الترغيب». ثمة رأسمال أخروي متعوي يعد الجهاديين «بمواقعة أخروية» لامتناهية. تحولت النساء إلى أجساد هلامية خلقن لإرضاء رغبات الذاهبين إلى الفردوس. هناك جسد أنثوي متجدد بعذريته وبكارته مقابل فحولة ذكورية دائمة ومستنهضة تنم عن شبق فائض. تبدو نساء الجنة على حد تعبير الباحث السوري إبراهيم محمود في منتهى السلبية من خلال خضوعهن المطلق لرغبات من ينالهن أو يوهبن له، حيث يتحولن الى هبات للرجل دون تحديد لملامحهن الداخلية. إن الخوض في غمار ما يطرحه موضوع «حور العين» بأدبياته الفقهية وخلاصاته الأبوية/ الذكورية يتطلب قراءة نقدية وتاريخية قد تشكل صدمة للعديد من المؤمنين به. نقلا عن السفير
أتاتورك ذئب رمادي أطاح بالإمبراطورية العثمانية
بقلم حسونة المصباحي
  مصطفى كمال أتاتورك أعتق النساء، ونشر في المدن التركية مزيجا من الأفكار الأوروبية غير المنظمة، والتي لا جذور لها في ماضي شعبه.       أتاتورك المثل الشرقي الأعلى لعلمنة الدولة والمجتمع     في العام 2009، عرض في مختلف المدن التركية فيلم حمل عنوان: …لقراءة المزيد
  مصطفى كمال أتاتورك أعتق النساء، ونشر في المدن التركية مزيجا من الأفكار الأوروبية غير المنظمة، والتي لا جذور لها في ماضي شعبه.       أتاتورك المثل الشرقي الأعلى لعلمنة الدولة والمجتمع     في العام 2009، عرض في مختلف المدن التركية فيلم حمل عنوان: “مصطفى كمال أتاتورك”. وقد أثار ردود فعل مختلفة لدى الأتراك بمختلف طبقاتهم ومشاربهم. والأغلبية الساحقة منهم اعتبرته “مسيئا” للزعيم، و”القائد العظيم”، مشوّها لصورته، ومقدما إياه رجلا قصير القامة، واهن الصوت، ضعيفا أمام النساء، مدمنا على التدخين والخمر. أما في مخيال الأتراك فهو “الرجل القوي”،”الثابت العزيمة”، وهو “الأب الروحي الذي لا يمكن أن تنسى فضائله”. الحاكم من قبره ويمكن القول إن مصطفى كمال أتاتورك لا يزال يحكم تركيا من قبره، فخلال العقدين الماضيين، سعى الإسلاميون بمختلف الطرق والوسائل إلى تحجيم دوره التاريخي، معيدين الاعتبار للحجاب ولأشياء أخرى كثيرة كان هو قد حرّمها وألغاها، غير أنهم فشلوا في مساعيهم، وفي كل مرة يجدون أنفسهم مجبرين على التراجع عن قراراتهم، ومواقفهم خوفا منه. وأثمنُ ما تركه مصطفى كمال لبلاده، هو النظام العلماني الذي يضمن فصل الدين عن الدولة، لذلك فإن سعي الأصوليين إلى إبطال هذا الإرث العظيم ظل إلى حد هذه الساعة، يصطدم بعقبات كأداء. ويتفق المؤرخون على أن مصطفى كمال هو أحد أعظم الزعماء السياسيين الذين عرفهم العالم خلال النصف الأول من القرن العشرين. فعلى أنقاض الإمبراطورية العثمانية المترامية الأطراف، والتي ظلت تحتضر قرابة المائة عام قبل أن تلفظ أنفاسها مثل عجوز مثخنة بالجراح، أقام دولة سرعان ما أصبحت من أقوى الدول على الخط الفاصل بين الشرق والغرب. كما أنه كان واحدا من الزعماء الذين ساهموا مساهمة فعالة في أن يصبح المؤرخون يسمّونه بـ”يقظة الشرق”. وقد أثر مصطفى كمال بفكره السياسي لا في النخب التركية وحدها، بل في نخب بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولعل الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة واحد من أكثر المشيدين بفضائله. وكان يجاهر بإعجابه به بل وانتهج البعض من أساليبه خصوصا في ما يتصل بالعلاقة بين الدين والدولة، ودور المرأة في المجتمع.     أعجب أتاتورك بالنموذج الغربي للحياة، فحرم ارتداء الطرابيش وفرض السراويل الأوروبية وغير حروف الكتابة التركية من العربية إلى اللاتينية الذئب الرمادي ولد مصطفى كمال في مدينة سالونيك في شهر مارس-آذار 1881. وهو ينتمي لعائلة متوسطة الحال. ومنذ البداية أظهر الطفل ذو العينين الرماديتين سلوكا غريبا تمثل في نوبات غضب حادة تفضي إلى أرق قد يستمر طوال الليل. وبهدف تهدئته، كانت أمه تنحني على مهده، وتغني له أغنية من الأناضول تقول كلماتها:”نم يا صغيري …نم يا ذئبي الرمادي الصغير…”. وفي ما بعد، وعندما يشعل الثورة ضد الخلافة العثمانية، سوف يطلق عليه أنصاره اسم”الذئب الرمادي”. وعندما بلغ السابعة من عمره، غادر أبوه علي أفندي الإدارة المالية التي كان فيها موظفا صغيرا، ليصبح تاجر خشب. وباتفاق مع زوجته زبيدة، أدخل ابنه إلى المدرسة ليتعلم القرآن، غير أنه سرعان ما توفي تاركا عائلته أمام مستقبل مجهول العواقب. وكان مصطفى على عتبات المراهقة عندما التحق بالمدرسة العسكرية بغرض أن يصبح ضابطا، وهناك بدأ يظهر الكثير من النباهة، والشعور بالمسؤولية. وربما لهذا السبب، أصبح يسمى من قبل زملائه بـ”مصطفى كمال”. وعند بلوغه سن السابعة عشرة، حقق نجاحا باهرا في الامتحان النهائي، ليلتحق بالمدرسة العسكرية بالمنستير بمقاطعة ماسيدونيا، وفي تلك الفترة، كانت الاضطرابات تهزّ تلك المقاطعة، ومقاطعات أخرى من بلاد البلقان، وكانت عيون السلطان عبدالحميد مبثوثة في كل مكان. غير أن الجيش العثماني كان في حالة من الضعف وسوء التنظيم والعتاد، بحيث لم يكن قادرا على مواجهة تلك الأوضاع التي كانت تتدهور، وتزداد سوء عاما بعد عام. وبعد إطلاعه على المنشورات المعادية للإمبراطورية العثمانية وللباب العالي، والتي كانت توزعها المنظمات الثورية السرية، لم يعد مصطفى كمال مهتما بخوض الحرب ضد “المتمردين”، بل في ثورة تضع حدا لنظام فاسد ومريض وتعيد الاعتبار لتركيا. غير أن النشاط السياسي السري لم يمنع الشاب مصطفى كمال من إحراز نتائج باهرة في الامتحانات الشيء الذي خوله الالتحاق بالكلية الحربية في القسطنطينية. وكان ذلك عام 1902، حال وصوله إلى عاصمة الامبراطورية انخرط مصطفى كمال الذي كان حتى ذلك الوقت حاد الطّبع والسلوك، في حياة اللهو والملذات، غير أنه سرعان ما انقطع عن ذلك لينذر كل طاقته للدروس، والإعداد للثورة التي غدت مطمحه الأساسي، وحلمه الكبير، فتم اعتقاله ثم الإفراج عنه.     بعد اطلاعه على المنشورات المعادية للإمبراطورية العثمانية في المدرسة العسكرية، لم يعد مصطفى كمال مهتما بخوض الحرب ضد المتمردين، بل بثورة تضع حدا لنظام فاسد وتعيد الاعتبار لتركيا التمرد على الثعلب الأحمر وفي عام 1908، تمكنت جمعية “الوحدة والتقدم” من تفجير انتفاضة تمردية ضد الباب العالي. وعند إبلاغه بالأمر، أصدر السلطان عبدالحميد الذي كان يلقب بـ”الثعلب الأحمر”، أمرا للفرقة العسكرية بالقضاء على الانتفاضة غير أنها رفضت أوامره، مظهرة التعاطف مع المتمردين. وفي ظرف بضعة أيام، تزعزعت سلطة الإمبراطورية، وبدت وكأنها على وشك الانهيار التام. غير أن “الثعلب الأحمر” عجل باتخاذ إجراءات تمثلت في الإعلان عن حكومة دستورية، وحيّا “الثوريين” لأنهم “أنقذوا الإمبراطورية” ملقيا تبعات ما جرى على وزرائه ومستشاريه، أما مصطفى كمال فقد استقبل تلك الأحداث بصمت الذئب المقهور. مستغلّة انتفاضة 1908، والاضطرابات الخطيرة التي رافقتها، اشتدت مطامع الإمبراطوريات الاستعمارية الغربية، وبدأت تعد العدة للإجهاز على إمبراطورية “الرجل المريض”. ومُحرضة من قبل بريطانيا، ثارت اليونان من جديد، وبتشجيع من روسيا، أعلنت بلغاريا عن استقلالها، وقامت النمسا بضمّ البوسنة والهرسك، وفي خريف عام 1911، عبر الجيش الإيطالي البحر ليحتل ليبيا. أمام هذا الوضع المتفجّر انقطع مصطفى كمال عن ممارسة أي نشاط سياسي، والآن هو مهتم بالكشف عن الأهداف الحقيقية للإمبراطوريات الاستعمارية العظمى وخفايا تحركاتها. مجازر في مسقط رأسه سقطت سالونيك في أيدي اليونانيين وقام الجيش اليوناني بسلسلة من المجازر ذهب ضحيتها آلاف من سكانها الأتراك. وعلى مدى أسابيع ظل “الذئب الرمادي” يبحث عن أمه التي كانت تعيش هناك، فلم يعثر عليها إلا بعد جهد وهي مرمية في أحد المعسكرات الخاصة باللاجئين. كانت سنوات الحرب الكونية الأولى في غاية العسر والشدة، تجرّع خلالها مصطفى كمال الكثير من المرارات. وأكثر من مرة بدا له أن حلمه الكبير الذي شغله منذ شبابه لن يتحقق أبدا. وقد ازداد تشاؤمه بعد أن خسرت الإمبراطورية الحرب إلى جانب ألمانيا، فهجم اليونانيون على سواحلها المتوسطية ابتغاء السيطرة على المدن المنتشرة عليها. وعلى مدى سنوات الحرب ضد اليونان، كان مصطفى كمال ينتقل من جبهة إلى أخرى من دون كلل ولا ملل. وكان هو الذي قاد المعركة الحاسمة التي أعادت إزمير إلى الأتراك، وكان ذلك في خريف عام 1922.     قال أتاتورك: لا شيء أفضل من أن يكون المرء تركيا» وفرض إجراءاته الكبيرة لعلمنة المجتمع التركي معتمدا القومية الطورانية، فكتب عنه المؤرخ ستيوارت «ماذا تستطيع القومية أن تفعل إذا توقف القوم عن الإعجاب بأنفسهم؟ وقبل ذلك الانتصار الساحق الذي حققه الجيش العثماني على اليونانيين، كان مصطفى كمال قد فرض نفسه قائدا عسكريا، وسياسيا كبيرا داخل المجالس والهيئات التي برزت في تلك الفترة. وفي أحد البيانات التي وزّعها، كتب يقول:”إن الشعب التركي لا يخشى شيئا وهو مستعد لتقديم جميع التضحيات اللازمة. إنه شعب لا يعرف الفشل إذ أن الفشل هو الموت، والشعب التركي يرفض أن يموت”. تركيا أتاتورك وكان يردد دائما المقولة التالية:”لا شيء أفضل من أن يكون المرء تركيا!”. وقد فعلت تلك القولة فعلها في قلوب محبيه وأنصاره من العساكر والمدنيين. ثم لم يلبث مصطفى كمال أن أرسل إلى السلطان محمد السادس مطالبا إياه بإجراء انتخابات عامة في كامل أنحاء البلاد، فلم يتلق جوابا. عندئذ أعطى الأمر للسلطات العسكرية بالاستيلاء على خطوط التلغراف، وعزل القسطنطينية عن بقية المدن والمقاطعات، والتكفّل بالبريد الرسمي، كما طلب منها تعويض الموظفين المدنيين المشكوك في أمرهم بضباط قريبين منه. وفي الثالث نوفمبر من عام 1922، انهارت الإمبراطورية العثمانية مثلما “ينهار الصرح الشامخ”، وأصبح مصطفى كمال سيّد تركيا الجديدة أو “أتاتورك” أي أبو الأتراك، كما هو يسمى إلى حد هذه الساعة. وفي أواخر حياته، أقام مصطفى كمال أتاتورك في قصر “دولمة بغشه” الذي بناه السلطان عبدالحميد على شاطئ البوسفور. وفي العاشر من نوفمبر 1938 توفي بتشمع في الكبد، ونقل جثمانه إلى أنقرة في قطار مجلل بالسواد. ومحاولا تقييم ثورته التحديثية، كتب المؤرخ البريطاني دزموند ستيوارت يقول:”لقد كان هدف مصطفى كمال أن يموت الدين غير أن الدين لم يمت، ولم يتطور كما حدث في مصر. وقد أعتق النساء، ونشر في المدن التركية مزيجا من الأفكار الأوروبية غير المنظمة، والتي لا جذور لها في ماضي شعبه، وأخذ أحفاد الانكشارية يرقصون “الفوكس تروت” في المقاهي. إن التجديد السطحي والتكيّف مع الغرب سهلا ضرورة ارتداء السروال والقبعة، اللذين فرضهما أتاتورك على أبناء شعبه، لكنهما في ساعة الموت أو الأزمة لم يرضيا سوى القليل”. وردّا على الذين يقولون إن أتاتورك أعاد للأتراك شعورهم بالاعتزاز القومي، طرح دزموند ستيوارت سؤالا ذكيا، يبدو كما لو أنه تلميح واضح للواقع الصعب الذي تعيشه تركيا راهنا في ظل الصراعات بين الأصوليين والعلمانيين:”ماذا تستطيع القومية أن تفعل إذا توقف القوم عن الإعجاب بأنفسهم؟” نقلا عن العرب
فيلومينا أقوى فيلم إنساني تهمشه صالات السينما العربية
بقلم فيء ناصر ( خاص من لندن)
فلومينا قصة إمراة إيرلندية حرمتها الكنيسة من إبنها جودي دنش الممثلة البريطانية ليست غريبة على لعب الأدوار التي تمثل شخصيات حقيقية أو تاريخية، فهي قد مثلت الملكة فكتوريا الأرملة وقصة عشقها للموظف الإسكتلندي في قصرها جون براون في فيلم (مس براون/ Mrs. Brown) للمخرج )جون مادن(John Madden/ 1997، وهي …لقراءة المزيد
فلومينا قصة إمراة إيرلندية حرمتها الكنيسة من إبنها جودي دنش الممثلة البريطانية ليست غريبة على لعب الأدوار التي تمثل شخصيات حقيقية أو تاريخية، فهي قد مثلت الملكة فكتوريا الأرملة وقصة عشقها للموظف الإسكتلندي في قصرها جون براون في فيلم (مس براون/ Mrs. Brown) للمخرج )جون مادن(John Madden/ 1997، وهي التي أذهلتنا بتأديتها لدور الملكة إليزابيث الاولى في شكسبير عاشقاً 1998 للمخرج جون مادن أيضا والذي حازت عليه جائزة الأوسكار عن أفضل دور مساعد. آخر أفلامها بعنوان فلومينا الذي تشهد دور السينما في لندن عرضه خلال شهر تشرين الثاني الجاري ، الفيلم مستوحى عن قصة حقيقية عن إمراة تحاول العثور على ولدها الذي أجبرتها الكنيسة الكاثوليكية وراهباتها على توقيع وثيقة بالتخلي عنه وباعته الراهبات بعد ذلك الى عائلة أمريكية دفعت ثمنا أعلى من غيرها للحصول على حق حضانته، ويبدو إن هذا الفيلم في طريقه للمنافسة على أوسكار السنة الحالية. وفلومينا (Philomena) شخصية حقيقية لازالت على قيد الحياة(78 عاما) تعيش في جنوب بريطانيا وقد ظهرت مع جودي دنش في العرض الأول للفيلم في مهرجان لندن السينمائي للسنة الحالية ، الفيلم مأخوذ عن كتاب مراسل البي بي سي مارتن سكس سمث(Martin Sixsmith)، الابن الضائع لفلومينا لي (The Lost Child of Philomena Lee) الصادر سنة 2009. تقول جودي دنش عن دورها في فلومينا :" شعرت بمسؤولية جسيمة عند تأدية هذا الدور لأن الناس تعرف فلومينا الحقيقية وعند مشاهدة الفيلم سيحاولون التعرف عليها من خلالي وآمل أنّهم سيوفقون". وتضيف إنها قضت وقتاً مع فلومينا الحقيقية وإنها كانت مأخوذة بضعفها وصرامتها وحس الفكاهة لديها وتقول إنها جعلتني أضحك، لكن عندما قرأت القصة أيقنتُ مدى شجاعتها وصبرها وقوة إيمانها، وقد برع المخرج في إبراز هاتين الميزتين (الضعف وحس الفكاهة الساخر) في شخصية فلومينا بجدارة عبر تتابع أحداث الفلم. الفلم من إخراج الانكليزي ستيفن فريز (Stephen Frears) ومن إنتاج مؤسسة الأفلام في هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي. تبدأ القصة عندما تشعر المراهقة فلومينا بانها حامل عام 1952 ولكون الحمل حصل خارج نطاق الزواج فهي في عرف إيرلندا الخمسينيات إمراة ساقطة، وتُرسل الى دير  لتقويم سلوكها يأوي البنات أمثالها ويدعى (روزكريا Roscrea ) حيث يشتغلن بالغسيل ساعات طويلة للمؤسسات الحكومية كالسجون والمستشفيات والمدارس بإشراف الراهبات كنوع من أنواع التكفير عن الذنب الذي إقترفنه. وأثناء وجودها في الدير تلد ويُؤخذ إبنها (أنتوني) منها ويبقى في رعاية الراهبات لكن يُسمح لها أن تراه ساعة كل يوم وعندما يبلغ عمره الثالثة يُغيب عنها نهائياً ويباع للتبني بخلاف رغبة الام. هناك مشهد مليء بالأسى حين يؤخذ الولد بدون علم إمه وتلتقي أعينهما للمرة الاخيرة، الولد في المقعد الخلفي للسيارة السوداء المبتعدة والأم من خلف سياج الدير،  يُغير إسم الطفل من أنتوني الى (مايكل هيس) ويُربى في عائلة مرموقة ليكون محامياً ومستشاراً للرئيس الامريكي رونالد ريغان، لكن الام والإبن يحاولان العثور على بعضهما ويقودهما البحث لذات الدير الذي كان مسرحاً لقصهتما، لكن الراهبات يتقصدن إخفاء المعلومات عن كليهما. وتبقى الام تحمل سرها وتبحث بصمت عن ولدها لمدة خمسين سنة الى أن تلتقي بمارتن سكس سمث مدير إتصالات سابق في حكومة توني بلير ومراسل سابق لهيئة الاذاعة البريطانية البي بي سي والذي يعيّ بحس الصحفي ان قصتها تستوجب مزيداً من الإهتمام والتقصي . يؤدي دور مارتن سكس سمث في الفيلم الممثل ستيف كوجان والذي ساهم بكتابة السيناريو مع ستيف بوب . شخصية مارتن الملحد الساخر المنتقد للكنيسة، فهو يناقش فلومينا في مشهد يجمعهما وسط حقول إيرلندا الخضراء: " لماذا خلق الله فينا الرغبة الجنسية هل كان يتوقع منا أن نقمعها؟"، ظهور هذا الصحفي كأنه إعتذار إالهي عن فقدان فلومينا إبنها وعدم قدرتها على رؤيته مجدداُ، فهما يظلان متحدين طوال مسار الفيلم، وبمساعدته تكتشف إن إبنها كان مثلي الجنس وأنه توفي بمرض الأيدز وانه مدفون في الحقل المجاور للدير الذي ولد فيه بناءً على وصيته، ويتشاركان (فلومينا ومارتن سكس سمث) عدة مشاهد ساخرة بينما ينفرد مارتن سكس سمث بمشاهد الغضب والحنق على الراهبات اللواتي عاملن فلومينا بقسوة لا نظير لها وحرمنها وإبنها المريض من فرصة اللقاء الأخير. ورغم الظلم والقسوة التي تعرضت لها فلومينا على يد راهبات الكنيسة الكاثولكية التي إشتهرت بفضائحها الجنسية تجاه الأولاد وفضائح بيع الاطفال غير الشرعيين الى عوائل غنية ، فانها ظلت تحتفظ بإيمانها الديني العميق الذي جعلها تسامح علناً من إقترفوا الظلم بحقها وفرقوها عن إبنها. هذا فيلم يحمل رسالة إنسانية خالصة ومشحون بعواطف حادة وبسيطة في ذات الوقت أجاد تأديتها ببراعة الممثلان الرئيسيان فيه (جودي دنش وستيف كوجان) وقد يجلب هذا الدور جائزة الأوسكار الثانية لجودي دنش كأفضل ممثلة لكن عليها أن تتنافس مع كيت بلانشيت عن دروها في فيلم (بلو جاسمين) و ساندرا بلولوك في (كرافتي )، ميريل ستريب في (أوغست : أوسيج كاونتي) وإيما ثومبسون عن دورها في (سيفنك مستر بانكس) وربما سيكون هذا هو الترشح السابع لها للاوسكار. فلومينا حاز على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان فينس للافلام 2013 ويقول عنه أحد النقاد أنه أفضل فيلم بريطاني يعرض بعد فيلم كنك سبيج (The King's Speech). فيء ناصر شاعرة و إعلامية عراقية مقيمة في لندن
وأد البنات يعود من جديد
بقلم فاطمة المزروعي ( كاتبة من الإمارات)
وأد البنات يعود من جديد كثير من الظواهر الاجتماعية التي كانت تصنف أنها جاهلية وتنم عن الغباء وسطحية التفكير، تظهر بين وقت وآخر حتى وسط المجتمعات الأكثر توهجاً وحضارة. يومياً نسمع بأخبار تذهلك من شدة وقعها وعلامة الاستفهام التي ترسم أمام مخيلتك مدى سطحية تفكير من يمارسها، بل تلازمك علامات كثيرة من …لقراءة المزيد
وأد البنات يعود من جديد كثير من الظواهر الاجتماعية التي كانت تصنف أنها جاهلية وتنم عن الغباء وسطحية التفكير، تظهر بين وقت وآخر حتى وسط المجتمعات الأكثر توهجاً وحضارة. يومياً نسمع بأخبار تذهلك من شدة وقعها وعلامة الاستفهام التي ترسم أمام مخيلتك مدى سطحية تفكير من يمارسها، بل تلازمك علامات كثيرة من التعجب والاستغراب لهذه المرحلة التي تراجع فيها العقل الإنساني وسط هذا الزخم المعرفي وكل هذا التقدم الحضاري. من هذه الظواهر، إذا صح تسميتها ظاهرة، رصد حالات غير قليلة من ممارسات غبية ضد الأجنة في بطن الأم الحامل، عندما يكتشف أن حملها أنثى وليست ذكر، أين تم رصد حالات الإجهاض هذه؟ في بريطانيا، فقد قامت صحيفة ديلي ميل البريطانية بنشر تقرير أكدت خلاله على معلومات مصدرها تصريحات لنساء تحدثت إليهن والبعض منهن اعترفت علناً بأنها قتلت جنينها، عندما علمت بعد الكشف على حملها في مستشفى حكومي بأنها أنثى، وأخرى موظفة بنك اسمها آشا وعمرها 33 عاماً، قضت على جنينها إجهاضاً في إحدى العيادات، لأنها خافت من عائلتها التي ترغب في مولود ذكر، وبررت جريمتها بأنها خافت من العواقب من ولادة أنثى في وسط معاد بشدة للفتيات، بل قالت أيضاً إنها كانت قلقة من أن تعيش طفلتها طوال حياتها في تمييز كما حدث معها. تقرير الصحيفة البريطانية بين أن هذه الجرائم تنتشر بين العائلات المهاجرة من الهند وباكستان وأفغانستان وبنغلاديش، وأن هذا التفضيل للذكور على الإناث أدى لخفض واضح في معدل المواليد الإناث لمصلحة الذكور إلى درجة اختفى معها أكثر من 4700 جنين أنثوي بالإجهاض، حسب الصحيفة وبحسب تحليل إحصاء سكاني تم في 2011 بالمملكة المتحدة، فقد ظهر أن نسبة مواليد الذكور في بعض المناطق كانت أعلى من المعدل الطبيعي، وهو 105 مقابل 100 من الإناث، وظهر أن النسبة فيها كانت 120 للذكور مقابل 100 للإناث، وأظهر التحليل تبايناً كبيراً في معدل جنس المواليد في بعض الأسر المهاجرة، مؤكداً أنه لا يمكن تفسيره إلا بقيام الأمهات بإجهاض الأجنة الإناث طمعاً في الحمل سريعاً بمولود ذكر فيما بعد. هذه الرجعية في التفكير وفي النظرة تحدث في مجتمع متحضر فشلت أنظمته وقوانينه من الحد من هذه الجريمة، فكيف هو الحال في المجتمعات الأصلية لهذه الجاليات المهاجرة؟ مؤكداً أنه أسوأ، الإنسان عندما يفتقد العلم والمعرفة يصبح سيئاً جداً بغض النظر عن البيئة التي يعيشها. نقلا عن وكالة أخبار المرأة
المرأة في عيدها واقع شديد المرارة
بقلم آمنة سعدون البرماني
ا تمر هذه الايام الذكرى السنويه لعيد المراة العالمي ,يتزامن هذا العيد هذا العام بواقع غير مسبوق في مأساويته بالنسبه للمراة العربيه عموما ,فالحروب العبثيه التي افرزتها الازمات السياسيه التي تعصف بالمنطقه وكان الخاسر الاكبر فيها هي المرأة , فهي المصد الاول التي تكال له الضربات سواء من الارهاب الاعمى …لقراءة المزيد
ا تمر هذه الايام الذكرى السنويه لعيد المراة العالمي ,يتزامن هذا العيد هذا العام بواقع غير مسبوق في مأساويته بالنسبه للمراة العربيه عموما ,فالحروب العبثيه التي افرزتها الازمات السياسيه التي تعصف بالمنطقه وكان الخاسر الاكبر فيها هي المرأة , فهي المصد الاول التي تكال له الضربات سواء من الارهاب الاعمى او من النزاع المسلح او حتى سماسرة الحروب والاعراض ! من يدفع ثمن النزاع هو المواطن العادي في كل من العراق وسوريا وليبيا ومصر واليمن والسودان والبحرين و لبنان و....والقائمه تطول وقد تطال دول اخرى في وقت قريب لان النار تمتد لتحرق معها الاخضر واليابس وحطبها الاساسي هو النساء والاطفال ,فنتيجه التغير الفظيع في اخلاقيات النزاعات نلمس بشدة ان هناك عودة الى زمن الجاهليه بل عصور ما قبل الحضارات والهمجيه في استهداف الضعفاء وبالذات النساء والاطفال كفريسه سهله ووسيله ضغط عنيفه لتغيير موازين المواجهه في هذه الحروب التي اقل ما يمكن وصفها به هو انها حروب قذرة وذات غايات خبيثه مهما كانت المبررات والمسميات الفخمه والترقيعيه لواقع قبيح ولا انساني . ما يندى له الجبين هو وقوف الدول التي بيدها الحل والعقد موقف المتفرج لا تحرك حقيقي على الارض سوى تصريحات هنا وهناك لا تقي من قصف ولا تحمي من بطش القتله بل الادهى ان من يمولون النزاعات ومن كل الاطراف بلا استثناء استهوتهم رائحه الدم واعجبهم منظر العنف وهم يمدون الاطراف المتنازعه بالنار ليحرقوا بيوتهم واهلهم وانفسهم ! لا يسعني سوى ان اشبه هؤلاء بالرومان الذين كانوا يلقون بالبشر الى حلبات الموت كنوع من الترفيه والترويح عن النفس وكلما زاد الدم المسفوح ازداد التصفيق والتشجيع ! هي سمه من سمات المجتمعات المترفه حينهاويبدو ان الترف الاجتماعي في الدول المستفيدة من هذا الوضع المأساوي وصل الى حد اقامه الحروب للتمتع بمناظر الدم ! المرأة العربيه اليوم هي مشردة وهي سبيه !نعم سبيه الارهاب ,سبيه التطرف ,سبيه  تباع وتشرى ولكن بطريقه حضاريه  بصفه الزواج !!والكثير باع بناته  لازواج طارئين ياتون لانتقاء زوجه صغيرة وجميله كما تنتقى البقرة من سوق الماشيه  نعم الكثير باع بناته لاسباب عدة , منها بيعها مختارا لاجل  المال او التخلص من المسؤوليه ,أوباع بناته مجبرا بسبب الخوف عليهن من الاغتصاب او القتل او الجوع ويرمى بهم الى زوج مجهول وتترك امورهن بيد الله بل ربما بيد الشيطان ان كان هذا الزوج ممن يتاجرون بالشرف وما اكثر الحكايات التي تضيق بها مجالس الخيم التي تضم المهّجرين ,كل هذا يحدث في بلدان ترفع الاذان منذ الفجر حتى المغيب  وتقيم الصلاة وتتناقش الى حد القتل فيما بينها حول كيفيه الوضوء او حلق اللحيه وجواز التختم , واحكام الطهارة والنجاسه !!  وللمرأة ايضا نصيبها من اللعنات بأسم الدين !!اي مهزله نعيشها . لا اعلم  وبعد كل هذا هل يحق لنا ان نبارك للمرأة عيدها ؟وبأي وجه تلقى هذا العيد ,برأيي يجب ان نعزي  المرأة العربيه هذا العام .فلا اليوم يحمل لها الفرج من النكبات ولا العيد عيدها .
أنسي الحاج
بقلم يوسف القعيد
كنت أتصور أنها عادة مصرية، لكن اتضح لي بعد رحيل الشاعر والصحافي اللبناني أنسي الحاج، أنها توشك أن تكون عادة عربية أو إحدى عادات العالم الثالث، ألا وهي الانتظار إلى حين وفاة الكاتب، ثم تبدأ عمليات الاهتمام به والكتابة عنه والنبش في تفاصيل تفاصيل حياته، بل ربما تقديسه ومنحه من الصفات ما يفوق الوصف. …لقراءة المزيد
كنت أتصور أنها عادة مصرية، لكن اتضح لي بعد رحيل الشاعر والصحافي اللبناني أنسي الحاج، أنها توشك أن تكون عادة عربية أو إحدى عادات العالم الثالث، ألا وهي الانتظار إلى حين وفاة الكاتب، ثم تبدأ عمليات الاهتمام به والكتابة عنه والنبش في تفاصيل تفاصيل حياته، بل ربما تقديسه ومنحه من الصفات ما يفوق الوصف. بالنسبة لمصر، كنت أقول دائما وأبدا إننا أحفاد من بنوا الأهرامات، ليقاوموا النسيان وليكافحوا الفناء، وليقولوا للدنيا كلها: كنا هنا ذات يوم، لذلك فإن تقديس الموت مسألة مهمة في العقل الجمعي المصري، أليس غريبا أن أهم كتاب في تراثنا القديم نقرأه: كتاب الموتى، في حين أن اسمه الحقيقي: الخروج إلى النهار، أو الطلوع إلى النهار في بعض ترجمات عنوانه. بالنسبة لمصر، حتى لا يغضب مني الأشقاء والأصدقاء في لبنان، كنت أتصور أننا نحن الأحياء نسعد جدا عندما يموت أحدنا، نتعامل معه باعتباره قدم لنا أهم ما في دنياه وهو الحياة نفسها، وأننا استرحنا من منافسته لنا ومنافستنا له، ولذلك منحناه كل ما لم نمنحه له عندما كان بيننا في الحياة، أعرف أنها نظرة تآمرية خارجة من نظرية المؤامرة، لكنها التفسير الوحيد الذي كنت أتصور أنه يقف وراء تقديس الموتى عندنا في مصر، وهذا التقديس يصبح حالة من الهلع والهوس عندما يكون الميت فنانا أو كاتبا أو نجما من نجوم المجتمع. رحل عن دنيانا أنسي الحاج اخيراً، عن 77 عاما، وأنا لديَّ من الشجاعة الأدبية ما يجعلني أعترف أنني لم أقرأ له شيئا، لا شعرا ولا نثرا، عرفت فقط بعد وفاته أن له ستة دواوين شعرية، كان أولها ديوان: لن، الصادر سنة 1960، وأنه أسس الملحق الثقافي لجريدة النهار، وتولاه، ثم رأس تحرير عدد من الصحف، كان آخرها جريدة الأخبار اللبنانية. وأنا الآن في حيرة من أمري عن السبب في هذه الظاهرة، هل لعدم وصول دواوينه إلى القاهرة؟ رغم أني مازلت أذكر أن سلسلة آفاق عربية بالثقافة الجماهيرية نشرت مختارات لأنسي الحاج عندما كان مسؤولا عنها المرحوم إبراهيم أصلان، لقد سألت أكثر من مثقف بعد رحيل أنسي الحاج، فقال لي- بيني وبينه- وبعد أن أكد عليَّ أن هذا الكلام شديد الخصوصية، أنه لم يقرأ له شيئا. ربما كان هذا موقف بعض المثقفين، لكني لا أعتقد أنه موقف الشعراء، فالرجل يعتبر من رواد الحداثة في كتابة قصيدة النثر، وساهم في تحرير مجلات صدرت للترويج لقصيدة النثر، وأسمع من الشعراء ـ خصوصا بعد رحيله عن عالمنا ـ أنه شاعر مهم، وله تجربة لها خصوصيتها وفرادتها، وأنه بعد رحيله عن عالمنا سيصبح من علامات قصيدة النثر في القرن العشرين. عموما أعترف بالتقصير، وأخجل منه، رغم انني اعتبرت أن إعلاني أني لن أقرأه مسألة لا تشعرني بخجل، وعموما بالنسبة للقراءة والاهتمام بنتاج هذا الشاعر أو ذاك وإهمال هذا الشاعر أو ذاك، لا توجد قاعدة ثابتة لها، وتقوم في أحوال كثيرة على الصدفة التي تشكل بعدا جوهريا من أبعاد حياتنا الراهنة. عرفت بعد رحيله أنه زار مصر مرتين، وفي إحدى المرتين قابل صدفة عبدالحليم حافظ في محل جروبي، ولا أعرف في أي جروبي قابله؟ هل قابله في جروبي طلعت حرب؟ أم قابله في جروبي عدلي؟ أم تم اللقاء في جروبي مصر الجديدة المواجه لقصر الاتحادية، حيث مقر رئيس الجمهورية الآن؟ وأيضا لم نعرف ماذا جرى بينه وبين عبدالحليم حافظ في هذا اللقاء العابر. سواء في حياته أو بعد رحيله، ثمة إجماع على أمر أساسي عند الكلام عن أنسي الحاج، ألا وهو أنه كان يرفض بشكل قاطع ومانع وجامع الإدلاء بأي حديث صحافي سواء عن نفسه كشاعر أو كصحافي أو حتى كإنسان، والمفارقة هنا أن من يرفض الإدلاء بأي حديث صحافي كان صحافيا، ووصل لرئاسة تحرير صحيفة، وبالتالي فالرجل مغموس حتى أطراف أصابعه في العمل الصحافي. والأحاديث الصحافية بالنسبة للشعراء والأدباء والإدلاء بها ليس عيبا ولا جريمة، والامتناع التام عنها ليس موقفا يمكن أن يحسب لهذا الممتنع أو ذاك، لأن الحديث الصحافي، خصوصا إن أجراه صحافي متخصص ونشر في جريدة لها قدر من التخصص أو ملحق يخص كتابة من يدلي بالحديث قد يكون مفيدا، وقد يقيم علاقة بين المبدع وقارئه، ربما لا تقوم هذه العلاقة عبر قراءة نصه الأدبي. من المؤكد أن الأحاديث التي أدلى بها نجيب محفوظ قبل نوبل وبعدها لا حصر لها، وقد قام أحد النقاد بحصر أحاديث نجيب محفوظ حتى ستينات القرن الماضي ونشرها في مجلدين في بيروت تحت عنوان: نجيب محفوظ يتحدث إليكم، والمجلدان يعكسان أحاديث نجيب محفوظ عندما لم تكن له أهمية إعلامية مثل التي كانت له بعد حصوله على نوبل سنة 1988، ولا أعتقد أن أحاديث نجيب محفوظ قللت من أهمية نتاجه الأدبي، ولا هزت هيبته ككاتب. الروائي الألماني توماس مان- وبحسب كتاب إبراهيم العريس لغة الذات والحداثة الدائمة ـ صدر عنه اخيراً كتاب عنوانه: أسئلة وأجوبة، في هذا الكتاب 70 حديثا صحافيا اختيرت من أصل سبعمئة حديث أدلى بها توماس مان في حياته، وتوماس مان هو توماس مان، ومن المؤكد أن إدلاءه بسبعمئة حديث صحافي ربما كانت الأفضل من بين أحاديث أخرى كثيرة، فإن هذا لم يقلل من نتاجه الأدبي، ولا هيبته الشخصية، لاحظت بعد رحيل أنسي الحاج اهتماما لبنانيًّا به فاق الوصف، وأنا لا أرى من الصحف التي تصدر من لبنان سوى جريدة الحياة، أقرؤها بشكل يومي، وإن كنت أتعامل معها باعتبارها جريدة مهاجرة تصدر من لندن، رغم أن إدارة تحريرها وطباعتها في بيروت الآن، يوم رحيله كتب رئيس تحرير الحياة غسان شيربل مقاله الافتتاحي عنه، وربما كانت المرة الأولى التي يخصص مقال افتتاحي في جريدة سياسية يومية لرثاء شاعر. داخل العدد صفحتان مخصصتان له، كتب فيهما أدونيس رسالة ثانية إلى أنسي الحاج، وكتب أيضا أمين معلوف وكتب معهما عبده وازن المحرر الثقافي لجريدة الحياة، وحنان الشيخ وخالدة سعيد وهاشم شفيق ومدير تحرير الحياة محمد علي فرحات، وأمجد ناصر وعيسى مخلوف وعبدالمنعم رمضان، ومعلوماتي أن مقال عبدالمنعم رمضان كان مكتوبا منذ فترة ولم يتم نشره إلا بعد رحيل أنسي الحاج، ويبدو أنه جرى اختصاره، لأن عبدالمنعم رمضان يكتب عادة مقالات المطولات. كتب في الصفحتين عبدالقادر الجنابي، صلاح ستيتة، محمد بنيس، سيف الرحبي، رفعت سلام، وهي كلها أمور محمودة ومشكورة، وأحيي عليها جريدة الحياة، لكن ثمة إحساس داخلني ولم أستطع الهروب منه، ولم أكن أريد الكتابة عنه، ألا وهو قطرية الاهتمام بشاعر رحل عن بلادنا، كنت أتمنى لو وجدت كل هذه الكتابة في صحيفة غير لبنانية. لكي أكون واضحا لن أملَّ من ترديد السؤال القديم: هل يستطيع أحد تحديد القطر العربي الذي ينتمي إليه المتنبي؟ أم أننا جميعا نقول عنه فقط انه شاعر عربي كبير؟، لن أصل لتصور يقول: كنت أتمنى اهتماما عربيا برحيل أنسي الحاج ونشر نتاجه الشعري حتى تتم قراءته بعد موت الشاعر وقراءة النص الشعري بمعزل عن مبدعه، بعد أن رحل عن عالمنا. نقلا عن الرأي
المفرد
بقلم سليم بوفنداسة
غاب أنسي الحاج في هدوء. لم يثر رحيله الصخب الذي يثيره الشعراء "الجماهيريون". مؤمنون به وأصدقاء استعانوا بلغته على وصفه في الغياب وفرشوا له الغيوم المناسبة، هو الذي عاش كما شاء ومات كما توقّع. لم يُذكر اسمه كثيرا في كراسات الدارسين الذين تعوّدوا على تصنيف الشعر العربي وتبويب أسمائه. وربما ذُكر عرضا …لقراءة المزيد
غاب أنسي الحاج في هدوء. لم يثر رحيله الصخب الذي يثيره الشعراء "الجماهيريون". مؤمنون به وأصدقاء استعانوا بلغته على وصفه في الغياب وفرشوا له الغيوم المناسبة، هو الذي عاش كما شاء ومات كما توقّع. لم يُذكر اسمه كثيرا في كراسات الدارسين الذين تعوّدوا على تصنيف الشعر العربي وتبويب أسمائه. وربما ذُكر عرضا عند التطرق إلى مجلة شعر ودورها باعتباره ثالث ثلاثة. وقطعا فإن ذلك لن ينل من مكانة هذا الشاعر الذي جاء باكرا وفعل مالم يفعل غيره في العربية، ففي الوقت الذي كان العرب يستمتعون فيه بالطقاطيق والأغاني الرومنسية الرديئة ظهر أنسي شاعرا ببلاغته الخاصة وقاموسه الرهيب وانتباهه المدهش إلى العالم ، تناسلت من لغته أسماء سقطت وأخرى ثبتت وظل أنسي في ذروة الهيجان مذ ألقى بـ "لن" إلى أن افترش الغيمة البيضاء التي زرعها بيديه في منتصف الهاوية ليخدع الموت المباغت ويعود منه. تعالى أنسي عن العصبيات والعنصريات العربية و تعالى عن الطوائف  و انتهى مُتّهما و مُلاما، لأنه لم يصدّق "الربيع العربي" كما فعل غيره من الشعراء الذين يستمدّون ثقافتهم السياسية من الفضائيات والجرائد. لم يكن أنسي غيره. كان هو حيثما كان. حفر مجراه  بسكينته الحادة ومضى فيه. و من الصعب على رجل بهذه الهوية أن ينتمي إلى الزمن العربي حيث يلبس الأفراد طيلة الحياة   أكفانا معدة سلفا.   وعزاؤه أنه كان يعرف فبنى الأسوار وانصرف إلى ما يراه عدّته "قلب أسود بالوحشة". غاب أنسي الحاج في هدوء. كبر أطفاله في اللغة. كبرت نساؤه الشقيات. كبر صمته. كبرت عزلته. ثقلت أغصانه بثماره،  فقرّر أن ينزل كالرعاة من الهضبة. غسل الشتاء ندمه فمدّ يده إلى يد الرسولة وراح يقتفي أثر صوتها  وهي تعده ببيت أبيض بعيد: بيتك ليس هنا تقول فيركض حتى يتوارى. أخذ الشاعر حظه مما أحب. فلننتبه إليه غائبا. و ليتعلم الشعراء من سيرته كيف يختفي الشاعر الحقيقي ليعيش. سليم بوفنداسة
زبغنيف هربرت
بقلم ترجمة الخضر شودار
بلا تحسب تجاوزتُ حدودَ أسنانها و ابتلعتُ لسانها الرشيق. هو الآن يعيش بداخلي مثل سمكة يبانية. يمسّ حفيفُها قلبي و غشائي الصدري كما لو أنها تحتك بجدران أكواريوم. تهيّج غرينًا في أعماقي. هي التي حرَمتُها من الصوت تحدّق فيّ بعينين واسعتين من الدهشة مُترقبةً كلمة مني. حتى الآن ، لا أعرف بأي لسان أخاطبها …لقراءة المزيد
بلا تحسب تجاوزتُ حدودَ أسنانها و ابتلعتُ لسانها الرشيق. هو الآن يعيش بداخلي مثل سمكة يبانية. يمسّ حفيفُها قلبي و غشائي الصدري كما لو أنها تحتك بجدران أكواريوم. تهيّج غرينًا في أعماقي. هي التي حرَمتُها من الصوت تحدّق فيّ بعينين واسعتين من الدهشة مُترقبةً كلمة مني. حتى الآن ، لا أعرف بأي لسان أخاطبها – بلسانها المسروق أم بذلك الذي ذاب من شدة الحلاوة في فمي. *** كل أعضاء البشر الداخلية ملساء و بلا شَعر. المعدة، الأمعاء، الرئتان كلها صلعاء. وحده القلب بشعر قان و كثيف و أحيانا طويل في انسياب. إنها معضلة. أن يهجع شَعر القلب في مجرى الدم كمثل نباتات جوفية في الماء. شَعر في الغالب يغزوه الدود . إذ عليك أن تحب بعمق كي تفلي هذه الطفيليات الدقيقة الهائجة من شَعر قلب حبيبك. *** كان مسرحيا بامتياز. انتصب أمام المرآة في طقمه الأسود و على سترته زهرة. رفع المسدس إلى فمه و انتظر أن تسخن الماسورة قليلا. ثم و هو يبتسم في ارتباك للفكرة ضغط على الزناد. هوى مثل معطف إنزلق من على كتفين. لكن روحه ظلت لبرهة واقفة. تحرّك رأسها، و تخفّ أكثر فأكثر. ثم، و بنفور دخلت في الجسد مضرجة حتى أقصاها، إلى أن أخذت حرارتها تخمد حدَّ حرارة الأشياء التي هي كما نعرف بشارة عمر طويل.
الفلانتاين لناس و ناس
بقلم هاني نديم
الفالانتاين لناس وناس لم أكن قد سمعت بعيد الحب، فقد كنا مشغولين في جيلنا بعيد الشجرة وعيد العمال وما إلى هنالك من احتفالات تتطلب لبس بدلات السفاري الكالحة والمشي في مسيرات. تلك الفتاة الأرمنية التي ابتلاها الله وأحبتني، أهدتني دباً أحمراً كبيراً جداً ((بحجمي تقريبا آنذاك)) كتب عليه: * أحببته لأنه …لقراءة المزيد
الفالانتاين لناس وناس لم أكن قد سمعت بعيد الحب، فقد كنا مشغولين في جيلنا بعيد الشجرة وعيد العمال وما إلى هنالك من احتفالات تتطلب لبس بدلات السفاري الكالحة والمشي في مسيرات. تلك الفتاة الأرمنية التي ابتلاها الله وأحبتني، أهدتني دباً أحمراً كبيراً جداً ((بحجمي تقريبا آنذاك)) كتب عليه: * أحببته لأنه يشبهك!! وكانت تلك العبارة لقروي مثلي، كان مصارعاً قرأ البؤساء بالصدفة، طعنةً في الصميم رميته في وجهها بنصف الطريق ومشيت مرفوع الرأس لفتاة أخرى أهديها وتهديني "كاسيتات أم كلثوم وسكّر نبات" اليوم وقد ودعت الأربعين، كل سنة فيها أكبر من خمسة دببة؛ كل دب أحمر كبير الحجم وراء زجاج المحال...هو حسرتي التي تكبر معي على آلما.. ودب آلما كل دبّ وأنت بخير أيها القلب
الروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله يبلغ قمة كليمنجارو مع معطوبي حرب فلسطينيين
بقلم إبراهيم نصر الله
ياسمين من نابلس ومعتصم من غزة يافعان فلسطينيان فقدا ساقيهما في ظل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بل أن معتصم فقد ساقه بقنبلة إسرائيلية، سيصعد كلاهما قمة جبل كلمنجارو، رابع أعلى قمة في العالم، في رحلة «صعود من أجل الأمل». هدف الرحلة دعم أطفال فلسطين والعرب ولتسليط الضوء على …لقراءة المزيد
ياسمين من نابلس ومعتصم من غزة يافعان فلسطينيان فقدا ساقيهما في ظل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بل أن معتصم فقد ساقه بقنبلة إسرائيلية، سيصعد كلاهما قمة جبل كلمنجارو، رابع أعلى قمة في العالم، في رحلة «صعود من أجل الأمل». هدف الرحلة دعم أطفال فلسطين والعرب ولتسليط الضوء على معانتهم. الشاعر إبراهيم نصر الله قرر أن يدعم الرحلة المقرر أن تبدأ في 17 يناير الجاري ومرافقة ياسمين ومعتصم في رحلتهما الجبلية وسيصعد إلى قمة كلمنجارو مع عدد آخر من المتطوعين، فكتب النص التالي وخص به جريدة «الراي»: بكُم سيصعدون الجبل معهم ستصلون القمة قبل أكثر من عشر سنوات كتبت ديواني الشعري (مرايا الملائكة) عن طفلة فلسطينية استشهدت بقذيفة دبابة إسرائيلية في غزة، كان الديوان المكرس بأكمله لها بمثابة سيرة متخيلة لطفلة في الشهر الرابع من عمرها، لم يتح لها القهر والظلم وسطوة الموت أن تمشي على قدميها. كنت أكتبه وأنا أحاول ما استطعت أن أكتب نصا جيدا لا يتيح لهم أن يقتلوها مرة ثانية! ذلك الديوان ترك أثرا عميقا في داخلي، كان صعبا، مرهقا، وقاسيا على المستوى العاطفي بالنسبة لي، حتى أنني كنت على يقين أيامها من أنني لن أعود إلى الشعر ثانية، لأن المعاناة التي عشتها مع كل كلمة من قصائده الثلاث والثلاثين، كانت كافية لسحق قلب شاعر... منذ أشهر التقيت بطلة صعود الجبال الفلسطينية الصديقة العزيزة سوزان الهوبي، التي كانت أول امرأة عربية تصعد قمة إفرست. حدّثتني عن مشروع تنظيم رحلة إلى قمة جبل كلمنجارو دعما لجمعية إغاثة أطفال فلسطين التي يعود لها الفضل في علاج آلاف الحالات لأطفال فلسطينيين، سواء أكانوا مصابين بأمراض أو من أولئك الأطفال الذين تسببت قوات الاحتلال الصهيونية ببتر أعضائهم أو فقئ أعينهم، أو إحداث أضرار بليغة في أعضائهم الداخلية. هدف الجمعية، الذي تم إنشاؤها خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وما رافقها من بطش همجي بأطفال فلسطين، هو معالجة هؤلاء الأطفال في الداخل، ونقل الحالات المستعصية لتقديم العلاج اللازم لها في الخارج. أحسست فورا أن مشروع هذه الرحلة النبيلة ضروري ومهم، ولكن حين سمعت أن المتطوعين سيرافقون، في طريق الصعود إلى القمة التي تحتل المرتبة الرابعة بين جبال العالم ارتفاعا، سيرافقون أطفالا فلسطينيين بترت سيقانهم، أدركت أن المشروع أكثر ضرورة وأكثر أهمية، وانتابتني أحاسيس عميقة التأثير في حزنها وفي فخرها أيضا، إذ ثمة أطفال فلسطينيون سيحملون رسالتهم ويرسلونها إلى العالم كله من فوق قمة ذلك الجبل، وسيقولون لذلك الجيش الصهيوني الذي أفقدهم أجزاء من أجسامهم، بأنهم لم يُهزموا، ولن يُهزموا، وسيثبتون أنهم، بما تبقى لهم من أرجل، قادرين على أن يقولوا للبشرية: نحن أبناء هذه الحياة، أبناء شعب يقاتل من أجل حريته منذ أكثر من مائة عام، وأننا لن نُهزم. شرحتْ لي سوزان أن ارتفاع القمة هو ستة آلاف متر، وأن على المشاركين أن يسيروا مسافة ثمانين كيلومترا كي يبلغوها، في ظروف مناخية متعددة، فذلك الطقس الذي سينعم به المتطوعون في السهول المحيطة بالجبل، سيتلاشى قليلا قليلا، مع كل خطوة يخطونها في طريقهم إلى القمة الثلجية، وسيغدو أكثر قسوة. بعد فترة عدت والتقيت بسوزان، وتحدثنا في الموضوع ثانية، وشرحت لي أن عدد المشاركين في الحملة من الأطفال وصل إلى ثلاثة، لكن أحد الأطفال العرب انسحب، وهكذا سيقتصر العدد على فتى فلسطيني هو معتصم أبو كرش من غزة، وفتاة فلسطينية هي ياسمين النجار من مدينة نابلس. لا أعرف كيف استعدت تلك الأبيات الأخيرة، من القصيدة الأخيرة، من ديوان (مرايا الملائكة): هناك الكثير ولكنهم ههنا لا يريدون غير الأقلْ جدّة قرب رأس الصغيرة تحكي حكاياتها لم تزر ذات يوم طبيبا ولم تتناول دواءً تدور كزيتونة في السهول وقبل صياح الديوك تشقُّ دروبَ الأملْ وبصحَّتها يضربون المثلْ! هناك الكثير... ولكنهم ههنا لا يريدون غير الأقل: صعود الجبل. يا إلهي، كأنهم سيقومون بما لم تستطع إيمان حجو، الشهيدة، ابنة الشهور الأربعة، كأنهم سيحققون أمنيات القصيدة بتصميمهم وإيمانهم وعرقهم وقوة أرواحهم، وسيمسكون بيد إيمان وأيادي آلاف الأطفال في فلسطين وفي كل أنحاء العالم وهم يسيرون نحو القمة. هكذا وجدت نفسي أعرض على سوزان أن أكون واحدا من المتطوعين. كان يمكن أن أكتفي بالدعم المعنوي، والمادي أيضا، بعيدا عن مشاركتي العملية في هذه الرحلة، ولكنني أحسست أن علي ألا أترك معتصم وياسمين يصعدان الجبل وحدهما، أن علي أن أكمل سيرة إيمان بأن أساعدها في صعود الجبل الذي تمنت أن تصعده في القصيدة، معهم، أن علي ألا أترك قصيدتي تصعد الجبل وحدها دون شاعرها. حين دخلنا في موضوع التفاصيل، تبين لي أنها ليست سهلة، فعليّ أن أتدرب كثيرا لأكون قادرا على الصعود وتقديم المساعدة أيضا إن احتاج إليها آخرون، كما تبين أن تكاليف الرحلة باهظة فعلا. هكذا، ستكون مشاركتي، مثل مشاركات غيري من المتطوعين، الذين تحملوا نفقاتهم كلها، أن نصعد الجبل وأن نعمل ما استطعنا على جمع التبرعات لهذا المشروع، الذي يحلم المشاركون فيه بجمع مليون دولار لجمعية إغاثة أطفال فلسطين، عبر صفحات شخصية أنشأتها الجمعية لكل متطوّع، حيث سيحاول كل متطوع منا أن يجمع أكبر قدر من التبرعات عبر صفحته، وتوضع التبرعات مباشرة، من قبل المتبرع، في حساب الجمعية. لقد قدمت الجمعية العلاج اللازم لمعتصم وياسمين، كما قدّمته لآلاف غيرهما، وأدرك الاثنان ببصيرتهما الإنسانية العميقة، أن دورهما قد جاء لتقديم المساعدة لأطفال آخرين، في ظل وجود ضحايا جدد كل يوم، وضحايا لم يجدوا العلاج بعد، بين صفوف أطفال الفلسطينيين في الداخل والخارج أيضا. لم تزل أمامنا أسابيع قليلة لصعود الجبل، فالرحلة تبدأ يوم السابع عشر من شهر كانون الثاني، يناير 2014، ولكنني منذ الآن أحس بذلك التغير العميق الذي يصيبني، وأنا أعد نفسي لمرافقة هذين البطلين لبلوغ القمة، للتعرف إليهما أكثر، للتعرف على جيل كامل من الأطفال الذين سعى الجيش الصهيوني بكل ما لديه من أسلحة الدمار أن يحرمهم من طفولتهم، من لعبهم، وأن يسد أمامهم دروب الأمل التي شقتها لهم أمهاتهم وجدّاتهم وآباؤهم وأجدادهم، والتعرف أيضا إلى عدد من النساء والرجال النبلاء، عربا وأجانب، الذي سيأتون من عدة قارات. كل خطوة سيخطوها معتصم وتخطوها ياسمين نحو القمة، ستكون عنوانا لكل خطوة سيخطوها أطفال فلسطين نحو حريتهم، خارجين من واقع اليأس إلى شمس الحرية والأمل. ولكن، لماذا كلمنجارو؟! إنه الجبل الذي ألهم القارة الإفريقية، في رحلتها إلى الحرية، حيث كانت تنزانيا التي يقع فيها الجبل، أول بلد إفريقي يتحرر من الاستعمار وينال استقلاله. ذات يوم كتب أحد قادة حركة التحرير التنزانية: «سنوقد شمعة على قمة الجبل لتضيء خارج حدودنا وتعطي الشعوب: الأمل في وضع يسوده اليأس، الحب في وضع يسوده فيه الكره، والإحساس بالكرامة في وضع يسود فيه الإذلال». نقلا عن جريدة الرأي
سنة قديمة أخرى
بقلم سليم بوفنداسة
تلهو رياح قديمة  بفستانها البالي فتتوارى خلف سنة تشبهها. لستُ جديدة، لقد تكرّر عبوري ، لكن لا شيء هنا يدفع إلى تغيير الممشى والفستان. منذ ظهرتم   فوق هذه الجبال والصحاري وأنتم تردّدون الأمنيات ذاتها وتتبادلون كؤوس الأحقاد. تتوهمون أنكم  خير من خرج بين الكائنات  وتنصرفون إلى …لقراءة المزيد
تلهو رياح قديمة  بفستانها البالي فتتوارى خلف سنة تشبهها. لستُ جديدة، لقد تكرّر عبوري ، لكن لا شيء هنا يدفع إلى تغيير الممشى والفستان. منذ ظهرتم   فوق هذه الجبال والصحاري وأنتم تردّدون الأمنيات ذاتها وتتبادلون كؤوس الأحقاد. تتوهمون أنكم  خير من خرج بين الكائنات  وتنصرفون إلى قتال تتغيّر فيه الأسلحة ولا تتغيّر الأيدي. ليس لديكم ما يغري. ما يلمع فيكم ليس معدنا ثمينا والصفات التي تلبسون ضيقة على أجسادكم. مقولاتكم لا تدل عليكم. تدعون الذهاب إلى المستقبل وأنتم ذاهبون إلى الماضي المنقضي. لذلك أمشي بالفستان ذاته  ولا أغيّر الممشى. لا أغير اسمي. لا أغير ما بنفسي. لا شيء  يهزني. لا شيء يدفعني لتغيير سيرتي ومسيرتي. تطل السنة  الجديدة بالتجاعيد القديمة.  ثمة سوء تقدير للزمن وسوء احترام. في أي سنة نحن الآن وفي أي وقت، إن أخذنا في الحسبان المظاهر البدائية التي يجري بها تدبير شؤون حياتنا؟ سنكون في سنة سحيقة أخذا بمسار الأمم في ترتيب الأحوال وتحصيل المعارف والعلوم و تسهيل  سبل العيش. نعم، نحن مجرد قبائل بدائية تدعي المدنية وتنسب  نفسها ظلما إلى عصر لا تمتلك أسباب التواجد فيه. بدائية في السياسة والثقافة و الاجتماع. قتال عند منابع النفط. قتال عند أبواب القصور. خداع ومذلة وجوع في الرؤوس. هوس. خوف مزمن. كذب. توهمات. هذيان. ادعاء. امتثال. خضوع. تظاهر. لكأن هذا الجزء من الأرض غرق في ظلمة. لكأن الوقت يابس فيه. ولا بأس أن نلقي على الغير تهمة إبعادنا من المسرح الكوني أو ننحي باللائمة على  تاريخ غير منصف خصّنا بالأدوار السيئة في رواياته. لا بأس أن نستنجد بالخرافات استجلابا للاطمئنان، ولا بأس أن يخرج  لنا شيوخ من عباءاتهم  المعفرة نماذج الدول الصالحة للمستقبل  أو يخرج لنا عساكر من قبعاتهم ثعابين الخلاص. سنة قديمة تتكرّر كل سنة. بالفستان القديم ذاته و الصفات  اليتيمة في القواميس. سنة تثقل ميزان اليأس. سنة تضيع من الحساب. ولا شيء يحدث غير كلام يعاد.           هكذا يشيخ الانتظار وتشيخ الشعوب والأمنيات.  نقلا عن جريدة النصر الجزائرية
رواية “ثقوب زرقاء”... حكاية خرابات تفترسنا
بقلم محمد بن زيان
يواصل الخير شوار مراكمة منجزه السردي، برواية “ثقوب زرقاء” التي نسج بها وحبك نصا أظهر فيه قدرته على حبك الحكاية وهندسة معماريتها.. ففي روايته الأخيرة دخل بنا عوالم برزخية بين الواقعي والمتخيّل، رواية حملت وصل وفصل مع عوالم روايتيه السابقيتين، وصل بالحبكة التي عرف بها القراء شوار كأحد …لقراءة المزيد
يواصل الخير شوار مراكمة منجزه السردي، برواية “ثقوب زرقاء” التي نسج بها وحبك نصا أظهر فيه قدرته على حبك الحكاية وهندسة معماريتها.. ففي روايته الأخيرة دخل بنا عوالم برزخية بين الواقعي والمتخيّل، رواية حملت وصل وفصل مع عوالم روايتيه السابقيتين، وصل بالحبكة التي عرف بها القراء شوار كأحد المتميزين في تجربتهم السردية بالنزوع نحو الأسطوري وتوليد الحكي المتضمن للمفارق والمطابق، وفي المفارقة المطابقة وذلك من أسرار الحبكة.
في معمارية ومعجمية النص تكمن الرؤية والخيارات، رؤية تتأسس عليها خيارات جمالية لذات مفردة هي ذات الكاتب، والفردي متشابك مع الجمعي، تشابكا يجل كل فرد، فرد بصيغة الجمع ـ بتعبير أدونيس ـ فالمبدع يتصل منفصلا وينفصل متصلا، وفي ذلك قلقه المنتج لنصه.
وبناء على ذلك تفتح لنا الرواية بما تحمله مجالا لتمثل سياقا وقراءة ذات تكابد رحلة لملمة أبعاضها.
في “ثقوب زرقاء” يتجه شوار اتجاها مستثمرا لتجربته الصحفية، منطلقا كما ذكر من روبرتاج استفز الروائي فيه لصياغة ما لم يسعه الروبرتاج.. وشوار ليس بدعا في هذا السياق، فالكثير من الكتاب انطلقوا من خبر صحفي أو واقعة متداولة لصياغة أعمالهم، ونذكر منهم في هذا السياق الروائي إرنست همنجواي في رواياته المنطلقة من مغامراته في الحرب والصيد والروائي الكولمبي غارسيا ماركيز والروائي نجيب محفوظ في رواية “اللص والكلاب” مثلا.
حدث صغير عابر يمكن أن يكون منطلقا لتمثل تعقيدات وضع مركب، والمبدع يباشر بنية الوعي جماليا بتجريد العابر من العابر ليرصد (الميتا) فيه... من حدث محرك ينطلق السارد متوغلا في تلك الغابة التي تحدث عنها إيكو، غابة السرد بأدغالها التي تثير الرهبة وتثير الرغبة في مغامرة البحث عن فهم وعن تحديد وعن إدراك.
ينطلق من حادثة سرعان ما تتحول إلى متاهة صراعات نفسية ترتد فتستحضر بقدر ما يختلط التذكر والتمثل... وبتمكن حبك شوار رواية منسوجة بما يحيل للأسطوري والنفسي والبوليسي، وبحبكة تنتمي لخيار شوار كروائي مسكون باستحضار الغرائبي لتفكيك شيفرات واقع مركب تحول إلى ما يتجاوز كل الغرائبيات.
رواية شوار ترينا الوجود في المفقود والاستحضار في الغياب... الثقوب الزرقاء التي تبدو في الجثة، هي ثقوب ذاكرة تتشتت لتكتب بالشتات مدونة الضياع في مدينة تتكوم متورمة، تورما يتسرب فظاعة وتفسخا... رواية تخترق المشخص لتنسج بالمتخيّل حكاية الهامش التي غالبا ما تستهلك في أخبار الحوادث. وبتكثيف بليغ تمكن شوار من توليد نص نابض بما يثير ويبعث على قراءة توليد لدلالات تتناسل مع سرد يستحضر أحوال وتحولات أمكنة عرفت رعبا وفظاعة، واصطدم المارة فيها برؤوس مقطوعة... رأس الجثة الذي أثار محاورة عنها تعيدنا لقصيدة “راس بنادم” التراثية الشهيرة.
في التداخل بين الواقعي والمتخيّل جدل الرواية كاشتغال جمالي يؤسس بشبكته الدلالية ومعماريته الانزياح الذي يصغ رؤية تتشابك وفي الحين ذاته تتمايّز مع رؤى تتضمنّها خطابات أخرى فالأدب كما يقول تودروف: “لا ينشأ في الفراغ، بل في حضن مجموع من الخطابات الحية التي يشاركها في خصائص عديدة”.
يحيل معجم الرواية وتيماتها إلى الرحم الذي حمل وأنجب الحكاية، إلى واقع ينحت منه الروائي نصه وينسج الشبكة الدلالية بحمولتها.. نقرأ في الرواية عن المجنون والمتشرد وعن البناية المهجورة، وعن الرأس المفصول عن الجسد، عن العنف الذي ينتجه عنفا أكبر، نقرأ عن الذاكرة المضطربة والمتشققة في محنة الشقوق والثقوب... وفي عنوان الرواية كعتبة للنص ما يختزل بتكثيف بليغ حمولة الرواية... الثقوب ثغرات التشتت والضياع، تشتت الذاكرة واختلاط المدركات بين الحقيقي والمزيف، بين الواقع والوهم .. والثقوب زرقاء، زرقة البقع التي ظهرت على وجه الجثة والموت بتلك الحالة في تخريج يحاول التأويل قد تعني حصاد التفسخ الذي أدرك مجتمعا والتهم مدينة كبيرة يتوارى في هوامشها وأقبيتها متشردون ينشدون المأوى المادي والمعنوي، ينشدون السكن والسكينة.
الرأس التي تطارد الصحفي في أحلامه وتؤرقه هي رأس المحنة، محنة البحث عن تحقيق الحقيقة المنفلتة في خضم التضارب وذلك شأن التفاصيل التي تتأسس على حدث صغير ثم تتشعب فتحجب بتدفقها الحقيقي وتكثير الذي يشبه، ففي التفاصيل يسكن الشيطان كما يقول المثل.
تفاصيل متداخلة، تداخلا يفارق ليطابق ويشتت ليلّم ويضم، تتداخل الشخصيات والأزمنة والمدركات وتتقاطع عند حضور الضياع في مدينة تزداد افتراسا وتوحشا ببشر يفقدون بشريتهم بالافتراس الذي هدهم وزرع فيهم جينات الشراسة كما يحدث في حكايات أفلام مصاصي الدماء.
ورواية “ثقوب زرقاء” تمثل قراءة التحولات التي عرفناها بتجريد إبداعي تغذى من المشخص والمجسد لكنه انفلت فتحرر من التقريرية والمباشرة واخترق العابر ليعبر بالدوال نحو التموضع الذي يتسلل إلى دهاليز المكان والكيان... الرواية حكاية مكان أيضا.رواية عن المكان الذي تهندس بالخراب فافترسنا وشتت أبعاضنا فتأجج فينا البحث عن تحقق التبس بالمستحيل في متاهات زلزلت فاختلط الحقيقي بالمتوهم.
هي رواية محققة لأدبيتها كنص يصغ بالانزياح ما يشحن باختراق العابر والتوهج بالحبث عن المتواري، وتلك خاصية الأدب كما عبّر تودروف: “لو ساءلت نفسي اليوم لماذا أحب الأدب، فالجواب الذي يتبادر عفويا إلى ذهني هو: لأنه يعينني على أن أحيا”.
--------------------------
المصدر/ جريدة الجزائر نيوز
رسالة إلى إمبراطور قادم..
بقلم السعيد بوطاجين
لم يكن في نيتي أن أكتب لك في يوم ما، فأنا مواطن احتياطي لا شأن له في هذه البلاد الفتَاكة التي أصبحت خاصة باللصوص الذين احتكروا الحق والحقيقة. لكن مدير الجريدة طلب مني كتابة رسالة إلى جهة ما. لم تعد هناك في حياتي جهات واضحة المعالم، كل شيء غامض، ما يشبه العمى المطبق. وفكرت في الشيطان الذي أصبح ملاكا …لقراءة المزيد
لم يكن في نيتي أن أكتب لك في يوم ما، فأنا مواطن احتياطي لا شأن له في هذه البلاد الفتَاكة التي أصبحت خاصة باللصوص الذين احتكروا الحق والحقيقة. لكن مدير الجريدة طلب مني كتابة رسالة إلى جهة ما. لم تعد هناك في حياتي جهات واضحة المعالم، كل شيء غامض، ما يشبه العمى المطبق. وفكرت في الشيطان الذي أصبح ملاكا لكثرة الشياطين الذين استولوا على مهنته. فكرت في المقابر التي تشبهنا، لكني فضلت أن أتركها بعيدة عن تعاستنا المرصعة بالخبل. فكرت في موضوعات وفي شخصيات لا حصر لها، واستقر بي الأمر أن أراسل رئيسا افتراضيا، أو إمبراطوريا، الأمر سيان في هذا الوقت الكالح الكاسح المالح.سيادة الرئيس القادم أو جلالة الملك أو الأمير المبجل أو الإمبراطور الأعظم، حسب التحوَلات الممكنة، لأن مفهوم الرئيس في هذا الوطن العربي مفهوم مضحك وعبثي. قد تنتخب الرعية الملعونة رئيسا أو لا تنتخبه فيصبح بقدرة قادر سلطانا وملكا وأميرا وجنرالا وإمبراطورا في الوقت نفسه، أو ربَا من الأرباب الذين لا يخطئون في اتخاذ القرارات الخاطئة. وإذن:سيادة الرئيس الملك الأمير الإمبراطور الجنرال وسلطان السلاطين. بعد التحية والتقدير والإجلال والاحترام لشخصك الموقَر بمناسبة اعتلائك سدة الحكم في هذا الوطن العظيم، وبمناسبة العام الجديد الذي لن يأتي في هذه الظروف المظلمة، وبمناسبة كل شيء ولا شيء، أقول لفخامتك وسموك وجلالتك وحضرتك وللألقاب الأخرى التي قد تضيفها إلى مجدك:أنا واحد من الرعية التي ستحكمها بحق أو بغير حق. ولدت في الثورة، وكنت بحجم وسادة لمَا اندلع الاستقلال. أقول اندلع لأن المسائل تندلع في هذا البلد، تندلع الاجتماعات والقرارات والصفقات والأعياد والسرقات ووجهات النظر، تماما كما تندلع الحرب التي لم تتوقف. كبرت بالصدفة وخطأ عشت قليلا. بالكاد كنت أصل إلى نهاية الأسبوع دون أن أصاب بسكتة قلبية، أو دون أن أنتحر من شدة اليأس والثرثرة، ثرثرة المسؤولين والساسة والعارفين والمشعوذين والعلماء الذين يشكلون بطانة السوء.بالمناسبة: السياسيون في هذا البلد يقززونني، إذ كلما سمعتهم يقولون إسهالا فصيحا أو عاميَا أتوب وأتوضأ الوضوء الأكبر، أستغفر الله وأردد:  “إنا خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثمَ رددناه أسفل سافلين”. ثم أكفر من جديد عندما أراهم مجتمعين يخرطون ويتأتئون وينتفشون كالديكة المذبوحة. يخلق الله ما يشاء. السياسيون في الجزائر الطاعون يشبههم، كما الكوليرا والقاذورات وسرطان الدم والرئة، لا شفاء منه.سيادة الرئيس الملك الإمبراطور: أحيطكم علما بأن هذا الوطن ليس بخير، ولن يكون بخير ما دامت هناك قوافل من اللصوص والمتملقين والمنافقين والكذابين الذين يخرجون يوميَا من البر والبحر والجو، من تحت الحجارة ومن قنوات صرف المياه، كالجرذان والصراصير. بطانة السوء تلك هي الوحيدة القابلة للنموَ في وطن لا نستحقه كما الناس الذين يستحقون أوطانهم عن جدارة. إنَ وطنا مليئا باللصوص والخربشة لا يمكن أن يذهب إلى المستقبل.ولأن الرعية تقلد الراعي فقد أصيبت بالعدوى، ولا حول ولا قوَة إلاَ بالله. فإذا حدث أن نزلتم إلى الواقع، بعيدا عن إقامتكم الخرافية وما يصلكم من بهتان المستشارين والكذابين، فإنَ من الخطى التي يجب القيام بها النظر إلى ما حولك، إلى ذلك الدود العظيم الذي يحيق بك، ثمَ إلى هذه المدن التي كان يفتخر بها من سبقوك إلى الكرسي التي تجلس عليه لتفكر في واقع الناس ومصائرهم، أو تتظاهر بذلك وأنت تفكر في حاشيتك وفيك. عليك أن تقرأ ما في مدن العار والوسخ والرذيلة والفوضى.من واجبك فخامة كذا، أو جلالة كذا، سواء كنت رئيسا ملكا أو إمبراطورا أو ما شئت، أن تنظر إلى طريقة تشييد هذا الخراب بأموال النفط والمحروقات التي أحرقتنا، هذه القبور والمحتشدات التي يسمَونها مدنا، وهذي الزنازين والبناءات الفوضوية التي تنجز تحت الرعاية السامية لرب العمران والتخطيط. أنا أقترح عليك، كمواطن لا رأي له في فسادهم، لا ناقة له ولا عنزة، استحداث وزارة للجمال تشرف على وزارة المحتشدات علنا نشيد بلدا مشرفا كبلدان الناس، ليس قمامات نسميها ولايات تعتدي على البصر والذوق.وعليك أيضا أن تسأل عن سر توزيع الأراضي والعقار على بني أنف الخنزير، وبني أنف القرد، وبني أنف الكلب والدب والدودة، كما تم الاستيلاء على المناصب وعلى ملكية الأمة غداة اندلاع الاستقلال وبعده، أي منذ واحد وخمسين سنة من السرقة. هناك خلل: في الوقت الذي كان الفقراء يحتفلون باسترجاع السيادة الوطنية في القرى الفقيرة كان الآخرون يقتسمون المدن والبلد. كانوا ينتظرون أن يطرد الشهداء الأعداء للسطو على الحرية. عفا الله عمَا سلف ورحم البارئ أولئك الذين منحونا هذه الأرض، ومنحوا الرعاة المناصب السامية وفرصة ارتداء النظارات وسرقة أموال الأمة نهارا جهارا.شيء آخر جلالة الملك أو حضارات اللواء الإمبراطور الذي لن تخفاه خافية: كل الأرباب الذين سبقوك كانوا يتحدثون عن امتلاك المعرفة الكلية، كانوا يعلمون الجهر وما خفي، وبالمقابل، كان المعاونون يهربون البلد إلى البنوك الأجنبية من الموانئ والمطارات، برا وبحرا وجوا، إلى أن نفد الوطن ولم يبق فيه سوى فتاتهم ومرضهم وقذارتهم وبؤسنا. فلان وفلان وفلان وفلان: كلهم سارقون ومتملقون وخنازير ومنافقون وكذَابون وأباطرة وجاهلون وتافهون ورديئون، وعليك أن تسأل عنهم الناس المتعبين لأن معاونيك القادمون لن ينقلوا لك الحقيقة. سيكونون كالذين سبقوهم إلى استنزاف الثروات وبناء الفوضى لذر الرماد في الأرواح بعد أن امتلأت العيون غبارا وألما. من يحاكم هؤلاء؟ ومن يحاكم من؟جلالة كذا: كان مجلس النواب مكونا في العهود البائدة التي تذكرنا بالفضائح والعار من تجار المخدرات والحلاقين والحلاقات ورعاة البقر والأميين والأميات وقطاع الطرق والمرتشين وأصحاب الأموال المسروقة. تلك الكائنات التي من فصيلة الرخويات والفقاريات والفاشلين والراسبين في المدرسة الابتدائية هي التي كانت تخطط للمستقبل بالتصفيق ورفع الأيدي والأرجل دفعة واحدة، ودون شفقة، مقابل راتب مغر. لذلك لم نكن بخير، ولن نكون بخير عندما تتشكل أعلى الهيئات من هذا البؤس الأعظم الذي جعل الأمم تتخذنا مثالا للسخرية الفاحشة.لقد تمَ التخطيط للمستقبل تأسيس على التخطيط للجيب والأمعاء، وتلك حدود الذكاء، ذكاؤهم الذي لا نظير له. الفساد أيها الحاكم القادم منتشر في كل الأصقاع، لكن الفساد في الجزائر بلغ درجة من الاحترافية المرة التي تجاوزت ما ورد في الأساطير. لقد غدت أنابيب النفط تصب مباشرة في الحسابات الخاصة بأولئك الذين تعرفهم ويعرفهم القاصي والداني. أصبح كل مسؤول لصا بالضرورة، وكل سياسي ومدير ورئيس بلدية مشروع لص قادم من سراديب العار. الانتخابات نفسها مدخل إلى السرقة الموصوفة. يجب إلغاء الانتخابات إن كنت كالذين سبقوك. عليك بتعيين من شئت، من نفسك إلى الوزير إلى السفير إلى المستشار إلى رئيس الطباخين ومدرب الفريق الوطني وعلامات الوقف وحاذي البعير حفاظا على هيبتك، وحفظا للمال العام الذي لا أحد يرعاه سوى اللصوص.لن أقول لك يجب قطع أيدي ورؤوس المساعدين الذين سرقوا وابتزوا وكذبوا: سوء ائتمان وخيانة عظمى تتبعها خيانات أعظم. قد يتطلب ذلك تدريب فرق واستحداث وزارة لإنتاج السيوف الكافية للقيام بالمهمَة المستحيلة، فمن لا تقطع يداه ورجلاه تقطع على الأقل أصابعه، وذلك أضعف الإيمان. لهذا لن نكون بخير، ما عدا في الخطب العابرة للقارات، وفي الخطب النفاثات في العقد، وفي الاجتماعات المسيلة للدموع وفي الأعياد المؤلمة. لقد كنا شعبا عظيما على الورق، كما كانت هناك حكومات مدججة بفائض الكفاءة المتخصصة في الفساد. والعياذ بالله.سيادة لا أدري تحديدا: ما سرقته بطانة السوء ومشتقاتها، حسب ما تناقلته الألسن وتداولته الدول، يعادل ميزانية أسبانيا أو البرتغال أو قبرص أو اليونان، ويفوق ميزانية بعض الدول الأفريقية والدول المجاورة للمملكة أو السلطنة أو الإمارة أو الإمبراطورية أو الجمهورية الفاشلة في أدائها السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والعمراني والأمني والتعليمي. ونتحدث عن محاكمة المفسدين؟؟؟ الفاسد لا يحاكم الفاسد، إنَما يؤازره في السراء والضراء.ملاحظة أخرى: هل قدر لنا أن نعيش بالنفط وأرضنا قادرة على تزويد العالم بالكرز والبرتقال والقمح والتمر؟ أصبحت الأراضي الزراعية عقارا وإسمنتا ومستودعات وفيلات مشبوهة كلها. وأما الرمل فيعيش وحده بانتظار أن يمنوا عليه بفكرة. لا أفكار لنا خارج التفكير في السطو. تلك هي الهواية المفضلة قبل مجيئك أيها الزعيم القادم، عن طريق الانتخابات المزورة أو عن طريق الحق الإلهي في السلطة المقدسة.هناك حقيقة وجب أن تؤخذ في الحسبان: الناس لا يصابون بالانهيارات العصبية عبثا، لا يموتون بالسكتة القلبية عبثا، لا ينتحرون مجانا، لا يهاجرون بلا سبب، لا يأكلهم البحر لأنهم وجدوا وطنا يحميهم كما يحمي اللصوص المنتشرين في المؤسسات العمومية ودواليب أجهزة الدولة. الناس كرهوا حياتهم. أما الآخرون فينعمون بأموال هؤلاء الناس، بعيدا عن الرقابة. الرقابة تراقب الفقراء وتحكم بالسجن على من يسرق قطعة خبز من السارق الكبير.طلب: سيادة السيد القادم إلينا من جهة لا نعرفها: البلد امتلأ بالحفر والممهلات والأوساخ والذباب والبناء الفوضوي والصراصير والقمامات والعلب والضمادات والجرذان والحفاظات الملقاة هنا وهناك، بدل الأشجار والنباتات والورد والعصافير. لذا نرجو منك التقليل منها إن كانت تسيء إلى البلاد والعباد، أو إغراق البلد فيها إن كانت نافعة وضرورية لهذا المواطن.هذه رسالتي إليك، أو ذرة من الرسالة قبل أن أختنق، وقبل أن أموت بسكتة قلبية، وقبل أن أهجر البلد كالآخرين، أو أهرب في قارب من قوارب الموت، رغم أني أملك جواز سفر وتأشيرة. لا مكان هنا سوى للصوص ولصوص اللصوص. أما الذي ما زال يؤمن بالوطن فلا وطن له في وطن كهذا. ما عدا إن حدثت معجزة أو جاء نبي من العصور القديمة، من أزمنة الإيمان. أما الباقي فمجرد زفت.----------------------------------------المصدر/ جريدة الجزائر نيوز الجزائرية
المرأة والنظرة العشائريه
بقلم آمنه سعدون البيرماني
تتشابه أغلب مجتمعاتنا العربيه في كونها عشائريه الطابع, مع الاختلاف في شدة التمسك بالعرف العشائري الموروث منذ أيام الجاهليه بين بلد وآخر ,فبعض بلداننا العربيه تعتبر متحررة بشكل نسبي وليس بالكامل  من الموروثات المرتبطه بالعشيرة لعدة أسباب منها تلاقح الحضارات والثقافات المختلفه على أرض هذه …لقراءة المزيد
تتشابه أغلب مجتمعاتنا العربيه في كونها عشائريه الطابع, مع الاختلاف في شدة التمسك بالعرف العشائري الموروث منذ أيام الجاهليه بين بلد وآخر ,فبعض بلداننا العربيه تعتبر متحررة بشكل نسبي وليس بالكامل  من الموروثات المرتبطه بالعشيرة لعدة أسباب منها تلاقح الحضارات والثقافات المختلفه على أرض هذه البلدان بسبب موقعها الجغرافي مثلا . أو لكونها ذات نظام سياسي متسامح نسبيا أو قانون مدني معقول يحد من شدة العشائريه بمحاسنها ومساوءها . سأتكلم هنا عن المجتمع العراقي لكوني بنت هذا المجتمع بكل ما فيه من اختلاف او تلاقي ,تشابه وتناقض ,من المعروف والثابت ان السمه الغالبه على مجتمعنا العراقي  انه مجتمع عشائري بامتياز , فمنذ ما يربو على 60 عاما أو أكثر مر على كتاب الدكتور على الوردي (دراسه  في طبيعه المجتمع العراقي ) والحال هو على ما هو عليه  من سيادة القيم العشائريه والقبليه في مجتمعنا الريفي وبشكل أقل في مجتمعنا المدني , ورغم تراجع العشائريه قليلا أمام المد المدني والحداثه في الخمسينات او الستينات إلا أن الوضع عاد الى سابق عهده وبقوة في نهايه الثمانينات وجاءت التسعينات لتعطينا ما سماه البعض (شيوخ التسعين ) وهم مشايخ شجع على ظهورهم على راس سلطه العشيرة صدام حسين كطريقه لمواجهه التمرد وامتصاص النقمه الشعبيه بعد إحداث الإنتفاضه الشعبانيه ليضمن عدم تكرر هذا التمرد على السلطه ويترك قمع تلك الحركات  بيد أن أولئك الشيوخ بعد أن أعطاهم مخصصات هائله و سلطه خياليه ! ورغم أن بعض تلك العشائر رفضت هذه المسميات وقاومت وبشدة النظام وعانى ما عانى بعضهم من ملاحقه وتهديد  في ما لا يدخل في مجال موضوعنا الحالي إلا أن التشجيع  من قبل السلطه على ترسيخ تلك القيم العشائريه أعطاها دفعه قويه للتاثير في المجتمع بوجه الحداثه والمدنيه التي كان من الممكن ان يتوافق عليها الكل وتبقى للعشيرة هيبتها كرابط دم ورحم يجمع الانسان بأخيه واسرته على اسس سليمه وهذا اول ما نادى به الاسلام والمشكله هي تداخل تلك القيم مع الشريعه والموروثات التي طغت احيانا على الحكم الشرعي وخضوع الدين لسلطه العشيرة بدل ان يكون العكس !بالنتيجه ازداد هذا الازدهار للقيم العشائريه بعد سقوط النظام ايضا كوسيله لحفظ الامن الوطني واحيانا كبديل لسلطه القانون الغائبه في فترة قلقه وخطيرة من تاريخ العراق والممتدة من 2003 الى 2007  ,ولا تزال للعشائر العراقيه سلطتها وهيبتها  وحتى تقاليدها وقوانينها الخاصه التي تترسخ اليوم بشكل أكبر من ذي قبل وفي كل مدن العراق وحتى بغداد ذات الطبع المدني !  ما أود مناقشته هنا هو ارتباط تلك القيم العشائريه بالمرأة ,فقد كانت المراة أداة طيعه بيد العرف العشائري فمرة هي توهب (فصليه) أو ما يسمى (مجرورة الكصايب ) –تعني التي يتم جرها من ظفائر شعرها لتكون ديه لثأر الدم بين قبيلتين _ كدفع دين قديم او ثأر بين قبيلتين  وهذه بالذات تتم معاملتها من قبل الزوج  وأسرته و الذي يكون فرد من القبيله الطالبه للثأر بمنتهى القسوة والازدراء وعدم الاحترام ويوميا ُتلام وُتقّرع  لذنب لم ترتكبه بل ربما قام به اخيها او ابيها اوحتى ابن عم  لها !! ,وتارة اخرى تحرم من ميراثها الشرعي في ممتلكات والديها  وخاصه في الريف بحجه انها انثى ويكون لزوجها حريه التصرف في الارض مما يؤدي الى تقسيمها وهذا في اساسه غير صحيح لانه ايضا يستند الى موروث يجعل للرجل حريه التحكم في اموال زوجته بدون اخذ رايها وهذا ما نهى عنه الاسلام والاحكام الشرعيه لكل المذاهب والتي تؤكد على انفصال الذمه الماليه للزوجه عن اموال الزوج ومنها هناك احكام تتعلق بتكليفها في الزكاه مثلا ! وفي الكثير من الاحيان تقتل هذه المراة لاتفه سبب ويتم تبرير ذلك بغسل العار  وهناك تقارير للطب الشرعي تثير الحزن و الألم لفتيات تم قتلهن واتضح فيما بعد أنهن لازلن ابكارا ! ورغم أن العشيرة تحمي أبناءها وتوفر لهم حمايه اجتماعيه فالرجل في حال ارتكابه لجريمه ما تنبري العشيرة لجمع الاموال لتقديم الترضيه المناسبه (الفصل ) للخصم حتى لو كانت الجريمه هي القتل ! حيث يتحمل ابرياء الاسرة عبء قيام احدهم وقد لا يعرفوه معرفه شخصيه أساسا بدفع مستحقاتهم في الفصل العشائري لشخص قام بالإختلاس مثلا ! أو اتهم بالرشوة ! وقد يصل الأمر أحيانا إلى التهديد والوعيد للطرف الآخر حتى لو كان الدوله ! ولكن كل هذه الاجراءات (رغم تحفظي عليها لأني أؤمن بالعقاب الموازي للجرم ) التي قد تحفظ الأمن وتمنع كلا الجانبين  من الانحدار الى قتالات ثأريه تعصف بالمجتمع ,هذه الإجراءات تتوقف تماما لو كان من قام بالجرم امرأة !! فعندها تقوم قيامة العشيرة ولا تقعد ويتم التبرؤ من المسكينه حتى لو كانت ضحيه اعتداء أو قتلت شخصا ما  دفاعا عن النفس. فالعشائريه إذن مزدوجه المعايير على عكس الشرع والقانون الذي يوحد الكل أمام سلطه القضاء والدين الذي جعل من الناس سواسيه كأسنان المشط وأعطى المرأة حقوقا  إفتقدتها في الأديان الأخرى كالنصرانيه أو اليهوديه ,أو غيرها , ,فالمرأة الأرمله أو المطلقه أو من تتعرض للظلم على اختلاف أنواعه يجب أن تجد في عشيرتها  من يقف ليطالب بحقوقها وقد يجادلني البعض أن هذا متحقق فعلا ,أنا اقول ليس دائما فعندما تهب العشيرة لنصرة امرأة فعادة تقوم بهذا لاجل والد تلك المرأة أو شقيقها أو إبنها وليس لأجلها شخصيا ,فالمرأة الوحيدة كثيرا ما يتم تجاهلها وتضيع حقوقها , فالكثيرات من المطلقات أو الأرامل اللواتي بلا ولد ذكر يتم التغاضي عن حقوقهن  من قبل العشيرة أو المجتمع ,وفي ظل غياب تشريع حقيقي وفعال يكفل حقوق المرأة في كل المجالات و ضعف الدور الذي تضطلع به مؤسسات المجتمع المدني والتي تعنى بشؤون المرأة والأسرة وتوفير ملاجيء آمنه أو تمثيل قانوني فعال  لهؤلاء السيدات المعنفات أو المهمشات المنسيات بالرغم من وجود هذه المنظمات إلا أن الفاعله والجاده منها أقل من أن المطلوب بكثير وبامكانيات متواضعه رغم الجهود الخيرة والتي تشكر عليها , وأكثر هؤلاء الناشطات يتعرضن أحيانا للترهيب او التهديد  من قبل الرجال في  ذات الأسر التي يحاولن لم شملها أو إنقاذها من الضياع !  في رأيي البسيط يجب أن تكون العشيرة مصدر قوة وسند حقيقي للمرأة , وأن يكون في مضيف العشيرة متسع  وملجأ لهؤلاء النسوة المسكينات وحفظهن من الضياع أو التشرد أو التخبط , والأساس في تحقيق هذا هو التوعيه و الإرشاد و أن يتحمل المثقفون ضمن العشيرة الواحده مسؤلياتهم في التوعية  تجاه من هم أقل حظا في العلم أو الثقافه إضافة الى التكاتف البناء بين  كل من سبق من منظمات مجتمعيه وهيكل الأسرة والعشيرة  ولا بد من  دور حازم تقوم به  المؤسسه الدينيه الواعيه  لتغيير تلك النظرة الضيقه القاتمه من الموروثات الجاهليه التي لا تمت للإسلام بصله لا من قريب ولا من بعيد .
حين تكون الفكاهة سلاحا ضد الكراهية
بقلم  فيء ناصر ( خاص من لندن)
فيلومينا، قصة إمراة إيرلندية حرمتها الكنيسة من إبنها جودي دنش الممثلة البريطانية ليست غريبة على لعب الأدوار التي تمثل شخصيات حقيقية أو تاريخية، فهي قد مثلت الملكة فكتوريا الأرملة وقصة عشقها للموظف الإسكتلندي في قصرها جون براون في فيلم (Mrs. Brown) للمخرج )جون مادن(John Madden/ 1997، وهي التي …لقراءة المزيد
فيلومينا، قصة إمراة إيرلندية حرمتها الكنيسة من إبنها جودي دنش الممثلة البريطانية ليست غريبة على لعب الأدوار التي تمثل شخصيات حقيقية أو تاريخية، فهي قد مثلت الملكة فكتوريا الأرملة وقصة عشقها للموظف الإسكتلندي في قصرها جون براون في فيلم (Mrs. Brown) للمخرج )جون مادن(John Madden/ 1997، وهي التي أذهلتنا بتأديتها لدور الملكة إليزابيث الاولى في شكسبير عاشقاً 1998 للمخرج جون مادن أيضا والذي حازت عليه جائزة الأوسكار عن أفضل دور مساعد. آخر أفلامها بعنوان فيلومينا الذي تشهد دور السينما في لندن عرضه خلال شهر تشرين الثاني الجاري، الفيلم مستوحى من قصة حقيقية لإمراة تحاول العثور على ولدها الذي أجبرتها الكنيسة الكاثوليكية وراهباتها على توقيع وثيقة بالتخلي عنه وباعته الراهبات بعد ذلك الى عائلة أمريكية دفعت ثمنا أعلى من غيرها للحصول على حق حضانته، ويبدو إن هذا الفيلم في طريقه للمنافسة على أوسكار السنة الحالية. وفيلومينا (Philomena) شخصية حقيقية لازالت على قيد الحياة (78 عاما) تعيش في مدينة سانت ألبانس جنوب بريطانيا وقد ظهرت مع جودي دنش في العرض الأول للفيلم في مهرجان لندن السينمائي لسنة 2013 ، الفيلم مأخوذ عن كتاب مراسل البي بي سي مارتن سكس سمث (Martin Sixsmith)، الابن المفقود لفلومينا لي (The Lost Child of Philomena Lee) الصادر سنة 2009. تقول جودي دنش عن دورها في فلومينا : " شعرت بمسؤولية جسيمة عند تأدية هذا الدور لأن الناس تعرف فلومينا الحقيقية وعند مشاهدة الفيلم سيحاولون التعرف عليها من خلالي وآمل أنّهم سيوفقون". وتضيف إنها قضت وقتاً مع فلومينا الحقيقية وإنها كانت مأخوذة بضعفها وصرامتها وحس الفكاهة لديها وتقول إنها جعلتني أضحك، لكن عندما قرأت القصة أيقنتُ مدى شجاعتها وصبرها وقوة إيمانها، وقد برع المخرج في إبراز هاتين الميزتين (الضعف وحس الفكاهة الساخر) في شخصية فيلومينا بجدارة عبر تتابع أحداث الفلم. الفلم من إخراج الانكليزي ستيفن فريز (Stephen Frears) ومن إنتاج مؤسسة الأفلام في هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي. تبدأ القصة عندما تشعر المراهقة فلومينا بانها حامل عام 1952 ولكون الحمل حصل خارج نطاق الزواج فهي في عرف إيرلندا الخمسينيات إمراة ساقطة، وتُرسل الى دير  لتقويم سلوكها يأوي البنات أمثالها ويدعى (روزكريا/Roscrea ) حيث يشتغلن بالغسيل ساعات طويلة للمؤسسات الحكومية كالسجون والمستشفيات والمدارس بإشراف الراهبات كنوع من أنواع التكفير عن الذنب الذي إقترفنه. وأثناء وجودها في الدير تلد ويُؤخذ إبنها (أنتوني) منها ويبقى في رعاية الراهبات لكن يُسمح لها أن تراه ساعة كل يوم وعندما يبلغ عمره الثالثة يُغيب عنها نهائياً ويباع للتبني بخلاف رغبة الام. هناك مشهد مليء بالأسى حين يؤخذ الولد بدون علم إمه وتلتقي أعينهما للمرة الاخيرة، الولد في المقعد الخلفي للسيارة السوداء المبتعدة والأم من خلف سياج الدير، يُغير إسم الطفل من أنتوني الى (مايكل هيس) ويُربى في عائلة مرموقة ليكون محامياً ومستشاراً للرئيس الامريكي رونالد ريغان، لكن الام والإبن يحاولان العثور على بعضهما ويقودهما البحث لذات الدير الذي كان مسرحاً لقصهتما، لكن الراهبات يتقصدن إخفاء المعلومات عن كليهما. وتبقى الام تحمل سرها وتبحث بصمت عن ولدها لمدة خمسين سنة الى أن تلتقي بمارتن سكس سمث مدير إتصالات سابق في حكومة توني بلير ومراسل سابق لهيئة الاذاعة البريطانية البي بي سي والذي يعيّ بحس الصحفي إن قصتها تستوجب مزيداً من الإهتمام والتقصي . يؤدي دور مارتن سكس سمث في الفيلم الممثل ستيف كوجان والذي ساهم بكتابة السيناريو مع ستيف بوب . شخصية مارتن الملحد الساخر المنتقد للكنيسة، فهو يناقش فلومينا في مشهد يجمعهما وسط حقول إيرلندا الخضراء: " لماذا خلق الله فينا الرغبة الجنسية هل كان يتوقع منا أن نقمعها؟"، ظهور هذا الصحفي في حياة الام التعيسة كأنه إعتذار إلهي عن فقدانها إبنها وعدم قدرتها على رؤيته مجدداُ، فهما يظلان متحدين طوال مسار الفيلم، وبمساعدته تكتشف إن إبنها كان مثلي الجنس وأنه توفي بمرض الأيدز وهو مدفون في الحقل المجاور للدير الذي ولد فيه بناءً على وصيته، ويتشاركان (فلومينا ومارتن سكس سمث) عدة مشاهد ساخرة بينما ينفرد مارتن سكس سمث بمشاهد الغضب والحنق على الراهبات اللواتي عاملن فلومينا بقسوة لا نظير لها وحرمنها وإبنها المريض من فرصة اللقاء الأخير. ورغم الظلم والقسوة التي تعرضت لها فيلومينا على يد راهبات الكنيسة الكاثولكية التي إشتهرت بفضائحها الجنسية تجاه الأولاد وفضائح بيع الاطفال غير الشرعيين الى عوائل غنية، فانها ظلت تحتفظ بإيمانها الديني العميق الذي جعلها تسامح علناً من إقترفوا الظلم بحقها وفرقوها عن إبنها. هذا فيلم يحمل رسالة إنسانية خالصة ويناقش قضايا الإيمان والشذوذ الجنسي وجرائم الكنيسة الكاثوليكية بإسلوب هادئ ومنساب بسخرية للحد الذي يجعلنا نضحك رغم الحزن ويبتعد عن الحقد والرغبة بالانتقام، مشاهد كثيرة مشحونة بعواطف حادة وبسيطة في ذات الوقت أجاد تأديتها ببراعة الممثلان الرئيسيان فيه (جودي دنش وستيف كوجان) وقد يجلب هذا الدور جائزة الأوسكار الثانية لجودي دنش كأفضل ممثلة لكن عليها أن تتنافس مع كيت بلانشيت عن دروها في فيلم (بلو جاسمين) و ساندرا بلولوك في (كرافتي )، ميريل ستريب في (أوغست : أوسيج كاونتي) وإيما ثومبسون عن دورها في (سيفنك مستر بانكس) وربما سيكون هذا هو الترشح السابع لها للاوسكار. فيلومينا حاز على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان فينس للافلام 2013 ويقول عنه أحد النقاد أنه أفضل فيلم بريطاني يعرض بعد فيلم كنك سبيج (The King's Speech).
أيقظوا الطفل المختبئ في ذواتكم وتعالوا نتعلم عن الأطفال
بقلم فادي عزّام
·    الطفل الذي اقتصر تعليمه على المدرسة هو طفل لم يتعلم.   جورج سانتايانا. ·    طفل لم يتعلم هو طفل مفقود. جون كندي. سيكون حضور دورة تدريبية للإعلاميين عن الأطفال مداعاة لعدم الاهتمام أو حتى السخرية من الكبار المشغولين عادة بأمور أهم، …لقراءة المزيد
·    الطفل الذي اقتصر تعليمه على المدرسة هو طفل لم يتعلم.   جورج سانتايانا. ·    طفل لم يتعلم هو طفل مفقود. جون كندي. سيكون حضور دورة تدريبية للإعلاميين عن الأطفال مداعاة لعدم الاهتمام أو حتى السخرية من الكبار المشغولين عادة بأمور أهم، وينظرون إلى هذه الشريحة من الكائنات الحية التي تدعى الأطفال، بفوقية الأكبر حجماً، والأصغر قلباً، ناسين أنهم كانوا يوما هناك تحت يكرجون على الدروب، وينظرون إلى الأعالي وينتظرون أن يكبروا. أعترف أنني ذهبت إلى الدورة المقامة في اسطنبول، المنظمة من قبل دويتشه فيله، المؤسسة الإعلامية الألمانية العريقة، بمثابة الحدث الأكثر تأثيرا بحياتي الشخصية والمهنية خلال السنوات الماضية. كانت لافتة DW بانتظارنا خارج المطار، ونحن سبعة أشخاص من دبي، من أصل سبعة عشر مشاركاً في الدورة الهادفة إلى تدريب كادر عمل على انتاج برامج للأطفال السوريين والعرب بمواصفات محترفة. كانت الأفكار النمطية عن المحاضرات، وخبرتي كأب جديد يعايش طفلا منذ عامين ونصف مع خبرة قديمة مكتسبة من العمل لصالح الأطفال على امتداد بضع سنوات خلت، شحنتني بالفوقية بأنني لن أجد أي جديد سوى بعض التقنيات الحديثة التي لن تزيد على خبرتي إلا القليل. بمثل هذا الشعور المعزز بالثقة القريبة من الغرور نزلت إلى القاعة في الساعة العاشرة إلا خمس دقائق، لأجد الدكتورة مايا غوتيز جالسة بالانتظار بابتسامة واسعة، وحيوية فريدة لامرأة بالعقد الخامس من عمرها. قالت لي: حين نقول في ألمانيا إن الموعد في الساعة العاشرة فهذا يعني أن الموعد في العاشرة إلا ربعاً!! قلت لها نحن العرب نضرب المواعيد بناء على الزوال، أراك اليوم مساء، أو في الليل، موعدنا بعد صلاة العشاء أو بين العصر والمغرب. الزمن عندنا كتلة وعندكم خط، وبهذا يتحدد الفرق بكل شيء. أنصتت باهتمام وضحكنا، بينما كانت القاعة تمتلئ بسبعة عشر طالبا، ومترجمين، ورئيسة المشروع، ومنسقه، ومحاضر آخر لن يتكلم اليوم. والدكتورة مايا الحاصلة على دكتوراه من جامعة كاسل بعنوان التلفزيون في الحياة اليومية للفتيات. لتتبعها بمجموعة من الأبحاث التجريبية حولتها واحدة من أهم الأخصائيين في علم التلقّي والاتصال في عالم الطفل، لتشغل أخيرا منصب مديرة المركز الدولي التخصصي بمجال الأطفال والاتصال. أَكَلَةُ الطبيخ بدأنا بالتعارف العملي، كل شخص موجود يتكلم عن نفسه بشكل مختصر ويحدد الوجبة المفضلة في طفولته. لنكتشف أننا كمتدربين، معظم أكلاتنا المفضلة في الطفولة، هي المعكرونا، المكدوس، الشيش برك (أكلة شعبية سورية مكونة من اللبن والعجين واللحم)، المقلوبة(رز ولحم وبتنجان) والكثير من الأكلات المنزلية الشهيرة. وحين انتهينا من التعريف بشغفنا كان التساؤل الأول من فريق التدريب: ألا يوجد بينكم واحد كان يحب الأيس الكريم أو الحلوى؟؟ من هذا المدخل ولجنا إلى عالم الطفولة، متبوعا بطلب من الدكتورة مايا بأن يرسم كل واحد منا الشخصية الكرتونية التي كان يحبها في طفولتها، وهنا انكببنا نشخوط على دفاترنا صور تلك الشخصيات العالقة في الذاكرة البعيدة، لنجد أن روبن هود، وسيلفر القرصان، ريمي، ساسوكي، ليدي أوسكار، وغيرهم قد انضموا إلى القاعة. من طبق طفولتنا إلى شخصية التلفزيون الأكثر تأثيرا في مخيلتنا. انفتح الحديث الأول كيف تنال انتباه الطفل وتجذبه، سواء في الحياة الخاصة أو عبر مادة إعلامية أو تربوية؟ لعبة الجريدة مايا المسؤولة عن أكبر مركز للدراسات في أوروبا لتنمية الإبداع، وتدرّب أكثر من 450 منتجاً في أوروبا لتطوير إنتاجية وفعالية البرامج المنتجة لهذه الفئة البشرية التي سيقع على عاتقها قيادة المجتمعات بعد عدة سنوات. طرحت علينا السؤال التالي: عن ماذا يبحث الأطفال؟ وكيف يمكن أن تحوّل أدواتٍ وأشياء تبدو بمنتهى الجدية والملل إلى وسيلة أكثر إثارة تقرّبك من الطفل، وتطلق مخيلته، وتشيع بينك وبينه نوعاً جديداً من أنواع التواصل الذي يخصُّ عالمه؟؟ استشهدت مايا بالجريدة اليومية كمثال. فهي من أكثر الأشياء إثارةً لملل الأطفال، جديتها صورها، شكلها، وألوانها، كل ما فيها لا يمت لعالم الطفل بصلة، والأهم هي بمثابة الحاجز الذي يفصل الأب عن الطفل في المنزل أو المطعم، يختفي الأب خلفها أو يغرق فيها بصمت. الفكرة الأولى تقوم على ماذا يمكن أن نفعل بجريدة بعد الانتهاء منها، عوضاً عن رميها؟؟   عرضت علينا المثال الأول على الشاشة. برنامجٌ يقوم فيه المقدم برفقة مجموعة من الأطفال بتوزيع صفحات الجريدة، محولا إياها إلى زوارق وطائرات ورقية أو قصها وتحويلها إلى أشكال متناظرة، أو لفّها على شكل هراوة ورقية وتحويلها لأداة للعب. وبعد عدة أفلام وعروض، ممهورة بنتائج لاستطلاع رأي الأطفال وتحليل مضامين الصورة والأثر والتأثير يمكن اختصار النتيجة بالتالي: - الاستيلاء على انتباه الطفل يجب أن يسبق أي معلومة أو فكرة أو نصيحة أو تفاعل تريد تقديمه له. - الأطفال يمتلكون قدرة متطورة جداً لايهامك أو تضليلك أو مسايرتك. - استخدام الترهيب أو التخويف يؤدي عادة إلى تكريس الفكرة المرجوّة بصورة إما متطرفة أو عكسية. - لا تحاول إثارة التعاطف لدى الطفل، فهو يمكن أن يمنحك تعاطفه لثوان معدودة. فالدماغ الأيمن مسؤول عن المنطق والأيسر مسؤول عن الحس وما بينهما مسؤول عن الإبداع. في مرحلة الطفولة تكون منطقة الإبداع في وضع متقدم وجاهز للتلقي في حال عرفت كيف تصل إليه. وهذا الدماغ الأوسط ينزوي تدرجيا مع تقدم العمر, وتضخم أحد الدماغين على حساب الآخر، وقد يختفي تماماً إذا لم نحسن التفاعل معه، وتحريضه. بحشو أدمغة الأطفال بالغيبيات أوالأوهام عن طريق التعنيف والترهيب أوالترغيب المبالغ به يتم عطب الدماغ الأوسط المسؤول عن الإبداع والابتكار وتوليد الأفكار على حساب أحد الدماغيين السطحيين. فنخسر كائنا بشرياً، قد يكون مشروعاً لمنقذ للبشرية أو موهبة خارقة في أحد الفنون أوالعلوم. اللعب شحن لطاقة الكبار والصغار لا يوجد طفل غبي مهما كانت عدم استجابته لما تقدمه له، إنما هناك بالغ لا يعرف كيف يجد نقاط القوة والتمايز في الطفل الذي يعمل معه أو يربيه. فجهلك بلغة الطفل وعالمه وأفكاره، وأحاسيسه هي التي تحوله لطفل متأخر أوخائف أوعنيف أومتبول لا إرادي في الليل. - لغة الطفل الحقيقة لا تشبه لغتك لأنه لا يملك غزارة مفرداتك، ولكن إن راقبت لغة جسده وسلوكه فقد تفهم وتتفهم لماذا وكيف يتصرف عكس ما تريد. - إنه كائن بطور الحرية الخام وأنت كائن مكتمل القوانين. - إنه كائن يعرف أكثر مما تتخيل ويسعى للتواصل معك ولكن بلغته وليس بلغتك. - إذا كان هناك سوء بالتواصل فأعلم إنها مسؤوليتك وليس مسؤوليته. - إنه كائن يستحق الاحترام والاهتمام والوقت، مثله مثل أي بالغ تحرص على وجوده بحياتك، غير أنك لا تثق به وغير مقتنع بحقه وقدراته. ولأنك أكبر منه حجماً، وما تلقيته يسبق عمره بسنوات، ولأنك أقوى منه جسدياً، تظن أن هذا يعطيك الحق بالتحكم بعالمه وفرض شروطك ومزاجك عليه. - الطفل يقدم لك الرضوخ، وهو غالبا عاجز عن مواجهتك، ولكنه سيتحين أول فرصة ليعلن تمرده عليك بطريقة تذهلك وعندها قد تكون النتائج كارثية. - من المفيد عرض بعض المفاتيح من التي يحبها الأطفال، ومما لا يحبونه. فقد تفيدنا جميعنا سواء عملنا بالإعلام أو التربية أو حتى كنا مجرد أباء وأمهات.  - في الطور الأول من الطفولة الأطفال. تبنى المفاهيم قطعة قطعة، فساعدهم بإيجاد أجوبة عن محيطهم بالاعتماد على الحواس، ليختبروها ويكتسبوا المعرفة وفق ما تقدمه لهم. لم ننتبه إلا والساعة تشير إلى السابعة مساء، لا أذكر كيف أكلنا وجبة الغذاء ولا كيف أخذنا استراحات خاطفة، فقد كنا بحالة مدهشة من التفاعل والاستعداد الجسدي والعقلي والنفسي للتلقي والتعلم والاكتساب. وكنا كلما انخفض إيقاع حماسنا، تخرجنا الدكتورة مايا من كراسينا وتجعلنا نلعب ونطير ونحلم. نشحن طاقة أجسادنا بالحركة. ببساطة لقد أعادتنا أطفالا. فلا يمكن أن تعمل مع الأطفال إذا كنت مصراً على وضع الأقنعة وربطات العنق. فادي عزام كاتب من سوريا.
ثقافة الموت
بقلم الطيب صالح طهوري
    -1-     الجنة والنار تدفعان بالناس في مجتمعنا العربي وبترغيب طمعي متواصل وترهيب تخويفي دائم إلى التعلق أكثر بالآخرة وممارسة مفرطة للتدين وأنانية أكثر إفراطا يغيب فيها الشعور بالمسؤولية الاجتماعية بشكل يكاد يكون مطلقا ،وتعم اللامبالاة وتسيطر ،وهو ما يخدم مصالح …لقراءة المزيد
    -1-     الجنة والنار تدفعان بالناس في مجتمعنا العربي وبترغيب طمعي متواصل وترهيب تخويفي دائم إلى التعلق أكثر بالآخرة وممارسة مفرطة للتدين وأنانية أكثر إفراطا يغيب فيها الشعور بالمسؤولية الاجتماعية بشكل يكاد يكون مطلقا ،وتعم اللامبالاة وتسيطر ،وهو ما يخدم مصالح الطبقات المتنفذة سياسيا وماليا وعسكريا في بلادنا العربية ويطمئنها على مستقبلها ، من جهة ، وينشر الأصولية والتعصب الأعمى ، من جهة ثانية ،ويرسخ التخلف ، بل يزيد في تجذره ، من جهة ثالثة..     أوراق في حافلات النقل الحضري: صل قبل أن يصلى عليك....عذاب القبر...كيف تتحقق لك السعادة؟...الدعوة إلى الذكر...إلخ..لا ورقة تدعو إلى التفكير..لا أخرى تدعو إلى المطالعة ..لا ثالثة تدعوإلى العمل... لا..لا...     تلامذتنا يكثرون من صيام يومي الإثنين والخميس...كلما ذكرالأستاذ اسم محمد يقولون جماعيا صلى الله عليه وسلم..يقول : لا أقصد محمدا الرسول..يصيحون (ص) ..أقصد محمد.. يقولون جماعيا (ص)..علي كلاي..ظنناك تقصد محمدا الرسول ويعيدون جماعيا (ص)..وهكذا.. تأفف راكب في الحافلة ..واش هذا الحشر؟..     تساءل آخر متعجبا:أين هذا الحشر من حشر الآخرة؟..     قال ثالث : سيكون حشرنا عظيما يوم القيامة..حملق فينا واحدا واحدا ..وأضاف: على أفعالنا (يقصد السيئة) ..     قلت: لا تخافوا..ستدخلون جميعا الجنة..     قال أحدهم: كيف؟..     أجبت: يكفيكم هذا الحشر..لقد تعذبتم بما فيه الكفاية في دنياكم..وكونكم عربا وقد خلقكم الله في عالم العرب عذابٌ في حد ذاته...فهل تعاقبون مرة أخرى؟..قلتها مبتسما لألطف الحديث..     وهكذا تواصل حديثنا أخذا وعطاء ،رفضا وقبولا..     قلت في إحدى زلاتي اللسانية وقد استأنست بالحوار الذي كان يجري بيننا:أحس أحيانا بأن الجنة والنار وَهْمٌ وضعه المتنفذون ورجال الدين من أجل السيطرة على شعوبهم ماديا وذهنيا ، حيث يملأون نفوسهم بالطمع في الجنة فينسيهم ذاك ماهم فيه من بؤس ، ويدفعهم إلى ملء فراغ أوقاتهم بالعبادات .. ويملأونها أيضا بالتخويف من النار وربط ذلك بالخروج عن ولي الأمر أو التفكير في ذلك،لأنه حسب رأيهم لا يؤدي إلا إلى الفتنة.. وهو ما يجعل اولئك الناس يزيدون في ملء أوقات فراغهم بالعبادات أكثر..     وهكذا يعوضون عن دنياهم بما يتخيلونه من متع في عالم الآخرة ، خاصة وأن رجال الدين لا يكفون أبدا عن الحديث عن ذلك العالم في كل لحظة من لحظات تواصلهم مع الآخرين في أماكن العبادة او خارجها..ترغيبا في حوريات جناتها وقصورها وأنهار خمرها ولبنها ..إلخ ،تارة..وتخويفا ترهيبيا من عذاب جهنمها تارة أخر...     من مظاهر هذه الثقافة ما صرنا نجده وبشكل كثيف ومستمر في مختلف مرافقنا الحياتية..     على بعض جدران بعض الأقسام في المؤسسات التعليمية المتوسطية والثانوية نجد :     دعاء تيسير الأمور: اللهم يا مسهِّل الشديد وملين الحديد ويا منجزالوعيد ويا من هو كل يوم في امر جديد ، أخرجني من حلق الضيق إلى أوسع الطريق ، بك أدفع ما لا أطيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، يارب ضاقت بيَ السبل فمن لي سواك يفرجها؟ قال (ص) : من قالها وعلمها الناس أذهب الله كربه وأطال فرحه .     على جدران بعض مواقف حافلات النقل الحضري في بعض المدن الجزائرية نقرأ:     معادلة السعادة الحقيقية ( عنوان بالخط الخشن ) - تريد الصحة : عليك بالصيام - تريد نور الوجه : عليك بقيام الليل – تريد الاسترخاء : عليك بترتيل القرآن - تريد السعادة : صلي( هكذا كتب الفعل بدل صلِّ) الصلاة في وقتها – تريد الفرج : عليك بالاستغفار – تريد زوال الهم: عليك بالدعاء – تريد زوال الشدة : قل لا حول ولا قوة إلا بالله - تريد البركة : صلِّ على النبي ..     ومثله: املأ وقت الانتظار بالإكثار من الاستغفار..     وهكذا..بضع أدعية تكررها ..بضع استغفارات وحوللات وحوقلات أو لهلهات تحقق لك كل شيء وتجعلك سعيدا في حياتك لا همَّ يزورك ولا غمَّ يفسد عليك أيامك..لا عمل..لا تفكير..لا مطالعة..لا..لا..ليس هناك شيء مما هو مرتبط بحياة الناس الدنيوية ومما هو مشترك بينهم ومؤثر على بعضهم البعض..     ومن مظاهرها أيضا : إحضار التلاميذ والطلبة أثناء امتحاناتهم الرسمية وريقات أدعية يحرصون على قراءتها قبل الشروع في الإجابات ،اعتقادا منهم بأن تلك القراءة ستفتح أذهانهم أكثر وتساعدهم على إيجاد الإجابات الصحيحة ومن ثمة ضمان النجاح ( لعل هذا هو السر في ارتفاع نسبة النجاح في تلك الامتحانات في السنوات الأخيرة حيث كثرت تلك الأدعية بشكل مثير أكثر ..أقول ذلك للمزحة طبعا ) ..إلخ..إلخ     -2-     الحياة ليست بالبساطة التي تتصورها..إنها أعقد كثيرا ، كثيرا.. تعددت فيها المصالح وتناقضت وتصارعت..ازدادت التحديات التي تواجهنا أكثر،محليا وإقليميا وعالميا..وها هي العولمة اقتصادا وسياسة وثقافة استهلاك وتصور حياة وتداخل مصالح تعقدها أكثر أكثر..وأنت ما تزال يا صديقي تواجه كل ذلك بطريقة الوعظ والإرشاد ..هكذا كان ردي على تعليق صديق افتراضي ناقشني في قضية تتعلق بما نحن عليه وفيه مقارنة بالأخر المختلف عنا..الآخر الغربي تحديدا..     أضفت: عشرات الآلاف من الأئمة الوعاظ المرشدين ..مثلهم من الدعاة الخطباء في المساجد..في القنوات الفضائية المرئية والمسموعة لم يستطيعوا فعل شيء..على النقيض من ذلك تماما..كلما ازدادو وازداد وعظهم وإرشادهم كلما تقلص وعي الناس يواقعهم المحلي والإقليمي والعالمي، وتضاعفت ظاهرة الاتكالية واللامبالاة عندهم..     يقول الأئمة والدعاة : إن ما أنتم فيه من خراب أخلاقي وسياسي واقتصادي واجتماعي وحياتي عموما هو نتاج غضب الله عليكم كونكم ابتعدتم عنه وعن طريقه المستقيم ..فيغوص الناس في التدين المفرط أكثر طلبا لرضى الله وأملا فيه لإخراجهم مما هم فيه أفرادا وجماعات ومجتمعات..ولا تغييرا إيجابيا يحدث..نقيض ذلك هو الذي يحدث..     يكرر الأئمة والدعاة: ما زلتم بعيدين عن الله..ما زلتم بعيدين عن طريقه المستقيم ..فيضاعف الناس من عباداتهم..ولا تغييرا إيجابيا يحدث أيضا..النقيض هو الذي يكون..نزداد تخلفا وتبعية وسوء أخلاق بشكل مستمر...وهكذا..     يثبت ذلك بما لا يدع أي مجال للشك بأن القضية لا علاقة لها إطلاقا بغضب الله أو رضاه، خاصة ونحن نرى أن الذين يدفعون ثمن ما نحن فيه أكثر هم الناس البسطاء، الفقراء..     إذا حدث زلزال وتهدمت المنازل المغشوشة هم من يكون الضحية أكثر..     إذا وقعت فيضانات واجتاحت المنازل تكون منازلهم وأكواخهم هي الأكثر تضررا..     الأمراض التي تنتج عن المأكولات السيئة أوالمغشوشة يكونون هم ضحاياها الأوائل..     أبناؤهم هم من يدفع ثمن سوء التعليم أكثر لا أبناء الأغنياء الذين يأتيهم المدرسون إلى المنازل... إلخ...إلخ..     رضا الله وغضبه على الناس بالطريقة التي يصورها الأئمة والدعاة تسيء لله أكثر لأنها تجعله غير عادل في عقابه الدنيوي للناس ، لأن الفقراء المظلومين المقهورين هم من يتعرضون لنتائجه أكثر..     ما صرنا عليه وما نسير فيه نتاج عوامل اجتماعية وسياسية وثقافية وأخلاقية نعيشها..لانتيجة غضب الله ورضاه..     لو كان الأمر فعلا مرتبطا بغضب الله ورضاه لكنا من أفضل الشعوب،لأننا الأكثر عبادة لله وتقربا منه..لكن الواقع يقول إننا أسوء الشعوب...     فلنبحث إذن عن أسباب ما نحن فيه وعليه خارج دائرة السماء ، دائرة الله..لنبحث عنها في الأرض ..ذاك هو طريقنا..ولنترك علاقة الفرد بالله علاقة لا تعنيه إلا هو لا سواه..     -3-     ثقافة الاستهلاك وهي الوجه الأبرز للعولمة تعانقنا بإغرائها الشديد في كل لحظة من لحظات حياتنا ليلا ونهارا..ليلا في هذا الكم الهائل من القنوات الفضائية التي لا تكف عن الإشهار للسلع الاستهلاكية بشكل شديد الإغراء،جذابا لنفوس الناس ومثيرا لغرائزهم ، ونهارا بهذه السيارات الفخمة التي تملأ شوارع مدننا وأزقة قرانا، وتلك القصور الضخمة التي تنبت كالفطر في مواجهة العمارات المكتظة بسكانها البسطاء غالبا ،وفي الحالتين والوضعيتين نجد العقول منومة بارتباطها بالخوف المتواصل من عذاب جهنم الآخرة والطمع في ملذات جنتها ، من جهة ، واليأس العميق من إمكانية اللحاق بركب المتقدمين ، من جهة ثانية ، والهروب الدائم إلى ماضي الأسلاف احتماء به من محاصرة عجزنا في كل شيء..كل شيء..حتى في غذائنا ولباسنا، من جهة ثالثة ..والمنومة أيضا بتلك الثقافة الاستهلاكية التي جعلت منا وبإغرائها الشديد مصابين وبشدة بحمى استهلاكها، ومتنافسين في امتلاك أشيائها البراقة بشدة أكثر، بفضل ريع البترول ، من جهة رابعة..     -4-     هكذا صرنا نعيش بين ثقافتين ..تربطنا الأولى بعالم الآخرة :عشرات الآلاف من المساجد تمتلئ بالوعظ والإرشاد المرغِّب في الجنة والمرِهِّب من النار..مئات المواقع الإلكترونية تدفعنا إلى كره الآخر المختلف عنا والحقد عليه وتسفيه فكره وسلوكه ، وتحذرنا من مغبة تبني أفكاره أو التأثر بها.. عشرات القنوات الفضائية المرئية والمسموعة التي يصدح فيها الدعاة وعظا وإرشادا ، كرها للآخر غربيا كان او شرقيا ، وتكريها للناس في أبناء جلدتنا من العلمانيين يساريين كانوا أو يمينيين ،مؤمنين أو ملحدين أولادينيين ، شيوعيين أو شيعيين ..مئات المواقع الإلكترونية المليئة بسب المختلف وتهديده والدعاء عليه بكل ماهو مهلك ومؤلم، والمليئة أيضا بالكثير من الفتاوي المتخلفة المضحكة المبكية في نفس الآن.. وتربطنا الثانية ، وبشدة ، بعالم الدنيا : لهثا محموما وراء منتوجاتها الاستهلاكية البراقة المثيرة ، والمتجددة في كل حين، وتنافسا مظهريا افتخاريا انتفاخيا بامتلاك تلك المنتوجات عند من استطاعوا امتلاك المال الوفير بفعل غنيمة المنصب باعتبارهم مسؤولين متنفذين، أو بفعل الرشوة أوما شابهها من ممارسات حققت لهم تكديس الأموال كتجارة المخدرات أو تجارة الجنس...إلخ..     هكذا صار هم الفرد منا هو خلاصه الذاتي ..من النار بالإكثار من التدين المفرط صلاة وصياما وحجا وعمرة وتسبيحا وذكرى..ومن الفقر باستعمال كل الوسائل شرعية وغير شرعية للخروج من الفقر.. هكذا صار تديننا المفرط ذاك رابطا لنا وبشدة بعالم الآخرة ..مغيِّبا لعقولنا ..مبغِّضا لنا الآخر المختلف..لا نقرأ ما يكتبه ، نخاف منه على هويتنا التي جمدناها فيما هو من ماضينا ، وفيما هو مما حدده لنا فقهاؤنا ودعاتنا ..ننظر إليه بنوع من الاحتقار ، من جهة ،نتيجة تضخيمنا الوهمي لذاتنا الجماعية المسلمة ..وبنوع من الشعور بالنقص أمامه ، من جهة أخرى ، نتيجة عجزنا عن اللحاق به فيما وصل إليه وحققه من تنظيم وإبداع وتطور في شتى مجالاة حياته، وإدراكنا أننا نعيش شبه عالة عليه..ومن هنا كان عداؤنا المؤلم لحداثته التي أوصلته إلى ماهو عليه في حاضره وحقدنا العنيف على ما تمخض عن تلك الحداثة من علمانية وقدرة على التنظيم والتسيير، وهي ابرز أوجه ثقافة الحياة في حاضر اليوم ..     هكذا انغرسنا في ثقافة الآخرة ، ثقافة الموت ..وناصبنا العداء ثقافة الحياة ، ثقافة الوعي والتنظيم والنضال الميداني الفعال ، ثقافة الضمير الحي والشعور بالمسؤولية واحترام الآخر المختلف والتفاعل معه والاستفادة منه والمشاركة معه في البناء..     هكذا أيضا صار إفراطنا في استهلاك منتوجات ومنتجات الغرب الاستهلاكية وبتلذذ شديد وانتفاخ تباهي شكلاني كبير صانعا منا نحن المستهلكين المفرطين منتوجا أو منتجا من ممنتوجات أو منتجات ذلك الغرب ، كما رأى الدكتور عبد القادر رابحي في إحدى مقالاته..وصارت تلك الثقافة ، ثقافة الاستهلاك معمقة لنا في ابتعادنا عن ثقافة الحياة ..     هنا يطرح السؤال الحرج: إن ثقافة الاستهلاك ثقافة عالمية..كل الناس في هذا العhالم يتعرضون لإشهارها الإغرائي ،ومعظمهم يقع ضحية لحمى استهلاك منتجاتها ومنتوجاتها..فلماذا نحن فقط من تصيبه لعنة تأثيرها السلبي بالكيفية التي وضحنا؟..     صراحة..لا اعتقد أن هناك إجابة ممكنة سوى : إنها ثقافة الموت التي تتحكم فينا عقولا ومشاعر وتصرفات..إنها تلك الثقافة التي تجعلنا ننظر إلى المستقبل بأقفيتنا لا بعقولنا، ونراه ( المستقبل ) في آخرتنا لا دنيانا..     سطيف:21/12/2013
العشرون في حقوق الإنسان
بقلم ليالي الفرج
في العاشر من ديسمبر من كل عام يحيي العالم أجمع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، حينما أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1950م ذلك، وفي هذا العام يأخذ يوم حقوق الإنسان لعام 2013 أهمية خاصة حينما يُحتفل فيه بالذكرى السنوية العشرين لإنشاء ولاية المفوض السامي لحقوق الإنسان. وقد عملت الجمعية العامة …لقراءة المزيد
في العاشر من ديسمبر من كل عام يحيي العالم أجمع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، حينما أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1950م ذلك، وفي هذا العام يأخذ يوم حقوق الإنسان لعام 2013 أهمية خاصة حينما يُحتفل فيه بالذكرى السنوية العشرين لإنشاء ولاية المفوض السامي لحقوق الإنسان. وقد عملت الجمعية العامة للأمم المتحدة بناء على توصية من وفود المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي عُقد في فيينا في 1993، وأنشأت الجمعية العامة ولاية المفوض السامي لتعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان في كانون الأول/ديسمبر 1993. وقد سجل إعلان وبرنامج عمل فيينا اللذان اعتمدهما المؤتمر العالمي – بداية من الجهد المتجدد في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وتعتبر واحدة من الوثائق الأكثر أهمية في ربع القرن الماضي في مجال حقوق الإنسان. ويدين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كل أشكال التمييز بين البشر وما قد ينشأ عن ذلك التمييز والتحيز في التعامل من أضرار بدنية أو نفسية أو أي شعور بالمهانة أو استنقاص للإنسان. وتقوم فلسفة هذا الإعلان في الحرص على ضرورة القضاء على كل أشكال معاناة البشر في العالم المعاصر، الذي يوصف أحياناً بأنه عالم ما بعد الإنسانية Post-Human World، من أجل الكشف عن مظاهر وأسباب تلك المعاناة والتخفيف من وطأتها ومعالجتها. ولعل خير من يصف كثيرا من التجاوزات في حقوق الإنسان، هو ما ذكره العالم في القانون أبندرا باكسي في كتابه:»مستقبل حقوق الإنسان»، حينما تحدث عن مفارقة عجيبة، قائلاً، ما مضمونه، أن ظاهرة حقوق الإنسان نجد أن الجميع يتفق على مبادئها ومحتواها، ويكتب ويمدح في إعلانها، ويجدها الجميع التزامات أخلاقية، إضافة إلى كونها مبادئ ونظم قانونية وإنسانية، ولكن من جهة أخرى تواجه هذه الحقوق بكثير من التعديات والتجاوزات أو الاستهانة والاستخفاف، لدرجة أن هناك من يسعى في طروحاته الفكرية إلى تمييع هذه المبادئ، وتسويق أفكار قد تعطلها أو تقف مقابلها. وحين تبرز قضية حقوق الإنسان، فإنها تُعنَى بكل حقوق قد ترتبط بشكل أو بآخر في إطار العلاقات البشرية، وهذه الرسالة توسع من دائرة الاهتمام سواء على مستوى الدول أو على مستوى الشعوب بمبادئ حقوق الإنسان عالمياً. إن اتساع قاعدة حقوق الإنسان خلال العقود الأخيرة يأتي نتيجة تعقد الحياة الاجتماعية وتفرع الروابط الثقافية، وتشابك العلاقات السياسية، وتعارض المصالح الاقتصادية على مستوى العالم، هذا من جهة، أما من جانب آخر فإن سقوط كثير من الحواجز الجغرافية نتيجة معطيات العولمة، جعلت من البلدان تقلق بخصوص هوياتها الثقافية والاجتماعية. وفي هذا العصر، ومع عودة موجات العنف ضد الإنسان بكل تمثلاته وصوره، فإن قضية حقوق الإنسان باتت في وضع يتعرض لنزعات أكثر عنفاً. وإزاء هذه الظروف المعقدة، والمشكلات الجديدة المرتبطة بها، ترتفع الأصوات من جميع المهتمين من مفكرين ومثقفين لتوفير ضمانات رصينة يتوفر من خلالها المحافظة على حقوق الإنسان، وبضرورة إعمال فكر التسامح والتعايش، الذي يذكرنا به دائماً أحد أشهر الشخصيات الداعية لحقوق الإنسان، وهو الراحل نيلسون مانديلا. إن الدور الذي تضطلع به وسائل الإعلام التقليدي مهم، لكن الواقع بحاجة إلى مواكبة حديثة عبر تقنيات الإعلام الحديث، واستثمار كل ذلك لنشر مبادئ الحب والتسامح والسلام، من خلال تنمية مناطق الوعي الإنساني، وإثراء مشاعر احترام الذات عبر احترام الآخرين وقبولهم، والسعي على التعرف على المشتركات الثقافية معرفياً وإنسانياً. نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٧٤٧)
في رحيل فؤاد سالم
بقلم هاني نديم
لشدة ما أكره الغياب.. أكره الرثاء.. فلا أمجده حتى ببيت! وكما وأني لا أرثي الشعراء ولا الأحبة أكثر من غيرهم، كونهم يلعبون معي "الغميضة" لا أكثر.. وأنني سأرتطم بهم بعد قليل من حيث لا أعلم ولم اخطط. كان على فؤاد سالم أن يموت هذا العام إلى جانب أحمد فؤاد نجم وشيركو بي كه سي والشهداء الكثر في هذي …لقراءة المزيد
لشدة ما أكره الغياب.. أكره الرثاء.. فلا أمجده حتى ببيت! وكما وأني لا أرثي الشعراء ولا الأحبة أكثر من غيرهم، كونهم يلعبون معي "الغميضة" لا أكثر.. وأنني سأرتطم بهم بعد قليل من حيث لا أعلم ولم اخطط. كان على فؤاد سالم أن يموت هذا العام إلى جانب أحمد فؤاد نجم وشيركو بي كه سي والشهداء الكثر في هذي البلاد التي تعمل كمجرفة مقبرة مولعة بالموت أكتب عنه لأنني على ثقة لن أجد أحداً من الفيس بوكيين أخذ صور معه تحسباً لموته كما يفعلون مع النجوم، لإثبات صداقتهم.. رحل المغني والشاعر والمناضل والإنسان صاحب أشهر أغنية مسروقة "أنا يا طير" (لا أعلم إن كان يعرف ذلك عاصي الحلاني)! رحل أحد أكثر من أضاف للأغنية العراقية والعربية، كيف يموت من أصبحت أغانيه فلكلوراً نتداوله ونغنيه؟ عمي يا بياع الورد.. يابن الحمولة.. ودعونا...ردتك تمر ضيف.. مو بيدينا...انت البديت.. يا عنيد يا يابه قلت له في دمشق 2005، أبو حسن كاظم الساهر نهاكم كلكم!!! ضحك.. أبو حسن جدا.. وقال: نهيتونا انتو الصحفيين يا مسودن أعتذر منك يا أبا الحسن.. ما زبط حوارنا..كنت مشغول بالتفاهات حينها اغفر لي..
المرأة العربيه وثقافه التجهيل
بقلم Nمنه سعدون البيرماني
  على الرغم من  كون المراة العربيه من اكثر النساء معاناه في العالم  ربما تتغلب عليها في بعض الاحيان  في هذا  المرأة في شبه القارة الهنديه او افغانستان او  مجاهل افريقيا ! الاان النظرة السائده عن نساء العرب عموما  تجمع بين التخلف والسطحيه واللامبالاة !و للاسف هذا …لقراءة المزيد
  على الرغم من  كون المراة العربيه من اكثر النساء معاناه في العالم  ربما تتغلب عليها في بعض الاحيان  في هذا  المرأة في شبه القارة الهنديه او افغانستان او  مجاهل افريقيا ! الاان النظرة السائده عن نساء العرب عموما  تجمع بين التخلف والسطحيه واللامبالاة !و للاسف هذا ما نلاحظه كثيرا في الصورة التي تحاول وسائل الاعلام ترسيخها في ذهنيه المرأة العربيه  , وعنها في نفس الوقت , وللدور الخفي للاعلام الموجه  في تشويه صورة المرأة العربيه من جهه  وترسيخ ثقافه التجهيل والسطحيه في ذهنيه وتفكير المرأة العربيه من جهه اخرى  الاثر الاكبر مما لا يخفى على من يعي ,  المشكله لها  عدة جوانب فمن ابرازها بمنظر المتخلفه المولوله الساذجه من جهه او ربه البيت التي لاتفقه سوى الخدمه والتنظيف و تغيير الحفاضات (فقط لاحظوا الاعلانات التي تعرضها القنوات العربيه ! حفاضات و رز ومساحيق غسيل !) او تبرزها بمظهر  اللعوب المثيرة -الجاريه الحسناء – الثريه التافهه و التي تمتلك الجسد المثير الخالي من العقل , من جهه اخرى ! بالاضافه  الى واقع المطبوعات والبرامج المخصصه للنساء وحتى الاعلانات فيها  التي توجه لتكريس واقع المرأة المتخلف ضمن بعض المجلات المخصصه للنساء التي هي في اغلبها مجلات تافهه تكرس للتفكير السطحي بسبب ضحاله المستوى الادبي والفكري الا ما ندر منها ,فالغالبيه منها محشوة حشوا بالتفاهات والعناوين المثيرة الخاليه من الهدف والمضمون واعلام رخيص لا يغني ولا يسمن من جوع ,انا اتذكر المطبوعات التي كنا نقرأها صغارا في فترة السبعينت وحتى الثمانينات رغم صعوبه الحصول عليها وخضوع اغلبها ليد الرقيب وقتها وحتى التي تعنى بالفن منها, كانت تضم اقلاما رائعه وبارزة ومنها اقلام نسويه اثبتت وجودها على الساحه الثقافيه من  الادب والشعر والروايه .. الخ , نعم كانت هناك اقلام نسائيه ذات طابع مميز وجريء وناقشت على الورق اهم واعقد  المسائل التي تهم المرأة والمجتمع ككل ,شدتنا بقوة لقراءتها (كما كانت بعض صديقاتي يقرأن روايات غادة السمان خلف ظهور الاهل احيانا !)  والتي عبدت الطريق لظهور كاتبات اوروائيات  او باحثات اكثر جرأة وفي العقود التاليه ومنهن على سبيل المثال لا الحصر الدكتورة  نوال السعداوي , اضف الى التراجع في المستوى الفكري للمطبوعات من المجلات النسويه ,  هناك تزامن لتراجع على مستوى المعروض من مسلسلات او افلام عربيه والتي تكون  في اغلبها  تعريب مشوه لافلام اجنبيه معروفه !,اضافه الى انتشار المسلسلات والكليبات التي تحط من كرامه هذه المرأة  في عمليه غسيل مخ منظمه تتعاضد ضد المرأة العربيه مع مجتمعها الذي يراها مجرد عورة ! هذه المرأة التي عانت ما عانته  وفي كل انحاء وطننا العربي الكبير من حروب الى قمع  انظمه شموليه تستهين بكرامه الانسان وكانت حصه المراة في كل هذا هي حصه الاسد ,فهي الام التي فقدت الابناء في الحروب العربيه ضد اسرائيل في  فلسطين ولبنان ومصر ,  او في سجون الاحتلال الاسرئيلي او تحت اقبيه الطاغيه في العراق  اوفي حروبه العبثيه التي جرت الويلات على العراق والمنطقه ككل ! وحتى الان ,و في الاحداث الجاريه الان في مصر وسوريا واليمن والبحرين بالاضافه الى تحملها ما نجم عن كل هذا من مشاكل اقتصاديه واجتماعيه دفعت بالابناء الى الهجرة والغربه والمرأة الى العمل مضطرة وليس مختارة ,وشتان ما بين الاثنين , رغم كل هذا فالاعلام يوجه رساله خاطئه عن هذه المرأة ولها بنفس الوقت ,فالاعلانات التي تروج للمجوهرات الفاخرة في زمن التشرد والفقر والخوف لا تمثل الا واقع قله قليله من سيدات المجتمع المخملي لبعض دول الخليج ! والاعلانات التي تصر وتؤكد على دور المرأة التأريخي  في غسيل الاطباق او الملابس التي يتباهى الرجل او الولد الذكر بتمريغها في الوحل (وليس البنت !) تكريس لعبوديه المرأة وتسلط الرجل حتى في ذهنيه الطفل الصغير ,اتمنى لو نرى يوما اعلانا عربيا يحث الصبي الصغير على مساعده امه او حتى احترامها ,اعلانا لا يتذمر فيه الرجل من شكوى زوجته من اهماله او قذارته او نسيانه لواجبه نحوها واعلانا يقول فيه الرجل لزوجته خلي عنك فأنا موجود بجانبك  لأعينك على تحمل اعباء الحياه  ! واتمنى لو ارى اعلانا تقوم فيه ثريه بالتبرع بمصوغاتها لاسرة بائسه  بدل ان ترمي بها بأشمئزاز وتركض لتشتري اخرى جديدة لان العيد لا يحلو الا بالالماس ! وأخيرا ,اريد ان ارى اعلانا فيه امرأة عربيه حقيقيه بوجهها المتعب من العمل داخل لبيت او خارجه لاجل توفير لقمه العيش , ووزنها الزائد الذي تعاني منه بسبب الجلوس المستمر في البيت خوف الخروج الى ترهيب  وتحرش المجتمع الذكوري,  او الاهمال المتواصل من الزوج وهو ينطلق سعيدا ليمارس حريته المحرمه !  المرأة التي قُمعت و هُجّرت وفقدت الاحباب ورغم هذا لا تراها الا و البسمله والحمد يداعب شفتيها ,الا تستحق  هذه المراة ولو نصف دقيقه من الانصاف ؟!
ردًّا على قناة " النهار" الجزائرية التي أساءت للطالبات الجامعيات المقيمات
بقلم الطالبة ياسمين
        بعد بث روبورتاج قناة النهار "طالبات علم يتحولن الى طالبات هوى"         أولياء يتصلون ببناتهن وأزواج يهددون بالطلاق         فوضى واحتجاجات وسط بنات الأحياء الجامعية …لقراءة المزيد
        بعد بث روبورتاج قناة النهار "طالبات علم يتحولن الى طالبات هوى"         أولياء يتصلون ببناتهن وأزواج يهددون بالطلاق         فوضى واحتجاجات وسط بنات الأحياء الجامعية         عاشت الاقامة الجامعية للبنات أولاد فايت 2، ليلة أمس، فوضى عارمة ،بعد بث قناة النهار تيفي روبورتاجا تحت عنوان: " عندما تتحول طالبات العلم الى طالبات الهوى"، احتجاجا منهن على الطريقة التي تمت بها معالجة الموضوع، الذي صور بنات الحي الجامعي على أن جميعهن بذلك الشكل المؤسف" بنات هوى" .         قالت لنا إحدى الفتيات من الحي الجامعي: " هل يعقل أن نقطع مسافات طويلة حتى يقال عنا ذلك الكلام و يصورنا الاعلام بتلك الطريقة البشعة؟"، مضيفة :"أنا قادمة من الجنوب للدراسة ،  لأن هناك مدرسة عليا واحدة للعلوم السياسية فقط في العاصمة ، أنا مضطرة للإقامة في الحي الجامعي  لإكمال دراستي العليا وتحقيق طموحي" .         و أضافت أخرى" حسبنا الله و نعم الوكيل في قناة النهار، نحن نتحمل الغربة و المشاكل اليومية التي نعيشها من غياب للنظافة و التدفئة، من تسربات للغاز، و أخطار الكهرباء، من التسممات الغذائية، و طوابير الانتظار الطويلة للظفر بوجبات رديئة،و نقول لا بأس، لابد أن نتحمل حتى نستطيع أن نحقق أهدافنا في هذه الحياة، ثم تأتي قناة تافهة كالنهار و تصورنا بتلك الطريقة المثيرة، و هدفها في ذلك ليس معالجة الموضوع ، وانما الإثارة فقط و جلب أكبر نسبة من المشاهدين"         فيما تسألت أخرى " لماذا لم تتحدث النهار عن المشاكل الحقيقية التي تعانيها البنات في هذا الحي؟، لماذا لم يتحدثوا عن مصير الملايير التي تقدم للأحياء الجامعية ،مقابل خدمات رديئة جدا؟، ثم لنا أن نتساءل كذلك كيف استطاعت القناة أن تدخل اسوار الحي الجامعي، و تصور تلك البنات بكل تلك الاريحية؟، انا اشك ان تكون صحفيات النهار متواطئات مع هذه الشبكات"     فيما اجهشت فتيات أخريات بالبكاء و رددن كلمات و شعارات تتعلق بالحقرة و الظلم ، خاصة أن منهن متزوجات و أخريات مخطوبات ،إحداهن قالت لي :"اتصل بي والدي، بعدما شاهد الروبورتاج و قال لي يكفيك دراسة، عودي الى البيت ، المهم أن نحافظ على سمعتنا و شرفنا، أنا لا أفهم مالفائدة من كشف أسماء الأحياء، أما خطيبي فقد قال لي أي فسق تعيشون فيه، ثم اغلق هاتفه""         في حين تساءلت أخرى: " لماذا لا تعالج النهار الأمر من منظور  يدعم هذه الشبكات، أصلا تلك البنات اللواتي صورن لسنا طالبات، لماذا لا تتساءل النهار كيف لهن حق الحصول على الاقامة وسط بنات الحي الجامعي، وازعاجهن بضوضائهن و تصرفاتهن الشاذة، أنا أشك كذلك أن تكون تلك الغرف في الأحياء الجامعية ، ربما تكون مفبركة ، من أين لبنات الحي تلك الطاولات و تلك الأسرة الخشبية؟؟؟" و تركت حديثها مفتوحا         هذا و كان مدير الحي قد وعد الفتيات باجراء تحقيق حول الموضوع، و احالة كل المتورطين الى العدالة . انا  طالبة  سنة ثانية دكتوراه لقد كنت مقيمة بحكم أنني أسكن بعيدا عن الولاية  و كان الكل ينظر الينا "بنات الأقامة فريسة سهلة لكل من أراد أن يلهو بحكم أننا بنات الدوار" وكم كان يؤلمني عندما أخرج من الجامعة متجهة للاقامة فأجد تلك الكلاب المسعورة تعاكس الفتيات و كم أمقت كل كلب من كلاب الشارع لا يدرس أصلا في الجامعة لكنه يدخل بسيارة فخمة ليلهو مع بنات الإقامة فيرمي لي كلاما يسمم البدن لكن ما بيدي حيلة لأني أرتجف منهم خوفا لانعدام الرقابة في الحرم الجامعي لدرجة أني  لا أحضر المحاضرات الأخيرة في فصل الشتاء لكي أهرب الى غرفتي باكرا,  لماذا لا يتحدثون عن المعانات الحقيقية لبنات الجامعة أتذكر أن جارتي في الإقامة الجامعية  كانت من بين فتيات "النهار" أو كما يسمونهم "البوكيمونات"  فقد كانت تقيم حفلات و موسيقى صاخبة في وقت امتحاناتي فكنت انتظر حتي الساعة 3 او 4 صباحا عندما يتعبن فأدرس لأن الإعلام الآلي يحتاج الي تركيز فأدرس حتى الساعة 7 و انام 10 دقائق و اتجه مسرعة الى الامتحان وكم المتني تلك الفتاة البريئة التي كسرت عليها هاته "البوكيمونات" الباب و أفقدناها عذريتها بأداة حديدية لأنها خرجت عن صمتها و قالت لهن كفى أريد أن أدرس و اشتكت للمدير أين كانت النهار آنذاك؟؟؟؟ ولا ننسى تلك الحفلات التي تقيمها الاقامة للبنات في المطعم فيتحول ذلك المطعم الي ملهى و الاتحاد الطلابي الذي يزعم أنه يتكلم عن حقوق الطالبات فيشغل الموسيقى بأعلى صوت فلا نستطيع النوم و لا الدراسة. كل هذا التعب و المعاناة من أجل  أن أتمم دراستي و أحقق حلمي و  طموحي  فتأتي قناة تافهة مثل النهار  لتدمر كل شيء بروبورتاجها و تشوه سمعة كل الجامعيات . ياسمين طالبة  جامعية ( سنة ثانية دكتوراه)   مقيمة في حي جامعي
بورتريه حاذق للمرأة الكاتبة من داخل أليافها العصبية
بقلم عالية ممدوح
                                             كتاب "فاكهة الكلمات" الصادر عن دار الأديب، عمان، الأردن للعام 2013 للكاتب والصحافي …لقراءة المزيد
                                             كتاب "فاكهة الكلمات" الصادر عن دار الأديب، عمان، الأردن للعام 2013 للكاتب والصحافي العراقي كرم نعمة رشيق، أنيق ودسم أيضا. كاتبات بريطانيات أغلبهن نلن جوائز مرموقة، وكتبن روايات عاصفة، ونلن نجاحات مدوية. جمعهن نعمة الذي يعيش في لندن ويتابع بشغف حقيقي نوتات إبداع المرأة في الصحافة البريطانية فنصغي إلى رناته بقراءة ذكية ومزاج ذواق لكل من: هيلاري مانتل، مادلين ميلر، روز تريمين، جانيت وينتيرسون، آن انرايت، آليسون كينيدي، ليونيل شريفر، زادي سميث، كاثي ريتش، وجي لي يانج. لغة الكاتب مشرقة، ذات ايقاع سريع. يجمع ويختار، ويتقصى عن كل واحدة من الكاتبات مختارا أهم الآراء والتعليقات الصحافية، أو تلك الهوامش من متن أعمالها ومشغلها السردي. شغوفة لقراءة، كيف ترى المرأة ما يجري من حولها من قضايا شائكة: الإرهاب، الذكورة، الحب، التاريخ، الجوائز، الكتابة، الأبوة، الهجرة والمنفى الخ. تعنيني صور الكاتبة في أي مكان في العالم، أقرأها من داخل أليافها العصبية، وخفقان قلبها بين الجوانح. يبدأ الكتاب مختارا هيلاري مانتل الحائزة على البوكر ولمرتين، وهي من أرفع الجوائز الأدبية وقيمتها 80 ألف دولار أميركي. وصف مظهرها بهذه الكلمات "أشبه بامرأة قادمة من تاريخ الألوان والعطر. تجلس مع زوجها الجيولوجي جيرالد، تحتفظ بفرحها للساعات المقبلة". مانتل هذه عاشت سنوات في مدينة جدة حيث "قضت أربع سنوات كتبت فيها تحقيقا صحفيا مطولا عن الحياة في السعودية ونالت عنه إحدى الجوائز المحلية". يشتغل الكاتب على فن البورتريه الحاذق وهذا هو سر المتعة في مطالعة الكتاب "لكن الكتابة كانت حافزا للاستمرار في الحياة". "تعالج موضوع الأصولية الإسلامية في رواية، ولثمانية أشهر في شارع الغازية" مستثمرة إقامتها بمدينة جدة، وتقول، سواء كنت كاتبة رواية أم مذكرات، وصلت إلى فهم معين في النهاية، إنني ألقي بعض الضوء على خلفيتي وما زال هناك الكثير الذي لا يوصف. البراعة لدى الكاتب انه اختار بقعة خطيرة من حياة هذه الكاتبة أو تلك: المرض، السمنة، الاكتئاب ومع هذا وغيره كانت عزيمة صاحبته شاهقة فجعلتها تصر وتصبر وتنال التكريم. أول رواية تكتبها المدرسة الأميركية مادلين ميلر أغنية آخيل تفوز بجائزة أورانج للكاتبات الروائيات. هذه الجائزة بالذات حصدت الكثير من النقد والتحفظ لأنها تقصي الذكور من الكتاب، وهي كما يقول النقد عنها "عنصرية". إن الكاتبات لسن في حاجة لجائزة مخصصة لهن فقط. المؤسف ان بعض الكاتبات يشاركن عنصرية الرجال في هذا الرأي "تأخذنا الرواية هذه إلى إلياذة هوميروس بطريقة ما، واستغرقت عشر سنوات قبل ان تلغي جهد خمس سنوات من الكتابة غير مبالية وتعود إلى السطر الأول من جديد".        فاكهة النساء    السؤال المركزي الذي تطرحه هذه الروائية في النهاية "ماذا يعني وجود شخص أخلاقي في عالم عنيف؟". روز تريمين هي الثانية فازت بجائزة أورانج و 60 ألف دولار أميركي، ورواج في توزيع الكتاب. وروايتها الطريق إلى المنزل 2007. هي حكاية المهاجرة من أوربا الشرقية إلى انكلترا سعيا وراء تأمين حياة أفضل لوالدتها وابنتها. في لغة شعرية تميل غالبا إلى الإيحاء السحري والغرائبية. سيرة ليف بطلة الرواية هي نفسها سيرة عشرات الآلاف من المهاجرين إلى بريطانيا بحثا عن الكرامة المهدورة. جانيت وينتيرسون كانت علاقتها بوالدتها معطوبة وكارثية. لم تر امها منذ غادرت منزل العائلة وكان عمرها آنذاك 16 عاما. وعندما نشرت روايتها المعروفة "البرتقالة ليست الفاكهة الوحيدة" "كان عمرها 25 عاما، والعمل لا يمت بصلة إلى الحنين. تصف أمها بالمرأة الضخمة الطويلة التي ترتدي الجوارب المحتشمة والصنادل المسطحة وحجاب النايلون المسيحي". كانت والدتها معذبتها وهي في حاجة لفك أسر الكلمات عمن سيغفر لأمها عن كل ذلك العذاب، والأهم من ذلك لماذا لا تفخر بي بعد ان صغت حياتي معها في رواية خيالية؟ أما آن انرايت فهي تحذر القراء من صراحتها الجنسية. هذه الايرلندية تقول "عندما ينتقي الناس كتابا فأنهم ربما يرغبون في اقتناء شيء يضفي عليهم السعادة. في هذه الحالة لا يتعين عليهم شراء كتابي". جمع نعمة مجموعة من الكاتبات اللاتي يكتبن الانكليزية سواء كن يعشن في بريطانيا أو اسكتلندا، أو الولايات المتحدة وايرلندا الخ، وكلهن نلن الجوائز. آليسون كنيدي الاسكتلندية نالت جائزة الرواية عن روايتها المعنونة يوم وقيمتها 25 ألف جنيه استرليني تحت لافتة "رواية كوستا للعام". وهي مجموعة مقاهي كوستا للأخوين الايطاليين سيرجو وبرونو كوستا استحدثت في عام 1971. قالت "أنا محظوظة لأنني قرأت كثيرا واخترت طريق الأدب، وهو يختلف تماما عن وصف رولاند بارت بأنه فن الخيبة. رواية يوم تسأل سؤالا ملحا، لماذا نحن في العراق، ألم يكن الأمر كله يسير تحت مسوغات أكاذيب متصاعدة ومستمرة؟" في إشارة لوجود قوات الاحتلال الغربي في بلاد الرافدين. أما ليونيل شريفر فهي أيضا نالت جائزة أورانج البريطانية "التي تحولت العام الماضي إلى جائزة المرأة للرواية" عن روايتها المثيرة للجدل نحتاح للحديث بشأن كيفين التي تعالج مشاعر امرأة عاملة تقرر أن تصبح أما فحسب لتكتشف انها لا تحب ابنها كيفين وتلقي عليه باللوم في فقدان عملها وإفساد زواج ناجح"". النساء ينشرن سبعين بالمائة تقريبا من الروايات في بريطانيا، وفي البلاد العربية أظن النسبة تقترب من هذه أيضا. أما الروائية البديعة زادي سميث فقد اكتشفت صوتها في الكلمات فهي من أم جامايكية وأب انكليزي. أكملت دراستها في كمبريدج والتقت بزوجها الكاتب نك ليرد، لا تنفي "إنها استلهمت الكثير من علاقة أمها بابيها في متن روايتها لكنها في الوقت نفسه، تقول، كان يتملكني الرعب من الكتاب المبدعين. وكنت مأخوذة باعتقاد أن الكتابة النظرية المنضبطة أشبه بعلاج". كاتي ريتش الأميركية هي أصلا عالمة أنثرويولوجيا من طراز مرموق "استثمرت تخصصها النادر في كتابة نص أدبي لامع كما حدث مع روايتها الأسرار الخطيرة لها مجموعة من الروايات تكاد لا تبتعد عن هذا الموضوع العظام المتقاطعة العظام لا تستريح و حدادا يوم الأثنين وموت ديجا". في روايتها الأسرار الخطيرة منحت بطلها حرية التحرك في حياته ومماته. "وضمير المتكلم رافقني في كل رواياتي كاشفا عن تلك الأسرار الفادحة. وهي قصصي وأنا أنهل من وقائع عشتها أو أشرفت على التحقيق فيها". أما جي لي يانج الصينية فهي تؤرخ لسيرة الصين عبر سيرتها الشخصية فهي "تسرد شهادتها عن هجوم مجموعات الحرس الأحمر على رجل في الشارع ارتدى بنطالا ضيقا في نهايته فيحاكم أمام كل المارة ويهان بطريقة مذلة، ويتم قياس عرض البنطال بواسطة قنينة للتأكد ان عرضه من الأسف أقل مما يدعو الزعيم". غريب كيف تتشابك الأحداث في عالم الكتابة، فقد دونت في كتابي الأخير الأجنبية، كيف أن وزيرا عراقيا في أعوام السبعينات، وكنا طلبة في الجامعة، وقد اصدر قرارا بطلاء سيقان الطالبات بالقير وهن يرتدين التناير القصيرة. وجز زوالف الشبان اليافعين الطويلة، وقطع أذيال سراويلهم العريضة. كانت هناك أغنية عراقية تقول "حال اشو من حال" فاليوم لا يكابد الشباب ومن الجنسين من أي نوع من هذا التفاوت والاحالات القهرية، فالجسد البشري للمرأة والرجل معترض عليه، في الحظر والكبت، في الإلغاء والقسر، في الإضمار والاختفاء التام. نقلا عن ميدل إيست أونلاين
مشكلة مصر مع السيدات
بقلم علاء الأسواني
فى ديسمبر 1933، تم إقامة سباق جوى من القاهرة إلى الإسكندرية. الطائرة الأولى التى عبرت الخط النهائى كانت بقيادة سيدة تبلغ من العمر 26 عاما، تدعى لطفية النادى، أول طيارة مصرية. أن يكون لديها مهنتها الطيران، لم يكن أمرًا سهلًا بالنسبة للطفية. والدها كان يرفض الفكرة، لكنها لم تُصَب بالإحباط. أقنعت مدير …لقراءة المزيد
فى ديسمبر 1933، تم إقامة سباق جوى من القاهرة إلى الإسكندرية. الطائرة الأولى التى عبرت الخط النهائى كانت بقيادة سيدة تبلغ من العمر 26 عاما، تدعى لطفية النادى، أول طيارة مصرية. أن يكون لديها مهنتها الطيران، لم يكن أمرًا سهلًا بالنسبة للطفية. والدها كان يرفض الفكرة، لكنها لم تُصَب بالإحباط. أقنعت مدير معهد الطيران بأن يسمح لها بالعمل كسكرتيرة له من دون مقابل، مقابل دروس فى الطيران. كما أوضحت لاحقا: «تعلمت الطيران لأننى أحب أن أكون حرة». أصبحت لطفية بطلة وثروة قومية فى عيون المصريين. نظرت إليها السيدات كمصدر إلهام فى كفاحهن من أجل المساواة فى الحقوق، وفتيات كثيرات اتخذن قصتها نموذجًا لهن بالتقدم إلى دروس فى الطيران. سيدات مصريات حققن تقدما فى المساواة على مدار فترة النظام الملكى التى انتهت فى 1953. بعد تأسيس الجمهورية المصرية فى عهد جمال عبد الناصر، استمرت السيدات فى التقدم، والوصول إلى مناصب فى الجامعات والبرلمان ومناصب قضائية بارزة التطور التاريخى للمرأة المصرية يتناقض تماما مع نتائج المسح الحديث الذى أجرته مؤسسة تومسون رويترز، من أن مصر صنفت الأسوأ بين 22 دولة عربية بسبب العنصرية فى القانون، والتحرش الجنسى، وقلة تمثيل المرأة فى الحياة السياسية. لماذا تعانى فى يومنا هذا حفيدات لطفية من مشكلات تمكنت هى من التغلب عليها منذ 80 عاما؟ بعد حرب 1973 فى الشرق الأوسط، ارتفع سعر البترول بصورة هائلة. هذا بدوره منح دول الخليج سلطة غير مسبوقة، بينما أجبرت الصدمة الاقتصادية ملايين المصريين إلى الهجرة للعمل هناك. كثير من هؤلاء المصريين عادوا إلى الوطن مشبعين بالقيم الوهابية المتطرفة. تقليد الإسلام المعتدل فى مصر أقر بحقوق المرأة وشجع السيدات على الدراسة والعمل. على النقيض، بالنسبة إلى الوهابيين، فوظيفة المرأة عندهم أن تسعد زوجها وتلد الذرية. يروج الدعاة الوهابيون إلى ختان الفتيات، للسيطرة على نشاط المرأة الجنسى. يجب أن تغطى المرأة جسدها بالكامل، وقد لا تدرس أو تعمل أو تسافر. لا يمكنها حتى مغادرة المنزل من دون إذنٍ من زوجها. الوهابية أثرت على جميع المجتمعات والحركات الإسلامية، بما فى ذلك القاعدة والإخوان المسلمون. ومع انتشارها فى مصر، بدأ مزيد من السيدات فى ارتداء الحجاب، أو غطاء الرأس. لكن هذا لم يخلق مجتمعا فاضلا، إنه أدى إلى العكس. حتى نهاية السبعينيات، استمر كثير من السيدات المصريات فى الخروج من دون أغطية رأس، يرتدين فساتين على الطريقة الغربية الحديثة، وعلى الرغم من ذلك كانت حوادث التحرش الجنسى نادرة. الآن، ومع انتشار الحجاب، اتخذ التحرش الجنسى أبعادا وبائية. فقد كشفت دراسة أجراها المركز المصرى لحقوق المرأة أن 83% من السيدات اللاتى تم استطلاع آرائهن تعرضن إلى التحرش الجنسى مرة واحدة على الأقل، وأن 50% منهن يخضن هذه التجربة يوميا. لماذا لم يتحرش الرجال بالسيدات المصريات عندما كن يرتدين تنانير قصيرة، فى زاد التحرش الجنسى بالمحجبات؟ عندما تذل العقيدة المحافظة المرأة، وتقلل من شأنهن إلى أشياء، فإنها تشرع العدوانية الجنسية ضدهن. كانت هناك اختلافات عديدة بين نظام مبارك وأتباع الإسلام السياسى، لكن المعسكرين اجتمعا فى ازدرائهما للسيدات. وعلى الرغم من بعض الإصلاحات الرسمية التى قامت بها سوزان مبارك، التى أرادت أن تظهر كالسيدة الأولى المستنيرة، فقد شهد عصر مبارك تدهورًا فى حقوق السيدات ومع ذلك، أصبح التحرش الجنسى فى 2005 شكلًا منظمًا من العقاب للسيدات المصريات اللاتى شاركن فى مظاهرات ضد مبارك. استأجرت الأجهزة الأمنية بلطجية للاعتداء على سيدة كانت مشاركة فى إحدى المظاهرات، خلعوا عنها ملابسها وتحرشوا بها جنسيا. هذا الشكل الجنسى من العقاب استمر فى عهد النظام العسكرى، والإخوان. فى 17 ديسمبر 2011، فى أثناء مظاهرة ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بالقرب من ميدان التحرير فى القاهرة، قام جنود بخلع ملابس إحدى المتظاهرات وسحلها على الأرض، ثم داسوا عليها بأحذيتهم. انتشر فيديو الاعتداء بشكل كبير، ونال تعاطف الملايين. تم تشكيل لجان تضمانية، وأصبحت ضحية الاعتداء رمزًا للسيدات المصريات. لكن الإسلاميين، الذين تحالفوا آنذاك مع المجلس العسكرى، سخروا من الضحية، وألقوا باللائمة عليها، لأنها خرجت من منزلها، على غير المفترَض بالنسبة إلى السيدة المحترمة. فى أثناء الثورة، خرجت ملايين السيدات وواجهن بشجاعة رصاصات القناصة، لكن أولئك الذين حصلوا على السلطة قللوا من شجاعتهن وحاولوا تهميشهن. بعد انتخابات 2012 التى جلبت الإخوان المسلمين إلى السلطة، لم يكن فى البرلمان سوى 10 سيدات من أصل 508 أعضاء. الرئيس محمد مرسى آنذاك قام بتعديل الدستور المصرى وأطاح بالقاضية الوحيدة فى المحكمة الدستورية العليا. باختصار، سعى الإسلاميون إلى القضاء على المكاسب التى حققتها المصريات. حاولوا إلغاء القانون الذى يعاقب الأطباء الذين يقومون بإجراء عمليات ختان فتيات، ورفضوا اعتبار زواج القاصرات شكلا من أشكال الاتجار بالبشر مدعين أن الإسلام يسمح للفتاة التى تبلغ 10 سنوات بالزواج. حقوق السيدات تعتبر مقياسا للصراع الحالى فى مصر. يصارع الثوريون من أجل المساواة، فى حين تحاول القوى الرجعية من نظام الإخوان ونظام مبارك تجريد المرأة من حقوقها السياسية والاجتماعية، وإخضاعها لسلطة الرجل. فى النهاية سيحل الصراع لصالح السيدات، لأن الثورة تمثل مستقبلا لا يمكن أن يمنعه أحد. فى 2002، توفيت لطفية النادى، وهى فى الـ95 من عمرها. وقبل وفاتها بوقت قصير، قالت: «لا أعرف مصر الحالية، لكن مصر التى أعرفها ستعود. أنا متأكدة من ذلك» مقالة كتبت للنيويورك تايمز و نشرت باللغة العربية في " المصري اليوم"
الخيانة على أنغام التانجو
بقلم باسم يوسف
أوزفالدو بولييزى هو من أشهر مؤلفى موسيقى التانجو فى الارجنتين بل وفى العالم. سطر هذا الرجل اسمه فى تاريخ التانجو بجانب أسماء يعرفها جيدا عشاق هذه الموسيقى مثل فرانسيسكو كانارو وكارلوس دى سارلى، وادجاردو دوناتو وغيرهم. توفى الرجل عن سن التسعين عام ١٩٩٥ تاركا وراءه ثروة من المؤلفات الموسيقية التى …لقراءة المزيد
أوزفالدو بولييزى هو من أشهر مؤلفى موسيقى التانجو فى الارجنتين بل وفى العالم. سطر هذا الرجل اسمه فى تاريخ التانجو بجانب أسماء يعرفها جيدا عشاق هذه الموسيقى مثل فرانسيسكو كانارو وكارلوس دى سارلى، وادجاردو دوناتو وغيرهم. توفى الرجل عن سن التسعين عام ١٩٩٥ تاركا وراءه ثروة من المؤلفات الموسيقية التى مازال يستمتع بها محبو هذه الموسيقى. يعنى من الآخر كده راجل مبدع وزى الفل، حاجة كده زى عبدالوهاب. طب استفدنا ايه بالموضوع ده؟ شوف يا سيدى: مؤخرا تم الكشف عن وثائق سرية من أيام الحكم العسكرى فى الارجنتين فى السبعينيات، وقد تم تصنيف أوزفالدو بولييزى كعدو للدولة وخطر على نظام الحكم. لم يكن بولييزى وحده ولكن كان معه الكثير من المبدعين والفنانين أشهرهم أسطورة الغناء هناك «مرسيدس سوزا» (يعرفها جيدا من يتابع فن الغناء اللاتينى). بولييزى ومرسيدس وغيرهما كانوا ضحايا توجيه التهم سابقة التجهيز. والتهمة الجاهزة دائما فى هذه الحالة هى «معارضة النظام». وهى تهمة لديها القدرة على التحول بسهولة ويسر إلى «التآمر على النظام» ثم تتطور ببطء إلى مراحل أكثر تقدما لتهم مثل «العمالة والخيانة» وطبعا العضوية البلاتينية المميزة فى الطابور الخامس. ويبدو أيضا ان الانظمة المختلفة تجد ضالتها فى اتهامات الخيانة والعمالة فى الفنانين والموسيقيين والمؤلفين. فهؤلاء مبدعون لأنهم يرفضون أن يساقوا كالقطيع فى حالات الهيستريا الجماعية التى يتسبب فيها مدعو الفضيلة والتدين والوطنية. جوزيف مكارثى هو مثال آخر للتلاعب بعواطف الناس واساءة استخدام دعاوى الوطنية والانتماء. بزغ نجم السيناتور مكارثى فى أوائل الخمسينيات وبالتحديد فى غداء على شرف ذكرى ميلاد ابراهام لنكولن سنة 1950 حين وقف ملوحا بقائمة تحوى فوق المئتى اسم يعملون فى الحكومة الامريكية اتهمهم فيها بأنهم شيوعيون. وبما انه ليس هناك فى القانون الامريكى أى شىء يجرم انتماءك الفكرى للتيار الشيوعى، تطورت هذه التهمة إلى زعزعة الاستقرار وافساد القيم الأمريكية وطبعا التآمر على قلب نظام الحكم. وجد السيناتور مكارثى ضالته فى هوليوود، حيث استجوب العشرات من المؤلفين والمخرجين والممثلين بتهم الشيوعية. وأصبح هناك القوائم السوداء التى أول ما بدأت ضمت عشرة اسماء رفضوا هذه المسرحية الهزلية، فتم الحكم على اثنين منهم بالسجن. حتى هؤلاء الذين لم يتم ادانتهم تم تدمير حياتهم المهنية والاجتماعية، حيث أصبحوا منبوذين بين أصدقائهم ومجتمعهم ورفضت شركات الانتاج الكبرى فى هوليوود توظيفهم مرة أخرى. لا نستطيع أن نلقى اللوم كله على جوزيف مكارثى، فالحقيقة أن فى أى مجتمع هناك خوفا ما، قلقا ما، ينتظر، يتضخم فى نفوس العامة. وكل ما يحتاجه هو شخصا ما ليضع نارا هادئة تحت هذه المخاوف، فتنفجر فى النهاية إلى هيستريا جماعية لا تسمع ولا تناقش ولا تقبل التفاوض. يمكن أن يكون خوفا على الوطن أو الدين أو القيم أو الهوية. لا يهم، فالآلية واحدة والاستراتيجية واحدة. اخلق عدوا، شيطنه، اغرق الناس فى تفاصيل مؤامراتية، داعب مخاوفهم وضخمها. ثم أطلق سهامك على من تريد. سيكون الناس عندئذ جاهزين تماما للهجوم، ولن تحتاج لبذل مجهود اضافى. فكل ما فعلته هو انك قلت لهم ان هناك ساحرات شريرة فى المدينة، ثم اشرت بأصبعك إلى الضحية، ثم تقوم الجموع الغاضبة بالباقى. لن يسألك أحد عن مصادرك، أو من أين أتيت بهذه الاسماء، أو ما هو دليلك الدامغ الذى لا يشمل أكثر من قوائم مكتوبة أو صفحات فيس بوك مضروبة أو مواقع إلكترونية بائسة أو صور تحمل ألف تفسير. لم يفكر أحد وقتها أن يسأل السيناتور مكارثى من أين أتى بالادلة القاطعة التى على اساسها أخرج هذه القائمة ذات المئتى شخص. ولا يسأل أحد الآن على أى اساس يتم التشهير بخلق الله على شاشاتنا الفضائية ويتم اتهامهم بالخيانة والعمالة. لكن كل هذا لا يهم، فالحكم قد اصدر سلفا وكل هذه الاشياء التافهة مثل «الادلة» لا تعنى شيئا. رجوعا لسيناتور مكارثى، فقد ظل فى حملته الشعواء لمدة اربع سنوات حتى ذاق من نفس الكأس وتم انتزاع كل سلطاته بعد ان تم توجيه تهم له بإساءة استخدام السلطة والتشهير بالشخصيات العامة. استخدم سيناتور مكارثى كل التكتيكات التى نراها الآن على شاشات الاعلام من تهديد وتخويف واتهامات باطلة بدون سند. مما دفع آرثر ميللر لكتابة مسرحية عن ساحرات بلدة «سيلم» وكان بها اسقاط واضح على مكارثى، مما أدى إلى اتهام ميللر شخصيا بتهم لها علاقة بالشيوعية. ولكن ما أنقذ أرثر ميللر هو حكم المحكمة العليا هناك سنة 1957 والذى قضى بحماية الشهود امام جلسات استماع الكونجرس وحفظ المواطنين من التعرض للاتهامات الجزافية والتشهير بدون دليل. ربما يكون هذا الحكم هو الحسنة الوحيدة لما فعله مكارثى وربما نحن نحتاج إلى قانون مماثل لأننا بصراحة مللنا تكرار نفس الاسماء فى قوائم الجواسيس والعملاء ومللنا تكرار نفس الوجوه التى تعيد انتاج هذه الاتهامات بدون أى دليل أو سند. ولحين يحدث ذلك فسوف تستمر الجرائد والفضائيات تتغذى على لحوم الناس وستظل تقدمهم كقرابين لمحرقة الهيستريا الجماعية. ليس هناك فرق كبير بين ممارسات نظام عسكرى أو دينى أو فاشى ذى نكهة وطنية. فمدعو التدين لا يقلون شراسة، بل يمكن ان يضيفوا تهمة الكفر وعداوة الدين إلى القائمة. وتذكر عزيزى القارئ ان معظم العلماء والفلاسفة المسلمين الذين تستخدم سيرتهم كدليل على ان الخلافة الاسلامية هى الحل، معظم هؤلاء المبدعين قد تم تكفيرهم والحكم بارتدادهم بل وقتلهم باسم الدين. (و هذا موضوعنا فى مقال قادم ان شاء الله)، لذلك ان كنت عالما مسلما أو مؤلفا من هوليوود أو مؤلفا لأجمل ألحان التانجو، فربما يتذكرك التاريخ بسبب اعمالك وابداعاتك ولكن غالبا سيكتب عليك ان تعيش منبوذا، مكروها متهما بالخيانة والعمالة وربما الكفر. وابقى خللى التانجو ينفعك!!! مقالات باسم يوسف كلها منشورة في جريدة " الشروق" المصرية http://shorouknews.com/columns/Basem-youssef
خبل
بقلم سليم بوفنداسة
"دفع الجمهور القسنطيني" الأسبوع الماضي الفنان مرسيل خليفة إلى العودة إلى أغنية "مناضلون"، في مشهد مروّع يحيل إلى أن الجزائريين لازالوا يعيشون في سبعينيات القرن الماضي. وليس مرسيل وحده من تعرض إلى دفع مشؤوم من هذا النوع فقبله حاول الجمهور "المنتقى" إجبار الراحل درويش على إنشاد "سجل..." التي تجاوزها …لقراءة المزيد
"دفع الجمهور القسنطيني" الأسبوع الماضي الفنان مرسيل خليفة إلى العودة إلى أغنية "مناضلون"، في مشهد مروّع يحيل إلى أن الجزائريين لازالوا يعيشون في سبعينيات القرن الماضي. وليس مرسيل وحده من تعرض إلى دفع مشؤوم من هذا النوع فقبله حاول الجمهور "المنتقى" إجبار الراحل درويش على إنشاد "سجل..." التي تجاوزها الرجل ونساها. فيما يُرغم زوار الجزائر من نجوم الطرب على ترديد الأغاني القديمة والتحاف العلم الوطني، في صورة توحي  للزائر بأننا لازلنا نعيش حرب التحرير. مواقف من  هذا النوع تقدم الجزائريين كشعب متخلف للضيوف العرب والأجانب، مع أن الجزائر تحصي مئات الآلاف من المتذوقة الذين يتابعون جديد الفن بل ويقرصنونه، إذ تحتل الجزائر مرتبة مشرفة في هذا المجال ! وتحصي متذوقين للآداب يتابعون الاصدارات الجديدة ويقرصنونها أيضا  و دارسين جادين يلاحقون جديد المعارف بمجهوداتهم الخاصة. لكن الجزائر ذاتها تحصي مسؤولين يحاولون البرهنة لمسؤوليهم على وطنيتهم العالية فيأتون في مسعاهم بسلوكات محزنة،  فتجد أحدهم  يرغم مطربا أو مطربة على التحاف الراية الوطنية والظهور معه على شاشة التلفزيون، فيضطر المغني إلى الغناء محرجا  وهو يتعرق براية لا تعنيه. أو تجد أحدهم يردّد على مسامع الضيوف بأن البلاد التي حل بها هي الأعظم في العالم وبأن هذا الشعب لم يخلق الله مثله، وكأن الضيف القادم بلا بلد وكأن بلده إن وجدت بلا راية وبلا شعب. ويتوقع المسؤول بذلك أنه أدى مهمته كمسؤول يحب وطنه ويرضي الذين انتدبوه إلى المهام الجسيمة، وهو الذي كان يفترض أن يقوم بعمله في مكتبه  ويترك أماكن الغناء للغناء وأماكن اللهو للهو وأماكن الرياضة للرياضة. ثمة استدعاء غريب للسياسة إلى غير مواقعها، وثمة إسراف في ذلك. وثمة استخدام فج. والنتيجة هي هذه الخلطة العجيبة التي نكتشفها عند كل تظاهرة فنية أو ثقافية، والتي تقدم صورة غير حقيقية عن البلاد وعن العباد الذين يقيمون فيها ولا يحتاجون إلى تعبير مأجور عن حبهم لها. ملحوظة لا يحتاج الوطن إلى إعلان حب، بل يحتاج كي تستقيم الحياة فيه إلى أشياء بسيطة: الكف عن الكذب مثلا، الكف عن السرقة و الادعاء والكف عن استغباء الناس ضيوفا كانوا أو مقيمين.
الأسود لا يليق بـ ....أحلام مستغانمي !
بقلم وارد بدر السالم
اعترف أني لم أقرأ للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي غير روايتها الأخيرة ( الأسود لا يليق بكِ) وهي قراءة استكتشافية بالدرجة الأولى لذلك صبرتُ معها ساعاتٍ طويلة كي أخرج بحصيلة روائية تشعرني في أقل تقدير أن ثمة تقصيراً مني في عدم قراءة مستغانمي سابقاً ! الآن يمكن أن أقول بهدوء أن هذه الرواية بسيطة …لقراءة المزيد
اعترف أني لم أقرأ للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي غير روايتها الأخيرة ( الأسود لا يليق بكِ) وهي قراءة استكتشافية بالدرجة الأولى لذلك صبرتُ معها ساعاتٍ طويلة كي أخرج بحصيلة روائية تشعرني في أقل تقدير أن ثمة تقصيراً مني في عدم قراءة مستغانمي سابقاً ! الآن يمكن أن أقول بهدوء أن هذه الرواية بسيطة جداً لا تساوي الساعات المهدورة في قراءتها ! رواية احتفالية تحاول ان تنتصر للمرأة بطريقة تقليدية لكن انتصارها يقع في فخ المبالغة والقبلية والرؤية الضيقة للجانب العاطفي من المرأة . ويبدو أن بإمكاني الجزم أن في الرواية إساءة للمرأة عبر (هالة) الشخصية الوحيدة المضطربة التي تقع في فخ ساذج نصبه لها مليونير كاريكاتيري لا نراها الا في أفلام المراهقات ! وقد رسمته مستغانمي بطريقة ملتبسة لم تنجح كثيراً أن تقدم يقظة فكرية للمرأة في ادوارها العاطفية المختلفة. هذا ليس رأياً نقدياً بطبيعة الحال ولا موقفاً مسبقاً من الرواية ، لكنه قناعة شخصية أولى في الأثر الذي صممته مستغانمي على مقاسات معينة لإختراق جو معين وإيصال صورة ما في تقمص عناصر السياسة وزجها في متن روائي عاطفي ، اجتهدت الكاتبة أن تكون صياغاتها مُهَنْدَسة لفئة رجالية بعينها ، وأخرى نسائية لها المقام الأول في التوجه العاطفي الذي إختارته مستغانمي ، وهي تحاول معالجة مشكلة (الحب) بطريقة خلطت فيها الحابل بالنابل وخرجت بنتيجة الـ صفر بالرغم من الحلول التي طرحتها الرواية ، وهي حلول فيلمية جاهزة ومتوقعة من سرد إنشائي طويل وممل الى حد غير معقول . تفشل الرواية في معالجتها السياسية لموضوعة الإرهاب الذي ضرب الجزائر في العقد الماضي ، ومع أنها تقدم نماذجه ونماذجه المضادة غير أنها بقيت تدور في الحلقة المعروفة ذاتها لتُخرج (هالة) الشابة الجزائرية الموهوبة بالفن الغنائي من أتون ذلك اللهيب لتشق طريقها في الحياة من سوريا وبيروت ومن ثم الى بلدان أخرى. وهذه الـ هالة هي مشكلة الرواية وليس المليونير المختلق في الرواية هو القصة ذاتها. الآن صار واضحاً عندي ان هذه الرواية لا جديد فيها على المستويين : المضموني والبنائي سوى لغة اكتسبت مهارتها من الإنشاء الرومانسي المتعارف عليه في روايات كهذه تحتفل باللغة وتنشيء علاقتها معها بشكل صريح. سأبدو كما لو أغرّد خارج سرب الجميلات اللواتي يتهافتن على اقتناء هذه الرواية ؛ وأنا أعرضها بحيادية فلا هدف لي سوى إيراد ملاحظات سريعة توفرت لي بعد القراءة . اقول : الأسود يليق بكِ ..إنتاج روائي ساذج ! هي لعبة لغوية لا غير تجيدها مستغانمي بطريقة احترافية..! مهارات وصياغات أنتجها الشعر وأقوال الفصحاء في الهيام والغرام ! توقفت في زمن اللغة واشتقاقاتها وإنشائها الممل ، حتى كررت نفسها وتكررت بطريقة تحتاج الى صبر لإكمالها. فقدت شعرية الرواية من كل جانب لكنها توفرت على شاعرية إنشائية تلهث وراءها المراهقات والعاطلات عن الحب ! الرواية فكرة فيلمية هوليودية او بوليودية هندية على نحو أنضج ، فالمليونير العاشق الذي يقول للشيء كُن فيكون ، إذ يفطر صباحاً في بيروت ويتغدى في باريس ويتعشى في فيينا ويطارد شابة موهوبة ويهيء لها الشقق الفاخرة والفنادق ذات النجوم الخمس ويصرف أموالا طائلة لا حصر لها من أجل لحظة سرير واحدة فقط !! وهو الذي يعرف انه سيفشل في تلك اللحظة الساخنة ولن يحقق مراده بسبب عجزه الجنسي .. فكيف تأتى له أن يطارد هذه المسكينة التي تريد أن تشق طريقها الفني من نقطة الصفر ! وما هي الحجة المقنعة التي سوّغتها مستغانمي في رسم هذه الشخصية التي توفرت على كل متع الحياة ، مالا ونساء وسفراً وثروة لا نهاية لها ! لا تنسى مستغانمي ، وهي تحيط بالرجل العاشق من كل زاوية إضافة الى أمواله التي لا تحصى وشققه في كل بقعة من أرض العالم ، أن يكون مثقفاً ثقافة عالية المستوى فناً وموسيقى وأدباً ودراية وخبرة حياتية نسائية ، فهو القاريء الذي يحيط علمه بكل شيء وهو الشاعر في لحظته الحوارية والأديب الفصيح في المحاججة ؛ وهو الرجل الغامض الذي لا يظهر الا من حيث لا نتوقع والمختفي ، الباطن ، السرّاني ، غريب الأطوار ، المتيم ، لتكتمل صورة الإنسان الجنتلمان الذي يلعب دور العاشق الولهان مطارداً فتاته أينما حلت وارتحلت. المليونير العاشق وهو يسقط في فخ عجزه الجنسي ويأسه من عدم الحصول على وريث لثروته المترامية في أطراف العالم هو ما قتل روح الرواية بفيلميته المسطحة ودوره الساذج أن يكون محورياً في تصعيد التوتر الدرامي للرواية ، فكان السوبرمان الذي لا يحفل بالزمن ولا الجغرافية ، وهو الفاتح الأخير لعالم النساء . وهو الثور الذي تدور الأرض على قرنيه ! في مقابل ذلك ، فإن هالة – فتاة الغناء الهاربة من إرهاب المدينة ونظامها القبلي هي أيضا متحدثة لبقة ، قارئة جيدة ، تتسابق اليها الفضائيات (وهي غير المعروفة !) وتتحدث بثقة ولغة لا يستهان بها ، لنصل الى أن الجميع متعلمون ومثقفون وعارفون بأدوارهم الحياتية بمنطقية عالية ، غير أن الجميع يسقطون في نهاية الأمر في لحظات حب مفبركة لم تستطع مستغانمي أن تضبط ايقاعها ، وحتى لغتها الإنشائية لم تستطع أن تقدم صنعة روائية سوى شعارات سياسية وهتافات عاطفية منتقاة من دفاتر العشاق لذلك بقيت الرواية تدور في صراعات فيلمية أكل الدهر عليها وشرب .
لماذا استبعد أدونيس عن جائزة نوبل ؟
بقلم الطاهر بن جلون
في سنة 1988 اعترفت لجنة نوبل للمرة الاولى بالأدب العربي من خلال منحها جائزة نوبل في الآداب للروائي المصري نجيب محفوظ الذي يمثل فلوبير وزولا في العالم العربي. ويبدو ان اللجنة حاولت استدراك الخطأ الذي وقعت فيه من خلال عدم منح الجائزة الى طه حسين على الرغم من ان اسمه طرح اكثر من مرة. في وقت من …لقراءة المزيد
في سنة 1988 اعترفت لجنة نوبل للمرة الاولى بالأدب العربي من خلال منحها جائزة نوبل في الآداب للروائي المصري نجيب محفوظ الذي يمثل فلوبير وزولا في العالم العربي. ويبدو ان اللجنة حاولت استدراك الخطأ الذي وقعت فيه من خلال عدم منح الجائزة الى طه حسين على الرغم من ان اسمه طرح اكثر من مرة. في وقت من الاوقات جرى طرح اسم الشاعر محمود درويش، لكن الامر لم يبد صحيحاً سياسياً الا اذا جرى تقاسم الجائزة مع شاعر إسرائيلي وهذا امر غير وارد في جوائز نوبل. في السنة التي نال فيها محفوظ الجائزة قيل ان اللجنة ترددت بينه وبين الشاعر أدونيس . لكن الشاعر المالامري[ نسبة الى الشاعر الفرنسي مالامريه] لم يشجع كثيرا المدافعين عنه، على الرغم من انه يستحق هذا الاعتراف. لقد كان من الجيد منح جائزة نوبل الى أدونيس هذا الشاعر اللبناني- السوري الذي حمل الى الشعر العربي كتابة جديدة. عندما نصغي الى أدونيس وهو يلقي شعره في هذه اللغة الصافية والمعقدة ندرك مدى موهبة هذا الرجل الذي استطاع ان يذهب بعيداً من دون ان يقع في السهولة والغرابة ولا في السياسة. لكن على ما يبدو فان لجنة نوبل تاخذ السياسة في اعتبارها. فأدونيس كان واضحاً في موقفه عندما قال ان ما يجري في سوريا ليس ثورة، وعندما رأى ان لا امل في الربيع العربي اذا سيطرت عليه الحركات الإسلامية. لقد اتخذ أدونيس مواقف خطرة ومعاكسة للتيار، لا سيما فيما يتعلق بدور الدين في المجتمع العربي. وقد وقف ضد الرقابة وارهاب المتعصبين الذين يريدون اسكات اصوات الشعراء. ويعتبر أدونيس شاهداً على انحطاط العالم العربي المنخور بالإسلام الراديكالي الذي يدمر الامال بالحداثة والتقدم. يدافع أدونيس بشراسة عن علمانيته وعن حرية المعتقد، وعلى ما يبدو أن هذا لا يروق للجميع في الدول العربية. نشر المقال في جريدة لوبوان الفرنسية
للإنكار
بقلم سليم بوفنداسة
يصدم تصريح الروائي رشيد بوجدرة  حول اضطراره للكتابة بالفرنسية والنشر في فرنسا من أجل تحصيل حقوقه ككاتب يعيش بالكتابة  غير المطلعين على واقع الحياة الثقافية في الجزائر، ويصدمهم أكثر قوله بأن دور النشر الجزائرية لا تطلب رواياته ! بمعنى أن دور النشر التي تستفيد في معظمها من الريع لا ترغب في …لقراءة المزيد
يصدم تصريح الروائي رشيد بوجدرة  حول اضطراره للكتابة بالفرنسية والنشر في فرنسا من أجل تحصيل حقوقه ككاتب يعيش بالكتابة  غير المطلعين على واقع الحياة الثقافية في الجزائر، ويصدمهم أكثر قوله بأن دور النشر الجزائرية لا تطلب رواياته ! بمعنى أن دور النشر التي تستفيد في معظمها من الريع لا ترغب في نشر أعمال أكبر كاتب في البلد. وبمعنى أن أموال الثقافة  التي أنفقتها الدولة بسخاء في السنوات الأخيرة لتشجيع الابداع قد تذهب لتشجيع أشياء أخرى. أما المطلعون على واقع الحال فيعرفون تماما لماذا لا يحب الناشرون التعامل مع كاتب يعرف حقوقه وواجباته. فالناشر الجزائري ( والاستثناء واجب) يتمتع بحظوة الدعم المالي للدولة، وبالطبع سيتقاسم الفائدة والمتعة مع السلسلة البيروقراطية التي تمتد من أول إلى آخر العملية  والخاسر الأكبر في الحكاية هو الكاتب الذي لا يحصل سوى على فتات إن كان محظوظا، أما توزيع الكتاب فتلك حكاية أخرى. لا يطلب الناشر رواية رشيد بوجدرة لأنه، ببساطة، ليس مضطرا للبحث عن رواية ولكن عن كتاب يقدم عنوانه للوزارة، كتاب فيه صفحات كثيرة وفي الصفحات الكثيرة أسطر كثيرة وكلمات كثيرة وللكتاب غلاف وعلى الغلاف عنوان الشيء واسم صاحبه أو صاحبته. يتعامل الناشر مع الكتاب ككتلة و يستحسن أن تكون الكتلة كبيرة  لأن حجم الدعم من جنس الكتلة. هذا الوضع يجعل عملية النشر غير خاضعة لمعايير القيمة والجودة ولا تأخذ في الحسبان السوق مثلما هو معمول به في كل بلاد الدنيا، ولذلك لا يحتاج الناشر إلى البحث عن كتاب جيد وهو يستطيع الاستعاضة عنه بأي عمل يصادفه دون أن ينقص ذلك من أرباحه أو يزيد في خسائره. وبالطبع فإن الكتاب لن يعيش دورته الطبيعية  اما نشاط النشر فيدخل كغيره دائرة الشبهات للأسباب ذاتها التي  أفسدت الجزائريين وجعلتهم يستبدلون العمل بالشطارة. وإذا ما صح ما تم تداوله من اعتزام وزارة الثقافة إسناد عمليات توزيع الكتاب للشباب البطال في البلديات، فإن الكتاب الجزائري سيكون بين أيد آمنة، من المهد إلى اللحد. ملاحظة لن يأسف كثيرون  لعدم نشر أعمال بوجدرة في الجزائر، لكن عزاء الكاتب أنه لم تظهر بعد وسط ما  "تطرحه" المطابع  رواية في مستوى "الانكار" التي كتبها قبل أربع وأربعين سنة.
كلوا بامية
بقلم دينا سليم
أولا سأشرح معنى عنوان المقال، (كُلوا بامية)،  تناولوا البامية، أو التهموا البامية، وحقيقة لا أعلم لماذا اختيرت البامية لتكون اسم هذه اللعبة. (كُلوا بامية)، لعبة قديمة، منذ مرحلة الطفولة، هي عبارة عن تصويب الضربات حتى وصول الهدف، جُهزت الحجارة، بين كل ضربة وضربة تشابكت الأيدي، تراقصت الكفوف، …لقراءة المزيد
أولا سأشرح معنى عنوان المقال، (كُلوا بامية)،  تناولوا البامية، أو التهموا البامية، وحقيقة لا أعلم لماذا اختيرت البامية لتكون اسم هذه اللعبة. (كُلوا بامية)، لعبة قديمة، منذ مرحلة الطفولة، هي عبارة عن تصويب الضربات حتى وصول الهدف، جُهزت الحجارة، بين كل ضربة وضربة تشابكت الأيدي، تراقصت الكفوف، وغنينا معا، (كلوا بامية)، مرّة واحدة فقط، تسقط الحجارة، ثم تُصوّب الأنظار إلى الحجر الذي سيتحرك لتكملة الدورة، حتى تنتهي الأحجار خارج كفّ الفائز. تربعنا أرضا، تقابلت وجوهنا، وتشابكت أيدينا، وزاد التنافس، جميعنا أراد الفوز، ضربة واحدة وحاسمة الأخيرة هي التي ستعلن عن الفائز، أحببنا أدوار البطولة، وكان سلاحنا الوحيد لهذا الفوز العظيم هي بضعة حجارة، نضرب بها الأرض بعد أن تفلتها أيدينا قصدا ونحن نُغني. إن حصل وتعنّتَ أحدنا، نبدأ في توبيخه، وتحذيره وتهديده بأن نخرجه من اللعبة، فللعبة قوانينها ولا بدّ من الالتزام، لم نسمح للغش أو المراوغة، وبدأنا نلعب ونتنبأ باسم الفائز، أو الحجر الفائز؟ ذكرتني هذه اللعبة بما يجري الآن في سوريا، وتداعيات الحرب المحتملة التي يمكنها أن تحصل في الشرق الأوسط، والمواجهات الخطابية بين أبطال العصر، وكذلك القنوات الاخبارية التي بدأت تسعى مسعورة إلى كشف المزيد، مزيد من الترويع منذ بدأت المواجهات وتبادل التهم بين اختلاف التيارات المرتبطة بالشأن السوري بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وبشأن متصل أيضا، تصاعد الخوف الذي ألّم المواطنين في سوريا والبلاد المحاذية لها، ناهيك عن قضية الكمامات الواقية، ذات الدراما المسرحية تتكرر، يتشابه السيناريو، ومجددا، الكبار يلعبون (كلو بامية) والصغار يخافون حتى الموت قبل أن يستقبلونه، أي الموت. تطغى علي الذكريات اليوم بطريقة عنيفة جدا، تحركات القلب أصبحت سريعة، تسقطني في مهادي الذكرى الأليمة، ذكريات لا أقوى على سردها هنا جميعها، لكني أذكر جيدا كيف أنفقت ساعات الليالي الطوال وأنا أنتظر صواريخ (صدام) أثناء حرب الخليج، من أن تتهاوى ناقمة فتتهدر دمي ومعها الأرواح في فلسطين، حيث دبّ الرعب في نفوس الأبرياء، لأنه سبق وفعلها في (كوردستان العراق)، فكيف لنا أن نستبعد أي جريمة جديدة تصدر من حاكم دكتاتور، وفي ذات الوقت خشيت أن أذهب في غفوة عميقة فلا يتسنى لي من الاستيقاظ لكي أحمي أبنائي من شرّ الغازات التي هدد بها الرئيس المخلوع باطلاقها، أيام سيئة تمضي على أناس مسالمين لا دخل لهم، تماما كما يشعر الآلاف الآن في  سوريا والمنطقة المحيطة بها، الانسان الأعزل، ماذا يفعل في هكذا موقف، الوحيد، القلق، الخائف، الذي لا حوّل ولا قوة له، ماذا تفعل الأفراد التي انهمكت تبحث عن حلّ من خلال الصراع على بقائها. ولكي أخفف من وطأة الحديث، سأسرّ لكم بسرّ عظيم إلى من صمت ولا يعرف ماذا يقول، وإلى من أبتلعت شفاههم الحسرة، وهو كيف تمكنت من السهر شهر كامل، وحتى انتهاء الحرب، وكيف استطعت أن أكون متيقظة، ولم تلمسني غفوة السلطان، وذلك لكي لا تباغتني الضربة وتأتي على أبنائي أحبائي، جلبت طلاء الأظافر، ومسحوق (الأسيتون) مزيل الطلاء، وبدأت أطلي أظافري العشرين، وعندما انتهيت من المهمة، أقوم بإزالتها بمساعدة المزيل، وأطليها مجددا، وثم أزيلها، حتى استمررت على هذا الحال طوال الليالي الصعبة، ساعات الإنتظار المقيتة، لأني جرّبت من قبلها أساليب أخرى لم تنفع،  القراءة مثلا وتصفح المجلات التي لم تكن لتساعدني، وكنت قد اتفقت مع نفسي ليلا عدم متابعة الأخبار، لأن الإعلام وحتى الآن كان قد أفلح بغرز الخوف داخل نفوس المسالمين. فتاة سورية لمست شغاف قلبي عندما كتبت مخاوفها علنا على الفيس بوك، طلبت المساعدة، وغيرها كثيرات، وعاشق آخر يناجي حبيبته، وآخر عشق سوريا الياسمين فكتب لها قصيدة وداع، وامرأة فقدت طفلها في معركة ما، احتارت ماذا تكتب وماذا تقول وكيف، وآخرون استمعوا إلى فيروز وهي تنشد (وطني، يا جبل الغيم الأزرق، وطني يا قمر الندي والزنبق...)، جميعهم يودّعون الحياة بطريقة ما، مسكينة هي أرواحنا الغالية علينا، التي جرحت وتلوثت بالدماء، وأسقط الكبرياء منها حتى تعرّت، واستنشقت الغبار ورائحة الرصاص، لذلك تذكرت لعبة (كُلوا بامية)، لعبة الموت والحياة بامتياز، لم أنتبه لها حينها لأننا كنا أطفالا أبرياء، لكن الكبار لا يزالون يلعبونها والصغار يأكلون الحسرات... أمقت البامية. ونصيحتي لمنتظري الضربات، لا تنسوا طلاء الأظافر، والمزيل أيضا! * دينا سليم كاتبة و إعلامية فلسطينية مقيمة في أستراليا
العصر الجاهلي الجديد
بقلم روعة فتفت
لا شكّ جميعنا قد سمع بالعصر الجاهلي وبلفظة الجاهلية. وما الجاهليّة سوى تلك الحقبة التاريخيّة التي سبقت ظهور الإسلام بمئة عام. ولعلّه اطلق على تلك الحقبة التاريخية بتسميّة الجاهلية بالتضاد مع الرشاد والمعقولية اللذين أتى بهما الاسلام؛ وكأنّ في هذه اللفظة إدانة لنمط المعيشة الخارجة على الهداية …لقراءة المزيد
لا شكّ جميعنا قد سمع بالعصر الجاهلي وبلفظة الجاهلية. وما الجاهليّة سوى تلك الحقبة التاريخيّة التي سبقت ظهور الإسلام بمئة عام. ولعلّه اطلق على تلك الحقبة التاريخية بتسميّة الجاهلية بالتضاد مع الرشاد والمعقولية اللذين أتى بهما الاسلام؛ وكأنّ في هذه اللفظة إدانة لنمط المعيشة الخارجة على الهداية بالمعنى الديني. فتلك الفترة تميّزت بفقدان المعرفة الالهية وبسيادة الفطرة الحماسيّة الخالية من سيادة العقل بمعنى الهداية والرشاد الديني؛ فقد فرض هذا الجهل بالمعرفة الدينيّة واصطدام الانسان بفكرة العدم، وطبيعة البيئة القاسية على الانسان حينها نمطا من العيش تجلّت مظاهره في الصراع الدائم والغزو الذي لا تنتهي فصوله لضمان البقاء؛ وبسيادة شريعة الغاب لأنّ الهيمنة كانت لمن يملك عناصر القوة: المال ،السلطة،السّلاح. ولكن الانسان الجاهلي رغم تلك العيشة الهمجيّة المتخلّفة في بعض جوانبها، عرف قيما أخلاقية سامية جاء الاسلام وكرّسها . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: إذا كانت طبيعة البيئة القاسية ، وتفشّي الجهل قد فرضت على الإنسان الجاهلي حينها قيماً أخلاقية واجتماعية سلبية كالصراع الدائم ، وسيادة شريعة الغاب حيث القوي يأكل الضعيف فما المبرّر اليوم للإنسان كي يخضع لشريعة الغاب في ظلّ شرائع سماوية تحضّ على مبادئ إنسانية سامية: العدالة والمساواة والحرية واحترام انسانية الانسان والسمو الاخلاقي وتصون حقوق الإنسان ؛ وفي ظلّ قوانين مدنية أيضا تدعو إلى احترام حقوق الانسان وتكفلها ؟ وفي ظلّ التقدّم العلمي والانفتاح والتطور التكنولوجي؟ فبعدما وصلنا إلى ما وصلنا إليه من تطور وتقدّم على المستويات كافة لم يعد مبرّراً للانسان أن تتحكم فيه العقلية والذهنيّة المتخلّفة والأفكار المتحجّرة ، ولكن ما يحدث حولنا في العالم أجمع سواء في ظلّ الأنظمة التي تنتهج الشرائع السماوية أو في ظل ّ الأنظمة المدنية التي تنتهج القوانين المدنية فإنّنا نرى شريعة الغاب تتقدّم وتعود إلى الأمام وما نحن اليوم سوى في عصر جاهلي جديد أين منه العصر الجاهلي الأول !. فعلى المستوى الدولي، الدول التي تمتلك عناصر القوّة تهيمن على الدول الصغيرة والضعيفة وتتحكم بمصيرها وتتدخل حتّى في تفاصيل شؤونها إذا تعارضت مع مصالحها ، وعلى الصعيد الفردي نجد كذلك الإنسان الذي يمتلك عناصر القوّة يتحكّم بإرادة الأشخاص الذين يفتقرون لهذه العناصر. ويعمل على استعبادهم، ولم يعد التمايز هنا بين الأشخاص يقوم على مبادئ المؤهلات الشخصيّة العلميّة والثقافيّة والابداعيّة بل إنّ ثالوت المال والسلاح والسلطة تمنح الشخص شهادة التمايز . ممّا أدّى إلى انتشار الفساد بكل أشكاله وعلى المستويات كافّة. من المؤسف حقّاً هذا التخبّط الذي يعيشه العالم اليوم! وبرأيي أنّنا على المستوى الانساني قد وصلنا إلى الدرك الأسفل من الانحطاط الأخلاقي ولا فرق هنا بين مجتمعات ما يسمونه بالعالم الثالث وبين مجتمعات البلدان الصناعيّة المتقدّمة؛ بين الدول التي تتبع نهجا سماوياً وبين التي تبتدع قوانين مدنية وضعيّة وأبعدت الدين عن التدخل في تنظيم شؤونها وجعلت أنظمتها علمانية او حتّى إلحاديّة. ففي البلدان ذات الطابع الديني، قيّد الدين، في دور العبادة. واستبعد دوره السياسي على الرغم من أنّ تطبيق النظام الديني عبر العصور أثبت فعاليته في تحقيق مجتمع إنساني أكثر مثالية. أما اليوم فقد فصل حكّام هذه البلدان الدين عن السلطة وابتدع كل حاكم أنظمة وقوانين تساهم في تكريس حكمه وتوريثه، بل عمدوا أكثر من ذلك إلى المتاجرة بالدين واستغلاله لمصالحهم وما ذلك إلاّ لأنّ الحكم الديني الشفاف يحدّ من صلاحياتهم وينتزع منهم مكاسبهم الشخصيّة ويقف في وجه شهوة الحكم والملك التي تسيطر على نفوسهم. ففي الشرائع السماوية ما الحاكم وأصحاب النفوذ إلاّ موظفون لخدمة الدين والانسان ، بينما السلطة عندهم تكريس لقوتهم ولهيمنتهم وتوريثها لأبنائهم. ففي هذه البلدان يتبع كل حاكم سياسة معينة لضمان بقاء حكمه فمنهم من يتبع سياسة تجهيل الشّعب، أو تفقيره أو قمعه أو اتباع سياسة "فرّق تسد" حيث يزرعون بذور الفتنة الطائفيّة والمذهبيّة بين أبناء الوطن، وتمتد الخطورة لتطال النزاعات المناطقية والعائلية فنرى الشقاق والنزاع كل يوم يزداد بين أفراد المنطقة الواحدة بل بين أبناء العائلات وحتّى ضمن العائلة الواحدة أيضاً وما ذلك إلاخدمة مجانيّة لأصحاب المصالح من أرباب المال والسلطة وأصحاب النفوذ بقوة السلاح. أليست هذه هي طبيعة الحياة في العصر الجاهلي ؟ حيث كانت تسود العصبيات القبليّة والعائلية والعرقيّة وغيرها ؟ ألم يكن وراءها أيضاً أصحاب النفوذ ممن يمتلك الثراء والسلطة والسلاح؟ ألم يقف في وجه الرسول الكريم والدعوة الاسلامية المتسلطون على رقاب الضعفاء والفقراء ممن يمتلك النفوذ المادي والسلطوي؟ أليس لأنّ الدين الاسلامي جاء لينتزع منهم هذه الصلاحيات ويقف في وجه غطرستهم واستغلالهم الضعفاء واستعبادهم الفقراء؟ ومن أجل تحقيق مجتمع إنساني يسوده العدل والأمن والسّلام والعدالة الاجتماعية التي كان يفتقر لها المجتمع في العصر الجاهلي . ولكن نعود لنقول ربما كان للانسان حينها مبرّراته العائدة إلى طبيعة البيئة القاسية ، وإلى جهل المعرفة الدينية واصطدام الانسان بفكرة العدم وخضوعه لمبدأ النشوة والفروسية وسيطرة الأميّة والانغلاق الذي أفّرز التعصب بمختلف أشكاله وعادات وتقاليد وأعراف أقلّ ما يقال فيها بدائية متخلّفة بل أكثر من ذلك لا إنسانية. ولكن الانسان اليوم ما هي مبرّراته؟ فالعقلية والذهنية المتحجرة رقّقها العلم والثقافة والانفتاح ، وصقلتها القيم الاخلاقية المستمدّة من الشرائع السماوية او من القيم التي كرّستها مبادئ حقوق الانسان والتي بات الانسان على اطلاع بها من أدنى الأرض إلى أقصاها في ظل التطور التكنولوجي الذي طوّر وسائل التواصل وحولّ العالم إلى قرية كونيّة صغيرة. وفي هذه المجتمعات التي تأخذ طابعاً دينياً تقف أيضاً العادات والتقاليد والأعراف في وجه تقدّم هذه المجتمعات لأنّ هذه العقليّة والذهنيّة المشبّعة بقيم مستمدّة من موروثات عقائدية توارثتها الأجيال على مرّ الأزمنة ، للأسف لم يستطع الدين أن يحاربها ويقضي عليها، بل نراها لا تزال مترسّخة في أعماق شبابنا حتّى الذين غادروا هذه البيئات وتفاعلوا مع بيئات متحرّرة ولكن ما أن يعودوا لبيئتهم حتّى يخضعون لتقاليد وأعراف مجتمعاتهم البالية؛ ويقومون بممارسات تشبه إلى حدّ بعيد ما كان يقع في العصر الجاهلي. وفي المحصّلة هذه المجتمعات تتخبط بممارسات لا تمت بصلة لا إلى الدين ولا إلى التمدّن والتحضّر. أو للأسف يقع الانسان الذي يريد التحرّر في هذه المجتمعات وطبعاً هي مجتمعات العربية بمجملها تحت سيطرة التبعية والتقليد الأعمى للغرب ، ممّا جعله يضيّع هويته وخصوصيته الشرقية التي تميّزه. فينتقل من تخلف ملامحه معروفة إلى تخلف من نوع آخر وأكثر تعقيداً وفي المجتمعات المدنية شكّلت القيم الماديّة ذهنية وعقليّة الانسان هناك وهي بمجملها مجتمعات غربيّة . هذه المجتمعات اعتبرت الدين عائقاً في وجه تقدّم الانسان وتحضره فتحرّرت من القيم الدينية ، وأضحى الانسان هناك أسير شهواته الحيوانية فتفشت الأمراض النفسية وكثرت الجرائم اللانسانية التي لا يصدقها عقل بشري . لا ننكر على هذه المجتمعات التفوّق العلمي الذي قدّم للإنسانية وسائل الراحة وعالج الكثير من مشاكلها الحياتية وغيرها ولكنّها بالمقابل ليست هي المجتمعات الأكثر انسانية بل لا تقلّ عن المجتمعات الشرقية تخبطاً في وحول الرزيلة والفساد إنّما من زاوية أخرى . وهذه الثقافة الفكرية القائمة على التحرّر من القيم الدينية تردنا أيضاً إلى العصر الجاهلي الذي كان يجهل المعرفة الدينية فتخبّط في شهواته السوداء الحيوانية فانتهكت كرامات انسانية وانحدر بسلوكياته إلى مستويات قد لا تقترفها الحيوانات . وفي الخلاصة وبنظرة موضوعيّة رغم تقدم البشريّة الهائل على المستويات العلميّة والاكتشافات والاختراعات إلاّ أنّني أرى أنّ البشريّة تعيش اليوم عصراً جاهلياً جديداً؛ وبات لزاماً علينا أن نعيد النظر في الفكر البشري برمته ونبحث عن غائية الانسان من حياته على هذه الأرض ؟ وكيف يستطيع الفكر البشري أن يوازن بين حاجات الانسان الماديّة والروحيّة؟ وأين مكامن الخلل على المستوى الفردي والجماعي في ضياع الانسان وفي انتشار الفساد والانحلال الأخلاقي ؟.
أكلك منين يا بطه !
بقلم سهيلة بورزق
    زاد وزني بمقدار كبير منذ توقفي عن ممارسة رياضة التّجويع المتعمّد !     هكذا يبدو الأمر معقدا..أبدو كدبة كودياكية خارجة من قطبها الشمالي، أمشي بدلال لثقل ما في منطقة محدّدة !     قبل أيّام زرت طبيبتي ذات القوام ( واو )، أخبرتها عن مشكلة غريبة تحدث معي …لقراءة المزيد
    زاد وزني بمقدار كبير منذ توقفي عن ممارسة رياضة التّجويع المتعمّد !     هكذا يبدو الأمر معقدا..أبدو كدبة كودياكية خارجة من قطبها الشمالي، أمشي بدلال لثقل ما في منطقة محدّدة !     قبل أيّام زرت طبيبتي ذات القوام ( واو )، أخبرتها عن مشكلة غريبة تحدث معي منذ أزيد من شهر، كلّما بدأت في كتابة نص، شعرت بجوع طافح، أجرجر بطني إلى سلة الفواكه ثم إلى الثلاجة، ولا أعود إلى رُشدي إلا إذا أتممت على الحلويات نعمتي.. أتنفس بعدها بعمق شديد وكأنّني خرجت للتو من تحت الماء.     طلبت مني الطبيبة ( الفراشة ) إجراء تحاليل هورمونية، وأكدت لي أنّها لا تستطيع الجزم إلا بعد وصول النتائج.     زاد مصروف البيت مرتين، آكل وأنا أنظف، آكل وأنا أتحدث في التلفون، آكل وأنا     أسوق، آكل وأنا أتعارك مع جارتي الروسية التي تُحاول قتل قطتي، آكل وأنا أشاهد برامج الطبخ، آكل وأنا آكل...!     رنّ هاتفي، أخبرتني الممرضة أنّ الطبيبة تريد رؤيتي في أسرع وقت.     لففت قطعة خبز بجبن وطماطم وخيار وبصل ومعكرونة في ورق وخرجت.     دخلت الطبيبة لتجدني غارقة في المضغ، لم أهتم لنظرتها المشمئزة منّي، كنت ألهث مع البصل فقد عشقت رائحته منذ وقت، وأصبحت أدلّك به جلدة رأسي كلما سقط شَعري .     أخبرتني أنّ هورمونات الذكورة لدي مرتفعة، وأنّني بحاجة إلى زيارة طبيب مختص.     وأنا أمضغ دائما سألتها بسخرية: يعني ممكن أولادي ينادوني بابا !؟     سأتحوّل إلى ذكر !     زُرت الطبيب المختص، كان ذكرا فاتنا، لكن للأسف الأمر لم يعد ينفع فالحال من بعضه البعض !     طلب منّي تحاليل جديدة ودخلت في دوامة التحوّل.     أصبحت أحلق مرتين في اليوم استعدادا لأي احتمال مرتقب، وتوقفت عن التدليك بالبصل، وأصبحت أقرأ كل ما يتعلق بمصيبتي، وتراجع اهتمامي بالأكل.     أسبوع، أسبوعان، شهر، كلّما اتصلت تُخبرني الممرضة أنّ الطبيب المختص في عطلة، كنت أعيش أسوأ أيام حياتي.     بعد مرور أكثر من شهرين، طلبت رؤية طبيبتي من جديد.     كانت سعيدة جدا لرؤيتي ومبهورة برشاقة جسدي.     القصة وما فيها أنّ طبيبتي التي تعرف جنوني منذ سنوات قد عالجتني بالوهم، وكل ما حدث كان مسرحية رتّبتها مع صديقها الطبيب المختص.     لم أغضب منها، غضبت من ضياع فرصة الأكل مجانا في ضيافة صديق.     كلّ هورمونات والأكل بخير.
إذا كنت تصدق كل ما تقرأ فتوقف عن القراءة
بقلم مرتضى گزار‎
الحادثة التالية هي من هذا النوع الذي لا يستحسن تصديقه، هي إشاعة وسالفة طريق قد يرويها لك جارك في سيارة سفر، وترويها أنت لمسافر آخر في طريق العودة. يقولون إنّ عشرات الشكاوى بلغت مراكز الشرطة وسيطرات الجيش ومكاتب النوّاب، كلها تتذمر من ظاهرة مخيفة تتفاقم في أسواق بيع الملابس، يدخل …لقراءة المزيد
الحادثة التالية هي من هذا النوع الذي لا يستحسن تصديقه، هي إشاعة وسالفة طريق قد يرويها لك جارك في سيارة سفر، وترويها أنت لمسافر آخر في طريق العودة. يقولون إنّ عشرات الشكاوى بلغت مراكز الشرطة وسيطرات الجيش ومكاتب النوّاب، كلها تتذمر من ظاهرة مخيفة تتفاقم في أسواق بيع الملابس، يدخل «المواطن» في غرفة القياس، أو الفتنغ رووم كما لفظها مواطن حزنان عائد من صلاة الجمعة، يحمل مظلة مرسوم عليها وجه بوب مارلي، يدخل المواطن ولايخرج، يتأخر لساعة أو أكثر بقليل في غرفة القياس، يدخل مع بنطلون أو تيشيرت أو بدلة رسمية كي يجربها على جسمه، وهي مهمه لا تستغرق سوى بضعة دقائق في أبطأ الحالات، بيد أنه يغيب في الغرفة الصغيرة شاردًا في خياله أمام المرآة؛ لساعة أو ساعتين. هذه الظاهرة تكررت في كل محلات بيع الملابس، الرجالية والنسائية، ولم تسجل حادثة واحدة عند المحلات الخاصة بالأطفال، الظاهرة الغريبة امتدت طولاً من زاخو إلى الدريهمية!، وكان متصفحي موقع الگوگل إيرث يعلّمون على الخارطة مواقع المحلات المبتلاة بهذه المشكلة، حتى صارت الخارطة منقّطة مثل المصاب بالطفح الجلدي. الأمر لم يتوقف هنا، فكل هذا لم يكن مقلقاً إذا ما قورن بما حدث بعده. لقد استغل التجّار هذه الصرعة الجديدة، فشيدوا غرف قياس في الشوارع واستثمروا نهم الناس في المكوث داخلها. في برامج التلفزيون الحوارية يتحدث رجال غرفة القياس ( هكذا صاروا يسمونهم بعد أن تفشت الحالة وصار لهم أتباع وموالون ومغرّدون) عن فضل غرف قياس الملابس وثواب التعري داخلها وإطالة المكوث فيها، وشيئا فشيئاً صارت المنازع؛ تلك الغرف المستطيلة أمراً بالغ الأهمية عند الناس حتى أنهم طالبوا أن تتحول المدن كلها إلى غرفة قياس، إلى فتنغ رووم جماعي يتجرد فيه الشعب أمام المرآة على مدار الساعة. لا أحد يتذكر الآن تلك الشكاوى، لقد تحولت غرفة لا يتجاوز طولها المترين إلى بلاد كبيرة، تلك البقعة شديدة الخصوصية، التي يهندم فيها الإنسان نفسه ويراجع داخلها حساباته الروحية وصلاته الحميمة، استغلها رجال غرفة القياس لقياس كل شيء في حياتنا، بل لقياس ما لا يدركه القياس! بعد أسابيع؛ ظهر «رهط» من المتعلمين يطالبون بضرورة فصل غرف القياس عن الحياة، فصحّح لهم رجال غرف القياس مطالبهم: قولوا فصلنا نحن (أنتم) عن الحياة، لأن الحياة كلها غرفة قياس. إذا كنت ممعناً في تصديق ذلك، فالناس في غرفة القياس الكبيرة يهمون الآن بارتداء ملابسهم، بحجة أنهم وهم عراة لا يتعرفون على أصحابهم وأقاربهم، فالعري حسب قول ناشط وحقوقي معروف نوع من التخفي والتنكر
إختيار الأديان لا الأزواج...!
بقلم دينا سليم
هل يمكنه أن يصبح مسلما، أريده مسلما حقيقيا، أن يولد مسلما من جديد، أن يرضى عنه أبنائي، أن أبقي موضوعي سرا، أخشى من اخوتي، ثم المجتمع، ماذا سيقول عني، أي  أقصد موضوع الزواج، أن وأن وأن ، وكم أن يمكنها للمرأة الشرقية أن تتوعد لنفسها بها، وكم من جواب يمكنها أن تستقبل؟ وسألتني أيضا: كيف يمكنني أن …لقراءة المزيد
هل يمكنه أن يصبح مسلما، أريده مسلما حقيقيا، أن يولد مسلما من جديد، أن يرضى عنه أبنائي، أن أبقي موضوعي سرا، أخشى من اخوتي، ثم المجتمع، ماذا سيقول عني، أي  أقصد موضوع الزواج، أن وأن وأن ، وكم أن يمكنها للمرأة الشرقية أن تتوعد لنفسها بها، وكم من جواب يمكنها أن تستقبل؟ وسألتني أيضا: كيف يمكنني أن أجد رجلا أستراليا يوافق على اعتناق الإسلام؟ أجبتها: أحلمي به، حدثيهِ أثناء صحوكِ ومنامكِ، ألم نتعود على تحقيق الأماني من خلال الأحلام. من خلال حديث سابق دار بيننا، قالت: سوف تعود فلسطين لنا، وسوف نرمي اليهود في البحر! أجبتها: كيف ومتى سيكون ذلك، هل في عصرنا نحن؟ أجابت: لا أعتقد الآن، لكنه حلم كبير يجب أن يتحقق. إذن هذه المرأة حالمة، وأحلامها ربما تكون واقعية وربما تكون غير واقعية، ربما تتحق أو ربما لا، لذلك، جاءت إجابتي لها: احلمي به وحدثيه والق السلام عليه كل صباح، للحبيب الغائب المنتظر، ربما يظهر! أعلم أنها موضوعه جريئة وصعب البحث فيها، لأنها إحدى الحقائق الصعبة التي لا نستطيع الخوض فيها، موضوعه المرأة العربية المتعلقة حياتها في المجتمع الذي أنجبها مرة واحدة، وألبسها الدين في كل مرة، تلك المرأة التي تجد نفسها في بلد غريب، وحتى لو منحها جنسيته تعتبره غير وطنها، وتعتبر كل من يقيم فيه ملحدين، نعم..رويدكم، لا تتحاملوا عليّ، لست أهاجم ولست من اللواتي يحملن وصايا التخفي خلف ثوب الشعارات الزائفة. بل ما يجب فعله هو مناقشة الموضوع وتعرية الفكرة وتجزئتها لكي نستطيع استخلاص النتائج ومن ثم الإتيان ببعض الحلول المُرضية، الحلول التي ترضي الطرفين، المرأة ذاتها، هي التي تبحث عن رجل تكمل معه مسيرة الحياة، والطرف الآخر، المجتمع الذي أتت منه، عائلتها، أسرتها وذويها والوطن الذي استغنى عنها، الخ. للعلم أن نسبة المطلقات العربيات بازدياد، كما هي نسبة العازبات الفتيات اللواتي يعانين من ازدواجية الاختيار، خاصة النساء الشرقيات المسلمات تحديدا، وعدم موافقتهن على الارتباط برجال شرقيين، لأسباب جوهرية كلنا نعرفها، وهي أن المرأة العربية عندما انكشف عليها عالم آخر ينادي بتحررها وبمساواتها بالرجل، ويشجعها على عدم الرضوخ لقوانين (سي السيد)، يدعها تبحث عن رجل أسترالي يحترم خصوصيتها ويستطيع أن يلبي لها ما تريده باحترام، لأنه يعلم تماما أنها أهم كائن في الحياة. في المجتمعات المنغلقة، على الأغلب، يتم تزويج الفتاة لرجل يختارونه لها الآخرون، وبعد سنوات العمر الطويل التي تمضيها تلك الزوجة، وإن حصل وهاجرت، إن كان الزواج متكافئا يتحمل جميع المراحل الحياتية الصعبة التي تمر على الزوجين، فيسير الموكب هادئا حازما سالما، لكن... عندما تجد المرأة نفسها مطوقة ورهينة اعتقال حياتي دون مبرر، من زوج يأخذها إلى المهجر ويريدها أكثر تزمتا، أو يبدأ بمعاملتها أكثر حزما وقسوة، وإن واتتها الشجاعة تطالب بالتحرر منه، وقانون الأحوال الشخصية يمنحها هذا الحق، لذلك شاعت حالات الطلاق، ويمكن للمطلقة التفكير مجددا بالارتباط ومواصلة حياتها كما تريد، فلها الحق باختيار الشريك دون زواج، أو اختيار الزواج المدني، أو اختيار الزواج الشرعي، لكن تصدم بمشكلة كبيرة تشكل عائقا أمامها، وهي إيجاد الشخص المناسب، وتحلم بأن يكون هذا الشخص أستراليا، لأنه، وحسب اعتقاد الغالبية، لا يحمل في عقليته تعقيدات الرجل الشرقي، والمشكلة تتفاقم عندما تجد نفسها أمام خيار صعب، وهو، ولكي ترضي من حولها وعدم المساس بدينها، أن يقبل هذا الرجل باعتناق الدين الاسلامي، هنا تبدأ المعضلة، أي نعم يوجد من يعتنق الإسلام بسهولة، لكن الاحصائيات تدل على ارتدادهم السريع أيضا، لعدم تمكنهم الالتزام مع شرائع الدين الذي رأوا فيه تكبيلا وتضييقا، فيبدأ مشوار البحث عن هذا الأسترالي المناسب الذي يمكنه أن يتفهم عقلية امرأة جاءت من الشرق تريد أن تبدأ حياة جديدة معه، وأن تكون عضوة في مجتمع أسترالي مثلها مثل سائر النساء الأستراليات اللواتي يتمتعن بجميع الحقوق. أعتقد أن أمر إيجاد هذا الشخص شبه مستحيل، لأن الشرقية لا يمكنها أن تذهب إلى مقهى، ترقص وتحتسي الخمر، وتعيش حالات التحرر من المشاكل اليومية كما هو شائع، أو أن تذهب معه في رحلة صيد بحرية، أو أن تشاركة رياضة ما، مثل ركوب الأمواج، أو أن تدرب نفسها على الابتسام طوال الوقت، وأن تضحك على نكتة تافهة يطلقها، وأن تتعود على أن هذا الكائن غير معقد، واضح وبسيط، أو أن، وهذا المهم في الموضوع، أن توافق بأن يبدأ التعارف داخل السرير (مساكنة قبل الزواج). وإن حصل التعارف داخل الكنيسة فكيف ستكون النتيجة يا ترى...أعتقد أن أحوالنا معقدة، أو ربما عقولنا التي لا تريد أن تتبدّل، لأن الوسطية في هكذا موضوع لا يكتب لها النجاح في أكثر الأحايين (أتمنى أن أكون مخطئة)، سأتوقف هنا ...لنفكر ...     دينا سليم كاتبة فلسطينية مقيمة في أستراليا
تعدد الزوجات.. هوى متّبع
بقلم  رجاء عبدالهادي
 . يتصور بعض الرجال أن تعدد الزوجات حرية شخصية لهم، لا يشاركهم فيها أحد، وحق مطلق غير قابل للنقاش، لكنهم يتجاهلون حقيقة مهمة وهي أن المرأة شريك في الحياة لا يمكن غض الطرف عن حقوقه ومشاعره. هم يتعاملون مع المرأة كمتاع قابل للبيع أو الشراء، وينسون أنها إنسانة لها مشاعرها التي يجب صونها، ولها …لقراءة المزيد
 . يتصور بعض الرجال أن تعدد الزوجات حرية شخصية لهم، لا يشاركهم فيها أحد، وحق مطلق غير قابل للنقاش، لكنهم يتجاهلون حقيقة مهمة وهي أن المرأة شريك في الحياة لا يمكن غض الطرف عن حقوقه ومشاعره. هم يتعاملون مع المرأة كمتاع قابل للبيع أو الشراء، وينسون أنها إنسانة لها مشاعرها التي يجب صونها، ولها حقوقها التي لا يجوز إهدارها. وقد أسهم هذا التصور الفردي في إيجاد حالة من المعاناة لا تنتهي، ولا تترك أثرها على المرأة وحدها، بل عليها وعلى كل أسرتها، بما في ذلك أطفالها، وهم الطرف الأكثر تضرراً في التجارب الأسرية غير الناجحة. مفاضلة غير عادلة تحكي «أم سالم» قصتها مع زوجها المتعدد، فتقول: أحتل المرتبة الثانية بين زوجاته، في البداية اقتصر الموضوع على زوجتين، لكنه تطور حتى اكتمل العدد، ولكي أكون منصفة، أرى أن زوجي يحاول العدل بيننا ، لكنه لا يستطيع لأن احتياجات كل زوجة تختلف عن الأخرى، ومن هذا المنطلق تنشأ المشكلات نتيجة تفضيله زوجة على أخرى. وتضيف قائلة ليس سهلاً أن أعيش كزوجة ثانية، لأن الأمر أشبه بمنافسة مستمرة مدى الحياة. وتؤكد أنها ليست على وفاق مع زوجته الأولى، بل تشعر دائماً بأنها تشاركها فيما تملك، وتقول غالباً ما أسعى لأريه الفرق بيني وبينها، أمام الناس فنظهر التوافق التام بيننا، لكن هذا لا يعبر عن الواقع. أم العيال تكسب الجولة! وفي رواية أخرى تدور في السياق ذاته، تروي «أم حسن» قصتها كزوجة أولى وأم لثلاثة أبناء، فتقول كان زواجي تقليدياً، تزوجت صغيرة السن، وكنت أخضع لأوامر زوجي دائماً، وما كان يجمعنا هو المودة وليس الحب، وفي البداية كنت أجهل ما يسعده، حتى عرفت بخبر زواجه من امرأة أخرى من جنسية مختلفة جمعهما الحب. وتستطرد قائلة اختلطت لدي مشاعر الغضب بالندم حتى بدأت أتعمد افتعال المشكلات بيني وبينه. لم أرض بواقع التعدد وكوني شريكة في شيء كان ملكاً لي، واستمرت المشكلات بيننا، فلم يعد مثلما كان وأصبح بالنسبة لي كالغريب، حتى تم الانفصال لأول مرة منذ زواجنا. واستمرت فترة الانفصال سنتين، ثم علمت بوقوع مشكلات بينه وبين زوجته الأخرى، وكان سبب غالبية المشكلات التي تحدث بينهما عدم قدرتها على الإنجاب. ومنذ تلك اللحظة شعرت بأن الفرصة قد حانت لي لكي أعود كما كنت بل أقوى من السابق، وأصبحت «أم العيال»، ومن ثم بدأت علاقتي بزوجي تتحسن لكنها بالمقابل ساءت مع زوجته الأخرى، حيث كان جسر الغيرة يمتد كل يوم بيننا. الغيرة أنواع ويتحدث الاختصاصي الاجتماعي محمد الزنيدي عن موضوع الغيرة بين الزوجات، فيقول معروف أن الغيرة في الحياة الزوجية تمثل أحاسيس ومشاعر وأفكاراً وتصرفات تنتاب الشخص عندما يجد نفسه مهدداً بالإقصاء من قبل طرف آخر، وأن علاقته القوية بشريك حياته بدأت تختل نتيجة دخول طرف آخر ومنافس له. أما عن المعايير التي من خلالها يتم تقييم حدة الغيرة وما إذا كانت محمودة أم مذمومة، فذلك يعتمد على طبيعة الزوجة. ويقول إن الغيرة هي بشكل عام أمر شائع بين النساء، لكن أنواعها تختلف اعتماداً على شخصية المرأة وطبيعتها. ويشير إلى أن الغيرة المحمودة أمر طبيعي وهي معيار حقيقي للحب، أما الغيرة المذمومة وغير المحببة، فإنها تتجاوز كل حدود المعقولة والطبيعية، حيث تترك آثاراً سلبية تؤثر على طبيعة العلاقة سواء كانت في أسلوب إدارة الحوار بين الزوجين أو فيما يخص المرأة ذاتها، ما يجعل منها امرأة انفعالية ويدفعها لاتخاذ قرارات لا إرادية ودون وعي بالعواقب مستقبلاً. كما تقود الغيرة المذمومة المرأة إلى حالة دائمة من الوسواس، تجعلها تتخيل أموراً قد لا تكون حقيقية أو واقعية عندما يكون الزوج برفقة الزوجة الأخرى، وهذا ما يؤثر سلباً عليها، ويتسبب لها في حالة من الاكتئاب والعزلة وغيرها من الآثار السلبية التي تتراكم بمرور الوقت. تأثير شخصية المرأة ويشير الزنيدي إلى أن وطأة الغيرة وشدتها ونوعها تتوقف على شخصية المرأة وتكوينها الفطري، ومن ثم تختلف حدتها ونتائجها من امرأة إلى أخرى. ويرى أنه من الطبيعي في حال ازدياد حدة الغيرة بين الزوجات أن تكون لها آثار سلبية تؤدي إلى نشوب خلافات دائمة وبشكل متواصل بعضها يؤدي للانفصال والبعض الآخر يُوجد حالة من التوتر في طبيعة تكوّن العلاقات الأسرية بين أفرادها، وينعكس ذلك على الأبناء في حال وجودهم، ويولد نوعاً من الحقد والكراهية فيما بينهم ما يجعل الأسرة بيئة غير صالحة للتعايش. دور الزوج وعن كيفية تعامل الزوج مع هذه الحالة من الغيرة المرضية الناتجة عن تعدد الزوجات، يقول الزنيدي: يتحتم على الزوج العمل على احتواء هذه الغيرة بالعدل بين زوجاته، وعدم إشعار أي طرف بأنه أهم من الآخر أو أنه المفضل لديه. كما يتحتم على الزوج أن يشعر كلاً من زوجاته بالأمان ويرسخ لديها فكرة استحالة التخلي عنها وأنها جزء مهم ورئيس في هذا المنزل. ويؤكد أنه من الطبيعي أن يتم التعامل مع أبناء الزوجة الأخرى كإخوة لأبنائها ولا يتم التفريق بينهم، بل يجب الحرص على زرع المودة والترابط فيما بينهم، ونبذ الحقد والتمييز، والتأليف بين قلوب الأبناء. ويلفت إلى أن إساءة معاملة الأطفال تمثل فشلاً في التربية وطريقة سلبية تُوجد طفلاً غير سوي ويعاني من سلوكيات غير محببة منها الإعراض عن تناول الطعام ما يؤثر على الطفل جسدياً بالإضافة إلى ما يتركه من آثار نفسية كالتوتر والانطواء والعزلة والعنف، فيما تتراجع المشاعر الإيجابية وتحل محلها مشاعر سلبية كالحقد والكراهية والحسد، خاصة عند التفرقة فيما بينهم. تكرار رغم الفشل ورغم وجود حالات عديدة لتجارب غير ناجحة على صعيد تعدد الزوجات، إلا أن التجربة ما زالت تتكرر وبالخطوات نفسها، فما سبب استمرار ظاهرة غير ناجحة وتحمل في طياتها سلبيات كثيرة؟ عن ذلك يقول الزنيدي: إن السبب في ذلك يعود إلى طبيعة بعض الرجال التي تميل إلى التعدد بغض النظر عن الآثار المترتبة عليه سواء كانت إيجابية أو سلبية. فيما يعتقد رجال آخرون أنه إن لم يحالفهم الحظ في الزيجة الأولى، فقد تنجح الزيجة الثانية مستنداً على تجارب آخرين ونجاحهم في التعدد. وهنا تبرز أهمية التثقيف كأمر صحي ينمي وعي الإنسان وإدراكه، حيث نجد هناك مَنْ يغفل عن كثير من الحقائق أو يسيء فهمها وتقييمها، الأمر الذي يوقعه في ورطة. بعض التجارب تنجح لكنه لا يستبعد نجاح بعض تجارب التعدد، ويرد ذلك إلى قدرة الرجل في الأساس على العدل بين زوجاته وعدم التفريق المادي والعاطفي بينهن، والسعي إلى المساواة بينهن بقدر الاستطاعة حتى لا تنشأ عداوة وبغضاء بين زوجاته. كما تسهم في نجاح تلك التجارب طبيعة الزوجات أيضاً. فإن كان هدف الزوجة الرئيس الاستقرار الأسري وتوطيد العلاقة بين أفراد الأسرة فإنها تسعى لإزالة الشحناء والبغضاء فيم بينها وبين الزوجات الأخريات، والسعي إلى إخماد صوت الغيرة المرضية من أجل أن تبقى الأسرة متماسكة. ** وتبقى المسألة مثاراً لجدال مطول، ليس فقط بشأن أهواء بعض الرجال التي تُوجد الأزمة وتفاقمها – صحيح أن بعض حالات التعدد تستند على متطلبات رئيسة- ولكن ثمة حالات أخرى لا مبرر لها، وهي التي تبقى مثاراً للجدال والتساؤل عن جدواها وأثرها والداعي لها. نقلا عن جريدة الشرق السعودية
لماذا لا يقرأ الناس؟
بقلم محمد أبو عبيد
تأتي هذه الأسطر ردا على كثير الجدل حول "لماذا لا يقرأ الناس؟". أحسب أن الأجدى هو السؤال: "لماذا لا يكتب المثقفون للناس؟" وإن كان ذلك لا يَجُبُّ أهمية السؤال الأول. ما انفك الجدل حاميا حول المسألة عينها، فليسمح قارئي الكريم بالتكرار. نأياً عن الولوج في تفسير من هو "المثقف", شِيء القول "بعض …لقراءة المزيد
تأتي هذه الأسطر ردا على كثير الجدل حول "لماذا لا يقرأ الناس؟". أحسب أن الأجدى هو السؤال: "لماذا لا يكتب المثقفون للناس؟" وإن كان ذلك لا يَجُبُّ أهمية السؤال الأول. ما انفك الجدل حاميا حول المسألة عينها، فليسمح قارئي الكريم بالتكرار. نأياً عن الولوج في تفسير من هو "المثقف", شِيء القول "بعض الثقافة" للإشارة الى ما يسمى التجديد في عالم القصيدة أو المقالة, و إكثار المفردات غير المألوفة اصطلاحا, وإن كانت معروفة معنى ولفظا، وتناقلها من "مثقف" إلى "مثقف" مع التمييز هنا بين واحد وآخر نظرا لوجود مثقفين حقيقيين، لا أدعياء، وطبقت شهرتهم الآفاق وباتوا مكينين في ذراها. المقصود طبقة اتسمت بمظهر لا يروق للعين، وطرائق تعبير لا تستعذبها الأذن، حتى ظن أفرادها أنفسهم أنهم هم "المثقفون" حقا والصائحون المحكيون، وأن الآخرين هم الصدى. إن التستر وراء الرمزية جعل البعض يصوغون ما قالوا إنها "قصائد" علما أن هناك من أبدع في هذا العالم، وكأن تجميع مفردات وإلصاقها ببعض تعني إبداعا، على اعتبار أننا – نحن غير المثقفين – لم نَرْق إلى المستوى المطلوب حتى نسبر غوْر المعاني والصور، فوجدنا المثقفين "الحقيقيين" أيضا من صِنْونا لم يفهموا الثقافة "المستحدثة". يسأل من يشكلون المقام في هذا المقال: لمن نكتب؟. لماذا نكتب؟. لماذا لا يقرأ الناس؟. ويجيبون هم عن أسئلتهم بما يحلو لهم ويطيب، ظنا منهم أن حالة الانحطاط الثقافي سرطان يتفشى بين الأغلبية العربية، ويرون في أنفسهم المخلصين، والدرع الحامية للبقية الباقية الراجية ثقافة. ليس هنا دفاع عن الحالة الراهنة، فالكثير يعزفون عن القراءة حاليا لدرجة أنهم باتوا عاجزين عن القراءة السليمة وفهم المفردات. لكن السؤال المطروح دائما: "لماذا لا يقرأ الناس؟" ليس في مكانه الدقيق، ولعل الأجدى: "لماذا أنتم لا تكتبون للناس؟"، لماذا لا تكتبون باللغة التي يفهمونها بعيدا عن تضييع الوقت في اختراع الجمل المركبة غير المفهوم مقصدها. كان ابن حزم ينتقد من يكتبون باللغة المعقدة ويقول: "يكتبون كلاما معقداً مغلقا لا معنى له إلا التناقض والهدم، فيوهمون القارئ بأنهم ينطقون بالحكمة. ولعمري إن أكثر كلامهم لا يفهمونه هم أنفسهم". صحيح أن للقصائد الحديثة والنصوص إبداعها، لكن حتى يتذوق الناس هذا الإبداع، فليكن بعيدا عن تعقيد المفردات. إنْ كان الهدف خلق حالة من الوعي الثقافي واللغوي، فعلى من قالوا في أنفسهم إنهم مثقفون أن يكونوا أولا من الناس، يتحدثون بلغة الناس مع الحفاظ على مكونات الإبداع والتحديث كي لا يكتب "الأديب" لأعضاء اتحاد الأدباء والكتاب فقط، وكي لا تتلى القصيدة على مسامع أعضاء "مجامع الشعر" فقط، وإلا فمن يكتب لنا على قدر فهمنا؟! حالة اللاوعي هذه – أو سمها ما شئت – رافقتها حالة من تعقيد مكونات العمل الشعري، بل الزج به في زنازين كلامية، حتى أوصد الشاعر على قصيدته الأبواب في وجه القراء، وظهرت حالة الاستغلاق التي كثر فيها الاستغراق، فحرمنا الشاعر قراءة قصيدته و"جنت على أهلها براقش"، وقس على هذا حالة النصوص التحليلية أو النقدية، وصارت النظرة إلى شعر غزلي سلس متحرر من التعقيدات اللغوية والرمزية نظرة دونية يعاب عليها وعلى ناظمها أنها "مباشرة". عندما يقول المتنبي: "وَبسَمْن عن برد خشيت اذيبه من حَرّ أنفاسي فكنت الذائبا"، فإني أفهم ما يقصده وأردده. لكنى لا أفهم شاعرا يربط في سطر واحد من "قصيدته" (الفضاء بالحوت بالوردة بالطلاسم...) إن كانت بوابة الدخول إلى عالم "الشعراء والمثقفين" كلاما من هذا القبيل فاسمحوا لي بهذه "القصيدة المتواضعة الملأى بالرمزية والتي لم أفهمها وإن كنت ناظمها": وكتبتُها لحماً على خشَب الضّجرْ يا مركبا مِنْ كوكب تصحو المدينة بعد أن نام الغجرْ من أين قصرُ هرقل بين سنابلِ القمح الملوكي الذي.. ماذا الذي؟.. تباً وسُحقاً.. انْبطحْ واشرب حليباً من شجرْ هذي "فضاءات الجسدْ" قد قلبت ساقاي أتراب البلدْ وتمحصت قدماي عنوانا يقولُ بأنّ عقليَ من حجرْ * نقلا عن "الوطن" السعودية
رد على مقالة حكيم خالد " بين الغلاف و محتوى الرواية"
بقلم عبد الحفيظ صحراوي
"الغلاف هو الصورة التسويقية الوحيدة والحاسمة التي يملكها الكتاب"، بهذه العبارة استهل أحد المنظرين الجدد مقالا نشر في  موقع " فامو" نقلا عن جريدة النصر التي تصدر من قسنطينة بحيث لا   أعلم إن كان صاحب هذا المقال يعرف المعنى الحقيقي لهاته الكلمات "  أم استعملها جزافا....  فإذا …لقراءة المزيد
"الغلاف هو الصورة التسويقية الوحيدة والحاسمة التي يملكها الكتاب"، بهذه العبارة استهل أحد المنظرين الجدد مقالا نشر في  موقع " فامو" نقلا عن جريدة النصر التي تصدر من قسنطينة بحيث لا   أعلم إن كان صاحب هذا المقال يعرف المعنى الحقيقي لهاته الكلمات "  أم استعملها جزافا....  فإذا سلمنا بصحة هذا القول فهذا يدل على ان..." فيكتور هيجو و ماركيز و بودلير و العقاد و نجيب محفوظ  و الطاهر وطار و  واسيني الأعرج و أحلام مستغانمي   و غيرهم كثيرون كانوا محظوظين جدا لأنهم و جدوا ناشرين استطاعوا أن يجعلوا منهم كتابا كبارا بواسطة  صور الأغلفة الموضوعة لكتبهم....  و دان براون  الذي باع أكثر من ثمانين مليون نسخة من رواياته ما كان له ليبيع هذا الرقم لو لم تكن  على أغلفة كتبه صورا جميلة؟؟؟ "  أليست هذه الجملة إهانة في حق هؤلاء و من ورائهم كل المبدعين"..ثم  نقرأ  في  هذا المقال   حديثا شعبويا سوقيا لا علاقة له بعالم النشر على الاطلاق.   الكثير يعلم اننا  نعيش في زمن صار كل مجال فيه يخضع لمنهجية صارمة لا يجب الحياد عنها  أبدا و لا مجال معها للإرتجالية و الشعبوية و السوقية...و  في هذا توجد مراجع كثيرة جدا اذكر منها على سبيل المثال:  - l’ecrit et les ecrits    للكاتب مارتان بالتار    للكاتب هـ ميتيرون   -  خطاب الرواية       للكاتب جيرار جينات         seuils -       La périphérie du texte  للكاتب فيليب لان فن صناعة الكتاب للكاتبة الألمانية: Judith sechalansky   إن  تسويق الكتاب يعتمد على عوامل عديدة تختلف باختلاف نوعية الكتاب ، بحيث يختلف تسويق كتاب الطفل عن تسويق الكتاب الأكاديمي عن تسويق الكتاب الأدبي...الخ.  و بما أننا بصدد الحديث عن الكتاب الأدبي (  الرواية  بصفة خاصة) فإن :  أولا:  أهم عامل لتسويق  الكتاب الأدبي عموما و الرواية بصفة خاصة هو إسم المؤلف و الأدلة على ذلك كثيرة جدا  و واضحة للعيان و لا   تخفى  إلا على  جاهل بالكتاب كتابة و نشرا و قراءة و تسويقا..    و هنا اكتفي بذكر الأدلة التالية : 1 معظم دور النشر العالمية تعتمد على إظهار و  بالبنظ العريض على الغلاف إسم الكاتب بينما عنوان الكتاب يكون بالخط العادي.   2- في الغرب و في لغة التواصل اليومي language familier     تستعمل عبارة  "من قرأت" بأن  تقول مثلا قرأت دان براون و لا نقول قرأت لـ  دان براون.     لأن الغرض هو أن يقرأ القارئ لكاتب بعينه يعرف أسلوبه و قوة خياله  و طريقة حبكته الروائية و تشويقه........ الخ  هذا هو الأساس..     ثانيا - العوامل المتبقية الأخرى هي حجم الكتاب و نوعية الورق و نوعية الطباعة و التجليد و التصفيف و الخياطة و البرش أو التلصيق....الخ...     و قد أصبح الجميع يتحكم في هذا جيدا.   ثالثا-   أما عن صورة الغلاف فما هي إلا و سيلة لإضفاء لمسة جمالية على الكتاب و الشواهد كثيرة جدا   فهناك  دور نشر   كثيرة لا تضعها نهائيا بل تكتفي فقط بلون معين كالون الباج أو البني مثل  gallimard  الفرنسية و منها من  تكتفي بتجليد الكتاب فقط... أما بخصوص الفقرة الأخيرة من ذلك المقال   الذي  وجدت نفسي محشورا فيه بطريقة أو بأخرى فإنني أجيب بما يلي: فعلا، تلقيت صورتين من مؤلفة الرواية على أساس جعل واحدة منهما غلافا لروايتها لكنني رفضت لسببين، 1-    نحن دار نشر محترمة و لنا  خط معروف و سمعة كبيرة إقليميا و دوليا و لنا من الامكانيات المادية و الكفاءات  المؤهلة و المؤطرة ما يجعلنا في منئى  عن الاشتغال بطريقة " البريكولاج". 2-     إن هاتين الصورتين لا تصلحان حتى لتغليف أكياس الحناء فكيف لنا أن نجعلها أغلفة لكتبنا.                                                                      
عبد الحفيظ صحراوي  مدير دار التنوير/الجزائر www.dartanouir-dz.com
                 
 
هل هي أعراض نهاية الاسلام السياسي؟
بقلم ميلود علي خيزار
 على ضوء ما يحدث في ما يسمى بدول الربيع العربي و على هامش واقع تجربة ادارة مرحلة ما بعد الثورة او مرحلة "مخاض الدولة" ...نلاحظ: - حيرة القوى الصاعدة في التعاطي السياسي مع الوضع الجديد...و ذلك ناتج عن المسافة الشاسعة بين الفكر السياسي و الممارسة السياسية التي اتسمت بالولاءات لا الكفاءات (و هذا …لقراءة المزيد
 على ضوء ما يحدث في ما يسمى بدول الربيع العربي و على هامش واقع تجربة ادارة مرحلة ما بعد الثورة او مرحلة "مخاض الدولة" ...نلاحظ: - حيرة القوى الصاعدة في التعاطي السياسي مع الوضع الجديد...و ذلك ناتج عن المسافة الشاسعة بين الفكر السياسي و الممارسة السياسية التي اتسمت بالولاءات لا الكفاءات (و هذا مؤشر خطير على ضيق افق و صدور التشكيلات السياسية التي افزتها مرحلة ما بعد انهيار النظام القديم). - تدهور اقتصاديات هذه الدول و تفاقم الازمات المرتبطة بغياب مشروع اقتصادي فعال و بإمكانه التخفيف من حدّة التوتر الاجتماعي الناجم عن شعور بالضياع و بالشكّ في خيار الثورة كبديل لمنظومة تورطت في الفساد و الزبائنية و هيمنة العصب . - غياب منظومة سياسية تضمن الانتقال السياسي بدون اخطار على مصير الثورة و غياب مؤسسات تملك حق تصويب المسار الجديد و التدخل في حالة بروز اخطار تهدد مسار و اهداف الثورة. - تحول بعض القوى التي حررتها الثورة الى مصدر خطر على البنية الاجتماعية و السلم المدني نظرا لخطابها الالغائي المتناقض مع قيم الدولة المدنية و المواطنة و الحداثة...اضافة الى كونها تحمل خطابا نقيضا لكل هذه القيم و المبادئ. - فشل النخب التي تولت السلطة في تجسيد طموحات الثورة لأسباب عدة اهمها : عدم جاهزيتها لممارسة السلطة...و ادارة المرحلة الانتقالية و خوفها من الخروج مبكرا من الصراع (استطلاعات الرأي المخيبة). كل هذه المعطيات لا تصب في صالح "الحصان الشعوبي " الذي راهنت عليه القوى الاسلامية و الخوف كل الخوف من عدم وجود قوى بديلة تتمتع بثقة الشعب الذي يبقى الاداة الوحيدة الضامنة لمستقبل الثورة. * ميلود علي خيزار شاعر و ناقد جزائري
صيف
بقلم سليم بوفنداسة
نزل الصيف قاسيا  على ربيع يسبقه في ترتيب الفصول العربية. كأنه يعيد النظر فيما جرى من غير تدبير، كأنه يشير بيد ملطخة بالدم إلى بقايا حلم كاذب. حلم العرب بالخروج مما هم فيه. الأمر لا يتعلق بحتمية تدفع العرب إلى نقطة البداية كلما حاولوا الخروج إلى ساحة الأمم السعيدة، ولا بنزعة عبثية في جينات …لقراءة المزيد
نزل الصيف قاسيا  على ربيع يسبقه في ترتيب الفصول العربية. كأنه يعيد النظر فيما جرى من غير تدبير، كأنه يشير بيد ملطخة بالدم إلى بقايا حلم كاذب. حلم العرب بالخروج مما هم فيه. الأمر لا يتعلق بحتمية تدفع العرب إلى نقطة البداية كلما حاولوا الخروج إلى ساحة الأمم السعيدة، ولا بنزعة عبثية في جينات التاريخ العربي، ولكن بشروط يجب توفرها للانتقال من حال إلى حال. شروط يبدو أنها لم تتوفر في الحالة العربية مع اختلاف المعطيات من بلد إلى بلد، رغم الاجتهادات التي قدمت في سبيل التغيير والتي يتضح من النهايات الحزينة أنها كانت أقرب إلى الأحلام منها إلى المشاريع. و دون أي تسفيه لدور النخب العربية التي سعت أولا إلى تحرير الأوطان وبناء دول وطنية تسود فيها قيم الحرية والعدالة، فإن القاسم المشترك لاجتهادات النخب كان الفشل أمام ظهور عقيدتين قضتا على التطور الطبيعي للمجتمعات وهما العقيدة العسكرية والعقيدة الدينية. فالعسكري الذي "ورث" البلاد عن المستعمر، بعد كفاح مسلح أو بعد تسليم طوعي للمفاتيح يرى نفسه الموكل حصريا بتدبير الشأن العام، وعمل طيلة عقود على عسكرة المجتمعات وتحضيرها لحروب وهمية أو لرد غزاة متربصين عند الأبواب، وجرى بموجب ذلك توجيه مقدرات البلدان العربية إلى عمليات تسليح مثيرة للرثاء، على حساب التنمية البشرية، حيث اقتنى العرب طائرات لا تطير ودبابات أكلها الصدأ، وأضاعوا الإنسان  الذي حرم من حقه في التعليم والصحة والاحترام. لتظهر بعد ذلك الأصولية الدينية كبديل للأصولية العسكرية التي استخدمت الاحزاب الوطنية في الحكم في مرحلة ما بعد الاستعمار. وفي حرب الاستقطاب بين الأصوليتين ضاعت القوى الاجتماعية الأخرى، وضاع صوت العقل والاعتدال. وأخفقت محاولات "التظاهر بالديموقراطية" عبر تنظيم انتخابات  تجرى مراقبتها بعمليات تزوير ذكية أو غبية او إلغاء نتائجها. وفي الحالتين يحدث شرخ في جسد المجتمع وتشويه للعملية السياسية. وإذا كانت الدولة في حد ذاتها هي نتيجة تواضع وعقد اجتماعي، فإنه لا يمكن اسقاط هذا التعاقد في العملية الديموقراطية، وبالتالي لا يمكن تكريس نظام ديموقراطي بالصراع العنيف، فالديموقراطية هي احتكام أطراف إلى حل يرضيهم جميعا، لا تبدأ إلا حين تنتهي الحرب، أي أنها مرحلة متأخرة عن الصراع الدموي. والتجارب التاريخية تؤكد أن نجاح العملية  الديموقراطية متوقف على إخراج العقيديتين الدينية والعسكرية منها. نقلا عن جريدة النّصر
بين الغلاف و محتوى الرواية
بقلم حكيم خالد
الغلاف هو الصورة التسويقية الوحيدة والحاسمة التي يملكها الكتاب، والقارئ الذي يبحث بين رفوف الكُتب لا يختلف كثيرا عمن يقف أمام التلفاز ويشاهد سلسلة من الإعلانات التجارية، كلها تحاول شد اهتمامه. إلا أن غلاف الكِتاب لا يملك 30 ثانية مثل الإعلان التجاري، بل 5 ثواني أو أقل لشرح محتوى الكِتاب وإقناع …لقراءة المزيد
الغلاف هو الصورة التسويقية الوحيدة والحاسمة التي يملكها الكتاب، والقارئ الذي يبحث بين رفوف الكُتب لا يختلف كثيرا عمن يقف أمام التلفاز ويشاهد سلسلة من الإعلانات التجارية، كلها تحاول شد اهتمامه. إلا أن غلاف الكِتاب لا يملك 30 ثانية مثل الإعلان التجاري، بل 5 ثواني أو أقل لشرح محتوى الكِتاب وإقناع القارئ، وهذا ما يجعل تصميم الغلاف أكثر تعقيدا مما يعتقده الناشر والمصمم. هناك نوع من الأغلفة يُسمى «قاتل الكِتاب» وهذا النوع من التصاميم هو الذي يعتمد على لوحات فنية معروفة أو غير معروفة خاصة السريالية أو المبهمة، ظنا من الناشر أو المصمم أن القارئ يملك كل الوقت ليشاهد الغلاف ويتأمل الألوان والأشكال ويحاول فهم اللوحة، وكأنه واقف في معرض للوحات الفنية!!. وفي كل ثانية تمر يشترك فيها الناشر والمصمم في جريمة قتل الكِتاب ومؤلفه للسنوات المقبلة، خاصة إذا كان أول كِتاب لمؤلف واعد. وهناك أيضا ناشرون ومصممون يعتقدون أن غلاف الكِتاب لا يختلف عن التعليب، ويرون أن الغلاف يجب أن يكون له تأثير تصويري، له علاقة بصورة أخرى تم تسويقها من قبل، ويتعاملون مع غلاف الكِتاب مثل علب العصير أو منظفات الغسيل. ويتناسون أن الكِتاب لا يباع مثلما تباع السلع، ونسبة المبيعات عند بائعي وسائل التنظيف أكبر بكثير من بائعي الكُتب، أو ربما يعتقد مصمم الغلاف أن الكتاب يعرض واقفا في الرفوف مثلما تعرض علب العصير في المحلات!!!. لكن الحقيقة أن الكِتاب يتحدى المعطيات العلمية في التسويق، لأن الكِتاب مرتبط بالعاطفة والذاكرة معا. الكِتاب يتلو قصص والخبرات الإنسانية، ويستحيل تلخيص كل ذلك الكم الإنساني في لون بني وخط عريض مثل علب الأحذية. تصميم غلاف الكِتاب يحتاج إلى فن ومعرفة وحدس. والمصمم الجيد هو الذي يمتلك التفكير البصري للمفردات والصور والعناوين، وكيفية تفاعلها. وهو قارئ جيد ومتفاعل مع التاريخ، والأدب والموسيقى، والأفلام، والفن، والسياسة، لأنه يستخدم كل تلك الإشارات البصرية والمعرفية من أجل تبيان وتوضيح جوهر الكِتاب في قطعة واحدة ومحدودة المساحة، ويجيب عن الأسئلة المهمة في وقت قياسي لا يتعدى 5 ثواني. والناشر كما المصمم الجيد، عليهما التركيز على 3 شروط أولية لنجاح الغلاف الجيد هي: (1) التميز، (2) الوضوح، (3) الاتصال العاطفي. - التميز لا يعني الجمال فقط، بل حتى يكون الغلاف فعالا، أحيانا كسر القواعد والخروج عن الخطوط العامة هربا من التنبؤ هو السبيل الوحيد لإحداث التميز. - وضوح الغلاف سيساعد القارئ على العثور على ما يبحث عنه في بضعة ثواني، وإذا كانت الصورة لا تتطابق مع العنوان، أو لا توضح للقارئ محتوى الكِتاب فقد انتهت العلاقة بينهما. وهنا تجدر الإشارة إلى شيء يكاد ينعدم في أغلفة الكُتب عندنا، نحن لا نستعمل جملة أو فقرة مختصرة في الغلاف. تلك العبارة المأخوذة أو المقتبسة من الكِتاب التي تشد القارئ لمعرفة المزيد عنه. لماذا؟؟. - الاتصال العاطفي هو ما يجعل القارئ يختار الكتاب نهائيا. أحيانا يكون الغلاف بسيطا في تصميمه، لكنه يحمل صورة تخاطب شيئا دفينا في ذاته، أو خط له شكل يتحدى تفكيره المسبق للخطوط، تلك كلها عوامل تبني برجا عاطفيا بين القارئ وبين الكتاب. الحديث عن تصميم الغلاف لا ينتهي، وحتى أختصر، أقول أنه على الناشر والمصمم معرفة وإدراك عمق اللحظة التي ألتقط فيها أول كتاب، وكم مدة بقي في يدي؟ وكم من الوقت استغرقت لأقرأ الجملة الأولى؟ ما هو انطباعي؟ ما هي الأفكار والصور التي تشكلت في ذهنى؟.. تلك هي الأسئلة التي يجب طرحها، وإلا فإن الناشر والمصمم كلاهما قارئ سيئ. لقد غادرت الجزائر منذ 15 سنة تقريبا، وما قلته سابقا في الجزء الأول من إجابتي يعكس حال الغلاف الأدبي في الجزائر من خلال ما رأيته في محلات الكُتب خلال زيارتي الأخيرة للبلد منذ سنة. وقد حدث منذ أيام أن اتصلت بي صديقة روائية، وطلبت مني تصميم غلاف إحدى رواياتها الشهيرة، بعد أن اشترطت من الناشر أن يكون الغلاف بإشراف مصمم تختاره. حاولت أن أكون وفيًا لمحتوى الرواية التي قرأتها عدة مرات، و وضعت تصميما للشخصية في الرواية مع استعمال العنوان بخط كجزء من تصميم الصورة دون الرضوخ إلى القالب المعروف. أحبت صديقتي الغلاف من أول وهلة، وشعرت أنه فعلا يعكس ما كان يدور في ذهن الشخصية الروائية، إلا أن الناشر رفض الفكرة لأن التصميم فيه نوع من الشبقية أو إيحاء جنسي!. ردة فعله هي تحديدا ما كنت أريده من القارئ، ولو كان الناشر يدرك سيكولوجية الغلاف، لأدرك أن ما دار في ذهنه أول وهلة هو بالضبط ما يجب أن يقدمه للقارئ، لكنه أصر على أن يضع لوحة فنية للكِتاب أظنها سريالية. لا أدري إن كان خوفا من ردود الفعل، أم رقابة ذاتية يمارسها على نفسه. في الحقيقة لم أفهم ردة الفعل، وتساءلت في نفسي، إن كان الناشر قد أعجبته قصة فتاة تتصارع مع نفسها في حب شخصين في الوقت نفسه، إذاً لماذا يريد أن يقدم الكِتاب بغلاف لوحة تصور الطبيعة وزرقة الماء مثلا؟. لماذا يتستر على محتوى الرواية لكنه يريد بيعها في الوقت نفسه؟؟!!.. وحتى وإن كان اختياره للوحة الفنية محض ذوقه الشخصي، هل يدرك أن مثل هذا الاختيار هو قتل عمدي للرواية؟!. نقلا عن جريدة النصر الجزائرية
سيدة النجوم ( مارجريتا هاك ) من تكون، ونحن...أين؟
بقلم دينا سليم
بينما ننهمك في أخبار الشرق المحترق دائما (أسفا) ننسى أنه يوجد أناس في الجهة الأخرى من العالم الإنساني يموت ميتة طبيعية ولا يعرف عنهم سوى القلة القليلة، لكن الذي يحصل أن لميتة هؤلاء استفادة، نحن نستفيد حقا لأنهم يتركون لنا من بعدهم إرثا كبيرا من علم ومعرفة واكتشافات حيوية ذات فائدة للكرة الأرضية …لقراءة المزيد
بينما ننهمك في أخبار الشرق المحترق دائما (أسفا) ننسى أنه يوجد أناس في الجهة الأخرى من العالم الإنساني يموت ميتة طبيعية ولا يعرف عنهم سوى القلة القليلة، لكن الذي يحصل أن لميتة هؤلاء استفادة، نحن نستفيد حقا لأنهم يتركون لنا من بعدهم إرثا كبيرا من علم ومعرفة واكتشافات حيوية ذات فائدة للكرة الأرضية التي نعيش على سطحها وللانسانية والكون أجمع، بينما يموت سائر الخلق ذبحا أو حرقا أو جراء انفجارات ملّغمة، وطبعا يوجد من بينهم من ترك إرثا كبيرا أيضا، لكنه يبقى في عقولنا الشرقية شهيدا، أو مجاهدا، أو له بالانتظار الحياة الأخرى.... لا أتهجم على معتقداتنا التي يؤمن فيها البعض، بل لا يروقني أن نجحد قوانا الفكرية لنطعم سنواتنا في الحياة  بمعتقدات بالية دعتنا نخوض فيها كثيرا وطويلا، نخض فيها كمن يخض الماء بالماء، وأنستنا التفكير بأشياء هامة أكثر من الموت والآخرة. طالت الحكاية، دائما ذات الحكاية، حكاية حياة ملوثة بمعتقدات قديمة وواقع مشوب بالقلق والتفكير الممل بذات المعتقدات، ولا شئ غير ذلك، عقولنا تدربت على قبول هذا الفصل، وأدمنت الفكرة والخوف من الجحيم، حتى باتت أيامنا كلها صلاة وصوم واستغفار، وخوف ورهبة، وكبت روح الحياة داخلنا، ونسينا أن الله غرس فينا الروح أولا وأخيرا لكي يحافظ على وجودنا في الحياة، نسينا الروح ونسينا الكثير من المهام الملقاة علينا، وأصبح هذا النسيان عادة موروثة تتعاقب على الأجيال حتى باتت استعدادا وراثيا لا يمكن التخلص منه، وهو فكرة أن نبقى نخشى الآخرة والخوف من ساعة الحدّ. إذن، وماذا بعد، وماذا يجب أن نفعل بباقي الأشياء، هل اقتصرت وظيفة حيواتنا على هذا فقط، وماذا بشأن أمور هذا العقل الواهم وأجسادنا  الواهنة، هل تحددت الوظائف اليومية وانتهى الأمر، طعام وصوم وصلاة وتسبيح وذكر، وصلاة وطعام وهلم جرا؟ أعتقد أننا أصبحنا أكثر أنانية، نفكر كيف نفلت من عقاب الآخرة دون أن نفكر كيف يمكننا الحفاظ على حياة الآخرين، الذين يقاسموننا العيش على كرة أرضية قديمة وواهنة أيضا، هم موجودين، صدقوني، هم يتقاسمون معنا كل شئ، الهواء، الطعام، الماء، الحياة، وكل شئ! لم أصل لبّ الموضوع بعد، لكني سأتوقف حيثما تعب القلب والوقت، لأعلن أن الوقت لم يمهل سيدة لم تعتنق أي دين سماوي سوى دين البحث والاكتشاف، وبعد عمر مديد توفيت هذه عالمة الفيزياء، الفلكية الإيطالية والكاتبة العالمية الشهيرة (مارجريتا هاك) قبل أيام عن عمر يناهز واحد وتسعين عاماً أمضته بين أروقة العلم والتنقيب عن الحقيقة. وتشتهر (هاك) بلقب "سيدة النجوم" لأنها أول امرأة أدارت مرصداً فلكياً في إيطاليا، وقد ساهمت في أبحاثها في التصنيف الطيفي لعدة مجموعات من النجوم. وقدمت (هاك) علم الفيزياء الفلكي لجمهور واسع من الإيطاليين من خلال كتب جامعية وأخرى تشرح للأطفال علم الفلك بطريقة شيقة. وتولت منصب مدير المرصد الفلكي في تريستي في الفترة من 1964 إلي 1987 ، وهي أول امرأة تشغل هذا المنصب. وفي كانون الثاني 2012 قالت (هاك) لأحد الصحفيين إنها قررت عدم إجراء عملية جراحية في القلب قد تطيل حياتها، قائلة إنها تفضل البقاء في منزلها مع كتبها وزوجها (ألدو دي روزا) الذي عاشت معه سبعة عقود. وقالت أيضا: هناك عمل لم ينجز بعد وأبحاث تنتظر، أتمنى أن يسعفني الوقت ويسمح لي القلب في الاستمرار. رحلت فتركت لنا وللبشرية ولأطفال المستقبل تكملة مشوار العلم والاكتشاف، وقد أطلق الجرم هاك 5885 جرما اكتشف عام خمسة وتسعين على اسمها. سيدة النجوم ترحل ولم يعرف بها إلا الذين يهتمون بأمور البحث العلمي وفيزياء الحياة، وقد ودعتها إيطاليا وداعا يليق بها. وعندما بحثت عن سيرتها الذاتية في مصادر عربية لكي أغني مقالي لم أجد إلا القليل البسيط، وتذكرت أننا منهمكون فعلا بأمور أخرى كثيرة لا تمت بصلة للموضوع، لتونا خرجنا من مسابقة (عرب أيدول) لنذهب إلى أحداث أخرى نقيضة، أحداث دامية وأبحاث تافهة أخرى ينفقها عقلنا البشري عبثا، ويضعها تحت مسميات الحلال والحرام، بعضنا يبحث عن الفرح المؤقت بين كومات من الأحزان التي استثمرناها وادخرناها، وما زلنا نستثمرها ونطعمها لأطفالنا، لا نملك سوى حالتان اثنتان، الحزن المميت أو الفرح الرازح تحت قوانين معينة، لا نقبل بأوساط الحلول، أو بأشياء أخرى ملحة، نرفض التغيير ونرفض الآخر إذا تحرر من هذه القيود، ونطلق عليه سهام الكره والتقبيح والذم إن استطاع التخلص من حبائل نمطية التفكير، وإن أراد الانطلاق لكي يأتي بحالات وسطية غير النقيضين فننصبه حالا ليكون عدوا آخر لنا، أو كافرا، وما أكثر أعداءنا. الكلام يطول...وكما يقول البعض، الناس فين وطنطورة فين، هؤلاء فين ونحن فين، من أصحاب العقول المتحررة، تلك العقول التي تدبر أمورنا نحن، فأخترعت لنا الكهرباء، والانترنيت، وابتكرت طرقا لتنقية المياه الطاهرة التي نشربها، والتي تفكر كيف توفر لنا الطعام، وكيف تجهز للانسان أماكن أخرى يعيش فيها على كواكب أخرى إن حصل وانهارت كرتنا الآرضية على رؤوسنا جميعا، هؤلاء الذين يفكرون بمنطق استمرارية البشرية، بعد أن حصل وغزا الرجل الغربي القمر، وتجهز لنا العقارات واللقاحات لمحاربة الأمراض على كافة أنواعها، الخ من الاكتشافات العلمية، هؤلاء الذين يعلمون جيدا أن (آدم) لن يتكرر، وأن قصة التفاحة لن تعود مجددا، وأنا أتساءل متفائلة، متى سيحمل نجما سماويا، أي نجم صغير أم هائل، اسم إحدى باحثاتنا العربيات؟ .... أعتقد أني في طنطورة الآن؟ دينا سليم : كاتبة و إعلامية فلسطينية مقيمة في بريزين ( أستراليا)
الجزائر تحتفي بمئوية مولود فرعون
بقلم عبد الرحيم الخصار
عادت روح الكاتب الجزائري المعروف مولود فرعون لتحلق فوق جبال تيزي ووزو وفي سماء العاصمة، بعد أن غادرت سنة 1962، حين تم اغتيال صاحبها على يد منظمة الجيش السري الفرنسية (أويس)، بسبب مواقفه من الاستعمار. والسبب في عودة صاحب «ابن الفقير» إلى المشهد الثقافي الجزائري هو الاحتفاء بمرور مئة سنة …لقراءة المزيد
عادت روح الكاتب الجزائري المعروف مولود فرعون لتحلق فوق جبال تيزي ووزو وفي سماء العاصمة، بعد أن غادرت سنة 1962، حين تم اغتيال صاحبها على يد منظمة الجيش السري الفرنسية (أويس)، بسبب مواقفه من الاستعمار. والسبب في عودة صاحب «ابن الفقير» إلى المشهد الثقافي الجزائري هو الاحتفاء بمرور مئة سنة على ولادته، هو الذي يعتبر أحد أهم الأسماء المغاربية التي اختارت كتابة الأدب باللغة الفرنسية، ضمن جيل الرواد، رفقة محمد ديب (1920)، مالك حداد (1927) وكاتب ياسين (1929). يتخذ الاحتفال بمئوية مولود فرعون أشكالاً عديدة، كانت البداية منذ شهر مارس حيث وُضع إكليل من الزهور على قبره في ذكرى رحيله. بالمقابل لا تزال أنشطة المئوية مستمرة إلى نهاية السنة، حيث سيتم إصدار جميع أعمال فرعون باللغة الفرنسية في طبعات جديدة مع الإصدار الموازي للترجمات العربية. وأشار علي فرعون ابن الكاتب ومدير المؤسسة الوطنية التي تحمل اسمه إلى أن كتاب «أيام بلاد القبائل» سيكون العمل الأول الذي سيعاد نشره باللغتين معا، وسيتم الاحتفاء به في الدورة المقبلة من المعرض الدولي للكتاب بالجزائر. كما سيتم نقل بعض نصوص فرعون إلى خشبة المسرح، وعلى رأسها «حي الورود» التي سيشتغل عليها المخرج المسرحي حامة ملياني الذي سبق له أن حول نص «الأرض والدم» للكاتب نفسه إلى عمل مسرحي. ويعرض بدءاً من شهر حزيران مونولوج «عكس الحب» الذي سيطوف عشر مدن جزائرية، وهو عمل مقتبس من رواية «يوميات» أخرجه المسرحي الفرنسي دومينيك لورسال. كما ستعرف الساحة الثقافية في الجزائر إصدار مجلة بعنوان «فولورو»، وهو اسم الشخصية الرئيسة في رواية «ابن الفقير». وقد عرفت الجزائر خلال الفترة الأخيرة تنظيم عدد من الندوات حول حياة الراحل وأعماله، من بينها ندوة في مسرح «كاتب ياسين»، وأخرى في المدرسة العليا للأساتذة في العاصمة، ولقاءات دراسية في المركز الثقافي في الجزائر ومكتبة مولود فرعون، إضافة إلى عرض فيلم عن حياته للمخرج علي موزاوي ومعرض صور في قصر الثقافة. ولد مولود فرعون سنة 1913، وقبل أن يدب على أرض الكتابة، كان يمشي مسافة طويلة كل يوم من أجل الوصول إلى المدرسة في ظروف اجتماعية قاهرة بمرتفعات تيزي ووزو. اشتغل منذ الثلاثينيات في التدريس في مسقط رأسه، ولاحقا في العاصمة، واشتغل في نهاية حياته مفتشا في المراكز الاجتماعية. كتب عمله الأول «ابن الفقير» سنة 1940 الذي حظي بالعديد من الجوائز في الجزائر وفرنسا وألمانيا وروسيا وغيرها، وسيصير هذا الكتاب هو العلامة التي تدل على مولود فرعون. أصدر عددا من الأعمال منذ مطلع الخمسينيات: أيام بلاد القبائل، أشعار سي محند، الذكرى، الدروب الوعرة، عيد الميلاد، الأرض والدم، مدينة الورود، يوميات، رسائل إلى الأصدقاء، وغيرها من الأعمال التي كانت التيمة الأثيرة فيها لدى الكاتب هي كشف معاناة الجزائري تحت الاستعمار، وانتقاده لكل أشكال الظلم والحيف الناجمة عنه. لا تزال أشكال الاحتفال بمئوية مولود فرعون مستمرة، وقد تكون الجزائر التي ضحى بروحه من أجلها منصفة للرجل في عالم عربي لم يتعود الاحتفاء بكُتَّابه كما هو الشأن في أوروبا مثلا. وربما تكون المئوية حدثا عابرا وضيقا لم يتجاوز حدود دائرة المعنيين بالشأن الثقافي، لكن جملة مولود فرعون الشهيرة «أكتب بالفرنسية لأقول للفرنسيين إني لست فرنسيا» ستبقى ويجب أن تبقى حاضرة وبقوة في أذهان الجزائريين سواء من الأجيال السابقة أم اللاحقة. نقلا عن السفير اللبنانية عبد الرحيم الخصار ( كاتب و إعلامي مغربي)
العنف
بقلم عبّاس بيضون
لا أعرف إذا كان علينا ان نبتهج، من سنوات ونحن نرى الدم على وسائدنا، نراه في أسرتنا وننام ونصحو عليه. ثمة فاتورة دم لكل يوم، عدد من القتلى نغلق التلفزيون عليه ورقم آخر يبدأ منذ أن نفتح عيوننا، عبادة العنف جزء من ثقافتنا اليسارية، ينبغي الإقرار بذلك، لقد تعلمنا منذ شبابنا أن التاريخ يُصنع وسط المعارك …لقراءة المزيد
لا أعرف إذا كان علينا ان نبتهج، من سنوات ونحن نرى الدم على وسائدنا، نراه في أسرتنا وننام ونصحو عليه. ثمة فاتورة دم لكل يوم، عدد من القتلى نغلق التلفزيون عليه ورقم آخر يبدأ منذ أن نفتح عيوننا، عبادة العنف جزء من ثقافتنا اليسارية، ينبغي الإقرار بذلك، لقد تعلمنا منذ شبابنا أن التاريخ يُصنع وسط المعارك ووسط الدماء ووسط المجازر، العنف قابلة التاريخ، هكذا قال ماركس. في الحقيقة أعجبنا في هذا الكلام اننا اعتبرناه دعوة إلى العنف. اننا اعتبرناه بصراحة مديحاً للعنف، كانت هنا جماليات العنف، جماليات الاحتدام والصراع والانهيارات الكبرى، شعراؤنا هم في الغالب شعراء العنف، شعراؤنا الوطنيون يتخيّلون فقط معارك ويتخيلون فقط كثيراً من الدماء يُهرق، كثيراً من الدماء لرسم المستقبل. ينبغي أن لا نغطّي على أنفسنا، بعض الأشعار الأجمل في تراثنا هي قصائد تصور معارك، تصور ميادين مفروشة بالقتلى وقتلى منثورين على امتدادها، ينبغي الإقرار بأن العنف في أصل تربيتنا، ان العنف في أصل مخيلاتنا، في أصل ذائقاتنا. العمل السياسي الذي اندفعنا إليه في شبابنا كان مدموغاً بهذا العنف. لكنه كان معركة حرة في فضاء حر نفترع نحن فيه من حمى العنف وحرارته الفجر الجديد. لكن المسألة لم تكن البتة كذلك، كان السجن هو مجاورة الفئران وكان التعذيب هو هدية الخصوم وكنا نحارب، ونحارب فقط في الزنازين تحت الأرض ونصرخ تحت التعذيب في الزنازين المعزولة الباردة، هذا ضرب من العنف غير شعري ولا ذكر له في الملاحم التي حفظناها إذ لا تحوي ملحمة منها على صنف من التعذيب، لكن العنف إذا كان شيئاً فهو التعذيب والتشويه والقهر والإذلال. العنف لا يستحق مديحاً، انه لا إنساني، إذا كان من صفة ملازمة للعنف فهي القهر والإذلال، وإذا كان من اسم مناسب للعنف فهو بالضبط الإذلال. من يستقوي عليك يذلّك، مَن يستقوي عليك يهينك، مَن يستقوي عليك يلتذ بصراخك وألمك، الذي شق حنجرة «القاووش» كان بالتأكيد يلتذ بشقها ويلتذ بصراخ «القاشوش» والسكين تحزّ في عنقه، من انتزع قلب خصمه ولاكه كان يلتذ. العنف لا يذل فقط، ولكن صاحب العنف يتحول وحشاً. مع ذلك فإن العنيف قد يكون صاحب طوبى. الطوباويون يلتذّون بالهدم، العنف أيضاً يلذّهم، إنهم يظنون ان الخراب العاصف لا بد ان يحمل عقاباً مناسباً، لا بد ان يحمل وعداً مناسباً، أخشى اننا ندخل في الرحى ولن نعرف كيف نخرج منها. نقلا عن جريدة السفير اللبنانية
الطيف و الأثر للكاتبة غادة علي كلش أبعاد الرؤية الروحية للإنسان و الحياة و الطبيعة
بقلم ف. الفاروق
منذ "مدارات الروح" أول إصدار لها سنة 1991  و " عصافير القضبان" (1995) و الكاتبة غادة كلش تمضي  في تجربتها الكتابية نحو أعماق جديدة تكشف أغوار النفس البشرية، و لا تتوقف عن التأمُّل في  الذات الإنسانية الغريبة بأبعادها العميقة و البعيدة. تدرُّجٌ نجده في كل إصداراتها نحو بلوغ الأعمق …لقراءة المزيد
منذ "مدارات الروح" أول إصدار لها سنة 1991  و " عصافير القضبان" (1995) و الكاتبة غادة كلش تمضي  في تجربتها الكتابية نحو أعماق جديدة تكشف أغوار النفس البشرية، و لا تتوقف عن التأمُّل في  الذات الإنسانية الغريبة بأبعادها العميقة و البعيدة. تدرُّجٌ نجده في كل إصداراتها نحو بلوغ الأعمق حتى في كتابها الفلسفي حول كينونة الإنسان " مركزية الأنا"  لا نخرج من فضاء غادة التأملي ، أما كتابها " عكس الريح" فهو من أهم التجارب الكتابية التي قدمت جزءا من السيرة عن " الأنا" المتجردة من فحواها الأناني و ذوابنها في قيم العطاء للآخر. تجربة قاسية و مؤلمة و فائقة الجمال في الوقت نفسه، تكشف شفافية غادة التي نجدها في الطيف و الأثر بصيغ أخرى.  إذ يختلف إصدارها الأخير عن إصداراتها السابقة بإختراق فضاء جديد من المدلولات الإنسانية.   قارئ غادة كلش هذه المرة  في " الطيف و الأثر" يجب أن يبدأ تصفُّحَ كتابها من الغلاف الأخير:   " أوقن بأنني لن أبقى إلا وحدي و لن يراني أحد، و إن رآني، أبقى وحدي. و لن يقرأني أحد. و إن قرأني يبقى وجدي منعزلا في كنه رشدي. و لن يفهمني أحد. و إن فهمني، لن يدرك مدار زهدي. أنا أصغي إلى نفسي. و أسمع لحن عمري، كنغم لا يُسري و لا يُجدي." هذا هو مفتاح نصوص غادة، و هنا نكتشف غادة " الطيف" التي تترك  " أثرا" كهذا ، عميقا في ذواتنا، محفزا لإنتشالنا من السكينة الوهمية التي نعيشها دون إنتباه ... هذه هي غادة، شفافة، و ناعمة، تهب مثل نسائم ربيعية نشعر بها و نحب وجودها و نكاد لا نراها إلا حين تلامسنا بنعومتها المعهودة. هذا النص ، قرأته عدة مرات، و شعرت أنه مثخن  بحزن خفي،  فغادة لا تتقن الصراخ، و لا تتقن بهرج الكلام، و كرنفالات النحيب، لهذا تترك أثرها الجميل رسالة تختصر عمرا من الوجود الذي يشبه اللاوجود، ذلك الحضور الآني، الذي يفتقد إلى ثبات الأبدية، حضور يصمد عبر الأزمنة بطيف و أثر. الرؤية عند غادة كلش لا تتوقف عند الملموس، فلكل كائن حقول من الأطياف، دوائر إيجابية و أخرى سلبية تحدد علاقاتنا، هالات تحتوينا أو تنبعث منّا تتقاطع أحيانا و تتنافر أحيانا أخرى ، و تتضح الصورة أكثر حين نقرأ لها عبارة كهذه مثلا : " لا يتخاطر كائنان إلاّ عندما تتلاقى في روحيهما إرساليات واحدة" فثمة سرٌّ في التّخاطُر، و التخاطب الروحي الذي يسبق اللغة يكمن أولا في هذا الطيف الذي لا نراه و لكنه واجهة سرّية لأجسادنا و أفكارنا و نواينا،  " أنا كائن روحي، أمضي بكلماتي نحو المعنى، من دون أن أرتطم بالمادة"  نعرف أنّ المنبع هو الذات، و ما تتحدث عنه غادة هنا، ليس ضربا من الخيال، فلكل جسم طيف تنبعث منه إشعاعات من الطّاقة، لكنها فسّرت جيدا عمل هذه الإشعاعات اللامرئية برؤاها الخاصّة جدا. لكأنّ هذا الكتاب تتمة للنّظرية الفيزيائية المعروفة عن الأطياف، بلغة أدبية جميلة لا تخلو من الحكمة و خلاصة التجربة التأملية العميقة لغادة. في الذات أمور كثيرة قد يجهلها الفرد عن نفسه، فإدراكنا الحسي للذات يشبه إدراكنا للأشياء التي حولنا و " قد تكشف أمارة واحدة فقط، ذلك الفارق بين الفَهم و الوهم" ..فجأة يصبح الأمر غير ما كنّا نراه، " نفسك هي بيتك الأغلى قيمة في الحياة، لا تبع هذا البيت" ...أليس مدهشا أن نكتشف حقيقة كهذه؟ نصوص غادة القصيرة، أو خواطرها، هي نصوص اللحظة التي تجمع الماضي و الحاضر و المستقبل، نصوص تجذب القارئ المستعجل الذي لا يملك موهبة البقاء مع نص طويل ، لكنها أيضا متتالية توهم القارئ نفسه أنه لم يقرأ الكثير، فيما هو قد وقع في فخ كتاب بحجم 100 صفحة تقريبا. إنها حيلة هذه النصوص التي تجرُّ القارئ بجمل قصيرة، كل جملة منها لها خاصية مختلفة عن الأخرى، فبعضها يشبه قصة قصيرة جدا، و بعضها يشبه الشعر و البعض الآخر يتأرجح بين الحكمة و النظرة الفلسفية للحياة. و هذا النوع من الكتابة موجود بكثرة في الغرب و يسمى بمُحرّكات التفكير، لأن العبارة لا تنتهي عند قراءتها، فسرعان ما توَلِّد تساؤلات و توارد أفكار لدى القارئ. لكنها في عالمنا العربي  جاءت متأخرة على شكل لغة الرسائل الهاتفية القصيرة، و لغة تويتر، و فايسبوك، و مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة التي تعتمد برقيات قصيرة للتبيلغ عن حالة الذات و الوضع العام حولها. سبقت غادة زمن الفايسبوك و تويتر بسنوات،  و أظن أن كتاباتها كان من الممكن أن تكون مادّة دسمة لمحرّك مهم على الشبكة العنكبوتية و كانت أرباحها ستكون خرافية لو أننا قسنا وزن المضمون بشكل مادي. الطيف و الأثر بأجزائه الثلاث هامش جمالي يخاطب الوجدان من خلال مدارات النفس و الحياة و الطبيعة كما قال الناشر في مقدمة إختصرت الكتاب بعين ثاقبة. لكنه أيضا سفر غريب بين رحلة الطيف و رحلة الأثر، لأنه يقيس المسافة بين الكائن الإنساني و مداراته الخفية بدءا من أعماقه التي لا ترى بالعين المجرّدة إلى الأثر الذي لا يتلاشى أبدا و يمتد إلى حياتنا الثانية. الطيف و الأثر للكاتبة غادة علي كلش ، صدر عن دار درغام ، بيروت آذار 2013 . فضيلة الفاروق نشر المقال في إيلاف
آه يا قلبي الفنان الإنساني محمد العماري
بقلم عاشور فنّي
كنت منذ طفولتي معجبا بعبقرية هذا الفنان وصوته الجهوري. كنا نحاول تقليده في الحركات واأسلوب الغناء. وأثناء أداء الخدمة الوطنية كان لي صديق اسمه محمد يؤدي أغانيه وحركاته بطريقة عجيبةز كنت احب أغانيه الهادئة التي تظهر فيها عبقريته. كنا نتابع أخباره بشغف. زار تمنراست في جويلية 1978 ونحن في الخدمة …لقراءة المزيد
كنت منذ طفولتي معجبا بعبقرية هذا الفنان وصوته الجهوري. كنا نحاول تقليده في الحركات واأسلوب الغناء. وأثناء أداء الخدمة الوطنية كان لي صديق اسمه محمد يؤدي أغانيه وحركاته بطريقة عجيبةز كنت احب أغانيه الهادئة التي تظهر فيها عبقريته. كنا نتابع أخباره بشغف. زار تمنراست في جويلية 1978 ونحن في الخدمة الوطنية ودشن بصوته العظيم المنصة الجديدة التي افتتحت بمناسبة وصول طريق الوحدة الإفريقية إلى تمنراست بإشراف الرئيس الراحل هواري بومدين في 20 جويلية 1978.. كان شباب الخدمة الوطنية يملؤون المدرجات مع شباب المدينة ونسائها.. التقيت الفنان محمد العماري في نوفمبر سنة 2006 في رحلة وعرفت عظمة الرجل وفخره بانتمائه إلى وطنه وثقافته. انسان رائع إلى كونه فنانا عظيما مقتنعا بما غناه التزاما بقضايا بلده وقضايا القارة الإفريبقية والعالم الثالث. وعي نادر. يذكر تشي غيفارا ومريم ماكيبا . ينتمي لخط الفن الملتزم. يتغنى بالإنسان الإنسان وبالجزائر, وبالقضايا الإنسانية الكبرى....في كل مكان فاجأتني صديقتي الروائية فضيلة الفاروق بنشر أغنيته ( آه ياقلبي) فأحيت في نفسي عاملا آخر... في نوفمبر 2006 التقيت بالفنان العماري في أحد البلدان العربية . وفي طريق العودة لم تتمكن سفارة الجزائر هناك من الحصول للفنان العماري على تذكرة سفر من درجة مناسبة لمقامة. تدخل السفير شخصيا -مشكورا- ولم تفلح المحاولة: شركة الخطوط الجوية هناك حرة ولا يمكن لأحد ان يغير شيئا في الحجز ولا في قطع التذاكر. كدنا نتاخر عن السفر لن العفنان العماري رفض قطعيا أن يسافر مع خطوط جوية تضعه اقل من مقامه. تضمنا مع الفنان ورفضنا الركوب- كنا خمسة مسافرين من الجزائر- لكن الفنان الإنسان هزته هذه اللفتة التضامنية من جزائريين لا تربطه بهم رابطة غير الإعجاب والتقدير لمكانته. فجاة قرر التضامن معنا وركب الطائرة في درجة عادية لكيلا يتاخر الجزائريون عن رحلتهم. كان علينا ان نجري التحويل في مطار الدوحة لنعود إلى الجزائر عبر الخطوط الجوية القطرية. في مطار الدوحة استقبلتنا رئيسة الرحلة وهي سيدة هندية جميلة. ما ان رأيتها حتى قلت للعماري هل تحسن الغناء بالهندية؟ انطلق الغفنان فيه كالطفل: هز مطار الدوحة بأغنية لا أدري أين كان يخبئها. كان صوته مجلجلا.وقف المطار عن بكرة أبيه. توقفت السيدة الهندية ورفيقاتها ونظرن إلينا باستغراب: كلمتها بهدوء:( هذا فنان إنساني عظيم من الجزائر. ما ان يرى سيدة جميلة من بلد يحبه حتى ينطلق في الغناء بلا رقيبز اعذرينا على الفوضى). ردت علينا بابتسامة عريضة. انتم جزائريون؟ نحن نبحث عنكم لنحولكم إلى خطوط اخرى. قلت ... نعم تأخرت طائرتنا بسبب عدم احترامهم لمكانة هذا الفنان العظيم. هل لديكم مكان في الدرجة الأولى؟ وكان صوت العماري ما زال مجلجلا بالهندية في اروقة مطار الدوحة والناس متجمهرون. قالت بسرعة: نعم توجد هيا بسرعة. تفضلوا معي فالطائرة في انتظاركم... شعرت أنه قادر بصوته على إحداث فوضى تتجاوز طاقتهم التنظيمية الهائلة. هكذا حصل العماري بقوة صوته على ما لم يتمكن سعادة السفير من تحقيقه بقوة سلطانه. شكرا لك أيها الفنان الإنسان العظيم. السبت 22 جوان 2013
جنّة زهرة
بقلم إسكندر حبش
  بالتأكيد لم تكن "زهرة" هي المسؤولة عن نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي صدرت من يومين. أتعرفون "زهرة"؟ هي بطلة "شرائط مصورة" بدأت بالظهور العام 2009 على الويب، بعد أن تمّت يومها إعادة انتخاب الرئيس نجاد لولاية ثانية، ولتبدأ بعدها حركة احتجاجات، غطّت معظم المدن الإيرانية، حتى أن بعض …لقراءة المزيد
  بالتأكيد لم تكن "زهرة" هي المسؤولة عن نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي صدرت من يومين. أتعرفون "زهرة"؟ هي بطلة "شرائط مصورة" بدأت بالظهور العام 2009 على الويب، بعد أن تمّت يومها إعادة انتخاب الرئيس نجاد لولاية ثانية، ولتبدأ بعدها حركة احتجاجات، غطّت معظم المدن الإيرانية، حتى أن بعض الصحافة الغربية أسمتها يومها "الربيع الإيراني". وبعيداً عن خريفنا الدائم، وجدت هذه الشخصية الخيالية، التي أبدعها الكاتب أمير سلطاني والرسام خليل، أصداء كثيرة، لتنتشر في بقاع العالم ولتُترجم إلى لغات عدة. ولو عدنا إلى مصدر هذه البطلة، لوجدنا أنها أمّ، قتل ابنها في تلك الاحتجاجات، وقد قامت بدفنه بنفسها. في أيّ حال، ونظراً إلى تواصل الجمهور مع هذه الشرائط، أكمل الفنانان العمل تباعاً، ليصدرا "حلقات" عدة من هذه السلسلة آخرها، قبل الانتخابات الأخيرة بعنوان "جنّة زهرة" (والجنّة هنا تحيل إلى المقبرة التي دُفن فيها الشاب، ابن زهرة)، لنجد فيها أن هذه الأم "الشجاعة" (فيما لو استعرنا عنوان بريخت) ترشحت للانتخابات الرئاسية، كردة فعل تجاه جميع المرشحين، على اعتبار، وكما يُقال، إنه لا يحق للمرأة في إيران الترشح للانتخابات. أي بمعنى آخر، وللمرة الألف، نجد هذا الهوس الغربي الذي يتراءى له كلّ شيء، والذي يفصّل الأمور على هواه. مئات الألوف من زوار موقع هذه الشرائط المصورة، أعلنوا تضامنهم مع ترشيح زهرة، (قبل الانتخابات) وعديدة هي الصحف الغربية التي تحدثت عن تبدل محتمل في الانتخابات الإيرانية، انطلاقاً من هذه الشخصية. أي بمعنى آخر، استطاعت هذه الشخصية المتخيّلة، أن تلهب مخيال الجميع، وأن يروا فيها "ثورة" مضادة، لكلّ ما تمثله إيران اليوم. والسؤال الساذج الذي لا بدّ من أن نطرحه: هل فعلاً لعبت زهرة وأقاصيصها الدور الحاسم في اختيار الرئيس الجديد الشيخ حسن روحاني؟ ربما، لا يعنيني الجواب عن سؤالي هذا، تماماً مثلما لا يعنيني مطلقاً جنس الملائكة. ومن "الهبل" أيضاً أن نجد في الرئيس الجديد تجسيداً لتك الشخصية النسائية. كلّ ما يجذبني في هذه القصة الفكرة التالية التي أميل إليها منذ فترة طويلة: لقد أصبح المتخيّل، وهنا أقصد به الأدب، أقوى من الواقع. أي أن المتخيّل هو الذي أصبح يحدد لنا الكثير من أحداث الحياة التي ننسجها على منواله. كان الأدباء والفنانون، في الماضي، يختارون موضوعاتهم من الحياة الواقعية. ما نجده اليوم، أن الواقع والحياة، لا يمارسان علينا فعلاً إلا هذا التأثير البسيط، لذلك هما بحاجة إلى الخيال والمتخيّل، ليعلنا شرط حضورهما. كلّ ما يبدو أننا بحاجة إليه اليوم، هذه الإسقاطات المتخيّلة، كي تستقيم الأشياء. إسكندر حبش نقلا عن السفير
حاجز طيّار
بقلم لبنى فواز
في واحدة من أيام الحرب اللبنانية البشعة كان والدي عائداً إلى البيت في شاحنته المحملة بالبضائع فاستوقفه "حاجز طيار" كما كان يُسمى في ذلك الحين على الطريق الساحلية بين بيروت والجنوب. بطاقة هوية والدي كانت تدينه وكان مرشحاً تلقائياً للقتل لا لشيء اقترفه أو آمن به بل لمجرد كونه مختلفاً عن أرباب ذاك …لقراءة المزيد
في واحدة من أيام الحرب اللبنانية البشعة كان والدي عائداً إلى البيت في شاحنته المحملة بالبضائع فاستوقفه "حاجز طيار" كما كان يُسمى في ذلك الحين على الطريق الساحلية بين بيروت والجنوب. بطاقة هوية والدي كانت تدينه وكان مرشحاً تلقائياً للقتل لا لشيء اقترفه أو آمن به بل لمجرد كونه مختلفاً عن أرباب ذاك الحاجز بمعتقده الديني. سيق والدي للقتل وخيّل إليه أنه على بعد دقائق من لقاء بارئه. أبي عاش ثلاثين عاما بعد ذلك اليوم لكنه لم ينسه للحظة، كان يعد كل دقيقة عاشها بعد ذلك اليوم على أنها نعمة مكتسبة. ما، أو، مَن أنقذ والدي يومها كان طفلاً  لا يتجاوز التاسعة من عمره. صبياً اعتاد أن يرافق والدته في زياراتها العائلية الى قريتها المختلطة دينياً وأن يشتري الحلويات من دكان ملاصق لبيت جده. كان يحب البائع اللطيف المعروف لكل أهل القرية. ركض ذلك الوالد يومها ليحضر والدته وينقذ والدي، بائع الدكان في قرية جديه من براثن موت محقق. لم أكن مع والدي في ذلك اليوم، لكن لكثرة ما روى هذه القصة بت أتخيلها كفيلم سينمائي وغالباً ما أبكي عندما أصل الى مشهد النهاية إذ تتراءى لي تلك السيدة وابنها كملاكين مسيحيين ينقذان جارهما المسلم. الأخلاق الحميدة والعشرة الطيبة لم تنتف يوما من البشر، لا في عز الحرب الأهلية الماضية ولا في عز الحرب الأهلية الحالية. عندما أقرأ اليوم كتابات تقطر سماً لكنها تتلطى بالحياد على اعتبار انها مجرد ناقل لآراء الآخرين، عندما أتابع شخصيات إعلامية وثقافية ودينية ترطن بلغة بذيئة ومنحطة هدفها الشحن الطائفي والمذهبي وعندما أشهد بأم العين كيف أن كل "عنزة" تعود سريعاً لترتبط عقائدياً واجتماعياً "بكرعوبها"، عندما أصطدم بكل هذه الضحالة الأخلاقية والإنسانية المستشرية والمستترة أحياناً بغلاف رقيق من العفة والتحضر، ألتفت سريعاً الى النماذج المضيئة بين أصدقائي وصديقاتي وهي كثيرة. أتشبث ببراثن هؤلاء الأصدقاء لأحصّن نفسي وأولادي من أتون الكره والجهل. أحياناً  أترقب أصدقاء ومنهم من هُجّرت عائلته أو نكّل بها أو قُتل بعض أفرادها، فلا أجد إلا ترفعاً عن اتهام الكل بجريمة البعض ولا أرى إلا حرصاً على الإنسان في زمن استسهال القتل والقذف والذم. أمني نفسي بأن هؤلاء الأصدقاء المختلفين عني إما ديناً وإما مذهباً وحتى في بعض الآراء والمواقف السياسية سيحولون دون ذبحي يوماً أنا وأولادي على "حاجز طيار" جديد. لكن لا أملك إلا أن أسأل: من يحميني ممن يقتلني معنوياً وبشكل يومي بسكين كلماته المسمومة ويتفاخر بأنه لم يرق دماً؟ من يحميني من المثقف المحرِض أو الإعلامي المتاجر بالدم، من السياسي العفن أو المعَمَم الجاهل، من الصديقة أو الصديق والزميلة أو الزميل؟ هم لم يرقوا دمي اليوم لكنهم يهدرونه كل يوم!  هؤلاء ،عن قصد أو عن جهل، يهاجمون الشعائر لا الموقف السياسي! عن قصد أو عن جهل يبنون على مظاهر شكلية مختلفة ويهملون جوهر العقيدة الواحد ...فلمَ تصرون على حمل وزر دمي يا قتلة؟ سأصلي اليوم كما أفعل كل يوم، مسبلة اليدين منكبة على التربة الكربلائية علّ رب السماوات التي تشرق على جميع البشر، يرسل لي ملاكاً يصلي عاقد اليدين ينقذني على حاجز طيار كان لبنانياً في سبعينيات القرن الماضي فأصبح عربياً في الألفية الثالثة. ولتحيا القومية العربية فجاهلية الحاضر أثبتت أننا فعلا شعب واحد لم يغادر يوماً سقيفة بني ساعدة. * لبنى فواز إعلامية لبنانية مقيمة في كندا
زهوة الحبيب السايح.. رواية نقية الدم
بقلم فاطمة بريهوم
فطمأنه: "إن لم يكن ذلك حصل بالحس فقد وقع بالمعنى. ولعل فيما رأيت نصيبا من حقيقتك الأخرى." فتعجب له: كأنك كنت معي!" ومثل يوسف لا نعرف هل قرأنا حسا أو معنى هذه الرواية؟ فما يبقى معنا كأنه أول ما حدث أوأنه لم يحدث إذ لا نصدق كل تلك الأحراش من الدهشة، والمباهج في رواية واحدة هي "زهوة" فالسايح يأخذ …لقراءة المزيد
فطمأنه: "إن لم يكن ذلك حصل بالحس فقد وقع بالمعنى. ولعل فيما رأيت نصيبا من حقيقتك الأخرى." فتعجب له: كأنك كنت معي!" ومثل يوسف لا نعرف هل قرأنا حسا أو معنى هذه الرواية؟ فما يبقى معنا كأنه أول ما حدث أوأنه لم يحدث إذ لا نصدق كل تلك الأحراش من الدهشة، والمباهج في رواية واحدة هي "زهوة" فالسايح يأخذ بأيدينا إلى الأقاصي البعيدة للمكان والزمان ليعيدنا لمنابع الحكاية، ويرمم ما حدث في الحياة من تصدعات، محاولا أن يعمر ما فيها من خراب.
هل يمكن لرواية أن ترجنا وتعيدنا إلى منابعنا الأولى؟ لتقول صمت حاجتنا إلى سكون الدعاء يطهره كل الصخب الذي شوش أرواحنا؟
قطعا كتب قليلة تفعل.. وهي كتب سلالة الأدب الإنساني الخالص الذي ينشد التعبير عن الانسان وحيرته الأبدية محاولا الحفاظ على كينونته بعيدا عن كل الضوابط التي يحاول النقد أن يقلم بها أظافر الأدب من تنظيرات يجب ان تلتزم بها الكتابة؛ فالسايح نفسه في حديث له يؤكد أنه في عمل دؤوب واجتهاد لتجاوز ما كتب قبلا ، ابتدأت معه فكرتها وهو يتسمع إلى تلك التهليلات هناك في أقاصي الحكاية الأصلية حيث الصفاء: "كل يوم زهوة، واليوم أكثر. ازه يا قلبي".. 
من أول كلماتها تهزنا لغة هذه الرواية إذ تزيح عنا شيئا فشيئا النظام اللغوي الذي اعتدناه في أدبنا يقارب لغة الصحافة الوظيفية غالبا.. فهي لغة يختل فيها تراتب عناصر الجملة :"واستدار عنه ففتح النافذة على سماء غمر ضياؤها شجر اللوز المزهر نوارا أبيض...فاستنشق هواء محملا بمزيج من طيب الخضرة موجه تيار خفيف..."ص86 و لعل القارئ الذي تعود على احتمالات متشابهة مكررة لتراكيب اللغة وسهولة القراءة لا يستسيغ هذا المستوى المغاير والمخلخل للذائقة، ولكن هذا يجعلنا نتساءل بعيدا عما فرضه النمط الذي تكرسه وسائل إعلامية ومؤسسات أكاديمية: ما الأدب إن لم يكن تشكيلا جديدا على كل مستويات القراءة يرمي إليه الكتاب و القراء ؟؟ ويدفعنا إلى الإقرار بأننا فقط تعودنا لغة "ميديا "وذوقها فصار سهلا علينا أن نهرب من لذة القراءة الواعية إلى القراءة السريعة، متهمين الأدب مبرئين كسلنا.
و كما تربكك اللغة في "زهوة" كذلك يفعل تعدد مستويات خطابها بين الصوفي والمحكي، و الواقعي -التحليلي ، والشعري فكأن السايح أكثر من كاتب صاحب أسلوب أوحد ووحيد يحدد مسبقا ما سيؤول إليه النص من أول كلمة، فبحسب ما أتاح المقام والحديث يتلون الكلام الذي يغير الروائي كل مرة خط كتابته لنميزه ونتعمق في كنهه، ولا نعجز أن نفهم ذلك إذ نقرأ أن السايح المشتغل على لغة القرآن، والحديث، والكتب التراثية كما أكد في أحد حواراته يريد عن وعي إعادة الأدب إلى مقامه الأزلي :الإمتاع والتطهير.
منطلقا من هدأة تلك الخلوة في إحدى "زوايا "منطقة توات يفتحنا السايح على كل الأسئلة التي نتوارثها من أجيال بشرية عن الحب والجنس والعادات والصراعات تماما كما تتطلب الحياة في تلك المنطقة البعيدة هناك حيث سادت حضارة راسخة الوجود لقرون لا نتعب أن نفهم أنها ملجأ لكل حائر خذلته هذه المدنية بعنفها. فهل ندرك أننا نمتلك ما نقدر أن نواجه به ذلك إذ نستمسك بالأمانة: "أمانة آبائكم، بما فيها مفتاح الخزانة..."ص342
تماما كما اهتدى عبد النور وهو يفر من حياة صاخبة بفسادها بعد فقد زوجته وابنه من طرف جماعات متطرفة لعله يفيئ إلى سلام تعرفه رغم "عقلانية ثابتة في تفكيره اكتسبها من مساره الدراسي ومن تحصيل قراءاته وتجاربه وتأملاته، ظل يقيم له توازنا نفسيا حفظ به موضعا في روحه بمثابة أرض براح..."ص315 ، وهو يعود إلى نداءات دمه النقي ليفتحنا على مشابك الحياة وعمقها بخيرها وشرها من خلال الصراع الأبدي بينهما من خلال قصة حب بسيطة يكون عرابها، كأنما ليعطي حياة أخرى بانتصار الحب والحكمة ويرسم لنا محددات حياة فاضلة لا ينعدم فيها الشر لأنه وجه آخر للحياة إذ يموت بالإقتتات على نفسه والمحبة تغمر الدنيا ؛ فنتنحى بعيدا إلى شفافية المشاعر بعيدا عن دموية هذا العالم الذي تسيره نوازع السيطرة فتسرق من إنسانيته ليس إلا.
مع عبد النور نعود إلى تفاصيل ما عاش كحكاية لا نثق فيما بعد صفحات هل هي صلب الرواية لأن لكل شخصية في "زهوة" حكايتها ولعل هذا ما يجعلنا كل مرة نفتح بابا لنتعمق في تفاصيل حكاية مع يوسف وجرح الأبوة فلقياه بأخته لأبيه "إدريس" الذي لا نتأكد مطلقا هل هو بشر سوي، أم ملك علم الناس الصبر والتغلب على الرغبة والفتنة، فلننصت لما قاله رضوان مريده وربيبه: "كان سيدي ملتزما في كل شيئ، مثابرا على بعث الحياة حيثما وصلت قدماه..."ص82 
ولرضوان حكاية تتنامى في الهندسة المتشعبة التي سطرها الكاتب باقتدار إذ أننا كما في الفانتازيات الرائقة للآداب القديمة لا نشعر بتلك الشعرة التي تلج بنا من فسحة لأخرى تشرع عيون الدهشة و الاستغراق، ولربيعة أيضا حكاية مترعة بالحيرة والسؤال إذ تغالب شره سلطانة للسيطرة وتبييض ما اختفى من ماضيها وبؤسها وهي تحكم خناق زوجها لتسير قبضتها الزاوية. وتتشابك الأسرار إذ نفك لغزها مع السبعاوي ضابط التفتيش، الذي يهتك ما أخفته سنين ويدخل بنا إلى التعفنات التي استغلها غيلان الفساد :"هي سلاحي الوحيد لاستعادة أرض والدي من أشخاص استولوا على أغلب أجزائها بعد موت والدتي مدعين، في ظلمة فوضى البلاد..."ص340
لا تتوقف الدهشة إذ أتوقف هنا فمازال الكثير من الحكايات والخفايا التي تسترها الحجب في "زهوة".
لذلك سأؤكد لقد استطاعت "زهوة" وبجدارة أن تعيدنا مع ذاكرة الأستاذ إلى أعماق حكاية بدأت بالحب واللقيا واجتثت تفاصيلها أياد آثمة سلبت الحياة عذوبتها التي وقفنا عليها هناك بين الأشجار التي غرسها سيدي إدريس والساقية التي تبعث كل ما هو حي. وسأقول فيها ما قلته للاستاذ الحبيب السايح لما أنهيتها أول مرة:
"في الأول اندهشت.. وبعد ذلك في جلستي اعتدلت لأفهم نظامها اللغوي المتفرد وهندسة الحكاية فيها ..ثم سحرت بعوالمها الفاتنة، ومن صدق شخصياتها بكيت لاسيما في تلك اللحظات التي يختلون فيها لصفائهم ..لأتأكد عند تمامها أنها رواية من دم نقي.."
-------------------------------------------------
المصدر/ جريدة النصر الجزائرية في 4 جوان 2013
حديقة باموق
بقلم سليم بوفنداسة
بدأ الأمر كله بتضامن مع الحديقة، وانتهى إلى تقريع الزعيم على حثه الشعب على الانجاب و تحريمه للخمر ومناهضته لتبادل القبل على ضفاف البوسفور. لكن الرجل كان صارما: ليس هذا بالربيع، الربيع لا يأتي من الحديقة. هذا ربيع كاذب، ثم من قال أننا في حاجة إلى ربيع؟ بدأ الأمر من الحديقة التي تبدو من شرفة أورهان …لقراءة المزيد
بدأ الأمر كله بتضامن مع الحديقة، وانتهى إلى تقريع الزعيم على حثه الشعب على الانجاب و تحريمه للخمر ومناهضته لتبادل القبل على ضفاف البوسفور. لكن الرجل كان صارما: ليس هذا بالربيع، الربيع لا يأتي من الحديقة. هذا ربيع كاذب، ثم من قال أننا في حاجة إلى ربيع؟ بدأ الأمر من الحديقة التي تبدو من شرفة أورهان باموق وربما خصّها بنظرة متأملة، هو الذي تعوّد على التطلّع للسفن التي تحرث بحر مرمرة في عبورها البديع بين عالمين. ثم جرى اسم الحديقة على كل الألسن في البلاد متعددة الأجناس، وفي غيرها من البلاد التي اكتشفت فجأة عيوب الحليف، و بدأت صحافتها  تقول  له أنك تحتاج إلى الربيع  الذي كنت تسقي أزهاره في حدائق جيرانك. لم يكن أورهان هناك  فقد صار يستلطف استعادة مدينته الأسطورية من الذاكرة، أما سليم الأول فقد تنهّد في سره وقال: لن يدعوني أفعلها ثانية. يا لخيبة الأحفاد ! لقد كان الجواب الأوروبي قاسيا على تركيا في محاولة انتسابها إلى "الغرب" ولم يتردّد حاكم دولة أوروبية كبيرة في مكانة فرنسا في الجهر بما يقوله غيره من الزعماء سرّا: لن نسمح  لتركيا بدخول النادي الأوروبي بسبب دينها. و لأن الاسلاميين فهموا الرسالة فقد أرادوا تحويل مسار "الفتح" كما فعل الجد طيب الذكر سليم الأول. وربما كان ذلك ما جعل تركيا تتعاطف مع ربيع آلت غلّته للإخوان في بلاد العرب، ملتقية في ذلك مع الغرب الذي رفضها حين أرادت أن تكون منه. فهل أخطأت في المساهمة في إفساد الربيع وتغيير لون أزهاره؟ لم يخف حكام تركيا الجدد ولعهم بالدولة العثمانية، وحاولوا بناء محاور مع عواصم عربية مهمة، بيد أن قدوم الربيع  المفاجئ مهد أمامهم سبيلا أسهل يتمثل في هيمنة ناعمة، ما دامت الديموقراطية تأتي بالإسلاميين وجوبا في  بلاد العرب، فما الحاجة إلى تضييع الوقت. والتقط "الإخوان" في كل مكان رغبة السلطان المعتد بنسبة نمو متصاعدة، فبدأوا يرسلون إشارات الطاعة وقد جرت شهوات الحكم في عروقهم من المغرب إلى المشرق وصاروا يقدمون مواقيت معلومة لنصرهم الذي لا ريب فيه، فسرّ ذلك القائمين على الباب العالي، وكيف لا يسرّهم رزق ساقه الله  لهم من حيث لم يحتسبوا؟ لكنهم لم يأخذوا في الحسبان أن أوروبا المفلسة لن تسمح لهم بالاستغوال على حدودها ولن تسمح للرجل المريض باستعادة إرثه المنهوب. وبالتالي فإنها لن تتردّد في اختراع ربيع من اقتلاع حديقة. ملاحظة يعرف أصدقاؤنا الأتراك الذين بيننا وبينهم، ملح، وطعام وتاريخ ونسب أن جيرانهم يصنعون التاريخ من أحداث بسيطة، كتلويح بمروحة.  
“الأزرار” بين جمالية الشعر والفوبيا
بقلم ليلى قصراني
في قصيدة منشورة لها مؤخرا بعنوان ” الأزرار ” كتبت فيء ناصر قصيدة عن هذا الشيء الصغير الذي لا نفكر به مطلقا حينما تلامسه أصابعنا عندما نرتدي ثيابنا. لكن في قصيدتها يصبح الزر عضوا حيا نابضا إذ تقول في نهاية القصيدة: “…يسقط من قميصك الآن زرّ قبلةٌ تحدقُ اليك بعينيها المفتوحتين إنحنِ …لقراءة المزيد
في قصيدة منشورة لها مؤخرا بعنوان ” الأزرار ” كتبت فيء ناصر قصيدة عن هذا الشيء الصغير الذي لا نفكر به مطلقا حينما تلامسه أصابعنا عندما نرتدي ثيابنا. لكن في قصيدتها يصبح الزر عضوا حيا نابضا إذ تقول في نهاية القصيدة: “…يسقط من قميصك الآن زرّ قبلةٌ تحدقُ اليك بعينيها المفتوحتين إنحنِ يا حبيبي والتقطها” من الصعب أن تقرأ كلمات مثل هذه وتعود تنظر الى الأزرار بنفس الطريقة التي كنت تنظر اليها سابقا. تماما مثلما حصل مع الكثيرين منا بعد أن فرغنا من قراءة رواية “العطر” لباتريك زوسكيند وبقينا حساسين لكل الروائح والعطور من حولنا لفترة ولم نعد ننظر لقوارير العطر بنفس الطريقة التي كنا ننظر اليها قبل ان تقع هذه الرواية رغم مبالغاتها، بين ايدينا. ولولا تأثير هذه القصيدة عليّ لأيام لما شدني وأنا أتصفح جريدة أنجليزية وأنا جالسة في القطار في العاصمة البريطانية خبرا قصيرا في أسفل الجريدة بعنوان “ابعدوا عني الازرار” يتكلم عن شابة مريضة بفوبيا الأزرار وعن تحدياتها النفسية ازاء الأزرار. تقع عيناها رغما عنها على ملابس بأزرار كالقمصان الرجالية فترتعب. الى تلك اللحظة كنت احسب أن اغرب فوبيا قرأت عنها هي هلع الجروح الصغيرة وأصحاب هذا المرض التعساء لا يقدرون أن يمسكوا أو يتصفحوا أي كتاب أو مجموعة أوراق خشية من حافات الأوراق التي قد نجرح أصابعهم. لهذه الفوبيا (الخوف من الأزرار) مصطلح علمي معروف باللغة الانجليزية ب” Koumpounophobia ” ومن أعراضه ان الشخص عندما يرى الأزرار يشعر بالقيء. ايضا بالفزع من الأختناق وخشية تنفس الأزرار نفسها! الملفت للنظر بان المريض بفوبيا الأزرار يتردد بل ويخجل ان يشارك الاخرين مخاوفه ظانا بانه الوحيد من يشكو من هذه الفوبيا لكن هناك الكثيرين المصابين بهذا الخوف. علما بان الخوف من الأزرار له علاقة باختبار سيئ مرّ به المريض في مرحلة الطفولة كأن أبتلع زر مثلا أو وضعه في الأنف. أن الأزرار البلاستيكية تخيف هؤلاء اكثر من المعدنية. ايضا الأزرار بعيون أربع ترعبهم اكثر من التي بعينين (لاحظ مقطع القصيدة أعلاه!) بهذا ينحرم المصابون بفوبيا الأزار من متعة التبضع في الاسواق والمحال التجارية. فيرتدي هؤلاء ملابس خالية تماما من أي زر بل يكتفون بثياب تحتوي على مشابك اخرى عوض الأزرار مثل الأبزيم. تقول الشاعرة فيء ناصر في قصيدتها البسيطة في كلماتها والعميقة في مشهدها : لقميص روحك الحرير أُخيطُ أزراراً جديدة هنا أثبتُ قبلتي الشبقة خلف باب غريب وهنا قبلة أخرى تحت المطر وأخيطُ بعدها قبلة مكتنزة في قطار ورابعة في الزحام وعند العنق سأرتقُ القبلة الدمعة وبخيطٍ من أنفاسي عند المعصمين أخيطُ قبلات سريعة لكفيك قصيرة هذه النهارات وضوء الشمس سيُدفُن بعد ساعتين في أرضك الباردة الأشجار هناك لا تزال عارية إبرة الغياب هنا تنغز إبهامي وتفجر منه قطرة دم   هنا، من بدء القصيدة حتى نهايتها يسرق الزر من الحب دوره المتعارف به في مشاهد الحميمية فيلعب دور البطل مارا بالشمس والاشجار حتى مرور “إبرة الغياب” به بل ان الشاعرة هنا قامت ب”أنسنة” الزر لتلفت نظرنا الى هذا المزدرى فنفخت نسمة حياة فيه إذ تعطي للزر أكثر من وظيفة فأصبح الزر “القبلة و”الدمعة”. يلمس النص الراقي أعماق الذات الأنسانية ولا يمكن ان ينساه القارىء بسهولة كما في هذه القصيدة ، وهنا تكمن وظيفة الشاعر، علاوة على اللغة العالية التي يتوجب استخدامها بعيدا عن الكتابة التقليدية الرتيبة. هذا ما فعلته فيء ناصر الشاعرة العراقية في قصيدة “الأزرار”. إنها إمكانية الشاعر إذاّ التلاعب باللغة. ليرسم لنا بالكلمات صورة أشبه بحلم أو بشيء يظل يطاردك أياما فيذكرك بشيء يهوي على صدرك أو يستوقفك حين تقرأ مثلا خبر صغير في صحيفة ما. نقلا عن " فوبيا" Fobyaa.com  * ليلى قصراني كاتبة عراقية مقيمة في شيكاغو
أمينة التونسية و " العري السياسي"
بقلم سوسن أبوظهر
محاكمتها تبدأ غداً الخميس أو بعد غد الجمعة. هي موقوفة منذ 19 أيار وأودعت سجن مسعدين في القيروان. إنها أمينة السبوعي. الاسم ليس مألوفاً. فهي عرفت بـ"أمينة تايلر" أو "أمينة فيمين". والمفارقة أن ما تُلاحق به الشابة التونسية هذه المرة ليس له علاقة بإظهار ثدييها، طريقتها في الاحتجاج معتبرة أن "التعري …لقراءة المزيد
محاكمتها تبدأ غداً الخميس أو بعد غد الجمعة. هي موقوفة منذ 19 أيار وأودعت سجن مسعدين في القيروان. إنها أمينة السبوعي. الاسم ليس مألوفاً. فهي عرفت بـ"أمينة تايلر" أو "أمينة فيمين". والمفارقة أن ما تُلاحق به الشابة التونسية هذه المرة ليس له علاقة بإظهار ثدييها، طريقتها في الاحتجاج معتبرة أن "التعري الوسيلة الأفضل للتعبير عن تعاسة النساء في العالم العربي". ففي آذار نشرت صورة لها على صفحة "فيمين"، المنظمة الأوكرانية التي تحتج بالتعري على أوضاع سياسية واجتماعية مجحفة تواجهها النساء في العالم. كتبت على صدرها وبطنها :"جسدي ملكي وليس شرف أحد". بعد موجات من الكر والفر منذ آذار، سقطت الشابة التونسية التي لم تبلغ بعد التاسعة عشرة من العمر في قبضة العدالة. وهي تواجه السجن سنتين لـ"تدنيس مقبرة" وسنة ونصف السنة بتهمة حيازة رذاذ مسيل للدموع ومُشل للحركة. ماذا حدث في 19 أيار؟ كان الاستنفار الأمني على أشده في القيروان لمنع تجمع لحركة "أنصار الشريعة" السلفية، ودارت مواجهات استخدم فيها رجال الأمن الغاز المسيل للدموع. ظهرت أمينة. وتضاربت الروايات. قال الناطق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي إنها كانت تضع حجاباً ونظارة شمسية و"نجحت في خداع رجال الأمن المرابطين في كل مكان". لم تحاول تعرية ثدييها. ذهبت إلى الساحة الخلفية لجامع عقبة بن نافع وكتبت كلمة "فيمين" باللاتينية على جدار منخفض يحيط بمقبرة أولاد فرحان المحاذية للمسجد. فتعرف عليها سكان محليون ورددوا "ديغاج" (ارحلي). قالت لرجل حاول إبعادها :"كلنا مسلمون"، فرد محتداً :"لست بمسلمة، لا تأتي إلى القيروان". وقدم القيادي في "أنصار الشريعة" بلال الشواشي رواية مغايرة لصحيفة "الصريح". أفاد أن الشابة لم تأت وحدها، وأن رجال الأمن سهلوا وصولها. وهي قدمت إلى المدينة في 18 أيار وأقامت في نزل كان فيه "زملاؤنا في الدين". واتهمها بالوشاية بهم قبيل توقيفهم. وبعدما اقتادها رجال الأمن، اتصلت أمينة بمراسلة مجلة "ماريان" الفرنسية ناديا الفاني لتبلغها باحتجازها. وصفت الكاتبة توقيفها بأنه "عمل سياسي محض"، كأن المطلوب "إيجاد رديف للحملة على الإسلاميين، كأن "فيمين" في خطورة (تنظيم) "القاعدة" والسلفيين". وتساءلت :"هل سيحملونها، وعمرها 18 سنة، مسؤولية غياب الأمن في تونس، وقتلة (المعارض اليساري) شكري بلعيد أحرار". الجانب السياسي للقضية تطرق إليها والدا أمينة. في أحاديث صحافية متعددة، قالت أمها وفاء إن "هناك أحزاباً تستغل الخلل النفسي لدى ابنتي لدفعها إلى هذا النوع من الأعمال. فهي لم تتجاوز الثامنة عشرة وليست ناضحة بما يكفي لتقدير عواقب أعمالها، خصوصاً مع مشاكلها النفسية". وفي حديث تلفزيوني أبرزت مستندات طبية تفيد بأن كريمتها تعالج من أمراض عصبية. وعزت أزمتها النفسية إلى غضبها على والديها منذ طفولتها لاضطرارهما للعمل في السعودية وترك أولادهما في تونس. واسترعى الانتباه موقف والدها، بشقه الإنساني والسياسي. نقلت عنه صحيفة "الشروق" أن "أمينة ابنتي وستظل ابنتي، وإن عرت كل جسدها، لأنها ضحية نمط مجتمعي فاشل. وأنا كوالد فشلت معها في نقطة ما، لأن شبابنا ينساقون وراء الموت في سوريا، والموت في البحر، وهو الذي لا يعود إذا هاجر. وهذا يخفي مشاكل اجتماعية يجب معالجتها وليس الانتقام من شبابنا". وتساءل :"أين وزيرة المرأة (وشؤون الأسرة سهام بادي)؟ أين المجتمع المدني والجمعيات النسائية لإنقاذ ابنتي التي غرروا بها تماماً كالشباب الذي يرسلونه إلى الجهاد في سوريا". تساؤلات كثيرة تُطرح عن الشابة ودوافعها، والإجابات قد تتضح في المحاكمة. وفي كل الأحوال، وبرغم اختلاف الظروف، فإن أمينة السبوعي صارت، مثل محمد البوعزيزي، رمزاً لجيل مخنوق لم تحقق الثورة آماله. نقلا عن النهار ( http://www.annahar.com/article/37004-%D8%A7%D9%85%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D8%B1%D9%8A-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A)
إختراع المغارة
بقلم سليم بوفنداسة
غابت يمينة مشاكرة، في الرابعة والستين، السن التي يستكمل فيها "الروائيّ" تصفية الحساب مع العالم. و قبل ذلك كانت قدمها قد زلّت إلى أرض الرواية حيث لا شيء سوى اللغة تشير إلى العالم بإيماءات مبهمة، وصفا أو سخطا، لا فرق. و على هذه الأرض استمرت الحياة كرواية متوترة، فقد يختلط الأدب بالحياة وتصير الحياة …لقراءة المزيد
غابت يمينة مشاكرة، في الرابعة والستين، السن التي يستكمل فيها "الروائيّ" تصفية الحساب مع العالم. و قبل ذلك كانت قدمها قد زلّت إلى أرض الرواية حيث لا شيء سوى اللغة تشير إلى العالم بإيماءات مبهمة، وصفا أو سخطا، لا فرق. و على هذه الأرض استمرت الحياة كرواية متوترة، فقد يختلط الأدب بالحياة وتصير الحياة نفسها ظاهرة أدبية، وفق الاكتشاف المسجل لمالك حداد الذي حوّل، قبلها، الحياة القليلة إلى لغة تدوم. لجأت إلى المغارة التي اخترعتها  هروبا من العالم، ومن يفهم العالم أحسن من روائي أو طبيب أعصاب، خصوصا إذا اجتمعت الصفتان؟ في تلك المغارة على أرض الرواية  أكملت لعبتها مع الحياة، ولم يكن اختراع المغارة سوى إشارة رمزية تحيل إلى رغبة في مغادرة العالم والعودة إلى رحم الأم. وكذلك فعلت يمينة مشاكرة، وكأن الرواية لم تف بالحاجة ، فحولت الحياة نفسها إلى رواية تُعاش ولا تُكتب، وهذا النوع الرفيع من الأدب يقوم على تدمير الذات. وكذلك فعلت. في صور فيديو حديثة و ثمينة نجحت خلالها باحثة مولعة بأدبها في تأبيد صورها وحركاتها الأخيرة، تبدو يمينة طفلة ستينية تصغي بعذوبة واهتمام إلى محدثتها، ثم تقول أنها وضعت كل شيء في رواية المغارة المتفجرة، لكنها سرعان ما تعطي الانطباع بأنها تريد العودة إلى نفسها لترعى كائناتها الجميلة التي تنتظرها في القرار السحيق.  لكن خبرا سارا سقط مع رحيلها المفجع و هو أنها تركت ثلاثة مخطوطات منها رواية سيرة، وفق ما كشفه ابن أخيها للنصر أمس وفي ذلك حياة ثانية  لكاتبة عاشت في عزلة قاسية حياة أقرب إلى الأسطورة. و بعيدا عن البكائيات التي تزدهر كلما مات كاتب  يجب التأكيد  على أنه توفر ليمينة مشاكرة ما لم يتوفر للكثيرين من أبناء  وبنات جيلها: حظ التعليم، لتصير طبيبة لا تأخذ من مرضاها سوى سعر الطاكسي التي تعيدها إلى البيت، و لا تتردد في الذهاب متطوعة إلى الصحراء وإلى المناطق المنكوبة وفي ذلك درس بليغ للمثقفين الذين يتدافعون اليوم أمام منابع الريع مفرطين في تقاليد كثيرا ما تميز بها الكتاب المؤسسون،تقاليد الانتصار للحق وإنكار الذات و… الخجل! نقلا عن جريدة النصر
أن تقرأ يمينة مشاكرة اليوم
بقلم سعيد خطيبي
 يمينة مشاكرة ولدت مرتين، عام 1949، ثم 1979 يوم أصدرت «المغارة المتفجرة»، وتوفيت مرتين أيضا، يوم سقطت من الذاكرة الأدبية سهوا، ويوم توقف قلبها عن الخفقان والتشبث بالأمل. بين تاريخي الميلاد وتاريخي الوفاة، عاشت حياة روتين وصخب على هامش شاسع يكفيها ويكفي وحدتها، وبعدما قضت شبابها …لقراءة المزيد
 يمينة مشاكرة ولدت مرتين، عام 1949، ثم 1979 يوم أصدرت «المغارة المتفجرة»، وتوفيت مرتين أيضا، يوم سقطت من الذاكرة الأدبية سهوا، ويوم توقف قلبها عن الخفقان والتشبث بالأمل. بين تاريخي الميلاد وتاريخي الوفاة، عاشت حياة روتين وصخب على هامش شاسع يكفيها ويكفي وحدتها، وبعدما قضت شبابها متنقلة بين قرى ومداشر شرق البلاد وغربها كمعالجة نفسانية، وجدت نفسها في الأخير رهينة عيادة نفسانية، تدافع فيها عن حقها في البقاء والبوح والمطالعة والصراخ في وجه العالم، وكانت كلما كتبت نصا ضاعت منها أوراقها، لتعيد الكتابة مجددا وتضيع منها الأوراق مرة أخرى، كما لو أنها كانت مستمتعة بلعبة «الفقد والاستعادة.. الكتابة والمحو»، ولما أصدرت روايتها الثانية والأخيرة «آريس» قالت إنها لم تنشر سوى عشر النص الحقيقي للرواية نفسها. ربيع 2010 فكرت في البحث عنها مجددا، ومحاورتها، أو على الاقل، أخذ بعض التصريحات منها.. لم يكن الامر سهلا، تنقلت من الجزائر العاصمة إلى باتنة، ومن هناك الى البليدة، وانتظرت أسبوعا كاملا ردا من أحد الأطباء.. لم يكن إيجابيا.. التقيت بعدها بشقيقتها الصغرى بالأبيار، بالجزائر العاصمة، زرتها أكثر مرة في مكتبها الصغير، وتحدثنا عن وضع يمينة الصحي، علاقتها المتواصلة بالكتابة، وعن اعتذارها عن التحدث في الاعلام، قناعة منها أنها قالت كل ما لديها في روايتين(يفصل بينهما عقدين كاملين). هي قناعة روائية ملتزمة بأن تقرأ و أن يسمع صوتها في نصها لا خارجه، نصها سيرتها وحاضرها وماضيها.. و لا تكاد تذكر يمينة مشاكرة دونما العودة إلى نصها الأهم، أحد النصوص الاساسية في الرواية الجزائرية ما بعد 62: «المغارة المتفجرة»، رواية شعرية، إنسانية، تقرأ كما لو أنها قصيدة نثر مطولة، قدمت فيها خلاصة التجريب في الرواية المغاربية إجمالا، واستحدثت لنفسها صوتا مغايرا يميزها عن البقية، صوتا سيظل مرتبطا باسمها، وبروايات مشابهة جاءت من بعدها. هو الشكل الصادم في المغارة المتفجرة ما منح الرواية نفسها خصوصية، ثم فترة ظهورها، في مرحلة كانت فيها الرواية الجزائرية عموما تعيش داخل الانتماء والتعصب للجماعة وللأيديولوجية، وجاءت مشاكرة لتخفف من سطوة «السياسي» على «الإبداعي»، وتمنح النص حقا في التعبير عن نفسه بنفسه وليس من خلف نافذة الأحكام المسبقة، وتجريم ما مضى أو التفاؤل بما سيأتي.. فضل «المغارة المتفجرة» على جيل السبعينيات لا يقل شأنا عن فضل «نجمة» على جيل الخمسينيات، فتخليص الأدب من تراكمات الفوضى الخارجية كانت نقطة جامعة بين الروايتين، وبين مشاكرة وياسين يظهر تناسق في تعريف الأدب باعتباره مخلصا ومحفزا على العيش، مخفف للألم ودليلا لإعادة اكتشاف الذات، وبينهما وقف الشعر لغة شاملة، صلة تربطهما بالعالم، فلولا الشعر لما وصل كل من يمينة مشاكرة وكاتب ياسين إلى الرواية، وضرورة العودة إلى إرثهما الأدبي هي أهم وصية يتركانها، أن نعيد قراءة يمينة مشاكرة اليوم يعني أن نعيد للرواية الجزائرية معناها الحقيقي، أن نعيد الأدب إلى مكانه، وأن نحرره من التكلف والمغالاة. نقلا عن جريدة النصر
القندس
بقلم فوزية شويش السالم
القندس لحسن علوان،  رواية فاجأتني باكتشاف كاتب روائي سعودي شاب موهوب فعلا وأمل واعد بمستقبل زاهر للرواية الخليجية، وللأسف لم يسبق لي قراءة أي من رواياته الثلاث السابقة التي أتمنى أن يرسلها لي حتى أطلع على سير ونمو موهبته لأن «القندس» هي روايته الأخيرة، وهي ذات مستوي ناضج جدا وكتابة …لقراءة المزيد
القندس لحسن علوان،  رواية فاجأتني باكتشاف كاتب روائي سعودي شاب موهوب فعلا وأمل واعد بمستقبل زاهر للرواية الخليجية، وللأسف لم يسبق لي قراءة أي من رواياته الثلاث السابقة التي أتمنى أن يرسلها لي حتى أطلع على سير ونمو موهبته لأن «القندس» هي روايته الأخيرة، وهي ذات مستوي ناضج جدا وكتابة متمكنة من أدواتها بالكامل، وهي الرواية الثانية التي قرأتها من القائمة القصيرة لجائزة البوكر لهذا العام، وكوني لم أطلع على باقي روايات القائمة القصيرة إلى الآن فلن أستطيع أن أحكم برأيي الخاص بي على الباقي منها، لكن رواية القندس تستحق بجدارة الحصول على جائزة البوكر العربية، وحين نقول العربية أي إنها لا تقاس بجدارة البوكر العالمية التي يتم فيها الاختيار بمعايير تميز أعلى وأكثر صرامة ونزاهة. ما يميز هذه الرواية هو العمق الروحي للكاتب، فرغم أنه شاب فإن له قدرة كبيرة على التأمل والتحليل والغوص في أعماق الشخصية التي يكتبها ويعكسها بلغة عميقة متأملة ومحللة للحدث ولكينونة شخصيته وطريقة تفكيرها وسلوكها في حياتها، وهذا العمق الروحي للكاتب هو الذي منح الرواية قيمة إبداعية، لأن الرواية خالية من التقنيات الحداثية المعقدة التركيب والصعبة، كما انها خالية من شبكة الأصوات واللعب بتقنياتها ذات المستوى العالي، فالرواية كلها بصوت راو واحد يحكي نيابة عن كل الشخصيات التي يتعامل معها بطل الرواية، وهذا أسهل أسلوب في كتابة الرواية، كما أن الرواية تتناول قصة حياة شاب محبط غير محبوب لا من أسرته ولا من عشيقته، إنسان تعدى الأربعين من عمره ولم ينجز أي شيء في حياته غير الفشل، فهو يعيش بلا هدف وليس لديه أي مشروع حياتي أو مخطط لأي مستقبل كان، فهاجر إلى ولاية بورتلاند ليعيش فيها حياة مستوحدة خالية من الأحلام والأهداف، إلا من التأمل الذي راجع به حياته السابقة والحالية والمستقبلية على ضفاف نهر ويلامت، حيث أخذ يراقب قندس النهر ويقارن ما بينه وبين أفراد أسرته من تشابه، وينتقل بهذه المقارنات ما بين مدينتي الرياض وبورتلاند وشكل حياته ما بين الاثنتين في كتابة تنقل تفاصيل وتعابير شخصياته بعمق رهيب يجعل القارئ يكاد يلمسها ويعيش معها. الرواية بحد ذاتها لا تحمل أي تعقيد في الأحداث ولا في تشعب تفاصيلها ولا لديها تقنيات صعبة أو غير عادية، رواية تحمل حكاية بسيطة لشاب بلا طموح وبلا أهداف أو حياة مركبة، إذاً ما الذي منحها كل هذا التميز والقوة؟ السر يكمن بقدرتها غير العادية في عكس الأفكار والمعاني التأملية التحليلية الوجودية بتشريح عميق ينفذ إلى قلب الشخصية، وحكاية الحدث في بوح مسترسل ساخر عجيب، لا صنعة ولا تصنع فيه ولا تكلف أو ترهل أو فضفضة بلا معنى، رواية مكتنزة ومقتصدة بلغتها الغنية والعميقة في دلالات المعنى وجدة تحليله، لدرجة تشد القارئ إلى كل جملة فيها، فهذه رواية ممتعة بالفعل تستولي على قلب قارئها، وفيها جمل كثيرة أعدت قراءتها للتمتع بمذاقها، وهناك شخصيات شعرت أني قد قابلتها من قبل فهي خرجت من الكتابة والورق، لذا سأنقل بعضا من جمله الرائعة التي ولدها كاتب شاب تسكنه روح وجودية فلسفية عميقة وهي ما تنقص الكتاب الشباب عادة. «حاولت أن تجعلني أرقص فاعتذرت بكاحلي الملتوي وقلبي الذي يكاد يتقيأها خارجه. أخيرا هجعت إلى جواري مثل كومة ذنوب وراحت تستعد للنوم معي في السرير هذه المرة. لم أنم قط». «الأربعون تغلق أبواب الاعتياد وتطرد من مفاصلنا آخر قطرات المرونة، لا يمكن العيش مع امرأة حد الالتصاق ولن يخرج من صدري طائر الوحشة الأعمى ولو أشعلت من حوله كل مصابيح العالم». «راحت تمشي فوق السرير وهي تضحك بخفة، أبديت اندهاشا وإعجابا مصطنعين بينما سجد في داخلي رجل أشيب شاكرا الله على رحيلها القريب». «الذين نلتقيهم ونحن نشق الأربعين ما كانوا ليأتمنونا على نفس الحكايات الكثيفة لو لمحوا في وجوهنا نزق العشرين وعجلتها». «لا شيء يجمع بيننا نحن الإخوة المنفرطين من رحمين، عندما شعر أبي بذلك قرر أن يطلينا بالصمغ ويلصق بعضنا ببعض كيفما اتفق، حتى نبقى معا ولو قلوبنا شتى». من " توابل" فوزية شويش السالم الأسبوعية بجريدة الجريدة
التواصل بين الكاتب والقارئ
بقلم أمير تاج السر
طرحت من قبل كثيراً، مسألة التواصل بين الكاتب وزملائه، أو بين الكاتب وقراء ربما يعرفون شيئاً عنه، أو قرأوا له بعض الأعمال، ويودون أن يخاطبوه مباشرة لإبداء رأي في الذي قرأوه، أو الاستفادة برأيه في كتابات أنجزوها، ويودون لو نالت اعترافاً من كاتب. ولا بد أن مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل …لقراءة المزيد
طرحت من قبل كثيراً، مسألة التواصل بين الكاتب وزملائه، أو بين الكاتب وقراء ربما يعرفون شيئاً عنه، أو قرأوا له بعض الأعمال، ويودون أن يخاطبوه مباشرة لإبداء رأي في الذي قرأوه، أو الاستفادة برأيه في كتابات أنجزوها، ويودون لو نالت اعترافاً من كاتب. ولا بد أن مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت مثل تويتر والفيسبوك، وغيرها، قد أتاحت هذه الفرصة في السنوات الأخيرة، وجعلت الكاتب مطروحاً أمام الجميع، بإبداعه وغير إبداعه من صور وذكريات، وما على القارئ سوى إنشاء حساب مجاني في تلك المواقع، والبحث عن الكاتب، وإرسال رسالة صداقة ربما يستجيب لها الكاتب، وبعد ذلك تتعمق العلاقة بين الطرفين.
هذا شيء جيد بلا شك، أن تنشأ ثمة علاقة بين المبدع، ومتلقي إبداعه، وما كان يرسل عبر البريد التقليدي في الماضي، ويصل أو لا يصل، بات يرسل عبر ضغطة زر، ويتلقاه الكاتب في نفس لحظة إرساله، وقد حرص معظم الكتاب، في جميع أنحاء العالم، الذين تفاعلوا مع الإنترنت، واتخذوها أداة ترويج لأعمالهم، أن ينشئوا صفحات اجتماعية، تصلهم بالقراء، ويعرفون من خلالها آراء الناس في كتاباتهم، سواء أكانت سلبية أم إيجابية، وربما أخذوا بتلك الآراء في كتابة مستقبلية، ومن ثم ينتج نص جيد يرضي الكاتب وأيضاً يرضي قراءه، وفي الوطن العربي، أصبح الفيسبوك بما يتيحه من مساحة كبيرة للكتابة، هو الناقل الرسمي لذلك التواصل، وتجد فيه كتّاباً وشعراء ورسامين وسينمائيين من جميع الأجيال، موجودين وجاهزين للصداقة مع كل من يطلب ذلك.
لكن ذلك يبدو في وجهة نظري محوراً شديد الإنهاك للمبدع، برغم فائدته الكبيرة، للترويج عن الأعمال مباشرة، ففي أوروبا أو أميركا، لا تجد كاتباً متفرغاً، يتلقى الصداقة بنفسه، ويرد على معجبيه أو منتقديه أبداً، هناك سكرتارية تتابع صفحة المبدع، تتلقى عنه التواصل، وترد بلسانه، وتملك خاصية أن (تفلتر) الرسائل، وتنتقي منها ما لا يشكل إزعاجاً، أو كسراً للمسافة التي لا بد أن تكون موجودة بين مبدع من المفترض أنه منشغل بإبداعه، وقارئ منشغل بالنبش في صفحات المبدعين والسعي إلى صداقتهم افتراضياً، حتى رسائل البريد الإلكتروني، وطلبات الحوار، ودعوات المشاركة في الملتقيات، وتنظيم المواعيد، تمر عبر تلك القناة الموظفة، وبالتالي لا يبقى للكاتب سوى كتابته.
هنا في عالمنا العربي، لا توجد وظيفة اسمها سكرتارية للكاتب، ولا جهة مساندة تتلقى عنه الرسائل أو المكالمات، وترد عليها، ولا يوجد أصلاً كاتب يستطيع أن ينجو بإبداعه من الشراك العديدة التي تنصب له، وبالتالي لابد من سقوطه تحت حمى التواصل، وتدريجياً يتحول كما قال صديقنا الكاتب الشاب محمد صلاح العزب، في أحد مقالاته، من كاتب ذي وهج في نظر الكثيرين، إلى قارئ عادي لرسائلهم، معلقاً عليها كما يعلقون على رسائله، وما هي إلا أشهر معدودة ويصبح ذلك المبدع الكبير، مجرد فرد موجود ومتاح، ربما يعبر الآخرون بكتابته على حائط التواصل، ولا يلتفتون إليها، أو إذا التفتوا، يكتبون له شيئاً بعيداً تماماً عن جمر الإبداع الذي من المفترض أنه هو الذي أنشأ تلك الصداقة بين الكاتب وقرائه.
المصدر/ مجلة الدوحة 
وشوشة
بقلم فاطمة قنديل
..وحين ارتعش وتر التشيللو همت بـ «وانتبهنا بعد أن...» لكن أحدهم لم يملك شعوره فصرخ: «عظمة على عظمة يا..» وقبل أن يكملها قاطعتها: «شششش»، فصمت. ولأنني لم أحضر حفلاً لأم كلثوم في حياتي ظلت هذه الـ: «شششش» تؤرقني فعلياً كلما استمعت لتسجيل هذه الحفلة …لقراءة المزيد
..وحين ارتعش وتر التشيللو همت بـ «وانتبهنا بعد أن...» لكن أحدهم لم يملك شعوره فصرخ: «عظمة على عظمة يا..» وقبل أن يكملها قاطعتها: «شششش»، فصمت.
ولأنني لم أحضر حفلاً لأم كلثوم في حياتي ظلت هذه الـ: «شششش» تؤرقني فعلياً كلما استمعت لتسجيل هذه الحفلة تحديداً، وأحياناً يحرمني التفكير فيها من الاستمتاع ببقية الأغنية! طالما فكرت في هذه السلطة التي أخرست ذلك المعجب ذا الشعور الجارف - الذي بدا كأن صوته قد اقتطع فعلياً بشفرة هذه الـ:«شششش». أم كلثوم نفسها - في التسجيل التليفزيوني - انتابها ضعف مباغت ونادر حيالها، فما إن سمعت: عظمة على..مقطوعة بالـ«ششش»، حتى توقفت وابتسمت ابتسامة، بدت لي مزيجاً من الزهو والارتباك، ثم أمالت رأسها إلى الخلف - بعيداً قليلاً عن الميكروفون!
ظلت هذه الـ «شششش» تراودني ولم تزل، كأنها لغة في حد ذاتها، شفرة معلقة في الفراغ حلمت أن أفك طلاسمها وأكتبها ذات يوم، كنت أحياناً ما أستغرق في كنه هذه السلطة التي شحنت بها هذه الحروف المتلاحقة المتماثلة التي تشكلت منها هذه الوشوشة الآمرة، كنت أفكر أيضاً في أن الشخص الذي نطق بها في تلك الليلة قد نسيها، على الأغلب، فور أن تقدمت أم كلثوم خطوتين مستعيدة - بحسم - هذه المساحة التي فقدتها وشرعت في الغناء، قابضة على الشخص - كفرخ طائش - بحنجرتها.
من أين استمدت هذه الوشوشة المباغتة هذه السلطة ؟! أمن الجمع النشوان الذي لم تزل تطوح به، وبأم كلثوم نفسها: «هل رأى الحب سكارى»؟ كيف تمكنت هذه الـ«شششش» من أن تخترق الصرخة المهيبة «عظمة على عظمة ياست» بل أن تحاصرها وتخرسها؟ وما الذي ارتسم -في تلك اللحظ -على وجه ذلك المأخوذ الذي خرج عن شعوره: هل احمر وجهه خجلاً ؟ هل تذكر - بعد أن انفض الحفل - مثلي - هذه الششش وظلت تطارده؟ هل لام نفسه لأنه لم يواجهها ويرد الإهانة لهذه «اللالغة» التي باغتته وأصمتته؟!
هل لهذه الوشوشة سلطة فعلاً ؟ سلطة «الإصمات» SILENCING أم أنه وهم صنعته ليطاردني فحسب ؟ هل ثمة قهر فعلي مورس على ذلك الشخص المجهول من قبل الجماعة «المتواطئة» مع هذه الوشوشة الآمرة أم أن المفارقة، وحدها، هي صانعة السلطة ؟ مفارقة الصمت والكلام؛ عدم القدرة على المصالحة بين ضرورة أن يتكلم الإنسان والاحتياج الروحي للصمت ؟ لخواء الصمت التواق لأن تملؤه الموسيقى حيث لا لغة فعلياً وحيث الوشوشة هي الصيغة الوحيدة الممكنة ما بين الموسيقى والكلام، بين ما يتخطى اللغة واللغة الفجة العارية في «عظمة على عظمة يا ست»؟!.
لكنني لا أستطيع أن أمنع نفسي من استمرار التفكير في صمت هذا المعجب المجهول نفسه أو إصماته، (هل صمت فعلاً ؟!) ومن صمت الوشوشة نفسها بعد أن أنجزت مهمتها، لتعاود السلطة الأصلية الظهور، صحيح أنها أخطأت فقالت: و«أفقنا» بعدما زال الرحيق، لكنها -على أية حال - دقت بقدمها أرض المسرح في حسم وأعادتها دون ارتباك واضح: و«انتبهنا»، وأعادت معها أم كلثوم إلى مكانها في المركز - مطوحة بدور المراقب الذي لا يليق بها، والذي اضطرتها إليه المباغتة ليس إلا في لحظة عابرة مختطفة لصراع المجهولين؛ الهامشين، قبل أن يذوبا كظلين في: الموسيقي و«إذا الفجر مطل كالحريق»
المصدر/ مجلة الدوحة 
محنة الرئيس
بقلم سليم بوفنداسة
         لم يكن يتصور أبدا أن تؤول به الحال هذا المآل. لذلك غالب نفسه و ابتسم: هل أنا حقا ذلك الذي يقصدونه بهذا الكلام القاسي؟ لم يفهم تماما ماذا حدث  وهو يرى حراسه يغالبون فتيات عاريات الصدور يندفعن نحوه هائجات وهن يردّدن عبارات قاسية لا تتلاءم مع أنوثة …لقراءة المزيد
         لم يكن يتصور أبدا أن تؤول به الحال هذا المآل. لذلك غالب نفسه و ابتسم: هل أنا حقا ذلك الذي يقصدونه بهذا الكلام القاسي؟ لم يفهم تماما ماذا حدث  وهو يرى حراسه يغالبون فتيات عاريات الصدور يندفعن نحوه هائجات وهن يردّدن عبارات قاسية لا تتلاءم مع أنوثة يشهرنها  في وجهه هو الذي كان على الدوام نصيرا للنساء. و لم يفهم بعد ذلك لماذا كل هذا الهجوم الذي يستهدفه: هل صرت دكتاتورا "ليقولوا لي ما يقولون لي"؟ و هل أنا حقا هكذا؟ قضيت سنوات طويلة في النضال والكتابة فكيف يقولون لي اليوم من أين لك كل هذا الوقت لتكتب والبلاد تحترق، ثم يتهمونني بالولاء لمشيخة عربية أنا الديموقراطيّ المتوسطيّ العلمانيّ. فهل حقا صرت شيخا  أصون البطركية وأخدمها دون أن أدري. تذكر سلفه الديكتاتور، ولأول مرة شعر بتعاطف خفيّ معه، مثلما تعاطف مع البطريرك  في أهجيّة ماركيز الرفيعة، وتساءل وقتها: كيف لكاتب من طينتنا أن يقدّم الديكتاتور وأمه على هذا النحو الذي يجلب التعاطف؟ ابتسم، ثلاثة أيام وهو يبتسم   ابتسامة لا  تدل على ما هو فيه. يعرف أن الكرسي خادع، لذلك استبق الأحداث وقال أنه يتمرّن على  الديموقراطية  ويقاوم  كل يوم النزعة السلطوية التي تصيب الجالس على العرش. كان يداهمه شعور بأن يدا ما دفعته ليصير على ما هو عليه، و أن الشعوب في حاجة إلى ملهم يأخذها من يدها، لا يذكر أين قرأ عبارة فحواها أن الشعوب كالأطفال وكالنساء تبكيها وتضحكها في رمشة عين، نعم الشعوب كذلك، لذلك أراد أن يلعب مع الشعب وهو يقوده من يده إلى شاطئ الأمان. الشعوب عمياء، من هنا تأتي الحاجة  إلى القائد البصير. بإمكاني تجاوز المحنة، لا يملك الشيوخ علمي ولا ما أراكم في صدري من مدوّنات التاريخ  بعبثه ومكائده ومآسيه، لذلك قاسمتهم السلطان وأنا أعرف انهم سيستنفدون طاقتهم في تدبير ما عصيّ تدبيره  و أدير أنا سارية المركب في الاتجاه الصحيح.  التاريخ لئيم  و ينتقي أبطاله بدقة. ابتسم. ابتسم  للفتاة  المندفعة  فجازته بالعبارة القاسية، العبارة التي لم يكن يتوقع أبدا أنه سيكون معنيا بها في يوم من أيام الله، أو يوم من أيام الشيطان: "ارحل" ! استبد به غضب سرعان ما أخفاه تماما كما سوف يخفي حنقه من الهاتفين ضده في الشارع، يقولون - يا للحماقة-  أن قطر اشترتني كما اشترت ابراهيموفيتش، فهل صارت الدعوة إلى احترام الأشقاء عيبا؟ قطّب حاجبيه كما يفعل دوما عند التسليم بأمر لا  يروقه ، وتساءل هل أنا حقا أنا أم أن أحدهم تسلّل إلى جسدي وصارني. ملاحظة تكشف محنة المرزوقي وقبله برهان غليون أن خروج المثقف العربي من الكتب إلى دهاليز السلطة أمر بالغ الصعوبة قد ينتهي... بمأساة. سليم بوفنداسة نقلا عن " أجراسه" بجريدة النصر الجزائرية
مارغريت تاتشر رمز نسائي، لا نسوي
بقلم سوسن أبوظهر
كما رافق الجدل كل مراحل حياتها السياسية، تثير مارغريت تاتشر الانقسامات مجدداً. كثيرون بكوا رحيل البارونة وآخرون أحرقوا صورها بسبب سياساتها الاقتصادية والاجتماعية. حتى المرأة التي كانت تثير الجدل، فهي لا تُصنف في إطار محدد، تارة امرأة تقليدية، وطوراً امرأة وصلت إلى حيث لم يسبقها أحد. وفي تقويم …لقراءة المزيد
كما رافق الجدل كل مراحل حياتها السياسية، تثير مارغريت تاتشر الانقسامات مجدداً. كثيرون بكوا رحيل البارونة وآخرون أحرقوا صورها بسبب سياساتها الاقتصادية والاجتماعية. حتى المرأة التي كانت تثير الجدل، فهي لا تُصنف في إطار محدد، تارة امرأة تقليدية، وطوراً امرأة وصلت إلى حيث لم يسبقها أحد. وفي تقويم مسيرة تاتشر، استرعى الانتباه أن الرئيس الأميركي باراك أوباما شدد على الجانب "النسائي" في كلمة رثاء مقتضبة، إذ قال إنها "ابنة بقال صعدت لتكون رئيسة الوزراء الأولى، وتشكل نموذجاً لبناتنا بأن لا سقف زجاجياً لا يمكنهن تحطيمه". وانتقد كثيرون، لنقل كثيرات، نظرة أوباما، ذلك أن تاتشر لم تكن يوماً رمزاً للحركة النسوية المعاصرة، لا بل كانت تعاديها. أليست القائلة عام 1975، قبل أربع سنين من وصولها إلى "10 داونينغ ستريت" إن "الكثير من النساء، وأنا بينهن، بلغن النجاح قبل أن تفكر به الحركة النسوية"؟ وبعد أعوام، نقل عنها الصحافي بول جونسون إن "الحركة النسوية تكرهني، أليس كذلك؟ لا ألوم ناشطاتها، أكره النسوية. إنها سم". وحين صارت تاتشر عام 1979 المرأة الأولى تتولى رئاسة الوزراء في بريطانيا، والمرأة الأولى في العالم تتبوأ منصباً قيادياً من دون أن تكون ابنة زعيم أو أرملته، رأت الناشطة النسوية البريطانية جيني إيرل إن "تاتشر كرئيسة للوزراء لا تمثل أي شيء تقدمي بالنسبة إلينا". وبعد وفاتها اعتبرت الناشطة جولي بيندل أنها "تنكرت للفكر النسوي الذي أتاح لها الوصول إلى قمة الهرم السياسي". حتى واضع سيرتها الرسمية تشارلز مور كتب عام 2011 أنها "استفادت من حركة التحرر النسائية من دون أن تبدي أي اهتمام بها". وحيال تنوع هذه الشهادات، يُلاحظ أن تاتشر كانت امرأة وفق مفهومها الخاص. حافظت على شكلها كامرأة واهتمت بتفاصيل إطلالتها، وهو أمر لم تمارسه مثلاً المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ولا وزير الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون. فبينما اعتمدت هاتان المرأتان القويتان ملابس رسمية تميزها السراويل والسترات، لم تتخل تاتشر عن التنانير والفساتين والقبعات، واللؤلؤ يزين أذنيها وعنقها. وكان من علامات إطلالتها حقيبة يدها الصغيرة التي لم تفارقها يوماً، حتى في أكثر لحظات حياتها السياسية حراجة. ويُروى أنها ضربت طاولة الاجتماعات مرة غاضبة بحقيبة، وقالت :"ليس لدي الكثير من الوقت". وقد خفضت وزنها في الحملة الانتخابية عام 1979 ليكون شكلها أكثر أنوثة. لا بل خاضت معركتها تحت شعار أن "أي امرأة تفهم صعوبات إدارة منزل، تستطيع إدراك صعوبات حُكم البلاد". وفي المقابل، كانت سياستها الاجتماعية غير مؤيدة للقضايا النسائية والأُسرية وهموم المرأة العاملة. فحين كانت وزيرة للتربية، تحدت الجميع بقرار وقف توفير الحليب المجاني للأولاد دون سن السابعة من العمر في المدارس. وفي حكوماتها المتوالية على مدى 11 سنة، كان هناك امرأة واحدة. ومن المفارقات أن هيلاري كلينتون التي كانت إطلالاتها أقل أنوثة من تاتشر، رفعت على الدوام قضايا النساء، وهي تُعد من رموز النسوية المعاصرة. ولكنها في المقابل، فرضت شخصيتها على زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون منذ الأيام الأولى لارتباطهما، بينما كانت دينيس تاتشر "رجل البيت" ومارغريت زوجة مطيعة بعيداً من "10 داونينغ ستريت". نقلا عن النهار اللبنانية
أنا سوري
بقلم هاني نديم
سوري، مثلك تماما... أفقت على تشويش إذاعة دمشق وكأننا نسرق بثها من البرازيل ونمت وأنا أنتظر ابتسامة "أم عمار" التي لا تأتي مثل غودو تماما.. ومثل الفرِج أنا سوري والله العظيم.. أكره المخابرات والمخبرين، والسيارات المظللة بالأسود، والحواجز و"الكولوبات" وأحب رائحة الخبز من فرن الدولة ورائحة مطبوعات …لقراءة المزيد
سوري، مثلك تماما... أفقت على تشويش إذاعة دمشق وكأننا نسرق بثها من البرازيل ونمت وأنا أنتظر ابتسامة "أم عمار" التي لا تأتي مثل غودو تماما.. ومثل الفرِج أنا سوري والله العظيم.. أكره المخابرات والمخبرين، والسيارات المظللة بالأسود، والحواجز و"الكولوبات" وأحب رائحة الخبز من فرن الدولة ورائحة مطبوعات وزارة التربية والتعليم السورية جداً (تلك الرائحة ما زالت تملأ كبدي كرائحة عباءة أمي) أنا سوري، أحفظ نكات الحماصنة ونعيم حمدي وعصمت رشيد، أكلت فلافل مقلية أسود من جنح الغراب من الكراجات، وتقاسمت بزر دوار القمر مع العسكري المقّمر بجانبي.. أنا سوري تطالعني الشعارات من كل جانب والخاكي من كل صوب.. أنا سوري تعلمت أن أخجل من معاملة العراقي أفضل من الموريتاني فكلنا عرب، عرب.. صحيح.. دبكت مثلك على "عرب عرب" يا أخي "مشان الله".. لا أعرف لماذا أكتب هذا.. ولكن فقط مشان الله ... الله الذي لا يجب أن تذبح أحد لأجله الله الذي يحب الدراويش ويضع في يديهم سكّر نبات ويزوجهم أحلى صبية في القرية الله الذي نظر إليه أبو اسكندر وقال له: يا الله.. وحق الله أحبك
رواية الشيخ للكاتب السعودي إبراهيم محمد النملة : الكتابة التي تدمي الأصابع
بقلم فضيلة الفاروق
صدرت عن دار الساقي ببيروت الرواية الجديدة للكاتب السعودي إبراهيم محمد النملة، بعنوان      " الشيخ" ، و الكاتب معروف بغزارة و تنوع قلمه، كتب المقالة و القصة و الشعر و الخاطرة        و الرواية. و حتى بين هذه الألوان الأدبية تطور قلمه بين …لقراءة المزيد
صدرت عن دار الساقي ببيروت الرواية الجديدة للكاتب السعودي إبراهيم محمد النملة، بعنوان      " الشيخ" ، و الكاتب معروف بغزارة و تنوع قلمه، كتب المقالة و القصة و الشعر و الخاطرة        و الرواية. و حتى بين هذه الألوان الأدبية تطور قلمه بين إصدار و آخر، لكن يظل العامل المشترك بين كل أعماله " الحزن" و ضبابية المشهد السوداوي لخليفات قصصه و خواطره و هو يرسم المجتمع العربي. سنتذكر حتما روايته " عبث" التي كانت بوحا جميلا لرجل عاشق ، الشيئ الذي لم نتعوده في الأدب العربي، فالرجل لا يبوح بمكنونات دواخله حين يُخان ، و يكون في موقف ضعف ، لكننا فوجئنا بالنملة يُخرج بكاء رجل  طعنته إمرأة ، و ندما  و جراحا ذكورية كانت دوما مخبأة لدرجة أننا في الغالب نظن أن الرجال لا مشاعر لهم، و أن النساء هن الضحايا دوما لمخططات الرجال للإيقاع بهن. قلب النملة الموازين في " عبث" لنكتشف عبر نصه  تغيرات المجتمع السعودي بعد أن دخلته تكنولوجيا التواصل و هو نص يختلف عن النصوص النسائية التي ركزت على الوجه السيئ للرجل، و النصوص الرجالية التي تستعرض الفحولة بأوجهها المختلفة. المرأة أيضا تغيرت، و بدأت " تخرمش" بطريقتها لتمزق عالم الرجال الذي ظل مستورا و " تابو" عندها . و قبل أن أتوقف عند رواية النملة الجديدة، أشير فقط إلى كتابه  " أحبتني لأجل غيري " الذي يحيلنا على الفكرة نفسها كعنوان – أقصد فكرة عبث- لكن في متنه يتسع ليشمل كل أوجه الحياة ، و هو الكتاب الذي يتوجه مباشرة للقارئ الحالي-  قارئ " فايسبوك، و " تويتر"، بجمله البليغة             و المختصرة  و أيضا هو تجربة جميلة لأنها إصطادت القارئ قصير النفس و المستعجل و الذي لديه الوقت ليجالس كتابا يتجاوز المائتي صفحة ، هو الغالب على مشهد التلقي في عالمنا العربي . تجربة العبارة الثرية بالحكمة و الشعر و آن واحد، و المثخنة بتجارب الكاتب نفسه في الحياة. رواية " الشيخ" تخرج عن هذه الأطر كلها، فهي رواية تشبه أساطيرنا القديمة، حتى زمن الرواية نجهله، نعرف مثلا أن أشخاص الرواية يتحركون وفق أوقات الصلاة، و هذا يحيلنا مباشرة إلى  الخلفية الدينية القوية لمحتوى الرواية لتحليل واقع إجتماعي يعاني منه العالم العربي كله على شساعته.   و شيخ الرواية المقصود قد لن نميزه بين شيوخها المتعددين إلا حين نتوغل في المتن الروائي جيدا، لنكتشف الهرم الذي شيده الكاتب بثلاث شخصيات رئيسة تتحكم في مصير الفضاء المكاني الغاص بالناس.  ذلك أن المكان هنا تجاوز الأبعاد العادية له ليصبح الشخصية الرابعة التي تخضع للتحولات و الإنزلاق عبر منحدر سحيق ينتهي به إلى مصير متأزم و مأساوي . القرية الصغيرة الضائعة في الصحراء، يضربها القحط، و سكانها يستسلمون للقدر بشكل عجيب، و كأن القرية سجن مغلق لا يمكن الخروج منه لإحضار النجدة، إلى أن يأتيهم زائر مهنته الإستيلاء على أملاك الفقراء، فيرمي لهم " الطعم" كما يرمى عظم لكلاب جائعة، و ترك الأمور تتطور لصالحه. هذا القادم هو الشيخ سعيد ولد الشيخ عبد المنعم، و هذه الإشارة إلى والده رمز قوي لحياة القرية المتعثرة دوما بعقبات الماضي و تكرره. يعجز الشيخ مرزوق و إبنه الذي تبناه بحكمته "صادق" أن ينتشل أهل القرية من الفخ، حتى أن صادقا يتعرض لخيانة أقرب صديق له " فاضل" فيتزوج خطيبته ياسمينة  بعد مقتل والدها الشيخ مرزوق..ما يجعله هو الآخر يحمل خيبته و يغادر. و الرواية لا تنتهي عند هذا الحد، فقد بدأت بحكمة " إذا خفت فلا تقل...و إن قلت فلا تخف"        و الشيخ مرزوق الذي  خطط الشيخان  سعيد و إمام المسجد صالح الوفاق لقتله، لا يموت تماما، فقد ترك أوراق الحقيقة لإبنته ياسمينة التي  ستسلمها بدورها لصادق، و من تلك الأوراق نفسها ستنبثق  حكاية القرية كلها. شيئ يشبه الواقع و يشبه الخيال، تقاطع مثير لأحداث حكاية نعيشها و لا نعيشها، و الكاتب نفسه يضعنا أمام هذه الحقيقة  بمدخل للرواية الذي لم أره أبدا مجرد ملاحظة عابرة (صفحة 7) سنقرأ حكاية شعوبنا العربية التي تعيش نكستها الدينية و الثقافية و الفكرية ،  و متاهتها التي لا تنتهي منذ عهد القحط البعيد، و كأننا لسنا أمة القرآن ، و أمة " إقرأ " و أمة  " وَمَنْ  يَعْمَلْ مِثْقَالَ  ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ , وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ" ( صدق الله العظيم) تذهب الرواية في هذا المنحى، و لكن رغم سوداوية مشهدها العام، تعطينا أملا أخيرا في أوراق الشيخ مرزوق، التي بقيت بعد مقتله، مع الإشارة إلى دمائه التي تشبعت بها  رمال القرية . ثمة مشكلة حقيقية في مجتمعاتنا يجب حلُّها و رواية الشيخ تقترح بدون جدال اللجوء " للحكمة" ، لأن " الجهل" هو الذي دمر القرية و ليس ندرة المطر، و هو نفسه الذي فتت تماسك أهلها و بعثرهم في المدن، و حولهم إلى الأخوة الأعداء، أو إلى دمى تلعب أدوار الكرنفال نفسه فيما القرية تموت على الركح و كأنها بطلة مهزومة  في كل عرض. نشر المقال في جريدة الرياض    
جهاد المناكحة
بقلم زهرة مرعي
كان للصبية التونسية رحمة العطية التي لم تبلغ سن الرشد بعد أن تكشف اللثام عن فصل جديد من فصول تشويه الدين الإسلامي الجاري عل قدم وساق في الحرب القائمة في سوريا. فصل جديد من فصول استغلال القاصرات لأهداف يحاولون تقديمها على أنها تؤتي فاعلتها مكاناً في الجنة، إنه 'جهاد المناكحة'. لم تكن رحمة الوحيدة …لقراءة المزيد
كان للصبية التونسية رحمة العطية التي لم تبلغ سن الرشد بعد أن تكشف اللثام عن فصل جديد من فصول تشويه الدين الإسلامي الجاري عل قدم وساق في الحرب القائمة في سوريا. فصل جديد من فصول استغلال القاصرات لأهداف يحاولون تقديمها على أنها تؤتي فاعلتها مكاناً في الجنة، إنه 'جهاد المناكحة'. لم تكن رحمة الوحيدة التي وصلت حكايتها للإعلام بعد عودتها عن قرارها بالسفر إلى سوريا، إنما حمل الإعلام كذلك حكاية مؤلمة أخرى تفيد بأن شاباً تونسياً قرر الإستجابة لنداء الجهاد في سوريا، وهو أصطحب معه شقيقته لتقوم بواجب 'جهاد المناكحة'. لم تهدأ الأسر التونسية من خوفها على عشرات الشبان الذين تركوا أهلهم وأسرهم والتحقوا بالجهاد السوري، حتى طالعها ملف مرعب للغاية هو 'جهاد المناكحة'. وهو فصل جديد من الحرب القائمة في سوريا والتي يختلط فيها الحابل بالنابل، وتكاد تصبح حرباً كونية لتعدد جنسيات المقاتلين فيها إلى جانب المعارضة المسلحة. على شاشة الميادين ظهرت رحمة العطية بين والديها اللذان بدا عليهما الذهول رغم استجابة ابنتهما لندائهما والعودة عن قرارها. وتقول المعلومات بوجود حوالي العشرين فتاة تونسية في سوريا حتى الآن يقمن بهذا 'الواجب'. وفي تونس شيوخ يشجعون الفتيات الصغيرات على السفر إلى سوريا. وبحسب أحدهم أن الشرط في ذلك أن تكون الفتاة قد أتمت الرابعة عشرة من العمر أو مطلقة. أما عقود النكاح فتقام لأمد قصير، وتلغى بعدها، والهدف منح الفرصة ل'مجاهد' آخر ب'المناكحة'. من تونس طالعنا الشيخ محمد علي كيوة معدداً كافة أنواع الجهاد في الإسلام، ولم يكن من بينها 'جهاد المناكحة' الذي اعتبره من 'البدع الضالة ويديره بعض رجال الدين والساسة وهو لا يستند لنص ديني ولا لحديث شريف'. ليس هذا وحسب بل اتهم كيوة 'عصابات بتصدير البنات والشباب إلى سوريا ويلقون بهم في أتون القتال وليس الجهاد، ويتقاضون عليهم ملايين الدولارات'. وحمّل كيوة 'صناع القرار في تونس المسؤولية كاملة عن حياة الشبان والشابات التونسيات اللواتي يغرر بهن'. أما المحلل الدكتور أنور عشقي من السعودية فرأى 'أن من قال بهذه الفتوى غرضه سياسي ولا غرض ديني له'. لينا زهر الدين من قناة الميادين أدارت الحوار جيداً رغم سوء الاتصال الهاتفي وعلقت بأن هذا النوع من الفتاوى يشوه الإسلام، ويظهر شبابه متعطشاً للجنس من خلال ما يسميه 'جهاد المناكحة'. وفي موازاة 'جهاد المناكحة' برزت من تونس قضية أخرى مناقضة تماماً ومحورها كذلك المرأة وتمثلت في اختفاء أثر الفتاة أمينة بعد أيام من ظهورها عارية على الفايسبوك. كتبت أمينة على صدرها 'جسدي ملك لي.. وشرفي ليس ملكاً لك'. لم يعد لأمينة اثر معروف في تونس. وكان لاختفائها أن أشعل حملة تضامن نسائية وذكورية، من تونس ومن أرجاء أخرى في العالم. الجميع ظهر على الفايسبوك عارياً، ومدوناً على صدره: 'تضامناً مع أمينة'. نقلا عن القدس العربي
من المسكوت عنه
بقلم حكيم خالد
في المسكوت عنه في تاريخ المسلمين، يروي بن قيم الجوزي عن حادثة في عهد الخليفة هارون الرشيد، عن امرأة مجهولة كانت جارية عند رجل مسن في المدينة المنورة. و قتها كانت المدينة سوقا كبيرا للجواري، و كان هارون الرشيد كلما أدى فريضة الحج، يجازي نفسه بشراء الجواري ليغنين في قصره نهارا و يشبعن نزواته في فراشه …لقراءة المزيد
في المسكوت عنه في تاريخ المسلمين، يروي بن قيم الجوزي عن حادثة في عهد الخليفة هارون الرشيد، عن امرأة مجهولة كانت جارية عند رجل مسن في المدينة المنورة. و قتها كانت المدينة سوقا كبيرا للجواري، و كان هارون الرشيد كلما أدى فريضة الحج، يجازي نفسه بشراء الجواري ليغنين في قصره نهارا و يشبعن نزواته في فراشه ليلا. سمع الخليفة بتلك الجارية و طلب شراءها، إلا أن مالكها رغم سنه و فقره، رفض بيعها. و خشي عليها من الخليفة، فأعتقها و أعلن أنها حرة وأنه قد تزوجها وأعطاها داره صداقا ومهرا. لم يلبث الرجل بعدها كثيرا حتى قتل، و أمر هارون الرشيد أن يصادروا أمواله و أسرته، و أن يضموا زوجته إلى قصره مع الجواري..يروي الجوزي أن الخليفة كان متشوقا لرؤية و سماع جاريته الجديدة، فطلب منها في تلك الليلة أن تغني له. إلا أنها رفضت، و نكست رأسها إلى الأرض وسكتت. تصاعدت أنفاس الجواري من حولها وانقطعت أنفاسهن وهن يعلمن أن غضب هارون ساحق وأنه متطرف في عقابه. همسن لها وهن يرتعدن "ويحك..غن!!"..حينها انهمرت دموعها، ونظرت إليه و قالت " أما بعد رجلي فلا!!، و لن أغنى لأحد حتى لو كان الرشيد نفسه". نادي الخليفة أقبح خادم في القصر وقال له "خذها..قد وهبتها لك". بعدها بأيام استدعى الجميع، وأمر خادمه أن يحضرها. و أمرها أن تغني، لكنها قالت " أما بعد رجلي فلا!!". ثار الرشيد و أمر سيافه أن يقف فوق رأسها و يقطعه إذا إشار إليه بأصبعه. ثم قال لها الرشيد "غن!".. فقالت "أما بعد رجلي فلا!"..أمرها للمرة الثانية "غن!" فقالت "أما بعد رجلي فلا!".. وأمرها للمرة الثالثة والأخيرة " غن!" .. لحظتها إلتفت حولها الجواري يستعطفنها ويناشدنها الله في نفسها..فبدأت تغنى باكية على حبيبها تندبه : "لما رأيت الديار قد درست أيقنت أن النعيم لم يعد" ثار غضب هارون الرشيد، و أخذ العود من يدها و أخذ يضربها به حتى تفتت العود وغطى الدم وجهها وجسدها إلى أن ماتت. ماتت بعزة و إخلاص نادر، و شجاعة لم يكتسبها الرجال آنذاك ليقفوا في وجه هارون الرشيد. لكن للأسف، التاريخ يكتبه الأقوياء، و على حوافه يقف من صنعوا تفاصيله بوجوه مجهولة و دون أسماء. عفوا!!، نسيت أن أقول : هارون الرشيد " رضي الله عنه"
زغاريد
بقلم سليم بوفنداسة
              نجحت جامعة قسنطينة في إخراج الأدب إلى ساحة الاحتفال وإدخال "الزغاريد" إلى  المعجم النقدي بمناسبة زيارة الكاتبة أحلام مستغانمي. وكانت ذات الجامعة قد أدخلت الزغاريد في تقاليدها  خلال مناقشة الرسائل الجامعية، في إطار تخليص الجامعة …لقراءة المزيد
              نجحت جامعة قسنطينة في إخراج الأدب إلى ساحة الاحتفال وإدخال "الزغاريد" إلى  المعجم النقدي بمناسبة زيارة الكاتبة أحلام مستغانمي. وكانت ذات الجامعة قد أدخلت الزغاريد في تقاليدها  خلال مناقشة الرسائل الجامعية، في إطار تخليص الجامعة من الصرامة الأكاديمية وتمكينها من المرح الذي تتيحه الأعراس. والظاهر أن الجامعة الجزائرية جارت المجتمع في اندفاعه نحو الفرح الجماعي الذي بات ينفجر بشكل هستيري في مناسبات غير مناسبة،  و الفرح هنا لا يضر ولا يُحسب على من جاد به بل يُحسب له، وبالتالي فإنه سيغطي حتما على كل تقصير  (كإنتاج الجامعة لطلبة لا يحسنون كتابة طلب عمل). وبالطبع فإن هذا الفرح أفرح الكاتبة التي انبهرت لما رأته من حب  بجامعة قسنطينة ووصفته بحب القسنطينيين لها، وفي رد للجميل دعت النساء إلى حملة تطوعية لتنظيف المدينة من الأوساخ وحذرت المسؤولين من غضب أبطال روايتها الذين لن يقبلوا بالوضع الذي صارت عليه مدينتهم، بل أن الكاتبة الأكثر جماهيرية في الوطن العربي تعهدت في حوار لجريدة الخبر بشراء ألف قفة للقسنطينيات في مسعى لتدريبهن على نسيان "الصاشيات". هذا الجو السعيد خلّص الكاتبة من الأحزان التي تستدعيها كتابة الروايات وخلّص أساتذة بجامعة قسنطينة من التجهّم والوقار فراحوا يتسابقون لأخذ صوّر معها– تأبيدا للمجد-أو مصافحتها أو معانقتها، إن أمكن، في الوقت الذي تعالت فيه الزغاريد بقاعة "المحاضرات " الكبرى. وضع كهذا جعل المنظمين يتجنّبون المداخلات النقدية الأكاديمية المثيرة للكدر وكذلك فعلت الكاتبة التي لم تجد ما تقوله عن فن الرواية و قالت من باب التواضع للطلبة والأساتذة: أنتم أدرى برواياتي مني. نتعلّم من "حدث"  ثقافي كهذا، أن قلب الأدوار الاجتماعية بما يخدم المنفعة العامة أمر ممكن إن توفرت النيات: بإمكان الروائي أن يقوم بدور البلدية، بإمكان الأستاذ الجامعي أن يقوم بدور "البرّاح"، بإمكان الطالبة أن تقوم بدور المغنية، بإمكان مسؤول في مؤسسة علمية تأدية دور متعهد حفلات.الأمر بسيط، و لا يتطلب سوى القليل من "الإقدام". ملاحظة لو أن أحلام مستغانمي، الروائية والمتخصصة في علم الاجتماع  التي زارت كنّتها بمروانة بمناسبة زيارة جامعة قسنطينة أو زارت جامعة قسنطينة بمناسبة زيارة كنّتها ( لا يهم الترتيب)، لو أنها تخلّت عن الفرح قليلا و  انتبهت إلى ما تعنيه زغردة طالبات أو أستاذات عند الحديث عن الرواية، لو أنها انتبهت إلى ما يعنيه تدافع أساتذة في أرذل العمر لأخذ صور معها، لو أنها انتبهت إلى ما يعنيه انتقال طقوس الزردة  إلى الجامعة، لبكت ولكفّت عن طرح التساؤل عن سبب انتشار الأوساخ في المدينة التي لا تعرفها، المدينة غير الموجودة أصلا، المدينة التي استنزلتها من أثر مالك حداد الذي لم يكن ليقبل الزغردة على رواياته ! سليم بوفنداسة عن جريدة النصر
السعادة ثقافة وطنية
بقلم فضيلة جفال
احتفل العالم قبل أيام ولأول مرة بيوم السعادة، حيث اعتمدته الأمم المتحدة يوم 20 مارس من كل عام، إيمانا بأهميتها وضرورة اتباع نهج أكثر شمولا وإنصافا وتوازنا نحو النمو الاقتصادي. العالم اليوم بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد يحقق التكافؤ بين دعائم الاقتصاد الثلاث: التنمية المستدامة، والرفاه المادي …لقراءة المزيد
احتفل العالم قبل أيام ولأول مرة بيوم السعادة، حيث اعتمدته الأمم المتحدة يوم 20 مارس من كل عام، إيمانا بأهميتها وضرورة اتباع نهج أكثر شمولا وإنصافا وتوازنا نحو النمو الاقتصادي. العالم اليوم بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد يحقق التكافؤ بين دعائم الاقتصاد الثلاث: التنمية المستدامة، والرفاه المادي والاجتماعي، وسلامة الفرد والبيئة، هي الأسس التي تشكل تعريف السعادة العالمية. كان ذلك بمبادرة من «بوتان»، أسعد دولة في آسيا، هي التي أقرّت بأثر زيادة مستوى السعادة الوطنية على زيادة مستوى الدخل القومي منذ سبعينيات القرن الماضي، واعتمد نظامها الاقتصادي شعاره المشهور بأن السعادة الوطنية الشاملة هي «أهم ناتج قومي للبلاد»! ذلك الخبر يأتي متناغما مع البحوث التي نقرأها بين حين وآخر حول أسعد بلدان العالم. وقد نشرت الأمم المتحدة مؤخرا أيضا تقريرا عن السعادة بالتعاون مع معهد إيرث بجامعة كولمبيا بعنوان «تقرير السعادة العالمي World Happiness Report «، الذي يعرض أكثر الدول سعادة في العالم. استند التقرير إلى إحصائيات من 156 بلدا شملت دراسة عوامل مختلفة مثل ظروف العمل وفساد الشركات ومشكلات الأسر وحرية الاختيار والصحة. وقد حلت السعودية في المرتبة 26 وسبقت الكويت 29 وقطر 31، في حين تصدرت الإمارات قائمة أكثر الشعوب العربية سعادة، بينما حلت اليمن في ذيل التقرير ضمن قائمة أكثر الشعوب العربية تعاسة، التي تضمنت كذلك كلا من سوريا والسودان والعراق. مثير هو مفهوم السعادة حين يتعلق بالشعوب. لا سيما أن أسباب السعادة تختلف من زمن إلى آخر، ومن شعوب إلى أخرى. فأسباب السعادة في الماضي ليست بطبيعة الحال هي أسباب السعادة في عالم مكتظ بالتكنولوجيا والتقدم. لقد كان الاعتقاد السائد فيما مضى أن السعادة تنبع من الداخل، من النفس، ومن العقل الذاتي. وطُبع كثير من الكتب والبرامج التي تحرض وتدعو إلى أن السعادة هي داخلية نحرثها فتظهر. لكن علماء الاجتماع اليوم يكسرون هذا النسق من الاعتقاد بدراساتهم، بأن السعادة الداخلية فحسب هي محض وهم، أو ربما نصفها بأنها ناقصة. فالسعادة في البحوث الأخيرة نابعة أيضا من الظروف الخارجية بدرجة كبيرة. فها هي في الألفية الجديدة تتخذ أسبابا أخرى. ومؤخرا أيضا، وضع عالم النفس «أدريان وايت» من جامعة لييستر البريطانية أول خريطة عالمية للسعادة، اعتمد فيها على بيانات متعددة، واستند فيها إلى تحليل المعلومات الصادرة عن المنظمات الدولية كاليونيسكو ومنظمة الصحة العالمية. وقد وجد الباحث أن السعادة في المقام الأول هي ثقافة وطنية، فبعض الثقافات الوطنية تنجح في إنتاج مواطنين سعداء مقارنة بثقافات وطنية أخرى. وقد اختار الباحث خمسة معايير لتصنيف 178 دولة من حيث سعادة شعوبها، وهي الصحة والغنى وتربية الحس الوطني وجمال المناظر. وجاء الشعب الدانماركي أسعد شعب في العالم. والمثير اللافت في الدراسة أيضا تقدم الديمقراطيات الغربية الصغيرة في المراكز العشرة الأولى لأسعد الشعوب، وهي دول مسالمة بجيوش عسكرية متواضعة واقتصاد ليس متفوقا وإن كان جيدا إجمالا. والغريب في هذه الدراسة أن الدول الإمبريالية ليست الأسعد، فأمريكا العظمى سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتكنولوجيا جاءت في المرتبة الثالثة والعشرين، بينما الدول الصناعية المتقدمة في مراكز مفاجئة متأخرة أيضا. والمثير أيضا أن دراسة «وايت» تدحض أن الرأسمالية هي من تصنع بؤس الشعوب، حيث اعتقد أن مشكلات الحياة المعاصرة لا يمكن مقارنتها بمستوى التعليم والمال الذي يكسبه الفرد. مفهوم السعادة مختلف ومعاييره مختلفة، لكن الأسس واحدة. وإذا كانت السعادة ثقافة وطنية كما ترى الدراسات المتعمقة، فهل يمكن أن نوجد هذه السعادة في أي مكان في ظل التطور التقني الذي يلغي حدود الجغرافيا؟ الحق أن التطور التقني لا يلغي الجغرافيا تماما وبشكل مطلق وإن كانت تختصر المسافات. فالوطن يظل أيقونة مهمة أيضا. أن تكون السعادة ثقافة وطنية هي أهم ناتج قومي للبلاد بحسب دولة «بوتان» الصغيرة، إنه لمفهوم جدير بالقراءة. هل بالإمكان تعزيز ثقافة السعادة وطنيا في بلادنا؟ بلادنا الشبيهة نسبيا بثقافة دول أمريكا اللاتينية من حيث الترابط الأسري والاجتماعي ووجود العامل الديني، حيث العامل الديني بحسب الدراسات يرفع من نسبة السعادة والرضا النفسي، رغم أجورهم بين المتدنية والمتوسطة، في حين نتفوق عليها نحن من ناحية الاقتصاد العام. بين الذاتية والظروف الخارجية، ما الذي يخلق ثقافة السعادة الوطنية؟ سؤال يستحق التفكر.
أطفال الجزائر يصرخون: النجدة!! فمن يسمعهم؟
بقلم حكيم خالد
أأكان لا بد أن يتحول جسد الطفلين إبراهيم و هارون إلى حطب حتى تشتعل الحرقة فينا على مصير أطفالنا؟؟!!.. أكان لابد أن نرى موتهما الوحشي حتى نعرف أن الطفل في الجزائر يمارس ضده كل أشكال العنف، و تنتهك آدميته و براءته في البيت و في المدرسة و في الشارع، و منا نحن جميعا؟؟!!. المجتمع الذى لا يتحرك إلا …لقراءة المزيد
أأكان لا بد أن يتحول جسد الطفلين إبراهيم و هارون إلى حطب حتى تشتعل الحرقة فينا على مصير أطفالنا؟؟!!..
 أكان لابد أن نرى موتهما الوحشي حتى نعرف أن الطفل في الجزائر يمارس ضده كل أشكال العنف، و تنتهك آدميته و براءته في البيت و في المدرسة و في الشارع، و منا نحن جميعا؟؟!!. المجتمع الذى لا يتحرك إلا عندما يشاهد ويلمس مقتل طفل بعد لحظات لا تنتهي من العنف، هو مجتمع مزيف العقل ومغيب الوعى. فالمفروض أن يلمس ويشاهد انتهاك حقوق الطفل منذ زمن بعيد، ولا ينتظر أن يتجسد أمامه المشهد بكل تفاصيله المقززة..كيف لم نشعر و لم نشم رائحة البنزين التي تحيط بأطفالنا من كل جانب، و لم نر بقايا السجائر التي تلقى حولهم كل يوم؟..لماذا لم نخرج في مظاهرات من أجل أن نضع حدا لإنتحار أطفالنا؟..أم أن موتهم و من سينتحر بعدهم هو أقل عنفا، فقط لأنهم حملوا أسرارهم المخيفة معهم، و لم نتخيل مشاهدهم المقززة؟؟!!..لماذا لا نسير احتجاجا على فقدان مساحة خضراء صغيرة و آمنة، ينعم فيها أطفالنا بنعومة العشب؟؟..و لماذا لا نسأل أنفسنا من أين خرج هذا الوحش الذي يرعب أطفالنا خارج الكوابيس؟..ألم يكن طفلا أيضا؟. مقتل إبراهيم و هارون هو نقطة في آخر السطر..سطر طويل من بذاءات و انتهاكات ضد أطفال الجزائر..
نزار قباني : هرم الشام
بقلم هاني نديم
كل شيء في مكانه..النافورة تتوسّط صحن الدار، الياسمينة الشامية تصافح المارة وتعانق الجار، وصانع الحلوى بين يديه طفله الأحلى من جبال عسل، شعره الذهب وعيناه البحر. كل شيء في مكانه، الضيوف والحكايا والشاي: "ابني يريد أن يصبح شاعراً" هكذا أخبر صاحب البيت ضيوفه الذين رددوا بصوت واحد:"لا حول ولا قوة إلا …لقراءة المزيد
كل شيء في مكانه..النافورة تتوسّط صحن الدار، الياسمينة الشامية تصافح المارة وتعانق الجار، وصانع الحلوى بين يديه طفله الأحلى من جبال عسل، شعره الذهب وعيناه البحر. كل شيء في مكانه، الضيوف والحكايا والشاي: "ابني يريد أن يصبح شاعراً" هكذا أخبر صاحب البيت ضيوفه الذين رددوا بصوت واحد:"لا حول ولا قوة إلا بالله‏، قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا‏!"، كل شيء في مكانه وسياقه إلا لمعة عيني هذا الطفل وابتسامته الماكرة التي قررت تحطيم وتغيير كل ما حوله!‏ وها كبر هذا الطفل، وباكراً تعبت قدماه من جرّ أمه له إلى أضرحة الأولياء ـ كل يوم ـ نذوراً وطهوراً من الشعر! الشعر لغة الشياطين التي تحوم حول "نزار" تريد أذيته فتدفع الأم  أساورها لصاحب الجبّة والقبّة، علّهم ـ دستور من خاطرهم ـ يعتقونه! لم تكن تدري أنه سيوظف كل ما يحدث ـ لاحقاً ـ في قصائد سوف تقيم الدنيا ولا تقعدها. نزار قباني الشعر والشاعر والقصيدة والحياة، الدمشقي الذي ملأ الأرض وأشغل الناس، من مسّ كل شيء وأعاد تأهيله، قلوبنا وأرواحنا والشام والحمام والنساء والحروب. ولد مع عيد الأرض والأم والنيروز والربيع 21 آذار (مارس) 1923، في الصالحية بدمشق حيث الياسمين أرضٌ وسماء، ورث كل جينات عمه أبي خليل القباني مؤسس المسرح العربي، الذي خالف النسق واتهم بالزندقة والفجور، تلك التهمة التي التصقت بنزار طوال سنوات عمره الممتد إلى العام 1998، من منا ينسى قصيدته/ القنبلة "خبز وحشيش وقمر" التي ما إن نشرت أواسط الخمسينيات حتى سارع المتطرفون إلى تكفيره وطالبوا بشنقه وطرده من وزارة الخارجية واتهم بالعمالة لبريطانيا لمجرد أنه يعيش فيها، يقول: "هكذا‏، ببساطة أصبحت عميلاً لأنني هاجمت الكسالى والمسطولين راقصي الزار والدراويش والمنبطحين في منتصف كل شهر عربي تحت أقدام ضوء القمر"‏.‏ لم يحدث في تاريخ سوريا ـ على الأقل ـ أن تناقش قصيدة في البرلمان إذ وظف فيه الأخوان المسلمون كل بلاغاتهم وحججهم الشرعية لإيقاع أقصى العقوبات بنزار. وبشراسة متناهية قام الشيخ مصطفى الزرقا "مرشدهم يومئذ" باستجواب وزير الخارجية خالد العظم الذي طلب سماع القصيدة أمام النواب، وما إن انبرى الزرقا يقرأها بصوته الجميل ولغته السليمة حتى ضجت القاعة بالتصفيق والصفير وألغي الاستجواب! ذلك الدبلوماسي الوسيم، حلم النساء الوردي، ما من عاشق إلا وتودد إلى الحبيبة بكلماته، ما من مقهور إلا وتوسل الجمال عن طريقه، أعداؤه كثر مثل أصدقائه، ومريدوه بعدد مبغضيه. رجل للإشكال والاختلاف، للحرب كما للأغاني، لا يسمع سوى صوت قلبه ولا يذعن إلا لخيالاته. خالف كل الملوك والرؤساء ولكنه بكلمتين من أحد محبيه ترك الوزارة والأمارة! إذ صادف أن دخل عليه مغربي نحيل كالعشاق يريد تأشيرةً لدمشق، وقرأ اسم نزار قباني كقنصل عليها، فسأل الموظفة: هل هو الشاعر المشهور؟، وحينما أجابت بالإيجاب دخل عليه غاضباً دون استئذان وقال له: "قل لي بالله عليك يا سيدي، ما الذي تفعله وراء هذا المكتب؟‏‏ هل مهمتك أن تنظر في جوازات السفر وتدقق في أسماء طالبي السفر وتلصق طوابع عليها؟‏..‏ لا يا سيدي، هذا عمل يمكن أن يقوم به أي موظف من العصر العثماني! أما أنت فشاعرنا وصوت ضميرنا والناطق الرسمي باسم أحلامنا وأفراحنا وأحزاننا وهمومنا العاطفية والقومية. أتوسل إليك يا سيدي باسم الأجيال العربية التي قرأتك وأحبتك وتعلمت علي يديك أبجدية الحب والثورة‏، أتوسل إليك باسم جميع الأنبياء والرسل وجميع الشعراء الذين استشهدوا من أجل كلمة جميلة أن تترك هذا المكان فوراً‏ وتبقى عصفوراً يوقظ الشعوب من غيبوبتها ويغني للحرية والإنسان من المحيط إلى الخليج‏". لم يعد شيء في مكانه...  جاء نزار قباني وفي يديه عصا سحرية يشق بها البحر والقلوب ويشق طرقاً جديدة للشعر والشعراء والساسة حتى!. وحيداً واحداً وكأنه لا شعر قبله ولا شعر بعده! ولد في الربيع ومات فيه، لم يترك وصية سوى رغبته بأن يدفن في دمشق، ومنذ هذا اليوم ازداد التفّاح والياسمين والشعراء. هذي دمشقُ وهذي الكأس والراحُ إني أحبّ وبعض الحبّ فضاح أنا الدمشقي... لو شرحتمُ جسدي لسال منه عناقيدٌ وتفّاح المقال منقول عن : www.24.ae
حرب الأضرحة
بقلم إسكندر حبش
يبدو أنها واحدة من السمات العامة، «العصرية»، التي تحرك الحركات الأصولية وتدفعها: فهي إن لم تجد بشرا لتقضي عليهم نجدها تستعيض عن ذلك بتدمير أشياء كثيرة أخرى أقلّها الحجر (وفق المثل السائد)، بالأحرى تدمير العديد من أجزاء التراث الإنساني، الذي من المفترض أن يكون مُلكا للبشرية جميعا، حتى وإن …لقراءة المزيد
يبدو أنها واحدة من السمات العامة، «العصرية»، التي تحرك الحركات الأصولية وتدفعها: فهي إن لم تجد بشرا لتقضي عليهم نجدها تستعيض عن ذلك بتدمير أشياء كثيرة أخرى أقلّها الحجر (وفق المثل السائد)، بالأحرى تدمير العديد من أجزاء التراث الإنساني، الذي من المفترض أن يكون مُلكا للبشرية جميعا، حتى وإن كان يتعارض أحيانا مع معتقداتنا. لكن حقا، أيّ معتقدات هذه التي نملكها حين لا نستطيع تقبل الآخر، ولا تراثه ولا حضارته، متذرعين بأن معتقداتنا هي الصواب، وما عداها خطأ وضلال. بالتأكيد لا أناقش فكرة الله ولا الإيمان به، إذ لا أحد ربما ضد فكرة العدالة والمحبة والتضحية وما إلى ذلك من أفكار جميلة منوطة به، ولا يمكن إلا الإيمان بها والجهر بها أيضا. لكن بالتأكيد ليس الله لا سيارة مفخخة ولا عمليات قتل وإبادة وتدمير مستمرة إلى ما لا نهاية. عمليات تجد صداها الأوسع اليوم في مالي وتحديدا في مدينة تومبكتو، إذ أفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن عناصر من «أنصار الدين» دمروا بعض الأضرحة هناك (وقد أكد شهود عيان هذا الأمر) ونقلت الوكالة عن أبي دردار، القائد الإسلامي للمنطقة، أنه «لن يبقى هناك ضريح واحد في تومبكتو، لا يحب الله هذا الأمر، سنحطم كلّ الأضرحة الخبيئة في الأحياء». مشروع واضح إذاً. وهو يتماهى بالتأكيد مع ما قامت به حركة طالبان من سنين حين دمرت تماثيل بوذا في أفغانستان، ضاربة عرض الحائط كلّ التوسلات للحفاظ على هذا الشاهد لحضارة إنسانية ماضية. ثمة سؤال أجدني منساقا إلى طرحه: لماذا يستسيع البعض هذا «الجهل» الذي ترسمه بعض الحركات الإسلامية المتطرفة لنفسها، لتشكل منه الإطار الذي تتحرك في حدوده؟ لماذا نتناسى دوما الوجه السمح للدين الإسلامي، وللأديان عامة، ونذهب مباشرة إلى تأويلات وتفسيرات أظن أن الله بريء منها؟ هل يمكننا حقا أن نتساءل عن مصيرنا لو انتصرت هذه الحركات في عالمنا اليوم، إذ عندها كيف يمكن فعلا التعايش مع حركات مماثلة حيث لن يعود هناك أيّ مجال للعيش أو للتفاهم معها. لا أظن أن الدين جاء لنسف الحضارة الإنسانية، بل لتفعيلها وربما للحفاظ عليها. من هنا، ما مشكلة هذه الحركات مع هذه الحضارة؟ وما مشكلة الحركات الأصولية مع وجهات النظر المخالفة لها؟ سؤال قد يبدو ساذجا بالتأكيد، حين تطرحه على أناس يظنون أنهم وحدهم يملكون الحقيقة، وما عداهم ليسوا مجموعة من «الهراطقة» الذين تجب إعادتهم إلى الطريق السليم. لكن فعلا، هل يملكون هذه الحقيقة؟ أليسوا في النهاية أعداء للبشرية كلها؟ وكيف يمكن الوثوق بأناس على هذه الدرجة الكبيرة من الحقد؟ نقلا عن جريدة السفير
دموع لا يراها القارئ
بقلم عزت القمحاوي
الحيرة محلها الأدب، واليقين محله الصحافة. كاتب الأدب يتشارك حيرته مع الآخرين بكل ارتياح، وعلى العكس من ذلك يجب على الكاتب الصحافي أن يجترح حلولاً. وعندما يكون الواقع عصيًا على الفهم يخفي كتاب الأعمدة عجزهم عن عيون قراء الصحيفة، وأنا أفعل هذا حقيقة، إلا مع قراء 'القدس العربي' ركنًا طوال حياتي …لقراءة المزيد
الحيرة محلها الأدب، واليقين محله الصحافة. كاتب الأدب يتشارك حيرته مع الآخرين بكل ارتياح، وعلى العكس من ذلك يجب على الكاتب الصحافي أن يجترح حلولاً. وعندما يكون الواقع عصيًا على الفهم يخفي كتاب الأعمدة عجزهم عن عيون قراء الصحيفة، وأنا أفعل هذا حقيقة، إلا مع قراء 'القدس العربي' ركنًا طوال حياتي المهنية، التي تجاوزت الثلاثين عامًا، قدر حبي لهذه الزاوية التي أعتبرها قعدة أسبوعية مع أصدقاء. 
هنا، لا أخجل من دموعي التي لم يرها القارئ في صحيفة أو مجلة أخرى. كنت، في أخريات سنوات مبارك، أسمح لنفسي بحرية الشكوى من متاعب الكتابة التي استحالت جلدًا للكاتب حين يكتب، لأنه يرى موج الفساد أعلى من أن يكون مفهومًا وأغبى من أن تصده كتابة، وأحط من أن يترك لي لحظة لعب، هي واجبة لصالح الكتابة ولصالح روح الكاتب، ولصالح متعة القارئ الذي لديه الأحزان ذاتها وأكثر، ولا ينتظر مندبة مشهرة. 
فوق كل هذا هناك دائمًا ألم الشك؛ شك الكاتب في نفسه أن يكون جزءًا من عملية خداع، حتى من دون أن يدري؛ عندما يشير الديكتاتور إليه ويقول: انظروا، ألست ديمقراطيًا ورحيمًا لأن هذا المخلوق المتحامق لم يزل يحيا ويكتب؟!
كانت القطارات تتصادم والأرواح تزهق بتواتر مثير للريبة بقدر ما كان مثيرًا للألم لذلك الموت الذي بلا مجد ولا قضية، وكنت أرى بشائر الثورة التي إن لم تصلح الحياة، فعلى الأقل تصلح الموت، توقف النزيف المجاني للدم وتجعل له معنى عندما يراق.
ولم أكن أعرف أننا سنقوم بثورة يتسلقها شبيه وصنو نظام مبارك وإن بجلد أكثر سماكة وفشل أكثر إثارة للألم، وصفاقة في الخطاب لا تحترم عقول الآخرين، وهذا سبب جديد للألم، لم نعهده أيام مبارك وعصابة ابنه.
' ' '
كان كثير من المنتسبين لنظام مبارك في سنواته العشر الأخيرة يسايرون المعارضة في حديثها عن الفساد والفشل. ولم تزل مقولة رئيس ديوان رئاسة الجمهورية زكريا عزمي في البرلمان: 'الفساد في المحليات بقى للرُكب' أي أن البلاد تغرق في بركة من الفساد. كذلك كان كل عناصر النظام يفعلون. إذا ظهر أحدهم في حفل زفاف أو ما شابه، وانفتحت السيرة يسبق الآخرين في توجيه الانتقادات حتى ليبدو معارضًا مندسًا بين الفاسدين، وكان هذا مدهشًا إلى حد يثير التساؤل حول صحة هؤلاء النفسية. 
ولكنهم كانوا فيما يبدو أكثر سلامة ممن ورثوهم، كان اعتراف عنصر النظام بوجود فساد يضمن له تحقيق هدف ذاتي وآخر للنظام. أكثر من البحث عن البراءة، كان الشخص يحاول أن يقول إنه وإن كان شريكًا في نظام فاسد فإنه لن يهين ذكاء الأخرين بمحاولة إقناعهم بغير ما يرون، كما إنه بهذا الاعتراف يسدي جميلاً للنظام الذي ينتمي إليه ببث الأمل في إمكانية الإصلاح؛ فالمعرفة توحي بأنها أولى درجات الإصلاح. 
بالطبع ثبت أن هذا غير صحيح، ولكن على الأقل كان المصريون يواجهون نظامًا دمويًا فاشلاً قليل الحياء بينما يتمتع أركانه ببعض حمرة الخجل في وجوههم، بعكس ما يجري هذه الأيام، إذ لا يعرف الخجل طريقًا إلى وجه النظام أو وجوه ممثليه.
الفشل يتضاعف سريعًا بوصول البلاد إلى حافة الإفلاس، والموت يتضاعف وتتزايد وتيرته في القطارات الخربة والبنايات المغشوشة، لكن لا أحد من المنتسبين للجماعة يقر بهذا الفشل أو يعترف ـ من باب احترام ذكاء الآخرين ـ بأن هناك مشكلة.
لا يظهر أحدهم في مكان إلا ويهلك الحاضرين جدلاً بجملتين أو ثلاث جمل لا أكثر تتكرر في أحاديث كل المنتسبين للجماعة من درجة المحب إلى درجة المرشد. ولا تخرج هذه المقولات على ثلاث: الفشل صنعه مبارك، المعارضة تثير المشكلات ولا تدع فرصة للعمل. عليكم احترام نتيجة الصندوق!
ولن يتمكن أفلاطون خالق فن المحاورة من إقناع عضو الجماعة بأن الشعب ثار لكي يحظى بتغيير. ولن يسطيع أن يقنعهم بأن صوت المعارضة العالي لم يمنع مندوبهم في قصر الرئاسة من إهانة القانون واتخاذ ما يحلو له من قرارات في السياسة بينما تتيبس يمينه فيما يخص الاقتصاد، ولن تجدي أية محاولة إقناع بالبديهي في الديمقراطية، حيث إن الصندوق ليس وثنًا، وأن شرعيته يكملها القسم على حماية الدستور، وتحلل الرئيس من قسمه يحل الناخب من موافقته التي أودعها الصندوق. 
' ' '
قام المصريون بثورة ليبقى البؤس، ويفوزوا بهدية إهانة ذكائهم. والأسوأ من كل سوء هو اختطاف الدولة. كانت عصابة مبارك الابن تعمل من داخل النظام بعد حقنه بالمنوم، ولكنها لم تنكر القانون والنظام بالمطلق كما يفعل الإخوان الآن. وإن استخدمت عصابة الابن سلاح الوحدة الوطنية المحرم مصريًا سرًا، فالجماعة لا تترك يومًا يمر دون التحريض العلني على الأقباط.
وهذا الفرق بين المدرستين يبدو واضحًا في باب القتل العمد الذي كان القشة التي قسمت ظهر مبارك وسيكون قشة مرسي. 
شرطة النظام قتلت الشاب خالد سعيد في عام مبارك الأخير، وتم الكذب على القانون بادعاء أن سبب الوفاة جرعة مخدرات زائدة، وأتعب الجناة أنفسهم بتأليف رواية تضــــمنت دس لفافة بانجو في حلق الشهيد. وفي عام مرسي الأول والأخـــير قتلت الميليشيا الخاصة الشباب المعتصمين أمام قصر الرئاسة.
وفي برنامج تليفزيوني عالي المشاهدة اعتبر عضو بجماعة الإخوان أن قتل المتظاهرين جاء ردًا على الشعارات العنيفة المكتوبة على أسوار القصر، بينما قال الرجل الذي يشغل مقعد الرئيس إن سائقه أصيب وسيارته تعرضت للخدش! 
هل هذا الجرم يساوي هذا العقاب؟!
حكم الميليشيا المسلحة لا يعترف بالقانون لكي يكلف نفسه عناء تأليف القصص والالتفاف على القانون. وعندما يعلن المرشد بوضوح أن عناصره مستعدة للموت (يسمونها شهادة) يوم 25 يناير دفاعًا عن الشرعية، فإنه يضع الفيلسوف لا الكاتب الصحافي في حيرة: أية شرعية هذه المحروسة بميليشيا لا شرعية؟! 
هذا الجنون المنطلق كقطار فقد الكوابح لا يملك المرء في مواجهته إلا تذكر مبارك، مجرد ذكرى بلا حنين.
' ' '
ليس من الفطنة تمني الروث قرفًا من الغائط، بل على المرء أن يحلم بوردة تنبت رغم غباوة الصخر.
-------------------------------
المصدر/ جريدة القدس العربي
عندما تخون مستغانمي أحلام
بقلم زهية منصر
"الأسود يليق بك"... هل حقا كان يليق بنا كل هذا الانتظار؟ قراءة/ زهية منصر "من لم يكن شيوعيا في سن العشرين فهو بلا قلب ومن بقي شيوعيا في سن الأربعين فهو بلا عقل". تذكرت هذه المقولة التي نسيت قائلها وأنا أنهي "الأسود يليق بك" آخر أعمال الروائية أحلام مستغانمي، شعرت حينها وكأن أحلام صارت …لقراءة المزيد
"الأسود يليق بك"... هل حقا كان يليق بنا كل هذا الانتظار؟
 قراءة/ زهية منصر 
"من لم يكن شيوعيا في سن العشرين فهو بلا قلب ومن بقي شيوعيا في سن الأربعين فهو بلا عقل". تذكرت هذه المقولة التي نسيت قائلها وأنا أنهي "الأسود يليق بك" آخر أعمال الروائية أحلام مستغانمي، شعرت حينها وكأن أحلام صارت تتقمص دور الجدات اللواتي يتذاكين على الأطفال برواية كل ليلة نفس القصة وهن يوهمن أحفادهن أنها حكاية جديدة. 
بادئا ذي بدء رجاءا لا تعتبروا هذه الأسطر من قبيل النقد فأنا أبعد ما أكون لأدعي هذا الشرف، لكن بوصفي واحدة من بين ملايين القراء العرب الذين انتظروا رواية أحلام 14 سنة كاملة أجد أنه من حقي بل من واجبي أن أقف قليلا عند النص الذي حشدت له ترسانة  إشهارية أطالت من عمر معرض الشارقة خمس ساعات كاملة. 
لم أصدق نفسي وأنا أتسلم رواية أحلام التي وصلتني لتوها من الشارقة، أوقفت جميع مطالعاتي وتخليت عن رواية "الفضائل القذرة" لباب عمي كبير وتركت مذكرات الشاذلي تنتظر لأتفرغ لأسود أحلام. رحت ألتهمها صفحة بعد أخرى، وسطرا بعد آخر وعندما أنهيتها وجدت نفسي أعود عنوة إلى تلك السنوات التي اكتشفت فيها "ذاكرة الجسد" قبل اكتشافي لاسم أحلام، يومها سبق العمل سطوة الاسم. كان ذلك قبل عشرين سنة من الآن حيث قلبت يومها "ذاكرة الجسد" مفاهيم اللغة وجعلت جيلا كاملا من الشباب وخاصة الشابات في الجزائر يكتشفون لغة لم يتعودوا عليها في الأعمال الإبداعية، كان صوتا خارج المألوف، وعملا منح الجزائر اسما أدبيا تنسب إليه. لم تنجح يومها الأصوات التي برزت مشككة في نسب "الذاكرة" إلى أحلام فقط لأنها امرأة أن تحجب عنها ضوء النجومية، بل على العكس تماما راح عدد قرائها يتضاعف ويزداد حتى وصلت عدد طبعات أعمالها مستويات لم يبلغها حتى نجيب محفوظ صاحب نوبل. وكان بعدها على أحلام أن تثبت للعالم أنها صاحبة "الذاكرة" فعلا فكتبت "فوضى الحواس" وعابر سرير" لتشكل بذلك الثلاثية التي رفعتها إلى القمة، وتحولت من كاتبة إلى ظاهرة أدبية حيرت النُقاد والمتتبعين، حتى أنها هي نفسها لم تعد تتعرف على "أحلام" كما قالت في إحدى لقاءاتها الإعلامية. ومعها تحول القراء إلى "جماهير" تتدافع من أجل الحصول على توقيعها وكُتبها. عاشت أحلام على مجد الثلاثية وعاش معها القُراء في انتظار عمل لها، فجاء كتاب "نسيان كوم" الذي لم يكن حسب المتتبعين من جمهور أحلام في مستوى الثلاثية وكان علينا جميعا انتظار 14 سنة كاملة للاطلاع على "الأسود يليق بك" ولكن ماذا بعد؟. 
القارئ "للأسود يليق بك" يجد نفسه يعود عنوة إلى أجواء وأسلوب وحتى شخصيات "ذاكرة الجسد"، فمثل بطلة "ذاكرة الجسد" -حياة عبد المولى- تبدو بطلة "الأسود يليق بك" –هدى- شابة جميلة بشخصية قوية، مغرية، أنيقة، ذكية وشامخة تتقن اللعب على حبال اللغة. ومثل بطل  ذاكرة الجسد خالد بن طوبال يبدو بطل الأسود يليق بك، طلال رجل خمسيني يعشق شابة وإن كان خالد يستند في حبه لحياة إلى الشرعية التاريخية فإن طلال يستند إلى سلطة المال والمركز لكنه مثل خالد يبحث عن الإستثناء في الحب. ومثل أجواء ذاكرة الجسد عادت باريس لتكون مسرحا للحب والرومانسية والبذخ العاطفي مع فرق واحد أن قسنطينة التي كانت مسرحا مفضلا للذاكرة جاءت مروانة طيفا عابرا لم تنجح أحلام في توظيفها إبداعيا لتكون مكانا لذاكرة هدى. 
 وبعيدا عن اللغط الذي رافق صدور الرواية حيث اتهمت أحلام من طرف بعض المواقع الإخبارية كونها اقتبست عنوان العمل من رواية جزائرية بالفرنسية لأستاذ جامعي أقول بعيدا عن العنوان وبعيدا عن "الفذلكة اللغوية" فإن تيودوروف يقول: "ليس الأدب هو القول لكنه طريقة القول"، أي أن ما يجعل من الأدب أدبا هو قدرة العمل على الإستمرار في الحياة متحديا الزمان أو المكان الذي كتبت فيه. فما يجعلنا اليوم عندما نقرأ أعمال ماركيز أو إزابيلا أللندي أو جورج صاند وآسيا جبار  ونعجب بها غير أنها استطاعت بفضل ما تحمله من قيم جمالية وفكرية وتركيب هندسي أن تحيى متجاوزة الأزمنة والأمكنة؟. بهذا المنظور تصبح "الأسود يليق بك" عملا يصلح ليكون مسلسلا خليجيا في إحدى القنوات الرمضانية أكثر منه رواية تليق باسم أحلام. فعلى مستوى الحبكة كانت قصة فراق طلال وهدى أتفه من شجار قد يحدث بين مراهقين في الثانوية، والكثير من الأحداث الهامشية لم تستغلها الكاتبة كما ينبغي مثل "حوادث القتل إبان الإرهاب، العفو العام والمصالحة الوطنية، الحرقة وهجرة الأدمغة"، كما أن علاقة البطل بالبطلة غير مبررة أيضا. فكيف لرجل ذائع الصيت ورجل أعمال مشغول على طول الخط بسفرياته إلى عواصم العالم أن يكون له الوقت للاهتمام بفنانة ليست جميلة تماما ولا فاتنة لكنها فقط تتقن الحديث بلغة مختلفة. ثم كيف لامرأة  تقبل الإقامة مع رجل في فندق خمس نجوم وتتقبل منه ولائم فاخرة وباذخة بل وتنام معه في سرير واحد ثم ترفض ماله؟ وهل ما حدث بين طلال وهدى حبا أم هو فقط إعجاب الذي قالت عنه أحلام أنه "التوأم الوسيم للحب". وفي الأخير جاء لقاء هدى بالجزائري الآخر كأنه هدية من السماء أو مَخرج لورطة روائية أوجدتها الكاتبة فقط لتبرر المنحى الذي أخذته البطلة التي قررت أن تنتقم بنجاحها لحبها. أما باقي ما جاء في الرواية من بذخ لغوي وإغراء إيحائي فيكاد يكون  نسخة لأجواء الثلاثية. فهل كان يليق حقا بجمهور أحلام كل هذا الانتظار؟. 
لو كانت امرأة أخرى غير أحلام كتبت الرواية لكان الأمر يكون عاديا وستمر مرور الكرام، لكن بعد ذاك الصيت وتلك الأبهة والشهرة فليس من حق أحلام أن تنزل بقرائها إلى مستوى مسلسل تلفزيوني "لأن إذا كان من السهل ربما أن تصل إلى القمة، فمن الصعب أن تحافظ على التوازن  دائما فوقها"، فأحلام التي كتبت "ذاكرة الجسد" ولم تكن بعد قد صارت ظاهرة أدبية حملتها كل انفعالاتها وحصيلة ملامساتها للواقع الجزائري مستندة في ذلك إلى ماضٍ عريق لشعب عريق وثورة أسطورية، لم تكن يومها أحلام تراهن على شيء غير الصفحات التي كتبتها فجاءت "ذاكرة الجسد" ظاهرة أدبية. لكن أحلام التي كتبت "الأسود يليق بك" كانت تراهن على عدة أشياء، على سطوة الاسم، وحجم الانتشار وعدد الترجمات والنُسخ التي ستباع، كانت تراهن على عدد القُراء الذين ستكتسبهم أكثر ربما من رهانها على قراء كانت قد كسبتهم أو ربتهم على أسلوبها طيلة 14 سنة وقد صاروا متطلبين تجاهها، وينتظرون منها الإدهاش في كل إطلالة إبداعية. الآن وقد نضب نهر الماضي الذي غرفت منه أحلام "ذاكرتها" واستهلكت الثورة التي استندت إليها في الثلاثية فماذا يمكن أن تقدم من جديد لجمهورها؟، من يصل إلى ما وصلت إليه أحلام من مكانة جعلت النُقاد ينسبون إليها تأنيث اللغة لأول مرة في تاريخ الأدب العربي عليه أن يفكر دائما في هذا السؤال  قبل أن يكتب أي  شيء جديد، يجدر به أن يقدم الإبهار لقراء قد لا يفعلون أي شيء في غيابه لكنهم فقط  يجلسون في انتظار جديده. الإبهار في الإبداع لا يعني أن تكون الأكثر مبيعا ولا أن تتجاوز عدد مبيعاتك المليون، لكن الإبهار ربما أن لا تجعل قارئك ينسى عملك بمجرد الانتهاء منه، فليس كل ما يُقتنى من السوبر ماركت تحت تأثير الإشهار يستهلك حقا. والطوابير الطويلة قد لا تنم دائما عن الذوق الرفيع.
المصدر/ جريدة النصر الجزائرية
أركيولوجيا الفساد
بقلم سليم بوفنداسة
لماذا تجنح نخب تتولى خدمة عامة نحو الفساد؟ سؤال تقتضي المرحلة طرحه وقد تحولت قضايا الفساد إلى حكاية يومية يختلط فيها الواقع بالخيال وتلحق فيها الشبهة بكل من يتولى وظيفة عامة، لكأن الفساد تحول إلى صفة "يتحلى" بها كل متقدم إلى منصب! وحتى وإن كان لكل الدول والمجتمعات فسادها ، إلا أن هذه الصفة تكاد …لقراءة المزيد
لماذا تجنح نخب تتولى خدمة عامة نحو الفساد؟ سؤال تقتضي المرحلة طرحه وقد تحولت قضايا الفساد إلى حكاية يومية يختلط فيها الواقع بالخيال وتلحق فيها الشبهة بكل من يتولى وظيفة عامة، لكأن الفساد تحول إلى صفة "يتحلى" بها كل متقدم إلى منصب! وحتى وإن كان لكل الدول والمجتمعات فسادها ، إلا أن هذه الصفة تكاد تكون لصيقة بالبلدان الإفريقية والعربية، والدول غير الديموقراطية عموما، أين تستأثر أقليات بالمداخيل في غياب المساءلة السياسية والقانونية، و تشكل المساءلة الفرق بين الدول الديموقراطية وغيرها، حيث يدفع المفسدون في الدول الغربية الثمن عند انكشاف أمرهم حين يرتبط الفساد بقضايا داخلية فيما يستفيد النظراء من مزايا المجد الذي توفره المناصب السياسية  التي تتم أسطرتها اجتماعيا. وتمتلك النخب القوية في الغرب أدوات حماية المفسدين وقد تحول الفساد نفسه إلى مصلحة عامة كما هو شأن المحافظين الجدد في أمريكا الذين خاضوا حربا عالمية باسم الرب من أجل شركاتهم النفطية، وكذلك فعل طفلهم الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي موّل حملة الرئاسة من أموال الليبيين قبل أن يقتل الآمر بصرف تلك الأموال. وليس خافيا أن أموال الفساد تصب في بنوك غربية وتتحول إلى أسهم في شركات في غرب الحكامة والشفافية، حيث تتم حماية المفسدين والتستر عليهم ما دامت منهوباتهم "صدقة جارية" في هذه البلدان. في الجزائر انفجرت قضايا فساد شغلت الرأي العام، وأطلقت حملات لمكافحة الظاهرة  لكن مظاهر الفساد استمرت، في ظل اقتصاد ريعي تحول فيه الدولة اعتمادات ضخمة لإنجاز مشاريع البنى التحتية والخدمات وانعاش حتى مؤسسات مفلسة فضلا عن المشاريع الاجتماعية كمشاريع السكن التي تنجز بدون توقف وبمئات الآلاف من الوحدات، دون إسكان كل الجزائريين. تحرك كتلة كبيرة من الأموال لن يتم دون أن تمتد الأيدي الآثمة إلى الغلة، خصوصا مع العجز الذي تواجهه البلاد في الكوادر البشرية المتمكنة من علوم التسيير وغير المصابة بداء اللصوصية. و ربما ذلك ما يفسر التهافت على المناصب وعلى دخول المجالس المنتخبة، التي أصبح الانتساب إليها استثمارا يدفع صاحبه، مسبقا، أضعاف ما يناله نظريا في سنوات عهدته. وهو ما يعني أن الفساد تحول إلى آلية وبنية لا يتم الالتفات إليها إلا عند انفجار فضائح، بنية يفضحها التدافع على منابع الريع بداعي تولي الخدمة العامة من طرف مقاولين وتجار في وقت يكاد ينقرض فيه السياسيون الذين يمتلكون الافكار والبرامج. والمشكلة أن صورة المفسد تكاد تلصق بالمسؤول دون سواه في وقت لا يتم فيه الانتباه إلى "القاعدة" التي أنجبت المفسد المقبول اجتماعيا والمحبوب والمٌشاد به ما لم يقع. نعم، لقد تمكن الفساد من النسيج الاجتماعي، والحل ليس في سجن جميع الجزائريين ولكن في إعادة بناء الدولة الوطنية على قواعد الاستحقاق التي تكرس في السياسة وتسري على سواها وتتحول إلى عقد اجتماعي يحدث القطيعة مع ثقافة الصراع والتدافع. عن جريدة النصر الجزائرية
دور الفن في تغيير وضع الأمم
بقلم حكيم خالد
    لا أحد يختلف هنا أن أعظم و أرخى فترة حكم عرفتها أمريكا هي فترة رونالد ريغن. لم يكن الرجل سياسيا بمفهومنا التقليدي، لكنه كان شغوفا بابن خلدون، و قد افتخر مرارا بما تعلمه منه حول الإقتصاد و المجتمع. و يبدو أنه كان قارئا جيدا و أدرك الفرق في كتاب بن خلدون بين المقدمة و المؤخرة!..ثم …لقراءة المزيد
    لا أحد يختلف هنا أن أعظم و أرخى فترة حكم عرفتها أمريكا هي فترة رونالد ريغن. لم يكن الرجل سياسيا بمفهومنا التقليدي، لكنه كان شغوفا بابن خلدون، و قد افتخر مرارا بما تعلمه منه حول الإقتصاد و المجتمع. و يبدو أنه كان قارئا جيدا و أدرك الفرق في كتاب بن خلدون بين المقدمة و المؤخرة!..ثم جاء بعده فنانون آخرون، إستغلوا شهرتهم لقضايا إنسانية و اجتماعية كانت منسية في بلدانهم أو في بلدان أخرى. و لعل أشهرهم أرنولد شوارزنيجر الذي تحول من Terminator إلى Reformator، و أستطاع أن يقضي عن الإفلاس في كاليفورنيا، أكبر ولاية في أمريكا بحجم عدد سكان الجزائر. ثم من لا يعرف أنجلينا جولي سفيرة الأمم المتحدة للاجئين، تتنقل من مالها الخاص وتتبرع بالملايين من أجل المحرومين في الجهة المظمة من عالمنا البائس.     و لولا مجهودات جورج كلوني لما سمع العالم بجرائم دارفور. و من أقصى الأرض ظهر مغني الروك الأسترالي بونو، ليجعل من إفريقيا قضيته الرئيسة، و كان سببا في محو ديون الكثير من الدول الفقيرة. و قبل يومين عرفت الإنتخابات في إيطاليا ظهور حزب الممثل بيبي جريلو كقوة سياسية بديلة لبارونات الرشوة و الفساد.     قد نحتاج إلى وقت لنفهم ظاهرة نجاح هؤلاء الفنانين في خدمة ما يؤمنون به، و كيف انتقل تأثير الكلمة من أفواه و أقلام النخبة المثقفة التي كانت تحرك المجتمعات سابقا، إلى تأثير الصورة اليوم. لكن الشيء الأكيد أن فنانينا خارجون عن هذه الظاهرة. صحيح أن فنانينا لا يملكون ثروة شارون ستون للدفاع عن الأقليات أو مثل ألاك بالدوين للدفاع عن حرية التعبير، لكن الفنان لا يحتاج إلى المال بقدر ما يحتاج إلى شهرته لإيصال رسالته الإنسانية إن كانت له رسالة، و كان ملتزما بقضية شعبه.     ما يحدث عندنا هو العكس، و عوض أن يكون فقر الفنان دافعا ليكون قريبا من مأساة مجتمعه ، نجده هو أول من يقتل محبيه معنويا وعلى أصعدة مختلفة. و عوض أن يجدد حضوره، فجأة يختفي مثل العصفور ليموت..يصاب بعقدة ندم مما قدمه من فن بعد مرور رحيق العمر..مطرب يطلق الغناء و يحج ثم يختفي في صحراء قاحلة للتعبد، و ممثلة تتوب و ترتدي الحجاب، ثم تطلب الهداية لكل من تقف على منصات التمثيل. هي رسالة واضحة، مفادها أن فنهم "باطل"، و أن جمهورهم كان يعيش معهم في "الباطل"، و أن المجتمع كله باطل لا يصلح أن يكون قضية يقدمون فنهم و شهرتهم لخدمته.
مقارنة سريعة بين القرآن و أصحاب الشريعة
بقلم حكيم خالد
مقارنة سريعة ما بين القرآن الحكيم  و أصحاب الشريعة، هذه فقط نقاط من بين المئات  ..إفتح المصحف و إقرأ. 1. كلمة التوحيد القرءان: لا إله إلاّالله ( 2: 255; 37: 35;  3: 18; 47: 19) الشريعة الحالية:  لا إله إلا الله - محمد رسول الله  ( + عليّ وليّ الله ) 2. ذات الله القرءان: …لقراءة المزيد
مقارنة سريعة ما بين القرآن الحكيم  و أصحاب الشريعة، هذه فقط نقاط من بين المئات  ..إفتح المصحف و إقرأ. 1. كلمة التوحيد القرءان: لا إله إلاّالله ( 2: 255; 37: 35;  3: 18; 47: 19) الشريعة الحالية:  لا إله إلا الله - محمد رسول الله  ( + عليّ وليّ الله ) 2. ذات الله القرءان: ليس كمثله شيء ، لاتدركه الأبصار (2: 255; 6:103; 7: 143; 8: 24; 57: 3; 42: 51) الشريعة الحالية: الله موجود في مكان ما فوق السماء السابعة.  كل سنة ينزل الله في ليلة معينة ( عرفة – أوغيرها بحسب المذاهب) الى منتصف السماء الدنيا فيقول : ‏أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا الذي يسألني فأعطيه .. الخ .. فلا يزال ينادي حتى يضيء الفجر (البخاري) . 3. التبعية القرءان: المسلمون يتبعون القرءان فقط (2: 3-5, 62, 177;  5:  69) الشريعة الحالية:  يعتبرون القرءان فقط للقراءة (أوالتعبّد). و لكن فعليا يتبعون كتب الحديث و الفقه و الأصول و الفتاوى حسب كل جماعة ومذهب. 4. علاقة القرءان بما سبقه من كتب القرءان: مصدّق و مهيمن عليها ، ويعتبرها صالحة لمن أنزلت لهم (2: 53, 89, 91,97, 136; 5: 44-49; 10: 37;  12: 38, 111; 16:123; 41: 43) الشريعة الحالية:  يعترفون بها و لكن يعتبرونها مزيفة و باطلة 5. عدد آيات القرءان القرءان: 6236 آية ( إفتح أي مصحف) الشريعة الحالية: يتراوح العدد من 6000 الى  6666 آية ، إلا أنهم لا يستطيعون إثبات ذلك ، ولا يستطيعون أن يأتوا بتلك الأيات الناقصة (أو المنسوخة ، أو التي أكلتها الداجن ، أوالتي أنساها الله للنبي) 6.  المفاضلة ما بين الرسل القرءان: لا نفرق بين أحد من رسله (2: 124, 136; 6: 84-87, 154; 7; 144; 50: 45;  38: 126; 4: 150-152; 3: 33,45) الشريعة الحالية: محمد أشرف الأنبياء و المرسلين ،  محمد: طب الأنام  ودواؤها ، و عافية الأبدان وشفاؤها 7.  علم الغيب: القرءان: محمد لم يعلم الغيب (6: 50; 7: 187, 188; 10: 20, 49; 11: 31; 46: 9 الشريعة الحالية: محمد عـَلـِمَ الماضي و الحاضر و المستقبل و ما كان قبل الخلق و ما سيكون بعده. 8. هل نسب محمد كلاماً غير القرءان لله تعالى؟ القرءان: و لو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين.. (69: 44-47; 5: 44-49; 6: 19, 50; 43:43, 44; 7; 203; 33: 2) الشريعة الحالية: محمد قال و نسب آلاف الأحاديث إما مباشرة عن الله (أحاديث قدسية) أو غير مباشرة (أحاديث عادية) 9. دخول الجنة القرءان: كل مؤمن بالله و اليوم الآخر و يعمل صالحا له الجنة (2: 62, 111, 113; 3: 72, 75; 5:  69, 82; 7: 159) الشريعة الحالية:  لا يدخل الجنة إلا من اتبع ملتهم. 10. الحساب و الجزاء القرءان: سوف يحاسب كل إنسان عاقل عن كل ما فعله و اكتسبه و يجازى بناءً عليها (4: 49; 99: 7, 8; 29: 2, 3; 6: 132; 10:4 الشريعة الحالية: من قال قبل موته : لا إله إلا الله محمد رسول الله (+ و أن عليّاً ولي الله)  تغفر جميع ذنوبه باستثناء الشرك بالله. 11. العلاقة مع النصارى (المسيحيين) القرءان: هم أقرب الناس مودة للمسلمين (5: 82 ) الشريعة الحالية: هم عدو كفار  و أرضهم دار حرب يجب قتالهم. 12. نظام الحكم (1 القرءان: نظام الحكم يجب أن يقوم على مبدأ استشارة الشعب في جميع القوانين (42: 38 الشريعة الحالية: الحاكم ظل الله في الأرض و على الجميع المبايعة له بالسمع و الطاعة. 13. نظام الحكم (2) القرءان: القوانين بين الناس يجب أن يكون عادلة بغض النظر عن دينهم و لونهم و عرقهم (90: 10; 73: 3; 2: 256; 92: 12; 6: 52, 69, 108;  4: 171; 109: 6; 22: 78) الشريعة الحالية:  تميّز ما بين الناس على أساس المذاهب و الطوائف الدينية و العرقيات 14. اللغات القرءان: جميع اللغات لها نفس الرتبة ونفس القيمة عند الله سبحانه  (14:4;  26: 198, 199; 30: 22; 41: 44) الشريعة الحالية: اللغة العربية هي لغة الله  و الملائكة و أهل الجنة. 15. خير نساء العالمين القرءان: مريم أم عيسى المسيح (3: 42 الشريعة الحالية: فاطمة بنت محمد. 16. الزواج1 القرءان: لا يجوز الزواج بمهر مؤخر  (4: 4) الشريعة الحالية: 99% من الزيجات تتم بمهر مؤخر 17. الزواج 2 القرءان: الزوج و الزوجة كلاهما له الحق في عزم الطلاق (2: 226- 232) الشريعة الحالية: الرجل فقط له الحق في الطلاق 18. الزواج 3 القرءان: الطلاق أيضا عبارة عن عقد وفيه عزم تماماً مثل عزم عقدة النكاح (227:2 الشريعة الحالية: الطلاق يتم بكلمة "طالق" 19. الزواج 4) القرءان: لا يجوز تعدد الزوجات إلا في حالة وجود يتيم و أن تكون المرأة أرملة (4: 3) الشريعة الحالية: يجوز التعدد بدون أي سبب 21. الزواج 6) القرءان: لا يجوز زواج القاصر (6:4 ، 24:26) الشريعة الحالية: محمد تزوّج بطفلة عمرها 9 سنوات. 22. العقوبات القرءان: ليس على شرب الخمر عقوبة و ليس على من يتعامل أو يبيع الخمر أي عقوبة (جميع القرءان) الشريعة الحالية: من يتعامل مع الخمر يجلد (عدد مفتوح ) 23. الصلاة القرءان: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها (110:17) الشريعة الحالية: كان محمد يجهر بصلاته ماعدا الظهر و العصر 24. الصلاة (2): القرءان: الصلاة يجب أن تقام من أجل ذكر الله فقط (14:20) الشريعة الحالية: يجب التسليم على محمد وإبراهيم (و عليّ ) في الصلاة 25. الحج:  القرءان: الحج أشهر معلومات (197:2) الشريعة الحالية: الحج أيام معدودات 26. الزكاة و الصدقات القرءان: الزكاة - الصدقة إجبارية على الجميع و ليس لها حد أقصى وتكون بقدر غنى الشخص و مدى فقر المجتمع (103:9 ، 19:51 ،24:70 ) الشريعة الحالية: الزكاة إجبارية وقيمتها منذ أكثر من 1400 عام لا تزال 2.5% سواءعلى الناس البسطاء أو فاحشي الغنى 27. القتال القرءان: لا يجوز القتال إلا في حالة الأعتداء الحربي (4: 29, 30, 92; 16: 126;  42: 39, 40; 2: 178, 190; 5: 32, 45 الشريعة الحالية: يجب مقاتلة الناس حتى يشهدوا أن محمد رسول الله أوعليهم دفع الجزية. 28. الحريات (1) القرءان: لا يجب إجبار الناس على دين معين (2: 193, 217, 256; 4: 171; 39: 41; 50: 45; 92: 12; 16: 125; 5: 64) الشريعة الحالية: من بدل دينه فاقتلوه 27. الحريات (2) القرءان: لا يجب إكراه الناس على شيء معين في داخل الدين نفسه (256:2 الشريعة الحالية:  يتم إجبار الناس على اتباع نمط معين من التديّن 28. تقاضي أجر على العمل الديني القرءان:  لا يجب تقاضي أجر لقاء أي عمل له علاقة بالدين (2: 41, 79, 174-176; 11: 29, 51; 26: 145, 164, 180; 12: 104; 42: 23) الشريعة الحالية: الأفتاء أصبح مهنة 28. طعام أهل الكتاب القرءان: حلال (5: 5) الشريعة الحالية:  حرام. 28. السنة القرءان: سنة الله لا تبديل ولا تحويل لها  (17: 77; 35: 43; 33: 62) الشريعة الحالية: ليس لله سنة (قانون)، بل هي سنة محمد ، وتلك سنة دائمة التغيير. 29. الكعبة القرءان: الكعبة بيت الله أول بيت وضع للناس و يجب أن يكون متاحاً للجميع (3: 96;  9: 19;  22: 25 الشريعة الحالية: الكعبة من أملاك الدولة السعودية ، و غير مسموح لغير المسلمين التواجد في ما حولها 30. الوصية لما بعد الموت القرءان: يجب على الشخص أن يوصي (180:2 ، 11:4 ، 12:4 ، 106:5) الشريعة الحالية: لا وصية لوارث ، أي لا يجوز أن يوصي الشخص لأحد من الورثة القرآن ليس كتاب بـَرَكـَة يـُخـرِجُ الجن من الملموس أو الملبوس أو الممسوس ، ويوضع في السيارة  وتحت الوسادة ليحفظ أصحابها، كما أنه ليس للأموات، و لا يستخدم في السحر والشعوذة  و الرقية والضحك على عقول الناس. القرآن ليس للحفظ و التجويد و لا يحتاج إلى تحسين بتلحينه..كما أنه ليس كتاب ألغاز حتى يفسر..إنه ببساطة للقراءة للتدبر و الهداية.
رعشة التماثيل
بقلم سليم بوفنداسة
        جاء "المجاهدون" ليلا، انزلوا التمثال، قطعوا رأسه و انصرفوا. لم يقرأ المجاهدون رسالة الغفران، لكنهم انتقموا بأثر رجعي من أبي العلاء المعري، فقطعوا رأسه بعد أن رشقوه أكثر من مرة بالرصاص. ولم تمض ساعات حتى اختفى رأس طه حسين و ارتدت سيدة الغناء العربي في كل العصور …لقراءة المزيد
        جاء "المجاهدون" ليلا، انزلوا التمثال، قطعوا رأسه و انصرفوا. لم يقرأ المجاهدون رسالة الغفران، لكنهم انتقموا بأثر رجعي من أبي العلاء المعري، فقطعوا رأسه بعد أن رشقوه أكثر من مرة بالرصاص. ولم تمض ساعات حتى اختفى رأس طه حسين و ارتدت سيدة الغناء العربي في كل العصور النقاب. لم يقرأ الإخوان طه حسين، كما لم يقرأ مجاهدو جبهة النصرة المعري ولم يرفعهم إلى سماوات ربهم صوت أم كلثوم وهو يستعيد شجن الانسان منذ بدء الخليقة، لكنهم أحسنوا اختيار أهدافهم في حربهم على العقل والجمال.  ثمة رابط بين استهداف رأس المعري واستهداف رأس طه حسين المتشابهين في  فقدان البصر و اتقاد البصيرة وفي نقدهما للفكر الخرافي الذي يستعين بالمقدس لفرض سلطته. وقد كان طه حسين يجاهر بافتتانه بفكر المعري وشخصيته، وهاهم أنبياء الخرافة ورسل الصحاري العربية الجرداء إلى حواضرها يجمعون بين الرأسين في مقتلة رمزية ليست بالغريبة على من جعلوا من قطع الرؤوس رياضتهم المفضلة. ثمة حرب معلنة على الإرث العقلاني في الثقافة العربية، استمرت على مرّ العصور، و تدعو نفسها هذه المرة بمناسبة الثورات التي اندلعت ضد الدكتاتوريات وانتهت بتفريخ الأصوليات. وتذكر حرب التماثيل بحرب مماثلة عرفتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي، حين استهدف أصوليون "الأصنام"  وعمدت بلديات إلى تغطية التماثيل العارية، كما حدث في واجهة مسرح عنابة ومتحف قسنطينة، فيما تم نسف تمثال المرأة العارية بعين الفوارة في سطيف بقنبلة عقابا لها على عري أصاب حراس خلق الله من الشهوات في خيالاتهم المريضة، وظلت التماثيل في مختلف مدننا ترتعش خوفا  من البطش، وكان مثقفون بين دعاة التنكيل بها. واليوم تقول تقارير إعلامية  أن جبهة النصرة التي أعدمت ضرير المعرة في بلدته التي حمل اسمها لما يزيد عن ألف سنة مما يعدون، تتمتع بشعبية كبيرة ويجد أفرادها  من يؤيدهم فيما أقدموا عليه، لأنهم يمتلكون الأموال التي تجلب حب الناس، وبالطبع فإن هذه الأموال قادمة من صحاري الله، حيث لا تنبت التماثيل ولا ترتفع. نعم، إنها حرب رمزية يخوضها  عرب بدون رموز على عرب الحضارة في مصر والشام وبلاد المغرب وبلاد الرافدين، في وقت يسعون فيه إلى "شراء" رموز تدل عليهم، كما يشترون  صمت شاربي النفط. نقلا عن جريدة النصر الجزائرية الصادرة من قسنطينة
المرأة بين مبادئ الإسلام وثقافة العرب
بقلم إبراهيم المطرودي
     هل يقبل المسلمون اليوم أنّ مدونات السنة تحتاج إلى طريق آخر في النظر إليها، وتقويم ما فيها، طريقٍ غير الطريقة المعهودة، التي تقوم على الناقل وذاكرته؛ صلاحه وفساده، قوتها وكلالها... منذ قرأت حديث البخاري"... ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منكن. قلن: وما نقصان …لقراءة المزيد
     هل يقبل المسلمون اليوم أنّ مدونات السنة تحتاج إلى طريق آخر في النظر إليها، وتقويم ما فيها، طريقٍ غير الطريقة المعهودة، التي تقوم على الناقل وذاكرته؛ صلاحه وفساده، قوتها وكلالها... منذ قرأت حديث البخاري"... ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منكن. قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادةُ المرأة مثل نصف شهادة الرجل. قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تُصلّ، ولم تصُمْ. قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها"، الذي أميل إلى أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقله، وأنا أتخيّل نفسي في هذا العالم، الذي جاءت رسالة الإسلام لأهليه جميعا، أتخيل نفسي واقفاً في نادٍ، عظيم حضوره، كثيرة أعراق الجالسين فيه، متنوعة ثقافاتهم، أتخيّل نفسي، وأنا أحدثهم بهذا الحديث، ثم أتفحص ردود أفعالهم، وأستجلي تمعّر وجوههم، مما ننسبه نحن إلى الإسلام في عصر، أضحى الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، يؤمن أن عقل الإنسان خلاصة محيطه، وثمرة عصره، وزبدة ظروفه! وليس مخلوقاً على صيغة، لا يُمكنه تغييرها، ولا تعديل صفاتها! حين أتخيل نفسي في هذا الموقف أقول: مسكين هذا الإسلام! الذي رُبطت صورته بذاكرة أفراد مع محبتنا لهم، وتقديرنا إياهم من البشر، يخطئون، ويصيبون، ينسون ويغفلون! وما كان غريباً أن تظل قيم العرب في الجاهلية (ومنها ازدراء المرأة) حاضرة في الإسلام، وتتسرّب عبر الروايات، فقصة أبي ذر مع بلال رضي الله عنهما يعرفها الصغير والكبير، مع ما يعرفه المسلمون كلهم عن أبي ذر من صلاح، وتقى، وورع، وزهد، جعله مضرب المثل؛ فهل تبقى بعض قيم الجاهلية في نفس أبي ذر، الرجل المخبت، والصحابي الزاهد، وتختفي من نفوس آخرين من الصحابة، أقل منه ورعا، وأضعف منه إخباتا! لقد شنّع رسول الله عليه الصلاة والسلام على أبي ذر أن قال لأخيه بلال رضي الله عنهما : يا ابن السوداء! فعيّره بأمه؛ فقال له تلك المقالة، التي رواها البخاري، وما برحنا نرددها إلى اليوم:" إنك امرؤ، فيك جاهلية"؛ فكيف نقبل نحن اليوم أن يقول الرسول عليه الصلاة والسلام عن النساء المؤمنات جميعا: إنهن ناقصات عقل ودين؟! أيُنكر على أبي ذر تعيير المرأة بسوادها، وهو شيء واقعي، وراجع إلى الشكل، ومتعلق بالمظهر فحسب، وننسب إليه نحن اليوم تعيير المؤمنات كلهن بشيء معنوي؟! يشتد على أبي ذر في تعيير المرأة بشيء منقض ذاهب، ونحن نعزو إليه حكماً أبدياً، لا يزول مع الأيام، ولا تُذهبه التجارب، واختلاف البلدان! والغريب أن يقول صاحب عمدة القارئ:"لأن التعيير بالأم أمر عظيم عندهم؛ لأنهم كانوا يتفاخرون بالأنساب" ثم يقبل أن يُنْسَبَ إلى الرسول عليه السلام تعيير جميع الأمهات، والبنات، والأخوات، والعمات، والخالات! يتجهّم خليل الرحمن في وجه أبي ذر، ويَسِمُه بتلك السمة، حين قال ما قاله في امرأة واحدة، ثم نرى الرواة يروون عنه تعميم وصف على النساء جميعا. أيها السادة، من يصر على عزو هذا إلى الدين، ويراه جزءاً منه، فليقبل من حيث الديانة، بل يرحب أيضا، أن يخاطبه الآخرون قائلين له: يا ابن ناقصة العقل، يا ابن ناقصة الدين! فذاك كما يدعي هذا خطاب أبي القاسم عليه الصلاة والسلام للصحابيات، اللاتي كنّ خيراً من أمه، وبنته، وعمته، وخالته! سيقول بعض سفسطائي الذاكرة، والمتعلقون بثقافتها، وهم دوماً ينهجون هذا الدرب المميت،: الحكم الوارد في الحديث على النساء حقيقة خَلْقية؛ فالله تعالى خلقهن هكذا؛ فجاز أن تُعيّر النساء بها؛ لكنهم بهذا النهج في الدفاع عن الحديث يفتحون للناس جميعا أن يُعيروا إخوانهم بما فيهم من صفات خلقية؛ لأن هذه هي الحقيقة، التي خلقهم الله تعالى عليها؛ وهل يأنفُ المرءُ من قدر الله فيه، وقضائه عليه!! ويا لَلهِ من سفسطة كهذه، لم يعرفها الآباء السفسطائيون قبلُ. لقد غضب العرب، ولم يرض كثير من محبيهم في الزمان الغابر، ما صنعته الحركة الشعوبية، فدافعوا عنهم، واجتهدوا في الدفاع، وظلّت قضية الشعوبية تُدرّس في العصر الحاضر، ويضرب بها الكثيرون المثل على ظلم العربي، وانتهاك حقوقه، وازدراء مكانته، لكن لم يفطن أولئك المدافعون، الذين يُحاربون العنصرية، ويعجبون من معاملة العرب بها، أنّ العربي نفسه يحمل هذه العنصرية، وينظر إلى الناس من خلالها، وكان من عنصريته تلك نظرته إلى أمه، وابنته، وأخته، وعمته، وخالته! وثُرْنا كثيراً، وأنزعنا أكثر من ذلكم الغربي الفرنسي، المدعو جوبينو، المشتهر بكتاب، حول عدم المساواة بين الأجناس البشرية؛ حيث ذهب إلى أنّ الجنس الأصفر ذكاؤه يُمَكّنُه فقط من استغلال نتاج الآخرين، وليس فيه طاقة أن يستقل بإنتاج معرفي أصيل، لم نرض مقالته، وعجبنا من تسرعه؛ لكننا أخذنا برأيه، ووضعناه عقالاً للمرأة العربية؛ فرأيناها ناقصة عقل. تلك هي نقطة الاتفاق مع ذلكم الفرنسي؛ لكن نقطة الاختلاف أزعج، وأشد إيلاماً؛ فالفرنسي يعزو نتيجة بحثه العنصرية المتحيزة إلى عقله، واستنباطه من الواقع المدروس، وهكذا يجعل بإمكان باحث آخر أن يخرج بغير نتيجته، ويصير إلى غير خلاصته؛ لكننا لا حيلة لنا في عنصريتنا؛ فمبناها الدين، ومصدرها نصوصه؛ فكيف يتأتّى لأحد أن يُخالف ذين، أو يتجاوز خطوطهما؟! إذن أم العربي، وبنته، وأخته، وعمته، وخالته ناقصات عقل، وهو يعيش بين أكناف هؤلاء النسوة، ويتقلّب في أحضانهن سنوات عمره، فتنتقل إليه هذه الآفة منهن، ويصير في عِداد الناقصين عقلاً؛ فيضحي كما قال هذا الغربي عنه، ودلّت دراسته عليه؛ فما بالنا تستفزّنا أقوال الآخرين عنه، وننسى من أقوالنا ما يؤول إلى تأكيد تلك التهمة فيه؟ والآن أتى أوان إيراد ما يُشكك في صحة هذا الحديث عن رسول البشرية ص من خلال المتن، الذي صيغ به وعي الثقافة الإسلامية، ورُسّخت به المفاهيم العربية، خلال القرون المنصرمة، ولم يكن لهذا الوعي العنصري، المتسلل إلينا من الثقافة العربية، إلا رواية رجال الحديث وأئمته، فتعالوا معي؛ للنظر في مسألتين في متنه، ولكم بعد ذلك الحقُّ أن تقبلوا الرأي، وتأنسوا به، أو ترفضوه، وتولوا عنه، فهي أفكار، مصيرها بأيدي القراء، وأثرها مرهون بهم. أول ما يُلاحظه القارئ لمتن الحديث تفسير نقصان عقل المرأة؛ إذ فسره أبو القاسم ص بنقصان شهادتها عن شهادة الرجل، وهذا يأخذ بنا فوراً إلى قوله تعالى :{أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، وحينئذ نضطر إلى استشارة المفسرين حول معنى الضلال هنا، وحينما تعود كما عدت أنا ستجد المفسرين متفقين على أن الضلال بمعنى النسيان، وارجع إن شئت إلى الطبري، والزمخشري، والفخر الرازي، والشنقيطي؛ فلولا ضيق المكان لعزوت إلى هذه التفاسير وغيرها. الضلال في الآية هو النسيان، وسيرد في بالك وقتها، سيدي القارئ، التساؤل حول المراد بالعقل في الحديث، فالمعنى المقصود بالعقل هو نقصان الذاكرة، وبهذا سينفتح أمامك باب آخر للسؤال من جديد: فهل بين العقل، بمفهومه القديم والحديث، وبين الذاكرة علاقة وطيدة؟ العقل هو ملكة التفكير، والقدرة على التحليل والتركيب، وليس هو القدرة على التخزين، وصون المأثور، وهذا التصور للعقل يدفعنا إن بقينا نُنافح عن الحديث إلى نسبة خطأ منهجي وفكري إلى رسول البشرية جمعاء؛ لأنه وفق الحديث يصير العقل مجرد خزان، تُراكم فيه الأخبار، وتُجمع فيه المعارف! وليس ببعيد أن يأتي بعض الممثلين لثقافة الذاكرة، والموغلين فيها، فيقول: إن العقل في الإسلام هو الذاكرة (وهذه عموما هي منبع مشكلاتنا اليوم) فكلما كان الإنسان ذا ذاكرة أشد كان إلى العقل أقرب، وإلى حياضه أدنى، ويعتمد في احتجاجه على هذا الحديث؛ فإن جاء مثل هذا الإنسان، فهل يقبل القراء منه هذا القول، ويُسلّموا له به؟ وثاني ما يُلاحظه القارئ أنّ نقص الدين جُعل سببه ما يُصيب المرأة من عوارض، كتبها الله تعالى عليها، فتترك الصلاة لها والصيام، وهذا معناه أن الله تعالى يُحاسب المرأة على خِلقته لها، وقضائه في هيئتها، فتُصبح العوارض الخارجة عن إرادتها ذات أثر في نقصان دينها! وهذا مع مصادمته لكليات الشريعة، ومنافاته ليُسرها، ومجازاتها القليل بالكثير، يصطدم بنصوصها أيضا، ومنها الحديث، الذي رواه البخاري وغيره من قول رسول الكافة عليه الصلاة والسلام :" إذا مرض العبد، أو سافر، كُتِب له مثلُ ما كان يعمل مقيما صحيحا"، فهذا الحديث هو المعبر عن روح الدين في تسامحه، ورأفته بالناس؛ إلا إن كانت مثل هذه النصوص من حظ الرجال فقط، وليس للنساء فيها نصيب. وأنا أتحدث عن هذا الحديث أعي نفرة الكثيرين، واستغرابهم، من نقد بعض أحاديث البخاري رحمه الله لكن على المسلم اليوم أن يُدرك أن البخاري وغيره من أئمة الحديث ليسوا في رواياتهم معصومين، ولا من الوهم بعيدين، وعليه أن يجعل الدين وصورته آثرَ عنده من هذا الصحابي، أو ذاك التابعي، فيهون عليّ أن أسِمَ صحابياً بالوهم، وتابعياً بالخطأ؛ لكن لا يهون عليّ أبداً أن أقرن صورة الإسلام، دين العالم والعالمين، بشيء، أرى الإسلام ينبذه، ويُغلّظ على من يأتيه. وسيبقى من أكبر التحديات أمام كثيرين من القراء أنْ رُدت رواية شيخ من المحدثين، وأُوهنت في لحظةٍ ذاكرة أحد التابعين؛ لكن ماذا يصنع من يقف بين خيارين كهذين، إلا أنْ يختار أسهلهما مرتقى، وأحمدهما عاقبة؛ فيقول: أخطأ هذان الرجلان، وذاك من بشريتهما بادٍ، فينجو الإسلام من أن يخصّ جنس المرأة بما سلف الحديث عنه، ومضى القول فيه، فبهذا نربح الإسلام، ولن نخسر الرجال، فهم ما قاموا إلا خدمة له، وسعيا في تشكيل صورة صادقة عنه. وفي الختام فلن أنسى دمعة أمي، وأنا أقول لها: بعيد يا أمي أن يقول أبو القاسم فيك، وفي أمثالك من الأمهات، اللاتي قمن بما لم يقم به كثير من الرجال: " إنكن ناقصات عقل ودين"! فقالت وهي تجهش بالبكاء : كوده يا وليدي!! لقد جعلني هذا الموقف مع أمي أشعر بمرارة أن يتخذ الآخرون منك موقفاً عنصرياً باسم الدين، فيضحي اتصاله بالدين سبب ركون الناس إليه، وإيمانهم به، وتناقلهم إياه، فينشرون أن أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام قالوه، وقرّروه، فمثل تلك الصور من أشد أنواع الظلم، وأزعجها للنفس؛ لأنها تدوم، وتغري الناس بالدفاع عنها. وبعد فهل يقبل المسلمون اليوم أنّ مدونات السنة تحتاج إلى طريق آخر في النظر إليها، وتقويم ما فيها، طريقٍ غير الطريقة المعهودة، التي تقوم على الناقل وذاكرته؛ صلاحه وفساده، قوتها وكلالها، تلك الطريقة، التي مضت السنون، وليس في أيدي المسلمين سواها تقريبا للدفاع عن دينهم، وسنة نبيهم! نقلا عن جريدة الرياض
نقاب لكل طفلة مشتهاة..!!
بقلم حليمة مظفر
يبدو أن الفتاوى الناتجة عن التفكيرالجسدي، بعد أن انتهت من المرأة لتجعلها ضحية صراع التشدد، حولتها من إنسان كامل الأهلية ـ بما رسخه الإسلام العظيم من حقوق لها ـ إلى مجرد وعاء للتفريغ، ومتاع يُمتلك، وفتنة متحركة، كل ذنبها أن خلقها الرحمن أنثى، وعليها أن تدفع ضريبة ذلك من إنسانيتها، بما فُرض عليها من …لقراءة المزيد
يبدو أن الفتاوى الناتجة عن التفكيرالجسدي، بعد أن انتهت من المرأة لتجعلها ضحية صراع التشدد، حولتها من إنسان كامل الأهلية ـ بما رسخه الإسلام العظيم من حقوق لها ـ إلى مجرد وعاء للتفريغ، ومتاع يُمتلك، وفتنة متحركة، كل ذنبها أن خلقها الرحمن أنثى، وعليها أن تدفع ضريبة ذلك من إنسانيتها، بما فُرض عليها من محرمات دون تهذيب الفحول، والحد من سعارهم!. والآن بعد الانتهاء منها يوجهون سهامهم بفتاواهم الشاذة للطفلات، إمعانا في تشويه جمال وإنسانية الإسلام، إذ يأتينا داعية عبر أحد البرامج التلفزيونية ويقول: "متى ما كانت الطفلة مشتهاة، فيجب على الوالدين تغطية وجهها، وفرض الحجاب عليها!". بصراحة شديدة شعرتُ بالاشمئزاز بعد سماع هذا الكلام؛ لأنه بكل بساطة يؤكد وجود المرضى، المهووسين بالأطفال. ولمواجهة ذلك تُغطى هؤلاء الطفلات، وكأننا نعطيهم كرتا أخضر ليشتهوا الصغيرات متى ما أرادوا!، ما دام هؤلاء الطفلات الفاتنات يفتنونهم دون غطاء!، ولهذا يُفرض عليهن الحجاب وغطاء الوجه، وإن كان عمرها أربع أو خمس سنوات!، وما هذا إلا جريمة ضد الطفولة بفرض ما لم يفرضه الله تعالى، دون أي مراعاة لبراءة هذه المرحلة، واختطافها من حاجتها للعب والفرح والترفيه والرعاية النفسية السوية التي تستحقها هذه المرحلة!. لقد كنت وما أزال أحيانا أشاهد بألم وفجيعة في بعض الأماكن العامة، كالأسواق والمستشفيات طفلات صغيرات في السن برفقة أسرهن، بعضهن لا تتجاوز أعمارهن الخامسة والرابعة، وأخريات أكبر من ذلك بقليل، وأراهن متلحفات بعباءات صغيرة، وحجاب يغطي شعورهن، وكم أحزن أن تُسلب هكذا طفولة، وتُختطف من عالمها البريء بذنب أنهن إناث، لكن لم أتوقع يوما أن يصل تشدد بعض الآباء والأمهات إلى فرض النقاب على طفلات صغيرات، لم يبلغن ولم تكبر أجسادهن لتكون فتنة!، حتى زارتني مرة سيدة بدا عليها التشدد، وبصحبتها طفلتها التي فاجأتني أنها ترتدي النقاب والعباءة من فوق الرأس، رغم ضآلة جسدها الصغير وقصر قامتها، وبدت لي في عمر سبعة أو ثمانية أعوام، وكم آلمني جدا أن أنظر لعينيها من خلف النقاب وهي تنظر لتحفة "ميكي ماوس" الموجودة على مكتبي، ورغبتها الشديدة في اللعب بها، لولا نظرة والدتها التي أخافتها، فهذه التحف بالنسبة لها من المحرمات!. إن اختطاف الطفولة من براءتها ورميها في براثن التشدد بهكذا فتاوى غريبة، وبفرض الحجاب والنقاب، وحرمانها من اللعب، هي جناية وجريمة ضد حقوق الإنسان، يجب أن يعاقب عليها من يرتكبها وإن كانوا الآباء، فليس ذنب هؤلاء الطفلات أنهن إناث، لتتم معاقبتهن باختطافهن من براءتهن، ولن تحميهن إلا فرض قوانين صارمة، تمنع التحرش بالأطفال والنساء وتعاقب عليه بشدة، وقوانين تحمي حقوقها في اللعب والصحة والنمو السوي!. فمتى يكون ذلك؟ متى يكون ذلك؟، هذا هو السؤال الذي يبقى استمراره إلى اليوم فجيعة بحذ ذاتها!. حليمة مظفر  كاتبة سعودية نقلا عن جريدة الوطن السعودية
ربما - اقضوا على النساء!
بقلم بدرية البشر
كثر الحديث عن هجمات المحتسبين ضد انضمام المرأة إلى مجلس الشورى، وضد بيع المرأة في محال الملابس الداخلية النسائية، ثم ضد عملها محاسبة صندوق في مراكز البيع التجارية، وضد عملها في الصيدلية، ثم منعت طفلة تغني في مهرجان تسويقي لأنها مثيرة للفتنة. كل هذه المواقف قد تفسرها لنا بعض أحاديث «تيار …لقراءة المزيد
كثر الحديث عن هجمات المحتسبين ضد انضمام المرأة إلى مجلس الشورى، وضد بيع المرأة في محال الملابس الداخلية النسائية، ثم ضد عملها محاسبة صندوق في مراكز البيع التجارية، وضد عملها في الصيدلية، ثم منعت طفلة تغني في مهرجان تسويقي لأنها مثيرة للفتنة. كل هذه المواقف قد تفسرها لنا بعض أحاديث «تيار اللاوعي الديني» المسؤول عن تربية الخوف في عقول الناس، فقد ظهر أخيراً في برنامج إرشادي داعية يحث على أن يغطي الوالدان وجه الطفلة ولو لم تكن قد أدركت سن البلوغ. فمن وجهة نظره «قد يمتلك جسد الطفلة علامات جمال، مثل أن تكون ذات بسطة في الجسم أو بدانة»، ثم يقول: «إن هذه العلامات في جسد الطفلة هي سبب حوادث التحرش بالأطفال داخل المنزل من أقاربهن من الدرجة الأولى»، ما الحل إذاً: قانون صارم للتحرش الجنسي، توعية مدرسية وإعلامية، وضع خط هاتفي ساخن للإبلاغ عن حالات التحرش، فتح مراكز متخصصة لعلاج ضحايا التحرش، حث المحاكم على نزع الولاية من المتحرش وتأمين بيئة آمنة للأطفال؟ لا. الحل هو تغطية وجه الطفلة، ولا أدري كيف يقول الشيخ إن الطفلة تتعرض للتحرش الجنسي داخل المنزل من قريب لا تغطي وجهها عنه، ثم يطالب بتغطيتها إذا خرجت من المنزل، ولعل هذا يذكرنا بالشيخ الذي نصح فتاة تحرش بها والدها بألا تختلي بأبيها ولا تلبس ثياباً شفافة أمامه، لأن «الأب في النهاية شاب». بهذه النصائح نكون قد سددنا الطريق أمام كل شاذ، لا بعلاج الشذوذ بل بكنس كل ما يستثيره، ونكون في النهاية قد فصّلنا مجتمعنا على مقاس التفكير الشاذ لا على مقاس الحياة الطبيعية الآمنة، التي تضمن كرامة الناس وحقوقهم وتنميتهم وسلامتهم. هذه النصائح من دعاة شباب تزعم أنها الأقرب لفهم نفسية الآباء المتحرشين، وتساهم في توجيه الرأي العام، ومع الوقت تتراكم أمام الناس نصائح وإرشادات تؤكد أن المسؤول عن الأخطار والفتن هي المرأة، فماذا نفعل بها، نخفيها، لا يكفيها. ومثل طرق محاربة قشرة الرأس المزعجة، نسعى لإلغائها من الوجود، نمنعها من الظهور في الأماكن العامة، ومن العمل في المراكز التجارية والمحال والصيدليات والمحكمة، ومن مجلس الشورى، كما نمنعهن من لعب الرياضة ونرتاح. لكن ماذا عن أسماء النساء، ماذا لو أن أسماءهن حملت أيضاً علامات إغراء؟ ماذا لو اكتشف داعية جديد أن اسم عواطف مثير للعواطف؟ وأن اسم فاتن مثير للفتنة، وأن اسم جميلة مثير للشهوة، كما أن اسم لطيفة غير محتشم، واسم بسمة متهتك. ونحن علينا دائ‍ماً أن نحتاط، والحيطة في هذا الأمر تحديداً ضرورة. قد يتوجب علينا أن نلغي الأسماء الأنثوية ونكتفي بالأرقام، ومثلما سمينا مدارس البنات بالأولى والثانية والثالثة، نسمي أيضاً الفتيات كي نبقيهن خارج إثارة الشبهات والشهوات، فأولى وثانية وثالثة ورابعة وخامسة أسماء ليس لها من دلالة ولا إغراء، لكن ماذا لو قامت بعض الفتيات المراهقات بحركة متهورة، ووفق سنن التجديد الشبابي فاكتفين برسم أسمائهن رقماً وليس حرفاً؟ ماذا يمكن أن يثير رسم رقم أربعة «المعووج» أو خمسة المدور البدين، أو تسعة الذي يغمز بعين؟ أنا شخصياً لا أضمن لكم ماذا سيحدث، لنقل: «الله يستر من طيش النساء».   balbishr@gmail.com
آبل تفرض رقابتها على كتاب عربي اعتبرته إباحيا
بقلم مها بن عبد العظيم
آبل تفرض رقابتها على كتاب عربي اعتبرته إباحيا آبل تفرض رقابتها على كتاب عربي اعتبرته إباحيا يبدو أن غلاف كتاب "برهان العسل" الشهير للسورية سلوى النعيمي لم يرق لشركة آبل التي حذفت النسخة الصادرة باللغة الإنكليزية في الولايات المتحدة من موقع مبيعات مكتبة "آي تونز ستور" للكتب الرقمية بتهمة أنه إباحي.. …لقراءة المزيد
آبل تفرض رقابتها على كتاب عربي اعتبرته إباحيا آبل تفرض رقابتها على كتاب عربي اعتبرته إباحيا يبدو أن غلاف كتاب "برهان العسل" الشهير للسورية سلوى النعيمي لم يرق لشركة آبل التي حذفت النسخة الصادرة باللغة الإنكليزية في الولايات المتحدة من موقع مبيعات مكتبة "آي تونز ستور" للكتب الرقمية بتهمة أنه إباحي..   أعلنت دار النشر الأمريكية "أوروبا إيديسيون" على موقعها في شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك أن "آبل قررت حذف نسخة "برهان العسل" للكاتبة سلوى النعيمي، والتي صدرت ترجمتها الإنكليزية عام 2009، من مكتبة "آي تونز ستور" لبيع الكتب الرقمية بسبب "الغلاف غير المناسب" . وأضاف الناشر "أغلقوا عيونكم وآذانكم فالغلاف يظهر مؤخرة" امرأة وظهرها العاريين. ومن الغريب في الأمر أن النسخة الفرنسية الصادرة عن دار "روبير لافون" للنشر في 2007 لا تزال متاحة للبيع. وكانت عدة مواقع إخبارية وصحف خاصة الناطقة بالإنكليزية أول من استنكر هذا الأمر على غرار "ذي هوفينتونغ بوست" و"ذي غارديان" التي ذكرت أنه سبق لآبل أن مارست هذا النوع من الرقابة فهي غطت بالنجوم جزء من عنوان رواية "فاجينا" أي "فرج" لناومي وولف ثم تراجعت ورفعت عنه النقاب تحت ضغط رواد الإنترنت. وأكدت "روبير لافون" أنها تعد بيانا في الغرض "نستغرب فيه كيف تمنع آبل أمريكا غلافا تتيحه آبل فرنسا... ونستغرب الرقابة الآلية العبثية التي تمارسها آبل على بعض العناوين والتي تطال حتى كتب الأطفال، فتحذف مثلا "نيك" من عنوان "بيك نيك"" وتعني "بيك نيك" بالفرنسية "رحلة في الطبيعة". وعرفت شركة "آبل" بعفتها لمنعها بعض التطبيقات التي اعتبرتها خادشة للحياء من هواتفها الذكية. وتواترت ردود فعل القراء على موقع "أوروبا إيديسيون" حول القضية فأكد أحدهم أن "الأمر ليس مفاجأ فقد اعتادت الشركة هذا السلوك منذ إطلاقها أول "آي فون" وهو أحد الأسباب التي جعلت الأشخاص المهتمين بالتكنولوجيا الرقمية يكرهونها تدريجيا". وندد آخرون بما أسموه "عار آبل" و"سخافتها" فأضاف أحدهم "قرأت الكتاب قبل بضعة أشهر ولم أجد فيه أي شيء صادما... ماذا يجري اليوم؟ هل نحن نعيش حقا في القرن الـ 21 ؟" وأضافت ثالثة "دعوني أتثبت من الروزنامة، فهل هي "كذبة نيسان"؟".. أول كتاب عربي يخضع لرقابة غربية ولعل الجديد في الأمر أن "برهان العسل" هو أول كتاب عربي يخضع لرقابة "غربية". فتعود رواية سلوى النعيمي مرة أخرى إلى الواجهة لتفجر الجدل بعد أن هزت العالم العربي بعد صدورها في 2007 عن دار رياض الريس بلبنان ثم ذاع صيتها عبر العالم وترجمت إلى 19 لغة. واتصلنا بالكاتبة سلوى النعيمي فقالت إن "الأمر بالغ الخطورة" ثم أضافت مازحة "يبدو أن خطورة كتابي صارت عالمية". وأكدت لنا سلوى النعيمي أنها المرة الأولى التي تتعرض فيها للرقابة الغربية بعد أن منع كتابها في بعض البلدان العربية إثر صدوره ونفترض أن الأسباب كانت مخالفة لدوافع آبل وإن كانت لا تبعد عنها شكلا، فسلوى النعيمي أبرزت عبر كتابها مكانة الجسد والجنس في الثقافة العربية والإسلامية في حياة امرأة معاصرة عبر القرآن والأحاديث النبوية وكتب السيوطي والتيفاشي وغيرها من المخزون الجماعي الذي كان أكثر حرية في تناول موضوع الجنس من مجتمعاتنا اليوم المكبلة بالتابوهات. وكان لـ"برهان العسل" الفضل في إفادة العرب والمسلمين بما يجهلونه أو نسوه عن حضارتهم ومن جهة أخرى في إسقاط الأفكار المسبقة التي يملكها الغرب عنها والتي عادة ما يعتبر انغلاق المجتمعات ومحرماتها عائدة إلى الإسلام وطبيعة الثقافة العربية... وأخبرتنا سلوى النعيمي بأنها لم تكن يوما تتوقع أنها ستتعرض يوما للرقابة في بلد غربي "ولا في بلد عربي" وأن "ردود فعل القراء والنقاد على جميع مستوياتها، سلبية كانت أو إيجابية، تتعلق بأهمية ما جاء في برهان العسل وأظن أنه لم يرد في أي عمل وهو الربط بين الحرية الجنسية والثقافة العربية الإسلامية. أنا حرة لأنني بنت هذه الثقافة". ورأت سلوى النعيمي في الأمر "فضيحة" وقالت "تعودنا نحن الكتّاب العرب على عشوائية الرقابة فليس هناك أي قانون يضبطها، عندما منع كتابي في سوريا، كان هناك 40 كتابا ممنوعا في نفس الوقت ولأسباب متعددة ومختلفة". وسألناها إذا كانت ترجح أن لخطوة آبل علاقة بأصولها السورية أجابت أنها لا تعرف أبدا حقيقة دوافع الشركة وأن "الرقابة أيا كان البلد الذي يمارسها وإن كانت الولايات المتحدة تبقى غبية، فهي مجرد خوف من ردود فعل وشكاوى بعض القراء...". وأضافت سلوى النعيمي أن الرقابة غبية لأنها في كل مرة تمارس فيها ترتفع المبيعات لأنها تحفز الناس على الفضول. وقررت دار "أوروبا إيديسيون" كرد على عبثية الموقف إتاحة شركات أخرى غير آبل بيع الرواية بأسعار أرخص حتى يتمكن القراء بأنفسهم من التثبت إذا كان الغلاف يناسبهم أم لا"، ثم أعلنت دار النشر في وقت لاحق أن كل المكتبات الرقمية رفضت تسويق الكتاب معتبرة أن محتواه وأسلوبه إباحيان وأنهما فضيحة. وقالت دار "أوروبا" أن "العار اليوم لم يعد يقتصر على آبل وحدها". ونددت دار النشر "ببعض الباعة الذين يقبلون تسويق كتب أخرى أقل قيمة" من كتاب سلوى النعيمي "لأنها تستغل المادة الإباحية للاستفزاز في حين ترفض "برهان العسل" الريادي". وحول موقفها من الديمقراطية الغربية وهي متحدرة من بلاد تطالب بها اليوم بقوة اكتفت سلوى النعيمي بالإجابة "إن منطق ومقاييس المبيعات لا يطبق على المجتمعات". فماذا يكون مصير كتابها الجديد "شبه الجزيرة العربية" الذي صدر قبل بضعة أشهر عن رياض الريس والذي يصدر عن "روبير لافون" في نسخته الفرنسية في 17 يناير/كانون الثاني المقبل، مع "أي تيونز ستور" وهو يمزج بين المجال السياسي والمجال الحميمي... ؟ وربما جاءت الإجابة في حديث استباقي بين شخصيات "برهان العسل" فتقول زميلة البطلة الروائية والراوية إن الرقابة قد تمنع نشر الكتاب. فتجيب أنها ستصبح مشهورة إذا كانت الرقابة على هذا المستوى من الغباء. فرب رواية تجاوز خيالها واقعنا... عن فرانس 24
ما الفرق بين المسلمين و بني إسرائيل؟
بقلم حكيم خالد
هل فعلا هناك فرق بين "المسلمين" و بين بني إسرائيل؟؟. التاريخ و الواقع الذي يثبته النص القرآني يقول أنهما وجهان لسلعة واحدة، كلاهما محجف و متسلط و ناكر للحقيقة، و كلاهما يدعي اليقين الزائف. من يقرأ النص القرآني بعقله، سيدرك كم هو ملفت للإنتباه كثرة الحديث عن بي أسرائيل، و إن تعدى حدود الفهم الموروث …لقراءة المزيد
هل فعلا هناك فرق بين "المسلمين" و بين بني إسرائيل؟؟. التاريخ و الواقع الذي يثبته النص القرآني يقول أنهما وجهان لسلعة واحدة، كلاهما محجف و متسلط و ناكر للحقيقة، و كلاهما يدعي اليقين الزائف. من يقرأ النص القرآني بعقله، سيدرك كم هو ملفت للإنتباه كثرة الحديث عن بي أسرائيل، و إن تعدى حدود الفهم الموروث في رأسه سيدرك أن هذا التكرار له سبب واضح، و هو أن بعد 3000 سنة، سيتحول "المسلمون" الذين ذكرهم القرآن "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ"، إلى صورة طبق الأصل لبني إسرائيل الذين قال عنهم الله "وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ"..بعد 3000 سنة يسلك "المسلمون" نفس مسلك بني إسرائيل، و يتلاقوا معا في النقاط كلها. الشرك: قال الله عن بني اسرائيل "ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ". أي اتخذت مجوعة من بني اسرائيل نبي الله موسى واتباعه مشرعين من دون الله ، فكتبوا كتبا مثل التلمود و غيره تحكي سيرة موسى و اتباعه و اصبحت جزء من الدين عندهم ، و كذلك اتخذوا المسيح و بعض تلامذته و أتباعهم أربابا ، فوضعوا كلامهم في صف واحد مع كلام الله. في المقابل أمر الله المسلمين أن لا يقعوا بنفس الشيء، بقوله (وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِٱلْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ) ، إلا أنهم مباشرة جعلوا محمد عليه السلام واصحابه والتابعين أربابا مع (و حتى من دون) الله ، فألفوا عنعنات البخاري و غيره، و روايات الملائكة الي نزعت المعصية و الكفر من جسد محمد و هو صغير، و اخترعوا الناسخ و المنسوخ، و قتلوا من ارتد عن دينه ، و أحلوا دماء الناس بهدف هدايتهم للدين. الكذب على الله: يقول الله عن بني اسرائيل "وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِٱلْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللًّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ". في المقابل قال الله للمسلمين (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلْمُجْرِمُونَ " لكن المسلمين ألفوا الخرافات و نسبوها الى الله مباشرة فيما يسمونها أحاديث قدسية، و أشهرها أحاديث المعراج المزعوم. التحايل: قال الله عن بني اسرائيل "خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ". في المقابل يقول للمسلمين "وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ". أي كما شرب بنو إسرائيل دم العجل، فقد شرب المسلمون حبر الأحاديث و المرويات، و اتهموا القرءان أنه حمال أوجه. نبذ الرسالة الحقيقية: يقول عن بني اسرائيل "مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ". كذلك "وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ"..في المقابل يقول عن المسلمين "وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ مَهْجُوراً"، و قوه أيضا " أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ" الاعتداء على الاخرين: يقول عن بني اسرائيل "لُعِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ"..في المقابل يأمر الله أمر المسلمين بقوله (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ) ، لكن المسلمين قاموا بالاعتداء على مئات الامم باسم الفتوحات، ومازالوا بحجة نشر الدين. تزكية البشرعلى الله: قوله "وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ".. في المقابل يأمر المسلمين بقوله "فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ"، لكن المسلمين ألصقوا بإسم الصحابة مقولة (رضي الله عنه ) و اخترعوا قصة العشرة المبشرين ، و التي لم تعجب الشيعة فألفوا قصة الائمة الاثني عشر، و كلهم كانوا سبب الحروب الدموية بينهم التي استمرت دهورا و مازالت مستمرة الى الأن بين السنة و الشيعة. يهودي و نصراني مقابل سني و شيعي: قال لبني إسرائيل "يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ وَٱلإنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ * ... * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ". في المقابل يقول للمسلمين " وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ" لكنهم تعسكروا بين سنة و شيعة، و تناسوا أن محمد هو مثل ابراهيم كان حنيفا مسلما. أكذوبة عدم الخلود في النار: قال عن بني إسرائيل "ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ". في المقابل قال عن المسلمين "بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"، لكنهم ألفوا قصص شفاعة الرسول و أنه سيخرجهم من الجحيم. الإستخفاف بمن يريد الإصلاح قال الله على لسان بني اسرائيل و هم يردون على موسى "أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا" أي وجودك أو عدمه لن ينفعنا. في المقابل يرد المسلمون على محمد "إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ". و بعد كل هذا العنف و التسلط و اتباع الفكر المزيف من بني إسرائيل يقطعهم الله إلى أمم في الأرض "وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً". تماما هي نتيجة المسلمين اليوم بفعل تسلطهم و فكرهم المزيف، فهم اليوم مقطعون إلى أمم، و منها دويلات أصغر من بيت النمل!!!
الروائية السورية سمر يزبك تفوز بجائزة " بن بنتر" للشجاعة الأدبية
بقلم نيل ماك فاركهار*
  بالنسبة لضابط البوليس السري الكبير الذي ظل يصفعها عدة مرات حتى تهاوت قدماها، كانت سمر يزبك خائنة، فالمشاركة في مظاهرات مناهضة للنظام كانت في رأيه فعلا سيئا بما يكفي، إلا أن ما جعل هذا الفعل يصل إلى مرتبة الخيانة العظمى المشينة إلى أبعد حد في نظر ذلك الضابط هو أن سمر يزبك كانت من بين القلة …لقراءة المزيد
  بالنسبة لضابط البوليس السري الكبير الذي ظل يصفعها عدة مرات حتى تهاوت قدماها، كانت سمر يزبك خائنة، فالمشاركة في مظاهرات مناهضة للنظام كانت في رأيه فعلا سيئا بما يكفي، إلا أن ما جعل هذا الفعل يصل إلى مرتبة الخيانة العظمى المشينة إلى أبعد حد في نظر ذلك الضابط هو أن سمر يزبك كانت من بين القلة القليلة من العلويين البارزين الذين جاهروا بخروجهم على النظام. فبعد بداية جادة عام 1970، حينما استولى حافظ الأسد على الرئاسة في انقلاب عسكري، انتزع العلويون سوريا من قبضة سادتها التاريخيين من الطائفة السنية، وبالتالي فمن الممكن أن يخسروا كل شيء إذا ما عاد السنة إلى السلطة. وكان من بين ما صاح به الضابط في وجهها «أنت نقطة سوداء في جبين جميع العلويين»، ثم استدعى رجلين مفتولي العضلات اقتادا سمر يزبك إلى سلسلة من زنازين التعذيب المبنية تحت الأرض كنوع من الوعيد المؤلم. وقد روت أنها وجدت في الزنزانة الأولى 3 شباب أجسادهم نصف عارية ومعلقين من أيديهم في السقف إلى درجة أن أصابع أقدامهم كانت بالكاد تلامس الأرض. وكتبت سمر يزبك في مذكراتها التي نشرت مؤخرا عن أول 4 أشهر للثورة السورية بعنوان «امرأة في تقاطع النيران»: «كانت الدماء تسيل من أجسادهم، دماء طازجة، ودماء جافة، وجراح عميقة في جميع أنحاء أجسادهم، كما لو كانت ضربات ريشة رسام تجريدي. فجأة حاول واحد من هؤلاء الشباب أن يرفع رأسه في وهن، فرأيت وجهه على خيوط الضوء الخافت. لم يكن لديه وجه: كانت عيناه مقفلتان تماما، وكانت هناك مساحة فارغة في المكان الذي كان من المفترض أن يكون أنفه، ولم تكن هناك أي شفاه». وانهارت سمر يزبك (42 عاما) أمام ذلك المشهد، فأوقفوها على قدميها من جديد كي تواصل جولتها داخل ذلك المجزر، في واحد من أبشع الأيام التي روتها داخل ذلك الكتاب، الذي يعتبر تأريخا مبكرا نادرا للثورة من الداخل. وسواء في الكتاب أو في حياتها الحقيقية، تتذبذب الروائية سمر يزبك بين اعتناقها للشعار العلوي ورفضها له، حيث كرهت ما يجري من تلوين للثورة بألوان طائفية، وهو شعور سائد بين ذلك العدد المحدود من العلويين الذين أعلنوا انضمامهم إلى الثورة. وقد ذكرت باللغة العربية وهي تتناول القهوة داخل فندق في منطقة ميدتاون مانهاتن: «لم أكن أهتم أبدا بما إذا كنت علوية أم لا. لقد كان الأمر كما لو أن شخصا يقول إن لديك عينان زرقاوان». وقد كان تأييد الحركة الاحتجاجية السلمية التي انطلقت في شهر مارس (آذار) عام 2011 أمرا نادر الحدوث بين الأقلية العلوية، التي تمثل نحو 12 في المائة من سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليون نسمة، فرغم كل شيء، فإن الرواية الرسمية عن الثورة تقول بأن عصابات الإرهابيين السنة القادمة من الخارج تسعى إلى إسقاط النظام. إلا أن سمر يزبك تقول: «بدأت أقول إنني علوية وإنني مع الثورة». ولم تكن هذه هي أول مرة تواجه فيها مصاعب في حياتها، فقد ولدت سمر — التي تمتلك ملامح جميلة مثل كثيرين من أبناء المدن الساحلية السورية — في أسرة بارزة بدأت ثرواتها في التضاؤل بعد أن قام جدها طواعية بتوزيع أراضيه الشاسعة على الفلاحين الذين كانوا يعملون فيها (وقد كانت إحدى قريباتها من بعيد متزوجة من أسامة بن لادن). وكانت سمر واحدة من 5 أشقاء و3 شقيقات، وقد فرت من المنزل وهي في عمر 16 عاما وتزوجت وهي في عمر 20 عاما، ثم طلقت بعدها بعامين، فاصطحبت طفلتها الرضيعة معها إلى دمشق، وهي تقول إنها كانت عازمة على المحاربة من أجل حقوق المرأة، «من أجل التصدي لوضعها في العالم العربي». وفي نهاية المطاف كان رصيدها قد وصل إلى ما يقرب من 12 كتابا، منها 5 روايات، وقد حصلت الشهر الماضي على «جائزة بن بنتر الأدبية للكاتب الدولي الشجاع»، إلا أن السلطات منعت نشر كثير من هذه الأعمال، حيث كسرت سمر يزبك قيود المحرمات بالكتابة عن علاقات الجنسية المثلية بين النساء، كما استعانت بالأدب القصصي في استكشاف التجربة العلوية. وقد تحدثت في واحدة من رواياتها الطموحة عن تفاصيل علاقة عاطفية بين ممثلة وضابط كبير، وكلاهما من العلويين وكلاهما لم يتم إخفاؤه كثيرا عن الواقع، ومن بين التغييرات الأخرى في الحبكة الدرامية أن الاثنين كانا يصران على أنهما سبق أن التقيا كعاشقين مرات كثيرة على مر القرون، فالعلويون على عكس معظم المسلمين يؤمنون بتناسخ الأرواح. وحتى قبل الثورة، كانت سمر يزبك تقول بأن حكم عائلة الأسد أفقر العلويين، وقد اعتادت على الغضب الذي كان يجلبه ذلك عليها شخصيا، إلا أنها لم تكن متأهبة للمضايقات التي انصبت فجأة فوق رأس أسرتها بعد اندلاع الثورة، حيث وزعت منشورات تطالب برأسها في جميع أنحاء المناطق العلوية الساحلية، ومن بينها مسقط رأسها مدينة جبلة التي تقع بالقرب من اللاذقية. وقد صاحت مدرسة في وجه ابنة أخيها ذات مرة قائلة لها إن عمتها «عاهرة». وفي النهاية قبلت سمر يزبك بأن يعلن أفراد أسرتها التبرؤ منها من أجل الحفاظ على حياتهم، إلا أنها لم تستطع تحمل التهديدات التي تعرضت لها ابنتها، التي أصبح عمرها الآن 19 عاما، ولا المشاهد المبكية لابنتها الخائفة وهي تحاول منعها من الذهاب إلى المزيد من المظاهرات. غير أن سمر يزبك كانت عازمة على أن تصبح مؤرخة للحركة الاحتجاجية السلمية، وقد تحملت مخاطر كبيرة من أجل القيام بذلك، ففي بعض الأحيان على سبيل المثال، كانت تمثل أنها بكماء حتى تتمكن من المرور عبر نقاط التفتيش. ويصف الكتاب تفاصيل مؤلمة عن هذه المواجهات المصيرية، منها أن متظاهرا شابا إلى جوارها مباشرة أصيب بطلقة نارية أودت بحياته من بندقية قناص تابع للنظام. وهي تقول: «كنت أعلم أنه نظام قمعي، لكنني صدمت نفسيا في البداية من رؤية الناس وهم يقتلون أمامي». وقد أصابها الذهول من السرعة التي تحركت بها قوات الأمن لضرب المتظاهرين دون أي قدر من الإحساس، وكتبت: «لم أظن أبدا أن عمليات القتل يمكن أن تنتشر فجأة في الشوارع مثل الأشجار. كيف جعلت أجهزة الأمن الناس بمثل هذه الوحشية؟» وقد اضطرت إلى الاعتماد على الأدوية المنومة حتى تتمكن من النوم، وظلت تتنقل من منزل إلى آخر في محاولة ساذجة منها للهروب من البوليس السري، وحينما كانت تمشي في أي شارع من الشوارع، كانت تلاحظ أنها تنظر باستمرار إلى أسطح البنايات بحثا عن القناصة، وقالت وهي تفكر في حياتها إنها رواية أكثر واقعية من كل ما يمكنها أن تؤلفه على الإطلاق. وكثيرا ما كانت تشعر بالوحدة، حيث كتبت: «أنا مجرد امرأة في هذا العالم الصغير تعيش بمفردها مع ابنتها. ما أضيق هذا المكان على روحي. يمكنني تقريبا أن أمد يدي خارجه وألمس السماء». وتنتهي هذه المذكرات في شهر يوليو (تموز) عام 2011 حينما فرت إلى باريس، إلا أنها ظلت منذ ذلك الحين تتسلل عائدة إلى شمال سوريا، مما أثار مشاجرات مع أصدقائها، حيث تقول رانيا سمارة مترجمة الفرنسية التي تستعين بها وصديقتها منذ 20 عاما: «أخبرتها أنها فقط تحاول إظهار نفسها. لقد سألتها ما الذي تحاول إثباته، وهو أنها ما زالت جزءا من المعركة، مما يجعلها تخاطر بحياتها من أجل الاستجابة لمن يقولون إنه ينبغي عليها البقاء؟» وتقول رانيا سمارة إنها ظلت تتصل بها يوميا لمدة 10 أيام تقريبا، مضيفة: «لقد قلت لها إنها مجنونة، وإنه ينبغي ألا تقوم بهذه المخاطرة، وإن لديها ابنة، وإنني لن أكون مسؤولة إذا حدث أي شيء». وقد شعرت سمر يزبك بالغضب، إلا أن هذا لم يثنها عن رأيها، إذ تؤكد رانيا سمارة: «لديها فكرة واضحة للغاية عما تريد فعله وما لا بد من فعله. إنها شجاعة ومخلصة. كل ما تفعله تفعله باقتناع وإخلاص». إلا أن مشاعرها ما زالت مشاعر فطرية، ففي الكلمة الافتتاحية التي ألقتها أمام حلقة نقاشية في «معهد السلام الدولي» هنا، انفجرت في البكاء بمجرد أن بدأت في الحديث عن صمود الشعب السوري، رغم الثمن المروع الذي يدفعه. ومثل كثير من السوريين، فهي تلقي باللائمة على الغرب، متهمة إياه بالفشل الأخلاقي لعدم التوسط في الأمر، وقالت إن الغرب لم يتحرك لأن سوريا ليس لديها نفط ولأن إسرائيل تريد أن تراها ممزقة. ووصفت سمر يزبك المخاوف المتعلقة بمن قد يسيطر على سوريا في يوم من الأيام بأنها حجة واهية، قائلة إن الناس الذين يديرون العشرات من لجان التنسيق المحلية التي نظمت الثورة سوف يتقدمون ليكونوا الجيل التالي من الزعماء السياسيين، إلا أن أكثر ما يشغلهم في الوقت الراهن هو البقاء على قيد الحياة حتى يمكن أن يعتنوا بأمر العملية الانتقالية. وقد صرحت في نهاية الحوار ودموعها تسيل مرة أخرى: «نحن نريد الديمقراطية. بعد كل هذه البطولة وبعد كل هذه الفوضى، الشعب السوري يستحق ذلك، يستحق أن يعيش بطريقة عادلة وشرعية وحرة. إن ما مروا به هو ثمن بسيط يدفعونه من أجل بلوغ ذلك الهدف». نقلا عن الشرق الأوسط *خدمة «نيويورك تايمز»
المرض الفرنسي
بقلم سليم بوفنداسة
ألقى أيقونة السينما الفرنسية جيرار دي بارديو بجواز سفره في وجه حكام بلاده متخفّفا من انتماء ثقيل إلى بلد كثيرا ما رفع شعار العدالة والأخوة والمساواة، و لم تكن ممارسات صناع القرار فيه كذلك، بل أن الشعار يطبق معكوسا في أغلب الأحيان. الفنان الكبير استهجن استعارة  رئيس الحكومة مصطلح الحقارة لوصف …لقراءة المزيد
ألقى أيقونة السينما الفرنسية جيرار دي بارديو بجواز سفره في وجه حكام بلاده متخفّفا من انتماء ثقيل إلى بلد كثيرا ما رفع شعار العدالة والأخوة والمساواة، و لم تكن ممارسات صناع القرار فيه كذلك، بل أن الشعار يطبق معكوسا في أغلب الأحيان. الفنان الكبير استهجن استعارة  رئيس الحكومة مصطلح الحقارة لوصف قرار انتقاله للعيش في بلجيكا هربا من سطوة الضرائب، و رد عليه برسالة تاريخية سيذكرها الفرنسيون طويلا، قال فيها ما ملخصه: من أنت لتقول لي ما قلت لي، قبل أن يؤكد بأنه لم يقتل أحدا، ولم يقصر، وظل لمدة خمس وأربعين سنة يدفع الضرائب، وفوق ذلك يوظف عشرات الناس. "سأرحل لأنكم تعتبرون، النجاح والإبداع والتفوق والاختلاف عموما، سلوكات تستوجب العقاب". دي بارديو ذهب في تبرير قراره بالتخلي عن الجنسية الفرنسية إلى حد التأكيد بأن البلد الذي أحبه ليس هو نفس البلد الذي يطرد نخبه:" سأعيد لكم جواز سفري وبطاقة التأمين التي لم استخدمها أبدا، لم يعد لنا نفس الوطن، إنني أوروبي حقيقي، إنني مواطن عالمي، كما رسخ لي ذلك أبي ". ثمة بلاغة في التخلي عن الأوطان يثريها بطل سيرانو دو برجراك، وثمة درس يقدمه لمحبي فرنسا إلى حدّ التهافت مؤداه أن فرنسا بلد قابل للترك، أيضا، وأن بالإمكان هجرها ليس للإقامة في أمريكا بل للإقامة في بلجيكا التي طالما ألهمت الفرنسيين في إطلاق النكت. يعلمنا بطل فيلم "الرجل ذو القناع الحديدي" أن "العالم واسع خلف جدران باريس" كما قال بذلك قديما كاتب من الجنوب اسمه محمد ديب رفضته المنظومة الفرنسية رغم أنه كان من خيرة من كتبوا باللغة الفرنسية في زمنه. وربما كان في ذلك تنبيه لغافلين يصعب تنبيههم، تحولت فرنسا،  بالنسبة لهم، إلى مرض وهم ليس بالضرورة، من العاطلين الذين يبحثون عن حياة كريمة خلف البحر ( وذلك من حقهم على أية حال) ولكن من النخب السياسية والإعلامية والثقافية التي تضع المرجعيات الفرنسية في خانة المقدس. فرنسا القابلة للترك، فرنسا المفلسة الآن لازالت تؤثر على مستعمراتها القديمة تأثيرا مأساويا، وتكفي مراجعة التراشق الاعلامي بين الصحافة المغربية والجزائرية حول من تحبه فرنسا أكثر، لنفهم أن فرنسا لازالت تحتل مساحة شاسعة من الأرواح في الجنوب العاجز عن تدبير شأنه. فرنسا لا تحب الجزائر ولا تحب المغرب، ولكنها تحب الثروات الجزائرية  ويحب دبلوماسيوها  قصور المغرب وليالي الأنس في المغرب. ملاحظة حين نتدرب على حب أنفسنا سنشفى من حب فرنسا. 
ألبوم «غزل» لماجدة الرومي، صوت الاختلاف في الأغنية العربية
بقلم  فاطمة ابريهوم
من منا يستطيع أن يجزم اليوم أنه يعرف أين وصلت الموسيقى والغناء؟ومن من الملحنين يقدر أن يتحكم في توحيد ذوق ملايين الناس كما حدث سا بقا؟ أظن أنه عدا الأغنية الغربية الحائزة على كل إمكانيات التطور والريادة،الريادة التي تجعل من الغناء في كل الدنيا صدى لا أغنية تقدر على ذلك..حتى يكاد يكون كل الغناء …لقراءة المزيد
من منا يستطيع أن يجزم اليوم أنه يعرف أين وصلت الموسيقى والغناء؟ومن من الملحنين يقدر أن يتحكم في توحيد ذوق ملايين الناس كما حدث سا بقا؟ أظن أنه عدا الأغنية الغربية الحائزة على كل إمكانيات التطور والريادة،الريادة التي تجعل من الغناء في كل الدنيا صدى لا أغنية تقدر على ذلك..حتى يكاد يكون كل الغناء اليوم ترجيع  لها يتذبذب بين الرداءة والتقليد الحسن لاسيما في الثقافة العربية؟؟ليصير من الصعب على المطربين والمطربات أصحاب الأصوات الجميلة المثقفة الحفاظ على ما اختاروا وأكثر تجاوزه وفتح أبواب الإبداع..هذه أسئلة سكنتني وأنا أستمع لألبوم «غزل» للمطربة ماجدة الرومي. لا تفاجؤنا ماجده الرومي في ألبوم»غزل» بمعنى لاتغادر جزيرتها التي سكنتها منذ أعوام حتى وهي لا تقدم على القفزة الأخرى أي تجاوز ما قدمت لحد الآن. فأجد الأغنيات امتداد لما فات من أعمالها:
فبين قصائد عمودية فصيحة، وأخرى عامية لا تبرح بنا ما عرفنا من الغزل لحد  الآن  في الشعر العربي وفي الثقافة العربية وإن كانت الكلمات العامية أكثر جرأة في طرحها في  مزاوجة  مع الألحان الغربية، وهي المعادلة التي أتقتنتها المدرسة اللبنانية. نحو أغنية «تتغير الدقايق» و»بس قلك حبيبي»التي تعترف الحبيبة بأن حبها يطغى على تفكيرها وإحساسها في حياتها وهي كما الحب عندنا دائما ينسينا الحياة ولا يضيف لها ولا يغيرها.
مع «متغير ومحيرني «نعود إلى  التويست في بعد آخر لعذاب الحب المفرح وصبر المرأة على انتظارا لرجل ..وقت يحضى هو بالمغامرة وكل الاحتمالات لتركها وبدء حياة جديدة.ولعلها ثنائية الحياة منذ أول رجل خرج إلى الصيد والمغامرة وبقيت المرأة لتحفظ الحياة والتقاليد؟
أما» في العالم إلنا «تعرج بنا الماجدة إلى الموسيقى الروسية وانسياب الفالس:
غمض عينيك.. وتصور إنه ها العالم إلنا..
وإني بإيديك ..وأنه اللييل المجنون مغازلنا
صورني عيد وأنت شمعة مضوية بعيدي..
صورني زهرة نار..وأنت نارها
ونفس الأسلوب السيمفوني.. بنغمة حالمة وأقل قوة  في «قبلني هيك»
نجد مقدمة «عيناك» الموسيقية  في»الطير طربا يغرد» لتعود بنا إلى التغزل بالطبيعة وسكرتنا بجمالها والاسترخاء بين أحضانها..في وجه من وجوه المتعة والسكينة مصرة على امساكها بذوقها في الغناء والأداء.
وتطربنا في ثنائي مع صوت رجالي يبدو أنه لا مفر من وجوده في تجربة الفنانين اليوم تغني ماجدة «سلونا»في موضوع يشترك فيه الرجال والنساء ؛ فتصور الشوق إلى الصحبة والسهر والبعد عن عذاب الشباب، ومشاكل الحياة:سلونا وعادت لنا زواهي المنى..وأشرقت بالجمال...إلخ
وكما لازمة لا يحلو الحديث عن الحب إلا بها  لا نتحرر في «غزل» من الغيرة المرض الأبدي للحب في «لا ماتقلي حبيتها»
وكذلك تعود في أغنية»على قلبي ملك»إلى الفارس صاحب الحصان الذي يكون مكافأة للحب والوفاء.
لعل «لا ماراح أزعل عشي.. «هي الأغنية الوحيدة التي ترفض الانصياع للجراح وإتباع أصواتها المكبلة للأرواح ..  حيث الحب مجرد تجربة أخرى من تجارب الحياة  فتأتي هذه الحبية معترفة بالحب دون دموع التذلل بل لتهدي شموعا للعتمة وتحيا في سلام الحب إذا ما أتيح لها، وإلا فهي تؤمن أن الغد دائما أجمل، ومن إيمانها تستمر في معركة الحياة حتى تحقق ما يعيش في داخلها وينجز اكتمالها.
تنتفض الحبيبة لكرامة حبها وبعزة قرون ماضية تغني»لوتعرف» كأنما لتؤكد لحبيب غير مبال أي كنوز ضيع وهو مغروم فقط بنفسه من فرط أنانيته، وحبه الامتلاك لا يفعل سوى يجمع قلوبا يتباهى بها ..
بصوتها الأنضج والأكثر ثقة تغني بالعربية والفرنسيةnous sommes les amis du monde في «بلادي أنا» لبنان الحب ، المدين للعنصرية  والضيق ،لبنان صديق العالم وحبيب السلام.
وأما نشيد الشهداء فختام هذا الألبوم الذي تسجل فيه ماجدة أخرى  مرة  اختلافها وسط هذه التبدلات الذوقية المتسارعة في يومنا ،وأذواقنا المنفتحة على أكثر من ثقافة وأغزر من مقام أكثر طربا من ألحاننا المعادة الملحونة من ألاف السنين..
نقلا عن جريدة النصر الجزائرية
السكس العربي
بقلم سهيلة بورزق
من هي الكاتبة العربية التي تستحق الامتياز في حضورها الأدبي والفكري وفي صدقها العارم الفاضح لهندسة اللغة والمعنى و الفواصل؟ من هي الكاتبة العربية التي تستحق أن توصف بالاستثنائية في خروجها عن الحصار المشيَّد حولها منذ قرون لكي لا يُسمع لها صوت؟ هل يلزم هذه الكاتبة أن تكون ديناصورة الشخصية في مجتمع …لقراءة المزيد
من هي الكاتبة العربية التي تستحق الامتياز في حضورها الأدبي والفكري وفي صدقها العارم الفاضح لهندسة اللغة والمعنى و الفواصل؟ من هي الكاتبة العربية التي تستحق أن توصف بالاستثنائية في خروجها عن الحصار المشيَّد حولها منذ قرون لكي لا يُسمع لها صوت؟ هل يلزم هذه الكاتبة أن تكون ديناصورة الشخصية في مجتمع تتحكم فيه السلطة التحتية؟ فكل شيء يبدأ عندنا من التحت، وبالتالي أية كاتبة في أي طور من أطوار تجربتها الكتابية ستوصف بالـ "القحبة"، وسيحاول النقاد خلق ألف وجه لها بأوصاف جد مختلفة تصل جميعها إلى قاع المنطق التحتي "السِّكْسوعربي"، أنا من دعاة الكتابة بعُرْي فليصفوني كما يشاؤون، معقدة أو بائعة متعة، أنا لا أشك أبداً في أن الكتابة جنون تستوحي رمزيتها من الشعور بالأمان، وقلب الكاتب في رضاه عن ذاته وهو يغتصب القبح والجمال معاً على صفحة من نبض. الكتابة عملية خلق لكيان الفكرة المنبثقة من لغة تسمو بالمعنى إلى الروح وتغدو سلطة في عمقها، إذن كيف أكتب وأنا مملوءة خوفاً من قارئٍ ما يتربص بأخلاقي؟ رغم أن الكتابة لا تتطلب أخلاقاً معينة بقدر ما تتطلب لحظة صدق ومتعة. الصدق هو التحرر من العقد الذاتية، والمتعة هي الإصرار على البوح، إذن فأنا لست ملزمة بتغطية المكشوف حتى يقال عني "ملتزمة" لأنني لا أؤمن بغير الجمال. وصفني شاعر سوري بـ" القحبةالإلكترونية" لدواعٍ خسيسة في نفسه ولأن إنسانيته مشطورة إلى أضداد، فهو لا يزال يبحث عن هوية لرجولته كبغل يحلم أن يصير حصاناً، أعتقد أننا أمام ظاهرة تهريجية يقودها البعض من أصحاب الخيال الواسع بلغة التحت، أو ربما يكون الفقر الروحي والعقلي هما سبب انتشار كوليرا اللاأدب. اسمحولي أن أقول إن الكاتبة العربية اليوم بحاجة إلى الخروج من جلباب النقد الذكوري الذي له الحق في رفعها الى مصاف العظماء أو إعدامها بمشرط الشرف والفضيلة، وبيت القصيد هنا يؤكد أن الثقافة العربية تستمد قوتها من عنصر واحد فقط تراه ذا فعالية مباشرة هو الكاتب العربي. إذن لماذا يتغنون في كل مناسبة بأن الكتابة حفلة واحدة مستمرة بحضور جميع نسوان الأدب وجميع ذكور البط؟ الكتابة عندنا ما زالت مرتبطة بأخلاق معينة يسطرها الرجل الكاتب لكي تمتهنها الكاتبة إرضاء لمجتمع مريض، وهنا يتحتم عليّ طرح أسئلة عامة وهي: لماذا تكتب المرأة ولمن؟ هل تكتب لمشاطرة العالم أحزانه؟ أم تكتب لتحقيق ذاتها؟ أم تكتب لتتجنب الكآبة؟ أم تكتب لتصمت بعد الزواج قهراً؟ أم تكتب لتحلم بصوت مقروء؟ أم تكتب لتصير نجمة عالية من غير بريق؟ أم ماذا؟ هل حقاً الصدق في الوسط الأدبي العربي معدوم؟ لماذا نتكالب إذن، وباسم ماذا، ونحن أحطّ الأمم؟ إذا كنت أنا "قحبة إلكترونية" كما وصفني الشاعر السوري فهل سأفكر في الاعتزال حتى أرضي المجتمع فيه؟ إننا أمام ظاهرة مرضية مرعبة تبدأ لدى المرأة بالكتابة لتنتهي بغسل الصحون، وتبدأ لدى الرجل بالغيرة لتنتهي بإعدام جميع نصوص النساء بذريعة الشرف، فالشرف عندنا غصّة لا تنتهي وإن انقرضنا. http://www.facebook.com/pages/Souheila-Bourezg-%D8%B3%D9%87%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D8%A8%D9%88%D8%B1%D8%B2%D9%82/222080734506807
معرض بيروت العربي الدولي للكتاب 56 هل ينقذه المجد الخاوي؟
يفتتح اليوم في بيروت معرض الكتاب العربي الدولي في عامه السادس والخمسين، وتشارك فيه 181 دار نشر لبنانية و63 دار نشر عربية، وخمس دول عربية بصفة رسمية، ومعها المؤسسات الثقافية والعلمية التابعة لها، وتشارك فيه أيضاً هيئات ومؤسسات ثقافية وعلمية من القطاع الخاص من تلك الدول، بالإضافة إلى مؤسسات ذات طابع …لقراءة المزيد
يفتتح اليوم في بيروت معرض الكتاب العربي الدولي في عامه السادس والخمسين، وتشارك فيه 181 دار نشر لبنانية و63 دار نشر عربية، وخمس دول عربية بصفة رسمية، ومعها المؤسسات الثقافية والعلمية التابعة لها، وتشارك فيه أيضاً هيئات ومؤسسات ثقافية وعلمية من القطاع الخاص من تلك الدول، بالإضافة إلى مؤسسات ذات طابع دولي. بات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب أقرب إلى اللقاء الموسمي الفلكلوري، في منطقة يشتعل محيطها بالبارود والتحولات وفي بلد تقاطعه الجاليات الخليجية بسبب سياسات «حزب الله». لم يعد معرض بيروت هو الأساس، فالأنظار غالباً ما تتجه إلى معرض الرياض أو الشارقة، ومنتجو الكتب لا يتوقعون بيعاً دسماً في بيروت. يتسم معرض بيروت بـ{المجد الخاوي» والعيش على الماضي الغابر بعدما غابت القدرات المادية التي تجعله يسابق الجميع. حتى وإن تميز لبنان ببعض الحرية في النشر ولكن هذا «المجد الغابر» لا يستطيع أن يواكب طموحات بعض الدول الإقليمية في تمويل مشاريع ثقافية ضخمة، خصوصاً في أبوظبي ودبي، كأن لبنان بسياساته الحمقاء يخسر أهم ركن من أركان وجوده وهو الثقافة. ولا تطاول المشكلة معرض الكتاب فحسب، بل المجتمع والسياسة أيضاً، إذ تهمش وزارة الثقافة لمصلحة وزارات الهدر والخدمات، وتهمش الوجوه الثقافية لمصلحة العسكريتاريا والصواريخ، ويغلب منطق الرعاية والخطب الجوفاء على سحر الأفكار. لم يعد المعرض يقدر على تطوير نفسه، لم يقدم الجوائز ولم يشجع على النشر. المعرض موسم فحسب، موسم قد نلتقي فيه وقد لا نلتقي بفعل هذيانات التواقيع والروتين وجحيم الغلاء ورتابة الحياة والانقسام العمودي بين السياسيين، موسم نشهد فيه تواقيع الكتب ونشعر بمجد أننا بعنا 50 نسخة من رواية. كم يبدو هذا المبيع حقيراً مقارنة بالبلدان الأوروبية التي يعتاش فيها الكاتب ربما من رواية واحدة. بات معرض بيروت علامة باقية من علامات لبنان الذي يعيش مرحلة ضبابية، أو هو أمام أفق مسدود بسبب التحولات والعبثية السياسية. يرافق المعرض برنامج ثقافي متنوع، يعبر عن مروحة متنوعة من عناوين وقضايا راهنة سياسية وفكرية وأدبية وفنية، ذات صلة حميمية بشؤوننا وشجوننا العامة. في هذا المجال، يقدم المعرض مساحة من التواصل الاجتماعي والثقافي اللبناني - اللبناني واللبناني - العربي. أما البرنامج الثقافي المرافق فيتخلله فكر سياسي راهن، ولقاءات أدبية مع روائيين وشعراء وأمسيات فنية. لتشجيع الفنانين الشباب، ينظم «النادي الثقافي العربي»، بالتعاون مع «جمعية الفنانين اللبنانيين للرسم والنحت»، معرض فن تشكيلي لنخبة من الفنانين المعاصرين. كذلك خص المعرض تلامذة المدارس بنشاطات تربوية تنظمها «مجموعة اقرأ» و{جمعية السبيل». لا يوحي البرنامج المرافق للمعرض بتحول ما، فيبدو روتينياً ولا يمكن اعتباره حدثاً نوعياً، ويتضمن أمسيات شعرية لشعراء مغمورين، ندوات حول قضايا باتت مستنفدة، ودعوات إلى تواقيع الكتب تخطت 160 توقيعاً، ما يطرح السؤال عن جدوى هذه المناسبات، وما جدوى «النق» حول معرض الكتاب والثقافة، في بلد يحتاج إلى إعادة تأسيس فعلا، في بلد لم يقدر أبناؤه على الحفاظ حتى على أشجاره؟! نقلا عن الجريدة 
صورة مع كيم
بقلم د. ابتهال عبد العزيز الخطيب
أكتب مقالي وأسلمه قبل يوم ظهور نتائج الانتخابات، وذاك من حسن حظي حتى يتسنى لي أن أتحدث فيما هو أخطر من الانتخابات ونتائجها، أي في النهج الحكومي وتداعياته وانهيار سقف ادعاءاته من حيث الحريات التي كثيراً ما كان الاعتداء عليها الممسك الرئيسي على المعارضة المبطلة. ولا يمكن هنا سوى التأكيد على أن هاجس …لقراءة المزيد
أكتب مقالي وأسلمه قبل يوم ظهور نتائج الانتخابات، وذاك من حسن حظي حتى يتسنى لي أن أتحدث فيما هو أخطر من الانتخابات ونتائجها، أي في النهج الحكومي وتداعياته وانهيار سقف ادعاءاته من حيث الحريات التي كثيراً ما كان الاعتداء عليها الممسك الرئيسي على المعارضة المبطلة. ولا يمكن هنا سوى التأكيد على أن هاجس الحراك الشعبي الحالي في جزء كبير منه هو فصل نفسه عن المعارضة التي هي المعتدي الأكبر على الحريات في توجهها العام، المروج الأضخم للكثير من الفكر الطائفي والقبلي والمؤسس لأسلوب جديد متداعٍ في الحوار. بالنسبة لي المصيبة الأعظم هي الاعتداء على الحريات، ففي حين أن الحروب الطائفية والقبلية هي غاية في الخطورة على صحة الشعب، فإن سحب حرياته هو السم الزعاف القاتل. وفي حين أن التخويف من قمع المعارضة للحريات ومن توجهها الإسلامي المتطرف كان الرافد الرئيسي في حراك المشاركين، تأتي الحكومة "المتحضرة" لتمنع د. بدرية البشر من دخول الكويت بسبب جملة في أحد كتبها يرون أنها تمس الذات الإلهية، وهو كتاب يباع في ذات الوقت في معرض الكتاب. كيف يشعر من شارك في الانتخابات أن هذه الحكومة هي أكثر أمناً وأهون شراً من معارضتها؟ الساحة خلت لك يا حكومة، فماذا كان الدافع وراء إهانة الدكتورة بهذا الشكل؟ وما هو الداعي لإعادتها على طائرة لاحقة دون حتى تسليمها جواز سفرها، الذي بقي مع ضابط أمن لحين وصولها إلى دبي لتسليم جوازها لضابط آخر هناك؟ ولكن لحظة، في ذات الوقت، سمحت الحكومة لكيم كارداشيان بالدخول وأكرمت استقبالها ودفع مَن دفع مبلغ 350 ديناراً ليجلس معها في ذات القاعة على العشاء، ويتشرف بصورة في حضرتها. وبلا شك، أنا أرحب بالسيدة كارداشيان، وإن كنت لا أعرف تماماً ما هي قيمتها الفنية، ولكن تبقى زيارتها واهتمام مَن يهتم بها محفوظين تحت باب الحريات والانفتاح والاحترام لقيمة كل إنسان طالما لم يأتِ بما يضر أمن البلد الذي يزور. ولكن السؤال هو ما هي الرسالة التي ترسلها لنا الحكومة؟ أهي أن د. بدرية بإنتاجها الأدبي أكبر خطراً علينا من كيم كارداشيان وإنتاجها الخفي؟ لابد أنه ذاك، فبدرية، كما كل الكتاب، تحاور العقل وتحفزه وتثيره لأن يفكر، وذاك بلا شك خطر كبير على العقول العربية التي ما فتئت حكوماتها أن فرضت عليها علاج الراحة السريرية الذي كان يفرض على النساء في القرنين الثامن والتاسع عشر، حين كانت النساء اللواتي يعانين أي اضطراب هرموني، خصوصاً ما بعد الولادة، يُعتقد أنهن أرهقن عقولهن في النشاطات الفكرية، وأن عقل المرأة لا يحتمل التفكير والتحليل، وعليه، تحتاج إلى سبات عقلي وجسدي قد يمتد شهوراً طويلة. إلا أن السبات المفروض على شعوبنا هو سبات أبدي، ومن يحاول أن يصحو يصفعونه على وجهه بكيم كارداشيان، فتتخدر حواسه بالرموش المعقوفة والخدود الوردية والقد الجميل، فيذهب إلى غيبوبته راضٍ سعيد. هكذا فعلت حكومتنا التي استجار برمضائها الكثيرون من نار المعارضة، وكلاهما حارق ساحق، كلاهما يود أن يرقدنا في أسرتنا، فالتفكير يرهقنا والتحرك يؤذينا وأي محاولة للبحث عن طريق مخالف للحكومة والمعارضة هو قفز للمجهول المظلم المخيف. سأطلب هذا المجهول وأحتمي في ظلامه ألف مرة قبل أن أطل في وجه معارضة طائفية قبلية متحجرة أو أصافح حكومة تفتح مطارها لكيم كارداشيان، مع الاحترام لشخصها الإنساني لا الفكري أو الفني، وتغلقه في وجه د. بدرية البشر. ماذا تركتم للمعارضة المبطلة وأنتم تنافسونها حتى في سوقها الرديء؟ المعارضة "تزعق"، أما الحكومة فهي صاحبة القرار، وها هو قرارها يأتينا حتى بلا "زعيق" المعارضة، وها هي الحريات تداس بالأحذية اللامعة باهظة الثمن. لا بأس، المهم أن نُصور مع كيم كارداشيان. نقلا عن موقع الجريدة
هل «آنا كارنينا» قصة حب
بقلم جوشوا روثمان
من أسابيع قليلة وفي اربعاء ثلجي، ذهبت أنا وزوجتي لمشاهدة العرض الاول لفلم "آنا كارنينا" في نيويورك. وقبل أن يبدا الفلم وقف جو رايت مخرج الفيلم، وهو رجل انكليزي ذا شعر داكن ويرتدي بدلة رمادية، ليقول كلمات قليلة، عرّفنا على كيرا نايتلي التي تلعب دور آنا، الى جانب شخصيات اخرى، مثل: كيتي وليفين، اليشا …لقراءة المزيد
من أسابيع قليلة وفي اربعاء ثلجي، ذهبت أنا وزوجتي لمشاهدة العرض الاول لفلم "آنا كارنينا" في نيويورك. وقبل أن يبدا الفلم وقف جو رايت مخرج الفيلم، وهو رجل انكليزي ذا شعر داكن ويرتدي بدلة رمادية، ليقول كلمات قليلة، عرّفنا على كيرا نايتلي التي تلعب دور آنا، الى جانب شخصيات اخرى، مثل: كيتي وليفين، اليشا فيكاندر ودومينال جليسون. رايت تحدث بجدية، مثل اخ كبير وفخور عن عمله مع نايتلي من قبل في فيلم " كبرياء وضياع" عندما كانت مجرد "ممثلة بارعة". وفي الوقت نفسه، قال ان فيلمه الجديد "آنا كارنينا" عن الحب وعن كل السلوكيات التي يخلقها الحب ليجعلنا بشراً. رايت والممثلون خرجوا من الباب الجانبي، وبدأ الفيلم. فيلم رايت، ليس تعايشاً مباشراً مع الرواية، ولكنه خيالي في اعادة تفسير الرواية، مع سيناريو واع كتبه توم ستوبارد. مجموعة الممثلين كانوا مبدعين وخياليين. نايتلي لعبت دور آنا بانفعال حسي. سباق الخيول لفرونسكي كان قوياً ومخيفاً. قصة ليفين وكيتي جميلة، فيها صبر وروحانية. ولا يزال ـــ ان كنت تعرف القصة وأحببتها- شيء ما عن الفيلم غير صحيح. المشكلة، كما اعتقد، هو ان القصة رومانسية جداً. الفيلم، كما وعدنا رايت، باكمله عن الحب، لكن " آنا كارنينا" لتولستوي ليست قصة حب." آنا كارنينا" هو تحذير من أسطورة الحب, هذا كل شيء. عندما بدأت قراءة "آنا كارنينا"، منذ حوالي عشر سنوات،ـ أصبحت مهووساً بالرواية، وقراتها بعد ذلك سبع مرات ــ أعتقدت أيضاً انها قصة حب. كان عمري حينها ثلاثة وعشرين عاماً، وفكرت بالزواج. بالنسبة لي، كانت الرواية قصة حب بشكل واضح، الحب الحسن والسيء، الحب الذكي والغبي. قرأت الرواية كما لو أني أقرا قصة حب. عند قراءة الرواية ستفكر بأبطال الرواية وخياراتهم، والنهايات السعيدة. قصة الرواية ليست حقيقية، وتولستوي عندما كتب الرواية كان يفكر بالحب بأساليب مختلفة، الحب كقدر، او لعنة، أو حكم، او كقوة موجهة تنشر السعادة والحزن في العالم، أو ظلم. هذه الاعتقادات ليست رومانسية، لكنها تولستوية، عندما كتب تولستوي " آنا كارنينا" لم يترك ببساطة المواضيع خلف " الحرب والسلام". بدلا عن ذلك، أوجد طريقة للتفكير في العديد من القضايا التي يهتم بها دائماً ــ المصير، الفرصة، ضعفنا امام الظروف وعزمنا على تغييرها ــ وفي سياقات مختلفة. في 1873، عندما بدأ تولستوي بكتابة " آنا كارنينا"، كان في خضم التخطيط لرواية تاريخية عن بطرس الاكبر. بدأ في 1870، عزل نفسه مكتبه في ياسنايا بوليانا، يقرأ ويدون الملاحظات، بينما زوجته ومَن هم في حضانته الهائلة من الاطفال يحاولون البقاء هادئين في الخارج. بطرس الاكبر تحول الى ان يكون ملحمة حتى بالنسبة لتولستوي."أنا في مزاج سيء"، كتب تولستوي الى احد اصدقائه، " لا تُقدِم العمل، العمل الذي اخترته صعب بشكل لا يُصدَق، لا توجد نهاية للبحث التمهيدي، الملخص أصبح ضخماً، وأشعران حماسي قد تلاشى". تولستوي احتاج الى موضوع أكثر ليونة. ثم اكتشف شيئاً ما: طريقا آخر لمخاوفه التي لم تكن كثيرة وتاريخية، لكنها شخصية، عاطفية وحزينة. هنري ترويت، وَضّح في السيرة الذاتية لتولستوي أصل الرواية على النحو الاتي: فجاة لمعت في ذهنه فكرة، تذكر حادثة قد اثرت فيه بعمق السنة الماضية. جاره وصديقه، بيبيكوف، الصياد الذي يعيش مع امراة أسمها آنا ستيبانوفنا بيروغوفا، امراة طويلة القامة في اوج شبابها، وجهها عريض، وسهلة الطباع، اصبحت عشيقته، لكنه اهملها بعد ذلك من اجل مربية اولاده الالمانية. وكان يفكر بالزواج من الشقراء فريولين. فهمت خيانته، غيرة ستيبانوفنا فاقت كل الحدود، هربت بعيداً، وعلى متنها حملت ملابسها، وتاهت في الريف لمدة ثلاثة ايام. عاشت بجنون وكآبة. ثم القت بنفسها تحت قطار لنقل البضائع في محطة ياسنكي. قبل ان تموت، ارسلت برسالة الى بيبيكوف:"أنت من قتلني، كن سعيداً، أذا كان يمكن لقاتل ان يكون سعيداً، أن احببت، تستطيع ان ترى جثتي على القضبان في ياسنكي". كان ذلك في 4 يناير 1872، في اليوم التالي ذهب تولستوي الى المحطة كمتفرج، بينما كان يتم تشريح الجثة بحضور مفتش الشرطة. كان يقف في سقيفة، وينظر من زاوية الى كل تفاصيل جسد المراة الموضوعة على الطاولة، جسد دامِ ومشوه، وجمجمتها مسحوقة. تخيل وجود تلك المراة المسكينة التي اعطت كل شيء من اجل الحب، فقط لتلتقي بهذه الميتة المبتذلة والحقيرة. لنفترض ان هناك قصة حب هنا، لكن ما جذب تولستوي في القصة ليس الحب في حد ذاته، ولكن ما جذبه هو عواقب الحب المتطرفة. عندما بدأ تولستوي كتابة " آنا كارنينا" قدم شخصيات اخرى وقصص اخرى، بما في ذلك قصة كيتي وليفين. لكن في قلبه ــ ما عدا لمسة كيتي وليفين الرومانسية ـــ "آنا كارنينا" بقيت مهمومة بما حدث لــ آنا ستيبانوفنا. هذا ما جعلها تختلف عن قصص الحب الاخرى ـــ التي فيها، الحب هو العاطفة الايجابية. في " آنا كارنينا"، الحب نقمة ونعمة. الحب قوة متطرفة في الانسان، مثل العبقرية، الغضب، الصلابة أو الثروة. في بعض الأحيان، تكون حسنة ولكن في احيان أخرى تكون فضيعة وقاسية، وحتى خطيرة. كان حب ليفين وكيتي رائعاً ـــ لكن بالنسبة لــ آنا كان من الافضل لو لم تقع في حب فرونسكي. نظرياً، هذه الرؤية للحب جيدة، ولكن عملياً من الصعب تقبلها، لانها تتعارض مع ميثولوجيا الحب، هذه الميثولوجيا تحثنا على ان نرى موت آنا تضحية نبيلة: انها اعطت كل شيء، من اجل فرصة في الحب. في الواقع أن لا شيء حسن كان سيحدث بين آنا وفرونسكي, والجميع سيكون افضل لو لم تحدث هذه العلاقة. كانت علاقتهما كارثة بالنسبة لــ آنا، وفرونسكي أيضاً، ولــ كارينين وسيريوزا ابنهما.(نقلا عن جريدة العالم) * جوشوا روثمان، المحرر الثقافي في النيويوركر ترجمة : ميادة خليل
قفا نبكي على أطلال ثقافتنا
بقلم ندى خوّام
شاعرة ,صحفية , مثقفة, أينما تذهب تستقبل بالحفاوة والترحيب ,تاركة صدى حضورها بنفوس الأخرين , تقف على خط التدين الذي يشعر الأخرين بالإرتياح لها وقبولها دينيا , تمثل بلدها في المهرجانات والمؤتمرات والجلسات الأدبية , متزنة بأفعالها محترمة بتعاملها مع الناس, حتى العالم الأفتراضي تكسبه بودها ورجاحة عقلها …لقراءة المزيد
شاعرة ,صحفية , مثقفة, أينما تذهب تستقبل بالحفاوة والترحيب ,تاركة صدى حضورها بنفوس الأخرين , تقف على خط التدين الذي يشعر الأخرين بالإرتياح لها وقبولها دينيا , تمثل بلدها في المهرجانات والمؤتمرات والجلسات الأدبية , متزنة بأفعالها محترمة بتعاملها مع الناس, حتى العالم الأفتراضي تكسبه بودها ورجاحة عقلها ... كل هذا يبدو رائعاً .. الغريب !! أن خلف كل هذا تقف عباءة عمرها 1400 من التاريخ !! لم تستطع شاعرتنا برغم ثقافتها المتنوعة وحسها الثقافي الأدبي أن تتعامل بشكل حضاري مع الآخر المختلف معها عقائديا .. ودون أن تحاججه أو تناقشة .. تتجبب الحديث إليه .. ترفض الدخول الى اعماقه, تعاقبه بفكرها النير ,لمجرد أنه أخطأ بنظرها لولادته الفطرية فهو غير مناسب ولايليق وعقيدتها الدينية .. لا أريد للطرح أن يكون طائفياً ولا أقبل المناقشة به من هذا الجانب مطلقاً .. ولها أقول سيدتي الفاضلة صفحتي مشرعة الأبواب أمامك أخرجي من الباب الذي شئت بلاتردد قد تكون صداقة الكافر كفرا ولو افتراضيا أيتها الشاعرة ..لا تنزوي خلف صمتك وهروبك بلعبة التسلل معي .. فقط أريد تذكيرك وتذكير الجميع أن الثقافة في بلادي العربية خرافة ,مادام مثقفنا العربي يعيش بجسد الألفية الثالثة وبفكر مدفونة بقاباه قرب أطلال أمرؤ القيس .. دائما أنصحك بقراءة أجمل القصائد العربية حينما تعتلين المنصة وبحرقة العربي الذي لايعرف كيف يتعايش مع التطور بعقليته الجاهلية.. أصدحي عالياً ( قِفَا نَبْكِ .. قِفَا نَبْكِ ) وأبكِ كثيراً ياحفيدة أمرؤ القيس لحالك وعلى حالك ..
لا يُفتى في الرواية الجزائرية ..و مونسي في الجريدة!
بقلم جمال الدين طالب
يبدو ان د. مونسي عُين مفتيا "شرعيا" للرواية الجزائرية..بعد فتواه في الرواية الجزائرية في صحيفة "الخبر" هاوهو يفتي في صحيقة "النصر". واللافت أن مونسي يتعامل بـ"أصولية" إستعلائية غريبة لا أجد لها وصفا، ربما أسميها ("أصولية" جامعية ..علمية ..نقدية) مع روائيين جزائريين مبدعين خاصة من كتبوا بالفرنسية …لقراءة المزيد
يبدو ان د. مونسي عُين مفتيا "شرعيا" للرواية الجزائرية..بعد فتواه في الرواية الجزائرية في صحيفة "الخبر" هاوهو يفتي في صحيقة "النصر". واللافت أن مونسي يتعامل بـ"أصولية" إستعلائية غريبة لا أجد لها وصفا، ربما أسميها ("أصولية" جامعية ..علمية ..نقدية) مع روائيين جزائريين مبدعين خاصة من كتبوا بالفرنسية يقول مونسي: " إن التجارب التي ذكرنا من قبل - وإن كانت رائدة في مجالها- لا يمكننا أن نقول عنها أنها استوفت حظها من الجانب الفني في تعاطيها مع البطولي والإنساني في الثورة. لأن ذلك يحتاج إلى نضج كبير لدى الكاتب. فإذا علمنا أننا نتعامل مع أشخاص، لم يكن لهم حظ كبير في التعليم، ولم تتسع أوقاتهم ولا إمكاناتهم لمثاقفة نقدية وعلمية في فنهم"!!..و مونسي يقصد هنا : "محمد ديب، ومولود فرعون، وعبد الحميد بن هدوقة والطاهر وطار،، وغيرهم من الرعيل الأول الذي اتخذ من السياق الثوري مجالا روائيا تتحرك فيه شخصياته" ( كما قال في حوار "النصر" نفسه) ...و التساؤل أو التساؤلات و الملاحظات هنا : * هل كان على محمد ذيب و مولود فرعون ، ووطار و بن هدوقة ( اذا تجاوزنا اقحام الاخيرين في الكتابة عن الثورة لأنهما بدأا عمليا النشر بعد الاستقلال) .. وغيرهم ان يكونوا دكاترة في النقد و الادب ليكونوا مؤهلين للكتابة عن الثورة..؟! * مونسي، الذي يتهم من كتبوا عن الثورة بانهم تسجيليون فقط ..لم يذكر مالك حداد ..لست أدري اذا ما قرأ روايات حداد، و في مقدمتها " الانطباع الاخير، التي تعتبر أول رواية جزئرية تحدثت مباشرة عن الثورة    التحريرية، والتي قامت السلطات الاستعمارية الفرنسية في الجزائر بزعامة الحاكم العسكري الجنرال ماسو بمنعها من دخول الجزائر. * اذا خضعنا الى منطق مونسي "الاصولي" العلمي ..هل مالك حداد ، الذي كان يدرس الحقوق في جامعة اكس او نبروفانس قبل ان يتوقف ليس له المستوى التعليمي و الثقافي للكتابة عن الثورة الجزائرية ؟! * مونسي لم يذكر كاتب ياسين ..و روايته "نجمة" وهي "ثورة" في حد ذاتها..هل كان كاتب ياسين بحاجة الى مستوى تعليمي ارقى.. هو الذي فجر اللغة و الأطر الروائية بما لم يستطع أن يرتقي اليه دكاترة في اللغة و الادب و النقد في فرنسا!! * ما لفت انتباهي ايضا ان مونسي وان كان محقا لحد ما في كتابة الجيل الجديد بالعربية في الجزائر .. و لكن ما لم يشر اليه مونسي و غيره ربما هنا   مأساة هذا الجيل ان كثيرا منه اتخذوا من كتابات العرب و أجانب و باللغة العربية مرجعية أدبية و لم يستطعوا ان يرتقوا في اعتقادي الى التماهي بما يمنح امكانية التجاوز و الابداع مع بني طنهم ممن كتبوا بل و ابدعوا في الكتابة بالفرنسية  ممن كتبوا بل و ابدعوا بالكتابة بالفرنسية ..و لعل أفضل النماذج في اعتقادي مالك حداد ، و كاتب ياسين، و بعدها محمد ذيب في مرحلته ما بعد الواقعية.. هذا غيض من فيض فقط ..في الجعبة ملاحظات أخرى ..و لكن لا الوقت يسمح و لا المجال يسمح لي مستقبلا لطرحها أخذت هذا التعليق من صفحة فايسبوك للصديق   الكاتب و الإعلامي الجزائري جمال الدين طالب المقيم في لندن   ..
حدثني شيخي فقال
بقلم جاسر الجاسر
بارك الله في نساء هذا الزمن يحببن الرجل فيخطبن له الزوجة الثانية ويرقصن في الحفل فلا يملك المرء إلا التعدد. وكان أول وصف للمرأة هو الغيرة على بعلها والمدافعة دونه فسبحان مغير الأحوال ومبدل الأوضاع. طلق صنفعة المبرقط زوجته رغم صلاحها وحسن عشرتها. فقيل له: أتفرط بهذه الصالحة يا أحمق؟ قال: …لقراءة المزيد

بارك الله في نساء هذا الزمن يحببن الرجل فيخطبن له الزوجة الثانية ويرقصن في الحفل فلا يملك المرء إلا التعدد. وكان أول وصف للمرأة هو الغيرة على بعلها والمدافعة دونه فسبحان مغير الأحوال ومبدل الأوضاع. طلق صنفعة المبرقط زوجته رغم صلاحها وحسن عشرتها. فقيل له: أتفرط بهذه الصالحة يا أحمق؟ قال: لم تنفك تدعوني إلى الزواج فإما أنها لا تحبني أو هي ليست من النساء! كانت برصيصة تكرر: ما من امرأة تخطب لزوجها إلا وهي تريد الفكاك منه أو تبحث عن أخرى تؤدبه! وحدثنا صفرنقع المهبباني عن خاله عن سته (أي جدته عند أهل الحجاز) فقال: سمعت ستي تقول: تصفون الرجل بالديوث إن كان لا غيرة لديه على محارمه فوالله إن المرأة التي تخطب لزوجها أشد دياثة وإنها لعار على النساء. وروى طنطارة الملستك أنه سمع امرأة تقول: قد يرغب الأثرياء في التعدد فما بال الشحاذين والمنتفعين يفعلونها فيكونون عالة على نسائهم مع أنه لا وسامة فيهم ولا فحولة. المرأة والغيرة صنوان فإن افترقتا فلا تبحث عن الأنثى. وما تعيشه النساء من تضحية اليوم ما هو لمرض أصابهن يستدعي العلاج لا السرور والفرح. وخطبت صميعاء المنقوشة لزوجها فقالوا: حتى أنت يا أم برطعة؟ فقالت: والله ما من عيب فيه إلا أنه أبخر فلا أطيق ملازمته كل ليلة ولو قدرت أكملت له أربعا. وسمعت من يقول ترضى المرأة بالضرة إن كان زوجها شخاراً او أبخراً أو آكل ثوم أو كثير الروائح، فكأنما يقتل كل متعة ويفسد كل نشوة. وقالت امرأة عرفت أن صديقتها تبحث لزوجها عن إمرأة أخرى: «لو كان فيه خير ما رماه الطير»!

نقلا عن الشرق السعودية

دستور ضائع وشعب مغبون
بقلم مستشار/أحمد عبده ماهر محام بالنقض وكاتب إسلامي
يبدو أن من يطلق عليهم هذه الأيام لقب إسلاميون أنهم صدقوا أنفسهم أنهم يفهمون في الإسلام أو شريعته، فلم يدركوا بأنهم أبناء الفقر الفقهي والفكري في دين الإسلام، فمن بين ما ارتكبوه من جرم في حق شعب مصر مقترحهم بالمادة 221 من الدستور و التي تنص على:[مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها …لقراءة المزيد
يبدو أن من يطلق عليهم هذه الأيام لقب إسلاميون أنهم صدقوا أنفسهم أنهم يفهمون في الإسلام أو شريعته، فلم يدركوا بأنهم أبناء الفقر الفقهي والفكري في دين الإسلام، فمن بين ما ارتكبوه من جرم في حق شعب مصر مقترحهم بالمادة 221 من الدستور و التي تنص على:[مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة]؛ وهو ما أراه مصيبة قد حطت على شعب مصر، لكنها ليست مصيبة من السماء، بل مصيبة من الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور. إن القواعد الأصولية المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة إنما تعبر بحق عن اتساع الهوة بين الإنسانية وغوغائية ما وصلنا من فقه نعتز به منسوبا لتلك المذاهب، بل هو الضلال بعينه، إن هذه اللجنة التأسيسية لم تكتف بنص المادة التوافقية الثانية من الدستور والتي تقرر بأن مبادئ الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، فراحت تعبث بالمصريين ومعايشهم عن طريق المادة المقترحة الرقيمة ب221. وما ذلك إلا لأن الجميع لم يبذلوا الجهد ليتعرفوا على تلك الأصول التي يزعمون بأنها معتبرة. فبفقه المذاهب الذي يقولون عنه بأنه معتبر عندهم ما يندى له جبين البشرية خجلا، وحتى لا أكون متجنيا بلا دليل أذكر لكم بعض الأمثلة فيما يلي: 1. لقد اتفقت الأحاديث والفقه، على كُفر المتكاسل عن أداء الصلاة ووجوب قتله، لكن الأئمة الأربعة، قالوا بفسقه مع اجتماعهم على قتله بعد استتابته ثلاثة أيام، واتفقوا على قتله حدًّا، عدا أبي حنيفة الذي قال بحبسه وضربه ومنع الطعام والشراب عنه حتى يصلي أو يموت. (راجع فقه السُّنَة للشيخ السيد سابق باب الصلاة، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع المقرر على طلبة الأزهر في الفقه الشافعي ص407)؛ أتكون هذه هي أدلتكم ومراجعكم المعتبرة؟!، إنها عار على لقرءان وعار على البشرية. 2. اتفقوا على عدم مسئولية الزوج عن أجر طبيب ولا نفقة دواء لزوجته المريضة، لأنه تزوجها كي يتلذذ بها وليس في المريضة أي تلذذ، [ راجع الفقه على المذاهب الأربعة كتاب النكاح الجزء الرابع ]. 3. اتفقت المالكية والحنابلة على عدم إجبار الزوج على شراء كفن لزوجته المتوفاة ولو كانت فقيرة، [ المرجع السابق ]، فهل هذه هي المعاشرة بالمعروف والمفارقة بالمعروف التي أرادها القرءان!؟. 4. قال أبو حنيفة بحق الزوج أن يمنع زوجته من إرضاع وليدها من زواج سابق أو تربيته لأن ذلك يُقذّرها ويؤثر على جمالها الذي يجب أن يستأثر به وحده، [المرجع السابق]. 5. قالت الشافعية بجواز أن يتزوج الرجل ابنته المتخلقة من ماء الزنى، [المرجع السابق]. 6. قالت الحنفية بجواز قتل الأسرى من الرجال أو استرقاقهم، أما النساء والأطفال فإنهم يوضعون بأرض مضيعة حتى يموتوا جوعا وعطشا، أو يتم استرقاقهم، وبجواز قتل كل المواشي وحرقها بأرض العدو، مع عدم قتل الحيات والعقارب حتى يكثر نسلها ويكثر أذاها بأرض العدو، [ كتاب الاختيار لتعليل المختار في الفقه الحنفي المقرر بالمدارس الأزهرية حاليا ]، ففقههم الأزهري يُملي عليهم قتل البشر وعدم قتل الحشرات، فهل هذه وسطية الأزهر؟. 7. قالت المالكية بجواز طلاق الزوجة إن كانت أكولة بشرط أن يكون قد اشترط عليها أن ترضى بالوسط [ الفقه على المذاهب الأربعة ]. 8. قالت المذاهب الثلاثة الشافعي ومالك وابن حنبل بأن أقصى مدة لحمل المرأة أربع سنوات فإن وضعت مولودا بعد أربع سنوات من طلاقها أو وفاة زوجها فإنه يلحق بمطلقها أو أرملها بلا كلام، وقالت الحنفية سنتين، فهل هذه هي مراجعكم المعتبرة التي تريدون من شعب مصر أن ينقاد لها. 9. قالت المذاهب بجواز تزويج الصغيرة ولو في المهد، لأنهم فسروا القرءان بعقولهم البسيطة، وعلومهم السطحية.[ كتاب فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني الجزء التاسع صفحة 27]؛ وقد جوّز شريح وعروة وحماد لوالد الصغيرة تزويجها قبل البلوغ وحكاه الخطابي عن الإمام الإمام مالك أيضا.....[راجع شرح النووي لصحيح مسلم الجزء التاسع صفحة 206. طبعة الريان الذي طبعته المطابع الأميرية بحكومة مصر وبموافقة صريحة من الأزهر]. فهل نقوم باستعباد الإناث واسترقاقهن ومنع تعليمهن بزعم جواز تزويجهن وهن بالمهد. 10. اتفقوا على قتل المرتد رغم أنف ما جاء بكتاب الله [فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر]. 11. اتفقوا بلا فهم ولا دراية على فرض الجزية على كل أهل الكتاب، لعدم فهم هؤلاء الأئمة أصحاب المذاهب لكتاب الله، فهل يأت اليوم الذي تنزل المظاهرات ميدان التحرير تطالب بجمع الجزية من المصريين من غير المسلمين. 12. وقالت الحنفية باستمتاع الرجل بالأنثى وأن ذلك لا يعتبر من الزنى طالما أنه لم ينزل، استدلالا بعدم حاجة من جامع زوجته فلم ينزل أن يغتسل بل ينضح فرجه بالماء ويتوضأ، وأن ما لم ينطبق عليه اسم الزنى لم يجب فيه حد كالاستمتاع بما دون الفرج، لأنه استمتاع لا يستباح بعقد فلم يجب فيه حد الاستمتاع وبمثله من الزوجة، ولأن أصول الحدود لا تثبت إلا قياسا، [المرجع: كتاب الحاوي الكبير في فقه الإمام الشافعي الجزء الثالث عشر صفحة 222، تأليف أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي]، ولا ينقض به حج ولا عمرة، بينما يقول الله تعالى: [ الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ]....البقرة197. 13. (إذا استأجر رجلا امرأة ليزني بها فزنى بها فلا حد عليهما في قول أبى حنيفة)...... ( المبسوط – السرخسي / ج 9 / ص 58 / ط دار المعرفة 1406هـ ). • يقول ابن الماجشون – فقيه مالكي وهو صاحب مالك:.....( إن المخدمة سنين كثيرة لا حد على المخدِم - بكسر الدال- إذا وطئها .. ).........( المحلى لابن حزم / ج11 / ص251/ ط دار الفكر بتحقيق أحمد شاكر). • روى محمد بن حزم بسنده أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب فقالت يا أمير المؤمنين أقبلت أسوق غنما لى، فلقينى رجل فحفن لى حفنة من تمر ثم حفن لى حفنة من تمر ثم حفن لى حفنة من تمر ثم أصابني ، فقال عمر ما قلت ؟ فأعادت ، فقال: عمر ويشير بيده: مهر مهر مهر ثم تركها . وقال أبو محمد ( ذهب إلى هذا أبو حنيفة ولم ير الزنى إلا ما كان عن مطارفة، وأما ما كان عن عطاء أو استئجار فليس زنى ولا حد فيه)............ ( المجموع - محيى الدين النووي / ج 20 / ص 25 ) يعني بيوت الدعارة حلال. ومضاجعة الخادمة حلال.....فما رأيكم بالأصول المعتبرة عندكم . وطبعا أنا لست شيعيا ولا قرءانيا ولا عدوا للإسلام، لكن هذه بعض الأمثلة من مئات الألوف من الأمثلة التي تثبت عوار وعار الفكر والفقه الذي يفخر به واضعوا الدستور، وهم يقدمونه للشعب بكل فخر ولا حول ولا قوة إلا بالله. مستشار/أحمد عبده ماهر محام بالنقض وكاتب إسلامي
'بولا برودويل''.. المرأة التي أنهت أسطورة بطل حرب العراق
بقلم أياد أحمد
بولا برودويل.. كاتبة أمريكية طفت على السطح لتعيد إلى الذاكرة مونيكا لوينسكي المتدربة السابقة بالبيت الأبيض التي ارتبطت بعلاقة مع الرئيس الامريكي الأسبق بيل كلينتون، حيث تسببت علاقتها بديفيد بترايوس مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ''سي أي إيه'' بالإطاحة به من منصبه. وكشفت تقارير صحفية عن …لقراءة المزيد

بولا برودويل.. كاتبة أمريكية طفت على السطح لتعيد إلى الذاكرة مونيكا لوينسكي المتدربة السابقة بالبيت الأبيض التي ارتبطت بعلاقة مع الرئيس الامريكي الأسبق بيل كلينتون، حيث تسببت علاقتها بديفيد بترايوس مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ''سي أي إيه'' بالإطاحة به من منصبه. وكشفت تقارير صحفية عن هوية المرأة التي أطاحت برجل المخابرات الذي يوصف بأنه بطل حرب العراق، قائلة إنها بولا برودويل المؤلفة المتزوجة والأم لطفلين، والبالغة من العمر 39 عامًا. وأكد فريد كابلان، الصحفي بموقع ''سلايت دوت كوم'' الأمريكي، والذي كتب عن ''بترايوس'' وتأثيره على الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية، لشبكة ''سي إن إن''، إن الجنرال السابق كان على علاقة بالمؤلفة بولا برودويل. وكانت ''برودويل'' قد قضت عامًا تتابع ''بترايوس'' في أفغانستان قبل أن تنشر سيرته عام 2012 بعنوان ''كل شيء: تعليم الجنرال ديفيد بترايوس''، وكانت آخر رسائلها على موقع التواصل الاجتماعي ''تويتر'' يوم الإثنين الماضي حول ''ثوابت القيادة لدى الجنرال بترايوس''. وأشارت صحف أمريكية إلى إن قصة حب ''بترايوس'' و''برودويل''، قد تكون قد تعززت عندما قضيا وقتًا طويلا لكتابة سيرته عندما كانوا في العاصمة الأفغانية، وهي باحثة في مركز أبحاث ''هارفارد'' للقيادة العامة. وتوصف ''برودويل'' بأنها صاحبة إنجازات متميزة طوال مسارها الأكاديمي والمهني، وهي خريجة جامعة ''ويست بوينت'' وبطلة رياضية بالجامعة ولاعبة كرة سلة، وحصلت على ماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد، ومرشحة لدرجة الدكتوراة في جامعة بريطانية. ولم تُبدِ ''برودويل'' خجلاً من التصريح من اقترابها من الجنرال أثناء الترويج لكتابها عن سيرته الذاتية، وقامت بتسجيل مقابلات مطولة معه، وكانت تمارس معه رياضة الجري في جبال أفغانستان. وتقول وسائل الإعلام الأمريكية، إنه وبعد كشف علاقة ''برودويل'' بـ''بترايوس''، توقف موقعها الإلكتروني عن العمل، وغادرت منزلها إلى موقع مجهول. وأعلن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) ديفيد بترايوس الجمعة استقالته من منصبه بسبب مغامرة عاطفية، مما ينهي حياته المهنية الناجحة ويجعل بريق بطل حرب العراق يخبو. وقال بترايوس في رسالته الى الموظفين ''بعد زواج استمر اكثر من 37 سنة، تصرفت بسوء تقدير هائل عبر اقامتي علاقة خارج اطار الزواج''، مؤكدا أنه ''تصرف غير مقبول لا كزوج ولا كمسؤول في مؤسسة مثل مؤسستنا''. لكن شبكة التلفزيون ان بي سي ذكرت ان مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) يجري تحقيقات بشأن باولا برودويل التي يشتبه بانها حاولت الاطلاع على الرسائل الالكترونية لبترايوس التي تحوي معلومات سرية عندما كان على رأس التحالف الدولي في افغانستان. وبذلك سيكون الجنرال بترايوس الذي استقال من الجيش ليتولى ادارة وكالة الاستخبارات المركزية قد امضى سنة ونصف السنة مديرا للسي آي ايه. وتأتي استقالة بترايوس بينما يفترض ان تستمع لجنة الاستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب لافادته في مسألة الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي وخصوصا حول ما كانت وكالة الاستخبارات تعرفه وفشلها في ضمان امن الدبلوماسيين على الرغم من وجودها الكبير هناك. لكن هذه الافادة سيقدمها بعد استقالة بترايوس، مايكل موريل الذي سيتولى ادارة السي آي ايه بالنيابة. وأشاد أوباما في بيان بعمل ديفيد بترايوس الذي ''خدم الولايات المتحدة منذ عقود بشكل رائع'' و''جعل البلاد اكثر امانا وقوة''.

نقلا عن موقع مصراوي

أنا أرملة عمري 45 سنة..!!
بقلم محمد العصيمي
إليكم يا من تملكون العقل والتمييز والقياس والاجتهاد هذا التعليق من أنثى مقهورة على حالها من حكاية ولي الأمر .. تقول هذه السيدة: «شيء مؤلم جدا.. أنا ارملة ووالدي متوفى وعمري 45 وبعد وفاة زوجي جعلت المحكمة أخي الذي يصغرني بثلاث سنوات ولي أمري.. والان ولسبب سفره للخارج يريد ان ينقل ولاية أمري …لقراءة المزيد
إليكم يا من تملكون العقل والتمييز والقياس والاجتهاد هذا التعليق من أنثى مقهورة على حالها من حكاية ولي الأمر .. تقول هذه السيدة: «شيء مؤلم جدا.. أنا ارملة ووالدي متوفى وعمري 45 وبعد وفاة زوجي جعلت المحكمة أخي الذي يصغرني بثلاث سنوات ولي أمري.. والان ولسبب سفره للخارج يريد ان ينقل ولاية أمري إلى ابني الذي ينتظر أن يصبح عمره 18 سنة.. هذا الامر أحزنني وأمرضني جدا، كيف يصبح ابني الذي لا زلت أوجهه وانا من اسمح له بالسفر كيف يصبح ولي أمري؟ ليس في دنيانا سؤال وجيه أكثر من هذا السؤال .. وليس، أيضا، في غرائبنا أغرب من أن تعلق امرأة بعرقوب رجل ميت أو مسافر أو صغير أو عاق أو متسلط!! وشيء عجيب أن نسمع بذلك ونعلم به ولا نلتفت إلى حساسيته وأهميته وضرورة وضع الحلول السريعة له. ليس على وجه هذه البسيطة من يتخيل أن (أماً) تنتظر بلوغ ابنها 18 سنة ليحق له أن يكون (ولي أمرها) ويحق لها، بناء على بلوغه الرسمي، أن تباشر حياتها وشؤونها. في غرائبنا أغرب من أن تعلق امرأة بعرقوب رجل ميت أو مسافر أو صغير أو عاق أو متسلط!! وشيء عجيب أن نسمع بذلك ونعلم به ولا نلتفت إلى حساسيته وأهميته وضرورة وضع الحلول السريعة له. ليس على وجه هذه البسيطة من يتخيل أن (أماً) تنتظر بلوغ ابنها 18 سنة ليحق له أن يكون (ولي أمرها) ويحق لها، بناء على بلوغه الرسمي، أن تباشر حياتها وشؤونها. ولذلك الذي قال خاطبوا الدولة، وليس المجتمع، بهذا الأمر، أقول إننا خاطبناها من قبل وها نحن نخاطبها مرة أخرى لترفع هذا (البأس الذكوري) عن رقاب النساء. وإذا كانت لديها أو لدى المجتمع موانع أو تحفظات فلنضعها على بساط النقاش والبحث لنصل إلى حلول فعلية تمكن المرأة الراشدة العاقلة من أن تتصرف بحياتها وشؤونها بما يمليه عليها رشدها وعقلها. من حق هذه الأم أن تحزن ومن حق كل النساء أن يبكين مرارة (التقليل) من شأنهن وعقولهن، لكن الأمل لا يزال معقودا على الدولة وعقلاء المجتمع في أن يعاد النظر في كثير من الأنظمة التي تفرض ولي الأمر الرجل على المرأة الأنثى.. أيا كان موقع هذه الأنثى من هذا الذكر. @ma_alosaimi نقلا عن اليوم السعودية
ضرب المرأة الفلسطينية ..!!!
بقلم عدلي صادق
لا بد أن ذوي اللحى، كانوا يداعبون شعرات ذقونهم بسعادة، فيما جنودهم يعتدون بالضرب على سيدات فلسطينيات، لم يفعلن شيئاً سوى أنهن يطالبن بإنهاء الانقسام، على ما في هذا الإنهاء، من تكريسٍ لجمع ذوي الذقون، كطرف يتمتع بشرف الانتماء لحظيرة العمل الوطني. وفي هذه الممارسة، التي هي أعجز من أن تشطب وعي الناس …لقراءة المزيد
لا بد أن ذوي اللحى، كانوا يداعبون شعرات ذقونهم بسعادة، فيما جنودهم يعتدون بالضرب على سيدات فلسطينيات، لم يفعلن شيئاً سوى أنهن يطالبن بإنهاء الانقسام، على ما في هذا الإنهاء، من تكريسٍ لجمع ذوي الذقون، كطرف يتمتع بشرف الانتماء لحظيرة العمل الوطني. وفي هذه الممارسة، التي هي أعجز من أن تشطب وعي الناس أو ذاكرتها، أو تبدل انطباعاتها عن الحكم "الرشيد"؛ يُضيف الحاكمون في غزة، الى قائمة السلع التي ظلت محرّمة أيام السلطة التي اتاحت لهم سلطتهم؛ سلعة جديدة، وهي الإنقضاض على جمع نسائي فلسطيني، ربما تتميز كل واحدة منه، عن واحدات أخريات، من جموع أخرى، أن لبعلها ـ على الأكثر ـ زوجة واحدة، أو إنها ـ على الأكثر أيضاً ـ متزوجة من واحد ليس من ذوي المثنى والثلاث والرباع..! هُن مسلمات متحجبات، فلسطينيات وطنيات، يتمثلن مشاعر شعبهن، ويدركن مخاطر الخصومة والانقسام، ويعرفن أن هكذا شقاق، يمزق النسيج الاجتماعي، ويشوّه الذائقة، ويحرف القدرة على فهم مسار التاريخ. كما إنهن راضيات واثقات، بأن هذا الليل لن يطول، وأن غضب الشعوب ليس له ميعاد، وأن الانفجار الذي لا يرغبن فيه، سيجعل حاملي الهراوات وحاملاتها، يهربن الى الشقوق كالفئران، لأن سلطات الأباطرة أنفسهم، الذين حكموا مساحات شاسعة، في الأزمان الغابرة، وكان بمقدورهم تحشيد العسكر من الأطراف ومن الأصقاع البعيدة في إمبراطورياتهم، للانقضاض على مجاميع البشر في مراكز الاحتجاج؛ لم يفلحوا في كسر إرادة شعب. فما بالنا بإمارة في حجم  قنفذ، يظن أن شوكَهُ يحميه من طغيان النمل حين يزحف، أو ما بالنا، حين يكون المعتدون والمعتديات بالهراوات، على بنات شعبهم؛ من الصقع نفسه ضئيل المساحة، حيثما يعرف الناس بعضها بعضاً، ولا يضيع بينها حق وراءه مُطالب..! لا أرغب في الزيادة، وأنصح إسماعيل هنية، أن يتقي الله لكي يرحمه ويجعل له مخرجاً هو وضباطه الذين أسكرهم خمر السلطة، وهو خمر أشد فتكاً وأجلب للغيبوبة المارقة، من تلك الصفراء التي قال أبو نواس، أن الأحزان لا تنـزل ساحتها. صبراً أيتها الأخوات الكريمات، فإن لكل محنة نهاية، وبعد كل ليل صُبح. فما الضربات التي تلقيتموها، إلا تكثيفاً لمعاناة شعبكم في غزة، يؤخذ كوسيلة إيضاحية، ويزيد من قائمة السلع المحرمّة، التي أستحدثها البغاة في مجتمعكم، وباسم ماذا؟ باسم الدين والمقاومة، وحيثما لا دين ولا مقاومة. فالرسول عليه السلام، لم يضرب امرأة واحدة في حياته، ولا حتى بعير حسب ما يقول العارفون الفقهاء. بل إن القول المارق نفسه، وليس القول الوطني والإسلامي السوي المندد بالانقسام؛ أمر الله بالنقاش فيه بالتي هي أحسن. وللنساء في ديننا الحنيف، احترام خاص، إذ قال المصطفى صلوات الله وسلامه عليه: "لا يكرمهن إلا كريم، ولا يهينهن إلا لئيم". وفي حجة الوداع بلّغنا: استوصوا بالنساء خيراً..! فمن أين جاء هؤلاء، بكل هذا الحقد والمروق، وكيف تراكم في نفوسهم كل هذا التهيؤ لإهدار كرامات الناس وامتصاص عافيتها؟ * الكاتب يشغل منصب سفير فلسطين في الهند. منقول
الفايسبوك عصيّ على الموت
بقلم لبنى فواز
أشعر بأنني خالدة... بات للتكنولوجيا دور في خلودي فعندما سأموت غداً او ما بعده سيبقى لكم مني ذكرى شئت أم أبيت... شئتم أم أبيتم! غداً أو ما بعده، ستمرون على صفحتي الافتراضية، تطالعون صوري الضاحكة والمبتسمة... قد تضغطون على زر الإعجاب، لربما تعلقون وتترحمون، وقد أعرف... لكن بالتأكيد لن يكون بمقدوري …لقراءة المزيد
أشعر بأنني خالدة... بات للتكنولوجيا دور في خلودي فعندما سأموت غداً او ما بعده سيبقى لكم مني ذكرى شئت أم أبيت... شئتم أم أبيتم! غداً أو ما بعده، ستمرون على صفحتي الافتراضية، تطالعون صوري الضاحكة والمبتسمة... قد تضغطون على زر الإعجاب، لربما تعلقون وتترحمون، وقد أعرف... لكن بالتأكيد لن يكون بمقدوري الرد. غدأ أو ما بعده، حياتي كما أعيشها ستفنى لكن حياتي الافتراضية ستبقى مرصوصةً على شاشة عالقة ما بين عالمين. قد يجركم الحنين للتجول على حائطي، قد تعيدون قراءة أمنياتكم لي بعيد سعيد وبمئات السنوات المقبلة المملوؤة سعادة وهناء... وقد أبتسم من هناك... من حيث سأكون، إذ لم يتح لي أن أكمل سنتي تلك فكيف بما بعدها؟ سيبقى لكم مني ذكرى، بعضكم سيفرح بها وسيحبها وبعضكم سيلعن تقنيات العصر وطوارق الزمان. غداً أو ما بعده، تحديداً في تلك اللحظة السرمدية ما بين المقر والمستقر سأفقد سيطرتي على عالمي الافتراضي فيتحول إلى كيان قائم بذاته ومن دوني... أنا كما أنا سأنتهي لكن حياتي الرديفة ستبقى وستستمر إلى أن يقضي الله أمراً. آنذاك... تذكروا: لن أكون أنا من ستكتبون لها بل طيفي. حتى صوري لن ترونني فيها، ستتلبسها روح قديسة كما كل الراحلين. أعرفكم أنا: لن تذكروا مساوئي وستغدقون عليّ كل ما ملكته أيمانكم من صفات القداسة والورع. أنا أضحك الآن... أشعر بأنني سأترك تعليقاً لشخصيتي الافتراضية على الفايسبوك علّه يعيدكم إلى رشدكم ويذكركم بأناي الحقيقية التي هي أبعد ما تكون عن... القداسة! في الفايسبوك كما على الأرض، في الستايتوس كما على شاهد الضريح، فليدوَّن بكل ثقة: "إمتلأت حياةً حتى الموت" اللهم أشهد فإني قد حييت وأنجزت وأنجبت وسعدت وقرّت عيناي... اللهم أشهد فإني قد أحببَت وأُحببت. لبنى فواز إعلامية لبنانية مقيمة في كندا ، و يمكن قراءة المزيد من كتاباتها الشيقة على موقعها الشخصي " في أثر الفراشة" على الرابط: http://loubnafawaz.blogspot.com/
المرأة العربية أمام خيارين: إما التحرش في الشارع أو العودة للبيت
متحرشون ومناهضون للتحرش، ومتفرجون على التحرش، ومتحرش بهن، في شوارع القاهرة. يجيئون من كل صوب، وينتمون إلى شتى فئات المجتمع، ولا يجمع بين الجميع إلا عاملان: الأول السن، فالكل في مرحلة الشباب، والثاني الحرية التي ينعم الجميع بها. فبعدما تحولت الأعياد الدينية في مصر إلى موسم للتحرش باتت جموع الشباب …لقراءة المزيد
متحرشون ومناهضون للتحرش، ومتفرجون على التحرش، ومتحرش بهن، في شوارع القاهرة. يجيئون من كل صوب، وينتمون إلى شتى فئات المجتمع، ولا يجمع بين الجميع إلا عاملان: الأول السن، فالكل في مرحلة الشباب، والثاني الحرية التي ينعم الجميع بها. فبعدما تحولت الأعياد الدينية في مصر إلى موسم للتحرش باتت جموع الشباب تنظم رحلات الخروج والترفيه متضمنة بنداً مهماً، هو التحرش. الظاهرة التي بدأت قبل ثورة يناير بقليل كانت تقابل بالإنكار الرسمي حيناً، ثم بالاعتراف بوجودها مع اللجوء إلى العنف في التعامل مع المتحرشين – في حال وصلت الحالات إلى أقسام الشرطة، ثم تحول الأمر بعد الثورة إلى فوضى كاملة في ظل الغياب الأمني أو عودته مع غض الطرف عن التجاوزات الأمنية الحاصلة تحت سمع رجال الشرطة وبصرهم. وبعيداً من أسباب تقاعس الأمن، أو انحدار الأخلاق، أو تدهور السلوكيات، فإن في الشارع حالياً متسعاً للجميع ليتصرف كيفما شاء في شأن التحرش. فالمتحرشون الذين تتراوح أعمار غالبيتهم بين العاشرة ومنتصف العشرينات من العمر يشعرون بأن الثورة حررتهم من مشاعر الخوف التي كانت تنتابهم لدى رؤيتهم ضابط شرطة قد يجهض وجوده تحرشهم بفتاة. حازم (15 عاماً) يشارك زملاءه في «التعرف إلى فتيات» على الكورنيش أو في شوارع وسط القاهرة. هذا التعارف الذي يتم من خلال تتبع مجموعة فتيات، وتطويقهن، ينتهي بإحدى نهايتين: إما أن يفوز كل منهم بفتاة يمضي معها بضع ساعات، أو ترفض الفتيات ذلك، فيبادر هو وأصدقاؤه إلى سبهن، أو لمسهن. وعلى رغم ذلك يقول: «البنات ناقصات تربية، ويردن أن نعاكسهن (نتحرش بهن)، يتحدثن بصوت مرتفع، ويضحكن، وكلها علامات على أنهن يردن التعرف إلى الشباب، وإلا ما الذي يدعوهن إلى المشي في شوارع وسط القاهرة أو الكورنيش أصلاً؟!». وعلى رغم أنه يعترف بأنه لم يكن «يعاكس» قبل الثورة إلا في الأماكن التي لا توجد فيها الشرطة خوفاً من مضايقاتـــها و «ظلمها» الشعبَ، إلا أنه يؤكد «بكل فخر» أن ما يقوم به عمل لا غبار عليه (البنات عايزة كده)، كما أن «زمن جبروت الشرطة انتـــهى، والكـــلمة أصبحت للشعب»! المتحرش الذي يؤمن بأن الكلمة أصبحت للشعب بعد الثورة، ومن ثم يكون من حق الشعب أن يتحرش بالفتاة «القليلة الأدب» التي جرؤت على النزول إلى الشارع، بل والتحدث والضحك بصوت مرتفع، لا يجد في الشارع نفسه من يتصدى لتحرشاته بالفتيات والسيدات من بين صفوف الشرطة. وعلى رغم انتشار أفراد الشرطة في الشوارع، بل وتركزهم أثناء عطلة عيد الأضحى الأسبوع الماضي في بؤر التحرش المعروفة في وسط القاهرة وعلى كورنيش نهر النيل، إلا أن وجودهم لا يؤثر كثيراً في نيات المتحرشين، لا سيما أن القناعات الشخصية لأولئك الأفراد لا تختلف كثيراً عن المتحرشين أنفسهم. يقول أحدهم: «لو طلب مني الضابط التدخل لإلقاء القبض على أحد الشباب لقيامه بالتحرش، فسأفعل، لكن البنات مخطئات أيضاً لأنهن يحضرن إلى أماكن غير آمنة، والبنت التي تحترم نفسها لا تأتي إلى هنا». لكن البنات اللواتي يحضرن إلى الشارع، على اختلاف درجات احترامهن لأنفسهن، يصبحن في موقف لا يحسدن عليه. فقد بتن واقعات تحت ضغوط شتى بعد ما يقرب من عامين من ثورة اندلعت من أجل الحرية والديموقراطية والعدالة في الألفية الثالثة، وها هن يجدن حقهن في استخدام الشارع مسألة قابلة للمنح والمنع. فبين مطرقة تيارات الإسلام السياسي المسيطرة المعروفة بتوجهاتها «الحامية» للمرأة من خلال منعها وحجبها وتقزيمها، وسندان تدني أخلاقي واضح ناجم عن سنوات طويلة من تدهور التعليم والفقر والتدين المظهري وغياب القدوة، أدى إلى وقوع الفتيات ضحية للانغلاق الفكري للجماعات المتشددة والذي يأتي على هوى الانحدار الأخلاقي الباحث عن مبرر لمباركة اعتدائه على الفتيات. حرية أولئك الفتيات تعني أن عليهن أن يخترن بين النزول إلى الشارع، وفي هذه الحال يكن عرضة للتحرش، أو أن يلتزمن بيوتهن. ونظراً إلى استمرار غلبة العوامل التقليدية المجتمعية التي تمنع غالبية الفتيات من الإبلاغ عن تعرضهن للتحرش «لأن البنت المؤدبة لا تجاهر بمثل هذه الأمور»، فقد فتح هذا المجال لشباب نجا من براثن الفقر والتعليم المتدني والتنشئة الدينية السطحية ليدلو بدلوه بطريقته الخاصة. وعلى رغم أن جمعيات ومنظمات أهلية عدة بدأت منذ سنوات جهوداً توعوية لمناهضة التحرش، إلا أن الجهود الميدانية التي بذلت في عطلة عيد الأضحى الأسبوع الماضي كانت الأقوى والأفضل والأكبر أثراً. حركتان مدنيتان شبابيتان أعدتا مجموعات عمل ميداني للنزول إلى بؤر التحرش في العيد لحماية الفتيات وتوعية و / أو تسليم المتحرشين للشرطة. «بصمة» وهي حركة اجتماعية تطوعية تهدف إلى تغيير كل ما يشوه المجتمع من جهل ورجعية، ودعم وتطوير كل ما يخدمه، بالتعاون مع حركة «ضد التحرش» التي تعرف نفسها بأنها حركة للضغط للتطبيق وتفعيل قانون قوي يمنع التحرش، أعلنتا شارع «طلعت حرب» في وسط القاهرة – والذي اكتسب شهرته في الأشهر الماضية باعتباره من أشهر أماكن التحرش - منطقة خالية من التحرش وآمنة على مدى أيام العيد. مجموعات المتطوعين من الشباب التي خضعت لتدريبات قبلها بأيام نجحت في كسر تابو مواجهة التحرش، من خلال توعية المتحرشين أنفسهم، وتسليم المتحرشين الرافضين للنصح إلى الشرطة. كما شيدوا «كشكاً» لهم في قلب الميدان لتلقي تقارير المجموعات، ولتلقي الاستغاثات. وعلى رغم الجهد الرائع لـ «بصمة» و «ضد التحرش» – وهما حركتان غير مسيّستين - إلا أن مثل هذه الجهود تثير سؤالاً خطيراً عن الآثار المتوقعة لاستمرار التخاذل أو الضعف أو الخلل الأمني. العميد محمد سالم (ضابط شرطة متقاعد) يثني كثيراً على جهود الشباب المدنية لحماية الممتلكات، أو لمناهضة التحرش، أو لتأمين المباني، لكنه يحذر من أن تلك الجهود المحمودة لو طال أمدها من شأنها أن تنشئ أجهزة شرطة موازية للجهاز الرسمي، وهو ما يعني أن المواطن يعتاد وجود منظومات عدة بغرض حمايته، فقد يلجأ اليوم إلى الشرطة الرسمية، ويلجأ غداً إلى مجموعة متطوعة لحمايته أو إعادة حق مغتصب، وهو ما يؤدي إلى تقلص دور الشرطة، وربما تنامي دور المجموعات الأمنية الموازية ليتحول بعضها إلى ميليشيات. الحرية المفتوحة على مصراعيها أمام المتحرش والمتحرش بها والشرطة والمتطوعين تبحث عمن يضبط إيقاعها، سواء كان في هيئة إصلاح منظومة تعليم، أم تصحيح مسار تنشئة دينية، أم تطبيق صارم للقانون من دون خرق أو عنف، أم توعية لأجهزة الشرطة نفسها بحقيقة دورها، أم تذكير مستمر للمجتمع بأننا بتنا في العام الـ12 من الألفية الثالثة. المصدر: صحيفة الحياة اللندنية
صفحات مجهولة لزعيم الإخوان المسلمين سيد قطب والروائي الكبير نجيب محفوظ
بقلم محمد شعير
حاول الكاتب والناشر عبد الحميد جودة السحار إقناع نجيب محفوظ بالانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، حدّد له موعداً مع حسن البنا، ولكن عميد الرواية الذي كان حينها في بداية حياته الفكرية، كان ينفر بشكل فطري من التنظيمات المغلقة، التي تقترب في بنائها من الفاشية، ويرى أن جماعة الإخوان و"مصر الفتاة" مجرد …لقراءة المزيد
حاول الكاتب والناشر عبد الحميد جودة السحار إقناع نجيب محفوظ بالانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، حدّد له موعداً مع حسن البنا، ولكن عميد الرواية الذي كان حينها في بداية حياته الفكرية، كان ينفر بشكل فطري من التنظيمات المغلقة، التي تقترب في بنائها من الفاشية، ويرى أن جماعة الإخوان و"مصر الفتاة" مجرد تنظيمات "فاشية وانتهازية في الوقت ذاته". لذا نفر منهما، مفضلا الانضمام إلى "الوفد". قال له السحار: "تعالَ قابلْ البنا وبعدين احكم". ولكن محفوظ لم يكن "يطيق هذه السيرة أبداً". قال في واحد من حواراته: "أما الذين كرهتهم منذ البداية، فهم الإخوان المسلمون، الإخوان في البداية كانت جمعية دينية تضم وفديين وغير وفديين، ولكن عندما وجدناهم بدأوا ينافسون الوفد، عاديناهم، كنا نعتبر أي منافسة للوفد بمثابة إضعاف لقوته الضارية..". لم يتغير موقف محفوظ حتى عندما التحق واحد من معارفه بالجماعة، بل صار مفكرها الأبرز في ما بعد: سيد قطب الذي ربطته بالعميد علاقة صداقة - هو يكبر محفوظ بخمس سنوات فقط - وكان ناقدا أدبيا وروائياً وشاعراً كانت أناشيده مقررة على طلبة المدارس حتى منتصف الستينيات، عندما تم القبض عليه، كما أنه كتب رواية مهمة تقترب من أن تكون سيرة ذاتية يشرح فيها معاناته النفسية بعد قصة حب فاشلة تتخللها لقاءات غرامية وجنسية. الرواية التي صدرت عام 1947 وحملت عنوان "أشواك" واحدة من كتابات قطب التي يحاول الإخوان إخفاءها، كأنها لم تكن باعتبارها نتاج المرحلة الجاهلية لقطب. ربما أبرز ما يحاول الإخوان أيضا إخفاءه في السيرة الذاتية لقطب، قصة إلحاده الشهيرة والتي كتب عنها عام 1939 "ظللت أحد عشر عاماً ملحداً حتى عثرت على الطريق إلى الله، وعرفت طمأنينة الإيمان"، وكأن قطب ولد فقط عندما التقى مع أفكار حسن البنا، والتحق بالجماعة، ما قبل ذلك التاريخ هو مجرد لحظة عابرة من وجهة نظر جماعة الإخوان. ما يتناساه الإخوان هنا حق الإنسان في الخطأ أو البحث، ولو أن أفكار قطب نفسه الخاصة بجاهلية المجتمع، وقتل المختلفين والملحدين، كانت سابقة عليه، لكان هو أول "المرتدين" الذين وجب قتلهم، بحسب منطقهم ولخسرت الجماعة مُنظِّرها الأكبر والأهم والأخطر بعد حسن البنا منذ تأسيسها حتى الآن. رواية "أشواك" (1947) واحدة من كتابات سيد قطب التي حاول "الاخوان" إخفاءها بدأت علاقة قطب ومحفوظ عبر الكتابة، وحدها، لم يكونا قد التقيا بعد عندما كتب قطب دراسته الأولى عن محفوظ بعد أن أصدر روايته الثانية "كفاح طيبة" التي كتب عنها في مجلة "الرسالة" عام 1944 "لو كان لي من الأمر شيء لجعلت هذه القصة في يد كل فتى وكل فتاة، ولطبعتها ووزعتها على كل بيت بالمجان، ولأقمت لصاحبها - الذي لا أعرفه - حفلة من حفلات التكريم التي لا عداد لها في مصر، للمستحقين وغير المستحقين". بعد هذه المقالة كتب قطب ثلاث مقالات أخرى في مديح محفوظ عن روايات "خان الخليلي"، و"القاهرة الجديدة"، وأخيراً "زقاق المدق" وكتبها في مجلة "الفكر الجديد".. كما كتب عن محفوظ في رسالة له أرسلها من أميركا إلى توفيق الحكيم (نشرت أيضا في مجلة "الرسالة" عام 1949) مَدح في رسالته تلك يحيى حقي "الذي استلهم أعماق الطبيعة المصرية، وهو يصور الإيمان بكرامات الست أم هاشم، وما يتصل بها من عقائد وأساطير"، كما كتب عن محفوظ "الذي يصور في أعماله سخرية القدر وآمال الناس وأحلامهم".. ويختتم قطب رسالته "أنا واثق أنه سيكون لنا أدب خالد وأنه ستكون لنا حياة فكرية وإنسانية ملحوظة ذلك يوم نؤمن بأنفسنا، يوم نشعر أن لدينا ما نعطيه، يوم نستلهم طبيعتنا الأصلية، يوم نهتدي في ذواتنا إلى النبع العميق". [ الثنائيات هنا نجد أنفسنا أمام قطب الناقد الأدبى شديد الحساسية، الذي لا يرفض رواية يحيى حقي "قنديل أم هاشم"، بل يثمنها ويقدرها، ويعتبرها في رسالته "استلهام أعماق الطبيعة"، لكنه انتقد فيما بعد زيارة الأضرحة، واعتبرها كفراً. ورغم أن كتابات قطب عن محفوظ في ذلك الوقت كانت كتابات احتفائية تبشيرية ذات طابع دعائي أكثر من كونها نقداً حقيقياً، لم يتخلص فيه قطب من حديثه عن "الهوية" والبحث عن أدب "قوي واضح السمات متميز المعالم، ذي روح مصرية خالصة من تأثير الشوائب الأجنبية - مع انتفاعه بها - نستطيع أن نقدمه - مع قوميته الخاصة - على المائدة العالمية"، كما أن قطب اعتبر "زقاق المدق": "قصة الصراع بين الروح والمادة، بين العقائد الدينية والخلقية والاجتماعية والعلمية، بين الفضيلة والرذيلة، بين الغنى والفقر، بين الحب والمال في مضمار الحياة".. وهذه الثنائيات التي كان يبحث عنها داخل العمل انتهت به في ما بعد إلى تقسيمه العالم إلى معسكرين "مسلمين وكافرين". لم يدرك قطب أن الأديب ليس مجرد زعيم سياسي أو داعية، إنما مجرد لاعب، يستمتع وهو يكتب ويمنح الآخرين أيضا متعة اللعب والتأمل معه! لم تكن علاقة محفوظ وقطب علاقة تلميذ بأستاذه، إذ لم يكن عميد الرواية يُخفي أنه تلميذ لاثنين، الشيخ مصطفى عبد الرازق، وسلامة موسى، أخذ من الأول كما يقول رجاء النقاش "نظرته المستنيرة إلى التراث العربي والإسلامي، ومن الثاني التطلع إلى التجديد الحضاري، والدعوة إلى العدالة الاجتماعية، ورد الاعتبار للجذور القديمة للشخصية المصرية"، لذا يمكن اعتبار علاقته بقطب علاقة احترام لا صداقة أو تلمذة، علاقة "أدبية أكثر من كونها علاقة إنسانية" بتعبير محفوظ نفسه، إذ كان قطب يتردد على ندوة الأوبرا التي كان يقيمها محفوظ كل يوم جمعة. وقد يكون معروفاً أن محفوظ كتب عن قطب، ثلاثة مقالات، الأول عندما صدر كتاب قطب "التصوير الفني في القرآن": "ها أنت تبين لنا في عصر الموسيقى والتصوير والقصة بقوة وإلهام، أن كتابنا المحبوب هو الموسيقى والتصوير والقصة، في أسمى ما ترقى إليه من الوحى والإبداع". أما المرة الثانية، عندما صدرت رواية "أشواك" وهى الرواية التي صدرت عن (دار سعد عام 1947) وكتب عنها محفوظ مقالا يكاد يكون مجهولا لكثيرين، نشر في جريدة "الوادي" عقب صدور الرواية مباشرة، ولم يذكره أحد في البيلوغرافيات الخاصة بمحفوظ، هذا المقال ينفي عدم اهتمام النقاد بما كتبه قطب، حتى إن البعض كتب أن الرواية لم يكتب عنها أي ناقد، مما أصاب قطب بكراهية للوسط الأدبي والثقافي، ويثبت مقال محفوظ أن "رواية قطب" هي سيرة ذاتية لقصة حبه، مستشهداً بالأداء الذي كتب به قطب الرواية، "إلى التي خاضت معي في الأشواك، فدَميتْ ودميتُ، وشقيتْ وشقيتُ، ثم سارت في طريق وسرت في طريق، جريحين بعد المعركة، لا نفسها إلى قرار، ولا نفسي إلى استقرار". [ أشواك بطل "أشواك" أديب له مكانة مرموقة في المجتمع، يعيش في إحدى الضواحي، ويستقل القطار يومياً إلى حلوان، حيث يقيم، مع أشقائه الثلاثة، وتتناول قصة حبه الفاشلة، وقد كتب البعض حينها أنها كُتبت على غرار رواية "سارة" للعقاد. الرواية (نشرتها أخيراً هيئة الكتاب بمقدمة للشاعر شعبان يوسف) قائمة على انهيار علاقة "سامي" بطل الرواية بفتاته "سميرة" لأسباب تتعلق بالغيرة، وأن "سامي" كان يشك في خطيبته، بأسباب ودون أسباب، وعندما كانت سميرة تعتزله، أو تبتعد عنه، ويعاني البطل معاناة كبيرة من هجر المحبوبة، ويحاول بأشكال مختلفة التقرب - وبحيل العاشق الملتاع، وعقلية المجروح - أن يلتقي بها، أو يراها، أو يتمشى في الشارع الذي تسكن فيه، أو حتى يركب الترام الذي يصل إلى منزلها، للدرجة التي دعته إلى أن يطلق تعبير "الترام المسحور" على هذا الترام الذي يمر أمام منزلها. تبدأ الرواية بمشهد الخطوبة، الذي يضم الأهل والأقارب والأصدقاء، عندما تفاجئ "سميرة" "سامي" بأنها كانت تحب شخصاً آخر، وتقدم لخطبتها، ورفض أهله، وتوحي له بأنها ما زالت أطيافه تناوشها، ولكنها أوضحت له أنها أرادت أن توضح له ذلك، حتى لا يكون هناك مسكوت عنه في حياتهما. ولكن سامي أرّقته هذه المعلومات، وراح يستقصي بنفسه عن مدى صحتها وعمقها، وهل ما زال أثرها باقياً في روح سميرة، أم لا، ولكنه وعدها بأنه سيساعدها في أن يكون مصلحاً بينهما، فيعيد ما انقطع بين "سميرة" و"ضياء" حبيبها السابق. ويحاول "سامي" الإصلاح بين "سميرة" و"ضياء"، الذي يعمل ضابطاً، لكن الأخير لا يعتني بالموضوع، ويخبره بأن أهله غير راضين عن زواجه بسميرة، ومن ثم علاقته انقطعت بها إلى الأبد، ولكن "ضياء" يخبره بأن سميرة ذهبت إليه مرة في المعسكر الذي يعمل به، وطلبت منه أن يعود لأهله ولا يتركهم بسببها، وهنا اشتعل خيال "سامي" بتصورات عن العلاقة بين فتاته وحبيبها السابق، وكان شكه فيها غير محتمل. وانتهى الأمر بالقطيعة بينهما وفسخ الخطبة، بعد أن رأت أسرتها أنه سمم العلاقة بذلك الهاجس الذي يسيطر عليه، وظل عدة شهور مرتبطاً بها ويتردد على البيت يومياً، وأسرتها تثق به وتتركه يختلي بها أحيانا لينعم بالحب معها. إنه يريد في فتاة أحلامه الحورية القاهرية المغمضة العينين، والفتاة العذراء القلب والجسد، في زي قاهري. لم يثمن محفوظ في مقالته الرواية، رآها "تجربة شخصية، فهي معفاة من ضرورات الخلق في الموضوع والشخوص، كما ينبغي أن نذكر أن القاص لا يستحق هذا الاسم حقا حتى يخرج عن نطاق ذاته، ويكتب عن الآخرين". في الرواية يستخدم قطب لغة مكشوفة في كثير من مناطق الرواية، تصل إلى أن تكون حسب التصورات الأخلاقية البعيدة عن روح النقد الأدبي والفني لغة "بورنوغرافية"، وربما لهذا يريد الإخوان إخفاء الرواية كلية، بل وإعدامها من أرشيف التاريخ! المرة الثالثة التي كتب فيها محفوظ عن قطب، كانت في كتابه الشهير "المرايا"، كتب بورتريهاً أدبياً عن شخصية قطب، حمل فيها قطب اسم عبد الوهاب إسماعيل "إنه اليوم أسطورة، وكالأسطورة تختلف فيه التفاسير، وبالرغم من أنني لم ألق منه إلا كل معاملة كريمة أخوية إلا أنني لم أرتح لسحنته ولا لنظرة عينيه الجاحظتين الحادتين..". ويضيف محفوظ "وبالرغم من أن عبد الوهاب إسماعيل لم يكن يتكلم في الدين، وبالرغم من تظاهره بالعصرية في أفكاره وملابسه وأخذه بالأساليب الإفرنجية في الطعام وارتياده دور السينما، إلا أن تأثره بالدين وإيمانه بل وتعصبه لم يخف عليّ. اذكر كاتباً قبطياً شاباً أهداه كتابا له يحوي مقالات في النقد والاجتماع، فحدثني عنه فقال: إنه كاتب مطلّع حساس وذو أصالة في الأسلوب والتفكير. فسألته ببراءة متى تكتب عنه، فابتسم ابتسامة غامضة وقال: لن أشترك في بناء قلم سيعمل غداً على تجريح تراثنا الإسلامي بكافة السبل الملتوية.. وأضاف: لا ثقة لي في أتباع الأديان الأخرى"! [التغيير تمضي السنون ويتحول سيد قطب في طريق آخر يُكفّر فيه المجتمع وكان آخر لقاء جمعهما في بيته بحلوان.. "حيث ذهبت لزيارته في عام 1964 بصحبة السحار أيضا عقب خروجه من السجن بعفو صحي.." رغم معرفة محفوظ بخطورة هذه الزيارة وبما يمكن أن تسببه من متاعب أمنية، كما قال لجمال الغيطاني في كتابه "نجيب محفوظ يتذكر": "في تلك الزيارة تحدثنا في الأدب ومشاكله، ثم تطرق الحديث إلى الدين والمرأة والحياة، وكانت المرة الأولى التي ألمس فيها بعمق مدى التغيير الكبير الذي طرأ على شخصية سيد قطب وأفكاره.. لقد رأيت أمامي إنساناً آخر.. حاد الفكر.. متطرف الرأي.. يرى أن المجتمع عاد إلى (الجاهلية الأولى) وأنه مجتمع كافر لا بد من تقويمه بتطبيق شرع الله، انطلاقاً من فكرة (الحاكمية) لا حكم إلا لله.. وسمعت منه آراءه، دون الدخول معه في جدل أو نقاش.. فماذا يفيد الجدل مع رجل وصل إلى تلك المرحلة من الاعتقاد المتعصب؟!". يضيف محفوظ "فى تلك الزيارة كان مع قطب مجموعة من أصحاب الذقون، لم يكن قطب يشبه صديقي القديم الذي عرفته فيه، وأردت أن أكسر حدة الصمت الثقيل، فقلت دعابة عابرة، وافترضت أن أساريرهم ستنفرج وسيضحكون، ولكنهم نظروا إلىَّ شذراً، ولم يضحك أحد حتى سيد نفسه، وعندها غادرت البيت صامتاً، وشعرت بمدى التحول الذي طرأ عليه". لم يضحك قطب على مزحة محفوظ، فأدرك محفوظ أنه أمام شخص آخر غير الذي عرفه..شخص كانت بدايته مع السخرية، كاتبا ساخرا في المجلة الفكاهية الساخرة "إشمعنى" التي أصدرها فنان الكاريكاتير المصري رخا، وصدر منها ثلاثة أعداد في نهاية عام 1929 وبداية 1930 وكان رخا (كما يقول في مذكراته التي صدرت في أخبار اليوم) قد تعرف الى قطب عام 1928 في مكتب عبدالقادر حمزة صاحب جريدة "البلاغ" الذي لمح فيه الذكاء والموهبة وجعله مسؤولا عن صفحة الشعر في"البلاغ الأسبوعي" فكان يتلقي رسائل القراء من هواة الشعر ويختار منها الأجود فينشره فإذا لم يجد شيئا جديرا بالنشر اختار قصائد من عيون الشعر وقام بنشرها. كتب قطب ثلاث مقالاته في المجلة الفكاهية كان الأول بعنوان "حماتي" ينم عن كاتب كاريكاتيري ساخر من الطراز الأول ويقول في هذا المقال: "المفروض - هذا خطأ - أنني متزوج "مراتي" ولكن الصحيح أني متزوج"حماتي "وأصح من ذلك أن حماتي "متزوجاني..". أما المقال الثاني فكان بعنوان "صديقنا الشاعر".. كتب فيه: "محمد أفندي - نسيت أقول الأستاذ - شاعر وشاعر كبير.. يكفي أن تعرف أن "طاقية" النوم ترافقه إلي الديوان في 300 يوم من أيام السنة بدلا من الطربوش المحترم الذي ينتظر علي الشماعة أو في أي مكان آخر.. وأن هذا الطربوش طالما استعمله صديقنا "سلة مهملات" لقطع الورق المتخلفة من مسودات القصائد الممزقة اثناء سياحته في أحد الكواكب حيث يستلهم وحي الشعر الخالد يكفي أن تعرف ذلك لتتأكد من أن صديقنا محمد أفندي شاعر كبير! وبحكم هذه الشاعرية توثقت عري الصداقة بين صاحبنا والساعة الثالثة صباحاً وبعض الأماكن الخالية إلا من "صوت الطبيعة" كما يقول. [ العري التام هذا الساخر كتب فيما بعد في جريدة الأهرام مقالا في 7 اكتوبر 1937 يدعو فيها إلى العري التام مؤكداً أن: "نشر الصور العارية ووصف الحالة على الشواطئ فيهما من الإغراء أكثر مما في الأجسام العارية نفسها، الصورة والوصف يتركان المجال واسعا للخيال، أما الجسم العاري نفسه فالخيال أمامه محدود وما تلبث النفس أن تشبع من النظر إليه. أيها المصلحون الغيورون على الأخلاق، أطلقوا الشواطئ عارية لاعبة فذلك خير ضامن لتهدئه الشهوات الجامحة وخير ضامن للأخلاق".... وقال في المقال نفسه: "ليس في الجسم العاري على (البلاج) فتنة لمن يشاهده ويراه في متناول عينه كل لحظة. وفتن الأجسام هناك، هي المستترة في (البرنس) أو (الفستان) أما في (المايوه)، فهي لا تجذب ولا تثير. وإن أثارت شيئا فهو الإعجاب الفني البعيد - بقدر ما يستطاع - عن النظرة المخوفة المرهوبة". الفرق بين البدايات والنهايات شاسع وخاصة إذا قارنا بين مواقف قطب اللبرالية تلك، ومواقفه بعد تحولاته المثيرة، فبعد قيام ثورة يوليو عمل قطب مستشاراً "عمالياً" لعبد المنعم أمين أحد الضباط الأحرار والذي كان منتميا لجماعة الإخوان، في تلك الفترة كتب قطب مقالا يدعو إلى إعدام "خميس والبقري"، ودعا الى منع قيام اتحاد للعمال، كان قد أعلن تأسيسه في سبتمبر 52. ولقرب سيد قطب من كثير من قيادات الثورة نصحهم بمنع إذاعة الاغاني في الإذاعة، وطالب بإسكات تلك "الأصوات الدنسة" مثل محمد عبد الوهاب ـ ام كلثوم ـ فريد الاطرش ـ محمد فوزي ـ ليلى مراد ـ سيد درويش ـ عبد العزيز محمود، لأن الإذاعة على حد تعبيره قد تفانت في إرضاء الملك لمدة ربع قرن وبات المطلوب تربية جديدة للشعب تظهر رجولته وان مادحي الملك والمنشدين تحبهم الجماهير كما يحبون المخدرات.. فواجبات الثورة صيانة الضمائر والأخلاق من التميع والشهوات المريضة، واشترط وقتها ألا تذيع الإذاعة سوى الأغنيات الدينية المكتوبة بالعربية الفصحى، وكان أن استيقظ المستمعون ليجدوا أن الإذاعة لا تذيع سوى أغنيات "ولد الهدى"، و"سلوا قلبي" وحدهما دون أي شيء آخر، مل المصريون فهجروا إذاعتهم إلى إذاعة الشرق الأدنى، وخاصة أن صوتا جديدا قد بدأ يظهر وقتها ( فيروز اللبنانية)، وكانت إذاعة الشرق الأدنى ذات توجهات استعمارية، ارتبطت بقوة بالاستعمار البريطاني، وكان المصريون يستمعون إلى نشرات الأخبار التي تبثها، ولم يعودوا إلى الاستماع إلى أخبار الإذاعة المصرية... غضب عبد الناصر بشدة من القرار، وعقد اجتماعا لمجلس قيادة الثورة لمناقشة الأمر، فألغى القرارات السابقة التي ظل العمل بها 18 يوما، ولكن المصريين أيضا لم يعودوا يأبهون بالإذاعة المصرية، ظلت إذاعة الشرق الأدنى مصدرا لأخبارهم..وكانت تعليمات عبد الناصر أن تبدأ الإذاعة في تقديم مسلسل جديد في نفس وقت إذاعة نشرة أخبار "الشرق الأدنى".. وكان مسلسل "سمارة" الشهير! محفوظ وقطب إذن نموذجان مختلفان، كلاهما باحث عن حقيقة ما، لكن قطب كان صاحب مشوار مليء بالانقلابات والتغيرات الحادة، كل مرة يصل إلى طريق يجد أنه طريق مسدود، سواء أكان في أحضان السلطة (أكانت الوفد أو ثورة يوليو التي عمل مستشاراً لها في فتراتها الأولى).. وليس نهاية بإحساسه أنه يمتلك الحقيقة المطلقة، التي تجيز له أن يُكفِّر المجتمع كله، بينما ظل نجيب محفوظ يقاوم السلطات تارة، وكتّاب التقارير وصناع الطغاة، وسكاكين المتطرفين وكل الصعوبات التي كادت تحول بينه وبين الكتابة تارات وتارات، حتى كانت محاولة الاغتيال التي تعرض لها عام 1994 بسبب روايته "أولاد حارتنا" لتصاب يده التي خطّت للأدب العربي أروع القصص والروايات، نتيجة طعنة مطواة في العنق سددها شاب غشيم لم يكن قد قرأ له حرفاً، ولكنه قرأ أفكار سيد قطب في مفارقة مدهشة، تلك الطعنة في رقبة محفوظ سددها له الصديق القديم المضطرب سيد قطب على وجه الحقيقة.شاب لم يعرف أن حلم محفوظ هو أن تمضى "الحياة في الحديقة والناي والغناء".. فهل يتحقق حلمه الذي هو حلمنا جميعا؟! قبل رحيله بعام، في جلسة مع الأصدقاء فاجأ محفوظ الجميع: "..يبدو أن المصريين يريدون أن يجربوا حكم الإخوان..".. وها هي رؤياه تتحقق، وإن كنا نتمنى أن تصبح فقط مجرد "تجريب".. لا "تمكين". نجيب محفوظ في مقال نادر عن صاحب "في ظلال القرآن": أشواك.. حكاية سيد قطب وعذاباته العاطفية! كأن هذه القصة قصيدة غنائية طويلة، غنائية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، فهي من ناحية تجربة ذاتية، وهي من ناحية أخرى تصف شعورا عميقا في حال عالية جدا من التوهج والحساسية والانفعال، حال يستحيل فيه الجسم ذوبا من العاطفة وتنقلب الروح أتونا تنصهر فيه المشاعر والأفكار والأوهام، هي قصة قلبين ألف بينهما الحب حتى بلغ بهما ليلة الخطوبة السعيدة، وفي تلك الليلة وحينما أمسك بيدها ليلبسها الخاتم أحس بها ترتعش متقلصة في يده، ونظر فإذا دمع تند من عينيها ويخلو بها وجلا مستخبرا فتبوح له بكل شيء مطمئنة إلى رجولته واثقة من حنانه، وتختم قصتها قائلة "وهذه الدمعة التي رأيتها لم يكن منها بد، كنت أشيع بها عهدا عزيزا، كان اللحن الموسيقي من حولي هو لحن الجنازة أشيع به نعشه (تعني حبيبها الأول) للمرة الأخيرة.. والآن لقد انتهى!". كلا لم ينته، ولكن بدأت صفحة جديدة من الإيثار والحب تتلوها صفحات من الغيرة والشك، ثم صفحات من الغفران والسعادة تعقبها أخريات من الوساوس والآلام، ولا يزالان في صراع مخيف، يحاولان نسيان الماضي والإخلاص للحاضر والمستقبل، حتى يقتلهما الصراع فيمد الماضي يده السوداء حائلا بينهما في قسوة ووحشية، وإذا بصاحبنا يعود كما كان قلبا خائبا في دنيا قفراء وتمر الأيام وهو لا يألو أن يقتلع من قلبه أحلام ماضيه فلا يجد إلى ذلك سبيلا، لقد ثبتت منه في القلب مودة وفي النفس صورة، لا يحس إلا بتلك ولا يري إلا هذه. ثم توغل الأيام في سيرها وإذا به يلتقي يوما بفتاته تجر بيدها طفلا، فيقبل عليها وقد نسي نفسه، وتستقبله بابتسامة الأسى البعيد، وتسأله عن حاله، وتقدم له طفلها، وكم راعه أن وجدها قد سمعته باسمه، وإن كان الاسم هو كل ما ظفر به حبه.. وكأن توفيق الكاتب باهرا رائعا، والتوفيق في مثل هذه القصة يتعلق قبل كل شيء بتصوير العواطف، فهي ليست كالقصة الموضوعية يتشعب فيها مجال التعبير لتعدد مقوماتها من الموضوع والشخوص والقيم الفنية المتنوعة، ولكنها تتركز في العاطفة الأساسية التي يتبلور فيها والباعث والموضوع والقصة جميعا. وقد كان توفيق الكاتب باهرا رائعا كما قلت، استوفى الغاية من الدقة والحساسية والعمق والصدق وتسجيل الخلجات حتى أدقها وأبعدها إيغالا في مسارب النفس، فاستطاع أن يحرك القلوب ويدمجها في مأساته، تعيش فيها، وتشارك في حبها ونفورها، ولذاتها وآلامها، وذلك كله في بيان سلس جميل مشرق يستأثر النفس بشاعريتها ويبهرها بدقته، ويستهويها بطابعه القصصي. ولم يشأ الكاتب أن يسوق وصفا مباشرا لبطليه، ولكن شخصيتيهما تبلوران وتتميزان في مجريات تصوير العاطفة التي تربطهما وانسياق الحوادث فيما بينهما..ومن ذلك يتبين أن فتاة من أولئك الفتيان الذين يهاجرون من الريف في طلب العلم ثم تستبقيهم أسباب الحياة في القاهرة فيعيشون على شاطئ الحياة بها محافظين على طهر منشأهم الأول، ولا يستجيبون لدواعيها إلا بمقدار لا يخدش الفضيلة بحال من الأحوال، يتخذون زيها ويقطنون مساكنها ويخالطون أناسها، حتى إذا هركتهم تجربة من تجاربها تكشف ظاهرهم المكتسب عن طبعهم الأصيل ونزعت بهم الأفئدة إلى تقاليدهم الأولى في حدة لا تعرف الاعتدال وغضب لا يبالي بالرحمة، فلم تخل عاطفته قط من صراع ونضال، وإذا أضفنا إلى ذلك ما جبل عليه من حساسية شديدة جعلت من نفسه فريسة سهلة للوساوس والشكوك، وما طبع عليه من كبرياء واعتزاز بالنفس دفعاه في أكثر من حال إلى أن يقف من فتاته موقف المعلم والمرشد، وإلى أن ينظر إليها من عل وهو لا يدري، إذا أضفنا هذا كله أمكننا أن نفهم البواعث التي كانت حرية بأن تقضي على حبه في أيه لحظة من اللحظات. وكأنه لم يفطن دائما لشدة شكه وكبريائه، ولكن جاء على لسان أهل خطيبته ما يؤكد هذا الخلل. فأم الفتاة تقول له وقد نفد صبرها.."... ولو كانت جارية يعذبها سيدها ما احتملت أكثر من هذا، كل يوم عتاب، وكل يوم مناقشة، وكل يوم تأنيب". وأخوها يقول عنه - في إبان الخلاف بأنه لم يكن في الحقيقة جادا في مشروعه وأنه كذلك كثير الشكوك والمخاوف إلى درجة لا تطاق. وفي هذا الوصف وذاك ما يدل على حقيقته بلا ريب، ولكن فتانا كان مخلصا لطبيعته ومنطقه فلم يدر أنه بات لا يطاق، ووئد حبه وهو يبكيه بدموع غزار. أما الفتاة فهى أنوثة مكتملة، مطمئنة إلى فتنتها معتزة بسحرها، وقد جربتها في رجلين أحبتهما وفي كثير ممن لم تحب، وكان اعتزازها بأنوثتها لا يقل عن اعتزازه بنفسه، فنشب الصراع بين قوتين جبارتين، وكأنهما آثرا معا في النهاية عذاب القطيعة والحرمان على ذل النفس والاذعان، ولم تكن تريد رجلا فحسب، ولكنها رامت رجلا يعبدها ويعتز بها، ويرى في أنوثتها ما ترى هي على الأقل، ولما قضت الظروف بأن تبديها أمامه عارية - على حد تعبيرها - وأن يطلع من ماضيها على ما عسى أن يبدد أحلامه وأوهامه، جفلت منه، وأبت أن تكون له، وداست قلبها ومستقبلها، ورضيت بالقبوع في بيتها تنتظر "أي رجل" غيره، قد لا يحوز رجولته وسجاياه ولكنها لن تقف منه موقف الإذلال أبدا، وفي هذا الكفاية لتلك النفس الحساسة العزيزة. انظر إليه كيف يقول عنها في موقف من مواقف الصراع..: "... فكانت تخشى أن تتودد كما يريد، فيحمل ذلك منها على ذلة الاعتراف، ومهانة الانكشاف، وكانت تقيس مكانها عنده باحتماله لتدللها.." وفي مرة أخرى تقول له:" تحسبونني طفلة، تغتصبونها وتوبخونها ثم ترضونها قطعة من الشيكولاتة!". أجل لم تكن فتاة تروم بعلاً فحسب، وقد قابلها حبيبها الأول بعد فسخ خطبتها وكأن طلبه سبب هذا الفسخ - فأبت أن تسلم عليه وردته ردا جميلا وهي الخطيئة المهجورة، وقد انصرم عام أو نحوه فرجع مستغفرا وراغبا وكان في أسوأ حال، خطيبته مهجورة لا ترجمها الألسنة والتخرصات، ولكن هل رحبت به؟ هل انتهزت الفرصة لتظفر برجلها وتقطع ألسنة السوء؟ كلا، وعلى العكس من ذلك راحت تقول له: "اسمع يا أخي، إنني لا أصلح لك، إن حياتنا لن تستقيم، إنني عارية أمامك، ولن أقف عارية أمام إنسان..." وأعود فأقول إن توفيق الكتاب كان باهرا رائعا، ولكن ينبغي أن نذكر إلى هذا أن القصة تجربة شخصية، فهي معفاة من ضرورات الخلق في الموضوع والشخوص، كما ينبغي أن نذكر أن القاص لا يستحق هذا الاسم حقا حتى يخرج عن نطاق ذاته، ويكتب عن الآخرين، ولكن ليس من شك أن من حقه أن يعالج تجربته الشخصية ولو مرة واحدة، ومن حقه كذلك إذا فعل فأحسن وأجاد أن يشهد لفنه بما هو أهله من السمو والبراعة. نجيب محفوظ نقلا عن المستقبل اللبنانية
«العجوز والبحر» لأرنست همنغواي: صراع في سبيل الصراع لا في سبيل الفريسة
بقلم إبراهيم العريس
بالنسبة الى ترومان كابوت، الكاتب الامـــيركي صاحب «إفطار عند تيفاني» و «بدم بارد»، تعتبر رواية «العــــجوز والبحر» لارنست همنغواي أسوأ رواية قرأها خلال سنوات طويلة. ومع هذا كان كـــابوت، طليق اللسان عادة، والـــذي لا يبدو على اية حال ان ثمة كتاباً اميركيين كثراً …لقراءة المزيد
بالنسبة الى ترومان كابوت، الكاتب الامـــيركي صاحب «إفطار عند تيفاني» و «بدم بارد»، تعتبر رواية «العــــجوز والبحر» لارنست همنغواي أسوأ رواية قرأها خلال سنوات طويلة. ومع هذا كان كـــابوت، طليق اللسان عادة، والـــذي لا يبدو على اية حال ان ثمة كتاباً اميركيين كثراً يعجبونه، كان من كبار المعجبين بـــروايـــات همنغواي الاخرى. مهما يكتب، فإن قلة من الناس كانت تـــأخذ آراء ترومان كابوت على محـــمل الجد، في الوقت الذي وقفت فيه كثرة منهم عند ذلك العمل المتأخّر من اعمال ارنست همنغواي مأخوذة مبهورة، ان لم يكن بالموضوع، فبأسلوب الكتـــابة على الاقل. بالتفاصيل. بالرمزية الكامنة في عمل ذكّر اهل الادب بـ «موبي ديك». ولعل هذا الاعجاب العام والكبير بـ «العجوز والبحر» هـــو الذي دفع كـــثراً من الـــكتّاب في مشارق الارض ومغاربها، بما في ذلك بعض كتــابنا الــعرب، الى مــحاكاة «العجــوز والبحر» وأحياناً «استلهامها مشهداً مشهداً». > غير ان هذا لا يهم طبعاً، طالما ان الكتّاب المقلدين عرفوا كيف يكيّفون الموضوع والتفاصيل مع بيئاتهم المحلية وهم يقسمون لمن يحب ان يصدقهم بأنهم انما اقتبسوا اعمالهم، ليس من «العجوز والبحر» بل من حكايات حدثت في ديارهم (!). و «الصدفة» هي «التي جعلتها شبيهة برواية ارنست همنغواي». والحقيقة انه لو صحّ هذا الكلام الاخير، لكان في هذا خير تحية لأدب الكاتب الاميركي الكبير، من حيث انه عرف في روايته تلك ان يعبّر عما حدث في اماكن عدة من العالم، لأناس متشابهين في ظروف متشابهة وأحياناً بلغة تكاد تكون هي نفسها وعبر تفاصيل لا تتغير. انها عالمية الادب والتعبير الفني أليس كذلك؟ > مهما يكن لا بد من ان نفترض هنا أن ارنست همنغواي كان - وربما لا يزال الى الآن والى حد كبير - واحداً من كبار ادباء اميركا الشمالية، بالمعنى العالمي الكوني للكلمة. وليس هذا فقط لأنه جعل انحاء عدة من العالم مسرحاً لرواياته (فرنسا، اسبانيا، مجاهل افريقيا... الخ)، بل كذلك لأن رواياته، مع انها اتّسمت بحساسية وخصوصية اميركيتين مرتفعتين، حملت في الوقت نفسه حساسية كونية لا شك فيها. ومن هنا قرئ في شتى انحاء العالم وفي شتى اللغات، ليس ككاتب يعبّر عن اميركا - كما حال فولكنر مثلاً - بل ككاتب يعبّر عن الانسانية جمعاء. وما روايته «العجوز والبحر» سوى خير مثال على هذا. > ومع ذلك نعرف ان «العجوز والبحر» واحدة من اعمال ارنست همنغواي القليلة التي تدور احداثها في اميركا نفسها. قلنا احداثها؟ ربما... حتى وإن كان واضحاً ان ليس ثمة احداث حقيقية في «العجوز والبحر»... وليس فيها شخصيات كثيرة. بطلها واحد هو الصياد العجوز سانتياغو، ومسرحها مختصر: مركب سانتياغو والبحر العريض. وموضوعها ضيّق: رغبة سانتياغو في اصطياد سمكة كبيرة. > من هنا لم يكن غريباً ان تبدأ الرواية على النحو الآتي: «كان يا ما كان... كان هناك رجل عجوز، يصطاد وحيداً في مركبه في مياه غولف - ستريم». في هذه العبارات القصيرة قال همنغواي منذ البداية كل شيء. وحدّد موضوعه. حدّد المتوقّع من موضوعه. وما يلي ذلك انما كان وصفاً بلغة سلسة تنتمي الى كل الازمان، لأمور تحدث دائماً في مثل هذا النوع من الحبكات والمواقف. ان سانتياغو لا يتوقف عن اخذ مركبه والتوجه به الى عرض البحر حيث يجدّد محاولته الابدية لاصطياد سمكة كبيرة. لا يردعه الفشل ولا ينهكه ان يحاول ويحاول من دون جدوى. تمضي عليه اسابيع وأسابيع من دون ان تلوح في الماء أي سمكة ولو لتلتهم الطعم وتهرب. انه وحيد في عرض البحر، يكاد يكون بلا ذاكرة... بلا تأمل بلا فلسفة. بلا حوار إلا مع نفسه. انه هناك لكي يصطاد السمكة وسوف يصطادها من دون ريب. سوف تأتي ذات يوم، لتكحّل ايام العجوز بفرح استثنائي. > ولكن متى؟ ان القارئ يسأم والصياد العجوز لا يسأم. واللغة بدورها لا تسأم. وهنا تكمن واحدة من ضروب عبقرية همنغواي، اذ ها هو يمعن في وصف المواقف والتفاصيل... التي تتكرر هي نفسها من صفحة الى اخرى، ولكن في لغة تبدو في كل مرة جديدة مغرية للقارئ... فيتمكن في نهاية الامر من إبقاء القارئ مشدود العينين الى صفحات الرواية. حتى اللحظة التي يتنفس فيها، هو والصياد واللغة معاً، الصعداء. اذ ها هي السمكة تصل بعد ايام وأسابيع. تصل عند ظهر يوم كان سانتياغو قصد فيه البحر عند الفجر. وما ان لاحت حتى يدرك صاحبنا ان الصراع قد بدأ. فالسمكة لامست المركب، كبيرة مهيبة... لكنها بدلاً من ان تستسلم، تبدأ ساحبة المركب نحو القاع. لا يجزع سانتياغو ولا يتردد، بل يصرخ بغريمته: «ايتها السمكة انني احبك كثيراً واحترمك، لكنني بالتأكيد سوف أنال منك». ويمرّ يومان من الصراع العنيف بين سانتياغو والسمكة، وتبدو لغة همنغواي استثنائية في وصف ذلك الصراع. ولا سيما في وصف الاعجاب الهائل الذي بات يعتري سانتاغو تجاه تلك السمكة، حتى وإن كان لم يرها بوضوح حتى الآن. اخيراً، عند صباح اليوم الثالث تظهر السمكة بجلالها ولونها الفضي اللامع وخطوطها الحمر الفوسفورية، ويشهق سانتياغو امام جمالها، هو الذي يدرك الآن ان ظهورها المباغت انما هو الفرصة التي تلوح له لاصطيادها وتحقيق حلمه: حلم السيطرة على حيوان يبدو الآن بالنسبة اليه خرافياً، مثل تلك الاسود الهائلة التي طالما زارته سابقاً في احلامه. وبالفعل يكون لسانتياغو في نهاية الامر ما يريد: يتمكن من السيطرة على السمكة التي يسيل دمها بفعل الصراع العنيف الذي خاضته. فما الذي يحدث الآن؟ يحدث ما لم يكن متوقعاً بالنسبة الى صيادنا: ها هي دماء السمكة تجتذب الى المكان أعداداً من اسماك القرش التي كانت تسرح بعيداً. فإذا بأسماك القرش تقترب باحثة عن هذه الفريسة غير المتوقعة. وهنا يكون على سانتياغو ان يخوض صراعاً جديداً. لكنه هذه المرة صراع غير متكافئ على الاطلاق، حيث انه ومهما حاول الدفاع عما يتبقّى من سمكته الفاتنة، لن يتمكن ابداً من انقاذها من براثن اسماك القرش، التي حين تبارح المكان اخيراً، لا تترك له منها سوى بقايا غير مجدية. ومع هذا، أوليس من حـــق سانتياغو ان يشعر بأنه قد انتصر على سمكته، مهما كان مصيرها؟ اذاً ها هو الآن يعود بمركبه الى قريته، وإلى اهله وأصحابه الصيادين وقد شعر بالانتصار، لمجرد انه رفض ان ينهزم. وكان في هذا خير مثل لجماعته وخير محفّز لهم. > ان في هذه النهاية كل غنى هذه الرواية التي نظر اليها النقاد دائماً بوصفها رواية رمزية، اكثر منها واقعية. وكذلك نظروا اليها على انها كتبت بلغة ساحرة ذات نبض ومبتكرة. ولم يكن ذلك، في العام 1952 الذي صدرت فيه الرواية، جديداً على ارنست همنغواي (1898-1961) الذي كان عرف كصحافي وكاتب ومغامر ارتبط اسمه بكوبا التي عاش فيها، وبإسبانيا التي كتب عنها وعن حربها الاهلية وصراع الثيران فيها، وأنتج طوال حياته أعمالاً خالدة مثل «لمن تقرع الاجراس؟» و «الشمس تشرق ايضاً»... ومات منتحراً بطلقة من بندقيته في أوج مجده وعظمته.
هيلاري مانتل تفوز بالبوكر مرتين و تصنع تاريخا
علي عكس جائزة نوبل الأدب التي تبدو عبر تاريخها ذكورية الهوي في اختيار الفائزين من أصحاب القلم‏,‏ تحتفي جائزة بوكر الشهيرة للرواية كثيرا بالأديبات‏.‏ وهاهي تنصب الكاتبة البريطانية هيلاري مانتل أميرة للرواية هذا العام, لتكون أول امرأة وأول بريطانية تفوز بتلك الجائزة مرتين, بعد الروائيين جي ام كوتزي …لقراءة المزيد
علي عكس جائزة نوبل الأدب التي تبدو عبر تاريخها ذكورية الهوي في اختيار الفائزين من أصحاب القلم‏,‏ تحتفي جائزة بوكر الشهيرة للرواية كثيرا بالأديبات‏.‏ وهاهي تنصب الكاتبة البريطانية هيلاري مانتل أميرة للرواية هذا العام, لتكون أول امرأة وأول بريطانية تفوز بتلك الجائزة مرتين, بعد الروائيين جي ام كوتزي الجنوب أفريقي المولد وبيتر كاري الأسترالي. الجائزة هذا العام فازت بها عن رواية أخرج الجثث وهي الجزء الثاني من روايتها التاريخية المسلسلة عن قصة حياة السياسي البريطاني المعروف توماس كرومويل. كرومويل يبدو تميمة حظ هذه الروائية الستينية, فقد فازت بالبوكر عام2009عن رواية وولف هول أول رواية في ثلاثيتها عن كرومويل. النقاد يقولون إن مانتل استحقت الجائزة لأنها أفضل الروائيين الحاليين استخداما لمفردات وعبارات الإنجليزية.. ولكن لم يكن هذا هو السبب الوحيد. فكثير من كتب المؤلفين تشبه بعضها بعضا, إما لأن الكاتب لا يستطيع أن يكتب إلا بأسلوب واحد, او أنه لا يريد أن يكتب الا بأسلوب معين, او أنه يخشي إن حاول استخدام أسلوب جديد ان يفقد قراءه الذين كسبهم في كتبه السابقة.. وهو خوف مبرر. لكن هيلاري مانتل التي تقول عن نفسها: لو عاد الزمن بي كنت لأغامر أكثر لو لم يكبحني كثيرا هذا الهوس بالكمال, ولبدأت عادة الكتابة اليومية في الصباح الباكر منذ زمن.. كان هذا كفيل ربما بإسكات الناقد الذاتي الذي يسكنني قليلا لا تفعل أقل من مغامرة أن تعيد اختراع نفسها في كل رواية. كان من السهل عليها ان تكتب وولف هول ثانية فقد كانت سلسلة من أجزاء, ولم يكن أحد لينتقد ذلك وكل من قرأوا وولف هول أحبوها, لكنها لم تفعل, فقدكتبت صعود الأجساد مختلفة تماما. كانت وولف هول رواية تقليدية رائعة بكل الثراء واتساع الافق, والعمق, حيث كانت تحكي عن فترة تمتد لاكثر من ثلاثين سنة وكثير من حياة كرومويل, من الطفولة البائسة إلي قوة منتصف العمر, وتحكي عن تحولات تاريخية كبري.. من صعود مارتن لوثر كينج لانشقاق انجلترا عن الكنيسة الكاثوليكية.. أما روايةا أخرج الجثث فتكاد تكون مسرحية.. وهو ما يتسق تماما مع ما عبرت عنه مانتل مؤخرا في حوار صحفي قائلة: كنت اود لو كتبت المسرحيات ايضا فانا اشعر الان اني مسرحية بالأساس لأني أبقي بعيدة عن الشخصيات التي أخلقها وأوجههم وكأنهم ممثلون. تبدأ رواية أخرج الجثث حيث انتهت روايتها السابقة, فالملك هنري الثامن ورئيس وزرائه توماس كرومويل ضيوف علي عائلة سيمور في وولف هول. والملك يحظي بلحظات خاصة مع جين سيمور, ويقع في غرامها. أما زوجته الحالية الملكة آن بولين فقد فشلت في إنجاب الوريث له, وقد بدأت شائعات خيانتها له تنتشر. فيبحث الملك عن وسيلة للتخلص منها ليتزوج جين سيمور. ولأن آن بولين وتوماس كرومويل يدينان بموقعيهما لبعضهما البعض, فإنهما يتحولان إلي خصمين عندما يحاول كرومويل أن يجد حجة مشروعة ليخلص الملك من آن بولين, فيقوم السياسي المحنك باستغلال سقوط آن الأخلاقي ليسوي حسابه مع أعدائه السابقين. الرحلة إلي عالم الرواية بدأت بظروف عائلية غير مستقرة وشخصية مثيرة.. تقول مانتل عن طفولتها: عندما كنت صغيرة لم أكن أريد ان أصبح كاتبة لكني كنت أريد أن أصبح شيئا مهما. لم اتواءم مع المدرسة أبدا كنت دائما اشعر اني اكبر من أقراني واقرأ بنهم شديد. وعندما كنت في العاشرة أهدتني أمي الأعمال الكاملة لشكسبير. فاستغرقتني تماما.. ثم تغير كل شيء. انفصلت أمي عن أبي وانتقلنا مع أمي الي بلدة صغيرة وغيرنا أسماءنا. وبدأت اتصرف وكأنني عالمة أنثروبولوجيا, أدرس هؤلاء الناس من الطبقة المتوسطة في بلدتنا الريفية الجديدة وأخرج بنظريات حولهم. وصارت تلك عادة أثيرة لدي, في سيري اليومي الطويل الي المدرسة كل يوم, اصف لنفسي الأشياء من حولي, وأحاول أن أجد دائما الكلمات المناسبة تماما للوصف. حكت هيلاري مانتل عن مشوارها مع الإبداع الذي بدأ بمرض ظنه الأطباء نفسيا, وعالجوه بأدوية المرض النفسي حتي تمثل الألم لها إبداعا سويا.. في العشرينيات من عمري كنت في ألم مستمر بسبب مرض لم يفلح الأطباء في تشخيصه في حينها.. كان الألم مستمرا حتي لم يكن يبدو لي أن هناك أمل في الشفاء, قررت حينها في أوج وجعي أن ما احتاجه الآن هو عمل جديد وتحديدا الكتابة, فهو عمل يناسب المرض. فتركت عملي بمجال الخدمة الاجتماعية وعملت بائعة ملابس في أحد المحال لأتفرغ في المساءات لكتابة رواية تاريخية طويلة عن الثورة الفرنسية( مكان أكثر أمنا), وعندما حصل زوجي علي عمل في بوتسوانا أخذت معي كتابي..ما زلت أذكر كيف كنت أحاول نسخ ما كتبت بسرعة في نسخة إليكترونية منقحة قبل الرحيل لآخذها معي.. كنت وكأنني أسابق مرضي.. أسابق الوجع. أسوأ لحظة مرت بها فكانت مع إنهاء أول رواياتها, وكانت تتعافي من الجراحة وتم رفض الرواية من قبل دار النشر.. شعرت وقتها أنني انطلقت خارجة من باب مفتوح لأفاجأ بجدار من الطوب أمامي يسد الأفق وارتطم به. لكني حتي في تلك اللحظة كنت مصممة علي أن أخرج روايتي للنور ذات يوم. في حين كانت أفضل لحظاتها يوم غادرت مدينة جدة مع زوجها الذي عمل هناك كجيولوجي لمدة أربع سنوات.. تقول مانتل: الكتابة عندي مزيج عجيب من الحب والكراهية, حالة أبدية من التوتر الذي لا يقر.. فالكتابة بشكل ما تشبه التمثيل والكتاب تمثيلية شاسعة يقوم الكاتب فيها بتمثيل كل الأدوار. لذا فليس غريبا أن يسقط من الإعياء مع نزول الستار. عندما بدأت هيلاري مانتل الكتابة عن كرومويل كانت تنتوي ان تكتب رواية واحدة, لكن وولف هول ظلت تطول حتي أدركت أنها تحتاج إلي جزء ثان. ثم كان يوم كتبت فيه مانتل المشهد الذي تم فيه إعدام آن بولين في رواية صعود الأجساد, وكان زوجها جيرالد يجلس في الغرفة المجاورة, فجاءته ووقفت أمامه في توتر وشيء من الخوف.. فاحتواها بين ذراعيه وكانت ترتجف. قالت له انها لا تعرف ماذا تفعل وأنها تحتاج إلي مساعدة. فقد كانت تعتقد انها أنهت كتابها دون أن تقصد ذلك. وهو شعور قد يكون مرعبا وكأنها وهي تكتب مشهد نهاية آن بولين كتبت نهاية روايتها.. وطلبت من زوجها أن يقرأ الكتاب ليري إذا ما كانت أنهته أم قتلته.. وقبل أيام فقط جاءتها الإجابة مع شيك بمبلغ80الف دولار هي قيمة جائزة بوكر. نقلا عن الأهرام الثقافي
ماذا أعد العرب لمائة عام من الرواية العربية؟
بقلم فخري صالح
سوف يكون العام المقبل 2013 الموعد الذي تستكمل فيه الرواية العربية قرنا كاملا منذ كتب د. محمد حسين هيكل روايته الشهيرة «زينب». لقد انتهى هيكل من كتابة الرواية عام 1913 لكنه نشرها عام 1914 مدشنا التاريخ الرسمي للنوع الروائي العربي. صحيح أن ثمة أعمالا سردية كثيرة سبقت هذا العمل، ويمكن …لقراءة المزيد
سوف يكون العام المقبل 2013 الموعد الذي تستكمل فيه الرواية العربية قرنا كاملا منذ كتب د. محمد حسين هيكل روايته الشهيرة «زينب». لقد انتهى هيكل من كتابة الرواية عام 1913 لكنه نشرها عام 1914 مدشنا التاريخ الرسمي للنوع الروائي العربي. صحيح أن ثمة أعمالا سردية كثيرة سبقت هذا العمل، ويمكن النظر إليها بوصفها تأسيسا للنوع الروائي في الأدب العربي الحديث، لكن رواية «زينب» التي كتبت انطلاقا من احتكاك الكاتب المصري، العائد للتوّ من باريس بعد حصوله على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون، بالرواية الفرنسية التي كانت قد أنتجت حتى تلك اللحظة أعظم منجز لها في أعمال أونوريه دو بلزاك وغوستاف فلوبير وفكتور هوغو، هي العمل الذي يدشن التاريخ النوعي للكتابة الروائية العربية بسبب وعيها بحدود النوع كما تعرف عليه هيكل في قراءاته في الرواية الفرنسية. لهذا فإننا نبدأ العام المقبل المائة الثانية من عمر الرواية العربية الذي يبدو أنه مديد بالنظر إلى كثافة الإنتاج الروائي هذه الأيام وتحول العديد من كتاب الأنواع الأدبية الأخرى إلى كتابة الرواية بصورة لم نشهد لها مثيلا خلال العقود القليلة الماضية. لقد أصبحت الرواية هي الشكل الأكثر انتشارا ومقروئية في العالم العربي، مزيحا الشعر، ديوان العرب الأول، عن عرشه الذي تربّع عليه طوال أربعة عشر قرنا من الزمان أو يزيد. لكن كون «زينب» هي العمل الروائي العربي الأول قد جرى بحثه ونقضه في عدد لا يحصى من الدراسات التي قام بها باحثون ونقاد نبشوا في تاريخ الكتابة السردية العربية بدءا من منتصف القرن التاسع عشر، فأعيد النظر في أعمال تتخذ شكل المقامات لكتابة أعمال روائية مثل «حديث عيسى بن هشام» لمحمد المويلحي، و»ليالي سطيح» للشاعر المصري حافظ إبراهيم. ثم عاد بعض المؤرخين الأدبيين إلى «الساق على الساق فيما هو الفارياق» لأحمد فارس الشدياق، أو بعض الروايات التي كتبتها نساء قبل نشر رواية «زينب»، لكن رواية الكاتب المصري التنويري محد حسين هيكل بقيت رقما صعبا في الجدل الدائر حول التأسيس للنوع الروائي العربي. هكذا أصبحت تلك الرواية التي تدور في الريف المصري فاتحة نوع تعبيري جديد وافد إلى عالم الثقافة العربية، وبداية لطريقة في النظر إلى العالم من خلال بناء عالم خيالي ذي مصادر واقعية أرضية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بغياب وزارات الثقافة العربية، والمؤسسات الثقافية العربية القطرية والقومية، الرسمية منها والأهلية، عن الإعداد لهذا الحدث الذي يؤرخ لمرور مائة عام على ولادة النوع الروائي العربي الحديث. فحتى هذه اللحظة لم أسمع عن مؤسسة أو جهة، أو دار نشر أعدت للاحتفال بهذه المناسبة. ليس هناك إعلان واحد عن كتب تؤلف عن الرواية لتنشر العام المقبل، أو خبر عن مؤسسة أو جهة تعد لمؤتمر كبير يناقش الجذور التاريخية لنشأة الرواية العربية، وتحولات هذا الشكل من أشكال الكتابة، وعلاقة النوع الروائي بما يمكن تسميته الأجناس الثانوية في السرد العربي التراثي، أو اتجاه السهم الذي تتخذه الكتابة الروائية العربية في هذه المرحلة التاريخية الفارقة في عمر العرب الذين يحاولون الخروج من أزمنة الاستبداد، تماما كما كانت «زينب» محمد حسين هيكل تحاول التخلص في بدايات القرن الماضي من أردية التخلف والتمييز ضد المرأة في ذلك الزمان، كما في هذا الزمان. من يعلق الجرس في زمان تغط فيه المؤسسات الثقافية العربية المتكلسة في غيبوبة طويلة طويلة؟ nawahda@go.com.jo
منطلقات الحكمة .. بسفينة جمالية الشعر ديوان (ما لم ابح به لكم
بقلم  وجدان عبدالعزيز
كنت عبر تلك الليالي الخريفية ، احلق بأجنحة مفترضة وأقترب من أشياء الطبيعة ، أتشظى مع أوراقي المبعثرة أصلا وسط غرفة ضيقة الجدران ذات نافذة مشرعة دوما ، نرى الحياة من خلالها معلقة بشعرة ، يثبتها خيال الشاعرة التي تكثف خطابها من خلال ديوانها ( ما لم أبح به لكم) ، يشدنا الانتظار بوح الشاعرة صليحة نعيجة …لقراءة المزيد
كنت عبر تلك الليالي الخريفية ، احلق بأجنحة مفترضة وأقترب من أشياء الطبيعة ، أتشظى مع أوراقي المبعثرة أصلا وسط غرفة ضيقة الجدران ذات نافذة مشرعة دوما ، نرى الحياة من خلالها معلقة بشعرة ، يثبتها خيال الشاعرة التي تكثف خطابها من خلال ديوانها ( ما لم أبح به لكم) ، يشدنا الانتظار بوح الشاعرة صليحة نعيجة ، (وهي الموعد المورق بالبقاء) ، لان (الاسرار تعلن البوح / دمعا / جرحا / وقلبا راعفا لايمل البكاء) ، فـ(هل يكشف الفن (أو الشعر) عن حقيقة وان كانت هناك حقيقة يعبر عنها الفن ، فما هي هذه الحقيقة وما صلتها بالواقع الانساني ؟ ومن ثم هل يمكن ان يوصف الفن بالصدق او بالكذب ؟ ومتى يكون الفنان صادقا ؟)* ، ونحن اذ نلاحظ شاعرتنا صليحة نعيجة تلجأ الى الحكمة من خلال الاهداء : (الى كل فلاسفة الحكمة والى أبي) ، لنفترض حالة التهدأة لعواطفها المنفعلة شعريا ، ونحن ندرك تمام الادراك ان الشعر هو انفعال عاطفي وتأثر يعتري الانسان ويوهج مشاعره واحاسيسه ، للتقط جمال الكلمات ويصور من خلالها موقفه المتحصّل تجاه أشياء المحيط ومن منطلق الحكمة وبسيفينة الشعر الجمالية تحاول الشاعرة تركيز موقفها من صور الحياة المحيطة بها ، تقول : (المزاج هوى على ناصية الأمنية  و كونفوشيوس يعى حكمته و أنا أيضا أدعى أننى احفظ كل حكم أبيقور و كل الفلاسفة العقلاء هزمتنى فلسفة الصمت فى أوجه البله  و الأدنياء   و الأغبياء هزمتنى ابتسامتى الساخرة هزمتنى سكاكين تلك الرؤى تلك التى ادعيت نبل خطوها نحو هذى البرارى التى لا طقوس لها الا بهائى البهاء لا يدعى مئذنة للهراء . المواويل تغنى للصمت و الحكمة البائسة .) راسمة هنا موقفها بكل صلابة المرأة التي تحاول رفض الدناءة ، لاظهار صوت الجمال وصورته , وتحاول تجاوز فلسفة الصمت ، لتكون في فلسفة الكلام الذي يظهر بهاء الانسان وتمسكه بجمال الحياة والحب .. ثم تخاطب الحكماء بأن .. (انهضوا من سبات القرون لأبثكم وحدةً مرعبة الزمان الذى أدعى أننى أعقل صولاته خان وعدى و فات تاركا لى ترف الأبهة.) وهذا مثل لنا مسار سخرية الشاعرة من زمن لايصغي لصوت الحكمة ، انما يلفه صوت النفعية التي تختال صوت الجمال .. لذا جاء صوتها بنبرة الذات الواعية ، جاهدة في تأسيس بناء جديد على قيم الخير والحب ومباديء الامنيات المحلقة في خيالاتها ، وهي تحاول الخروج (من سطوة طفلة / لاتجيد الا الصلاة) ، وتعني انها مسكونة في ابحث وفي ادامى صلتها بالحكمة الازلية ، عساها العثور على الحقيقة ، لذا كانت تعمد الى ذكر أسماء الحكماء والأب والأم والجدة .. كي تترع من خلال هذا وتشبع وتتسلح بهدوء المعالجة وترويض الكلمة الشعرية ، بما يجعلها معبرة بشفافية عن ذاتها المحترقة بلهيب البحث عن قيم الجمال كما في قولها : (و هكذا أنا أحن الى أحن الى امرأة لا تمل الحياة . و لكنها .... امرأة قد تعى  جيدا ما ....الحياة ؟) وهذه صورة من صور الواقع المخلوط بالخيال ..(والخيال هو المملكة التي تخلق وتبث الصور الشعرية ، واحسب ان لا ملكة عقلية اصعب على التعريف من هذه ، ولا ملكة كالخيال جمعت من حولها التعاريف الطنانة والمنوعة وعلى ما يبدو متضاربة) ، كما يقول "سيسل دي لويس" ، ويبدو ان خيال الشاعرة صليحة قد اوصلها الى حقيقة جوار الاخر مرددة : (أنتَ تعى ما معنى أن أتركَ المدينة الصاخبة  باللغةِ لأهدأَ بجوار كَ ؟ هدوءكَ يمنحنى   طمأنينةَ غيابهم بحضورهمْ كنتَ وحدكَ بلسمًا للجرح لا متسع للتفاصيل كى تشرحَ أنشودتها فأنتَ العنوان الوحيد للقارة الآمنة) وعكس هذا مدى انتظامها في فهم مدرك لعنوانات الحياة وكيف هو السبيل الحكيم للوصول الى القارة الآمنة ، او الملاذ الوحيد للابتعاد عن ضجيج تلك الاسئلة التي يثيرها عالم الشعر في مخيلة أي شاعر في العالم , ثم تستدرك بقولها رغم ان .. (الصمتُ رسالتى التى تفهمها جيدًا هو المرادف للحزنِ و التوقِ الى الله هو التوبة الى نفسى هو الهسيس الذى لا أمله بحضرة الوجدِ هو الصاحب الذى يعى خرير القلب و هديره هو الناحت و المنحوت يسترسل فى صقلى بالحكمة التى  لا أظلها الا بالرفقة المارقة وهذه صورة من صور الواقع المخلوط بالخيال ..(والخيال هو المملكة التي تخلق وتبث الصور الشعرية ، واحسب ان لا ملكة عقلية اصعب على التعريف من هذه ، ولا ملكة كالخيال جمعت من حولها التعاريف الطنانة والمنوعة وعلى ما يبدو متضاربة) ، كما يقول "سيسل دي لويس" ، ويبدو ان خيال الشاعرة صليحة قد اوصلها الى حقيقة جوار الاخر مرددة : (أنتَ تعى ما معنى أن أتركَ المدينة الصاخبة  باللغةِ لأهدأَ بجوار كَ ؟ هدوءكَ يمنحنى   طمأنينةَ غيابهم بحضورهمْ كنتَ وحدكَ بلسمًا للجرح لا متسع للتفاصيل كى تشرحَ أنشودتها فأنتَ العنوان الوحيد للقارة الآمنة) وعكس هذا مدى انتظامها في فهم مدرك لعنوانات الحياة وكيف هو السبيل الحكيم للوصول الى القارة الآمنة ، او الملاذ الوحيد للابتعاد عن ضجيج تلك الاسئلة التي يثيرها عالم الشعر في مخيلة أي شاعر في العالم , ثم تستدرك بقولها رغم ان .. (الصمتُ رسالتى التى تفهمها جيدًا هو المرادف للحزنِ و التوقِ الى الله هو التوبة الى نفسى هو الهسيس الذى لا أمله بحضرة الوجدِ هو الصاحب الذى يعى خرير القلب و هديره هو الناحت و المنحوت يسترسل فى صقلى بالحكمة التى  لا أظلها الا بالرفقة المارقة  (لها فاجعة الفرح و فاجعة الحزن لها أسئلة لا تنتهى و أجوبة مفتوحة على كل الاحتمالات الممكنة . لها نهايات البدء لها بدايات الحفر فى الوجد الغبى لها مدن بلهاء بطيبتها لهاأسئلة متقدة النباهة  و  لها ..أقلام لا تجف . لغة لا تعترف بالعنا لى وتر و نهد امرأة أرقة لى شحوب الأزقة فى وجه خضرتى لى غصة الفرح و ارتجاف عند حلق الارتجافة لى نظرة شزراء و بوح مستحيل) فنكون امام تكويرة من الحالات الانفعالية التي تنتاب الانسان ، وهو في المقابل يستوعبها ويتأمل محيط الاشياء وتفاعلها مع افكاره ، حيث نجد صليحة نعيجة قد نثرت ومزجت الوانها في لوحة تحتاج منا فك اشتاكلتها وقراءة مساحاتها الجمالية بأنفتاح من حرية الرأي وحرية التأويل ، فاقلامها لاتجف بعد ان تدمع من الحبر بخطوط متضادة من الحزن والفرح والبدايات والنهايات والاسئلة المتوالدة ، وكل هذا يجعلنا نقر بان الشاعر او الشاعرة الحديثة تستنطق اللغة وما ورائها لتبث دلالات اخرى ، وان شاعرتنا بهذا المعنى ليست انسانة عادية ، انما تحمل دالة البحث عن الجمال في صعودها وسموها المثالي مثيرة بذلك اسئلة (أيكون سبب جمال الوردة هو شكلها ولونها ؟ ام تكون الاشياء الجميلة جميلة بفضل علة اخرى معقولة مثالية ، هي مثال الجمال؟) ص77فلسفة الجمال(وقد يرى بعض الصوفية ان الصور الجميلة المحسوسة المشاهدة على الارض ، انما تفيض عن جمال الذات الالهية) ص79 نفس المصدر من هذا نجدها تقع في حالات توتر من استعارة الكلمات وجعلها حبلى بالمعاني ، حتى تبين لنا بـ(ان الشعر عملية تواصلية للكشف عن الحقيقة والاستمتاع بالمسرات المتجددة دوما في الحياة ، لان الخيال حقلا عظيم الثراء والقدرة على وهب الحقيقة والجمال في نفس الآن ، وان الفنون كلها ضرب من الشعر ، مادام الشعر عملية خلق وابداع لقيم معرفية تسهم في اغناء حياة البشر ، فالناس اغلبهم ينساقون اليه بفعل الحاجة الانسانية ، كونه المصدر الاساسي لمنابع الجمال والوسيلة الفضلى لادراك الحقيقة) ص51 تلقيح النص ، تقول الشاعرة : (أتعبنى الصمت له حكمة ...أعترفُ بها. له اكتفاء و ارتواء له سنابل ضوء تصطدم بالنباهة و تشرئب للعتاب البهى الذى يمقت الأجوبة الجاهزة .)                      و (عندما أخلع جبروت أنوثتى  يموت النبل فى حلق الصميم الذى تدفنه  الذاكرة و تصطدم الطعنات  التى  لا تأبه للحزن و الكبرياء)                و (الدموع لا تزال أغنيتى الصامتة التى تنحت أساطير البقاء) فهي تحث الخطى وتغذ السير نحو امنية ... (قد ضاجعتها السحابات الغزيرة بالهطول و الابتهاج المرح لغتى التى أحبها و ذاكرتى التى أوهمتنى الصدق بهاءً  و ارتياحًا بكل هاتيكَ الاساطير) وتعلن (انه زمن العولمة الذى مكن الفسيفساء أن تلتقى و تلقنهم أبجديات الحياة من بعدى) وهنا رفض وقبول بحاجة لحوار ونقاش كي تكتشف الشاعرة ذاتها في وسط حوارات الاخر وجدل الحياة ، رغم انها تقول : (أنا أدعى الصمت فعنوة أنا أدعى الكلام ( أيضًا) وهذا الصراع الذي سير مسارات الديوان واظهر بعضا من مواجع الشاعرة صليحة نعيجة في اظهار اسئلة تتوالد منها اسئلة اخرى ، ولابد لنا من اطلاق دعوة لقراءة انتاجها الشعري بسبب قبوله التأويلات المتعددة ..  / كتاب (الصورة الشعرية) سيل دي لويس ت/د.احمدنصيف الجنابي ومالك ميري وسلمان حسن ابراهيم / مراجعة د.عناد غزوان ـ منشورات وزارة الثقافة العراقية لسنة 1982 م ص72 / كتاب (التحليل النقدي والجمالي للادب) د.عناد غزوان ـ دار الشؤون الثقافية العربية العامة ـ افاق عربية ـ بغداد العراق لسنة 1985 ص59  / كتاب (التلقي وشعر ما قبل الاسلام في النقد الحديث) د.حسنة محمد رحمة الساعدي ـ مؤسسة العهد الصادق ط1 2010م ص19  / كتاب (فلسفة الجمال) د.اميرة حلمي ـ مشروع النشر المشترك ـ دار الشؤون الثقافية العامة بغداد العراق ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة ص77 ـ 79  / كتاب (تلقيح النص بالتلقي) مؤيد عليوي / مؤسسة الفكر الجديد ـ النجف العراق ط1 2011م ص51
إعادة الكتابة
بقلم أمير تاج السر
سألني مرة أحد الأصدقاء المتابعين لتجربتي الكتابية، إن كنت أفكر في إعادة كتابة رواياتي الأولى التي أنجزتها في بداياتي، أي منذ سنوات طويلة، بعد أن تطورت في الكتابة، وعرفت حيلها، وبأي عين أنظر لتلك الكتابات الآن؟ هذا السؤال لابد طُرِح على الكثيرين غيري، ولا يطرح حقيقة إلا من أصدقاء، أو قراء متابعين …لقراءة المزيد
سألني مرة أحد الأصدقاء المتابعين لتجربتي الكتابية، إن كنت أفكر في إعادة كتابة رواياتي الأولى التي أنجزتها في بداياتي، أي منذ سنوات طويلة، بعد أن تطورت في الكتابة، وعرفت حيلها، وبأي عين أنظر لتلك الكتابات الآن؟ هذا السؤال لابد طُرِح على الكثيرين غيري، ولا يطرح حقيقة إلا من أصدقاء، أو قراء متابعين لتجربة كاتب ما، والصديق الذي سألني كان من المتابعين لتجربتي كما ذكرت، ومن القلائل الذين قرأوا روايتي الأولى (كرمكول)، التي لا يعرفها الكثيرون، وكنت نشرتها في مصر أواخر الثمانينيات من القرن الماضي. وحقيقة كنت أحد الذين بدأوا بالكتابة التجريبية، ثم استمروا إلى أن توصلوا إلى طريقة ما أقنعتهم، بأنها الأسلوب الذي ينبغي أن يكتبوا به دائماً. لا يهم إن كانت الطريقة جيدة وجاذبة أم لا، لكنها تقنع الكاتب فقط، أو قد توهمه أنها طريقة مثلى، ومن ثم يتبعها وتدخل للأسف في تذوقه الشخصي لأعمال الآخرين، وربما تحجب عنه كثيراً من الأعمال الجيدة، إذا كانت مكتوبة بطريقة مختلفة. الرد على سؤال الصديق هو أن الكاتب أي كاتب، حين يعود إلى قراءة بعض أعماله المنشورة بعد مدة، بوصفه قارئاً فقط، قد يعثر على ثغرات عديدة فيها، ربما ثغرات فنية أو في حبكة النص وانسياب اللغة، أو يراها لا تواكب كتابته الآن، لكنه لن يفكر في الغالب، في إعادة كتابتها، سيتركها هكذا بكل ثغراتها وتصبح جزءاً من إرثه، تماماً كالأطفال الذين يلدهم، ويكبرون بحسنات وعيوب، لكن لا أحد يفكر أنهم كانوا سيولدون أفضل من حالهم الذي هم عليه. شخصياً في قراءاتي لكثير من الأعمال الإبداعية، سواء أكانت عربية أو مترجمة عن لغات أخرى، دائماً ما أجد مقاطع كانت ستكون أفضل لو كتبت بإسهاب أو اختصرت، ولكن لا يذهب ذهني بعيداً لمخاطبة الكاتب وسؤاله إن كان سيعيد النظر في كتابه هذا ويكتبه من جديد، وحين نشرت روايتي الأولى (كرمكول) منذ أكثر من عشرين عاماً، في دار الغد التي كان يملكها الشاعر الراحل كمال عبد الحليم، وكانت رواية صغيرة وشديدة التكثيف والتعقيد معاً، قال لي الكاتب الجميل الراحل محمد مستجاب، وكانت قد أعجبته الرواية، وكتب عنها مقالاً في جريدة «الشرق الأوسط»: لماذا لا تعيد تفكيكها، وكتابتها من جديد، بحيث تكتمل الحكايات التي تركت بلا نهاية، وستكون أفضل بكل تأكيد؟ وكان ردي عليه، أن ذلك صعب الحدوث، ولا أعتقد أنه سيحدث، والذي سيحدث هو محاولة كتابة غيرها، بحيث تكتمل الحكايات الناقصة هناك، وأنه هو نفسه (مستجاب) بالتأكيد لديه قصص غير راض عنها، وكان يمكن أن يعيد فيها النظر ولم يفعل، وحتى العبقري العظيم ماركيز، بالتأكيد لديه تلك القصص التي تستوجب إعادة النظر وتركها هكذا، لتصبح جزءاً من تاريخ تطوره، أو تبدل أدوات كتابته.. ومن الأشياء النادرة في مسألة إعادة النظر هذه كما أذكر، رواية لأحد الكتاب، كتبت ثلاث مرات، ونشرت تلك المرات الثلاث، وكانت النتيجة أن ضاعت الرواية، ولا يشار إليها كثيراً في إرث الكاتب.
مسافة طويلة بين (كرمكول) الصغيرة المكثفة، وبين الأعمال الجديدة المفتوحة إلى حد ما، وستظل كل الأعمال جزءاً من تاريخ شخصي، لا كتابة إضافية ولا إعادة نظر./ نقلا عن مجلة الدوحة
حدود التقمص في مسرح الأمم
بقلم عزت القمحاوي
في بداية تعلمي قيادة السيارة، الأمر الذي لم أتقنه حتى اليوم، ارتكبت أغرب حادث مرور يمكن أن يقدم عليه سائق. صدمت سيارتين متصادمتين! كانت السيارتان متداخلتين بينما كان السائقان متوقفين بجوار الحادث يتعاركان، وعندما رأيا ما فعلت لطم أحدهما خديه كالمرأة النائحة على فقيدها في الماضي السحيق، …لقراءة المزيد
في بداية تعلمي قيادة السيارة، الأمر الذي لم أتقنه حتى اليوم، ارتكبت أغرب حادث مرور يمكن أن يقدم عليه سائق. صدمت سيارتين متصادمتين! كانت السيارتان متداخلتين بينما كان السائقان متوقفين بجوار الحادث يتعاركان، وعندما رأيا ما فعلت لطم أحدهما خديه كالمرأة النائحة على فقيدها في الماضي السحيق، بينما لم يتمالك الآخر نفسه من الضحك! وما فعلته المجلة الساخرة Charlie Hebdo بنشر رسوم كاريكاتورية للرسول لا يشبه إلا ذلك الحادث، إذ صدمت عربتي الجنون اليميني والحمق الأصولي المتوقفتين أمامها، لكنني في حادثي سكت مكسوفا من ضحكات ونواح المتصادمين الأصليين، بينما وجد رئيس تحرير المجلة الفرنسية في نفسه من الوقاحة ما يجعله يقول إن المجلة تنشر رسوما ساخرة لكل الناس، ولو راعت عدم نشر رسوم عن بعض الشخصيات، فإنها ستصدر باثنتي عشرة صفحة بيضاء! ليس هناك أسخف من هذا الكلام، إذ أن حياة أية مطبوعة مرهون بقدرتها على متابعة الراهن، ويجب أن تعيش في الحاضر، فما الذي جعل النبي راهنا إلى هذا الحد؟ هذا الحادث ليس خطأ من رئيس تحرير أو رسام يتعلم القيادة، لكنه حادث مدبر وأكثر تدبيرا من فيلم المختل الأمريكي، ولم يستهدف سوى صب المزيد من الوقود على النار المستعرة، ويبقى السؤال هل تم التدبير بجدية تعني ما تريد تماما أم بسخرية من سهولة استثارة المسلمين وتريد أن ترى إن كان الغاضبون قد تعبوا أم لا؟ الحكومة الفرنسية الأكثر رشادا من أية حكومة أمريكية اتخذت احتياطاتها، بتعطيل المدارس الفرنسية في بعض البلاد وشددت من الحراسة على سفاراتها في العديد من البلدان. وفي الوقت نفسه منعت المظاهرة الغاضبة ضد الفيلم بوصفها استيرادا لمشكلة لا تعني فرنسا من قريب أو بعيد، بينما حاول المغامرون الفرنسيون في المجلة الهازلة وضع بلدهم في مرمى النيران، لكنهم بعيدا عن الهزل يضعون ـ هم ومن سيلوح بعدهم براية العداء للدين الإسلامي ـ يضعون مستقبل العقلانية في الدول الإسلامية في خطر. كان الغرب محظوظا بمخاض الخروج من العصور الوسطى إلى عصر الأنوار. كان يخوض معركته الداخلية مع الكنيسة والإقطاع، ولم يكن هناك مغامر مسلم يصنع فيلما يسيء للمسيح فيعطل عمل العقل الأوروبي. لكن العالم الإسلامي سيئ الحظ يحاول مغادرة قرونه الوسطى في وجود الإنترنت والهواتف الذكية والفضائيات، التي تلقي بقاذورات الغرب في وجهه كل يوم. وعلى البشر المتطلعين إلى الانعتاق في العالم الإسلامي أن يعيشوا المسرحية السمجة بين المتعصبين المسلمين والمتعصبين أو المستهترين الساخرين في الغرب. إلى أي حد ستستمر هذه المهزلة؟ لا أحد يستطيع أن يجيب على هذا السؤال، طالما استمرت شهوة الغرب في إجهاض كل محاولة للانعتاق، وطالما ظل يمد يد العون ولسان الإغاظة في ذات الوقت للقوى العنيفة التي تنتقم من أول بريء طالما لم تصل يدها للمذنب! وعسى أن تكون هناك فائدة لزمن الديجيتال فتختصر فترة مخاض العقلانية المسلمة وتنهي هذه المسرحية، ليمارس بشر الشرق الحزين حقهم في الحياة الحرة، وقد كشفت الأزمة عن رداءة التقمص في المسرحية التي راهنت أطرافها على إقبال جماهيري منقطع النظير. المخرج ومن دفعوه إلى ارتكاب الفيلم السيئ لم يقدموا سوى تفاهة فنية، كان يجب عدم الالتفات لها. والسلفيون وأصحاب المصلحة مثل 'حزب الله' تقمصوا الدفاع عن النبي، والنبي لم ولن يكون في خطر أبدا، لكن من لا يثور في وجه إبادة البشر من كل الأديان في سورية وإبادة المسلمين في ميانمار، يجب ألا ينتظر تصفيقا على دور الغيرة على النبي. الرئيس المصري محمد مرسي بدوره لم يستطع تقمص دور الثائر ورئيس الدولة في الوقت ذاته، وقد كان من الممكن أن ينطلي هذا الازدواج وقتا أطول قبل زمن الديجيتال فيعمر الرفيق فيدل في الدورين ستين عاما والأخ العقيد القذافي أربعين عاما، أما الآن فعلى من يحكم أن يختار في أي مكان يقف. بعض الصحافيين العرب تقمصوا للأسف أدوار المفكرين وزايدوا على السلفيين في الهبة الغاضــــبة، وكل الإعلام الغربي مارس التزييف. قلة فقط هي التي انتبهت إلى أن الغاضــــبين ينتمون إلى تيار واحد ساهمت أمريكا في صنعه، وأعدادهم في الميادين لا تقارن بأي حال من الأحوال مع الأعداد التي قامت بالثورات. المؤامرة موجودة حقا، لكنها تستهدف مستقبلنا وليس ماضينا، الماضي خرج من يد البشرية ولا يمكن أن يكون في خطر./ نقلا عن القدس العربي
إساءة
بقلم سليم بوفنداسة
أساء المسلمون إلى صورتهم وهم ينددون بالإساءة إلى النبي في فيلم سينمائي، باقتحام السفارات الأمريكية والتخريب والنهب والصراخ والقتل. وكالعادة تثبت الجماهير الإسلامية أنها سهلة الإثارة و أن ردود أفعالها غير محسوبة وغير واعية. ويبدو أن عقود القهر والتخلف قد تركت أثرها في مجتمعات أصبح العنف هو اللغة …لقراءة المزيد
أساء المسلمون إلى صورتهم وهم ينددون بالإساءة إلى النبي في فيلم سينمائي، باقتحام السفارات الأمريكية والتخريب والنهب والصراخ والقتل. وكالعادة تثبت الجماهير الإسلامية أنها سهلة الإثارة و أن ردود أفعالها غير محسوبة وغير واعية. ويبدو أن عقود القهر والتخلف قد تركت أثرها في مجتمعات أصبح العنف هو اللغة الوحيدة التي تعتمدها داخليا وحتى في مخاطبة الآخر. صحيح أن الجور الذي بات أمرا واقعا في العلاقات الدولية جعل الطرف المتضرّر يجنح نحو التطرف، ولا يفوت فرصة للتعبير عن كرهه لأمريكا بوصفها قيّمة على العالم و موجهة لسياساته. لكن ذلك لن يكون مبررا لتكرار الأخطاء و توفير أسباب العدوان. كان يمكن أن يمر هذا الفيلم دون أثر، لولا هذا الهيجان، وكان يمكن أن يكون الاحتجاج بالطرق القانونية والحضارية، وليس برفع الأعلام السوداء فوق السفارات الأمريكية أو تخريبها، لأن الحكومة الأمريكية غير مسؤولة على انتاج الأفلام ولا تملك سلطة على السينما أو غيرها من الفنون كما هو الشأن في البلدان العربية والاسلامية التي تراقب الحكومات فيها حتى الهواء الذي تتنفسه الشعوب، ومثلما لا تتحمل الحكومة الأمريكية مسؤولية إنتاج الفيلم لا تتحملها أيضا البعثة الديبلوماسية لألمانيا في الخرطوم، ولا السيد هنري إينشر السفير الأمريكي في الجزائر الذي استقبل أمس الأول نوابا إسلاميين من التكتل الاخضر أبلغوه غضبهم على حكومة بلاده. وقد أثبتت التجارب السابقة أن هذا النوع من ردود الفعل لن يوقف "المسيئين" الذين يتعمدون لدوافع دينية أو عنصرية أو حتى باتولوجية، إثارة المسلمين باستهداف رموزهم، دون إغفال الترتيبات السياسية التي تصاحب هذا النوع من الأحداث التي يتم بموجبها امتحان هشاشة دول أو توفير مبررات احتلالها. ثم أن أساليب الاحتجاج تقدم صورة سيئة عن المسلمين، ويكفي تصفح صور الجماهير الهائجة التي تداولتها وكالات أنباء وصحف ومواقع الكترونية عالمية للوقوف على تعاسة و "بدائية" الشعوب الإسلامية. وبكل تأكيد فإن أطرافا عديدة ستستفيد من هذه "الهبة" كما استفادت من هبات سبقتها، سواء الأطراف الخارجية بأجنداتها، أو الداخلية التي ستجد فرصة أخرى لتأجيل معالجة المشاكل الحقيقية للشعوب العربية الإسلامية، وعلى رأسها مشكلة الحريات و مشكلة التنمية، في وقت تجري فيه إعادة إنتاج التخلف بتسميات جديدة وبلاعبين جدد اوكلت لهم مهمة إطالة عمره. 
امرأة قبطية تريد عدالة عمر بن الخطاب
بقلم * مارجريت عازر
سيدى الرئيس أنا واحدة من الناس كنت أمقت النظام السابق لامتهانه كرامة الإنسان المصرى وعدم اكتراثه بالمشاكل التى يواجهها المواطن المصرى فى الخارج وكأنه المواطن الوحيد فى الدنيا كلها الذى ليست لديه دولة تحمى مصالحه وتهتم برعايته، رغم أنه ينتمى إلى أعظم وأعرق دولة علّمت العديد من بلدان العالم وكانت …لقراءة المزيد
سيدى الرئيس أنا واحدة من الناس كنت أمقت النظام السابق لامتهانه كرامة الإنسان المصرى وعدم اكتراثه بالمشاكل التى يواجهها المواطن المصرى فى الخارج وكأنه المواطن الوحيد فى الدنيا كلها الذى ليست لديه دولة تحمى مصالحه وتهتم برعايته، رغم أنه ينتمى إلى أعظم وأعرق دولة علّمت العديد من بلدان العالم وكانت رائدة فى الكثير من المجالات عند نفس البلدان التى أصبحت تستهين بكرامة المصرى. كم كنت أحلم كمواطنة مصرية بحاكم عادل لا ينام حينما يكون فى دولته إنسان مظلوم أو جائع. وحينما تولى رئيس ينتمى إلى جماعة دينية قلت على الأقل سوف يقتدى ويطبق عدالة سيدنا عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) الذى قال: لو تعثَرت دابة فى العراق لسئل عنها عمر بن الخطاب. والآن نسمع عن ابنة لمصر تُجلد خمسمائة جلدة وتُحبس فى بلد غير بلدها ولا يتحرك لنا ساكن.. حتى متى يعيش المصريون بلا كرامة.. ألم تقم ثورة يناير للحفاظ على كرامة المواطن المصرى.. ألم تكن من أولى أولويات سفاراتنا رعاية وحماية مواطنينا داخل هذه البلدان.. إلى متى ستظل السفارات المصرية هى الوحيدة التى لا تتحمل مسئوليتها قِبل رعاياها فى الخارج؟ بالله عليكم لو أن هذه السيدة مواطنة أمريكية، فهل كانت السلطات السعودية ستطبق عليها هذه الأحكام القاسية..! وهل كانت الولايات المتحدة الأمريكية سوف تصمت بهذا الشكل..! ما غلاظة هذه القلوب التى تحكم على سيدة خمسمائة جلدة..؟! أين دور منظمات حقوق الإنسان.. أين دور المجلس القومى لحقوق الإنسان.. أين دور المجلس القومى للمرأة.. هل الدور هو فقط أن يتقدم المجلسان ببيان يدين هذا العمل ويُنشر فى كل المواقع والصحف فقط؟ فإذا كان دور هذه المنظمات والمجالس فقط إصدار البيانات التى تَشجب وتدين فشكراً لهم وكفانا أسماء فقط دون عمل. يا سيادة الرئيس كل راعٍ مسئول عن رعيته.. وهذه السيدة سوف تُسأل عنها أمام رب العرش العظيم.. قم بدورك نحو مَن فوضوك عنهم وائتمنوك على حياتهم.. فوالله نصرة إنسان ضعيف والوقوف بجانبه والتحقق مما نُسب إليه والدفاع عنه من قِبل بلده خير ألف مرة مِن مَن تجبروا بأموالهم وسلطانهم.. فالله فوق كل سلطان وهو خير ناصر. --------------------- * مارجريت عازر، كاتبة مصرية، نقلا عن الوطن
الفيل فى الصندوق
بقلم عبلة الرويني
الفيل فى الصندوق، طبعاً ليست مشكلة الفيل، ولا مشكلة الصندوق، ولا مشكلة النصاب صاحب الحكاية.. المشكلة هى دماغنا نحن التى صدقت «مشروع النهضة» رغم أن الإخوان تاريخ من المناورة والكذب والخيانة. أحدث تصريحات المهندس خيرت الشاطر، خلال إحدى الندوات العامة، التى يتم تداولها إلكترونياً أن …لقراءة المزيد
الفيل فى الصندوق، طبعاً ليست مشكلة الفيل، ولا مشكلة الصندوق، ولا مشكلة النصاب صاحب الحكاية.. المشكلة هى دماغنا نحن التى صدقت «مشروع النهضة» رغم أن الإخوان تاريخ من المناورة والكذب والخيانة. أحدث تصريحات المهندس خيرت الشاطر، خلال إحدى الندوات العامة، التى يتم تداولها إلكترونياً أن «الإعلام والصحافة تعاملت مع مشروع النهضة بطريقة خاطئة، فلا يوجد تصور واضح ومحدد للمشروع، ولكن هو مجرد اقتراح مبدئى للمناقشة، يجب أن يطرح للحوار بين القوى السياسية، حتى يمكن بلورته والاتفاق حوله، وتبنيه»!! يعنى مشروع النهضة، الذى بدأ الإخوان المسلمون الإعداد له قبل خمسة عشر عاماً (1997) كمحاولة لإعادة ترتيب أفكار حسن البنا، هو مجرد مشروع تجريبى غير واضح المعالم (بحسب أصحابه) هو محض خيال أو مجرد وهم، لا رأس له ولا قدمين.. والناس التى أعطت صوتها فى الانتخابات الرئاسية (للبرنامج والمشروع طبعاً، وليس لشخص الرئيس، ولا شهرته، ولا إنجازه» لا بد أن تتأهل أولاً..! على صفحة الفيس بوك، لافتة كبيرة كتب عليها (سلفنى شكراً.. الشعار الرسمى لمشروع النهضة) بينما أطلق عليه أحد مشايخ الصوفية اسم (فنكوش العصر) فى إشارة لفيلم عادل إمام (واحدة بواحدة) ويدور حول المنتج الوهمى الذى اخترعه، وأطلق عليه اسم (الفنكوش) والمقصود بالطبع هو السخرية، السخرية السوداء التى لا مجال للتعامل مع مشروع النهضة إلا من خلالها. ولم يكن الأمر بحاجة إلى تصريحات الشاطر، فالمشروع كشف سريعاً عن خوائه، مجرد برنامج انتخابى لحصد الأصوات الانتخابية، أو مجرد كلمات.. كلمات.. لا شىء سوى كلمات! مشروع النهضة الذى صدعوا دماغنا بليبراليته، وعدالته الاجتماعية، ومفهومه الاقتصادى الذى سيوفر لمصر 200 مليار جنيه فى 4 سنوات، ويسهم فى تشغيل 3 ملايين عامل سنوياً، بقيمة تصل إلى 25 مليار جنيه سنوياً.. لم يجد إلا السلف والدين، والسعى وراء صندوق النقد، والسعى وراء القروض لدعم مشروع النهضة! يعنى انتهى به الحال، أو بدأ به الحال كمتسول، مرة على أبواب البنك الدولى (4٫8 مليار دولار) ومرة على أبواب أمير قطر (2 مليار دولار) دون أى اعتبار حقيقى للحديث عن التنمية والتصنيع والاستثمار، ووضع الطبقات الفقيرة، ودون أن يفكر أحد فى استعادة الأموال المنهوبة.. لا أموال مبارك وعائلته، ولا أموال الجيش الذى فتحت خزائنه أخيراً..مشروع النهضة بلا تصور واضح، بلا رؤية..!! والقروض التى سبق ورفضها الإخوان فى حكومة الجنزورى، اليوم يوافقون على ما هو أكبر منها، لدعم المشروع، تحت دعوى الضرورة الشرعية، أو (الدولارات تبيح المحظورات)!! ورغم تصريحات الشاطر، ورغم أن مشروع النهضة يفتقد الحد الأدنى من التماسك والرؤية الصالحة للدفاع عنه، يطالب د. معتز بالله عبدالفتاح، بإعادة تأهيل المصريين (ثقافة المصريين أصابها عوار، جعلها ليست الأكثر ملاءمة للنهضة، إلا بإعادة تأهيل الشخصية المصرية)!! ولا مانع أن نتربى، ونتأدب، ونتأهل يا دكتور معتز، شرط أن يكون هناك هدف، وأن يكون هناك مشروع حقيقى للنهضة! --------------------- عبلة الرويني، كاتبة مصرية، المقال منقول عن جريدة الوطن
المرأة و الشريعة اليهودية
بقلم أحمد ماهر
مقتطفات عن المرأه بالفهم اليهودي التلمودي الذي لا يختلف وضعها كثيرا عن المرأه لدى الوهابية المبجلة من كتاب راشيل بيال " المرأة والشريعة اليهوديه" النساء في الشريعة اليهودية ، لسن مستضعفات ويأتين في مرتبة بعد الذكور فقط، بل إنهن مُدنِسات، يجلبن الإثم للمتدينين . النساء بالفكر التلمودي اليهودي,لا …لقراءة المزيد
مقتطفات عن المرأه بالفهم اليهودي التلمودي الذي لا يختلف وضعها كثيرا عن المرأه لدى الوهابية المبجلة من كتاب راشيل بيال " المرأة والشريعة اليهوديه" النساء في الشريعة اليهودية ، لسن مستضعفات ويأتين في مرتبة بعد الذكور فقط، بل إنهن مُدنِسات، يجلبن الإثم للمتدينين . النساء بالفكر التلمودي اليهودي,لا يملكن حق الطلاق،ولا يحق لهن رياسة الرجال في أي مجال من المجالات، ولا يُحسبن ضمن نصاب الصلاة . لا يحق للنساء بالدين اليهودي وعند طوائف حريدية كثيرة تعلم التوراة والتلمود، ولا يُعترف بشهادتهن في المحكمة الحاخامية . في الفكر اليهودي الديني" إذا سقط رجلٌ وامرأة في نهر، فالإنقاذ يكون للرجل أولا، قبل المرأة، فهو الذي يُحيي الشريعة، أما المرأة فمخلوقة للبيت" في العقيده اليهوديه وفي الصلوات اليومية الثلاثة يشكر المصلي ربه لأنه لم يخلقه امرأة . التحدث مع النساء بمعتقد الحريديم يُعتبر زنا، مصيره جهنم!! كل زوجة يجب أن تغسل وجه زوجها وقدميه ، تجهز له فراشه ، وكل من تُحجم عن فعل ذلك تعاقب بالضرب بالسوط ، أو بمنع الطعام عنها حتى ترضخ . بالفكر الديني اليهودي يتوجب على المرأة أن تُلبي شهوات زوجها متى أراد ، وإذا تمردت فله الحق في طلاقها . من تعبيرات التمييز ضد النساء عند الحارديم المتطرفين ، فهي عندهم مخلوق نجس ، تماثل الكلب والخنزير . أيضاً ورد في كتاب الشريعه اليهوديه يجب على الرجل ألا يسير بين امرأتين ، أو بين كلبين ، أو بين خنزيرين! الأنثى في الشريعة الشفوية اليهودية عند أكثر الطوائف الحريدية ، مخلوق لخدمة الرجل، فهي [أداة] للإنجاب . المراه اليهوديه لايمكنها أن تقترب من الرجل ، لا يمكن للرجل أن يمسها وهي في العادة الشهرية ، يجب عليها أن تقضي فترات طهارة في حمام التطهيرالمكفا . تراجع المراه اليهوديه"حاخام الحمام الطقسي"المكلف بمنح المرأة رخصة بالطهارة من العادة الشهرية..! المرأة اليهوديه التي تلد ذكرا تظل ( نجسة) أربعة وأربعين يوما ، لا يحق لها أن تلمس كلَّ ما هو طاهر وإن كان المولود أنثى تتضاعف المده . أن صوت المرأة عورة في الشريعة، حتى وإن كان صوتها يُردد أدعية الصلاة . إن قمع المرأه وإضطهادها لدينا هو فكر تلمودي مستورد. * أحمد ماهر محام بالنقض و محكم دولي ، مؤلف و باحث إسلامي من مصر
ثقافة الإبادة
بقلم السعيد بوطاجين
   هناك مجتمعات لا تكفيها صحراء واحدة، لذلك تصنع لنفسها صحاري أخرى لتنعم فيها، وهي مرتاحة في تلك العوالم التي ابتكرتها بعد لأي. وإذا كنا نتعامل مع الغابات، بالشكل المتواتر منذ سنين فإن هذا السلوك ينمّ، في جزء منه عن تصحر بعض شخصيتنا وبعض تفكيرنا، إن لم أقل جلّه. الجزائر سيئة الحظ معنا، …لقراءة المزيد
   هناك مجتمعات لا تكفيها صحراء واحدة، لذلك تصنع لنفسها صحاري أخرى لتنعم فيها، وهي مرتاحة في تلك العوالم التي ابتكرتها بعد لأي. وإذا كنا نتعامل مع الغابات، بالشكل المتواتر منذ سنين فإن هذا السلوك ينمّ، في جزء منه عن تصحر بعض شخصيتنا وبعض تفكيرنا، إن لم أقل جلّه. الجزائر سيئة الحظ معنا، مع ممارساتنا وثقافتنا التدميرية المثيرة للاستغراب. وإذا لم يكن الأمر كذلك فكيف نفسر موقفنا من إبادة الطبيعة برمتها بعد إبادة الأراضي الزراعية، وبعد إبادة الناس؟ ربما وجدنا مسوغات للقضاء على الذين يختلفون عنا. أما الغابات، هذه المخلوقات الشاعرية فلا شأن لها، لا دخل لها في سفاسفنا الفكرية والحزبية والمعرفية والخرافية. الجنة نفسها عبارة عن أشجار وأنهار، وليست رمادا وقاعات للاجتماعات المنتجة لثاني أكسيد الكربون، وللفتن التي لن تنتهي غدا. الأرض الطيبة صورة من الجنة التي وردت في الكتب السماوية، وفي القرآن الكريم الذي “نؤمن به كثيرا”، إنها ليست إسطبلا أو عمارة من الإسمنت المسلح والحديد. ما أتعس ذائقتنا!. البلد يشتعل عن آخره، الحرائق في كل فج ونحن نحضر الانتخابات المقبلة. لقد تم اختصار البلد في المناصب والأموال. الميزانية المخصصة لإنجاح مؤتمر فاشل سلفا كافية لاستغلال طوافات ومروحيات ووسائل حديثة. وما معنى الحداثة وما بعد الحداثة واليمين واليسار ووزير البيئة والعمران والإخوان المسلمين والشيوعيين والمثقفين والمسؤولين، إن أصبح البلد حجرا على حجر ورملا لا يحده حد؟ من المؤسف فعلا أن ننفق ثروة على حفل “فني” ونغفل البيئة، ونسهم في إبادة جمالها الذي يكملنا ونكمله، أو المكون لجزء معتبر من وجودنا الحضاري والثقافي والبيولوجي على حد سواء. إن إدراكنا للأثاث البيئي يحتاج إلى تنمية الإنسان فينا، ولا يمكن تخطي وحشيتنا المتنامية تجاه البيئة إلا بإعادة النظر في طبيعة شخصيتنا. ثمة عنف شامل يقض مصادر استمراريتنا في الكون. لن تستطيع الأحزاب والحكومات والجمعيات أن توفر لك قليلا من الأكسجين. وحدها الشجرة تفعل ذلك بروية وأريحية. النباتات أيضا. تلك المخلوقات التي لا تعنينا، رغم أنها تمنحنا الحياة، دون صخب. ربما كان على البيئة، في ثقافتنا، أن تتكلم لنراها، أن تعقد اجتماعات طارئة، تشكل نقابات وتنصب وزراء ليكونوا ناطقين باسم جلالتها. وزراء من نوع الزان والصفصاف والسرو والبلوط وشجر الأرز (كنت أتسكع في جبال خنشلة خصيصا للاستمتاع بهذا الشجر المبارك) ورغم أن كل ما يحيق بنا يتكلم ويسبح، إلا أننا لا نهتم إلا بالصخب العارم الآتي من أعماقنا المظلمة. كأن لغتنا أفضل اللغات، وكأن الخطب المتربة توفر لنا ما يكفي من التنفس لنصل إلى الغد. لقد حلمت دائما بميلاد حزب يدافع عن إنسانية الشجر والنمل والماء والعصافير، هذا الزاد العظيم الذي يرافقنا في الكون ويمنحنا بعض التوازن والصفاء، ما لا تقدر عليه الأكياس البلاستيكية وعلب المصبرات التي تشل الرؤية. يجب الاعتراف أمام الملأ أن البلد لم يعد بعيدا عن القمامات، وتكاد كل قمامة تحمل اسما يدل على ولاية أو دائرة أو قرية أو تجمع سكني مسكون بالحجارة والإسمنت والإسفلت والحديد والوسخ و “ما زال واقفين”. يجب الاعتراف أن هذه الإبادة الجماعية للبيئة ليست إلا صورة تجسد حقيقتنا، أي تلك الأعماق المستعدة للاعتداء على قرنفلة أو فراشة أو غزالة أو بلبل أو سحابة.. أو على طائر الحسون الذي في أقفاصنا. يجب النظر إلى جغرافية الوطن بعيون الفنانين لرؤية المجزرة. الدخان والنار، النار والدخان والسياسة التي لا ترى سوى الكراسي والأعمدة الإسمنتية التي تتوزع في الأدمغة وفي المساحة. هذه ثقافة أم ماذا؟ لا داعي للحديث عن قيمة الشجرة والياسمين والأجمة والمخلوقات الصغيرة. لقد ورد في القرآن قوله تعالى: “وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء”. كل ما حولنا أكثر فائدة منا في سياقات كثيرة. أحسن وأبهى. لا داعي للحديث عن فوائد الشجرة التي تحمينا من الغبار وتحمي الفساد والمفسدين من انجرافات التربة والتصحر. لا يهم إن كانت الثروة الغابية تخفف من الاحتباس الحراري والضغط ما دام هناك متسع من الأمعاء لامتصاص الشواء. يكفينا ذلك. وما قيمة الشجرة إن حبست الريح العاتية وأنتجت الغذاء والدواء والعطور والسمغ والفحم والزيت والفلين، (سلاما يا فلين تاكسانة). والنخلة التي أوصانا الرسول بإكرامها. حيطانكم تقوي الضوضاء في حين أن الشجر يلينها كما يلين إشعاعات الشمس. وأغلب المستحضرات العلاجية مصدرها الأوراق والأزهار والجذور، ثم هذه الثمار التي نبتلعها! ومن أين سيأتيكم العسل في الأعوام القادمة؟ من أزهار الآخرين وشجرهم؟ بعض الشجر يقاوم البعوض والسوس والجراد والخنافس والناموس والأوبئة، لذلك يغرس في محيط مستشفياتهم. أما نحن فنقتلع الأشجار أو نحرقها لغرس الإسمنت بانتظار أن يبرعم أوراقا نقدية. وهذا نوع من الثقافة السائدة التي ستقودنا إلى العنف. أتأمل الحديث النبوي وأتساءل. أصبحت أشك في إيماننا: “ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة”. أشك في قراءاتنا وفي فهمنا للدين والخلق والخالق، في تربيتنا ووضوئنا. نحن أشد بؤسا وتخلفا من العصور الجاهلية الأولى، من هذه الناحية على الأقل. وتلك حقيقة يجب التأكيد عليها باستمرار لتستعيد أمنا الأرض كرامتها وعافيتها العزلاء. واحد وخمسون ألف هكتار تبخرت بفضل حبنا للجمال. تكفينا الحفر والممهلات والعمارات المخيفة المسيجة بكل حديد الدنيا. يعكس اختلال العلاقة بيننا وبين المحيط مدى التركيز على المنفعة الخاصة المتدنية جدا، إذ  أصبحنا، على ما يبدو، متفوقين في صناعة التلوث وكل ما من شأنه أن يلحق ضررا كبيرا بالنظام البيئي، أي بحياتنا نحن. التلوث السمعي والحسي والبصري هو شكل آخر من أشكال تخريب الإنسان ودفعه إلى الجنون والجريمة، وهو لا يختلف عن أي إرهاب آخر. الآخرون يلوثون بالصناعة ونحن نفعل ذلك بطريقتنا، نصنع الحرائق ذات الجودة الفائقة ونصدرها لنا. زيتنا في دقيقنا، المهم أن نرقص ونصفق ونخصص أموالا خرافية لقتل الذائقة وإنتاج الفاشلين والمشلولين والذين لا خير فيهم، من الألف إلى الياء. ولتذهب الحشائش والطيور إلى جهنم، أو إلى أية جهة أخرى: أرض الله واسعة. يقال، والعهدة على القائل، إنهم يقطعون هناك ألف شجرة ليرسلوا لنا ما يكفي من ورق خاص بالامتحانات. وأما الأوراق الخاصة بالمسودات والقرارات والقوانين والدساتير!.. لا حاجة لنا بشجر لا نعرف قيمته، لا نعرف كيفية تحويله إلى نعمة حقيقية تقلل من عنفنا واتكالنا. وعلينا أن نتصور مساحات من الرمل والحجر والرماد والثرثرة والنميمة، لابد أنها ستنتج رومنسية على مقاسنا، رومنسية شبيهة بمحركات قطارات الفحم، شبيهة بقطع الغيار المستعملة، وها هي تغمرنا. وان، تو، ثري، فيفا لالجيري. أتصور أحيانا أننا مقبلون على غزو كل الغابات، وقد تذهب عبقريتنا الثقافية الفذة إلى استبدال كل شجرة بعمود من الإسمنت المسلح، وكل نبتة بعلبة مصبرات، وكل وردة بكيس بلاستيكي من هذه الأنواع التي لطخت بصرنا. لا يمكن استبعاد فرضية إنجاز حدائق عمومية تغرس فيها قضبان حديدية خضراء. لا يمكن استبعاد فكرة صناعة جبال وأحراش وحقول وبساتين بما تيسر من النفايات والقصدير، وبكل المواد التي تقتل الحس. لقد عشنا فسادا في نفوسنا وغاباتنا ومرجعياتنا بعد أن صيرنا المدن معتقلات ومحتشدات وأوكارا للانحرافات. وها نحن ندمر ما تبقى منا. سيحزن شجر الأرز في خنشلة والفلين في تكسانة والنخيل في بسكرة والتين في بلاد القبائل والزيتون في جهة ما. سيتعب الورد في البليدة، ولن يجد الكتاب ورقا لأشعارهم ورواياتهم ومسرحياتهم وقصصهم. لن تجد البيروقراطية ما يكفي من الكراسي (الكراسي مصنوعة من الخشب) لممارسة حقها، لن يجد المسؤولون الكراسي اللائقة بمقامهم ولا المكاتب والأثاث لذلك سيتخذون قرارا تاريخيا: ممنوع حرق الجبال، ممنوع إشعال النار، ممنوع العاطفة الجياشة، درجات الحرارة المرتفعة ممنوعة، ممنوع التدخين حفاظا على التوازن البيئي وتوازننا، الكراسي التي نجلس عليها لا يجب أن تكون من الحديد.. وهذه هي الثقافة البديلة التي بمقدورها الحفاظ على الغابات، لأن الكراسي والاجتماعات التي تنتج الرماد بحاجة إلى شجر كان أخضرا. وكان يقدم الأكسجين والفواكه والحكمة والظلال الوارفة. حزني عليك يا غابات البلد كحزني على شهدائك وفقرائك ويتاماك ورنات الطبيعة أيام زمان. ما زال واقفين... على النفط والنفط. * السعيد بوطاجين أكاديمي و كاتب و مترجم جزائري نقلا عن الجزائر نيوز
مقارنة بسيطة بين حكم رجل و حكم إمرأة
بقلم حكيم خالد
و حتى نكون عادلين بين الإثنين، سنرمي بالتاريخ الذي كتبه البشر جانبا، و نستعين بما نتفق عليه كلنا كمصدر لا يحتمل الشبهة، و لا يظلم مهزوما أو يساند منتصر إذا أظلم..حتى أن المصدر الذي سنأخذ منه يساوي بين الجنسين في القوة، و يتشابهان في الحدث التاريخي، لكنهما اختلفا في ردود أفعالهما مما ترتب عليه …لقراءة المزيد
و حتى نكون عادلين بين الإثنين، سنرمي بالتاريخ الذي كتبه البشر جانبا، و نستعين بما نتفق عليه كلنا كمصدر لا يحتمل الشبهة، و لا يظلم مهزوما أو يساند منتصر إذا أظلم..حتى أن المصدر الذي سنأخذ منه يساوي بين الجنسين في القوة، و يتشابهان في الحدث التاريخي، لكنهما اختلفا في ردود أفعالهما مما ترتب عليه اختلاف مصير كل منهما و مصير شعبيهما. يذكر المصدر أن الله بعث بموسى إلى فرعون و قد مده بمعجزة خارقة و هي فقه الكلام و حسن الخطابة ""فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى". و كانت من أولى مهامه هو و هارون أن يقنعا فرعون بالكف عن اظطهاد قومه " فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ ". لكن فرعون رغم كل المعجزات التي رآها، و اللينة التي خاطبه بها موسى، لم يقتنع و لم يلب الطلب، بل زاده غروره بقوته إلى قتل المزيد من شعبه و فرض سيطرته إلى أن مات غرقا، هو وكل من سانده. يختلف هذا المشهد العنيف عن مشهد بلقيس ملكة سبأ و عظمة حكمها. هي أيضا كانت تملك من القوة ما لم يملكه أحد في زمانها، و كانت تتحكم في شعبها إلى آخر جندي في جيشها " إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ " ..و حين أرسل لها سليمان تهديدا واضحا بالحرب خلافا لموسى، بأن تسلم، إلى درجة أننا نلمس في خطاب سليمان نوعا من "التسلط" ، قالت " يَا أَيُّهَا المَلأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ، إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ". لقد وصفت بلقيس رسالة سليمان بطريقة ديبلوماسية رائعة " كتاب كريم"، و كأنها أرادت أن تهدن من خوف جنودها..و ما كان لهم إلا أن سلموها مصيرهم و مصير شعبهم " قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ "..و فعلا، فقد كانت عبقرية بلقيس في الحكم و دبلوماسيتها الهادئة هما بر الأمان لها و لشعبها..
شاوية اكتسبت بلاغة العرب
بقلم محمد نور الدين جباب
الكاتبة الرائعة فضيلة الفاروق القادمة من عمق الشاوية ،أصيلة مدينة أريس ، هذه البنت الشاوية لما اشتد ساعدها حملت معها آمالها وأحلامها وزادها و زوادها وعشقها ،كما علمت ،للغة العربية ، و حلقت عاليا ، بجناحين قويين، في سماء العروبة فمسكت المجد من طرفيه . لم أكن أعرف فضيلة الفاروق من قبل ، …لقراءة المزيد
الكاتبة الرائعة فضيلة الفاروق القادمة من عمق الشاوية ،أصيلة مدينة أريس ، هذه البنت الشاوية لما اشتد ساعدها حملت معها آمالها وأحلامها وزادها و زوادها وعشقها ،كما علمت ،للغة العربية ، و حلقت عاليا ، بجناحين قويين، في سماء العروبة فمسكت المجد من طرفيه . لم أكن أعرف فضيلة الفاروق من قبل ، أما كيف تعرفت عليها فكان ذلك ، في يوم في شهر ف
ي سنة وبطريقة جزائرية خالصة لما قرأت في إحدى الصحف هجوما عنيفا من أحد زملائها لما كانت طالبة بجامعة قسنطينة ،الهجوم لم يكن إلا تصفية حساب لزميل يشاهد زميلة له ،وبخاصة إنها امرأة ، تحقق نجاحات في عالم الأدب و الفكر و الصحافة فكان يجب أن تعاقب على ذلك ،وهنا تكمن الخصوصية الجزائرية التي لا تعاقب الناجح فحسب إنما تتعداه إلى محاربة النجاح في حد ذاته وهذا الموضوع يحتاج إلى وقفة خاصة. كنت ،كلما تتاح لي الفرصة، أتابع إسهامات هذه البنت الشاوية في الصحافة العربية والبيروتية خاصة ، وكانت إسهامات جميلة ورائعة ، "ترفع الراس" وكنت فخورا بذلك، بفضيلة وأحلام مستغانمي وأقول أن لنا نسوة في المدينة، وأي مدينة إنها بيروت ، لكن شيئا ما بداخلي شيئا ما يوسوس لي ،و العياذ بالله ، أن التجربة البيروتية تركت أثرها على فضيلة الفاروق، أشعر أن شيئا ما قد انكسر في لغتها في أسلوبها في أدائها ،لقد غاب ذلك التدفق اللغوي ذلك الوهج تلك الحيوية اللغوية ،كنت أرى لغتها راقصة جميلة تشبه فراشة الربيع. عكس ما أشهاد و ما أتابع هذه الأيام أما مقال اليوم حول "القبلة التركية و القبلة العربية " أي حول " البوس التركي والبوس العربي" لقد بدا لي المقال انقلاب فكري على التجربة البيروتية بكاملها وعودة فضيلة الفاروق إلى أحضان و دفء القبيلة ،أو كما يقال باللغة الفرنسية retour au bercai
سيجارة يارا
بقلم سليم بوفنداسة
غضب بعضهم من تدخين المطربة اللبنانية يارا  سيجارة في الجزائر في شهر رمضان، وتحولت الحكاية إلى مادة إعلامية وموضوع جدل في شبكات التواصل الاجتماعي. ورغم أن الفنانة مسيحية لا يلزمها دينها  باتباع طقوس دين آخر، إلا أن الجزائريين يظهرون حساسية مفرطة تجاه المسائل الدينية فيجبرون الآخرين على …لقراءة المزيد
غضب بعضهم من تدخين المطربة اللبنانية يارا  سيجارة في الجزائر في شهر رمضان، وتحولت الحكاية إلى مادة إعلامية وموضوع جدل في شبكات التواصل الاجتماعي. ورغم أن الفنانة مسيحية لا يلزمها دينها  باتباع طقوس دين آخر، إلا أن الجزائريين يظهرون حساسية مفرطة تجاه المسائل الدينية فيجبرون الآخرين على اتباع ملّتهم في رمضان، حيث يسود ما يشبه الاضراب العام طيلة النهار وتغلق المطاعم والمقاهي و يصبح غير الصائم مجبرا على الصوم، وفوق ذلك يمنع من الأكل العلني لأن ذلك يؤذي مشاعر المسلمين. لكن هؤلاء المسلمين أنفسهم هم الذين يتجندون للأكل من الصباح إلى المساء فيتقاتلون في الأسواق على أتفه السلع ويرفعون الأسعار ويبيعون السموم في الشهر ذاته ويقطعون الطرقات ويحطمون السيارات ويخربون ممتلكات الآخرين ويحولون المدن إلى مزابل ضخمة، دون أن تتأذى مشاعرهم الرهيفة. قد يسير أحدهم في الاتجاه المعاكس ويقتل الناس لأن موعد الآذان اقترب ومشاعره لا تحتمل التأخر عن المائدة، قد تُصاب  وقد تُقتل لأنك عبرت الشارع في الوقت الذي نشبت فيه معركة لأتفه الاسباب بين صائمين مرهفي المشاعر. ربما يوفر هذا الشهر مادة لعلماء النفس وعلماء الاجتماع لدراسة شعب يجنح سنة بعد أختها نحو البدائية و يضيّع آخر مظاهر التمدن والتحضر، رغم الرفاهية المادية التي تبدو على الساكنة وتتخذ  في أغلب الأحيان شكل تمظهرات سيكوباتية هيستيرية. لقد أصبحت الحياة صعبة في مدن كانت إلى وقت قريب تتعايش فيها الأجناس المختلفة والديانات وأصبحت الآن مسرحا لكل مظاهر الصعلكة والعنف وعدم التسامح، دون أن يؤذي ذلك المشاعر كما يؤذيها مظهر الأجنبي الذي يدخن سيجارة، أو  أي شخص آخر يجاهر بعدم الصوم، وفوق ذلك لا يحتملون ممارسة غير المسلمين لشعائرهم الدينية. هذا المغالاة أصبحت ظاهرة  ينفرد بها الجزائريون  الذين يتوهمون أنهم أكثر عروبة من جميع العرب  و أكثر إسلاما من بقية المسلمين رغم  أنهم لا يحسنون نطق العربية أو كتابتها  ورغم "المناكر" التي ارتكبوها باسم الدين نفسه! قد تكون العزلة التي عانت منها الجزائر في سنوات الحرب الأهلية سببا  في انحسار ثقافة الاختلاف، لكنها لن تكون مبرّرا لبقاء الامور على ما هي عليه، مثلما لن يكون السلم المدني مبررا للقضاء على آخر مظاهر المدنية. نقلا عن أجراسه بجريدة النصر الجزائرية
طلاق بين الأديب الجزائري والصحافة
بقلم بشير مفتي
يلجأ الأديب العربي إلى الصحافة لأسباب موضوعية عدة، أوّلها رغبته في التعبير عن رأيه وميله إلى أن يدلي بدلوه في شؤون المجتمع عامة. ولأنه حريص على أن يقوم بذلك الدور الموكل إليه، يرى ضرورة في أن يمتلك رأياً يقوله وموقفاً يعلن عنه، فالكتابة الصحافية تعني الشعور بالمسؤولية والواجب، وخصوصاً عندما تكون …لقراءة المزيد
يلجأ الأديب العربي إلى الصحافة لأسباب موضوعية عدة، أوّلها رغبته في التعبير عن رأيه وميله إلى أن يدلي بدلوه في شؤون المجتمع عامة. ولأنه حريص على أن يقوم بذلك الدور الموكل إليه، يرى ضرورة في أن يمتلك رأياً يقوله وموقفاً يعلن عنه، فالكتابة الصحافية تعني الشعور بالمسؤولية والواجب، وخصوصاً عندما تكون أمته في وضع مأزوم وسياق تاريخي مجروح، فيصبح من أولويات الأديب الاندماج في سياق المرحلة بالتحليل والنقد، أو التعبير عما يراه ويشاهده، أو الانخراط في السجال الضروري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. لا يكون الأديب كاتباً فقط بإبداعاته في حقول الكتابة المختلفة، بل من خلال ما يقوله أيضاً في الشأن العام، وهذا أمر مهم، بغية أن يكون هنالك تناسق بين ما يبدعه وما يؤمن به. وقد لا يجد الكثير من الأدباء في العالم رغبة في الانخراط داخل مجالات الفضاء السياسي، رغبة منهم في النأي بأنفسهم عما يورطهم في مشاكل لا تعني مباشرة إبداعهم الأدبي، أو لا شأن للإبداع بها، وهم محقون كثيراً، فلا دخل للأدب بالمواقف، وهذا ما أكده الكثير من الكتاب، أمثال الروائي الفرنسي كلود سيمون، الذي كان يرفض فكرة الالتزام الأدبي بالمواقف، وكان يقول دائماً: «إذا أردتم موقفي فسأخبركم به»، أي من دون أن يورط أدبه في مسائل كهذه. تختلف آراء الأدباء في العلاقة بالصحافة والأثر الذي يمكن أن تتركه عليهم تلك العلاقة، فالبعض يشيد بها، باعتبار أنها تسمح للأديب بالتمرن على الكتابة أو الحفاظ على علاقة دائمة ومستمرة بها، والبعض يراها منبع تجفيف وتسطيح لعمق الكتابة وطبيعتها المعقدة، والتي تحتاج لمقدار أكبر من الوقت الذي تسمح به الصحافة المكتوبة، ما يعني أن الإبداع يمتلك خاصية التأمل الطويل في الأشياء قبل المرور إلى التدوين، بينما الصحافة تبقى لعبة اليومي السريعة التي تفرض إيقاعها الخاص وصياغتها المختلفة. أما الغاية، فهي بالتأكيد آنية وظرفية وموقتة، لكون جلّ ما ينشده الأديب من المرور عبر تجربة الصحافة هو التأثير الفوري في القارئ وليس التأثير البعيد المدى. الأمور التي تجذب الأديب العربي إلى الصحافة تختلف عن تلك التي تجذب الأديب الأجنبي أو الأوروبي، فالثاني قد يطرق هذا العالم من موقعه كأديب يقدم خصوصيته الكتابية لتلك الصحافة، وهو عادة ما نجده يقدم كتابته الصحافية على أنها نص أدبي، كمختلف النصوص الأخرى التي يبدعها خارج هذا السياق الإعلامي. أمّا الأديب العربي، فيأتي من موقع الباحث عن مصدر رزق، وهو يجد في الصحافة المكان الأقرب إلى حقل اشتغاله، وهي عمل الأديب الأول تقريباً بعد الجامعة، وترتبط بالتالي بالظرف السوسيولوجي لهذا الأديب وموقع الأدب في تراتبية المجتمع. وطالما أنّ الأديب العربي لا يستطيع ولا يحلم بأن يعيش من خلال كتبه التي يكتبها، فهو مضطر حتماً للعمل في الصحافة بشكل أو بآخر كمهنة دائمة أو كتعاون ومساهمات تنقذ جيبه المفلس على الدوام. أحياناً يجد الأدباء في الصحافة فرصة ليحتلوا واجهة المشهد الثقافي، لكونها تتيح لهم فرصة الحضور في واجهة إعلامية ما، ولو تخلت الصحافة عنها سيكون من الصعب على هذا الكاتب إيجاد الوسيلة التي تفرض حضوره على المشهد، وتعطيه بعض الامتياز الذي يعطى لغيره من النجوم، الذين تتحدث عنهم الصحافة لتعزز موقعها بين القراء، مثل نجوم السينما والغناء والرياضة والسياسة، بينما حضور الأدباء يعطي للصحيفة موقعاً رمزياً، من حيث إنهم يمثلون تلك النخبة-الأقلية التي تمثل عقل الأمة في شكل من الأشكال. لا تولي الصحافة الجزائرية الكثير من الاهتمام بالأدباء الجزائريين، ولا تستدعيهم للكتابة في صفحاتها، وهي إن فعلت لا تدفع لهم أي مقابل، وتعتقد أنها بفتحها المجال أمامهم تقدّم لهم إشهاراً، وهذا كاف لكي لا يطلبوا مستحقاتهم المادية من الجريدة. وهكذا، تبدو جرائد اليوم فارغة تقريباً من أقلام الأدباء، وكتّابها يعملون بصفتهم صحافيين لا أدباء يعملون في الصحافة. يشعر الأديب الجزائري بأن الصحافة المكتوبة تعاديه، وتنفر منه، وحتى مدراء بعض الجرائد لا يتوقفون عن التصريح بأن آخر مغنية لأغنية «الراي» أكثر فائدة لصفحتهم من أهم أديب جزائري، والأفظع في السنوات الأخيرة، أن بعض الصحف صارت تحرض على أدباء بلدها، ولم يعد مُستغرباً أن نجد في واحدة من أكبر الجرائد اليومية مقالاً في الصفحة الأولى يهاجم رواية جزائري ينشر بالفرنسية -هو أنور بن مالك- «آه ماريا»، ويتهم الرواية بالاعتداء على مقدسات الأمة، وعندما تقام حملة بهذا الشكل فهي لا تعني إلا تقديم هذا الأديب وروايته إلى محاكم التفتيش في بلد نعرف كم دفع كتّابه من ثمن غال في سنوات المحنة العنيفة بأيدي التكفيريين. وهكذا، يجد بعض الأدباء الجزائريين ضالتهم في الصحافة العربية، ويطلبون اللجوء الإعلامي والأدبي فيها، فهم على الأقل يتقاضون في الصحف العربية مبالغ مالية مقابل ما يكتبونه، وهو ما يندر في الصحف الجزائرية، التي تتعامل في زمن الرداءة المعممة باستعلائية فاحشة مع الأدباء ومؤلفاتهم. وللأسف، كانت سنوات السبعينيات والثمانينيات، التي تميزت بحكم الحزب الواحد للبلاد، أحسن حالاً من تلك التي جاءت مع فترة زوال حكم الأحادية على الأدباء الذين كان لهم اعتبار رمزي وقيمة ثقافية. أما اليوم، فتبدو الصحافة المستقلة كأنها مجرد منشورات تحريضية، أو منبر يجمع الأخبار الساخطة والتافهة على السواء، وفي هذا الجو المسموم والضعيف، فَقَدَ الكثير من الأدباء الرغبة في الانخراط داخل أي جريدة، وتقوقعوا داخل ما يكتبونه أدبياً فقط، بل صارت الصحافة في بلادهم عدوهم الكبير. نقلا عن الحياة اللبنانية
لماذا نقرأ الروايات؟
بقلم فيصل دراج
ما الذي كان يدعو بعضنا، في زمن الشباب، إلى ترقب رواية جديدة لنجيب محفوظ، وإلى الفرح بظهور ترجمة أنيقة القوام لرواية «مدام بوفاري»؟ لماذا لا تزال تتصادى في ذاكرة كثر خطوات «آهاب» في «موبي ديك»، وهو يقطع ظهر السفينة، ذهاباً وإياباً، في ليله الموحش الطويل؟ ما الذي …لقراءة المزيد
ما الذي كان يدعو بعضنا، في زمن الشباب، إلى ترقب رواية جديدة لنجيب محفوظ، وإلى الفرح بظهور ترجمة أنيقة القوام لرواية «مدام بوفاري»؟ لماذا لا تزال تتصادى في ذاكرة كثر خطوات «آهاب» في «موبي ديك»، وهو يقطع ظهر السفينة، ذهاباً وإياباً، في ليله الموحش الطويل؟ ما الذي يدعونا، اليوم، إلى «قراءة» رواية لقادم جديد، يدخل إلى الكتابة الروائية متوجساً قلقاً، أو يدخل إليها بخفة غليظة تتاخم الوقاحة؟ والسؤال هو: لماذا نقرأ الروايات؟ في زمن القراءات الأولى كان هناك الفضول الفَرِح، الذي ينتظر روائياً يضيف إلى الحياة حياة جديدة، ويضيف إلى حياتنا سؤالاً نختلف فيه ونضيف، بدورنا، إلى صورته المعروفة ـ المجهولة ملمحاً جديداً. لماذا قُتل ذلك المغترب النموذجي، الذي طرق أبواباً عابسة، في رواية «اللص والكلاب»، وما هي النيران السعيدة التي دفعت أميركياً إلى الموت في إسبانيا في «لمن تقرع الاجراس»، وما هو ذلك الطموح المخادع الذي أودى ببطل «الأحمر والأسود» إلى المقصلة؟ بعد الفضول المرح، الذي يعثر على الإجابات أو يخترعها (مَن منا من لم يخطئ القراءة وانتشى بقراءة واهمة؟)، جاء زمن تأمل الروايات، التي تتأمل مخلوقات متناطحة تعابث زمناً، يكسرها حين يشاء ويتابع المسير. يظل سؤال القراءة الواهمة، ربما الأكثر تماسكاً، ذلك أن في الكتابة الروائية، التي تتصارع على أبوابها جموع من القمح والقش، ما يسمح بحرية كريمة، تتيح الوهم والحلم والتأمل ومساءلة مستفزة، لا تخفض صوتها بعد انتهاء القراءة. نقرأ الروايات هرباً من الحكايات، ونقرأها هرباً من سلطة البلاغة والبلاغة السلطوية، وهرباً من يقين «النظريات»، التي كلما شاخت لبست وجوهاً جديدة. ولكن لماذا الهرب من الحكايات، التي التصقنا بها أطفالاً وألصقناها بأطفالنا، حين جادت علينا الحياة بالأطفال؟ إنه الهرب من قصور الرمال ومن حكايات البراءة، التي تختصر الحياة إلى ما لا يمكن اختصارها إليه، لأنّ في غلظة الحياة ما يمزّق الأطفال وحكاياتهم: أين هو الصياد اللذيذ الذي يستطيع أن «يُفزع» ذئاب «الأبراج» والقصور المؤتمتة الحراسة؟ ومن يوصد الأبواب في وجه خيول «الجوع» التي تقفز فوق الأطفال وأمهاتهم؟ في روايته «جوع»، التي تشبه «جوعاً» آخر، توقف روائي مصري نجيب أمام فضائل «القش»، الذي «يسلك» الجائع به أسنانه في انتظار «الخبز الحافي»، الذي يحتكره سادة «قصر المطر». ليس في الحكايات إلا وَهْم الحكايات، الذي تجعله الروايات مادة للسخرية، ذاهبة من الأسوار إلى ما وراء الأسوار، ومن «الخبيئة» إلى ما وراء الخبيئة، وسائرة من الفردوس إلى «ما وراء الفردوس»... وما هي حكاية البلاغة في وجوهها المختلفة؟ إنها اغتصاب الكلمات الذي يعالج الجرح بالطلقات، محوّلاً الكلمات إلى أشياء لا وجود لها، ومستبدلاً بمواضيع الحياة مواضيع يطلقها اللسان ولا تغادر حدوده. أو إنها اللهو اللغوي المستبد الذي يقطع الكلمات الملونة الرقيقة الصوت التي تشتق وجودها من مواضيعها، وتعترف بالمواضيع وتزيح عن وجهها الغبار. ولهذا نقرأ كتاب «سأكون بين اللوز»، في كلماته المتحاورة الموحية الناقصة، ونرى المنفى في نثر «الحب في المنفى»، ونجسّر الكلمات السارحة الطليقة في أكثر من رواية. فلا تلقين ولا مكان لما هو أقل من التلقين، لأن بين «المتخيّل» والتلقين غربة، هي غربة طبيعة الحياة عند السوط والأقنعة و «قال المعلم»، الذي يكرّر كلاماً قاله «معلم» آخر. ولهذا يرتاح «المعلّم» إلى «المسطرة والطباشير ووجوه التلاميذ المتناظرة»، وإلى «دفتره الصغير» المتوارث القديم، ولا يرتاح إلى «قنديل أم هاشم»، فإن فعل أنزلها سريعاً إلى مائدة المسموح والممنوع، التي لا تغادر دفترة القديم أبداً. يرتاح «الدفتر البلاغي» إلى: كيف؟ ويضع الإجابة في السؤال، وتطمئن الرواية إلى: لماذا؟ محتفية بموائد الفضول، التي لا تستضيف «الواحد»، وتوقظ في عقل القارئ عقولاً متعددة. تتعامل «العلوم الاجتماعية» مع حقولها المختلفة بصيغ معرفية متعددة: القانون، الذي لا يرحب كثيراً بالاحتمال، والمفهوم، الذي يكثّف الوقائع في لغة مختصة، والمقولة التي تخبر عن المنهج،...تحاور «العلوم الاجتماعية» التاريخ المعرفي الذي أنتجها، محاولة «إتقان النظرية» واختصار الحياة إلى تعابير مطابقة، حتى لو تطلّب ذلك بتر بعض أعضاء الحياة. ومع أن الرواية شحاذ يمد يده إلى موائد المعرفة المختلفة، يسأل التاريخ شيئاً، وعلم النفس وعلم الاجتماع وتاريخ الفن أشياء، فهي، على رغم «شكلها الفقير» تتصرف بالمعارف جميعاً منتهية إلى «جوهر الإنسان»، المحتشد بأسئلة الحب والغناء والفناء والانتظار والاغتراب، وذلك التداعي الواقف في نهاية الطريق. نقرأ الرواية هرباً من ضيق الحياة ورغبة بمعرفة الحياة، لأن الرواية كتابة أخرى للحياة، تنفذ من العارض إلى الجوهري، ومن المتوقع المبذول إلى اللامتوقع، ومن القائم المتكلّس المتيبّس المعتاد النهائي إلى المرغوب واللامرئي والملتبس واللانهائي. ولهذا تبدو الرواية مسوّرة بالغموض والاحتمال والأمل، إذ في كل رواية رحيل وعودة مؤجلة وإنسان مغترب ملموس يخفق فيه إنسان موعود لم يره أحد. ونقرأ الرواية لأن في الرواية فتنة الرواية، الماثلة في حوار مع موتى لا يموتون. يذهب البعض إلى زمن الفراعنة ويؤنسن الفرعون، ويتبسّط آخر مع «ابن سبعين» ويصاحبة في تجوال طويل، ويلجأ ثالث الى ضابط قلق حارب مع «العرابيين» وانهزم، ويقتفي رابع آثار صبي نجيب من جبل لبنان القرن التاسع عشر... لا أموات في كتابة روائية تصالح بين الأحياء والأموات، وترسل بهم إلى موكب متعدد الألوان، يلغي المسافة بين ما كان وما سيكون. للشخصية الروائية، التي يجود بها روائي عليم، موت يلتبس بالحياة وحياة تلتبس بالموت، وزمن ثالث تعيد القراءة صنعه، لأنّ الرواية كتابة وقراءة، أو قول ناقص يتعهد القارئ بتجديده بتجارب الحياة. والرواية، في الاتجاهات كلها، كتابة عن الزمن الإنساني الكثيف والتحرر منه في آن. ذلك أنها حاضنة الكائن وما كان وما سيكون. نقرأ في الرواية سيرة الحياة، الممتدة بين بداية ونهاية لا يسيّجها أحد: شيخ ضرير ينبثق في بداية الطريق، وشخصيات تتوالد بعد حين، وآخرون يرافقون أجدادهم إلى المقبرة، وأحفاد غادروا شبابهم، يمشون في ليل الحياة، قبل أن يأخذهم النعاس. كل الروايات الحقيقية «رواية أجيال»، كان السائر فوق سطورها فرداً أرهقه التعب، أو أفراداً يتناسلون في عرض الطريق. وما فتنة السرد، كما تقول الأرواح الفرحة، إلا تكامل شخصيات روائية، تولد ذات ليل ويزاملها الزمن إلى بقعة معتمة، يتبادل الأحياء والأموات فيها حواراً لا ينتهي.
أجراس : القوة أسباب
بقلم سليم بوفنداسة
تقدم الألعاب الأولمبية الجارية في لندن دروسا  في الجدارة والاستحقاق، وتبين أن الأمم العظيمة عظيمة في كل الحقول. حيث تحول الأولمبياد إلى مسرح كوني لإبراز القوة، وهو من هذه الناحية بدأ يتخلى عن أهدافه الرياضية لحساب الأهداف الاقتصادية والسياسية، إذ لم يعد على طرفي المسرح سوى متنافسين اثنين …لقراءة المزيد
تقدم الألعاب الأولمبية الجارية في لندن دروسا  في الجدارة والاستحقاق، وتبين أن الأمم العظيمة عظيمة في كل الحقول. حيث تحول الأولمبياد إلى مسرح كوني لإبراز القوة، وهو من هذه الناحية بدأ يتخلى عن أهدافه الرياضية لحساب الأهداف الاقتصادية والسياسية، إذ لم يعد على طرفي المسرح سوى متنافسين اثنين يقتسمان ذهب العالم: الصين وأمريكا، ما يؤكد  أن القوة كل لا يتجزأ، فأمريكا القوية سياسيا  قوية أيضا برياضتها و اقتصادها قوية بالأدب وبالسينما وبالموسيقى. و الصين التي تقدم نفسها كقوة رياضية تقدمت قبل ذلك بإنسانها الذي غزا العالم وفرض إنتاجه ومنطقه على كل الكوكب. ربما تقدم السياسة الخارجية الأمريكية صورة سيئة عن أمريكا، لكن القيم الأمريكية أصبحت من مكونات الإنسان المعاصر الذي تربى طوعا أو قسرا على الموسيقى  والسينما الأمريكية والأدب الأمريكي، حيث أصبحت الشخصية الأمريكية، هي الشخصية الجديرة بالتقمص والحياة الأمريكية هي الحياة التي يجدر ان تعاش. ثمة صورة القاهر المعبود التي كرستها الفنون وأمعن التلفزيون في تجذيرها، وسواء أحقدنا على أمريكا أو أحببناها  فإن هذه الصورة وهذا الوضع هو نتيجة جهد عظيم وخارق وحقيقي رفع هذا البلد الذي يمنح فرص التفوق للجميع. وتخطط الصين، بدورها، للهيمنة على العالم في العقود القادمة بجهد جعل منتوجاتها تدخل كل البيوت وبإنسان بسيط ومتواضع ينطق بكل اللغات ويتعايش مع كل الشعوب ويصبر على أذاها. ليس صدفة، أن تهيمن الصين وأمريكا على الذهب في المسرح الكوني. ولن يكون غريبا أن نحصد المرارات كالعادة، و أن ترتبط أخبار هذه التظاهرة العالمية بفضائح "السرقة" التي تحولت إلى رياضة وطنية لها نجومها وأبطالها. وليس غريبا أن تكون الأمم الساقطة في امتحان الجدارة العالمي هذا هي الأمم ذاتها المتخلفة في باقي المجالات، الأمم التي ترفض الديموقراطية وتناصب الحريات العداء، الأمم التي تستبدل العمل بالأوهام والأكاذيب. نعم، لا ذهب لعرب الله في الأولمبياد وربما في الأولمبياد الذي يليه. وكأن العربي إنسان غير جدير بالتتويج، يعيش خارج التاريخ ولا يفوز إلا في المنافسات التي تنتهي بالموت. نقلا عن جريدة النصر الجزائرية
مجتمعات البصلة الواحدة
بقلم حكيم خالد
لنتفق على أن دول الغرب ليست مؤسسات خيرية، لذك فهي تتعامل معنا بمصالحها التي تخدم بقاء شعوبها، و ليس بمبادئها التي نرفضها بالجملة، و هذا حقها المشروع. لكن أهم ما علينا أن نفهمه هو أن الغرب ينظر إلينا على أننا بصلة واحدة. و هذا أيضا مشروع، ما دمنا نصرخ منذ غزو قريش لأوطاننا أننا أمة واحدة (على وزن …لقراءة المزيد
لنتفق على أن دول الغرب ليست مؤسسات خيرية، لذك فهي تتعامل معنا بمصالحها التي تخدم بقاء شعوبها، و ليس بمبادئها التي نرفضها بالجملة، و هذا حقها المشروع. لكن أهم ما علينا أن نفهمه هو أن الغرب ينظر إلينا على أننا بصلة واحدة. و هذا أيضا مشروع، ما دمنا نصرخ منذ غزو قريش لأوطاننا أننا أمة واحدة (على وزن بصلة واحدة)..لذلك فالغرب لا يمهمه إن نحن إخترنا لمجتمعنا التخلف "بمؤسساته" البدائية، فالنذهب كلنا إلى الجحيم إن أردنا و كانت تلك مشيئتنا، الأهم هو أن تبقى مصالحه محمية، فكما أن الشعوب حرة في إختيارها للتطور و التحضر، هي أيضا حرة في أن تكون أكثر تخلفا..و على أساس هذا المبدأ - مبدأ البصلة الواحدة -، يتعامل الغرب مع التيار الديني و يشجعه أينما كان في التربع على مفاتيح الحكم، مادام السواد الأعظم من شعوب البصلة الواحدة و على رأسهم "المثقفون"، تفكرعن وعي و عن دون وعي بفكر هذا التيار الذي يحسن الكذب و النفاق باسم "التقية". لكن الغرب يرتكب خطأ خطيرا سيؤدي لا محالة إلى خلق ثقب كوني أسود سيجره و يجرنا إلى الفناء. و هذا الخطأ نابع من جهله الذي يعكس جهلنا أيضا، بحقيقة هذا التيار الديني. إنه ليس كأي تيار أيدىولوجي محكوم بمصالح دنيوية أو بشرية، و بالتالي يمكن ترويضه أو تغييره كما حدث للتيارالشيوعي، حسب تقارب المصالح لما ينفع الشعوب، لأن الهدف هو صلاح الدنيا..هذا التيار الطاعن في التخلف الديني المزيف هدفه الآخرة، و هذا ما لا يفهم أبعاده الغرب و لا نحن.. الذين يجاهدون في سبيل حماية ربهم - و ربهم غني عنهم- و يريدون تأسيس شرع منسوب له، هم في الحقيقة يبيعون الحياة الدنيا ليشتروا بها حياة الآخرة، هؤلاء لا يعادون الغرب أو حتى أبناء قومهم لأسباب مادية عملية، يمكن التفاوض عليها، بل يعادون ويكرهون في الله، و ستظل نيران العداوة مشتعلة حتى يبلعنا الثقب الأسود، وحتى يقتلوا آخر معارض لمشروعهم الإفتراضي، دون أن ينسوا أن يقضوا على ذلك "اليهودي" أو "النصراني" " المرتعش" خلف الشجرة.. حكيم خالد 
عرب مروا من هنا
بقلم محمد نور الدين جباب
        قبل قليل كنت أتابع حوارا مع شاعر عربي، عن تجربته الشعرية،عن سيرته الحياتية ، عن مغامراته النسائية عن خيبته في الحب ،عن المنفى عن التشرد ، تحدث عن كل شي حتى الأشياء الصغيرة مثل تفضيله شرب البيرة في الصباح.     و أنا أتابع الحوار كنت انتظر أن …لقراءة المزيد
        قبل قليل كنت أتابع حوارا مع شاعر عربي، عن تجربته الشعرية،عن سيرته الحياتية ، عن مغامراته النسائية عن خيبته في الحب ،عن المنفى عن التشرد ، تحدث عن كل شي حتى الأشياء الصغيرة مثل تفضيله شرب البيرة في الصباح.     و أنا أتابع الحوار كنت انتظر أن يتحدث عن تجربته في الجزائر التي استقبلته لما كان مطاردا ومنفيا لم يذكرها ولم يذكر تجربته بها ، الجزائر التي ظل بها أكثر من خمس سنوات.     وفي حقيقة الأمر هذا الموقف ليس "عملا معزولا " كما يقول الساسة و أهل الاختصاص في علم الإجرام ،إنما تكاد تكون ظاهرة عامة ، عرب كثيرون مروا من هنا ولم يذكروا ولم يتحدثوا عن تجاربهم في بلاد الجزائر، وإن تصادف وتحدثوا فيتحدثون بمرارة .     الفيلسوف فؤاد الأهواني صديق وزميل برتراند رسل ترك بريطانيا وجامعاتها الراقية وجاء إلى الجزائر في بداية السبعينيات ليسهم في بناء الجامعة الجزائرية فكان جزاؤه قطع الراتب ما جعل طلبته بقسم الفلسفة يجمعون له بعض المال من منحهم القليلة . قاوم الفيلسوف وفي النهاية مات بسكتة قلبية داخل الحافلة. محمد الزايد ذلك الفيلسوف الشاب صاحب كتاب "المعنى و العدم" فسخوا عقدهم بعدما اتهموه بنشر الإلحاد في أوساط الطلبة ، الفيلسوف الطيب تيزيني بعدما انهوا عقده بجامعة تلمسان، وهو عائد إلى بلده قضى ليلة كاملة مع زوجته داخل حديقة السكوار لأنهم الغوا حجزه بدون علمه ولم يكن معه المال فاضطر لقضاء ليلة مع الصعاليك بحديقة السكوار .     الناقد العراقي الكبير عبد الأمير الحبيب الذي أغني الحياة الثقافية في منتصف السبعينيات طرد بقرار من وزير الداخلية ، المدعو عبد الغني لأن الناقد عبد الأمير الحبيب تجرأ ونقد على صفحات جريدة الشعب كتاب أحمد طالب الإبراهيمي     " من إزالة الاستعمار إلى الثورة الثقافية . ولم يحز في نفس الكاتب العراقي إلا تلك الافتتاحية المشينة بحقه على صفحات جريدة الشعب ،افتتاحية كتبها مدير جريدة الشعب محمد السعيد الذي يتباكى هذه الأيام عن الديمقراطية الغائبة في الجزائر وكأنه كان من أنصارها أو أحد المدافعين عنها .     الشاعر السوداني الكبير و الأستاذ الجامعي الدكتور عبد الرحمن جيلي ظل مرميا في بيته المتواضع بباينام لولا بعض الأساتذة الذين ضغطوا وادخلوه مستشفى مصطفى باشا ولما وصل الخبر إلى الراحل ياسر عرفات تكفل به وحوله من الجزائر إلى القاهرة وعالجه في أحسن مستشفيات مصر .     القائمة طويلة ، ومن ذكرت : بعضهم كانوا أساتذتي وبعضهم جمعتني بهم صداقة .
سر استدعاء عمر
بقلم سليم بوفنداسة
ورفضت محاكم النظر في دعاوى لوقف المسلسل لتجسيد صورة الخليفة، ما يعني أن انتاجه يحظى بدعم سياسي. ويطرح الغضب على تجسيد عمر مشكلة الصورة في الثقافية العربية الإسلامية، حيث لازال قطاع واسع من رجال الدين يخشون تجسيد صور رجال دين على اعتبار أن ذلك يمس بقداستهم ويجردهم من هالة أسطورية أحيطوا بها حتى بات …لقراءة المزيد
ورفضت محاكم النظر في دعاوى لوقف المسلسل لتجسيد صورة الخليفة، ما يعني أن انتاجه يحظى بدعم سياسي. ويطرح الغضب على تجسيد عمر مشكلة الصورة في الثقافية العربية الإسلامية، حيث لازال قطاع واسع من رجال الدين يخشون تجسيد صور رجال دين على اعتبار أن ذلك يمس بقداستهم ويجردهم من هالة أسطورية أحيطوا بها حتى بات من الصعب الفصل بين الأسطوري والحقيقي في سيرهم. لكن المؤكد أن كل الروايات التي تناولت سيرة عمر قدمته في صورة رجل الدولة العادل الذي ينام  تحت الشجرة وهو خليفة دون أن يتعرض لأذى والذي يعلن أنه يتحمل مسؤولية عثور بغلة في الشام. حيث أن فلسفته في الحكم جعلته يعتقد انه ليس في حاجة لحماية نفسه ممن يتولى أمرهم لأنه واحد منهم حتى وإن كان الرجل قد قتل غيلة في نهاية المطاف تقول بعض الروايات أن القاتل "انتحاري" فارسي أو مجوسي، طعن نفسه بعد أن قتل عمر ومجموعة من المصلين. والسؤال المطروح الآن: هل أن انتقاء شخصية عمر لتجسيدها دراميا في هذه المرحلة بالذات يخفي رسالة ما؟ رسالة سياسية تنبه إلى نموذج الحاكم المفتقد في العالم العربي الإسلامي المحكوم بديكتاتوريات تتخذ الكثير منها الدين أسلوبا في الحكم؟ يقول داعية سعودي من المنتصرين لتصوير عمر، أن الفيلم رد على كتب منتشرة تسيء للخلفاء، وهو ما يعني أن الأمر يتعلق ببروباغوندا مضادة، وأن الاستنجاد بشخصية عمر له أهداف سياسية على صلة بالصراع الدائر بين الشيعة والسنة حاليا وحروب النفوذ بين السعودية و إيران لتزعم العالم الإسلامي. فعمر بن الخطاب معروف بحملاته على الفرس وفي عهده استولى العرب على كل أقاليم الامبراطورية الفارسية، وربما كان استدعاء عمر دراميا هنا ردا سعوديا على إيران وتذكيرا بما حدث في السابق. ما يعني في النهاية أن الأمر لا يستهدف مناقشة أسلوب في الحكم أو ما يجب أن يكون عليه الحاكم في وقت مناسب للمراجعات، ولكنه يتعلق بتوظيف التاريخ في صراع مذهبي طائفي ولعل ذلك بكل تأكيد ما يبرّر صمت الفقهاء على أمر ما كانوا سيصمتون عليه لو لم يكن غير ذلك!  نقلا عن أجراسه التي ترن أسبوعيا في جريدة النصر الجزائرية التي تصدر في قسنطينة
100 منظمة وحزب تطالب مرسى بإجراءات لمواجهة التحريض ضد النساء
بقلم شيماء صالح
اعربت أكثر من 100 منظمة وحزب وشخصية فى بيان لها الأثنين عن قلقها البالغ لما تواتر من شهادات تداولتها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي حول تعرض النساء غير المحجبات وغير المنتقبات إلى انتهاكات عديدة منها العنف اللفظي، ومحاولات الاعتداء عليهن، بسبب ملابسهن. وأكد البيان أن الوقائع التى تعرض لها …لقراءة المزيد
اعربت أكثر من 100 منظمة وحزب وشخصية فى بيان لها الأثنين عن قلقها البالغ لما تواتر من شهادات تداولتها وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي حول تعرض النساء غير المحجبات وغير المنتقبات إلى انتهاكات عديدة منها العنف اللفظي، ومحاولات الاعتداء عليهن، بسبب ملابسهن. وأكد البيان أن الوقائع التى تعرض لها عددا من النساء خلال الفترة الأخير لا تمثل تعديا على النساء فحسب، بل على المجتمع المصري بأسره، الذي اتسم بالتعددية والتنوع الثقافي والفكري على مدى قرون، مطالبة الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة المعنية بإجراءات سريعة تضمن صون وحفظ كرامة النساء. وأشار البيان إلى اعتداء بعض أعضاء جماعة " الأخوان المسلمين" مساء الخميس الماضي على سميرة إبراهيم صاحبة قضية رفض كشف العذرية وتم طردها من الميدان، كما لم تسلم النساء أثناء أداء عملهن من الاعتداء عليهن بالسب والضرب، ففي يوم الجمعة الماضي أثناء مظاهرة تسليم السلطة قام صفوت حجازي الداعية الاسلامى بالاعتداء على مصورتين صحفيتين، رفضتا النزول من على المنصة التي تم تخصيصها لرئيس الجمهورية. كما تعرضت صحفية بريطانية ناتشا سميث للتحرش الجنسي والضرب في ميدان التحرير يوم الأحد الموافق إعلان النتائج الرئاسية، و كانت تقوم سميث بتغطية نتيجة الانتخابات وكانت متواجدة بمصر لعمل فيلم وثائقي عن الثورة المصرية والتحول الديمقراطي، وتعرضت للضرب والتحرش الجنسي وتم تمزيق ملابسها، وأصيبت في قدمها ويداها، وتم إنقاذها من بعض شباب الميدان، واصطحابها إلي خيمة بها نساء لإعطائها ملابس وتمكنت من مغادرة الميدان وغادرت مصر في نفس اليوم. وتوجه البيان للنساء اللاتي يتعرضن لتلك الانتهاكات بأن يبادرن بمواجهة هذا الاعتداء ورفضه والرد عليه بقوة، و التقدم ببلاغات في أقسام الشرطة ، وفضح تلك الانتهاكات في جميع وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. ويشار إلى أن الموقعون على البيان: مصريات من اجل التغيير،ومصريات من اجل المستقبل،والمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان،ومصريون ضد التمييز الديني،ومركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف،والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، اتحاد شباب ماسبيرو،ومؤسسة قضايا المرأة المصرية ، وأحزاب المصري الديمقراطي الاجتماعي، والاشتراكي المصري، مصر الحرية-التحالف الشعبي الاشتراكي، ومن الشخصيات : المخرج داوود عبد السيد، الفنان خالد الصاوي، د. عمرو حمزاوي، والطبيبة والناشطة منى أبو الغار. نقلا عن صحيفة أخبار مصر
العرب المشاغبون في فرنسا
بقلم فضيلة الجفال
من المألوف جداً أن ترى الوجوه العربية في كل مكان في «باريس»، الباعة عرب، سائقو التكاسي عرب. ومن يرتشفون أقداح القهوة في المقاهي المتناثرة عرب. وحتى الأصوات التي ستسمعها قريبا من قصر الإليزيه، حيث يوجد الرئيس الجديد «فرانسوا أولاند»، هي لعرب مشاغبين لا يكفون عن التظاهر مع …لقراءة المزيد
من المألوف جداً أن ترى الوجوه العربية في كل مكان في «باريس»، الباعة عرب، سائقو التكاسي عرب. ومن يرتشفون أقداح القهوة في المقاهي المتناثرة عرب. وحتى الأصوات التي ستسمعها قريبا من قصر الإليزيه، حيث يوجد الرئيس الجديد «فرانسوا أولاند»، هي لعرب مشاغبين لا يكفون عن التظاهر مع سواهم بلغة الحقوق والسياسة، أو هم مقيمون غير شرعيين يتجمعون للمطالبة بالاعتراف بهم، ففي أوروبا نحو 15 مليون مهاجر من أصول عربية، وفي فرنسا وحدها نحو ثلاثة ملايين عربي. في باريس يرفع العرب أيضا أعلام بلدانهم في الساحات متضامنين ومتفاعلين مع أحداثها البعيدة القريبة منهم، إما غاضبين أو محتفلين مع أحداث الربيع العربي، تماما كما حدث عند فوز الرئيس المصري «محمد مرسي» مؤخرا، فرفعت الأعلام المصرية وضج الشارع بأبواق السيارات. إذا ما تحدثنا عن فرنسا، فإننا كعرب، يأتي على أذهاننا ثلاثة أمور، الصراع الفكري بين العلمانية الفرنسية وبين رمزيات دينية، أو الهجرة بالنسبة للباحثين عن الرزق أو اللجوء السياسي، أو المصيف الأنيق بالنسبة للخليجيين، هم الذين تعج بهم الفنادق كل عام «لو كف الخليجيون تحديداً من التسوق في باريس، لأغلقت كثير من محلات الشانزليزيه أبوابها». يقول رينيه الفرنسي، في فرنسا وفي البلدان الغربية الأخرى، يجيد العرب المهاجرون التحدث بلغة الحقوق السياسية أكثر من بلدانهم، تجدهم يطالبون بكل شيء، يتجمهرون، يحتجون، يضربون. ولا عجب أن تجد أغلب العرب يساريين في بلاد الغرب يطالبون بحقوق «الجميع» الذي يشملهم، لكنهم يمينيون في البلاد العربية يطالبون بحقوقهم الفئوية فحسب. وهذا ما أظهرته أول انتخابات عربية حرة في تونس ومصر، وغيرها من التجارب القادمة. ارتبطت بالعرب صورة مثيري المتاعب في فرنسا في السنوات الأخيرة، بالنسبة للأوروبيين، خاصة أبناء الجيل الثاني والثالث من المهاجرين، لأن الجيل الأول كما يعتقد بعض الفرنسيين حارب تحت علم فرنسا ويكن «انتماء حقيقيا» لها. وهم يشكلون «غالبا» خليطا من المغاربة والجزائريين والتونسيين واللبنانيين. لكن ذلك لا يمنع الفرنسيين مثلا من إخفاء فخرهم بانتماء «زين الدين زيدان»، إلى أرض فرنسا وهو الجزائري العربي الأصل، هذا إلى جانب الوزراء والوزيرات ذوي الأصول العربية أو الذين يشغلون مناصب سياسية رفيعة في كل حكومة لرئيس جديد، فيبرزون بذلك التنوّع العرقي والثقافي الفرنسي. تعاني مجتمعات كثيرة في العالم بشكل متباين من سياسة الاضطهاد، سواء تلك القومية أو الدينية أو حتى السياسية، فيبحث بعضهم عن بلد أكثر استقرارا. وليست فرنسا استثناء في قائمة البلدان التي تمنح حق اللجوء السياسي. ولكن لا تنتهي مشكلات اللاجئين بعد حصولهم على اللجوء. وحين ترفض دولة أوروبية كمضيفة أولى لجوء أي شخص، فإن دول الاتحاد الأوروبي جميعها ترفضه، وقد تحول هذا إلى قانون، وهنا يبدأ الصدام. يعتقد العرب أن عنصرية ما تمارس ضدهم في المجتمعات الأوروبية، لكنني لا أعتقد أن على العرب أن يشعروا بذلك في مجتمع أوروبي علماني كفرنسا، فشعور الأولوية من المواطنين الأصليين عادة شعور بشري طبيعي في كل بلاد العالم، وفي بلداننا العربية نفعل ذلك، فكيف إذا كانوا في نظرهم مثيري مشكلات ومخاوف؟ في هذه الحالة يغطي الرديء على الجيد. العرب وإن أضاف بعضهم إلى المجتمعات التي يفدون إليها بعداً اقتصادياً وعلميا مقدرا، إلا أن قلة منهم يضيفون مشهداً مشوهاً للمجتمع الأوروبي الذي اختار غير مكره أن يكون «علمانيا» يقدر الأعراق والإثنيات دون تمييز للدين، الذي هو شأن فردي، وأن لا تمس رموز الدين بالأمن القومي بأي حال من الأحوال، كشأن النقاب مثلا، الذي برغم حظره، فإن القضايا يبدو أنها لا تنتهي، فترى بعض السائحات الخليجيات أيضا منتقبات وتسعى لفرض المشهد. والنقاب على أية حال، ليس سوى رمز مختلف عليه. هناك حساسية ما تجاه هذه الرموز الدينية، التي قد يحصل بينها تماس مع السياسة بصورة أو بأخرى، وهو أمر مرفوض في القانون الفرنسي، وهذا ناتج عن تاريخ عصيب جدا للدولة انتهى بالفصل بين الكنيسة والسلطة أو بين الدين والسياسة، والبعد عن رمزيات جميع الأديان. من المثير إذا ما علمنا أنه، وبحسب تقديرات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، فقد تم في السنوات العشر الأخيرة بناء ما يقرب من ألف مسجد في فرنسا، وعدد المصليات والمساجد بكل أحجامها يتجاوز اليوم ألفين وثلاثمائة، وذلك بمساندة «معنوية» من الحكومة الفرنسية، حيث من قانون فرنسا العلمانية أن لا تمول «خزينة الدولة» أي مشروع ديني لأي معتقد. أعتقد أنني «في المجمل» أحيي سياسة تجمع وتقبل كل هذا التنوع العرقي والديني الشائك، وتسعى للعدل مهما بلغت تعقيدات الأمور. وإلى فرنسا «أرفع القبعة». نقلا عن صحيفة الشرق السعودية
يا تطخه يا تكسر مخه!
بقلم د. ابتهال عبد العزيز الخطيب
  ما فعله مقدمو المقترح بقانون إعدام المسيء إلى الرسول أحرج كل الأطراف، وأضفى صبغة سيئة على كل الآراء، ووضع الجميع في مأزق خبيث لا يخدم سوى ما في النفوس المريضة من غايات وحب سيطرة وتملك. أصبحت الأطراف المتخالفة في الرأي تنظر إلى بعضها بهذه الصورة: إما أنك رجعي متخلف لا تؤمن بالدولة المدنية …لقراءة المزيد
  ما فعله مقدمو المقترح بقانون إعدام المسيء إلى الرسول أحرج كل الأطراف، وأضفى صبغة سيئة على كل الآراء، ووضع الجميع في مأزق خبيث لا يخدم سوى ما في النفوس المريضة من غايات وحب سيطرة وتملك. أصبحت الأطراف المتخالفة في الرأي تنظر إلى بعضها بهذه الصورة: إما أنك رجعي متخلف لا تؤمن بالدولة المدنية فتوافق على القانون، وإما أنك كافر مهرطق ترضى بالإساءة إلى النبي فتعارضه، لعبوا لعبتهم ووضعونا جميعاً على الخط الفاصل، إما تخطو يميناً فتصبح متخلفاً وإما شمالاً فتصبح زنديقاً. يحركون الشعب كحطب الدامة، يقسموننا على بعضنا، يرموننا بكرات مشتعلة، ويجبروننا على تقاذفها فتحرق كفوفنا، ننشغل بالألم والعجز عن استعمال أيادينا، فيكبرون هم، يقوون، ويطغون، كل يوم أكثر من سابقه. في الواقع كلنا ضحايا، فلا الموافق على القانون متخلف يكره الدولة المدنية ولا المعارض له زنديق يقبل الإساءة إلى نبيه، ولكن كليهما وضع أمام خيارين أحدهما أمرّ من الآخر، فطرح النواب وضع الموافق في زاوية الدفاع عن مقام النبوة ولو بالقتل ووضع المعارض في زاوية اللامبالي بدينه ونبيه في سبيل مدنية دولته. فأما للمتمسكين بمدنية الدولة فأقول: اللعبة كبيرة فيجب ألا نقع في فخ التعادي المنصوب لنا، ليس أعداؤنا الشعب الذي يعتقد أنه ينتصر لنبيه ودينه، ولكن الأعداء هم من حددوا هذا الانتصار بالقتل، فاستشهدوا بالدين لممارسة القمع والترهيب، وهو خطاب قوي نفّاذ، لا يقوى الشارع بعامته في العادة على التخلص من رعبه. الحوار الصريح والواضح هو المطلوب في هذه المرحلة، لا المواربة والإشارة والتضمين، فتلك تفقدنا ثقة الشارع وتمنع عنا الهدف المنشود. وأما للفخورين بسؤالهم الذي يرفعونه كراية انتصار لحوار لم يبدأ بعد: «يعني ترضون بالإساءة إلى الرسول وشتم الصحابة؟»، أقول لا أرضى ولا أعتقد إنساناً عنده ذرة منطق، ينتمي إلى الدين الإسلامي أو إلى غيره أو إلى الفكر اللاديني يرضى بمنطق الشتم والإهانة، لكن الخيارات لا تنحصر في الشتم أو حز الرقاب، هناك خيارات في المنتصف تتواءم ومنطق الدولة المدنية، حرية الرأي، احترام الأديان، وأخيراً التعددية العقائدية. ولعله من المفيد هنا الإشارة إلى أن الدولة كمؤسسة يفترض بها أن تشرع لمواطنيها، تنظم العلاقة بينهم وبين حكامهم، والنبي الكريم وآل بيته وصحابته ليسوا مواطنين كويتيين يخصون الدولة فقط، بل هم ملك المسلمين جميعاً في كل أقطار الأرض المسلم منها وغير المسلم. كيف إذن تشرع الدولة لأشخاص ليسوا بمواطنيها مهما بلغت قداستهم؟ ومع ذلك، فالأغلبية الكويتية مسلمة، تتأذى نفسياً من المساس بمقدساتها، ولو كان المجتمع أكثر ثباتاً وثقة، لقلنا المساس يبقى رأياً، بذيئاً ورخيصاً، ولكنه رأي، فلنحاربه بالرأي الآخر وإثبات منطق السلام والرحمة في الدين في التعامل مع أعدائه، ولكننا مع الأسف، مجتمع تنخره العنصريات والتطرفات التي فككته وخلخلت أطرافه، لذا ليكن هناك قانون يعاقب الإساءة، على أن يطبق تجاه الأديان كافة وليس الدين الإسلامي فقط، وعلى أن يكون هناك تعريف واضح ومحدد ومحدود للإساءة، وعلى أن تنحصر العقوبة في تلك المالية أو الخدمة المجتمعية التي قد تصنع شخصاً أفضل من المحكوم عليه، لا أن تقضي عليه فتتسبب في خسارة الدولة لأحد مواطنيها. من وافق على القانون من الشعب وافق بليّ الذراع بعد أن اعتقد أن هذا هو الطريق الأوحد للحفاظ على كرامة النبي، ومن رفض فعل خائفاً مغامراً بسمعته ليبدو متعانداً وشعوره الديني بالانتصار لنبيه ودينه. وهكذا نحن دوماً مجرورون بين خيارات يريد المتطرفون، الدكتاتوريون، المتآمرون، إقناعنا أنها خياراتنا الوحيدة، وهي ليست كذلك أبداً، ونحن لا نستحق ذلك أبداً. انتهى موضوع القانون برده من سمو الأمير، لكن المؤسف أن محتواه لم ينتهِ من بث بغضائه بين الناس وتقسيمهم و«تصفيفهم» في عداءات لا نقوى عليها، ستحرقنا وتحرق بلدنا معنا. نقلا عن جريدة " الآن" الإلكترونية
شغف الشيوخ
بقلم سليم بوفنداسة
احتل بعض الشيوخ مساحات محترمة في الصحافة العربية، هذه الأيام، ليس بالفتاوى الغريبة التي شغلت الرأي العام في السنوات الأخيرة، ولكن بغراميات مثيرة كسرت الصورة النمطية للشيخ التي كانت ترتبط في المخيلة الجمعية بالإعراض عن شهوات الدنيا واستبدالها بالمتع الدائمة في الآخرة. ففي الوقت الذي اهتمت فيه الصحافة …لقراءة المزيد
احتل بعض الشيوخ مساحات محترمة في الصحافة العربية، هذه الأيام، ليس بالفتاوى الغريبة التي شغلت الرأي العام في السنوات الأخيرة، ولكن بغراميات مثيرة كسرت الصورة النمطية للشيخ التي كانت ترتبط في المخيلة الجمعية بالإعراض عن شهوات الدنيا واستبدالها بالمتع الدائمة في الآخرة. ففي الوقت الذي اهتمت فيه الصحافة المصرية والعربية بحكاية النائب السلفي علي ونيس الذي ضبط في وضعية مخلة بطريق زراعي مع طالبة في التاسعة عشر يقول أبوها الذي يثق فيها أنها مخطوبة لشاب من العائلة، تطالعنا صحف ومواقع مغربية بخبر زواج الشيخ القرضاوي من مراكشية تصغره بسبعة وثلاثين سنة بعد أن شغل طلاقه من سيدة جزائرية الصحافة والرأي العام في الجزائر لأشهر طويلة، خصوصا بعدما كشفت الطليقة عن فصول قصة الحب التي ربطتها بالشيخ خلال ملتقى من ملتقيات الفكر الإسلامي وكيف تحول الداعية إلى عاشق رقيق يكتب الشعر وكيف تحدت طالبة شابة أهلها وتزوجت شيخا يفوقها بعشرات السنوات، قبل أن تعرف الحكاية نهاية درامية. ويبدو أن الميديا  التي حولت الدعاة والشيوخ إلى نجوم في العالم العربي تمارس معهم الآن الواجب الإعلامي بوضع حياتهم وعلاقاتهم الحميمة تحت الأضواء شأنهم في ذلك شأن نجوم التمثيل والغناء والكرة. هذا التناول سيجعل من رجال الدين مواطنين عاديين وينزع عنهم تلك الصفة الأسطورية المحاطة بالقداسة التي مكنت الخطاب الديني و الإسلام السياسي من احتلال مواقع متقدمة في الحياة العامة، حتى بات الاسلاميون يرون في أنفسهم البديل الوحيد للأنظمة والمنقذ من هلاك مبين. والمجال هنا ليس لانتقاد الشيوخ على ممارسة حقهم الطبيعي في الحياة، لكنه يتيح الفرصة لمقاربة ظاهرة يكاد ينفرد بها العالم العربي الإسلامي في التعامل مع موضوعة الجنس التي هي طابو في ثقافتنا تحول  بسبب التشريعات المنظمة له إلى هوس يستدعي العلاج، خصوصا حين يخص الشيوخ الساهرون على التحريم أنفسهم بالتحليل عبر فتاوى مشؤومة تسيء إلى صورة الإنسان نفسه كما هو الشأن في إباحة الزواج بالصغيرات ولسنا هنا في حاجة إلى التذكير بالمآسي الناجمة عن زيجات من هذا النوع شهدتها بلدان عربية في المواسم السياحية ولا بالفظائع التي ارتكبتها جماعات تسمى بالاسلامية في حق النساء تحت غطاء الدين، حيث سجلت عمليات اختطاف واغتصاب و فظائع لا يمكن أن توصف، وهذا الأسبوع فقط كشفت محاكمة جماعة إرهابية بتيزي وزو أن الأمير "موح القشقاش" الذي كان يعمل على إقامة دولة إسلامية وروع بجرائمه منطقة القبائل كان يتخذ لنفسه عشيقة دون العشرين، وهو في ذلك يلتقي مع الكثير من الشيوخ الذين يختلف معهم في المنهج، في نقطة واحدة يلتقي فيها أغلب الشيوخ  هي.. حب الصغيرات! 
هل إنطفأت ذاكرة غابرييل غارسيّا ماركيز؟
يوسف يلدا – سيدني: كشف بلينيو أبوليو ميندوزا في لقاء صحفي عن تدهور صحة صديقه الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيّا ماركيز، الحاصل على جائزة نوبل للآداب. كان غارسيّا ماركيز قد إعتاد على أن يبدي رأيه في كل مجالات الحياة، والظهور في الإنتخابات الرئاسية، والتوسط في عمليات الإختطاف، أو إطلاق التصريحات …لقراءة المزيد
يوسف يلدا – سيدني: كشف بلينيو أبوليو ميندوزا في لقاء صحفي عن تدهور صحة صديقه الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيّا ماركيز، الحاصل على جائزة نوبل للآداب. كان غارسيّا ماركيز قد إعتاد على أن يبدي رأيه في كل مجالات الحياة، والظهور في الإنتخابات الرئاسية، والتوسط في عمليات الإختطاف، أو إطلاق التصريحات التي كانت غالباً ما تنعش الروح. ومنذ العام 2007 لم يُعرف عن مؤلف "مائة عام من العزلة" شيئاً، عندما سافر بالقطار الى بلدته آراكاتاكا الكولومبية، على ساحل البحر الكاريبي، حيث شوهد برفقة زوجته ميرسيديس، يتحدث ويفتتح مشروع ترميم البناء الذي كان منزله، ضاحكاً، لكن متعباً، متعباً جداً. وفي العام 1999 تم الكشف عن إصابته بمرض السرطان اللمفاوي الذي شُفي منه بعد خضوعه للعلاج. وفي العام 2001 توفي أحد أشقائه، غابرييل إيليخيو غارسيّا ماركيز، حيث قال حينها  خايمي غارسيّا ماركيز، شقيق الكاتب الآخر، والذي يدير مؤسسة "من أجل صحافة جديدة في كارتاخينا دي إندياز"، لصحيفة "آ. بي. ثي" الإسبانية: "كان ذلك بمثابة صدمة قوية له".   وعندما نشر غابو مذكراته "عشت لأروي" في عام 2002. كان يريد كتابة أكثر من جزء من تلك المذكرات، غير أنه لم يفعل. وكانت لديه رغبة في أن يعمل من أجل تكملة كتاب آخر يتناول فيه موضوعة العلاقات العاطفية المستحيلة. لم يُعرف عنه شيئاً هو الآخر. لم يعد يكتب، أو يبدي رأياً، أو يظهر في العلن. وربما ظهر مرة، عندما أكمل 85 عاماً محتفلاً بعيد ميلاده، حيث نشرت المجلات التي تعنى بالمشاهير، في شهر آذار الماضي صوراً للكاتب وهو في المكسيك، التي عاش فيها سنوات طويلة من حياته، حيث ظهر في الصور كل من زوجته ميرسيديس، وأبناء أشقائه وبعض الأصدقاء. كان غابو نفسه الظاهر في الصور، لكنه لم يكن غابو الذي يعرفه الجميع. كان يبدو غائباً عن المكان، مفتقداً لتلك الشرارة التي كانت تنبعث من عينيه. كان غابو غريباً. والحال الذي آل إليه غابو، ممنوع الحديث عنه في كولومبيا، كونه يمثل إرثاً وطنياً. غير أن الموقع الإلكتروني "Ke& Kien " كان قد وضع الأصبع على الجرح، عندما كتب الصحافي إدغار أرتوندواغا مقالاً بعنوان "هل إنطفأت ذاكرة غابو؟"، حيث إلتقى بلينيو أبوليو ميندوزا الذي يعتبر من أعز أصدقاء الكاتب الكولومبي، وهو الذي قام بتأليف "رائحة غوايابا"، الكتاب الذي تناول ذكريات الصبا والشباب، الأصدقاء والأدب، برفقة غابو (1982). وخلال اللقاء يعرب ميندوزا، وبصورة جلية، عن قلقه الشديد إزاء ذاكرة غابو. حيث يروي قائلاً أنه ومنذ خمس سنوات لم يتكلم معه. ومثلما يقول رودريغو، أحد أبناء غابو "عليه أن يراك، لأنه لا يستطيع التعرف عليك من خلال الصوت فقط". ويضيف ميندوزا، خلال اللقاء، قائلاً "آخر مرة تحدثنا فيها، لم يكن يتذكر كل شئ، وكان يطرح عليّ أسئلته "متى وصلت؟ أين تعيش حالياً؟"، ويكرر ذلك لمراتٍ عديدة. وفي المقابل، ذهبنا لتناول الغداء سوية، وإستذكرنا الكثير من الأحداث التي كنا تقاسمناها قبل أكثر من 30 أو 40 عاماً، وكانت ذاكرته تعمل بكل طاقتها. يؤلمني ويقلقني جداً الحال الذي هو عليه اليوم. لقد كان غابو دائماً أعظم صديق".    المصدر/ ايلاف
10 كتاب راحلين يدخلون ميترو الجزائر
سيتم تنظيم  معرض مخصص لعشرة كتاب جزائريين راحلين بالشراكة مع مؤسسة ميترو الجزائر بمناسبة المهرجان  الدولي الخامس لأدب وكتاب الشباب  من  14 إلى 23 جوان حسبما  أعلن عنه منظمو هذا الحدث . وأوضح السيد عزالدين  قرفي محافظ المهرجان  خلال ندوة  صحفية أن المعرض الذي …لقراءة المزيد
سيتم تنظيم  معرض مخصص لعشرة كتاب جزائريين راحلين بالشراكة مع مؤسسة ميترو الجزائر بمناسبة المهرجان  الدولي الخامس لأدب وكتاب الشباب  من  14 إلى 23 جوان حسبما  أعلن عنه منظمو هذا الحدث . وأوضح السيد عزالدين  قرفي محافظ المهرجان  خلال ندوة  صحفية أن المعرض الذي يحمل عنوان "عشر رحلات في الأدب الجزائري" يشيد "بمؤسسي الأدب الجزائري الحديث فرعون وديب وكاتب ومعمري وحداد وبن هدوقة ووطار والعيد دودو ورضا حوحو وزكريا" من خلال إصدار  كتاب يتضمن سيرة كل واحد منهم  وكذا مجموعة من النصوص المختارة  باللغتين  العربية والفرنسية سعره يضاهي ثمن تذكرة  ميترو. وفي دورته  الخامسة يواصل المهرجان مسعى اللامركزية المباشر فيه في السنة الماضية  من خلال تنقله  إلى باتنة  وسيدي بلعباس  حيث ستحتضنان جزء من المحاضرات والندوات التي كانت تنظم عادة بالجزائر العاصمة إلى جانب نشاطات ترفيهية بمشاركة  فنانين محليين. ويتضمن برنامج المهرجان ملتقى حول الاستقلال في أدب ما بعد  الاستعمار ينظم بالجزائر  العاصمة من 15 إلى 17 جوان بمناسبة الذكرى الـ 50 لاستقلال  الجزائر  وإقامة موائد مستديرة ينشطها كتاب وجامعيون جزائريون وأجانب كما سيتم تنظيم لقاءات حول كاتبين كل يوم بحضور أسماء لامعة للأدب الوطني والعالمي على غرار  رشيد بوجدرة، والفرنسي اليكسي جيني (جائزة قونكور 2011 ) "لفن الحرب الفرنسي" الذين سيتناقشون  حول "مغامرة الأدب". ومن جهة أخرى سيحيي فنانون  جزائريون على غرار  الشيخ سيدي بيمول وكذا من العالم العربي على غرار  الثلاثي الفلسطيني جبران حفلات موسيقية مقررة في السهرة  وفيما يخص محور الشبيبة في هذا المهرجان سيتم تنظيم ورشات رسم وكذا قراءة قصص للأطفال  بخيمة ستنصب برياض الفتح وبالقرب من محطة ترامواي برج الكيفان بالجزائر. وبمشاركة نحو 60 ناشرا جزائريا سيتم تنصيب أجنحة للعرض والبيع بخيمة رياض الفتح (الجزائر) إلى جانب جناحين دوليين (شبية وأدب) يضمان مجموعة من كتب لأدباء أجانب تم جمعها بمناسبة المهرجان.    المصدر/ جريدة النصر الجزائرية
في ذكــرى وفاة الشاعرة و المناضلة نادية قندوز NADIA GUENDOUZ عـــشــرون عــامــا مـن الـعـزلــة
بقلم بقلم: سمية آيت محمد، ترجمة : محمد عاطف بريكي
ليس الحزن ما يجعلك إستثنائيا بل دفاعك الرائع عن معنى الحياة. الشاعر الصديق زاهي وهبي كانت عشية ممطرة و مكفهرة من أواخر شهر أفريل(1992) و بالتحديد في ثالث يوم بعد وفاة نادية قندوز، كان الكل حاضر و لا ترى غير حبات الدموع التي تتقاسمها عيونهم الحزنى و ترى ظلال تتماوج، تروح و تأتي في حركة دءوب تتراءى …لقراءة المزيد
ليس الحزن ما يجعلك إستثنائيا
بل دفاعك الرائع عن معنى الحياة. الشاعر الصديق زاهي وهبي كانت عشية ممطرة و مكفهرة من أواخر شهر أفريل(1992) و بالتحديد في ثالث يوم بعد وفاة نادية قندوز، كان الكل حاضر و لا ترى غير حبات الدموع التي تتقاسمها عيونهم الحزنى و ترى ظلال تتماوج، تروح و تأتي في حركة دءوب تتراءى في كل مكان من الطابق الأرضي الى سلالم العمارة و في داخل شقة المرحومة،لرجال و نساء، لكبار و صغار إمتلئت بهم تلك الشقة الكائنة بحي ميسوني العتيق الذي إستيقظ للتو على صباح مزدحم من غير العادة. "أنظري،لم يسبق لي أن رأيتها من قبل عند "طاطا نادية". من تراها تكون؟أومأت إحدى الجارات الى الأخرى. على ما يبدو أنهن يعرفن كل أصدقاء و زوّار المرحومة.لا شيء يخفى عنهن كما يبدو من ترحابهن قالت إحداهما موجهة لي الكلام :"تعالي يا ابنتي من هنا سأنادي أمال"."إنها في غاية الحزن، أظن أن باستطاعتها استقبالك." أردفت الأخرى.           لم يكن في إستطاعتنا أن نتحدث الى أمال إلا في حجرة الحمام فقد كان المكان الوحيد المتاح لكي يسمع الواحد منا الآخر أما عداه فكل الغرف كانت مملوءة عن آخرها بالمعزين.في هذا الحيز الصغير عرفنا و استمعنا الى أقرب و أحب الناس الى نادية قندوز و أكثرهم تأثرا برحيلها: أولادها أمال و كريم.كنتها نصيرة. ربيعة و عبد الكريم من الأصدقاء القدامى للمرحومة.السيدة بوزوينة ابنة خالها.كلهم بذلوا كل ما في وسعهم لإستذكار خصال المرحومة بكل حميمية و الكل إسترجع،آمالها، أفراحها في نوستاجيا ممزوجة بألم الفراق.          كانت أمال في الثلاثين.بدت جد مـتأثرة برحيل والدتها،مسحة من الحزن و الذهول إعتراها ضياع لا تزال مرتسمة على محياها في أعقاب الأحداث المتسارعة التي ألمت بالعائلة.و برغم هول ما حدث قالت لنا:"أتعرفون أن والدتي أطلقت إسم "أمال" على أول ديوان شعري لها صدر تزامنا مع ولادتي و رأت في ذلك فرحة ما بعدها فرحة،فهكذا مضت حياتي في عجقة فرح لا يوصف فقد ترعرعت بين تلك الفرحتين... لا أستطيع أن أصف لكم ما تمثله تلك المرأة بالنسبة لي،كل ما أستطيع قوله،أنها كانت امرأة استثنائية،كانت نبع يفيض عطاء لكل مريد للصداقة أو طالبا للعون.كانت ثابتة حتى خلال الـ 25 سنة التي عاشتها وحيدة بحكم طلاقها فهي لم تترك و لا اثر على محياها.كانت والدتي جميلة و تعشق الجمال.تصوروا أن في ذلك اليوم الذي توفيت فيه- كان يوم السبت- تزينت بزينة عروس ،كأنها أحست بدنو أجلها في الحياة."          فجأة سكتت أمال عن الكلام المباح وامتلئت عيناها بالدموع لتترك المجال لتعبير حزين رأيناه و أحسسنا به مخطوط بين تلافيف الذكريات المخطوفة بصدمة الغياب المرير.         من جهته بدا كريم إبنها البكر،متماسكا و متحكما في زمام أحزانه،فخور بوالدته و هو يحدثنا عنها بحماسة و صبر قائلا:"بعيدا عن حرفتها ككاتبة ،عن كتاباتها و قراءتها الكثيرة.كانت والدتي ربة بيت ممتازة.مثل كل نساء القصبة كانت مليئة بالحياة و محبة للغير.كانت صريحة و مباشرة.لا تترد لحظة في توجيهنا،ناضلت من اجل التقدم و التثقف.كانت تحلم بجزائر مزدهرة،غير جزائر اليوم.و أظن أن صحتها أخذت في التدهور منذ أن تدهور حال الجزائر. لم تكن والدتي معارضة للنظام في حياتها بل كانت امرأة ثائرة،ضد اللاعدل  و البؤس.في أعقاب أحداث أكتوبر 1988 تم حبسها لثلاثة أيام، دخولها السجن في تلك المرحلة دمرها و أقعدها. أتذكر اليوم الذي جاوؤا فيه لأخذها، كنا بصدد الاحتفال بخطوبة شقيقتي أمال،أتذكر أيضا ما قالته لأولئك الرجال الذين قرعوا باب بيتنا لأخذها.قالت لهم:" كان بإمكانكم أيها السادة الدخول و احتساء كأس شاي معنا" لكنهم لم يفعلوا و احتجزوها.لم تكن والدتي امرأة مؤذية لكنها لا تتردد في الدفاع عن مبادئها و أخلاقها،كانت امرأة سخية و مثابرة إلى آخر رمق من حياتها."           حدثنا كريم عن عدة أمور تتعلق بوالدته،تجعلك تكن لها إحتراما كبيرا، كان كريم محبوب من أمه وكان سعيدا بما أخبرنا به عنها.           نصيرة تكون حرم كريم،حدثتنا هي ألأخرى عن المرحومة و عن السنوات السبع التي عاشتها معها تحت سقف بيت واحد.لم تخفي نصيرة إعجابها بوالدة زوجها التي تقول عنها:" كانت "مامي" إمرأة رائعة،منذ أن عرفتها دأبت على تلقيني كيف أحب الحياة، كيف أكون جميلة،كانت لا ترغب في رؤيتي مهملة نفسي و كانت مهتمة بمتابعة دراسة أطفالي و على هذا الأساس كانت صارمة مع الكل،عشت معها و تعلمت منها اشياء كثيرة فقد كانت لي بمثابة صديقة حميمة،لم تكن بيننا أسرار نخفيها عن بعض،بالعكس كنا نتقاسم حميمياتنا و كنت محظوظة بذلك فأغلب الكنّات لا تتلقى نفس المعاملة  التي تلقيتها من والدة زوجي.كانت تعجبني كثيرا خاصة عندما أراها تساعد الآخرين،كانت مستعدة لأي تضحية و لذلك لن أعزي نفسي بفقدانها."           نصحنا البعض بالتحدث الى السيدة بوزوينة و هي موظفة بوزارة الثقافة و الإتصال و تعتبر إبنة خال الراحلة نادية قندوز و كانت قريبة جدا منها . إقتربنا منها فحدثتنا قائلة:"لن أحدثكم عن شيء كثير لكن ببساطة كانت نادية نموذج للمرأة المثالية.لقد عانت في حياتها كثيرا و كنت دائما أراها قوية و شجاعة.كانت وحيدة كشجرة في مهب العواصف تصارع في صمت،بيد انه قبل وفاتها بحوالي ساعة سألتني مستفسرة عن مآل إحتجاز سي محمودي و حاولت معرفة هل تم إطلاق سراحه أم لا و لأنها كانت في غرفة الإنعاش لساعات فقد كانت منقطعة عما يدور في الخارج من أحداث و مع ذلك فقد كانت مهتمة بمعرفة ما يدور حولها بإختصار هناك اشياء عديدة تغيب حاليا عن الذاكرة لا يمكن إستحضارها في ضجيج هذه الأمسية الحزينة.               إقتربنا من الشاب عبد الكريم آيت واعلي، وهو شاعر لم يصدر له أي ديوان بعد عرف نادية قندوز عن طريق الصدفة قبل عشرة أعوام و من ذلك الوقت توطدت بينهما صداقة يحدثنا عنها قائلا:" لقد إعتبرتني مثل ولدها، تبنتني و دعمتني كثيرا، عرفتها على هامش إحدى الأمسيات الشعرية قبل عشرة أعوام و بقيت على إتصال بها، كنا نتقاسم هم الكلمة و كنت أزورها في بيتها مرارا، كنت أجدها صارمة،مع نفسها و مع الغير .كانت تحشر أنفها في كل شيء و كانت دائما وسيطة خير و لطالما قدمت يد المساعدة لكثير من الناس و كانت سعيدة و هي تفعل ذلك.صدقوني إنها امرأة كبيرة حتى أن جيرانها لا يتكلمون عنها إلا بخير."              في هذه العشية الممطرة و المكفهرة إستمعنا مطولا لحكايات رائعة عن نادية قندوز، عن حبها و إخلاصها لمهنتها كـ"قابلة" مهنة لطالما إحترمتها بصدق جعلها تفرض إنضباطها على الغير في عيادة"الجليلة" التي كانت تعمل بها الكائنة بمقربة فندق الأوراسي. هذه المرة كلمتنا"ربيعة" عن علاقتها بالمرحومة  و هي رفيقة العمل طيلة 20 سنة تقول عن المرحومة  أنها كانت منضبطة في عملها و صعبة المراس لم تكن تتقبل مثلا أن ترى إحدى العاملات و هي بدون مأزر.لم يكن بمقدورنا تجاوز ما فرضته علينا من قواعد في عيادة كانت تمثل بالنسبة لها كل حياتها.لقد كانت ايضا بمثابة أم لكل ألأطفال الذين وقفت على ولادتهم بالعيادة كما تركت اثرها الطيب في نفسية كل المريضات الذين مروا من هنا .           تدق الساعة الثامنة مساءا و كأن كل شيء بدأ للتو، لا تسمع غير البكاء و التأسي و تذكر خصال المرحومة وإذاك تنبعث الآهات متقطعة. لقد كانت نادية قندوز لكل واحد عرفها بمثابة "الصديق الكبير" كلهم حضروا اليوم لجنازتها. شعراء و فنانون و حضر أيضا أناسا بسطاء جاؤوا لتوديعها الى مثواها الأخير. عنوان المترجم : mohamedatefb@yahoo.fr  
نساء مصر يتظاهرن ضد التحرش
بقلم عبد الله محمد
  قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن ميدان التحرير شهد الجمعة مظاهرات نسائية ضد محاولات التحرش, وللمطالبة بوضع حد لهذه الاعتداءات التي ترى أنها محاولة منظمة لإبعاد المرآة عن التظاهرات المؤيدة للديمقراطية في مصر الجديدة بعد مبارك. وأضافت إن مئات الرجال هاجموا تظاهرة نسائية تطالب بوضع حد …لقراءة المزيد
  قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن ميدان التحرير شهد الجمعة مظاهرات نسائية ضد محاولات التحرش, وللمطالبة بوضع حد لهذه الاعتداءات التي ترى أنها محاولة منظمة لإبعاد المرآة عن التظاهرات المؤيدة للديمقراطية في مصر الجديدة بعد مبارك. وأضافت إن مئات الرجال هاجموا تظاهرة نسائية تطالب بوضع حد لحالات التحرش الجنسي التي تتعرض لها النساء، وقالت بعض الضحايا إنها محاولة منظمة لإجبار المرأة على عدم المشاركة في المظاهرات المؤيدة للديمقراطية، وقد وقع الهجوم الجمعة في أعقاب موجة من الاعتداءات على نطاق أصغر على المرأة في ميدان التحرير، مركز الثورة التي أجبرت الرئيس السابق حسني مبارك على التنحي العام الماضي. وتابعت إن مسيرة الجمعة طالبت بوضع حد لجميع الاعتداءات الجنسية، وقد شارك نحو 50 امرأة فيها يحيطها مجموعة كبيرة من الرجال المؤيدين لمطالبهن الذين شكلوا حلقة واقية حولها، وردد المتظاهرون هتافات تؤكد حقوقهم. ونقلت الصحيفة سالي زوهني أحد منظمي التظاهرات قولها:"بعد ما رأيته وسمعته اليوم أشعر بغضب في الكثير من الأمور"، وقال أحمد منصور طالب في كلية الطب من الرجال الذين شاركوا في المسيرة: "بعض الناس يعتقدون أنه يستهدف لجعل النساء تكره القدوم إلى هنا". خلال الثورة ضد مبارك في العام الماضي، شاركت المرأة الناشطين في كل شي سواء محتجين أو مسعفين أو مقاتلين ضد قوات الأمن، واستمروا في لعب دور قيادي على مدى الأشهر الـ 15 الماضية، ومع ذلك، كانت الاعتداءات على المتظاهرين النساء شائعة. وأوضحت الصحيفة إن صغر حجم مسيرة الجمعة تعكس الخوف الذي تشعر به المرأة في الميدان -التحرش الجنسي للمرأة بما في ذلك ضد الذين يرتدون الحجاب- وجاء في تقرير عام 2008 من قبل المركز المصري لحقوق المرأة إن ثلثي النساء في البلاد تعرضن للتحرش الجنسي بشكل يومي. اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - جارديان: نساء مصر يتظاهرن ضد التحرش
هيرتا مولر الحائزة على نوبل تتحدث عن تجربتها مع الدكتاتورية
تحولت الكاتبة هيرتا مولر من مدرسة فقدت وظيفتها حين عاشت في ظل تهديد دائم لرفضها التعاون مع الشرطة السرية للدكتاتور الروماني نيكولاي تشاوشيسكو إلى فائزة بجائزة نوبل للآداب عام 2009 . عاشت مولر (58 عاما) في برلين منذ هاجرت من وطنها رومانيا عام 1987 لكن معاناة الناس الذين يعيشون تحت حكم الأنظمة …لقراءة المزيد
تحولت الكاتبة هيرتا مولر من مدرسة فقدت وظيفتها حين عاشت في ظل تهديد دائم لرفضها التعاون مع الشرطة السرية للدكتاتور الروماني نيكولاي تشاوشيسكو إلى فائزة بجائزة نوبل للآداب عام 2009 . عاشت مولر (58 عاما) في برلين منذ هاجرت من وطنها رومانيا عام 1987 لكن معاناة الناس الذين يعيشون تحت حكم الأنظمة الدكتاتورية لم تغب قط عن عقلها أو كتاباتها. وفي روايتها (ملاك الجوع) التي صدرت في الآونة الأخيرة تروي مولر قصة ليو أوبرج (17 عاما) وهو روماني ساكسوني العرق تصالح مع ميوله الجنسية المثلية عاش في ريف رومانيا عام 1945 . وتوقفت حياته عندما ارسله جنود سوفيت إلى معسكر اعتقال حيث شهد زملاءه القرويين وقد أفسدتهم الظروف وجاهد هو للحفاظ على أفضل ما في نفسه. وتحدثت مولر في مقابلة مع رويترز خلال جولتها في الولايات المتحدة عن روايتها وعن الحياة في ظل الأنظمة الشمولية. وكانت أم مولر قد رحلت إلى معسكر اعتقال سوفيتي عام 1945 تماما مثل بطل روايتها ليو. وسئلت الكاتبة الحائزة على جائزة نوبل عن كيف يفقد الناس أنفسهم في مثل هذه الظروف المعاكسة فقالت "مرة أخرى أعتقد انها مسألة استراتيجيات فردية... في المعسكر فقد المثقفون إنسانيتهم أولا لأنهم اعتمدوا على بناء أكثر تعقيدا (للأخلاق وللعالم) لا يفلح عندما تنهار الحضارة. "اما الناس البسطاء فسيقولون فقط ‘هذا هو الصواب وهذا غير صائب لا يجب أن تسير الأمور على هذا النحو.‘ هذا النوع من أخلاق الأسود والأبيض أكثر فعالية بكثير في مثل هذا الوضع أكثر فعالية بكثير من نموذج اخلاق المفكر المعقد... في كل دكتاتورية يشارك عدد كبير من المثقفين في جرائم الحكومة." وسئلت مولر عما تأمل أن يخرج به القراء وما يمكن ان ينطبق على عالم اليوم فقالت "آمل أن يخرجوا بشيء لأنني تعلمت الكثير من كتب الآخرين. عندما تعيش في دكتاتورية أسأل نفسك دائما كيف وصلت إلى هنا؟ وكيف بات الجميع يعاني من الخوف؟ "أملي عندما تقرأ كتابي أن تتعلم شيئا عن كيف تعمل الدكتاتوريات." [رويترز] نيويورك من أندريا بورزينسكي.
الحدائق ثقافة لا تعنينا
بقلم/ فوزية شويش السالم -------------------------- تعرض محطة المستقبل اللبنانية برنامجا عن الحدائق ومفهومها الثقافي الحضاري باسم “حول العالم بـ80 حديقة”، وهو من إنتاج محطة بي بي سي الإنكليزية، ممتع ومسل وفي ذات الوقت يكشف عن حضارات دول العالم وثقافاتها، من خلال رؤيتها وفلسفتها في …لقراءة المزيد
بقلم/ فوزية شويش السالم -------------------------- تعرض محطة المستقبل اللبنانية برنامجا عن الحدائق ومفهومها الثقافي الحضاري باسم “حول العالم بـ80 حديقة”، وهو من إنتاج محطة بي بي سي الإنكليزية، ممتع ومسل وفي ذات الوقت يكشف عن حضارات دول العالم وثقافاتها، من خلال رؤيتها وفلسفتها في حدائقها وطراز إنشائها والروح المتمثلة فيها. المقدم للبرنامج عاشق مفتون بالحدائق وكل أنواع وأصناف البستنة، إلى جانب خبرته وعلمه بكل عائلات الأشجار والأجمة والأعشاب والطحالب والزهور، مما أمدني بمعلومات مفيدة ومتعددة. المقدم دار العالم كله ليكشف للمشاهد عن أهم وأجمل 80 حديقة فيه، ليرينا حدائق في منتهى الجمال والبذخ والغرابة، وأغلبها حدائق مكلفة جدا في كيفية رعايتها وطرق صيانتها للحفاظ عليها لمئات السنين، لتبقى تراثا يمتع البشرية لحدائق نقلت للعالم ثقافات من أنشأها وعاش فيها. وقارن المقدم بين الاختلافات في طبيعة الحدائق وأسرار إنشائها وأهدافها وتشابهها واختلافها، بين الحدائق الإنكليزية الفكتورية الكلاسيكية العريقة، إلى الحدائق الفرنسية بأشكالها الرومانسية المتعددة، ففي العاصمة باريس وحدها ما يزيد على 400 حديقة، كل واحدة لها طابع مختلف عن الأخرى، لأن معنى الحديقة لديهم يتخطى أن يكون مجرد أشجار وزهور بأي شكل كان، كل حديقة منها لها طابع وحياة خاصة بها تميزها عن غيرها، لكن أغلب الحدائق الفرنسية تتميز برومانسية أخاذة كأنها من الأساس قد خُططت للحب وللعاشقين، فهي مترفة بالنعومة وبالرقة والهدوء وخصوصية السكينة والعزلة. وهناك منتخبات أخرى مميزة من حدائق أوروبا التي كان ليد الإنسان فيها الكثير، فهي ليست إلا نتيجة لصنعه وتمكنه من فنون خلقها. وحدائق المكسيك نجدها قد تركت مساحة للنور والضوء، ليلعب فيها، مما أنتج حوارا دافئا بين الظلال والجدران العالية ومساحات الفراغ التي تُركت لتعكس مزيج الأضواء والألوان والصمت في هرموني يضفي على المكان روحا خاصة به تعكسه نباتات الصبار المكسيكية المتنوعة التي هي روح هذه البلاد وعنوانها. ولم أصدق أن هناك حدائق لها مكان في القطب المتجمد الشمالي إلا عندما كشف عنها البرنامج، فهناك حدائق تنمو وتزهر حتى وإن كان عمرها قصيرا من عمر الصيف الخاطف، إلا أنها تجد من يفرح ويبتهج ويحتفي بقدومها بحفل مقام على عجل، لأنها أزهرت في بلاد تعرف ما معنى أن تكون هناك حديقة حتى وإن كانت مكلفة وعمرها قصير. أما الحدائق اليابانية فتلك لها فلسفة مختلفة تماما عن الفكر الغربي المؤسسة عليه حدائقهم، فاليابان تستمد ثقافتها من فلسفة الزن التي تؤمن بها، والتي تعتمد على التجريد وتكثيف المعنى في رموز آتية من جوهر الزن الذي يرى في العناصر الأربعة، الهواء والماء والنار والتراب، معنى الحياة كلها، لذا نجد حدائقهم تترك مساحات للتراب وللهواء وللماء لتتحرك الطاقة بينها مما يغير من شكلها، الذي يقوم المشرفون على الحديقة بتحريك رمله في دوائر وخطوط لها معان خاصة في فلسفتهم، ويحتفل اليابانيون بموسم تفتح أزهار الكرز بالذهاب إلى الحدائق بفرح وتقديس لطقس التفتح هذا المرتبط بثقافتهم وتراثهم. وحدائق الصين فتلك أيضا لها وجود مستمد أيضا من تاريخها الديني وثقافتها المعتمدة على تقطير جوهر الطبيعة الباهر، لذا نجد حدائقهم تعتمد على الشكل الطبيعي في الخلق، وتبتعد عن المبالغة التي تنتجها اليد الإنسانية، وهو ما يتمثل تماما في حدائق الجبال الصفراء التي تُركت ليد الطبيعة لتشكلها كيفما كان، مما أنتج تكوينا مذهلا وغرائبيا لحدائق يعجز الإنسان عن خلقها، فكل مشهد فيها هو لوحة تبهر الرائي لها، تحير عقله وتثيره وتنبش الأسئلة، وهذا هو الفكر المبنية عليه فلسفة الحدائق، التأمل للوصول إلى التوحد مع الطبيعة والكون من حولنا. وفي الهند نجد الحدائق المترفة التي أقامها المهراجات لإمتاع زوجاتهم وعشيقاتهم، فاخترعوا حدائق تأتي بأمطار موسم المنسون في غير أوقاته حتى يتمتعوا برذاذه وهم جالسون في حدائقهم الحسية الغارقة بطوفان روائح الفل والياسمين الهندي ونكتار ملكة الليل. وهناك اختراعات جميلة أتى بها أصحاب الحدائق الخاصة، فمثلا أحدهم خلق حديقة من جميع أنواع الأعشاب، وآخر جز نباتات التشكيل على هيئة غيوم وأكوام من الصوف المتراكم. حدائق نابعة من فكر وثقافة بلادها، إلا بلادنا العربية ليس لها أي حديقة تُذكر، ففن الحدائق ليس من ثقافتنا./ نقلا عن الجريدة
تنورة ماكسي أول أعمال جو بوعيد : شاعرية في زمن الحرب
بقلم زهرة مرعي
 كان عامر 'شادي التينة' في طريقه ليصبح كاهناً عندما حدث الإجتياح الإسرائيلي سنة 1982 وهجرت إلى قريته في قضاء جزين عائلة جنوبية، من بينها الصبية عليا 'جوي كرم' التي تضج حياة وحيوية وغواية، وحدث ما حدث وتبدل مسار الشاب. تنورة ماكسي هو إسم الفيلم اللبناني الجديد الذي نزل إلى الصالات في الأسبوع …لقراءة المزيد
 كان عامر 'شادي التينة' في طريقه ليصبح كاهناً عندما حدث الإجتياح الإسرائيلي سنة 1982 وهجرت إلى قريته في قضاء جزين عائلة جنوبية، من بينها الصبية عليا 'جوي كرم' التي تضج حياة وحيوية وغواية، وحدث ما حدث وتبدل مسار الشاب. تنورة ماكسي هو إسم الفيلم اللبناني الجديد الذي نزل إلى الصالات في الأسبوع الماضي بتوقيع من المخرج جو بوعيد الآتي من عالم الفيديو كليب وفي تجربته الأولى على صعيد الأفلام الطويلة. إذ يبدو أن الفيلم الطويل هو طموح جميع المخرجين اللبنانيين، والفيديو كليب محطة يختبرون بها علاقتهم بالصورة. يتميز جو بوعيد بنفس طويل. فهو ثابر بالعمل على فيلمه لست سنوات متقطعة نتيجة لصعوبات متنوعة. وها هو يبصر النور. زمنه 98 دقيقة تتوالى فيه المشاهد المتميزة بقليل من الكلام، والكثير من الإيحاء. حتى أن بطلا الفيلم لم ينطقا مطلقا. بل كان تعبيرهما عبر النظرات هو الأكثر حضوراً وتأثيراً. في السيناريو المختصر بطبيعته أن العائلة التي تصل من أقصى الجنوب إلى جزين هرباً من الإجتياح الإسرائيلي تسكن في منزل لعائلة عامر. وكل من أفراد هذه العائلة الوافدة يجد طريقاً مفتوحاً لقلبه مع آخر من المحيط. ففي هذا الفيلم يتمازج الحب، مع التقوى ومع الحرب القائمة بصوت مسموع من حين لحين، إنما بمشاهد محدودة. إنها حياة القرية من جلبة ربات بيوت وثرثراتهن، إلى إنشغال آخرين بأعمالهم، مع وجود أكيد لمركز ميليشيا لبنانية هم القوات اللبنانية. يعتمد المخرج على طفل يظهر دون كلام وفي مفاصل متتالية من الفيلم. هو يشكل الراوي الصامت للحكاية أو الحبكة الرئيسية للفيلم. وهذا الطفل ما هو سوى جو بوعيد الذي يتمثل قصة حب والديه المشابهة لقصة حب البطلين. والبارز في هذا الفيلم وجود حيز كبير في الصورة للكنيسة. فهي المكان الذي يتواجد فيه عامر العاقد النية على الكهنوت ونذر حياته لله. وفي هذا المكان تلتقي نساء القرية للصلاة قليلاً وتناول شؤون بعضهن كثيراً، إنما بأسلوب كاريكاتوري ونص مضحك. في المحصلة قدم جو بوعيد مشهدية سينمائية جميلة وجذّابة مستفيداً من كل المحيط الطبيعي، وركز على تفاصيل كثيرة صنعت فيلمه. على صعيد الشكل العام لم يكن الفيلم يتمتع بسيناريو دسم وفكرة واضحة. وكان لافتاً أن بطلا الفيلم لم ينطقا. غرامهما بقي في السياق المرئي بعيداً عن المسموع. حتى حين خرج عامر عن صوابه نتيجة الحب فنحن لم نلمس أنه خاض تحدياً أو صراعاً بين رسالته الكهنوتية، وانجذابه إلى مغريات الحياة المتمثلة بعليا الفتاة المثيرة. كان الإنتقال من حياة إلى حياة بسيطاً كما كرج الماء. فتلك الفتاة التي لا تتخلى عن الكعب العالي، وتستمر من خلال طرقاته على الأرض بالتذكير بحضورها وأنوثتها الطاغية، لم تترك لعامر منطقاً على ما يبدو. ظهر أن بوعيد مقدر جداً لمسألة الخلق والأمومة في فيلمه، لهذا بدأه بولادة عليا لطفلها الأول من عامر. وأكثر من كتابة النصوص على الشاشة مبدياً انبهاره بوالدته وحبه المفرط لها. لكن نساء القرية وبخاصة نساء الفيلم لم تكنّ سويات. لم ندر سبباً لإظهارهن عاهرات. ولم ندر سبباً للتركيز على نموذج المرأة المهوسة بالجنس تمارسه أينما يحلو لها. ربما هي الرغبة والغريزة التي يشتد إلحاحها في زمن الحرب وتتجلى في ممارسة الجنس. تميز الفيلم بالعديد من المحطات ذات النكهة الكوميدية والأكثر بروزاً كان حضور الممثلة نوال كامل. وكان لافتاً تقدير المرأة العانس للذكورة من خلال حدادها على ديك القن الذي سرقه أعضاء الميليشيا ف'ترملت الدجاجات'. تنورة ماكسي فيلم مشغول بجملة تفاصيل وإكسسوارات جميلة. زادته موسيقاه التصويرية التي كتبها مايك ماسي شاعرية رغم كونه بزمن الحرب. فيلم مثل بيئة لبنانية وحددها دون مواربة وهي بيئة مسيحية. حمل نفساً من الفيديو كليب إلى السينما دونما إزعاج أو تخفيف من أهميته. فهو على الصعيد التقني فيلم نظيف. إنما بقي بحاجة لسيناريو أكثر تماسكاً وأكثر قيمة فنية. نقلا عن القدس العربي
عالم الـ فايسبوك
بقلم/ فوزية شويش السالم ------------------- دشنت عالم الـ «فايسبوك» من بداية السنة الجديدة، أي من تاريخ رأس السنة في 1 يناير 2012، الذي قررت فيه أن يكون بدايتي للدخول في هذا العالم الجديد علي، والذي أجلت معرفتي به رغم الطلبات الكثيرة وإلحاح الأصدقاء للتواصل عبره، وكان رفضي وتأجيلي له …لقراءة المزيد
بقلم/ فوزية شويش السالم ------------------- دشنت عالم الـ «فايسبوك» من بداية السنة الجديدة، أي من تاريخ رأس السنة في 1 يناير 2012، الذي قررت فيه أن يكون بدايتي للدخول في هذا العالم الجديد علي، والذي أجلت معرفتي به رغم الطلبات الكثيرة وإلحاح الأصدقاء للتواصل عبره، وكان رفضي وتأجيلي له نابعاً من قناعتي وإحساسي بأنه ليس إلا وسيلة لقتل وضياع الوقت في عالم وعلاقات وهمية لا يتحصل منها إلا صحبة وهمية ووقت هدر في ما لا يفيد. وعندما افتتحت هذا العالم الجديد علي اكتشفت وتعرفت على أمور كثيرة، منها الصالح والمفيد إذا أحسن استعماله، ومنها ما لا يفيد على الإطلاق، وليس أكثر من ضياع وهدر لوقت كان من الممكن أن يُستثمر في أمور أهم وأكثر في عائد فائدتها ومنفعتها، وهو الأمر الذي أدركته منذ سماعي الأول بالـ «فايسبوك». الـ «فايسبوك» هو عالم للتواصل الاجتماعي بجدارة ليس لها مثيل على الإطلاق مهما كان نشاط التواصل الاجتماعي على أرض الواقع نشيطا وكثيفا، إلا أن التواصل عبر الـ «فايسبوك» يتغلب ويتفوق عليه بمراحل سنوات ضوئية ليس بالإمكان ملاحقتها بأي شكل كان، ففي كبسة زر بسيطة تقوم بربط المتصل بمئات الآلاف من البشر الموجودين في لحظة زمنية معينة متصلة برغبة ناس راغبين في الحديث والتواصل عبر كبسة الزر هذه القادرة على شبكهم معاً. وأعترف بفضل هذه الكبسة التي جمعتني بأصدقاء أصبح بإمكاني الاتصال بهم في لحظة أو حتى ومضة قبل أن يرتد إلي طرفي، وبات تواصلنا أسرع وأسهل وأرخص من استعمال الهاتف، مما زاد حميمية صداقتنا، وانتشار كتاباتنا التي هي الأمر المهم بالنسبة للكتاب مثلنا، فالـ «فايسبوك» زاد أهمية نشر ما نكتبه بفضل إعادة نشره، مما يزيد ويوسع دائرة المطلعين عليه، ومما ينعكس على كاتبه بالفائدة والفهم الذي يصله من الردود والتعليقات التي تُكتب وتعلق على ما كتبه في اللحظة والتو. الـ «فايسبوك» عالم تواصل لكل اشكال التواصل، ففيه التواصل الغرامي الحميم عبر تلك العلاقات التي تولد وتكبر عبر شاشة الفيس الذي ينميها ويكبر فيها، وهناك أيضاً التواصل للقلوب الوحيدة المفتقدة الصحبة والحب والتواجد الإنساني الحميم على أرض الواقع الاجتماعي المحيط بها، مما يدفعها للبحث عن دفء الإحساس به، وإن كان عبر لوحة شاشة، وهناك التواصل العام مثل التجارة والإعلان عنها عبر الـ «فايسبوك» القادر على توصيل الإعلان إلى الملايين من البشر في كبسة زر، ومن دون الحاجة إلى شركات الإعلانات المتخصصة، وهذا الأمر أدى إلى انخفاض المردود المادي لها، فمن هو بحاجة إلى إعلاناتها اليوم في وجود هذا الإعلان الذي يتخطى حدود أرض المعلن إلى عالم خارج مفهوم الحدود والمصاريف والجمارك. الـ «فايسبوك» أيضاً باتت صفحاته للترويج لكل شيء ولأي شيء كان، مثل الثورات العربية التي قامت أولا عبر صفحاته، والتي مازالت إلى اليوم تشتعل فيها، ولعلها أهم انجازات التواصل في الـ «فايسبوك» الذي استطاعت عبره هذه الشعوب إيصال ثوراتها التي قلبت كل معايير ومفاهيم وأشكال الثورات التقليدية القديمة. وكما استفادت التجارة والثورات والقلوب الوحيدة من الـ «فايسبوك» أيضاً جاء دور الكتاب لقطف حصتهم من الترويج عبر صفحات عالم الـ «فايسبوك»، طالما أنه لا توجد دور نشر تتولى الترويج للكتب بشكل يماثل ما تقوم به دور النشر الأجنبية من إعلان ودورات ترويجية للكتاب والكاتب، أصبح الكتاب العرب يقومون بالترويج لأعمالهم بنفسهم بأشكال متفننة ومتعددة من كل أنواع الترويج. كما امتلأت صفحات الـ «فايسبوك» بكتاب لن توجد أي دار نشر تقبل نشر كتاباتهم التي وجدت لها مكاناً على هذه الصفحات، ووجدت لها أيضاً من يطبل ويهلل ويزمر لها، مما زاد تورم وانتفاخ الأنا لديهم. عموماً صفحات الـ «فايسبوك» هي عامل أساسي لنفخ وتورم الأنا للأغلبية فيه، سواء كانوا مبدعين حقيقيين أو موهومين بإبداعهم. على كل حال يبقى الـ «فايسبوك» قيمة عظيمة للتواصل الاجتماعي والثقافي والتجاري والإعلامي والإنساني، قد يكون فيه هدر كبير للوقت وضياع لزمن إنتاج مفيد لهؤلاء الذين لا يدركون قيمة ومعنى الوقت ويملأون فراغ حياتهم وفراغ عقولهم بصداقات كاذبة وهمية كان من الأجدر لهم أن توظف في عمل مدر ومفيد. / نقلا عن الجريدة
في ختام ملتقى النقد الأدبي بالرياض: تخصيص دورة للمرأة السعودية الناقدة
بقلم/عبدالله السمطي:  في الوقت الذي عاب فيه أغلب المشاركين والمشاركات من النقاد ومدرسي الأدب في الأكاديميات السعودية مستوى الدراسات النقدية التي قدمها النقاد العرب الوافدون إلى السعودية للعمل بها لانطباعيتها ومجاملاتها، قدم أغلبهم  ومعهم بعض المشاركين في ملتقى النقد الأدبي الرابع الذي عقده …لقراءة المزيد
بقلم/عبدالله السمطي:  في الوقت الذي عاب فيه أغلب المشاركين والمشاركات من النقاد ومدرسي الأدب في الأكاديميات السعودية مستوى الدراسات النقدية التي قدمها النقاد العرب الوافدون إلى السعودية للعمل بها لانطباعيتها ومجاملاتها، قدم أغلبهم  ومعهم بعض المشاركين في ملتقى النقد الأدبي الرابع الذي عقده النادي الأدبي بالرياض واختتم عصر اليوم الخميس، قدموا مجموعة من أوراق العمل والدراسات التي لا ترقى إلى مستوى الدراسات الأكاديمية، واكتفى أغلبهم بتقديم جملة من عروض الكتب التي تقف على مضامين ما ألف من كتب في قراءة الإبداع الأدبي السعودي، وعرض أبوابها وفصولها.  ينطبق هذا الأمر عل مختلف البحوث التي قدمت في الملتقى، ويبدو أنها قد كتبت على عجل وبشكل استعراضي لا يتقصى طبيعة المنهج، أو يستقصي في الدلالات النقدية التي قدمت عن الإبداع الأدبي السعودي.  الحقيقة الأولى التي أغفلتها جل البحوث هي أن هذه الدراسات التي كتبها النقاد العرب الذين وفدوا إلى السعودية كتبوها بسبب إقامتهم أو عملهم المؤقت في السعودية، وقبل وفودهم إليها وبعد مغادرتهم منها لا يعودون إلى ذكر هذا الأدب أو الكتابة عنه، وهو ما يجعل دراساتهم دراسات مناسباتية أو متعجلة، أو تقع في شرك المعرفة الأولية بهذا الأدب خاصة أن هذا الأدب لم يشهد التحولات الإبداعية العربية الكبيرة كما شهدتها بلاد الشام أو العراق أو مصر ، يمكن أن نستثني من ذلك الدراسات التي كتبها الدكتور صالح الشنطي والدكتور حسين المناصرة والدكتور شاكر النابلسي، فضلا عن ذلك فإن معظم النقاد العرب أو لنقل بالأحرى مدرسي الأدب الذين وفدوا إلى السعودية أغلبهم غير معروف بإسهام نقدي ذي مستوى متميز في بلاده، أو ذكر يوما ما في بلاده أنه أسهم في حركة الحداثة، بل إن معظمهم معادون للإبداع الجديد في بلادهم، ومن هنا لا يوجد لهم أثر كبير بدراسة أو بكتاب.  وعلى مدى ثلاثة أيام، ما بين  24-26/4/2012م نظم النادي الأدبي بالرياض فعاليات ملتقى النقد الأدبي في المملكة العربية السعودية، في دورته الرابعة بعنوان " الشعر السعودي في الخطاب النقدي العربي" بمشاركة نحو ثلاثين باحثاً وناقداً وأستاذاً جامعياً وقد اشتمل الملتقى على سبع جلسات، تناولت أبرز ما كتب من دراسات عربية عن الأدب السعودي، ومن بين الجلسات جاءت الجلسة الثالثة التي تحدث فيها  ثلاثة باحثين تناولوا فيها دراسات الدكتور محمد الشنطي وأشاد الجميع بجهوده وعطائه النقدي المتميز حيث أدار الجلسة الدكتور عبدالله المعيقل وكانت أولى أوراق العمل في هذه الجلسة هي الرؤية النقدية لمحمد الشنطي من خلال التجربة الشعرية السعودية الحديثة للدكتور عبد الرزاق الحاج حسين والذي تناول فيها تعريفا بالشنطي ومصنفاته في ميدان الأدب السعودي وتصنيف الرؤية النقدية وتوصيفها، من خلال التقسيم : " التجديد وتبدو مظاهره في الشكل والمضمون، والتحديث ، وقصيدة النثر ". وأشار الحاج إلى أن الناقد الدكتور محمد الشنطي دارس صبور، وناقد جلد ، تصدى في مرحلة فورة الشعر السعودي ونهضته، وقدَّم أعمالًا نقدية كان لها صدى طيبًا ومحمودًا في الأوساط الأدبية ،ولما لهذا الناقد من أعمال توجّهت لنقد الأدب بعامة ، والشعر بخاصة في المملكة العربية السعودية ، ولرصانة بحوثه وتميزها كمًّا وكيفًا ، فقد آثرته كي أناقش هذه الرؤية وتلك التجربة ، وتبيان هذه الجهود المحمودة من خلال كتابه " التجربة الشعرية الحديثة في المملكة العربية السعودية " الذي وقع في ثلاثة مجلدات تحتوي على أكثر من 1200 صفحة ، حيث أثنى على أعماله النقدية عدد من النقاد داخل المملكة وخارجها . من ذلك ما أشاد به الدكتور رشيد بن فهد العمرو في معرض حديثه عن مبادرة نادي حائل الأدبي في إصدار كتاب عنه مؤكدًا الدكتور العمرو أن الدكتور الشنطي علم من أعلام الحركة الثقافية والأدبية في عالمنا العربي، وكذلك في الميدان الأكاديمي ، مبينًا إسهاماته المتميزة والمؤثرة في الإنتاج الأدبي في المملكة العربية السعودية . وقال عنه سعيد السريحي : إنه من صنّاع ثقافتنا الوطنية " ولهذه المكانة وهذه الجهود المباركة ، آثرت تقديم هذه الورقة وفاءً لهذا الناقد ، وعرفانًا لما قدَّمه لمكتبة الشعر السعودي . " وفي الجلسة الرابعة التي أدارتها الدكتورة نورة الشملان وتناولت ورقتي عمل: الأولى عن جهود النقاد العرب في نقد الشعر السعودي " المصريون نموذجا" قدمها الدكتور عبدالله ثقفان الذي قال في ورقته : يمثل الأدب في المملكة مسرحاً تتبارى حوله وعنه الأقلام, وهي مباراة تعد فُضلة في الأعم الأغلب؛ لأن أصحاب هذه الأقلام لم يأتوا بقصد البحث, و إنما من أجل العمل . وقال : لكثرة المتبارين, فقد وفدت إلينا عبرهم مذاهب متعددة ومتلونة اشتركت في تكوين الذوق السعودي الحديث, و هو ذوق مذبذب في معظم أحواله, إذا لم يمض هذا الذوق على قاعدة معينة, الأمر الذي جعل المعارك الأدبية عنواناً لنا في معظم كتاباتنا, إذ كل واحد منا ينتج من المعين الذي تعلّم منه أو تشرّبه, وقد زاد ذلك اشتعالاً ما نعانيه من تعدد الانتماءات الفكرية التي رسختها أماكن الدرس والتحصيل داخل وخارج البلاد . وعقب على الجلسة الرابعة الدكتور عبدالله الرشيد وقال بأن المصريين الذين نهجوا منهج النقد على الأدب السعودي بأن نتاجهم النقدي يقوم إما على المجاملة أو تجميع نصوص، ولم نجد نتاجا نقديا ومنصفا أو يكون مرجعا نقتدي به .. مما جعل نقده يثير الحماس في المداخلات التي زادت عن عشرين مداخلة وختم تعليقه بقوله إن هذا الملتقى سيكون محضنا لكل ما نطمح إليه. واستمرت جلسات الملتقى يوم أمس الخميس وكان أبرزها بحث الدكتور حسين المناصرة الذي قرأ فيه تجربة ثلاثة نقاد فلسطينيين في قراءة الشعر السعودي وهم: شاكر النابلسي وصالح الشنطي وراشد عيسى. وبعد اختتام الملتقى أصدر النادي الأدبي جملة من التوصيات منها: اقتراح المشاركين موضوعات مختلفة، ليكون أحدها عنواناً فرعياً للملتقى في الدورات القادمة، على أن تتصل بالمنهج والأجناس الإبداعية الأخرى ورؤية النقاد السعوديين ودراساتهم للأدب العربي. كما دعا المشاركون إلى  تكريم عدد من النقاد المعنيين بالنقد في المملكة خلال الدورة القادمة وما بعدها من دورات. و العناية بإعادة طباعة كتب رواد النقد في المملكة؛ امتداداً لنشاط النادي في هذا المجال عندما أعاد طباعة كتاب "المرصاد " لإبراهيم هاشم فلالي، وكتاب " شعراء نجد المعاصرون " لعبدالله بن إدريس. و دعوة النادي إلى إنشاء قاعدة بيانات شاملة عن النقد والنقاد في المملكة العربية السعودية. وسرعة طباعة بحوث الملتقى بعد مراجعتها من قبل أصحابها في ضوء المناقشات والمداولات التي تمت في الجلسات العلمية. و حث أقسام اللغة العربية في الجامعات السعودية على تبني إنجاز مشروعات نقدية متكاملة تخدم الإبداع في المملكة، وتبنِّي مشروع مؤسسي لنقد التجربة الإبداعية في المملكة. و التوصية بأن تكون المرأة السعودية المبدعة موضوعا للملتقى في إحدى دوراته القادمة من خلال تسليط الضوء على المنجز النقدي الذي قدَّمته المرأة السعودية أو الذي تعاطى مع إبداعها شعراَ كان أم سردا. --------------- نقلا عن إيلاف
نساء في كنف الديكتاتورية
بقلم ترجمة سعيد بوخليط
بعد تركيز ديان دوكري على المستبدين الفاشيين والشيوعيين، فترة القرن العشرين، انتقلت للاهتمام بالأقدار العاطفية، لنساء وعشيقات ستة ديكتاتوريين معاصرين، من خلال دراسة رائعة. بشكل استثنائي، تروي لنا لأول مرة تفاصيل ثانية عن استقصاء رائع، اهتدى بها من هافانا إلى الشرق الأوسط مرورا ببلغراد وبيونغ يونغ. …لقراءة المزيد
بعد تركيز ديان دوكري على المستبدين الفاشيين والشيوعيين، فترة القرن العشرين، انتقلت للاهتمام بالأقدار العاطفية، لنساء وعشيقات ستة ديكتاتوريين معاصرين، من خلال دراسة رائعة. بشكل استثنائي، تروي لنا لأول مرة تفاصيل ثانية عن استقصاء رائع، اهتدى بها من هافانا إلى الشرق الأوسط مرورا ببلغراد وبيونغ يونغ. نعم، من كان يظن قبل سنة، أن كتاب 'Femmes de dictateur' لصاحبته ديان دوكري، سيحقق أفضل المبيعات لسنة 2011؟ من كان يعتقد أن البحث في الخبايا العاطفية لهتلر وموسوليني وسالازار ولينين وستالين وماو، سيستهوي مائة ألف قارئ فرنسي، دون استحضار عشرات القراء الذين ينتمون إلى بلدان مختلفة تستعد لإصدار هذا العمل ؟ حتى دوكري نفسها، لم تتوقع ذلك ... . ديان دوكري، مؤرخة في الثلاثينات من عمرها، والتي بقدر شخصيتها الرصينة، هي جذابة أيضا. السيدة، المتباهية حاليا بنجاحها، تصدر الجزء الثاني من دراستها : كاسترو، ميلوزيفيك، صدام حسين، الخميني، كيم يونغ إيل وبن لادن، يشكلون الأعلام الأساسية. أفهم، دون أن أدلي بحكم : المبدأ الثابت، الذي احترم في هذا المقام أكثر من ذي قبل عندما ساءلت الأرشيفات واستخلصت الشهادات عن الحياة العاطفية والجنسية لهؤلاء الديكتاتوريين. جانب، يبدو أنه مضطرب، أكثر مما نعتقد. تتزاحم حكايات مؤنسة، لكنها غالبا ثقيلة المعنى ومثيرة وأخاذة من بدايتها إلى نهايتها. كتاب 'نسوة الديكتاتور' (منشورات بيران)، يتجاوز كونه مجرد دراسة تاريخية : إنه تشريح نموذجي في الآن نفسه، للسلطة السياسية وكذا القلب الإنساني. ثم تأكيد، صواب حكمة تعتبر 'الحب أعمى'. حقيقة كابدها، حتى رجال الدين في إيران والطغاة الأكثر دموية. *كيف استطعتم دراسة هؤلاء النسوة، اللواتي عشن وقضين حياتهن مع ديكتاتوريين معاصرين ؟ * وأنا أشتغل منذ سنوات على أرشيفات كثير من الديكتاتوريين، أدركت أن رجالا أمثال هيتلر وموسوليني أو ستالين، قضوا حياتهم في تأليف مراسلات عاشقة، بنفس حجم بعثهم لبرقيات سياسية ! حينما نوازي هذا الاكتشاف، باعتقاد مضمونه، أن الأنظمة الديكتاتورية تقوم أساسا على مبدأ الإغواء. لقد تبين لي، أنه توفرت مادة، لتأليف كتاب عن العلاقة المجهولة تماما بين الديكتاتوريين ونسائهم أو عشيقاتهم والمعجبين بهم. تمثل المعطى الجوهري، في وضع اليد على رسائل اعترافات كثيرة لم يسبق نشرها، بغاية إعطاء قيمة حقا تاريخية لهذا العمل. *بعد جزء أول، كرستموه لـ 'الأكثر تجبرا' اخترتم في هذه المرحلة الاهتمام بحميمية ستة ديكتاتوريين معاصرين. وفق أي معيار، أجريتم انتقاءكم؟ *اخترت ستة رجال، عرضوا للخطر أمن منطقة ما في العالم، إبان فترة من حكمهم. أيضا، تميز هؤلاء بكراهية للغرب، سواء لاعتبارات جيوبوليتيكية أو دينية. هكذا، ركزت خاصة على كاسترو وميلوزوفيك، مقارنة بالقذافي وأمين دادا. لقد بدا لي، من الأجدى التوغل في وصف حياتهم العاطفية، عوض صورة يقدمونها عن أنفسهم ـ صلبة، مرعبة ـ لا تسمح بمجال كي نفترض لديهم عاطفة ما. هكذا، كيف بوسعنا تخيل أن آية الله الخميني، وجميعنا يعلم طبيعة التعامل الذي ادخره للإيرانيات، كان يغسل الأواني، ويقوم بعملية تنظيف مراحيض منزله، نيابة عن زوجته! كيف، يمكننا استيعاب أن ثوريا عتيدا اسمه فيديل كاسترو يلعب بالسيارات الصغيرة في مكتبه حيث تتقاطر عشيقاته المغرمات ؟ باستحضار الحياة الحميمية لهؤلاء الوحوش : سنكتشف أنهم في نهاية المطاف مجرد كائنات إنسانية، مثلي ومثلك. يضايقنا الوقوف على هذه الحقيقة، لأنها ستقوض الهناء الفكري، لمن يتمسكوا بأن ينزعوا عنهم كل جانب إنساني، كي يبرروا للجماهير انسياقهم وراء هؤلاء، لكنها الحقيقة. تاريخ الديكتاتوريين، ليس إلا قضية التيستوستيرون. فالتصرف كأب وزوج أو عاشق لرجال يمارسون السلطة المطلقة، يحمل إضاءة ثمينة حول شخصياتهم كرجال دولة. *هل يصعب رغم سقوط الديكتاتوريين، الالتقاء بالدوائر القريبة منهم، بمعنى أفراد جمعتهم بهم مشاعر الحب؟ *نعم، لأنه ينبغي التحقق من هويتهم. يوجد طبعا، أشخاص ظلوا مجهولين عند الجميع. بعضهم الثاني، انبثقوا بعد عملية تجميع لقطع مبعثرة. والبعض الثالث، تجلى بفضل الدعاية أو الدعاية المضادة، لأطراف أخرى أنكرت وجود العلاقة لأسباب سياسية! من أجل فحص كل هذا، كنت محتاجة لقضاء شهور عديدة، توجتها لقاءات في فضاءات أحيانا غريبة، ومع شخصيات لا تقل عنها غرابة : وزراء سقطوا، بانهيار أنظمتهم، معارضون ما زالوا يعيشون تحت سطوة الخوف وبالتالي حاجتهم الدائمة إلى الحماية . مرتزقة، سابقون. دون نسيان، المعنيون الأساسيون، مثل عشيقة صدام حسين اليونانية، التي تسكن حاليا كوخا قذرا، في محيط سكني متواضع بالسويد. * بعض نساء الديكتاتوريين، مارسن فقط دور العاشقات، بينما أخريات فقد لعبن دورا مفصليا إلى جانب عاشقهم. ما هي بصفة عامة نسبة الإيديولوجيا والعاطفة في شغفهم؟ *كل حالة مختلفة. يستحيل إقامة تصنيف، ما دامت كل النماذج النسائية وجدت عندهم. هناك كلاب السلطة، كما الحال مع 'ميرجانا ماركوفيك'، زوجة ميلوزوفيك. نساء لا يهتمن بالسياسة كزوجات الخميني وصدام حسين. ثم، أمات جنسية وشهيدات بشكل طوعي كما الوضع مع 'أمل' آخر زوجة لبن لادن، التي يذكرنا حتما خضوعها الأعمى، بامراة أخرى اسمها 'ماجدة غوبلز'. يكمن القاسم المشترك بينهن، في استحالة التخلي عن الرجل المرتبطات به : الديكتاتور إما يطردك أو تموتين إلى جواره. انطلاقا من مختلف الوقائع التي اطلعت عليها. اكتشفت، أن امرأة واحدة فقط غادرت بإرادتها الخاصة، أقصد مارغريتا السرفاتي إحدى أولى عشيقات موسوليني، المنتمية إلى البورجوازية الكبيرة لمدينة فنيس. بل أيضا، هي من صنعت تكوينه الإيديولوجي ودفعته للاستيلاء على السلطة بعد الزحف على روما سنة 1922، بينما كان موسوليني مترددا ومتهيأ للهروب إلى سويسرا! لكن سنة 1938 ولسخرية التاريخ، أجبرت على الرحيل، بسبب قوانين نظام، أقامت دعائمه بنفسها. لقد أضحت منبوذة في بلدها، بسبب أصلها اليهودي. *بعد اقتسامها الحياة مع الديكتاتور، هل يمكنها التراجع عن موقفها؟ *لا. ميرجانة ماركوفيك التي تعيش في موسكو، مقتنعة دائما أن زوجها كان وطنيا، تشبث بالدفاع عن وحدة بلده ضد هجومات ظالمة لقوى الغرب، توخت استئصال الماركسية من الأرض. أما 'ماريتا لورينز' التي أجبرها كاسترو على الإجهاض، فلم تستطع قتله رغم أن الاستخبارات الأمريكية منحتها مليوني دولار، وكان في متناولها القيام بذلك. أخبرتني قائلة :(أحببته جدا، ولازلت كذلك)! أيضا، 'إيزابيل كوستوديو'، عاشقة أخرى لكاسترو، والتي ذكّرتها أنه سجن وقتل كثيرا من المعارضين، صرحت لي كذلك أنها غير نادمة : 'لقد وافقت على كل شيء'. فلا واحدة، منهن أرادت تقليب الصفحة. حتى، نجوى المرأة الأولى عند بن لادن، التي أصيبت بالعجز أمام عنف يزداد نموه بلا توقف لدى زوجها، وترى أولادها قد صاروا 'جثثا بعيون'. نجوى، يقتحمها حزن كبير، أن لا تحتفظ في رأسها، بصورة ذاك الرجل الطيب والوديع جدا، الذي تعرفت عليه وهما لا يزالان في عز شبابهما. كان يحب كثيرا صغار الظبي أو يحيط نفسه بالهدايا. بالنسبة لنجوى، سيظل دائما أسامة بن لادن اللطف والطيبة، المجسدين على وجه الأرض. * ألم يساوركم الإحساس، أنه أحيانا، يتصرف نساء الدول الديمقراطية بنفس أسلوب نساء الديكتاتوريين ؟ ديان دوكري: أود القول نعم، لكن الجواب لا. لأنه لا يوجد اختلاف في الدرجة ولكن في الطبيعة، بين السلطة الديمقراطية والديكتاتورية. إذا تبينا بالتالي، حضور عناصر متماثلة في تصرفاتهن (الغيرة، فكر التضحية، النزوع إلى البذخ، التباهي بالفنون قصد تحويل الانتباه)، فليس هناك أي قياس مشترك. النتيجة كذلك، لأن حالتهن، لا تتعلق بسجينات ولا ضحايا، بل نساء يمتلكن حريتهن. إذن، بوسعهن التخلي عن أزواجهن ! *من بين كل نساء الديكتاتور، من التي استهوتكم أكثر؟ *إنها 'سيليا سانشيز'، الأكثر وفاء وتماسكا وتفانيا من بين جميع العاشقات. تقول إحدى رسائلها، أن صراعها ضد 'باتيستا' و 'السي أي أي'وكذا الأمريكيين، حين مقارنته بمستوى كفاحها للاحتفاظ بحب فيدل وكوبا، سيبدو تسلية. كذلك، ساجدة حسين، والتي خلف سخريتها المتكلفة، قدمت دائما دليلا عن عزة نفس خارقة بسبب معاناتها كامرأة تعرضت للخداع والغدر. ذات يوم، أجرى لها طبيب جراحة، عملية تجميلية لإزالة شامة عن وجهها، لكنه نسي تخديرها. لما استدرك الأمر، أصابه الذعر. بيد، أن ساجدة أجابته بابتسامة فاترة: ((بوسعي، الإساءة إليكم بوحشية ! لكن حينما نرتبط بصدام، يمكننا تحمل كل شيء)). *من هي المرأة التي بدت لكم أكثر قسوة ؟ *إنها 'جيانغ كينغ'، التي اتصفت بغيرة شرسة. ذات أمسية، كانت زوجة وزير ترتدي زيا زاهي الألوان وقلادة لؤلؤ، فاستمالت شيئا ما انتباه الرئيس ماو. الغيرة، دفعت 'جيانغ كينغ' إلى اعتقالها وإصدار الحكم عليها وسط ساحة عمومية، وهي ترتدي كل الفساتين التي في حوزتها، وكذا عقد من كرات البينغ بونغ. بعد ذلك، أشبعت ضربا، وألقي بها داخل السجن إلى أن ماتت. *هل توجد امرأة بينهن، استعصى عليكم فهمها ؟ *لقد درستهن جميعا، مع حرصي على عدم السقوط في التأويل النفساني، قصد رصد مسارهن بنوع من الحياد، كي أستطيع فهمهن في هويتهن النسائية دون الحكم عليهن أبدا. هناك واحدة فقط، عجزت عن ضبط مسارها، إنها ماجدة غوبلز. شابة، تتدلى من عنقها نجمة داود، حينما انتحرت، بعد قتلها أطفالها، كما اكتشف على صدرها علامة ذهبية للحزب النازي. فقرات من الكتاب : * أفاغاردنر : تصفع منافستها على كاسترو. يوم 27 فبراير 1959، أتيحت الفرصة لماريتا لورينز كي تتعرف بشكل حميمي أكثر على قائد كوبا. واقعة لم تخطر على بال أمها. إذن، وهي ثملة فوق جسر 'م س برلين' أبانت الفتاة الشابة البالغة من العمر 19 سنة، عن جرأة، استمرت حتى تلك اللحظة مجهولة لديها : (استدرجته بين زوارق الإنقاذ، بحجة تأمل التراصف المدهش لبنايات هافانا (...) تعانقنا، أخذ وجهي بين يديه، ثم قال لي : أحبك، يا سمائي). قبل، أن يرخي فيدل عناقه، اهتم بتدوين رقم هاتف شقتها بنيويورك، وقدم لها عشر إناءات من مثلج جوزة الهند. لقد أتم لها خيوط حلم بصيغة مختصرة لكنها لذيذة : (ستصير ملكة كوبا). كان هذا، أكثر من المفترض. خلال أقل من أسبوعين، أرسل فيدل طائرته صوب نيويورك : (سأظل مترددة: لماذا اختارني بالضبط، مع العلم أن بإمكانه امتلاك كل النساء تحت قدميه ؟). في مطار هافانا، انتظرها عشرون شخصا ببزة نظامية، ثم قادوها إلى الغرفة رقم 2406 في فندق هيلتون، التي صارت مشهورة. استقبلت ماريتا لورينز، في الجناح الرئاسي، الذي غطاه ضباب كثيف بسبب دخان السيكار. تكسو الأرض رسائل وأوراق وأسطوانات، لكن خاصة وهو ما أدهشها، وجود مدرعات صغيرة لأطفال متخلى عنهم. أدركت ماريتا، على الفور السبب : (لقد بقي فيدل طفلا كبيرا، يعشق اللعب بنماذج قديمة لسيارات أو دبابات هجومية). ماريتا المنبهرة، بما صادفته أمامها، استمرت في الانتظار لأكثر من ساعة، قبل أن يتفضل فيدل بلقائها (...). أخيرا أتى. أمسك يدها، ثم أدار اسطوانة للموسيقى الرومانسية. لم يتوقف النغم، إلا بعد مرور خمس ساعات، حينما لحق بهما راوول وهو يطرق الباب بقوة، صارخا أن أخاه يقصر بشكل لا يستهان به، في تسيير شؤون البلد. همس فيدل، في أذنها قبل خروجه : (انتظريني هنا. لا تغادري هذه الغرفة. أحبك). انقضى اليوم، ولم يرجع. في الغد، وبعد أن تجمّلت ماريتا. ها هي تنتظر أيضا. فيدل، الذي استثمر دائما افتتان النساء به، أوكل إليها دور سكرتيرة شخصية. ساعات الانتظار الطويلة، تحولت إلى تصنيف انتقائي لمراسلاته، دون أن تكتم غضبها، حين تصلها رسائل نساء هائمات بفيدل. ذات يوم، احتجزت ماريتا رسالة موقعة باسم آنسة تدعى 'أفا غاردنر'، مهنتها ممثلة هوليودية. الجميلة غاردنر، كانت قد سافرت إلى كوبا، فترة قليلة بعد نجاح الثورة، وأودعت حقائبها في الطابق الثاني من الفندق الوطني. إبان ذلك، الربيع من سنة 1959، نظم لقاء بهيلتون، وبدا فيدل أكثر من جذاب. اصطحب الأمريكية في جولة بمركز القيادة، قبل أن ينتقل معها إلى الشرفة، من أجل حفل كوكتيل. وقعت غاردنر، في سحر فيدل. تقول صديقتها 'بيتي سبيكر' : (حينما عادت، تكلمت عنه بإسهاب. لقد انبهرت كثيرا بفيدل، وقالت أنه يفيض بالأفكار الجميلة). لكن ماريتا، لم تتحمل تعلق هذه 'المرأة المسنة' بفيدل. ذات صبيحة، وهي تتجول في بهو الفندق، شاهدت أمامها كائنا سكرانا يضغط بيده على كل أزرار المصعد. ما سيقع، مثير: (ترنحت نحوي وخاطبتني: 'إذن أنت هي الكلبة التي تعيش مع فيدل، وتحتفظ به لنفسها ؟' ثم صفعتني!). * أسامة بن لادن وزوجته نجوى: 'توقفي عن التفكير'! نجوى، المكتفية بأولادها الأربعة، تفتقد بشكل مؤلم إلى التسلية. لكنها، حينما لاحظت يوما، أن الشعْر الأشقر لأصغر أولادها يزداد طوله، وجدت في عرفه مناسبة ذهبية كي ترضي رغبتها، أن تكون لها طفلة: (دون تردد، بادرت إلى تشكيل ضفائر في شعْره، وأجرب فيه مختلف التسريحات الأنيقة كما الحال مع شعْر زوجي، حيث تسترسل ظفائر بأذناب). يزداد السعي، ثم تتفاقم الأعراض: (هكذا، اكتشفت نفسي أصمم وأخيط فساتين فتاة صغيرة، وأستعمل صغيري عمر، كعارض لقياس الملابس). بعدها، لم تعد تمتلك الرغبة كي تجعله يتخلى عن هذه الأزياء الرائعة. نجوى، استغرقها كليا الإحساس الجديد: (ما هي إلا فترة قليلة، حتى تجمعت لديها خزانة ملابس فتاة). تبرر تعلقها، موهمة نفسها، بأن عمر مجرد طفل صغير، ولن يحتفظ في ذاكرته بشيء. كل الأمور، تسير على ما يرام ما دام أسامة لا يعلم بذلك. غير أنه، بعد قضائه شهرا آخر في باكستان، عاد ثانية مقاتل بيشاور، إلى بيته دون سابق إخبار. دخل عمر إلى الغرفة، يحبو نحو أبيه، بشعْر طويل تزينه ظفائر ومرتديا فستان صبية : (تشنج بطني، وتسمرت عينايا نحو زوجي، وأنا أحاول حدس ما سيقوله أو يفعله). بتأن، جلس أسامة القرفصاء إلى جوار ابنه، ومرر أصابعه على كسوته والتصفيف الغريب لشعْره. يتأرجح ببصره، بين عمر وزوجته. بعد إفصاح أسامة عن إعجابه بمواهب الخياطة لدى زوجته، أصدر ردة فعل غير متوقعة : (داعبت أصابعه الطويلة، الفستان الجميل لابننا، ثم خاطبه بهدوء : (عمر، أنت ولد، وترتدي لباس فتاة؟) ثم بلطف رتب بيده شعر عمر : (شكل شعرك يحيل على فتاة، في حين، أنت ذكر). تسري الثواني كالساعات، داخل قلب امرأة لم تقدم قط حتى حدود تلك اللحظة على ارتكاب ما يغضب زوجها: (فعلا، لقد كنت المرأة الأكثر إذعانا، التي يمكن تصورها)، هكذا، تقر نجوى، مع استعدادها لقبول العقاب. لكن، بعيدا على أن يرفع صوته، استوعب بن لادن الضعف النفسي الذي تعانيه زوجته، جراء غياباته المتكررة. بنبرة أكثر رخامة من السابق، يحاول أسامة رد زوجته إلى جادة الصواب: (نجوى : عمر صبي، وعليك أن تلبسيه وفق هذا الأساس واقطعي شعره الطويل). الخوف، قدم لها درسا. لذا، ستتصرف الآن بطريقة صائبة على الأقل، قدر مكوث أسامة في البيت. لكن، ما إن شد الرحيل ثانية وجهة باكستان، سيبدو شفاءها أكثر استعصاء من المتوقع، فعادت نجوى إلى ارتكاب الخطيئة. مرة أخرى، سترتكب عصيانا بخصوص اللباس : (دخل زوجي بغثة، بحيث فاجأني وأنا أقيس فستانا ورديا صغيرا على عمر، الذي تدلى شعره في شكل ظفائر، وكانت عبارات الإعجاب تملأ المكان). التجأ أسامة إلى الصمت، بينما يشع بريق تهديد من عينيه: (هذه المرة، سيكون مجديا أن لا أصارع القدر قط)، تفسر نجوى بنوع من التبصر. ثم رتبت الفساتين الصغيرة داخل صندوق، في انتظار أن تنجب فتاة (...). يحل القلق بدل الضجر. فمخاوف نجوى، كانت في محلها. لأن سفر أسامة فيما بعد إلى أفغانستان، سيجلب معه جروحا على امتداد كل جسده، وميز لقاؤهما الجديد نوع من الإغماء، مباشرة بعد إخبارها أنه تعلم قيادة طائرة مروحية. وبينما تتهيأ، كي تطرح عليه أسئلة ثانية، توجه إليها أسامة بأمره: (نجوى، كفى تفكيرا). * صدام حسين، إلى جانب الشقراوات: تتمسك ساجدة بأن تكون في الواجهة. لقد أوصت صديقاتها اللواتي يملكن حرية السفر، مثل 'عليا السالبي'، زوجة قائد الطيران في جيش صدام، كي يقتنين لها مجموعة ملابس. لكن، بعض من انتدبتهن لمهمة الشراء، يشتكين. فساجدة، غير مستعجلة بتاتا، لتسديد التكاليف. أخيرا، في يوم من الأيام، سمح الرئيس لزوجته بالسفر خارج العراق لأسابيع مصحوبة بخالتيها. ومنح كل واحدة من أفراد الجماعة المسافرة، مبلغ 10 آلاف دولار، بهدف التسويق والتسلية. لأن ساجدة بـ (حاجبيها المرسومين والداكنين، بحيث يشبه شكلهما إشارة مدّ، لا تغفل أية حركة) يلزمها المحافظة على عبادة الشخصية، كما هي موضوعها لدى نساء القصر، من خلال إظهار كبير للأزياء والمجوهرات، وكذا السخاء في منح هدايا لنديماتها، بشكل مستمر. مع بداية سنة 1981، سافرت زوجة الرئيس العراقي إلى لندن، يرافقها عشرون من أهل القصر، وبالضبط وجهة المحلات الفاخرة لشارع Bond Street الزاخرة بمختلف أنواع ماركة 'هيرمس'، بالتالي الإسراف في إنفاق آلاف الجنيهات الاسترلينية. ساجدة، المتعطشة للبريق الزائف وإشباع غلوائها، ستسافر خلال الشهر الموالي بصحبة السفير العراقي، في الأمم المتحدة على متن بوينغ 747 جمبوجت شامخة، اقتناها قائد الطيران في جيش صدام، من الولايات المتحدة الأمريكية. سطح الطائرة، يغطيه بساط أخضر وأبيض، برموز رئاسية تقود نحو غرف منفصلة بأثاث عصري. جناح الرئيس، يزينه سرير ضخم وقاعة للاجتماعات ومكتب وحمام. إذن، تحلق ساجدة نحو نيويورك، وهذه المرة مع هيئة تضم ثلاثين مشتريا مهووسا، يرأسهم مفضلها في تلك الفترة، 'حسين كمال التكريتي'. انشغفت ساجدة، بمتجر فندق 'Bloomingdale' وأنفقت هناك مبالغ مالية خيالية. يبدو أن البعد، سيعيد تقريب الود بين الرئيس وزوجته. هكذا، صارا يتبادلان كل يوم أحاديث هاتفية. ربما، يتقصى صدام من خلالها آثار 'حسين كمال'، الذي سافر أساسا إلى نيويورك، كي يشتري سريا ذخائر حربية لمواجهة إيران، فأبرم عقودا مع شركات وهمية من أجل تزويد العراق بالعتاد العسكري، رغم الحصار الأمريكي. وإذا كانت ساجدة، غير مسؤولة عن هذه العمليات، فإنها إجمالا، تتصرف جيدا في الإكراميات، التي تقدمها الشركات التجارية الأمريكية تعبيرا عن الترحيب. ما قد يتجلى، باعتباره ارتباطا تافها بلوازم البذخ، يجسد بالأحرى آلية نفسية للترفيه ونسيان هجران زوجها لها. فخلال هذه الحقبة بالضبط، تسربت أول ضجة عن مغامرات صدام خارج إطار الزوجية، حين فضل على ساجدة، زوجة وزير الإعلام والاتصال، لاعبة تينس شبقة. عادت ساجدة إلى العراق، بيد أن محاولتها كي تصير ربة بيت مثل الأخريات، باءت بالفشل. كانت، قد قررت أن تزرع أمام محل إقامتها، بعض نباتات الطماطم، لكنها لم تأخذ بعين الاعتبار طبيعة المكان، بحيث ألقت بالنبْتات الصغيرة، تحت خيوط شمس، لا تنعم بالظل. ذبلت حديقتها فورا، مع أنها أوكلت لستة من حراسها الشخصيين مهمة الاعتناء بسقيها. النتيجة، أرسلت ساجدة بهؤلاء الحراس البستانيين غير الأكفاء، إلى السجن لمدة عشرة أيام. (...) بغداد 1969 : (بدءا من اليوم، هي لي، ولا شخص يملك حق التطلع إليها باهتمام). هكذا، خاطب صدام برزان الذي يرافقه. أحدث الأخوان حسين، دخولا مدويا في حفلة راقصة، أقيمت عند 'آروت الخياط'، المصمم الأرمني لأزياء نخبة بغداد. اتجه انتباه صدام على الفور، إلى مراهقة شقراء. إنها 'باريسولا لامبسوس' المندفعة، والبالغة من العمر 16 سنة (...)، التي ركزت نظرها للوهلة الأولى على بذلته الزرقاء الحريرية، وقميصه الأبيض كلون الثلج، يميزهما شعر غامق جدا: (أبدا، لم أصادف عينان بهذه الجاذبية، تلونهما سمرة ذهبية. إنهما يلمعان مثل معدن). بدورها، ستتقاسم معه 'باريسولا' اكتشافه، لكن بجرأة : (وأنت، لديك عينان متوحشتان ونظرة جد باردة). الشخص المقصود بالوصف هو صدام، لكنها لم تتعرف عليه. صدام، يبتسم. وقاحة، الفتاة الشابة، صاحبة العينين اللامعتين،أثارت إعجاب صدام، الذي بدأ الجميع يخشاه. أما 'باريسولا' فلم يرعبها شيء، فقط أن أمها أخذت خبرا، بكونها قد رقصت مع غرباء (...). اقترب منها صدام، ثم شدها، فصرخت. تروي : 'لقد كنت في الآن ذاته خائفة ومستاءة'. صدام همس لها، مرخيا قبضته: (عيناك جميلتان). لكن الشقراء، ليست من صنف الممثلة الفرنسية ميشيل مورغان، فأجابته برباطة جأش، أنه عليه الرحيل. إذن، لم يوقع بعد صدام، بغنيمته. خلال تلك الليلة، تناول الضيوف طعاما في غاية اللذة، إنه سمك الشبوط. في التقليد العربي، يعتبر الجزء الخلفي من رأس هذا السمك، القطعة الأكثر طراوة : (هدية الصياد). وتقديم هذه القطعة لكائن ما، يعني تشريفا لعنايته. اقتطع، صدام السمكة، ثم التفت ناحية الشقراء : (افتحي فمك). رمزية السلوك، أكثر من الكلمات، فاجأ الحضور بأكمله. لكن، 'باريسولا' تنتشل ذاتها من تلك المرأة السهلة، فقامت غير مبالية بدعوته : 'أنتم لستم زوجي ولا خطيبي، ولست هنا كي أستمع إليكم' أجابته بصمت جليدي. وحدها، قهقهة صدام، أجازت للضيوف عدم ابتلاع شوكة عرضا. المتأنق العنيف، سيلاحق الفتاة الشابة إلى غاية الباب. الأخيرة، وجهت له تحذيرا (إذا وجدتك أمي هنا، فستقتلك). ـ 'أتركيها، تقتلني، لا أبالي'. يبتسم من سخطه: (لا تتزحزحي أبدا، أبقي كما أنت، أدخلي سريعا قبل أن أغير رأيي). نظرة خاطفة أخيرة إلى هذا المتمرد، ثم تجاوزت بسرعة درج المدخل. (حين علم والد باريسولا بهذه العلاقة، أرسلها إلى لبنان. سنة بعد ذلك، عادت واستقرت نهائيا في بغداد، بحيث أصبحت عشيقة للرئيس). (...) ثم ستندلع الحرب مع إيران. النساء غير العراقيات، لهن الاختيار بين الطلاق والتجنس. هذا، القانون الطارئ، أجبر باريسولا على المغادرة إلى اليونان. ولأنها تركت، وراءها ممتلكات عدة، ستباشر إجراءات لدى السفارة العراقية في أثينا بهدف استرجاعها : (استدعيت إذن، من أجل إجراء مقابلة مع ضابطين ينتميان لجهاز المخابرات. قدما لها مالا، وأخبراها، أن صدام كلفهما، بترتيب أمور عودتها إلى بغداد) يقول رئيس البروتوكول هيثم رشيد وهبي. يومان بعد ذلك، وجدت نفسها ثانية على سرير صدام: (تأتي ليالي، لا أنطق فيها ببنت شفة، بحيث أتركه كي يرتاح. حينما نكون معا، يتصرف صدام بعفوية،يصفق الأبواب بغضب أو يضع رأسه على ركبتي. فقط، أسأله إن كان يحتاج كأس ويسكي). أنزلها صدام في إقامة مرفهة داخل القصر، مع ابنتيها المراهقتين الفاتنتين حاليا : (طيلة ستة أشهر، عاشت باريسولا حياة راغدة باعتبارها عشيقة رسمية للرئيس. سيارات، مجوهرات، ملابس جميلة. لم تنقصها سوى الحرية). يؤكد هيثم رشيد. لكن، نتيجة وضعها هذا، ستواجه باريسولا عشيرة تكريت. فلا شيء أصعب في العراق من أن تكوني خليلة لصدام (...). إذا، حاولت نساء الرئيس، الاحتفاظ بأقصى درجات حذرهن تجاه باريسولا، فإنه في المقابل، يزورها رجال القبيلة باستمرار. منحة لا تخلو من مجازفات (...). التوازن الهش مع أبناء ساجدة المضطربين، انهار في لحظة، جراء اعتراف أباحت به ابنتها إليزابيت. لقد اغتصبها عدي: (أتريدين أن أقتله؟ أتريدين أن أقتله ؟). شعرت باريسولا بالحيرة. لعدة سنوات، بقيت ابنتها الصغيرة جامدة فوق كرسي، رافضة الذهاب إلى المدرسة. لم تكن هناك وردة حمراء، ولا أغطية سرير بيضاء، بل وجدت إليزابيت نفسها في غمرة حفل على متن سفينة لعدي، الذي اقتادها إلى زاوية مظلمة. إذن، ضرورة ضمان الأمن لأطفالها، قيد أيادي الأم الحزينة، التي ليست في استطاعتها غير تجاهل عدي. لكن الأخير، ليس بالشخص الذي يمنحك إمكانية الاستخفاف به. لذلك، صاح ذات يوم في وجهها : (قولي لي فقط أي شيء). ولأنها، تعتبره مجرد جلاد لابنتها، أجابته : (أنت غير موجود أبدا بالنسبة إلي. وأنا لا أتحدث إلا مع رجال (...) سأروي ما جرى لأبيك). صدام، سيعاقب مرة أخرى، عدي بسبب تجاوزاته. سجنه فترة طويلة، كي يكون عبرة. عدي، استغل فترة اعتقاله، كي يرسم سيناريو انتقامه. هكذا، فترة قصيرة بعد إطلاق سراحه، شرع في تدبير مهمة عقابية داخل منزل باريسولا. حينما عادت من عملها، وجدت فريق خدمها، وقد تم تكديسهم بين أركان زاوية من الغرفة، بينما عدي في الجانب الآخر، يجلد الواشي. مع بداية سنة 2001، شعرت بضرورة رحيلها (...). لكن لا يمكنها ترك العراق، دون أن ترى صدام للمرة الأخيرة. (باري، لقد تغيرت)، خاطبها صدام. أنت من تغير، حبيبي. أرى كل شيء، أنت لست باري التي عرفتها في الماضي. نصحتك مرارا بأن تظلي كما أنت؟. تفحصته هي بنظرة. لقد، تغير كلاهما. كما أن الوضعية، لم تعد نفسها. عما قريب، سيقصف الأمريكيون بغداد. عدي سيقتل وصدام سيعتقل. أما جماعة تكريت فسيتم القضاء عليها إلى الأبد. *ـ كيم يونغ إيل وصغيرات بيونغ يونغ. أمسيات الجنرال كيم، تبدأ دائما وفق المشهد ذاته، سيدة البلد الأولى، 'كوينغ هي' تأتي مع زوجها كيم، الذي يبادر بنفسه بأن يزيل لها معطفها، فينكشف جسدها، وقد صار ممتلئا نتيجة ولادتين. تجلس بعد ذلك إلى جانبه، ثم تتابع باهتمام مجريات الأمسية. المشهد أحيانا، مهين جدا: (في قمة سكرهم، يبادر كل واحد من هؤلاء الموظفين إلى النط على فتاة. كيم يونغ، يغفل نظره تقريبا، عن كل ما يحدث في حفلاته ولا يطرح أسئلة). تتذكر، واحدة من المدعوات. إذا كان يونغ إيل، يضبط سلوكه حين حضور زوجته برفقته، فإنه لا يمتنع عن المشاركة في الأفراح العنيفة، عندما تفضل الانسحاب من فضاء فاجر كهذا. لذا، ما إن استقرت في فرنسا قصد إجراء عملية جراحية لاستئصال سرطان الثدي، حتى دشن زوجها انطلاقة ماراطون حقيقي للمجون بين جدران قصره. أما داخل فضاء إحدى إقاماته، فيبلغ الحفل أوجه. خمس فتيات ينتمين إلى 'جماعة اللذة'، يعملن على تسلية الموظفين الكبار المحيطين بالزعيم. فجأة، صدر الأمر، من الهيئة العليا : (اخلعن ملابسكن!)، هكذا ينفذ الراقصات الأمر بخجل، ثم ينضاف تعديل يتمم القرار الاستبدادي: (حتى اللباس الداخلي والسروال !). هكذا، تشرع النساء الرشيقات، في الرقص على الرغم منهن. ثم، قد تذهب التسلية أبعد من هدا الحد . كيم، في خضم بهجته، يوجه ويشرف على الأمر، يشير بأصبعه صوب معاونيه : (أنت، أرقص معها!) هذه القواعد ذات المنحى النزوي، صارمة مع ذلك: (بإمكانكم أن ترقصوا معهن، دون لمسهن. فاللمس سرقة). التحلل على مستوى هرم النظام، يمثل بالفعل وسيلة لدى 'كيم يونغ' من أجل مكافأة المرتبطين به وإلزامهم أكثر. بالتالي، تعتبر مجموعات اللذة، إحدى أكثر 'المؤسسات' سرية في مكونات نظام كوريا الشمالية. ألفا فتاة، يخترن عند مغادرتهن المدرسة، عبر كل مدارس الفن بالعاصمة، شريطة أن يبلغن بالكاد 18 سنة، ولازلن عذراوات ولا يعانين من أي مرض. حين يقع عليهن الترشيح، تصنف الفتيات الرشيقات إلى ثلاث مجموعات، هدفها تزيين تجمعات العربدة، التي تغمر قصور 'كيم يونغ إيل': 1 ـ فريق الإرضاء، الذي يوفر خدمات جنسية، 2 ـ فريق السعادة، المكلف بالتدليك وتسلية الموظفين، 3 ـ فريق الغناء والرقص. لا توجد لدى كيم يونغ إيل، رفيقة معتمدة. بشكل عام، تجلس إلى جواره حوريتان أو ثلاث، مستعدات كي يوفرن له انبساطا مرتبا جدا. أما زوجته 'كويونغ هي'، فلأنها أحست سريعا بالتقزز من فسق زوجها، بدأت تبتعد شيئا فشيئا عن الأمسيات التهتكية، مفضلة البقاء في إقامة مرتفع 'شانغ كوانغ'، التي أهديت إليها. بانسحابها، برزت مجموعات اللذة، التي فضلت أساسا الالتقاء كل أربعاء وسبت، في الإقامة الرئيسية للحاكم. يستدعى الضيوف دائما، خلال التوقيت نفسه، أي السابعة ونصف مساء. يقدم لهم شرابا، في انتظار قدوم 'كيم يونغ إيل' عند الساعة الثامنة مساء. يجبرهم التقليد، على احتساء شرابهم بأقصى سرعة ممكنة. حين، حلول الساعة العاشرة ليلا، يكون الجميع ثملا بالمطلق. يبتغي يونغ إيل خاصة، الظهور بهيأة أولمبية، ويتناول لذلك طعاما متميزا أكثر بخصائصه الذكورية. ذات يوم، وضع أمامه قضيب دب البحر. بادر، القائد العزيز إلى تقطيعه لجزيئات صغيرة على طاولته، داعيا ضيوفه إلى الوليمة، ثم شرع يسرد عليهم تعاليمه لتلك الليلة : (هيا، تناولوا قضيب دب البحر، وأخبروني بعدها، كم مرة ستفعلون لما تعودون إلى زوجاتكم !). إحدى المشاركات الدائمات، تؤكد لنا : (هذا النوع من الاحتفال، قد يستمر أسبوعا). في اليوم الأول، يبدي الفتيات الشابات تقديرهن للقائد. تشكل المشهد الافتتاحي،رقصة هندية بلباس تقليدي يبرز السرة، ومرتديات سراويل واسعة. أساور تجلجل في الكعبين، وشال أ زرق باهت يلف أجسادهن : (بينما تكسو وجه 'كيم يونغ إيل' علامات العربدة، ويزداد المرح بين صفوف الحاضرين. يصعد فريق البهلوانية إلى الخشبة. صدور الفتيات، تغطيها بالكاد صدرية النهدين، ومجرد قطعة قماش حمراء، شفافة تقريبا، على مستوى أسفل أجسادهن. بغير سروال، يرفعن سيقاهن، ويكررن حركاتهن الشاذة، وهن يتلوين بقاماتهن). أشباه الموتى السكارى، لا يطيقون على الأمر صبرا، فيسرعون صاعدين إلى خشبة المسرح من أجل : (تمزيق القماش، ولمس القسم السري) يونغ إيل، المتأجج كليا، يرفع نخْبه ويطلب من الجميلات المترنحات أمامه، إنشاد الأغنية الكورية الجنوبية، المعنونة ب : 'أنا قبيح'. في اليوم التالي، تتفاقم الوضعية. يشغل ثانية، الفريق البهلواني المسرح، وبلباس أيضا أكثر إثارة. قماط صغير، يكشف كليا عن صديرية النهدين، ثم سروال قصير بالنسبة للأطراف السفلى : (رقصن مثل فاجرات، وقد أثنى عليهن كيم بخصوص عمق صدقهن). هناك تفسير، لهذا الفحش المباغث للألبسة، وكذا رقصات مجموعات اللذة. فقد عادت للتو إلى البلد، بعد شهر كامل من السفر إلى أوروبا، تكلف بمصارفها كيم يونغ إيل. الوجهة كانت: كباريه 'Le lido' بباريس. يستعدن تصميم الرقصات، ويمارسن الأجواء عينها. يقدمن، بمناسبة عودتهن عرضا فنيا، يثير إعجابا يسلب لب راعيهم : (يظهرن، وهن يخبأن قليلا أثداءهن بخيط يلمع. أما في القسم الأسفل، فيحجبن فقط المنطقة الجوهرية). كيم يونغ إيل، المسكون بهاجس عبادة الوطن سينادي على الراقصات وكذا مهندس لوحاتهن، ويصدر أمره، بأن يتم فورا تسجيل أعضاء الفرقة كوطنيين. إنه يثمن كليا هذا الرقص الأجنبي المتأتي من ضواحي باريس، بل قرر نفسه إقامة استعراض. طرح بفخر، مشروعه على وزيرة الخارجية الأمريكية 'مارلين ألبريت' إبان زيارتها شهر أكتوبر 2000 : كيم يونغ إيل، شخصيا من سيضع فصول الحفل الكبير، حسب أسلوب 'لاس فيغاس' الذي سيتم على شرفها، خلال تلك الليلة. * أسماء الأسد : في السراء والضراء. زوجة الرئيس السوري، السنية المذهب والمنحدرة من مدينة حمص، اخترقت بصعوبة، جماعة الأسرة العلوية. ولظروف الأزمة الحالية، فقد احتمت بنكران الحقيقة. أسماء الأسد، تستقبل بنفسها ضيوفها مرتدية في أغلب الأحيان سروال جينز وقميص تي شرت. يقطن، الثنائي الأسد، في منزل عصري مضاء بنوافذ ضخمة وشفافة، بحي المالكي في دمشق. الأسطورة التي أشاعتها صحافة الشخصيات العمومية تردد أن الحراسة هناك شبه معدومة: (لأن المحيطين بك، يتكفلون بهذا الأمر). تؤكد أسماء الأسد، في حديث إلى مجلة ' 'Vogue' شهر شباط/ فبراير 2011. شهر بعد ذلك، اندلعت الثورة في سورية. نظام حديدي لائكي، ينتمي إلى شرق أوسط يعيش غمرة إعادة التشكل. منذئذ، فإن السيدة الأولى الفاتنة جدا، قد صمتت غير آبهة بآلام مواطنيها . تلك التي لقبوها ب 'الليدي ديانا' الشرق الأوسط، تتكفل بقمع مرعب، أودى بحياة 5000 سوري (الرئيس، رئيس لكل سورية، وليس مجرد جماعة السوريين، والسيدة الأولى تدعمه في مهمته) يعلن أخيرا مكتبه عبر بلاغ مقتضب، يعبر ضمنيا عن البعث الحزب الوحيد، المترهل بعد أربعين سنة من السيطرة على البلد. أصدقاؤها يتساءلون. أهي سجينة النظام ؟ أليست مجرد وجه مبتسم لديكتاتورية لا ترحم ؟ أو تفضل الاحتماء بالإنكار: (يتناوب وجهان عند أسماء، يحكي أندرو تابلر، صحافي أمريكي اشتغل إلى جانبها خلال السنوات الأخيرة : من جهة، وجه امرأة عصرية. لكن أسماء، يمكنها أيضا التخلي عن بعض مبادئها قصد وصولها إلى ما تريده). وجهان، يرسمان فعلا، رافدي حياتها. تبدأ الحياة الأولى، بمحاذاة نهر التيمز، حيث ولدت سنة 1975، وسط عائلة سورية هاجرت إلى لندن سنوات الخمسينات، أبوها 'فواز الأخرس'، طبيب أمراض القلب، وأمها 'سحر' ديبلوماسية في السفارة السورية.أسماء التي يلقبها زملاؤها داخل الفصل بـ 'إمّا' تتردد على 'كينج كوليج' الشهير. لكن، فترة العطلة الصيفية، يرسلها والديها إلى بلدتها الأصلية حمص، عاصمة الثورة حاليا. أسماء، المتألقة والطموحة، ابتدأت مسار محاماة الأعمال عند جان بيير مورغان، حيث اختصت في التعاملات المالية للمقاولات. مع نهاية أعوام التسعينات، كان تعيش وسط فضاء تعارض بألف مقام، مع المنظومة الصارمة التي حكمت باقي مواطنيها السوريين، الذين خرجوا من ثلاثين سنة، انتظموا طيلتها في صف الاتحاد السوفياتي سابقا. مع ذلك، وبناء على السرية المطلقة، نسجت أسماء خيوط قصة حب مع طبيب عيون، التقته أثناء إحدى زياراتها الصيفية إلى دمشق، لكن بسبب الموت المفاجئ لأخيه باسل، الذي كان من المفروض أن يخلف أبيه حافظ الأسد على حكم سورية، فقد نودي على بشار كي يتم تحضيره للمهمة العليا. بالرغم من خجله وانعدام التجربة لديه، رقي الفتى الشاب بسرعة، شهر يونيو 2000، عن سن الخامسة والثلاثين، إلى منصب رئيس الجمهورية، عقب وفاة 'أسد دمشق'. أسماء، كانت قد أخفت عن رئيسها في الشغل علاقتها مع'ابن الرئيس السوري'. خلال فصل الخريف، قدمت استقالتها التي قوبلت على الفور، متنازلة أيضا عن مكافأة آخر السنة، ما دامت حياة أخرى تنتظر الفتاة الشابة، التي ستتزوج بشار شهر نوفمبر، من أجل السراء والضراء. مرة ثانية، وفي إطار أقصى درجات السرية، لم يتم تسريب أية صورة لحفلة الزواج إلى الصحافة السورية. أسرة الأسد، المنتمية إلى الأقلية العلوية المسيطرة على البلد، لم تستسغ قط هذا الارتباط بأسرة سنية، تجتر أغلبيتها حرقة استبعادها طيلة عقود. وكما، يحدث غالبا في العالم العربي، ستخرج من العتمة 'أنيسة' أرملة حافظ الأسد. فلا مجال أبدا لأسماء كي تظفر بلقب السيدة الأولى وريثة لعشيرة مخلوف القوية، ستفعل الحماة كل ما بوسعها، كي تهمش زوجة الابن. وقد ساندها في سعيها بشرى الأخت الكبرى للرئيس الجديد، التي تريد بدورها استغلال مكانتها كي تسمع صوتها، مستفيدة داخل العشيرة من الدعم الثمين لزوجها الجنرال 'آصف شوكت' المسؤول عن الجهاز المرعب 'الاستخبارات العسكرية'، بحيث يحتاج إليه الرئيس الشاب، بغية توطيد سلطته في مواجهة الحرس القديم للحزب. لكي، تتخلص أسماء من الطابع السري الصلب للعشيرة الأسروية، انتقلت لا كتشاف شعب تعرفه قليلا. على امتداد ثلاثة أشهر، زارت أكثر من 300 قرية، ثم مستشفيات ومدارس ومصانع: (أبحث عن الكيفية التي أصير بها مفيدة). تعتبر، أسماء نعمة بالنسبة لبشار، لأنها ساهمت في تكريس صورة المصلح التي ما زالت تنسب إليه. سنة 2002، ولد ابنها حافظ، الذي يمكنه في يوم من الأيام، خلافة والده على رأس الدولة الجمهورية لعائلة الأسد. اسمه يستحضر ذاكرة جده، الذي عرف كيف يقمع جل معارضيه طيلة ثلاثين سنة، من حكمه الفردي لسورية. يظهر الزوجان في مطاعم بدمشق أو حلب، وسط شعب رأى في هذا (الطبيب الشاب الذي تعلم في أوروبا) زعيما مختلفا عن باقي طغاة الشرق الأوسط. الغرب، أيضا آمن بنفس الفكرة. سنة 2002، حل بشار وزوجته، ضيفين على ملكة قصر باكينغهام، وقبل ذلك استقبلهم جاك شيراك في قصر الإليزيه. غير مطروح بتاتا لدى أسماء تضييع وقتها لزيارة محلات هيرمس، فقد فضلت زوجة الرئيس موعدا، مع المدرسة العليا للتجارة : ( في تلك الحقبة، حتى الصحافة الإسرائيلية، أمطرتها مدحا) يتذكر سفير سابق فرنسي بدمشق. لكن، وإن نقل الأخير، إلى وزارة الشؤون الخارجية السورية، معطيات الثناء كما أوردتها صحيفة 'هآرتس' عن أسماء، فقد حافظت الوجوه على قساوتها. داخل العشيرة، تتناول زوجة الرئيس خبزا من الحنطة السوداء. ذات عشية عيد ميلاد، عانت أزمة عصبية، نتيجة سريان إشاعة. وزوجها، تجند لأولى معاركه بعد أن أشارت أصابع الاتهام إلى سورية، بخصوص قضية اغتيال الحريري الوزير الأول اللبناني. العلاقات مع الغرب، ولا سيما فرنسا، أضحت في غاية الرداءة. حاتم النوصيبي رئيس شركة توتال يتذكر، أنه انبهر بذكاء أسماء إبان أول لقاء جمعهما : (لقد أوحيت لها بتلميح، لكن عند مستوى ثان، وبعد أن استوعبته فوريا، أجابت بنفس المنوال، إدراكها أن مجتمعنا يشتغل على المدى البعيد، وبالتالي لا ينبغي تحميل شركة توتال، ما قد يترتب عن علاقات سيئة بين بلدينا). أخيرا، وعلى خطى الرئيس، استطاعت زوجته فرض نفسها على مجموع الإخوة والأخوات. هكذا أجيز لأسماء، التمتع بلقب السيدة الأولى، بينما أخت زوجها نفيت لفترة زمنية إلى أبو ظبي. وبفضل ما نسجته من علاقات مع المنظمات غير الحكومية، اقتربت أسماء الأسد من أفراد شعبها، مستندة على أسطورتها التي تشكلت بالخارج، ومستمرة في ترديد دعوة الجميع إلى 'مشاركة فعالة': (كل واحد يلزمه تحمل نصيبه من المسؤولية في مسيرة البلد). بشخصيتها الأنطوائية والحربائية ؟ فالمحامية السابقة في القضايا التجارية، لا تؤمن أبدا بما تفصح عنه : (أشك، إن كانت تمتلك تأثيرا حقيقيا على قرارات زوجها) يؤكد أندرو تابلر. لكن، هل ستتمسك أسماء إلى النهاية بسلطتها، أم الأمر مجرد تصنع؟ نقلا عن : القدس العربي
سلطة الفرنسيات
بقلم ساطع نور الدين
         منذ زمن، لم تنجب فرنسا امرأة مثيرة ترقى الى رمز عالمي للجمال والإثارة وتحتل صورها المخيلة.. لكنها انجبت الكثير من النساء المسترجلات اللواتي تقدمن الصفوف الامامية في عالم السياسة، وصرن يشغلن مواقع مميزة، علنية او خفية، في معركة الانتخابات الرئاسية المقررة …لقراءة المزيد
         منذ زمن، لم تنجب فرنسا امرأة مثيرة ترقى الى رمز عالمي للجمال والإثارة وتحتل صورها المخيلة.. لكنها انجبت الكثير من النساء المسترجلات اللواتي تقدمن الصفوف الامامية في عالم السياسة، وصرن يشغلن مواقع مميزة، علنية او خفية، في معركة الانتخابات الرئاسية المقررة غداً الأحد. لوهلة، يبدو ان هذه المعركة الانتخابية الحامية تدور بين الجنس الفرنسي الناعم، الذي يخوض غمار السياسة من أبوابها الواسعة، المفتوحة على جميع نساء فرنسا عدا السيدة الاولى، العارضة والمغنية السابقة، كارلا بروني التي حجبها الرئيس نيكولا ساركوزي عن الأنظار ولم يصطحبها الا نادرا في جولاته الانتخابية الاخيرة... وتردد انه طلب منها الصمت بعدما قالت قبل أسابيع ان النخبة الباريسية تكره زوجها. وهو موقف كان بمثابة هدية ثمينة الى منافستها على موقع السيدة الاولى، الصحافية فاليري تريرفيلر خليلة المرشح الاشتراكي فرنسوا هولاند وشريكته المؤكدة في الدخول الى غرفة النوم في قصر الاليزيه، والتي أسهمت في رفع شعبيته لا سيما في الوسط النسائي، حيث كان يوصف بأنه رجل عادي، لا يتسم بأي من صفات الرجولة، ولا طبعا الفحولة. على مرأى ومسمع من هاتين السيدتين، استطاع الرجل العادي هولاند ان يجتذب رفيقته ومنافسته السابقة سيغولين رويال، التي انفصل عنها ولم يدعمها في معركتها الرئاسية قبل خمس سنوات ضد ساركوزي، برغم انه يقاسمها اربعة أبناء انجباهما من دون زواج، لكنها قررت الآن ان تضحي من اجل قضية الحزب، وظهرت مع هولاند في بعض لقاءاته الانتخابية. امرأة اخرى احتلت العناوين الرئيسية الفرنسية مؤخراً، قبل ان تنضبط في بيت الطاعة الزوجي العتيق، هي السيدة برناديت زوجة الرئيس السابق جاك شيراك التي أساءت فهمه وظنت انه سيصوت لصنيعته وخليفته ساركوزي، قبل ان تكتشف انه قرر ان يرد له الطعنات التي اصابه بها منذ ان غادر الاليزيه، وان يقترع غدا لمنافسه الاشتراكي برفقة من جميع افراد عائلته، بنسائها قبل الرجال. اما المرأة الاكثر إثارة للجدل والشك في أنوثتها السياسية فهي مرشحة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبن التي كرست نفسها منذ البداية لحملة شعواء على المهاجرين، وحرب صليبية على المسلمين منهم، تهدف الى حرمانهم من ابسط حقوقهم الانسانية... وهو ما يمكن ان يضمن لها في الدورة الاولى غداً نسبة من الأصوات تفوق بكثير ما يمكن ان تبلغه مرشحة حزب الخضر القاضية إيفا جولي. ليست معركة نسائية، لكن نجومها نساء لم يساهمن كثيرا في تحسين صورة البلد الذي سبق ان انجب اجمل فاتنات العالم وأشدهن إثارة... واللواتي لا يحتجن للتوجه غدا الى صناديق الاقتراع من اجل الاختيار بين رجال عاديين ينشدون السلطة، ويدّعون انهم فحولها. نقلا عن محطته الأخيرة في جريدة السفير اللبنانية
أين تقف المرأة العربية؟.
بقلم عبدالجليل زيد المرهون
    أين تقف المرأة العربية اليوم؟ كيف يبدو واقعها الاجتماعي؟ وأي دور تنهض به في الحياة العامة؟ وما هي أسباب التفاوت في واقعها بين قطر وآخر؟ بدايةً، يجب التأكيد أننا بصدد مشهد يتسم بقدر متعاظم من غياب الرؤية، لما يفترض أن تكون عليه حال المرأة العربية، وذلك يعود بالدرجة …لقراءة المزيد
    أين تقف المرأة العربية اليوم؟ كيف يبدو واقعها الاجتماعي؟ وأي دور تنهض به في الحياة العامة؟ وما هي أسباب التفاوت في واقعها بين قطر وآخر؟ بدايةً، يجب التأكيد أننا بصدد مشهد يتسم بقدر متعاظم من غياب الرؤية، لما يفترض أن تكون عليه حال المرأة العربية، وذلك يعود بالدرجة الأساسية إلى الخلط الملتبس، طويل الأمد، بين العرف والدين. وهو الأمر الذي أدى، في نهاية المطاف، إلى فرض منظومة عريضة من الأعراف الجامدة، على الحياة الاجتماعية، باسم الدين تارة، وباسم الأصالة تارة أخرى. المرأة العربية هي اليوم مهمشة اجتماعياً، وشبه غائبة عن التأثير في مجرى الحياة العامة. وهذا واقع ينطبق على الوطن العربي، من مشرقه إلى مغربه. وعلى الرغم من ذلك، فإن حال المرأة العربية تبقى متفاوتة، على أغلب الأصعدة، بين قطر وآخر. ويعود ذلك لأسباب عديدة، تاريخية وراهنة. وهذا على وجه التحديد ما يسعى هذا المقال لتسليط بعض الضوء عليه. في التشكيلات القبلية المحكمة، تبدو أدوات الضبط الاجتماعي على درجة من التضخم. ويبدو الفرد واقعاً تحت سلطة ذات طبيعة تراتبية، تفرض ظلها على حركته، وخياراته الخاصة والعامة. وفي وضع كهذا، تبدو المرأة أسيرة نسق مركب من الضغوط، الدافعة صراحة أو ضمناً نحو جرها بعيداً عن الفضاء الاجتماعي المفتوح مبدئياً، يُمكن تتبع واقع المرأة في الوطن العربي بين قطبين متباينين: يضم الأول تونس. ويضم الثاني اليمن. وتتوزع بقية الأقطار العربية بين هذين القطبين. واقع المرأة، الذي قصدناه في هذا التقسيم، هو تحديداً هامش الانفتاح الاجتماعي، المحفز للحريات الشخصية. والدافع باتجاه الانخراط في الحياة العامة. والممهد لولوج الأعمال الفنية والعامة ضمن سقوف مرتفعة. بداية، يجب التأكيد أن الانفتاح الاجتماعي لا يمثل، بحد ذاته، ضمانة للحريات الشخصية للمرأة بالمعنى النظامي للمصطلح. كما لا يقود هذا الانفتاح آلياً نحو تطوّر موقع المرأة في الحياة العامة، أو ولوجها مستويات مهنية متقدمة. وعليه، يجب عدم تحميل قضية الانفتاح الاجتماعي ما لا تحتمل. أي ما يفوق دورها الفعلي، أو الممكن، كعامل تحفيز للفرص والخيارات المتاحة للمرأة. السؤال هو: لماذا هذا التفاوت على صعيد واقع المرأة العربية بين قطر وآخر، ما دمنا نتحدث في الأصل عن أمة واحدة، ذات فضاء ثقافي واحد. وإطار جغرافي موحد أو مترابط؟ هناك سبعة عوامل فرضت هذا التباين في الفضاء الاجتماعي للمرأة العربية، بين قطر وآخر. وهذه العوامل هي: التكوين الجغرافي والإيكولوجي، وتماسك البناء القبلي من عدمه. والتاريخ السياسي، واتجاه حركة الرواد الأوائل، وتطوّر التيارات الفكرية والسياسية، وطبيعة خياراتها، والتنوّع الديني، وازدهار حركة الآداب والفنون الحديثة، سيما المسرح والسينما. لقد مارس كلّ من البناء الجغرافي والمعطى الإيكولوجي، دوره البارز في تشكيل التكوينات المهنية والحرفية لسكان الدول المختلفة. وهي تكوينات تباينت شكلاً ومضموناً بين الساحل والداخل، والريف والمدينة، والتلال والسهوب، كما وصفها العلامة ابن خلدون. واتساقاً مع هذه التكوينات، تباين دور المرأة في النشاط الاقتصادي، على نحو أسس لاحقاً لطبيعة موقعها في الحياة الاجتماعية، وحدد درجة انفتاحها على هذه الحياة، وحدود تسامح المجتمع معها. وبالانتقال إلى العامل القبلي، يُمكن الوقوف على علاقة عكسية أو صفرية، بين تماسك البناء القبلي من جهة، ودرجة الانفتاح الاجتماعي من جهة أخرى، ولاسيما تلك المرتبطة بالمرأة ودورها في الحياة العامة. في التشكيلات القبلية المحكمة، تبدو أدوات الضبط الاجتماعي على درجة من التضخم. ويبدو الفرد واقعاً تحت سلطة ذات طبيعة تراتبية، تفرض ظلها على حركته، وخياراته الخاصة والعامة. وفي وضع كهذا، تبدو المرأة أسيرة نسق مركب من الضغوط، الدافعة صراحة أو ضمناً نحو جرها بعيداً عن الفضاء الاجتماعي المفتوح، وأخذها إلى حيث الفضاء القبلي المغلق، المثقل بالأعراف والتقاليد الخاصة، المصطنعة غالباً. على صعيد عامل التاريخ السياسي للدولة، يُمكن ملاحظة أن التجربة الاستعمارية قد تركت بصماتها على العديد من أقطار الوطن العربي. وهناك ثلاث قوى أساسية فرضت سيطرتها على هذه الأقطار، هي بريطانيا وفرنسا وإيطاليا. وفي الموجة الأولى من السيطرات الاستعمارية على الشرق، كان هناك البرتغاليون والهولنديون، على وجه الخصوص. وعلى الرغم من ذلك، فإن الإرث الراهن للتجربة الاستعمارية في الوطن العربي، هو إرث بريطاني وفرنسي بالدرجة الأولى. لقد تمثل الفرق بين القوتين البريطانية والفرنسية في اهتمام الأولى، بصفة أساسية، بتأسيس تجربة بيروقراطية من الإدارة والمؤسسات. أما القوة الثانية، أي الفرنسيين، فقد سعت، إضافة إلى ذلك، إلى نشر الثقافة الفرنسية، من مداخل اللغة والصحافة والآداب. وكان لذلك، في نهاية المطاف، تأثيره على نظرة المجتمع للمرأة، ومقاربته لدورها في الحياة العامة. على صعيد العامل الخاص بحركة الرواد الأوائل، أو ما يُمكننا أن نصطلح عليه هكذا على نحو الإجمال، يُمكن ملاحظة تباين في نطاق واتجاه هذه الحركة، بين أقطار الوطن العربي. وهو تباين ساهم في التفاوت الراهن في الميول والخيارات، الخاصة بانفتاح المجتمع، ومرونته في النظرة إلى المرأة. وربما تكون مصر أكثر أقطار الوطن العربي التصاقاً بما اصطلح عليه بحركة الرواد، في شقها الخاص بقضية المرأة. وهي حركة تصارع فيها تياران أيديولوجيان متباينان. ولم يُقدر لأي منهما حسم معركته. وعلى الرغم من ذلك، فإن السجال الأيديولوجي حول المرأة امتد إلى كافة مدن وأرياف الوطن العربي. وقد افتقد هذا السجال في كثير من الأحيان معايير العلم. وحلّق عالياً، بعيداً عن واقع العرب ومتطلبات نهضتهم. وأياً يكن الأمر، فلابد لنا من القول الآن بأن ذلك السجال قد فرض بصماته على الرؤى والخيارات الخاصة بالمرأة ودورها الاجتماعي. وكانت بعض الأقطار العربية شديدة التأثر به. وغير بعيد عن قضية الرواد، بدت التيارات الفكرية والسياسية المؤطرة عامل تأثير كبيرا في تشكيل رؤية المجتمع للمرأة ودورها في الحياة العامة. وبدت منطقة الهلال الخصيب أكثر مناطق الوطن العربي تأثراً بالتيارات العابرة للأقطار والقوميات، على حد سواء. وقد فرضت هذه التيارات تجربتها على المجتمع، وأحياناً على الدولة أيضاً. وأسست تالياً لقناعات اجتماعية وسياسية، عكست نفسها على واقع المرأة، ودورها في الحياة العامة. على صعيد عامل التنوّع الديني، يُمكن ملاحظة أن الدول ذات المجتمعات التعددية قد شهدت، على نحو تقليدي، درجة كبيرة من الانفتاح فيما يتصل بالنظرة للمرأة. ونجد هذا الوضع على وجه خاص في دولة مثل لبنان. وكما التنوّع الديني، كذلك التنوّع العرقي، دفع هو الآخر في حالات معينة باتجاه منظور تعددي، غير أحادي، للمرأة ودورها في المجتمع. وينطبق هذا الوضع على بلد مثل الأردن. وفي حالات معينة، تزاوج التنوّع الديني بتنوع عرقي، كما هي الحال في مناطق شمال العراق، العربية والتركمانية والآشورية والكردية؛ حيث بدت المرأة هناك في وضع اجتماعي متقدم نسبياً، قياساً ببقية المناطق العراقية. وعلى الرغم من ذلك، فإن التنوّع الديني لم ينهض في دولة مثل مصر بذات الدور الذي نهض به في لبنان والعراق. ويعود ذلك جزئياً، إلى حالة الاستقطاب التي حكمت تقليدياً العلاقة بين الفرقاء الدينيين هناك. والتنوّع الديني في أية دولة هو في التحليل الأخير تنوّع حضاري، ربما يكون ممتزجاً بتنوّع عرقي أيضاً. على صعيد عامل حركة الآداب والفنون الحديثة، يُمكن التأكيد على دور كبير لعبته هذه الحركة في كافة أرجاء الوطن العربي، باتجاه التأكيد على دور المرأة في الحياة الاجتماعية، والنهوض بواقعها الحياتي والثقافي. إن العوامل السبعة سابقة الذكر، هي التي حددت درجة الانفتاح الاجتماعي، في بُعده المتصل بالمرأة ودورها في الحياة العامة. وحيث إن هذه العوامل متفاوتة بين قطر وآخر، فقد بدا واقع المرأة العربية متفاوتاً هو الآخر. إن ما سبق ذكره يؤكد أن مسؤولية المثقفين العرب لا تزال كبيرة، على صعيد النهوض بواقع المرأة العربية، وتأكيد حقوقها الشخصية والعامة، دونما أي انتقاص. وفي هذا الإطار، ثمة حاجة إلى جهد استثنائي، ينبه إلى خطورة الخلط العشوائي بين الدين والعرف. خاصة وقد أصبح العرف، في حالات عديدة، متدثراً بالدين، عنوة وزوراً. إن المرأة العربية تستحق واقعاً أفضل من الواقع الذي هي عليه، ليست بما هي "أخت الرجال"، بل باعتبارها كائناً آدمياً قائماً بذاته، يمثل نصف المجتمع، وجناحه الآخر، الذي لا ينهض بدونه ولا يرتفع. وعلينا أن نهتدي بتاريخنا المضيء والتليد. وتجربة جوارنا المسلم، وخاصة تركيا وماليزيا. ويُمكن أن نتأمل كذلك في الكيفية التي استطاعت بها الجاليات العربية في الغرب من المزاوجة بين الدين والعصر، وكيف تعيش المرأة العربية هناك حياة الأصالة والحداثة معاً. نقلا عن جريدة الرياض السعودية
''ذاكرة الجسد'' •• بين المسلسل والكتاب :بطلة الربع الساعة الأخير!
بقلم فاطمة بريهوم
هل يملك الكاتب أن يتدخل في التأويلات التي تلحق بكتابه بعد أن يخرج من أدراجه وملفاته؟ وهل له أن يتأسف عن فهم الآخرين إذا لم يتفق مع توقعاته؟ فصدق من قال: ''إن نشر ما نكتب كالرصاصة إذا انطلقت لا تعود''· ربما هذا ما حدث لرواية التف حولها القراء العرب وتابعوا أخبارها، وفرحوا بأنهم سيرونها على …لقراءة المزيد
هل يملك الكاتب أن يتدخل في التأويلات التي تلحق بكتابه بعد أن يخرج من أدراجه وملفاته؟ وهل له أن يتأسف عن فهم الآخرين إذا لم يتفق مع توقعاته؟ فصدق من قال: ''إن نشر ما نكتب كالرصاصة إذا انطلقت لا تعود''· ربما هذا ما حدث لرواية التف حولها القراء العرب وتابعوا أخبارها، وفرحوا بأنهم سيرونها على حلقات، فيكتشفون وجه الكاتبة من زاوية أخرى، ويتطلعون إلى رؤية المخرج والسيناريست وطريقتهما في تناول موضوع غلبت عليه الجملة الشعرية على حساب تفاصيل السرد المهمة التي ترصد روح الأمكنة وأغوار الشخوص·· وهي تفاصيل في رواية ''ذاكرة الجسد'' تحدثت عن المكان - قسنطينة- دون الخوض في خصائصه ربما استعجالا أو جهلا أو اعتمادا على مخيال رسم مدينة كما تمنى أن يراها أو كما رسمها مالك حداد؛ فالرواية نفسها - مثلا لا حصرا- تفصل في لقاء في إحدى قاعات الشاي بحي الأمير عبد القادر ''فوبور لامي'' في كتابات مالك حداد وهو الحي الذي سكنه الكاتب وكان حقا إبان الفترة الاستعمارية حيا راقيا· أما إبان الفترة التي تناولتها الكاتبة فهو مجرد حي شعبي - على حد علمي ومعرفتي بالمدينة بوصفي من ساكينها لا يتوفر على هذا النوع من القاعات لا في ثمانينيات القرن الماضي ولا حتى الآن بعد أن تخلص من أكواخه القصديرية - فهل لنا بعد ذلك أن نلوم ''ريم حنا'' أنها أسقطت معرفتها بمشاكل المجتمع الجزائري الحالية على تلك الفترة؟ شخصيا أرى أنها برعت في تحويل رواية هي مجرد صدى لرجل يقص حكاية حبه للجزائر التي وهبها يده وامرأة حاول من خلال علاقته بها أن يستعيد ما ضاع منه إلى مسلسل طالت أحداثه وشغلتنا برغم ما وقع فيه الممثلون من عثرات لغوية كان لمراجع أن يجعلهم يتفادونها· فالحوار الداخلي للرواية لا بد قد جعل تجسيد تلك الأحداث حتى وإن كانت بطيئة ولا تتلاءم مع الروح الجزائرية وعاداتها أحيانا ولهجتها التي اختلطت باللهجة التونسية أمرا ليس سهلا وقد اتضح ذلك جليا عند الكثير من الممثلين عدا ''عتيقة'' التي ربما هناك من يوافقني على أنها الدور الأكثر قربا من امرأة جزائرية ماكثة بالبيت وقسنطينية تحديدا بعفويتها وخفتها وكرمها والتي لم نكن نحتاج إلى أن نعرف معها أن المرأة هي المرأة في كل الثقافات والمجتمعات· فما هي المآخذ التي أخلّت بالسيناريو؟ بداية أشير إلى أن نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات كانت فترة انفتاح في الجزائر برغم كل التجاوزات، فقبل الأزمة الاقتصادية العالمية، وقبل اتهامه بأنه من صدر الإرهاب للمجتمع لم يكن الأستاذ مسكينا ومغلوبا على أمره بل في أعلى درجات الهرم الوظيفي والاجتماعي، أيضا فيما يخص اللهجة التي استعانت بها السيناريست لإضفاء الخصوصية الجزائرية على الحوار وللذين يعرفون تلك الفترة لم نكن نستعمل كلمة ''نورمال'' فهي نتاج مرحلة الفجائع وغياب القيم؛ فوقتها كان الجزائريون يعرفون ما هو صح ويفرقونه عن الخطأ فلا يتساويان أبدا، ثم ''قندورة القطيفة'' القسنطينية التي لبستها حياة في عرسها هي من آخر المستجدات المستحدثة على هذه ''القندورة'' ولم تكن في تلك الفترة أيضا ولا أغنية ''قسنطينة هي غرامي'' فهي من أغاني التسعينيات، وكم تمنينا لو أن المخرج فصّل في كيفية تحضير عرس جزائري وتميزه بما أن المسلسل هو في الأول والأخير تصدير لتاريخ الجزائر التي يصرّ العرب على أن لا يروا منها إلا ثورة التحرير المظفرة، تماما كما أبدع في تقديم قسنطينة المتميزة عن كل مدن العالم بتضاريسها وعراقتها التي ظلمتها السناريست وهي تجعلها مدينة صغيرة على لسان حسان المتحمس للإنتقال إلى العاصمة· فقد تكون صغيرة بمساحتها وقبل أن تريف- عمدا أو سهوا- كانت قسنطينة بجامعاتها ومعاهدها وتحضرها - ومازالت- أمنية كل الزوار· عزاؤنا أن ريم حنا لم تتعرف على تاريخ الجزائر كفاية، لا سيما قسنطينة التي هي جوهرة المسلسل؛ مدينة البايات والسلاطين والعلماء· كذلك فيما يخص مراسم الجنازة، فقد كانت قريبة إلى المشرق أكثر منها إلى تقاليدنا· أما فيما يخص ما أراه إيجابيا وأزاح عن الرواية انحيازها إلى شخصية محورية فقد تناولت ''ريم حنا'' نساء غير بطلة الرواية حياة وربما هذا ما ألّب عليها أحلام مستغانمي التي أحبّت أن تحافظ على بطلتها المرأة الوحيدة -كمسلسل مصري أو مكسيكي- جميلة يحيط بها الرجال ويتقاتلون من أجل الفوز بها· فقد رأينا مثلا كيف أن ''فريدة'' التي حاولت ''حياة'' تحطيمها تحولت إلى امرأة صقلها الحب وجعلها تحمي بصدقها علاقتها مع ابن عمها وتضحي من أجل أن تعيش خيارها وتتحدى إرادة والدها، بل وتتحول إلى امرأة تنشر الوعي الصحيح بين من عبأهم فكر ذو نظرة أحادية يتبنى العنف لفرض وجهة نظره· في حين لم نر في بطلة الرواية إلا امرأة متناقضة لا تعرف ما تريد، فهي تكتشف أنها أحبّت خالد ربما التصاقا بماض يمثل أباها لكنها لا تقدر وهي المرأة الكاتبة والمتفتحة والتي من المفترض أنها تملك فكرا حداثيا أن تتخذ موقفا من زوجها بل تحب ما يقدم لها من امتيازات وحماية· لقد أقلب السيناريو بذكاء بنية الرواية وحينها بالتبشير بحلول جميلة ربما تكون متطرفة في بعض الأحيان لا سيما في تخلي خالد عن مخادنته وهو قطيعة واضحة مع ثقافة غريبة قد تكون ريم حنا أرادت بها أن تؤكد بعد الجزائر العربي، فمكنتنا من متابعة تفاصيل المسلسل البطيئة لا سيما فيما تعلق بشق خالد وهو أمر أراه ملائما وطبيعيا لرجل وحيد يعيش على الذكريات ليجسد هامشا جزائريا يفضح ما تعرض له بعض المجاهدين من التهميش بسبب من سرقوا من الثورة مبادئها وغاياتها، وهو هامش يمكن إسقاطه على كل الأنظمة الفاسدة، لكن ولأن الأسُود لا يمكن إلا أن تكون قوية، فإنه ببطولة ليست أخيرة يفاجئنا بخياره في الأخير بالعودة لتحرير الجزائر من الظلامية والدموية، ولعل إحباطه أيضا هو ما جعل البطء والسكون ضرورين: كيف لا وقد استطاع المخرج أن ينسينا فراغه بتلك الصور الجميلة - رغم أنها كما عاشت في ذاكرة خالد صور ثابتة - عن قسنطينة وباريس، وبموسيقى من زمن جميل من الأغاني الرائعة لإديث بياف، وجو داسان كانت بحق خلفية ذات ذائقة منسية إبتعد عنها العالم بهذا الصخب الجديد· فلماذا لم تتحرر روائيتنا من ذاكرتها وظهرت في آخر المسلسل بطلة الربع الساعة الأخير؟ نقلا عن الجزائر نيوز
الجذور التاريخية لثقافة قتل الأطفال
بقلم  حسين محمد حسين
كتب : حسين محمد حسين ذكرنا في الفصل السابق العمليات الأساسية التي ساهمت في انتشار ثقافة إيذاء الأطفال أو قتلهم، وذكرنا أن العملية الأولى بدأت، على الأرجح، بقتل الإناث وهي عادة انتشرت قديماً في العديد من الثقافات، وفي هذا الفصل سنحاول توضيح الجذور التاريخية أو مرحلة التأسيس لثقافة قتل الأطفال. …لقراءة المزيد
كتب : حسين محمد حسين ذكرنا في الفصل السابق العمليات الأساسية التي ساهمت في انتشار ثقافة إيذاء الأطفال أو قتلهم، وذكرنا أن العملية الأولى بدأت، على الأرجح، بقتل الإناث وهي عادة انتشرت قديماً في العديد من الثقافات، وفي هذا الفصل سنحاول توضيح الجذور التاريخية أو مرحلة التأسيس لثقافة قتل الأطفال. المرأة بوصفها آلة إنتاج للأطفال تناولنا في سلسلة سابقة دور المرأة في البدايات الأولى لتكوين النظام الأسري وقد ذكرنا دور المرأة في تلك الحقبة والأعمال المناطة بها وأنها كانت محور الأسرة التي تجتمع حوله الأولاد، ويلاحظ هنا أنه بالإضافة لمهمات المرأة المناطة بها كان ينظر لها أن وظيفتها الأساسية هي إنجاب الأطفال، هذه النظرة استمرت لآلاف السنين، وحتى ضمن الحضارات العريقة كان ينظر للمرأة بالنظرة ذاتها: «كانت نساء أثينا ملكاً لرجالهن يورثن كما تورث البيوت والعبيد والماشية. كان وجودهن يعتبر عدماً وبلا معنى إلا لخدمة غرضين تحيا النسوة وتموت لأجلهن... الأمومة... والخدمة العامة لرعاية الرجل والعائلة... وبذلك انحصرت آمال المرأة وحياتها في التطلع إلى الحصول على الذكر الذي يمنحها الطفل والبيت لتثبيت وجودها في المجتمع وتحس بقيمتها التي اختصرت على هذه الأهداف»، (جمهورية أفلاطون، المنياوي، 2010م، ص 120 – 121). ومنذ حقبة تلك «الحضارات» العريقة اعتبرت المرأة أساس الخطيئة وأنها هي التي تغوي الرجال، وقد انتقلت هذه الأفكار إلى الرومان، التي اقتبستها حرفياً بل وشرعت لعواقب بشعة ضد المرأة التي تخرج عن هذا العرف، وقد كان قسطنطين، أول إمبراطور مسيحي، أول من شرع أن تعاقب المرأة التي تتحدث لرجل لا يوافق عليه أبوها، وقد كان عقابها الموت وذلك بصب رصاص مصهور في فمها (deMause 2010، p. 174). وبعد أكثر من ألف عام من هذا الوصف بقي حال المرأة على ما هو عليه، بل إن الكلمات ذاتها كانت تعاد لوصف حال المرأة عبر العصور، ففي العصور الوسطى كانت المرأة تُذكَر دائماً بوضعها الوضيع وأن لا قيمة لها، وأنها أساس الخطيئة، وقد كانت الفتاة تعاقب وتضرب بشدة لأتفه الأسباب (deMause 2010، p. 173). الفقر وتحديد النسل من أكبر المشاكل التي واجهت شعوب العصور القديمة هي عملية تقنين النسل، وكان أبسط حل لتفادي حدوث مجاعة هو قتل الأطفال، وفي الغالب كانت تقتل الإناث بصورة أساسية فذلك سيخفض عدد الأفراد وسيقلل من أعداد الأمهات المستقبلية (Mungello 2008، p. 2). بقيت مشكلة تحديد النسل ردحاً طويلاً من الزمن تشغل عقول الناس في مختلف الثقافات التي بدأت تبتكر طرقاً مختلفة لذلك، إلا أن حل قتل الرضع حديثي الولادة هو الحل الأمثل عند عدد من الجماعات الشعبية القديمة وفضلته على الإجهاض؛ لأنه لا يشمل المجازفة بحياة الأم بالإضافة إلى أنه بالإمكان معرفة جنس المولود قبل قتله، وربما لا يقتله في حال كان ذكراً (Laughlin 1994). على سبيل المثال في الصين ومنذ القرن الحادي عشر كان المزارعون الفقراء يعيشون بقاعدة معينة وضعوها لأنفسهم وهي أن يربوا ثلاثة أطفال كحد أقصى، ولدان وبنت واحدة، وما زاد على ذلك يجب أن يقتل (Mungello 2008، p. 6). حتى في أوروبا عاشت العديد من الجماعات الشعبية على هذا المنوال، وعندما أصبح هناك قانون يجرم قتل الأطفال بدأ عدد من الكتاب يبحث عن طرق تحديد النسل، وقد اقترح Malthus في العام 1798م فكرة الزواج المتأخر كحل لتحديد النسل (Coleman 1976). من هنا نستنتج أن ثقافة قتل الأطفال بدأت منذ الحقب القديمة كطريقة لتحديد النسل، وقد وقع الخيار في بادئ الأمر على الأنثى؛ وهكذا أسس أسلاف صانعي الحضارات العريقة أبشع جريمة في تاريخ البشرية. وسوف نتطرق هنا بصورة سريعة لثقافة قتل الأنثى في عدد من الثقافات. إغراق الإناث في الصين تعتبر الصين من أقدم البلدان التي وثقت فيها عملية قتل الأطفال منذ الألف الأول قبل الميلاد وحتى القرن العشرين، وخلال هذه الحقبة الطويلة من الزمن ابتدع الصينيون العديد من طرق قتل الأطفال الحديثي الولادة، وخصوصاً الإناث، وأشهر تلك الطرق هي طريقة إغراق الطفلة في دلو كبير مليء بالماء، ولمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع لكتاب (Mungello 2008) المعنون Drowning Girls in China. «وأد البنات عند العرب» انتشرت عادة وأد البنات، أي دفنهم أحياء، في عدد من القبائل العربية قبل الإسلام مثل تميم وأسد وبكر وكنده وقريش. ولم تكن كل العرب تأد البنات فقد كان هناك من العرب من كان يحيي الموؤدات أي يمنع وأد البنات وذلك عن طريق شراء البنت من والدها، وكان من أهم أسباب إقدام الرجل على وأد ابنته هي: خشية الفقر وخشية العار من سقوطهن أسرى في يد الأعداء، وقد اختلف الباحثون حول تاريخ الوأد لكن معظمهم يرجعها لغزوة النعمان بن المنذر ملك الحيرة على قبيلة بني تميم حينما امتنعوا عن دفع الضرائب فحاربهم واستولى على أموالهم ونسائهم، فكلّموه في إرجاع نسائهم، فقرر أن تختار المرأةُ نفسها العودة أو البقاء، فاختار بعضهن البقاء وعدم العودة إلى أهاليهن، وخاصة بنت قيس بن عاصم الذي نذر أن يدسّ كلَّ بنت تُولد له منذ ذلك الوقت؛ وبذلك انتشرت عادة وأد البنات بين تميم، وأخذتها بقية القبائل (السيرة المحمّدية، السبحاني، النسخة الإلكترونية صفحة 251). قتل الأطفال في أوروبا انتشرت عادة قتل الأطفال في العديد من مناطق أوروبا منذ حقب قديمة ومروراً بحقبة نشأة الحضارات كالحضارة اليونانية وخصوصاً في سبارتا، وقد ورث عنهم الرومان هذه العادة (Coleman 1976)، واستمر الوضع حتى العصور الوسطى، ويعطي deMause في بحثه «Bipolar Christianity» صورة المرأة في العصور الوسطى فيذكر أنها كانت تعتبر تلوثاً خطيراً وعليه كانت تقتل أو تترك أو لا تغذى جيداً أو تغتصب أو بأقل تقدير لا تعامل كما يعامل الذكر من حيث الاهتمام والتغذية، ويذكر الكاتب جملة كانت مشهورة عن الأنثى «اجعل غذاءها دائماً يجعلها جائعة». وقد كانت الفتاة المسيحية دائماً تُخبر بأن ليس لها قيمة. أما من كان يعتني بالفتيات في تلك الحقبة فكان يأمرها دائماً أن تحمل معها سكيناً لتدفع عن نفسها المغتصبين الذي يجوبون الشوارع؛ حيث إن اغتصاب الفتيات في تلك الحقبة كان شائعاً (deMause 2010). ومن الكتب التي وثقت حالة المرأة في القرون الوسطى كتاب «Women in Medieval society» الذي صدر العام 1976م الذي يضم عدداً من البحوث لعدد من الكتاب منها بحث Emily Coleman المعنون Infanticide in Early Middle Ages. وقد اعتمد Coleman على تحليل الدراسات الديموغرافية القديمة لمنطقة باريس وما حولها أي Ils-de-France؛ حيث كان هناك اهتمام كبير في إجراء هذه الدراسات من قبل العديد من كتاب تلك الحقبة، وتشير أرقام دراسة أجريت في إحدى المناطق الفرنسية في القرن التاسع الميلادي إلى أن نسبة الذكور للإناث أكثر من اثنين إلى واحد في العائلات التي تضم عدداً كبيراً من الأفراد، بينما يقل الفارق في النسبة كل ما كبر حجم المزرعة التي تقطنها العائلة، ويرى Coleman أن هذه النتائج طبيعية ففي المزرعة الكبيرة هناك حاجة للعديد من النساء لتقوم بالعديد من الأعمال، ولا تمثل المرأة في هذه الحالة عبئاً على العائلة، بينما في العائلات الكبيرة والتي لا تمتلك مزرعة كبيرة ستمثل المرأة عبئاً، وعليه فإن الكاتب يرجح أنه تم التخلص من المواليد الإناث؛ حيث إن قتل الأطفال، وخصوصاً الإناث منهم، لم يكن بالأمر الغريب عن تلك الحقبة. التواطؤ الجماعي لقتل الأطفال حتى القرن الثامن الميلادي كان الإجهاض شائعاً وكانت تعاقب المرأة التي تجهض نفسها بالصيام لمدة عامين، وفي القرن التاسع شددت العقوبة للصيام لمدة عشرة أعوام وكان هذا العقاب متعارف عليه في باريس. ويؤكد Coleman أن العامل الاقتصادي هو العامل الأساسي وراء إجهاض النساء وقتل الأطفال، ولكن مع تشديد العقوبات بدأت العديد من الأمهات حينها بترك أطفالهم على أبواب الكنائس، حينها بدأت الكنيسة بتخفيف عقوبة قتل الأطفال وخصوصاً للنساء الفقيرات (Coleman 1976)، ويبدو أن هذا نوعاً من التواطؤ المبطن من قبل الكنيسة التي أهملت قضايا قتل الأطفال حديثي الولادة والذي كان يحدث وكأنه حدث روتيني في القرون الوسطى، والذي أهملته حتى المحاكم واستمر ذلك حتى القرن الثامن عشر، وفي القرن الثامن الميلادي كانت أقصى عقوبة للأم التي تقوم بقتل طفلها حديث الولادة هي حرمانها من دخول الكنيسة لمدة أربعين يوم (deMause 2010، pp. 178 - 179) عن جريدة الوسط نيوز
"ساعي بريد نيرودا".. نثرٌ يتَّقد بنارِ صبرِ شعرٍ متأجج
بقلم علي حمد
يقدم الروائي التشيلي أنطونيو سكارميتا في روايته القديمة الجديدة "ساعي بريد نيرودا" مجموعة مصادفات شعرية تفيد أن صحافياً تضطره ظروف العمل للرضوخ إلى سلطة صاحب الجريدة التي يعمل فيها، فيدخل في دوامة عمل يقلل من حماسه لإصدار روايته الأولى التي لا يعرف هو نفسه ما الذي ستتضمنه، ويتأجل المشروع مرة وراء …لقراءة المزيد
يقدم الروائي التشيلي أنطونيو سكارميتا في روايته القديمة الجديدة "ساعي بريد نيرودا" مجموعة مصادفات شعرية تفيد أن صحافياً تضطره ظروف العمل للرضوخ إلى سلطة صاحب الجريدة التي يعمل فيها، فيدخل في دوامة عمل يقلل من حماسه لإصدار روايته الأولى التي لا يعرف هو نفسه ما الذي ستتضمنه، ويتأجل المشروع مرة وراء أخرى حتى تأتيه الفرصة مع طلب صاحب الجريدة منه أن يجري حواراً مع بابلو نيرودا. ... هنا يخرج الصحافي من الحدث، ليصبح راوياً لحكاية صبي البريد الذي ليس لديه سوى زبون واحد، هو الشاعر نيرودا، حيث إن قرية الصيادين التي يسكن الشاعر على أطرافها لا يتلقى أفرادها أي رسائل، أو أنهم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون. تتدحرج العلاقة بين الفتى ابن السابعة عشرة "ماريو خيمينيث" والشاعر، حتى يجد الفتى نفسه مستدرجاً كي يصبح شاعراً وراوياً لأشعار نيرودا لفتاته التي أغرم بها؛ والفتاة "بياتريث غونثالث" بدورها تقع أسيرة جمل شعرية لا قبل بفتاة السادسة عشرة على مقاومة سحرها.. "قال لي إن ابتسامتي تمتد مثل فراشة على وجهي.. قال لي إن ضحكتي وردة، حربة تتشظى، ماء يتفجر. قال إن ضحكتي موجة فضة مباغتة.. قال لي: يلزمني وقت طويل لأحتفل بشعرك، يجب أن أعده وأتغزل به شعرة شعرة..".. وحين تجادلها الأم في أن الفتى يخادعها بمعسول كلام بلا رصيد، ترد الفتاة "لا يا أماه! إنه ينظر في وجهي فتخرج الكلمات من فمه كأنها العصافير". لكن الحدث في الرواية لا يقف عند حدود قصة حب واستعارات شعرية، فالحدث السياسي يشكل الحامل الأساسي للحبكة الروائية، عند صعود الحزب الديمقراطي المسيحي للحكم، وفوز إيزابيل الليندي بالرئاسة كأول رئيس ماركسي يُنتخب ديموقراطياً، ليتشابك حدث زواج ماريو وبياتريث، بعدما تلاشت ممانعة أمها، مع تعيين بابلو نيرودا سفيراً لبلده تشيلي في باريس، ليصل الأمر حتى الانقلاب العسكري للجنرال أوغوستو بينوشيه برعاية المخابرات الأميركية، حيث لا يُستحب وجود حكومة شيوعية في أميركا اللاتينية، الحديقة الخلفية للبيت الأبيض الأمريكي. ولا تقتصر الرواية على منمنمات من أشعار نيرودا، فالروائي نفسه صاحب نفس مسرحي مذهل، وتظهر براعته في تسكين لحظات الحوار الصاخب بقرع صنوج صادم يكتم قرقعة ضجيج الكلام بنوع من الذكاء اللماح، الذي يتبارز في أحيان كثيرة مع الإيقاع العالي للمقاطع الشعرية التي تتواشج في النصف الأول من صفحات الرواية مع الكلام العادي لناس عاديين لا تنقصهم خبرة كلام الحياة، حيث البلاغة هي ميراث الأيام عند الشعوب في أبرز ممثل لها، وهي الأمثال الشعبية العابرة للألسن والقارات والأجناس. إذاً، فالرواية مزيج من تاريخ حقيقي صنعته تشيلي، في السياسة، ومن تاريخ شفاهي عبر تفاصيل قصة ساعي البريد الذي يحمل يومياً كيلوغرامات من الرسائل والبرقيات لزبونه الوحيد الشاعر بابلو نيرودا، ومن تاريخ أدبي تلفظه ألسنة كلمات الشاعر التي حازت جائزة نوبل للآداب عام 1973، ومن خيال روائي مسرحي موسيقي جعل الرواية وصاحبها هدفاً لكل مقتبس ذكي. ومن هنا ضجت مسارح العالم، بما فيها العربية، بعروض متكررة للمسرحية المقتبسة من الرواية.
روايــة الحــرب.. ذكريـــات تصلــح للكتابـــة
بقلم ليلى قصراني
ليلى قصراني يُعتبر أدب الحرب صنفاً مهماً بكل أشكاله نظراً لتعامله النفسي المباشر مع الحرب وتداعياتها كونها حدثا مرتبطا بالموت الذي يهيمن دائما على الثيمات التي يتناولها الأدب ، تحديدا الرواية فالموت دائما حاضر في الرواية الى جانب مواضيع أخرى مهمة كالحب. فمن "الحرب والسلام" إلى "لمن تقرع الأجراس" …لقراءة المزيد
ليلى قصراني يُعتبر أدب الحرب صنفاً مهماً بكل أشكاله نظراً لتعامله النفسي المباشر مع الحرب وتداعياتها كونها حدثا مرتبطا بالموت الذي يهيمن دائما على الثيمات التي يتناولها الأدب ، تحديدا الرواية فالموت دائما حاضر في الرواية الى جانب مواضيع أخرى مهمة كالحب. فمن "الحرب والسلام" إلى "لمن تقرع الأجراس" و " وداعاً للسلاح " هناك قائمة طويلة بما كـُـتب وما يزال يُكتب عن الحروب والمعارك. بعض الروائيين لم يكتفوا بالحروب على كوكبنا فوصل بهم الأمر إلى تخيل معارك خيالية كما حصل في روايات كثيرة منها رواية "سيد الخواتم"  للكاتب جي  آر تولكين على سبيل المثال لا الحصر. قليلة هي الروايات التي كـُـتبت عن الحرب العراقية ـ الإيرانية  وعن حرب الخليج 1991 فما أن توقف إطلاق النار مع ايران   وتهيأ العراقي لخلع البزة العسكرية حتى وجد نفسه أمام غزو الكويت الذي أعقبته  مباشرةً  حرب الخليج الثانية وما خلفته من سنوات حصار وهجرات . هكذا فجائع ساهمت في تغيير حساسية المثقف العراقي للكثير من الأمور، بل غير الحصار البعد المكاني للكاتب فقد تنقل من مكان إلى آخر بعد مروره بظروف معيشية قاسية ما جعل الكتابة أمراً ثانوياً في حياته أمام شروط البقاء ليوم آخر. بعد الغزو الأمريكي للعراق في 2003 الذي فاقت مآسيه الحربين السابقتين، وجد الكاتب نفسه أمام معارك مباشرة وتجارب شخصية  دون أن يتسلمها منقولة من طرف آخر كما حدث في الحربين السابقتين. أيضا نرى شحة في الروايات المكتوبة بالعربية والإنجليزية التي تناولت الغزو الأمريكي  للعراق ولعل سبب هذا يعود الى أن تفاصيل الحرب هذه لا يمكن ترجمتها  إلى نص سردي بعمق إنساني إلا بعد مرور بعض الوقت.  فالعراقي (والعربي عموما)  ما زال تحت وقع صدمة الغزو وما أن يتم تجاوزها سيبدأ بوضع خبرته على الورق ليقدم لنا  هذه الحرب بكل تأنٍ بعيداً عن كل التشنجات المتوقعة  خصوصا حين  يبدأ جيل جديد في توظيف هكذا غزو بدون الخوف من الرقابة أو التابوهات الأخرى التي تعامل معها الكتاب أيام النظام السابق. الكتابة عن الحرب (بينما المعارك ما تزال قائمة) تعطي  انطباعاً ثورياً  وعظياً واضحا ، الأمر الذي يفسد مناخ الرواية ويضعها بشكل أو بآخر خارج خندق الأدب.  بينما الروائي الذي يكتب بعد انتهاء الحرب بفترة زمنية معينة يتعامل مع  مخلفات الحرب على أنها ذكريات صالحة للكتابة  وأن كل ما يتبقى منها هو مادة خام  مطبوعة  سيوظفها بعد زمن معين في منتج سردي بعيداً عن مؤثرات الظروف الآنية، فالكاتب الذكي هو الذي يكتب عن الحدث بعمق آثاره خارج الشرط الآني بموضوعية متجاوزا الصدمات النفسية والانحياز لطرف ما واللغة الانفعالية التي يمكن أن تتسلل للنص المنتج في لحظة الحدث. أصدرت هيلين بينديكت في عام 2011 رواية "ملكة الغبار" Sand Queen التي تدور أحداثها عن مجندة أمريكية شابة من ولاية نيويورك  تلتحق بالجيش الأمريكي لتنتهي في معسكر في العراق  وهناك تواجه معركة اخرى مع عالم الرجال الفتاك. تتعرف البطلة على نعيمة جاسم، ابنة طبيب عراقي، والتي صارت نوعا من العزاء للبطلة في الصحراء كونها شاركتها بعض مشاكلها الخاصة. بشكل عام، هذه الرواية  تقدم  مأساة المرأة في بيئة الحرب بدون أن تتناول موضوعة الحرب بكل تفاصيلها المأساوية. كما  أصدرت أنعام كجة جي ، صحفية وكاتبة عراقية مقيمة في باريس ، رواية الحرب بعنوان "الحفيدة الأمريكية"  عام 2009  وهي رواية متعجلة  في أحداثها بل سريعة في سردها  وكأن الكاتبة قد  أنجزتها في فترة قصيرة نسبيا.  هذه الرواية بالذات كان من الممكن أن تكون من أجمل الروايات لو تأنت الكاتبة كجة جي  في كتابتها وركزت على بعض الجماليات في الرواية التي ـ للأسف ـ مرت بها بعجالة . تضمنت "الحفيدة الأمريكية" الكثير من الأخطاء الفادحة التي كان من الممكن تجنبها وفيها الكثير من الفجوات والقفزات التي تترك القارئ في حيرة من أمره. من أشهر روايات الحرب التي يتذكرها القارئ  اليوم هي تلك التي تمت كتابتها ونشرها بعد انتهاء الحرب بأعوام عديدة ، مثل رواية الكاتب الأمريكي جوزيف هيللير   Catch -22 "خديعة -22". يسخر هيللير في هذه الرواية من فكرة التضحية بالنفس والموت من أجل الوطن. نشرت هذه الرواية سنة 1961  وتدور أحداثها في جزيرة ايطالية في البحر الأبيض المتوسط عن عسكري في الجيش الأمريكي يقاتل بمدفعية من طائرة مقاتلة أثناء الحرب العالمية الثانية . يوساريان، بطل الرواية يقول عن نفسه بأنه  "آشوري الأصل"  وكل همّه هو الإعفاء من الخدمة العسكرية بسبب مخاوفه من أن يُقتل فيدّعي الجنون لكنه في النهاية يهرب إلى السويد وتنتهي الرواية بأن ليس هناك مفر من الخدمة العسكرية وتلك هي خديعة-22 (وهذا مصطلح  قد قدمه جوزيف هيللير في روايته ليصبح من المصطلحات المتداولة اليوم في الحياة اليومية في الولايات المتحدة الأمريكية وأترجمه هنا بـ "استحالة المقدرة على الخيار بين حلين كلاهما عسيرين!" وقد صنفت هذه الرواية ضمن أفضل مائة رواية في القرن الماضي.  بعد نهاية الحرب الفيتنامية بسنين عديدة ، كتب تيم أوبراين مجموعته القصصية التي تضمنت قصصا ارتبطت الواحدة بالأخرى حتى بدت وكأنها حكاية واحدة بعنوان  " الأشياء التي حملوها" The Things They Carried  . نشر هذا الكتاب سنة 1990 وتناول أوبراين فيه  الأشياء التي  حملها  الجندي الأمريكي معه من أسلحة ومعلبات ورسائل وصور أثناء تواجده رغماً عنه في فيتنام .  والآن وقد انسحب الجيش الأمريكي من العراق، نأمل بظهور روايات عن هذه الحرب التي صارت جزءا من التاريخ وقد تصل هذه الروايات الى مستوى رواية هيللير أو لا ولكن على الأقل سيبقى القارئ يتذكرها بعد سنوات طويلة. نقلا عن جريدة المدى
هوس محاربة بعض المسلمين لجسد المرأة لم يعد محتملا
بقلم نقلا عن الأنباء الكويتية
ثمة سلسلة من الاحتجاجات النسوية الصادمة بدأت تنتظم وسط مسلمات يعتقدن أن مجتمعاتهن أو أنظمتهن تحجر حرياتهن وتميز ضدهن باسم الدين. والآن ـ بمناسبة يوم المرأة العالمي ـ ظهرت مجموعة من الإيرانيات عاريات على شريط فيديو وصفحات رزنامة، حيث أقدمت مجموعة من الإيرانيات على تصوير شريط فيديو يظهرن فيه عاريات، …لقراءة المزيد
ثمة سلسلة من الاحتجاجات النسوية الصادمة بدأت تنتظم وسط مسلمات يعتقدن أن مجتمعاتهن أو أنظمتهن تحجر حرياتهن وتميز ضدهن باسم الدين. والآن ـ بمناسبة يوم المرأة العالمي ـ ظهرت مجموعة من الإيرانيات عاريات على شريط فيديو وصفحات رزنامة، حيث أقدمت مجموعة من الإيرانيات على تصوير شريط فيديو يظهرن فيه عاريات، ترويجا لرزنامة تحمل صورهن وهن على هذا الحال. وتقول هؤلاء النسوة، اللواتي يعشن في أوروبا، ان الغرض من هذا كله هو لفت الأنظار الى قمع الحريات الذي تمارسه السلطة في بلادهن ضد مواطنيها. وقالت الصحافة الغربية التي أوردت النبأ ان الرزنامة والفيديو من بنات أفكار الناشطة الإيرانية مريم نمازي، وبدأ توزيع الرزنامة وبث الفيديو الخميس الماضي في يوم المرأة العالمي. ويأتي هذا التطور في أعقاب نشر صور عارية جزئيا لعازفة البيانو والممثلة السينمائية الإيرانية غولشيفته فرحاني أثارت غضبا عارما في صفوف النظام الإيراني، الذي حظر عودتها الى البلاد في يناير الماضي. ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «ديلي بيست» الأميركية قول هذه الممثلة الشهيرة انها نشرت الصور«احتجاجا على القيود التي يضعها النظام الإيراني على المرأة وخاصة فيما يتعلق بملبسها». وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها فتيات مسلمات الى تحدي أنظمتهن وتعاليمهن الدينية. فقد بدأ هذا التيار في اكتوبر الماضي عندما فاجأت الناشطة صاحبة المدونة الإلكترونية المصرية علياء المهدي العالم وخصوصا الإسلامي ببث صورتها عارية على الإنترنت احتجاجا على التمييز ضد النساء. ..وناشطات عاريات الصدور في إسطنبول اعتقلت الشرطة التركية ناشطات في حركة فيمين الاوكرانية لدى تنظيمهن احتجاجا في مدينة اسطنبول وهن كاشفات عن صدورهن في محاولة للفت الانظار الى العنف ضد المرأة في يوم المرأة العالمي. وافادت صحيفة «حرييت» التركية بأن مظاهرة ناشطات فيمين هدفت للفت الانتباه الى العنف ضد المرأة، خصوصا في يوم عيدها العالمي الذي يصادف 8 الجاري من كل عام. وحاولت النساء مواجهة الشرطة عندما تدخلت لتفريق التجمع غير انهن اخذن الى مراكز الحجز. ولطخت الناشطات اجسادهن باللون الاحمر كإشارة الى التعرض للضرب وكتب بعضهن عبارات ضد العنف الذي تتعرض له النساء.
أسباب الهوس بالجنس الافتراضي و الخيانة الالكترونية
بقلم الدكتور نبيل خوري
أكثر من ثمانية وعشرين ألف “زائر” في كل ثانية تمر، يدخلون اليوم المواقع الإباحية. البعض منهم يحلم بالهروب قليلاً خارج الإطار الزوجي، وآخرون يكتفون بمشاهدة الصور، وفئة ثالثة تذهب أبعد من ذلك، و”تتفنن” في إيجاد نوع من التواصل، إن كان بواسطة الكاميرا (webcam)، أو الدردشة مع …لقراءة المزيد
أكثر من ثمانية وعشرين ألف “زائر” في كل ثانية تمر، يدخلون اليوم المواقع الإباحية. البعض منهم يحلم بالهروب قليلاً خارج الإطار الزوجي، وآخرون يكتفون بمشاهدة الصور، وفئة ثالثة تذهب أبعد من ذلك، و”تتفنن” في إيجاد نوع من التواصل، إن كان بواسطة الكاميرا (webcam)، أو الدردشة مع متخصصات في الإثارة والتشويق. لكن، لماذا يلجأ الرجل إلى هذا الشكل من التحفيز الجنسي، وأي متعة يحصل عليها؟ وهل تتقبل زوجته فكرة دخوله هذه المواقع، أم أنها أيضاً أصبحت ممن لا يتورعن عن ولوج هذا العالم المليء بالإثارة وفنون الغزل الإباحي؟ الدكتور نبيل خوري، الاختصاصي في الاضطرابات الجنسية، يضيء على أسباب هذا الهوس بالجنس الافتراضي والنتائج التي تتأتى عنه. الحميمية الافتراضية عبر الإنترنت، إحدى أحدث وسائل الممارسة وأسهلها. ف”بكبسة زر” واحدة ينفتح أمامك عالم جنسي مهول: ممارسات متنوعة، سمراوات، شقراوات، حنطيات، روسيات وآسيويات، نساء ناضجات، مومسات. كل ما تتمناه موجود. باختصار، إنها سوبر ماركت يجد هواة هذا النوع من العلاقات فيها كل ما يهوون. فهل “خواتيم” قصص هذا العالم مزروعة بالورود التي تتفتح وتينع لحظة دخولنا “متاهته”، أم أن أشواكاً كثيرة وموجعة سوف تكون “مسكه” الموعود؟ هل يمكن حصول جنس عبر الإنترنت بدون أن يصحبه اتصال جسدي؟ ـ قد يذهب مستخدمو الإنترنت بعيداً في خيالهم الجنسي، لكن العلاقة تكون فردية. وهذا يؤدي إلى حميمية نرجسية، مرتبطة بممارسة العادة السرية. فالهوامات تحتل مكانة هامة بالنسبة الى هذا النوع من رواد الإنترنت، الأمر الذي يسمح للكثير من الرجال والنساء بالتعبير والإفصاح عن عدد من الرغبات التي يحاولون التنفيس عنها أحياناً بأشكال أخرى، مثل الإدمان على الكحول أو العنف. وبذلك، يسمح الإنترنت بالتحرر من الضغوط. لماذا يلجأ الرجال إلى هذا الجنس “العنكبوتي”؟ ـ هو نوع من سد الفراغ الناتج عن ضعف التواصل في العلاقة الزوجية، وخروج عن الروتين. وثمة عامل مهم جداً هو حب “التلصص” على عري الآخرين. ومن ناحية ثانية، نحن نعيش على مفهوم المحفزات التي تكون أحياناً بمثابة الهوامات. وكيف يمكن أن نصف من يمارسه؟ ـ إنه معقّد وقليل الثقة بالنفس. يعرف أن وجوده المجتمعي غير محبّب، وأن استمالته الجنس اللطيف محكومة بقواعد سلبية أكثر من كونها إيجابية . ويدرك أنه فاشل. هذا في المطلق. وثمة أشخاص يعتمدون هذا الأمر مع خطيباتهم لتحقيق نوع من التواصل والحميمية. ويوجد صنف ثالث يكتفي بالمشاهدة لإثارة نفسه ودغدغة مشاعره، ولا يتواصل مع الآخر، ويرضى بالنزر اليسير لإشباع رغباته وشهواته. وثمة من يكتفي بالحوار بدون مشاهدة الصور إلا القليل منها، في انتظار اليوم الذي يحصل فيه اللقاء الجسدي بطريقة ما. لكن البعض يستخدم هذه الطريقة كنوع من التحفيز، ليكمل بعدها علاقته الجنسية مع شريكته. ما رأيك في ذلك؟ ـ عادة، من يبدأ بمفرده يكمل أيضاً بمفرده. من حيث المبدأ، لسنا ضد الإثارة، لكن على أن يكون الطرفان على شاشة الإنترنت، ومتفقين على ما يفعلانه. نقلا عن موقع الدكتور نبيل خوري
حكم ظهور رأس المرأة وشعرها
بقلم وردة الخليج
وتفنيد رأي المخالفين قال تعالى : [ وقل للمؤمنات : 1 –  يغضضن من أبصارهن 2 -  ويحفظن فروجهن 3 – ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها 4 – وليضربن بخمرهن على جيوبهن 5 – ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني …لقراءة المزيد
وتفنيد رأي المخالفين قال تعالى : [ وقل للمؤمنات : 1 –  يغضضن من أبصارهن 2 -  ويحفظن فروجهن 3 – ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها 4 – وليضربن بخمرهن على جيوبهن 5 – ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء 6 – ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون".النور 31 هذا النص الوحيد في تشريع حدود لباس المرأة وبيان أحكام ظهور زينتها بالنسبة للرجال . والمدقق في النص لا يجد ذكر كلمة الرأس أو الشعر مستخدمة ، مما يؤكد ابتداءً انتفاء الدلالة القطعية على وجوب تغطية الرأس أو الشعر ، وإن عملية الاجتهاد في مسألة إخراج حكم وجوب تغطية الرأس أو الشعر من النص المذكور إنما هي نتيجة ظنية . وهذه النتيجة الظنية المختارة من جهة معينة لا تنفي احتمال صواب النتيجة الأخرى . فالدلالة الظنية للنص ملازمة له لا يرفعها عنه كثرة أقوال لرأي دون آخر ، ولا قدم أحدهما أو تطبيقه في التاريخ واشتهاره ، أو عدم وجود مخالف له في فترة زمنية طالت أو قصرت ، أو تطبيق المجتمع الأول الذي زامن نزول النص إلى غير ذلك من الأمور . فالحجة في النص القرآني بذاته وما يدل عليه. نقاش وتفنيد الآراء التي وصلت إلى وجوب تغطية المرأة لرأسها وشعرها . 1 – الرأي المشهور في التراث ذكر أن وجوب التغطية للرأس تم فهمه من جملة [ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها] وجملة [وليضربن بخمرهن على جيوبهن] إضافة إلى فهم وتطبيق المجتمع الأول الذي زامن نزول النص القرآني . وتواتر هذا التطبيق تاريخياً في كل مجتمع إلى يومنا المعاصر ولنناقش فهم ودلالة النص القرآني كوننا معنيين بالخطاب مثلنا مثل سائر الناس سابقاً ولنا فهمنا وتفاعلنا . النص ينهى المرأة عن إبداء زينتها متضمنا بخطابه الأمر بالتغطية لها واستثنى من الزينة زينة ظهرت من الأولى سكت الشارع عن وجوب تغطيتها وأخرجها من دائرة الوجوب إلى دائرة المباح ، ومن المعلوم أن الشيء المباح لا يجب فعله وإنما يأخذ حكم التخيير ما بين فعله وتركه وذلك راجع لتقدير الفاعل حسب مصلحته إلاَّ إذا كان من الشؤون العامة المتعلقة بالمجتمع فيخضع هذا الإنسان في ممارسة المباح لأمر القانون منعاً أو سماحاً إو إلزاماً وهو نظام وضعي لا قداسة له قابل للتغيير مع تغير الظروف والمناسبات . فقالوا : إن الزينة قسمان : قسم أمر الشارع بتغطيته وأطلقوا عليه اسم الزينة المخفية . وقسم آخر سمح الشارع بإظهاره وأطلقوا عليه اسم الزينة الظاهرة وذهبوا إلى تحديد دلالة كلمة الزينة إلى مكانية وهي القسم المخفي من الزينة ، والشيئية وهي مواضع الزينة الظاهرة للعيان فأعطوا الزينة الأولى المخفية حكم وجوب التغطية ، وأعطوا الزينة الظاهرة حكم إباحة الظهور . وقاموا بتحديد مواضع الزينة الظاهرة من خلال زينة المرأة العربية التي زامنت نزول النص فرأوا أنها : كحل العينين ، وحلقة الأنف ، وقرطي الأذنين ، وموضع القلادة من النحر ، والخواتم والأساور، فوصلوا من ذلك إلى أن هذه المواضع التي هي الوجه والكفين هي المقصودة بالزينة الظاهرة المسموح بعدم تغطيتها . وقالوا : إن الزينة المخفية هي ما سوى ذلك من مواضع الزينة في جسم المرأة نحو الخلخال وما تضعه المرأة على عضدها وصدرها وما شابه ذلك فيجب تغطيتها وعدم ظهورها . وبما أن النص القرآني خطاب لكل الناس وصالح لكل زمان ومكان ومضمون حركته إنساني وعالمي يسقط الاستدلال بتطبيق المرأة العربية وتقييد دلالة النص بزينتها ولا بد من تفعيل النص والتعامل معه بصورة مباشرة [يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً]الأعراف 158 . -  إن المرأة كلها زينة عدا (الفرج) الذي سبق الأمر بتغطيته في قوله تعالى : [ويحفظن فروجهن] ويكون الحفظ ابتداء من الستر والتغطية مروراً بالطهارة المادية والصحية وانتهاء بالإحصان وذلك لأن النص متعلق بمسألة اللباس ، بخلاف النص الآخر الذي هو [والذين هم لفروجهم حافظون] فالحفظ يبدأ من الإحصان وينتهي بالستر والتغطية وفعل (ظهر) في النص غير راجع للآخرين (للعيان) وإنما راجع للزينة ذاتها فهي زينة ظاهرة من زينة أصل لها [ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها] وإرجاع فعل (ظهر) للعيان باطل في واقع الحال لأن المرأة كلها ظاهرة للعيان وإذا كان الأمر كذلك تناقض أول النص مع آخره لأن النتيجة سوف تكون أن المرأة لا تغطي شيئاً من زينتها لظهورها كلها للعيان !! . ولو كان المعنى ما ذكروه لأتى النص بصيغة [ما ظهر لكم] ولم يأت بصيغة [ما ظهر منها] كما أن مفهوم مواضع الزينة للمرأة متحرك ومتغير من مجتمع إلى آخر ، ومن زمن إلى آخر حسب الثقافات والتطور المعرفي . فما يكون موضعاً للزينة عند مجتمع لا يكون زينة عند مجتمع آخر وهكذا يختلف تحديد مواضع الزينة في المجتمعات الإنسانية . مما يدل على بطلان مفهوم الزينة التراثي لعدم المقدرة على تحديدها ، ولذلك طالب أصحاب هذا الرأي بتقييد فهم النص القرآني بفهم السلف ليتخلصوا من حركة محتوى النص وبهذا المطلب قاموا بإغلاق العقل وجعلوا النص القرآني قومي مرتبط بثقافة العرب في زمان ومكان محدد ، وأساءوا لإنسانية النص القرآني وعالميته فكانوا من الأسباب الرئيسة لانحطاط وتخلف المسلمين عن ركب النهضة والحضارة . أما جملة [وليضربن بخمرهن على جيوبهن] فقد قالوا : إن الخمار غطاء للرأس مستدلين عليه بأبيات شعر وغيره نحو : [قل للمليحة بالخمار الأسود ... ماذا فعلت بعابد متنسك] وفاتهم أن استخدام دلالة الكلمة على احتمال واحد وصورة لها في الواقع لا ينفي صحة الاحتمالات والصور الأخرى لدلالة الكلمة . فالخمار غطاء بغض النظر عن مكان التغطية سواء أكان الرأس أم الجسم أم أشياء أخرى والنص لم يستخدم فعل الأمر بالتغطية أو الستر وإنما أتى بفعل الضرب الذي يدل على إيقاع شيء على شيء يترك فيه أثراً. نحو ضرب الأمثال, وضرب الرقاب وما شابه ذلك, كما أن النص لم يستخدم كلمة (الرأس) وإنما استخدم كلمة (الجيوب) التي هي جمع  (جيب) وتدل على الفتحة بين شيئين . والجيب في الثياب معروف ومن هذا الوجه ذكروا أن الجيوب هي فتحة الثياب من جهة العنق ، وهذا الجيب أحد الصور والاحتمالات في الثياب . انظر إلى قوله تعالى خطاباً لموسى : [وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء]النمل 12 فدلالة كلمة (جيوبهن) هي فتحات في ثياب المرأة , أمر الشارع وشدد على عملية الضرب عليها عندما تضرب المرأة في الأرض سعياً ونشاطاً , أي عندما تريد أن تخرج إلى الحياة العامة يجب عليها التأكد من إغلاق وإحكام هذه الفتحات حتى لا يظهر من خلالها للناس ما أمر الشارع بتغطيته في الأمر السابق . بصيغة النهي عن الإبداء [ولا يبدين زينتهن...] . فأين دلالة وجوب تغطية الرأس أو الشعر في هذه الجملة [وليضربن بخمرهن على جيوبهن] ؟! إلاّ إذا عدّوا أن الرأس هو جيب ! ! وعلى افتراضهم ذلك لا يصح هذا الاستدلال لتصادمه مع الأمر الذي قبله إذ أتى بصيغة الحصر [لا يبدين .... إلا ما ظهر ... ] والحصر يفيد الإغلاق على ما بعده ولا يسمح بإدخال أحد في المضمون من نص آخر . فما أعطاه الشارع حكم الإباحة بصيغة الحصر لا يمكن أن يأتي نص آخر ويعطيه حكم الوجوب أو التحريم, غير أن الأمر بالضرب بالخمار على الجيوب لا يعني التغطية لغة أو منطقا رغم حصول ذلك حالاً كنتيجة لعملية الضرب, ولكن دون قصد لذلك , والمقصود من الضرب على الجيوب هو الحفظ لما بداخلها وليس لما يخرج منها !! ولمساعدة القارئ (رجلاً أو امرأة) على فهم جملة [ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها] نعرض عليه معرفة فاعل (ظهر) في الجملة أين هو في واقع الحال ؟ من باب(أن لا بد لكل فعل من فاعل ضرورة) . -     هل فاعل ظهر هو (المؤمنات) في أول النص ؟ والجواب قطعاً بالنفي . ولو كان الفاعل هو المؤمنات لأتى النص بصيغة (ما أظهرن). -     هل فاعل ظهر هو الزينة ذاتها الأولى ؟ والجواب قطعاً بالنفي . ولو كان الأمر كذلك لأتى فعل (ظهر) بصيغة المضارع (تَظهر). -  ذكر بعض النحاة أن فاعل (ظهر) هو (ما) التي بمعنى الذي (اسم موصول) لتصير الصياغة [إلا الذي ظهر منها] . ويبقى السؤال مطروحا للنقا ش والحوار أين فاعل (ظهر) على أرض الواقع ؟ لأن معرفة فاعل (ظهر) أحد مفاتيح الدخول لفهم النص . 2- الرأي الثاني وهو رأي حديث من حيث الوجود وردة  فعل على قصور رأي التراث ،  فحاول أصحابه ترميم الثغرات من خلال تحديد فاعل (ظهر) فقالوا : إن فاعل ظهر في الحقيقة يرجع إلى عملية خلق المرأة أصلاً وبالتالي يكون الفاعل هو الله عز وجل . ويصير النص بصيغة [إلا ما ظهر منها خلقاً] . وقاموا بإسقاط ذلك على واقع المرأة فوصلوا إلى أن المرأة كلها زينة من رأسها إلى أخمص قدميها ويجب أن تغطي كامل زينتها ولا تظهر منها شيئاً أبداً حتى الوجه والكفين !! وقالوا : أما جملة [ما ظهر منها] فهذا راجع إلى الظهور خلقاً الذي هو طول وعرض المرأة وحجمها فهذا ما سمح الشارع بتركه دون تغطية !! . -  ورغم أن أصحاب هذا الرأي قد أصابوا في تحديد فاعل (ظهر) الذي هو الله عز وجل إلا أنهم وقعوا في مغالطة أكبر من مغالطة السلف عندما عدّوا أن الزينة الظاهرة هي أبعاد المرأة وحجمها وفاتهم أن الشرع الرباني لا يتعلق خطابه إلا بأمر ممكن التطبيق ولذلك تم استثناءه من الأمر بالتغطية مع إمكانية المرأة بتغطيته ، بخلاف الرأي المذكور  فإن أبعاد المرأة وحجمها ليس بمحل تكليف لانتفاء إمكانية المرأة من تغطية ذلك إلا إذا صارت تتجول ضمن سور من الغطاء يحيط بها من كل الجوانب ليسترها من أعين الناظرين . وهذا تشريع بما لا يطاق بل لا يستطاع بل هو عبث وهزل وأشبه بمن يبحث عن حكم فعل الأكل في القرآن فهذه الأمور هي تحصيل حاصل لا يتناولها الشارع في خطابه لأنها ليست بمحل تكليف أو حساب!. 3 – الرأي الثالث أحدث ولادة من غيره وهو أيضاً ردة فعل لقصور ما سبق من الآراء، وحاول أصحابه ترميم وسد الثغرات في الرأي السابق فقالوا : إن فاعل (ظهر) تُرِكَ غير معلوم لعدم تحديده في الواقع بفاعل معين ، وذلك لكثرة الفاعلين وتغيرهم حسب الظروف فجملة [ولا يبدين زينتهن] أفادت تغطية المرأة كلها من رأسها إلى أخمص قدميها . أما جملة [إلا ما ظهر منها] فتدل على عفو الشارع عن ما ينكشف من زينة المرأة رغما عنها مثل تحريك الهواء لملابسها أو أثناء ممارستها لأي عمل ترتب عليه ظهور بعض زينتها من غير قصد منها . وهذا ما قصدوه بعدم تحديد فاعل (ظهر) في النص حتى يغطي كل فاعل مستجد في حياة المرأة . إن الرد على هذا الرأي هو الرد السابق ذاته ، فالشرع الرباني خطابه متعلق بالإمكان والمقدرة والإرادة ، ورتب على ذلك المسؤولية والحساب ، فإذا انتفت الإرادة انتفت المسؤولية والمحاسبة شرعاً إلا إذا تعلق الفعل بحقوق الناس فيجب التعويض لهم مع عدم تجريم الفاعل . لذا لا يصح أن تأخذ جملة [إلا ما ظهر منها] هذا المفهوم القهري واللاإرادي لأن العفو والصفح عن ذلك لا يحتاج إلى نص تشريعي لأنه تحصيل حاصل وهذا الأمر متعلق بالأمور الشخصية والجزئية أما إذا تعلق بأمر كلي مصيري فالشارع تناوله بالتشريع لأهميته وعدم قدرة الناس على تحديد المقصد منه واضطرابهم في السلوك نحو فتح حكم تحريم تناول لحم الميتة عند الضرورة . لذا من الغلط الاستدلال بهذا الموضوع وقياس حكم ظهور الزينةاللاإرادي عليه . ومن الأمور التي تدل على بطلان هذا الرأي هو مجيء فعل (ظهر) بصيغة الماضي مما يدل على حدوث فعل الظهور وانتهاءه . ولو كان المقصد بجملة [إلا ما ظهر منها] ما ذكروه من فاعلين ُكثر مستجدين لوجب أن يأتي فعل (ظهر) بصيغة المضارع المبني للمجهول ويصير [إلا ما يُظْهَرُ منها]. 4 – اعتمد أصحاب هذا الرأي على مقاصد التشريع فقالوا : إن مقصد الشارع من التغطية للمرأة هو حفظ أخلاق المجتمع وقيمه وكشف رأس المرأة وشعرها يتنافى مع هذا المقصد لذا يجب تغطيته خشية الفتنة وبناء على ذلك نتساءل ما حكم ظهور رأس المرأة الصلعاء ؟ وما حكم ظهور رأس ووجه المرأة العجوز أو التي على غير حسن وجمال ؟! وهذا الرأي ينطبق عليه مقولة كلمة حق أريد بها باطل لأن مقصد الشارع من وجوب تغطية المرأة لزينتها في النص التشريعي بلا شك هو لحمايتها من الأذى الاجتماعي ، ولحماية أخلاق المجتمع وقيمه ولكن هذا لا يعطي سلطة لأحد من أن يشرع للناس ما لم يأذن الله به ، فالحرام والحلال والواجب ما أتى في التشريع الرباني [إن الحكم إلا لله]الأنعام 57 وأعطى الشارع صلاحية للمجتمع أن يشرع تنظيم ممارسة دائرة المباح منعاً أو سماحاً أو إلزاماً حسب ما تقتضي المصلحة العامة  [لتحكم بين الناس بما أراك الله]النساء 105 ومسألة تغطية الرأس والشعر من المسائل التي سكت الشارع عنها كما بينت آنفاً ، وإذا كان الأمر كذلك فعلماء الأصول قالوا: [لا تكليف إلا بشرع] [والأصل في الأشياء (والأفعال) الإباحة إلا النص]. والله عز وجل عليم بما يشرع للناس [ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير]الملك 14 [وما كان ربك نسيا]مريم 64. فمفهوم المقاصد يدور مع النصوص الشرعية ضمن علاقة جدلية وإلا صار مفهوم المقاصد باب لوضع تشريع لا نهاية له ويختلف من مجتمع إلى آخر في الزمن الواحد ، ويصير الدين ألعوبة بيد رجال الدين يحرمون ويحللون حسب ما يرون من مقاصد . فالحذر الحذر من التلاعب بالمفاهيم والخلط بينها ، والكف عن التشريع للناس مالم يشرعه الله عز وجل . وخلاصة النقاش كما بيّنا آنفاً هي  لا وجود لدلالة قطعية على وجوب تغطية الرأس أو الشعر في النص القرآني ، وعلى أضعف احتمال إنّ من يقول بوجوب التغطية لرأس المرأة وشعرها لا يملك برهاناً على ذلك ، وكون الأمر كما ذكرت فيجب على أصحاب رأي التغطية أن يقبلوا برأي عدم التغطية كرأي له دليله ومنطقه ويتعاملوا معه كرأي إسلامي ظني ويحترموه مثل الآراء السابقة وليس لهم إلا النقاش ورد الفكرة بالفكرة والدليل بالدليل . وترك الناس أحراراً في اختيارهم لما يرون أنه صواب  أو محقق لمصالحهم . الحجاب ليس فريضة اسلامية، والآيات والاحاديث التي يستشهد بها الفقهاء لا تلزم المراة بارتداء الحجاب. وقد اثبت في حقيقة الأمر بان الحجاب ليس فرضا دينيا بل شعارا اسلاميا وعادة من عادات النساء في الجزيرة كانت موجودة قبل قرون بعيدة قبل الاسلام وهي في الاصل عادة وتقليد ليس بامر رباني او الاهي يامر بذلك الحجاب فريضة اسلامية بل عادة اجتماعية من عادات النساء موجودة في شبه الجزيرة العربية قبل الاسلام ليس ذات صلة بالدين وان اعتماد المطالبين بالحجاب في فتاويهم على الايه 31 من سورة النور والاية 53 و 59من سورة الاحزاب يعد خطأً لان القاعدة الاصولية تقول ان الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً وعلة الحجاب الواردة في الآيتين هو للتمييز بين الحرائر والاماء ( الجواري ) وهي علة انتفت لعدم وجود اماء في العصر الحالي وانتفاء ضرورة قيام تمييز بينهما لعدم خروج المؤمنات الى الخلاء لقضاء حاجتهن وايذاء الرجال لهن لقراءة المزيد من التفاصيل هو الحقائق والبراهين حول عدم فرضية الحجاب بامكانكم زيارة هذه المواقع التالية : http://muslims-however.blogspot.com/2010/06/blog-post_02.html http://www.exmuslim.com/books/files/hijab.htm‏ واختم قولي لقول الله تعالى : [قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين]البقرة111 اللهم اني بلغت اللهم اشهد
خريف المرأة العربية
بقلم د. غسان إسماعيل عبدالخالق
هناك من يعتقد أن ما أسفرت عنه الانتخابات التشريعية في أقطار الربيع العربي وغيرها من الأقطار العربية، قد مثل أكبر مقلب للمرأة العربية على الاطلاق! فالمؤشرات الأولية لا تشير إلى تراجع نسبة تمثيل المرأة في المغرب وتونس ومصر والكويت فحسب، بل هي تشير أيضاً إلى أن النسبة القليلة جداً من النساء اللواتي …لقراءة المزيد
هناك من يعتقد أن ما أسفرت عنه الانتخابات التشريعية في أقطار الربيع العربي وغيرها من الأقطار العربية، قد مثل أكبر مقلب للمرأة العربية على الاطلاق! فالمؤشرات الأولية لا تشير إلى تراجع نسبة تمثيل المرأة في المغرب وتونس ومصر والكويت فحسب، بل هي تشير أيضاً إلى أن النسبة القليلة جداً من النساء اللواتي حالفهن الحظ وفزن في الانتخابات هن من مرشحات التيار الإسلامي. وهذا يعني أن كل الآمال التي علّقت على تصاعد دور المرأة العربية في الحياة السياسية قد أصبحت في مهب الريح، على الرغم من أن المرأة العربية -ليبرالية وقومية ويسارية وإسلامية- قد اضطلعت بدور حاسم في الربيع العربي، وإلى الحد الذي فشلت معه محاولة علي عبدالله صالح مثلاً لتأليب المجتمع الذكوري اليمني عليها جرّاء اندفاعها بأعداد غير مسبوقة للمشاركة في المسيرات والمظاهرات والاعتصامات ومداواة الجرحى. وهناك من يعتقد أيضاً بأن ما أسفرت عنه هذه الانتخابات في ضوء الربيع العربي، يمثل المستوى الحقيقي لمدى قناعة المجتمع العربي بدور المرأة العربية في الحياة السياسية، وأن ما كانت تتمتع به المرأة العربية من تمثيل في المغرب وتونس ومصر والكويت ليس إلا تمثيلا مفتعلا جرّاء الكوتا النسوية والضغوط التي مارستها عواصم الغرب لإشراك المرأة العربية في صناعة القرار. وهي ضغوط مبعثها قناعة هذه العواصم بأن إشراك المرأة من شأنه أن يحد من القناعات الإيديولوجية والاجتماعية المتطرفة في المجتمعات العربية. لكن هناك شبه إجماع بين المعنيين بالدور السياسي للمرأة العربية، على أن النساء اللواتي قيض لهن المشاركة في الحياة السياسية قبل الربيع العربي، ليبراليات أو قوميات أو يساريات أو إسلاميات، قد تناغمن بشكل أو بآخر مع المؤسسة السياسية الرسمية، وتحولن تدريجياً إلى رصيد مضمون وشكل من أشكال تجميل واجهات هذه المؤسسة. وأبرز الأدلة التي يمكن أن تساق على هذا الصعيد تتمثل في الجوقات الكبيرة من النساء (الناشطات!) التي كانت تحيط بكل من ليلى طرابلسي وسوزان مبارك، وتصوير كل ما يقمن به من مبادرات ومشاريع على أنها روافع نهضوية تاريخية للمجتمع والمرأة، ثم تبين لنا لاحقاً أنها ليست إلا امتداداً لكل مشاريع النصب والاحتيال والابتزاز والفساد والبلطجة التي كانت تمارسها عصابة حسني مبارك وعصابة زين العابدين!. مفارقة أخرى تتصل بواقع المرأة العربية، وتتمثل في تهاوي الاعتقاد بأن هناك علاقة طردية بين تحرر المرأة العربية من تحكم الرجل في الاقتصاد وتصاعد دور المرأة العربية في الحياة العامة إجمالاً والحياة السياسية بوجه خاص؛ إذ علاوة على أن المرأة العربية قد أصبحت تتمتع بحضور اقتصادي لافت إلى الحد الذي انتشرت معه نوادي نساء الأعمال على امتداد الوطن العربي، فإن التقارير الاقتصادية الإقليمية الموثوقة تقدّر ثروات النساء في منطقة الخليج العربي بـ(385 مليار) دولار، كما تؤكد هذه التقارير أن نسبة الزيادة في الأرباح التي تجنيها النساء في منطقة الخليج العربي تقدر بـ(100 ألف) دولار عن كل ربح مماثل تجنيه المرأة في أميركا وأوروبا. والمفارقة الصارخة في هذه الحقيقة تتمثل ببساطة في انعدام أية علاقة بين الوضع الاقتصادي للمرأة العربية وبين دورها المتوقع أو المنشود في الحياة السياسية. التيار العقلاني النقدي في الحركة النسوية العربية، يميل إلى الاعتقاد بأن من السابق لأوانه الاندفاع باتجاه إطلاق أية أحكام أو تعميمات ايديولوجية أو جندرية في ضوء الفوضى العارمة التي اجتاحت الوطن العربي خلال العام الأول من الربيع. ويفضل أنصار هذا التيار الانتظار ومراقبة الكيفية السياسية التي ستتوازن المجتمعات العربية وفقها خلال السنوات الأربع القادمة، والتي قد تعمق هيمنة الإسلاميين على الحكم أو قد تكشفهم تماماً أمام الرأي العام. وفي الحالين فلا مفر من إعادة بناء الحسابات والتوقعات والاستراتيجيات انطلاقاً من نقطة الصفر وليس من نقطة الفقاعات النسوية المضللة التي أحدثتها ليلى طرابلسي أو سوزان مبارك، فكثير مما كان يبدو حقيقاً وراسخاً، تكفل زلزال الربيع العربي بإذابته وتبخيره كما لو لم يكن شيئاً مذكوراً!. نقلا عن الدستور .
رشا عبد الرحمن: أجبرنا على خلع الملابس وسط الرجال
بقلم صبري حسنين
نقلا عن إيلاف قضية اختبارات العذرية تم حجزها للحكم في 11 آذار كشفت إحدى الشاهدات والضحايا في قضية "اختبارات العذرية" والتي قررت المحكمة العسكرية حجزها للحكم في 11 آذار، أنها وزميلاتها تعرضن لمعاملة سيئة وتم تهديدهنّ بالصعق بالكهرباء وبالاغتصاب، وتروي كيف تم الكشف على عذريتهن بوجود رجال من العسكر. …لقراءة المزيد
نقلا عن إيلاف
قضية اختبارات العذرية تم حجزها للحكم في 11 آذار
كشفت إحدى الشاهدات والضحايا في قضية "اختبارات العذرية" والتي قررت المحكمة العسكرية حجزها للحكم في 11 آذار، أنها وزميلاتها تعرضن لمعاملة سيئة وتم تهديدهنّ بالصعق بالكهرباء وبالاغتصاب، وتروي كيف تم الكشف على عذريتهن بوجود رجال من العسكر. القاهرة: بينما قرّرت محكمة عسكرية مصرية حجز قضية "إختبارات العذرية"، للحكم في 11 آذار (مارس) المقبل، وبينما نفى الشهود حدوث الواقعة في القضية التي أقامتها الناشطة سميرة إبراهيم، والتي يحاكم فيها الجندي طبيب أحمد عادل، بتهمة ارتكاب فعل فاضح علناً، كشفت شاهدة وضحية في القضية وتدعى رشا عبد الرحمن عن تفاصيل جديدة في الواقعة، وقالت إنها وزميلاتها تعرضن لاختبارات العذرية بشكل قسري، وهنّ عاريات تماماً. تجريد من الملابس وسط الرجال وقالت رشا في شهادتها التي وثقتها المبادرة المصرية للدفاع عن الحقوق الشخصية، إنها فور وصولها إلى مقر السجن الحربي، رأت صورة للرئيس المخلوع حسني مبارك داخل السجن، ثم سألها عسكري اسمه إبراهيم - شاويش أو صول- عمّا إذا كانت حاملا، فأجابت بالنفي، وقالت إنها ما زالت فتاة، لكنه رد عليها قائلاً: "عموماً هنعرف". وأضافت رشا أنه داخل السجن، توجد حجرتان مفتوحتان على بعضهما البعض، مشيرة إلى أنه أجري لهن الكشف في إحداهما، كان فيها سجانة تدعى عزة، وكانت ترتدي إسدالا أسود، وتقوم بتفتيش السيدات من خلال التجريد من الملابس، بحيث تكون الفتاة عارية تماماً، رغم وجود جنود في السجن، ورغم أن شباك الحجرة كان مفتوحاً. وقالت إنها شعرت وما زالت تشعر بالإهانة جرّاء إجبارها على التعري وسط الجنود، الذين كانوا ينظرون إلى معالم جسدها ويتفحّصونها، لا سيما أنها أجبرت أيضاً على الثني والمدّ على حد قولها. وقالت: كان إحساساً فظيعاً، لحد النهاردة أنا أعاني من الموضوع ده".
تفتيش دقيق من دون ملابس وتواصل رشا التي كانت من ضمن الفتيات المحتجزات يوم 9 آذار (مارس) الماضي شهادتها قائلة: "بعد ذلك، حضر مأمور القسم وتحدث معي، في الوقت الذي كانت فيه البنات عاريات داخل الحجرة، وقلت له هذا لا يصح، لأنه من المفترض عدم اطلاع الرجال على عورات النساء، بل إن الإسلام يحرّم اطلاع المرأة على عورة المرأة، فكان ردّه بمنتهى الحدة: إذا رفضت تفتيشك من قبل مدام عزة، سوف أرسل عسكريا لتفتيشك، واضطررت إلى الدخول للتفتيش من قبل السجانة عزة، بدلاً من أن يفعل عسكري هذا الأمر معي". وأشارت إلى أن السجانة فتشتهن بشكل دقيق جداً، لدرجة أنّها كان تفك شعورهن، وقالت إنها كانت ترتدي بنطلون به حزام بـ"توكة" مميزة، وفوجئت بأن السجانة "عزة" تنادي على عسكري، وطلبت منه الدخول إلى الحجرة، وسألته: أتزيل توكة البنطلون أم لا، بينما كانت الفتيات عاريات تماماً. وقالت إن هذا الموقف كان شديد الصعوبة عليهن. تهديدات بالصعق بالكهرباء والإغتصاب وتتابع رشا بكثير من الأسى والحزن إن طبيباً دخل عليهن الحجرة بعد ذلك، وسألهن من منهن آنسات ومن متزوجات، ووقعن وبصمن على كشف يضم أسماءهن. وقالت رشا: دخل عسكري يدعى  ابراهيم، وهددنا قائلاً: "اللي هتقول إنها بنت وهيا مش بنت، هأكهربها وهأضربها، وقال لفظ تاني يعني أنه هيمارس معها الجنس، ولما سألنا لماذا هذا التهديد، قال لأنه سوف يحدث لكم كشف طبي"، وأشارت إلى أنهن وعددهن 13 فتاة رفضن الكشف، لكنهن أجبرن على الخضوع، نظراً لتلقيهن تهديدات بالضرب والكهربة والتعذيب. ولفتت إلى أن الحجرة التي أجريت لهن فيها الإختبارات قام بها طبيب والسجانة عزة وضابطة كانت مسجونة، وقالت إنها كانت تشعر بالرعب مما يحدث، وكانت تتساءل: لماذا كل هذا، لماذا يفعلون ذلك بنا؟ وتابعت: "بعد أن كشف علي الطبيب، وتأكد أنني بنت، وأن غشاء البكارة موجود، كتب ذلك في تقريره، ووقعت عليه". وانتقدت رشا من يهاجمها وزميلاتها بسبب النزول إلى ميدان التحرير، وقالت: "على من ينتقدنا أن يتخيل ابنته أو أن تتخيل المرأة نفسها في هذا الموقف". شجاعة رشا ومن جانبه، قال عادل رمضان رئيس برنامج الدعم القانوني في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لـ"إيلاف" إن المبادرة وثقت شهادة رشا عبد الرحمن أمس الأول 25 شباط (فبراير) الجاري، قبل حضورها جلسة المحاكمة التي جرت أمس فقط، وأضاف أن رشا هي إحدى الفتيات اللواتي تعرضن لاختبارات العذرية، لكنها لم تنضم إلى سميرة في القضية نظراً لتعرضها هي وباقي الفتيات إلى ضغوط كبيرة من قبل السلطات، مشيراً إلى أن رشا تشجعت بعدما حصلت القضية على دعم إعلامي وحقوقي على نطاق واسع، متوقعاً أن تنضم باقي الفتيات إلى القضية خلال الأيام القادمة في حال صدور حكم بالإدانة في القضية. وحول ما يقال عن تضارب شهادة رشا مع شهادة سميرة، قال رمضان الذي يدافع عن سميرة إبراهيم في القضية الشهيرة إنه لا تضارب إلا في تفاصيل هامشية لا تؤثر في صلب الواقعة، مشيراً إلى أن الإختلاف حول هل السجانة التي أجبرتهن على خلع الملابس اسمها عزة أم رشا، وهذه تفاصيل صغيرة، ومن الطبيعي وقوع اختلاف بين الضحايا، لأنهن لا يعرفن السجانات شخصياً. قلق حول مصير القضية وأعرب رمضان عن قلقه من مصير القضية، وقال إنها تسير في إطار توصيف خاطئ لها، حيث إن الجندي المتهم فيها، تم توجيه إتهام إليه بارتكاب فعل فاضح بطريقة علنية، وليس جريمة هتك عرض حسبما ينص القانون والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وأضاف أن التوصيف الحالي للجريمة يعني موافقة ضمنية من المجلس العسكري عليها، وأنها لا تمثل جريمة إلا لأنها تمت في إطار من العلنية، يعني أنها لو تمت بطريقة سرية ما دخلت في إطار الجرائم. ولفت رمضان إلى أن المبادرة الشخصية تسير في مسألة الشهود في مسارين، الأول يضم الشهود الذين عاصروا الواقعة، وهم سميرة ورشا وباقي الفتيات، لكنهن يرفضن الظهور علناً، نظراً لحساسية القضية، أما المسار الثاني فيتمثل في شهادة الصحافيين الذين إلتقوا قيادات من المجلس العسكري واعترفوا لهم بارتكاب اختبارات العذرية، ومن هذه القيادات: اللواء إسماعيل عتمان، اللواء محمد العصار، اللواء حسن الرويني وجميعهم أعضاء في المجلس العسكري. وحول مصير القضية بعد حجزها للحكم في 11 آذار (مارس) المقبل، قال رمضان إنه يتوقع صدور حكم مخفف أو براءة الجندي، مشيراً إلى أنهم سينتظرون إلى حين صدور الحكم، وإعادة تقييم الموقف مع مقيمة الدعوى سميرة إبراهيم، وأكد أن المبادرة المصرية للدفاع عن الحقوق الشخصية مصرة على المضي في تلك القضية حتى ينال الضحايا حقوقهم، ويتحقق لهن مبدأ الترضية القضائية، أي الرضا بما ستصل إليه القضية. للتذكير يذكر أن جنوداً ورجالاً في ثياب مدنية فضوا اعتصاماً نظمه العشرات من شباب الثورة في يوم 9 آذار (مارس) الماضي في ميدان التحرير وسط القاهرة، وتم إحراق مخيّماتهم التي كانت قائمة في صينية الميدان. وتعرضت 20 امرأة، بالإضافة إلى 174 رجلا على الأقل للاعتقال، وفي اليوم التالي أخضعت 13 فتاة لاختبارات العذرية قسراً، وتعرضن للضرب المبرح، حسب روايتهن. وتعرض المجلس العسكري لانتقادات حادة محلياً ودولياً، وانتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" هذه الإجراءات، واتهمت الجيش بعدم التعامل بجدية مع القضية. وقالت في آخر تقاريرها حول القضية في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) ان "الجيش المصري لم يحقق أو يلاحق أحداً بتهمة الاعتداء الجنسي على سبع سيدات"، مشيرة إلى أنه "تبين إخفاق النيابة العسكرية في التحقيق على النحو الملائم في حوادث تعذيب أخرى، موثقة بحق هؤلاء النساء و13 أخريات".
الدكتور عائض القرني يدفع غرامة 330 ألف ريال سعودي ثمن سرقته لسلوى العضيدان
بقلم ياسر حارب
قامت الصحافة الخليجية ولم تقعد عندما حكمت المحكمة على د. عائض القرني بدفع غرامة مالية قدرها 330 ألف ريال لسرقته 90% من المادة التي ضمّنها في كتابه (لا تيأس) من كتاب (هكذا هزموا اليأس) للكاتبة سلوى العضيدان. لم تكن المشكلة الرئيسية في السرقة فقط، ولكنها في أن الشيخ عائض قد نفى في البداية سرقة مادة …لقراءة المزيد
قامت الصحافة الخليجية ولم تقعد عندما حكمت المحكمة على د. عائض القرني بدفع غرامة مالية قدرها 330 ألف ريال لسرقته 90% من المادة التي ضمّنها في كتابه (لا تيأس) من كتاب (هكذا هزموا اليأس) للكاتبة سلوى العضيدان. لم تكن المشكلة الرئيسية في السرقة فقط، ولكنها في أن الشيخ عائض قد نفى في البداية سرقة مادة سلوى، ثم اعترف لاحقاً بذلك! ولستُ هنا في صدد تحليل هذه القضية التي صدر فيها حكم محكمة، ولكنني تابعتُ الحوارات الدموية التي انتشرت في تويتر يوم صدور الحكم، ولاحظتُ كيف اختلف المغرّدون، بشراسة، حول مفهوم السرقات الأدبية. حيث يُبالغ كثير من الناس اليوم في وصف هذا المصطلح؛ فلا يكاد أحدهم يكتب شيئاً، في تويتر على وجه الخصوص، إلا وينبري له من يتهمه بالسرقة. حدث قبل أيامٍ أن كتبتُ تغريدة اقتبستُها من مقال نشرته قبل عدة سنوات عن التسامح، فظهر لي شخص لا أعرفه وقال لي بأنه كتب نفس الكلام قبل قليل وطلب مني إيعاز الفضل لأهله! دخلتُ إلى تغريداته فوجدته قد تحدث عن التسامح، ولكن كلامه، أي نصه، كان مختلفاً تماماً عما كتبتُ، بل وجاء بعدي زمنياً، فتساءلتُ: هل يحق للأشخاص امتلاك الأفكار أم النصوص؟ تحدث توفيق الحكيم بإسهاب حول هذا الموضوع، وقال في مجمل حديثه بأنه “لا ملكية للأفكار، ولكن الملكية للنصوص”. فالفكرة تسافر عبر الزمن، فتنضج في أزمانٍ معينة، ثم تخبُت في أزمان أخرى لاختلاف الظروف والثقافة السائدة. يقول الحكيم بأنه لا يوجد من أتى في الأدب بفكرة جديدة، وإنما يستفيد الأدباء من أفكار من سبقوهم، بل إن كثيراً من كبار الأدباء كانوا نسخاً مطوّرة من أدباء آخرين. فشكسبير كان يشبه الأديب الإيطالي (بوكاتشيو)، حيث يقول المستشرق الإنجليزي هاملتون جيب في كتابه (الاتجاهات الحديثة في الإسلام) بأن بوكاتشيو قد كتب روايته الشهيرة (ديكامرون) بنفس أسلوب وطريقة ألف ليلة وليلة، ومن ثم أتى شكسبير وكتب مسرحية (العبرة بالخواتيم) بنفس طريقة ديكامرون. ويقول توفيق الحكيم بأن الشاعر الألماني غوته وزملاءه الذين عاصروه لم يستطيعوا أن “يخرجوا من عباءة فولتير” حيث كانت كتابات فولتير وأسلوبه الأدبي السلس هو “الموضة الأدبية” في تلك الأيام. أما ثرفانتس، صاحب الرواية الأشهر في التاريخ (الدونكيخوته) فلقد اقتبس كثيراً من الأفكار البطولية في روايته من (الإلياذة) لهوميروس وبدا متأثراً جداً بها. إذن تبقى حقوق الملكية الفكرية للنص وليست للفكرة، فلا يُعقل أن يكتب أحدهم قصيدة أو رواية عن دور الأم في تشكيل شخصيات أطفالها، ثم يمنع الآخرين من الخوض في نفس الموضوع بحجة أنه كتب فيه! إن الكاتب الفذ هو الذي يختزل إبداعات الآخرين، فيقتبس من حسانتهم ويتجاوز عن زلاتهم، فقلم الكاتب يشبه القِدْر الذي تغلي فيه أنواع عديدة من الأساليب الأدبية والصور البلاغية والأفكار الخلّاقة التي لا يُمكن أن يأتي بها من العدم، ولا يعيب الكاتب أن يُشبه أسلوبه أسلوب كاتب مشهور، على ألا يبقى رهيناً لديه مدة طويلة، وعليه أن يختار له أسلوباً خاصاً يُعرف به بين الناس. عندما سُئِل أحد المبدعين، وأظنه ليوناردو دافنشي، عن سر تميزه قال: “بدأتُ بالتقليد”. وسُئل أحد الأدباء عن تعريف الأدب فقال: “إنه إعادة صياغة الأفكار العظيمة”. ولكن ذلك لا يعني أن نبخس المُقتَبَس مِنهُم حقّهم في الإشادة! أستطيع أن أفهم عدم وجود صفحة للمَرَاجع التي عادة ما توجد في آخر الكتاب عندما يكون العمل الأدبي رواية أو كتاباً لمقالاتٍ جُمِعَتْ بعد سنين، ولكنني لا أستطيع شراء كتابٍ علمي أو فكري يخلو من مصادر. فلماذا يُصرّ الكاتب الأجنبي على وضع صفحة قبل المقدمة، يشكر فيها كل من ساعده في إنتاج عمله، بالاسم والمسمى الوظيفي، ثم يملأ صحفته الأخيرة بالمراجع التي استعان بها، في حين يستنكف معظم الكُتّاب العرب عن فعل ذلك؟ إن من يفعل ذلك فهو إنما عبقري زمانه، أو لصّ محترف! لا بد أن نفرّق بين التأثّر الأدبي وبين السرقة الأدبية، فسرقة الأدب جريمة حضارية، يُعاقِب عليها القانون والتاريخ، ويشهد عليها العالم أجمع، وليس من العدل أن نطلب من الناس أن يُسامحوا كاتباً ارتكب جريمة كهذه في حين يرفض هو التعليق أو الاعتذار. نحترم الشيخ عائض ونُقدّره، ولذلك نتمنى منه أن يعتذر لكل من وثق به واشترى كتبه، فحَسَنة الاعتراف بالخطأ، تُذْهِبُ سيّئة الخطأ نفسه.
الثورة والأسلمة في الرواية العربية
بقلم خالد الحروب
  الاهمية التي تقدمها الرواية تتجاوز جوانب الابداع الادبي وتصدر اوجهه الاكثر جذباً للجمهور قراءة ومتابعة وتمتعاً. فالرواية وعبر تنوع موضوعاتها, وكثافة أبعادها الاجتماعية والسياسية والثقافية, وجموح كتّابها توفر مسباراً بالغ العمق, واسع الانتشار, جريء المعالجة, لاختبار التحولات القائمة في مجتمع …لقراءة المزيد
  الاهمية التي تقدمها الرواية تتجاوز جوانب الابداع الادبي وتصدر اوجهه الاكثر جذباً للجمهور قراءة ومتابعة وتمتعاً. فالرواية وعبر تنوع موضوعاتها, وكثافة أبعادها الاجتماعية والسياسية والثقافية, وجموح كتّابها توفر مسباراً بالغ العمق, واسع الانتشار, جريء المعالجة, لاختبار التحولات القائمة في مجتمع ما, او تلك الكامنة وقيد التحول. تماهي خيالات الروائيين مع اجزاء الواقع وتشظياته, وما يصلون إليه عبر هذا المزج المتواصل يضع كثيرين منهم في مقدم مستشرفي التحولات الكبرى في مجتمعاتهم. هناك امثلة عالمية عدة على النبوغ المدهش لكتابات ابداعية وفنية وروائيين مغامرين استشرفوا مستقبلات بلدانهم وتوقعوا مآلاتها في الوقت الذي نظر من حولهم إلى تلك التوقعات والتنبؤات بكونها تهويمات الكتاب وشطط خيالهم. في عام 1948 كتب الروائي البريطاني جورج اورويل, الذي بهرته الماركسية في شبابه, والذي انشق عنها لاحقاً, روايته الشهيرة التي كانت بعنوان 1984. عندها لم يتلاعب اورويل بأرقام السنوات وحسب متخيلاً اوضاع المجتمعات في كثير من الدول بعد اربعين سنة, بل كان يتنبأ بمصائر الانظمة الشمولية والديكتاتوريات الطاحنة للشعوب والناس وفردياتهم وطموحاتهم ومنظومات القيم التي تعودوا الحياة بها. تنبأ بفشل الشيوعية وسقوط فكرتها باكراً جداً في وقت كانت فيه في عز شبابها. عربياً وراهناً جداً, تتيح قراءة الروايات التي وصلت إلى القائمة القصيرة, وقبلها القائمة الطويلة, في مسابقة الجائزة العالمية للرواية العربية (أو «البوكر» العربية) لعام 2012, التقاط احدث الخطوط والمسارات التي يسير فيها الفن الروائي العربي واستغراقاته المختلفة. ومن هذه المسارات مسألة استشراف التحولات السياسية والاجتماعية في العالم العربي ومجتمعاته, بناء على اظلامات الواقع وانسداداته. ليس من مهمة الرواية, بطبيعة الحال, ان تتصدى لمهمة استنطاق المستقبل او تسطير تنبؤات كما لو انها جزء من حقل الدراسات المستقبلية. بل يمكن القول ان اي إطلالة مستقبلية في العمل الروائي ستبدو مفتعلة ما لم تأتِ في سياق تطور درامي مقنع وعفوي لا يربك النص ولا الفكرة الاساسية فيه. وإذا نجح العمل الدرامي في تضمين استنتاجات جانبية, تنبؤية واستشرافية على وجه التحديد, بسلاسة وعفوية وتناغم مع السرد والبنية العامة له, فإن قيمته تتضاعف, وتتجاوز به موقعه الادبي. في روايات جائزة «البوكر العربية» الفائزة لهذا العام، نقرأ نصوصاً كثيرها يرصد بدقة عيش ناس ومجتمعات ما قبل الثورات العربية, ذلك ان الروايات التي شاركت في مسابقة هذا العام نشرت جميعاً في 2010 او 2011, اي عشية الانتفاضات وربيعها. وتوقيت النشر هذا يوفر خاصية مميزة لروايات هذا العام تثير فضول الباحث للتنقيب في الاعمال الروائية والفنية الاخرى, التي صدرت قبيل اندلاع تلك الثورات. هناك ست روايات تمكنت من الوصول الى القائمة القصيرة، إثنتان من مصر, واثنتان من لبنان, وواحدة من تونس, وأخرى من الجزائر, ومن هذه القائمة سوف تفرز لجنة التحكيم الرواية الفائزة بالجائزة الاولى في شهر آذار (مارس) المقبل في ابو ظبي. فضاءات هذه الروايات تتنوع, ففيها متعة التاريخ ومآسيه, الحب وأحلامه الكسيرة, الشباب وطموحاته وإحباطاته, المرأة وتوقها الدائم الى التحرر من سلطة الذكورة, انتشار قيم جديدة في المجتمعات وأفول اخرى, تكرس الاستبداد والفساد, وهكذا. ليس من الإنصاف القول إن معظم هذه الروايات يندرج في هم المعارضة, وبالتالي الدعوة الى الثورة على الديكتاتورية, وتوقع الثورة او سواه. لو كان الامر كذلك لتورطت في التقريرية والتسييس المباشر والخطابة, وبالتالي لفقدت هذه الروايات سمات كثيرة من جوهرها وشكلها الابداعي الذي كان في الأساس جواز نسبتها الى التفوق والتميز, وهو المعيار الذي تعتمده لجان التحكيم في اختيار الاعمال الفائزة كل عام – اي القيمة الابداعية (وليس السياسية) فيها. هذه السطور تتوقف عند ما بعد القيمة الابداعية والادبية لهذه الاعمال, وتتأمل في موضوعين عريضين تعددت الاشارة اليهما مباشرة او مواربة كثيراً في فصول الروايات الفائزة, هما الانسداد السياسي والاجتماعي المطبق الذي يستلزم ثورات وانتفاضات, وتفاقم حالة التدين المهووس بالمظاهر على حساب الروحانية و «دين المعاملة». في «نساء البساتين» للروائي التونسي الحبيب السالمي نرافق استاذ الثانوية المقيم في باريس في زيارة صيفية طويلة إلى تونس زائراً بيت شقيقه وبعضاً من عائلته الكبيرة وأصدقائه. «توفيق» يأتي إلى حي «البساتين» بعد غياب سنوات طوال, ويريعه ان يرى الحي والناس الذين عرفهم طويلاً في الماضي يندرجون في نمط تديّن متسارع يركز على المظهر العام والتشاوف الجماعي: الحجاب, عدم المصافحة, صلاة الجمعة..., الخ, لكن من دون ان يخترق هذا التدين جوهر السلوك الفردي او حتى الجماعي: ديمومة النميمة, حب المظاهر والتنافس في الاستهلاك, الغدر, الكذب, الأحكام المُسبقة... الخ. «توفيق» الذي يحس بالغربة في تونس, يرصد ايضاً تدهور السياسة, وتأزم المجتمع, والرغبة الجامحة عند الجميع للهجرة, وبخاصة الشباب. «حي البساتين» ونساؤه ورجاله شريحة ممثلة لتونس المأزومة التي تواجه انسدادات في كل المجالات, ولو لم تقم الثورة التونسية، فإن قارئ الرواية سوف يقترح ان الخروج من تلك الانسدادات لا يتم إلا بثورة. ليس بعيداً من ذلك الجو الذي يرسمه الروائي المصري ناصر عراق, عن مصر في روايته «العاطل». هنا نرى مصر التحتانية, الضواحي المعدمة في القاهرة, ومراهقيها الذين يأملون في الالتحاق بالجامعة لنفض الارتباط الابدي بالفقر والعوز والانشداد إلى اسفل. بطلنا هنا, المقموع من أبيه ومجتمعه الصغير, ضعيف الشخصية دوماً, يلتحق بالجامعة ويتخرج فيها ولا يجد سوى عمل كنادل في مقهى يقدم الشاي وجمر الشيشة للزبائن. في خلفية المشهد نتابع مجتمعاً محبطاً, وشرائح اجتماعية متشظية بين مطاردة الرغيف وبين ما يطاردها من مشاهد تديّن زاحف. الناشطون السياسيون في الجامعة, اصحاب مشاريع التغيير الكبرى, يتسربون واحداً تلو الآخر الى الخارج, يبحثون عن العمل. تتراكم احباطات خريج الجامعة في العمل والحياة, والحب والجنس, ثم يساعده شقيقه للوصول الى دبي والعمل في سوبرماركت. هناك يكتشف عجزه الجنسي وعدم قدرته على مواجهة أية امرأة. في غياب المرأة تلتهب خيالاته الجنسية ويمتلك قدرته كاملة, اما عند حضورها فكل ذلك يختفي فجأة, ويصبح هو وعضوه «عاطلين». في تحليل العجز الجنسي الذي اذهله نكتشف ان جذوره قابعة في القمع الاجتماعي والعائلي الذي تعرض له. في «دمية النار» للروائي الجزائري بشير مفتي غوص تخيلي مذهل في تراتبية السلطات الخفية في الجزائر منذ نهايات عهد هواري بومدين, ثم عقد الثمانينات, وانفجار التيار الاسلامي ومعه الحرب الاهلية. يرسم لنا مفتي صورة لسلطة موازية للحكومة والنظام, هي منه وتحميه, لكنها اقوى نفوذاً منه, وهي عملياً من يدير المشهد السياسي برمته. هذه «الجماعة» هدفها البقاء في القمة والسيطرة على الجميع والتمتع بالنفوذ والثروات. ومن اجل هذا هي مستعدة لافتعال وإدارة حرب اهلية, لدفع الجماعات المسلحة الى الواجهة, ثم تنفيس الشعب من أية احتمالات للثورات. بعد الحرب الاهلية الطويلة والدموية يقول احد الجنرالات: نجحنا, فالآن انتهت طاقة الشعب في ان يقوم بأية ثورة ضدنا. «عناق عند جسر بروكلين» للروائي المصري عز الدين شكري فيشر تأخذنا إلى اميركا وأوروبا, ويظل أبطالها مرتبطين ذهاباً وإياباً من مصر وإليها. بروفسور مصري متفوق في جامعة نيويورك, سئم الاحباط العلمي وانسداد الفرص في القاهرة بعدما عاد إليها يحمل الدكتوراة في التاريخ من جامعة لندن. في نيويورك يندمج في الحياة وينجح. هو النقطة لشبكة من العلاقات العائلية والاجتماعية التي نلاحقها حوله: زوجتاه, ابناؤه, تلامذته, احباؤه, خصومه. حيوات هؤلاء جميعاً نرصدها وهم في طريقهم لحضور حفلة عيد ميلاد لحفيدته التي قصد منها لقاءهم جميعاً قبل موته المحقق بالسرطان. في الرصد التفصيلي المثير لرحلة قدومهم الى الحفل يسترجع كل منهم حياته وإحباطاته وهروبه من بلده, تحول بعضهم الى مندمج «متأمرك» وآخر إلى اصولي في قلب نيويورك يفرح لعملية تفجير البرجين في 11 أيلول (سبتمبر). ربيع جابر الذي ادهشنا في روايته «اميركا» قبل عامين وانضمت الى اللائحة القصيرة لجائزة «البوكر» آنذاك, يدهشنا ثانية في عمل بديع بعنوان «دروز بلغراد». يتحدث عن نفي الحاكم التركي لمئات من الدروز إلى البلقان بسبب القتل الذي ارتكبوه ضد المسيحيين خلال الخصومات الاهلية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في جبل لبنان. مع اولئك الدروز المنفيين يتم بالخطأ نفي حنا يعقوب, شاب مسيحي بسيط يعمل بائعاً للبيض المسلوق, حديث الزواج, وحدث أن كان قريباً من المرفأ لحظة تنفيذ النفي. رحلة النفي نفسها في بلاد البلقان والبلغار وتشتت اولئك المئات في قلاع بلغراد والهرسك وبرشتينا, والعذاب المذهل الذي واجهوه يصوره جابر بإبداع, وفي خلفية ذلك كله نرقب انهيار الدولة العثمانية, تمردات الصرب وثوراتهم, صعود القوى الاوروبية, وارتباط ذلك كله بفسيفساء الطوائف في جبل لبنان. الرواية اللبنانية الاخرى الفائزة في القائمة القصيرة هي «شريد المنازل» لجبور الدويهي, وهي عمل فني رفيع يصور طحن الهويات القاتلة في لبنان الحرب الاهلية في السبعينات. نظام العلمي طفل لعائلة مسلمة من طرابلس يتربى مع زوجين مسيحيين لا ينجبان, ومع السنوات تصبح الهوية الدينية لهذا الشاب ملتبسة لكنه مرتاح بها, هو مسلم ومسيحي في آن. لكن مع قدوم نذر الحرب الاهلية والقتل الذي انتشر على الهوية، تتحول هوية نظام الى لعنة, اذ يصبح غير معترف به من الجانبين. ينخرط على هوامش عمل حزبي شيوعي لا يعترف بكل تلك الهويات فيحب أجواءه, لكنه يكون غارقاً في قصة حب خاصة به, وغير منجذب للسياسة والنضال اساساً. «شريد المنازل» هو شريد الهويات في مجتمعات مهجوسة بها ومتوترة. * خالد حروب : محاضر وأكاديمي - جامعة كامبردج, بريطانيا khaled.hroub@yahoo.com نقلا عن الحياة اللندنية
رسالة الكاتب خالد خليفة إلى كتاب العالم
 أصدقائي الكتاب والصحافيين في كل أنحاء العالم خاصة في الصين وروسيا أود أن أعلمكم بأن شعبي يتعرض لإبادة جماعية. منذ أسبوع قامت قوات النظام السوري بتصعيد هجماتها على المدن الثائرة خاصة في مدن حمص والزبداني وريف دمشق والرستن ومضايا ووادي بردى وعين الفيجة وإدلب وقرى جبل الزاوية، ومنذ... أسبوع حتى …لقراءة المزيد
 أصدقائي الكتاب والصحافيين في كل أنحاء العالم خاصة في الصين وروسيا أود أن أعلمكم بأن شعبي يتعرض لإبادة جماعية. منذ أسبوع قامت قوات النظام السوري بتصعيد هجماتها على المدن الثائرة خاصة في مدن حمص والزبداني وريف دمشق والرستن ومضايا ووادي بردى وعين الفيجة وإدلب وقرى جبل الزاوية، ومنذ... أسبوع حتى كتابة هذه السطور سقط أكثر من ألف شهيد بينهم عدد كبير من الأطفال، ودمرت مئات المنازل فوق رؤوس ساكنيها. إن العمى الذي أصاب العالم شجع النظام على محاولة تصفية الثورة السلمية في سورية ببطش لانظير له، إن دعم روسيا والصين وإيران وصمت العالم إزاء جريمة ترتكب في وضح النهار أطلق يد النظام في قتل شعبي منذ إحدى عشر ولكن في الإسبوع الماضي ومنذ 2 شباط إلى اليوم توضحت معالم المجزرة ومشهد مئات آلاف السوريين الذين نزلوا إلى شوارع مدنهم وقراهم ليلة مجزرة الخالدية في ليلة الجمعة وفجر السبت الماضي رافعين اياديهم بالدعاء والدموع يفطر القلب ويضع التراجيديا الإنسانية السورية في قلب العالم.، في تعبير واضح لالبس فيه على اليتم الذي نشعر به بتخلي العالم عنا وإكتفاء السياسيين بالكلام وعقوبات إقتصادية لاترد قاتل ولاتلجم دبابة لاهية وموغلة في الدم. إن شعبي الذي إستقبل الموت بالصدور العارية والأغاني يتعرض الآن وفي هذه اللحظات إلى حملة إبادة جماعية، كما وتتعرض مدننا الثائرة إلى حصار غير مسبوق في تاريخ ثورات العالم، تمنع الطواقم الطبية من إسعاف الجرحى، والمشافي الميدانية تقصف بدم بارد وتُدمر، ويمنع دخول منظمات الإغاثة إضافة إلى قطع الإتصالات الهاتفية ومنع وصول الطعام والدواء إلى درجة بأن تهريب كيس دم أو حبة سيتامول إلى المناطق المنكوبة يعتبر جريمة تستحق السجن في معتقلات ستدهشون حين تعرفون التعذيب وتفاصيله ذات يوم. لم يشهد العالم في تاريخه الحديث بسالة وشجاعة كالتي أبداها السوريون الثائرون في كل مدننا وقرانا، كما لم يشهد العالم تواطئاً وصمتاً كهذا الصمت الذي يعتبر الآن شراكة في قتل وإبادة شعبي. إن شعبي هو شعب السلام والقهوة والموسيقى أتمنى ان تتذوقوها ذات يوم، وورد أتمنى أن تلفحكم عطورها لتعرفوا بأن قلب العالم اليوم يتعرض إلى إبادة جماعية والعالم كله شريك في دمنا. إنني لاأستطيع شرح كل شيء في هذه اللحظات العصيبة لكنني آمل تحرككم للتضامن مع شعبي بالوسائل التي ترونها مناسبة، وأنا أعرف بأن الكتابة تقف عاجزة وعارية أمام أصوات المدافع والدبابات والصواريخ الروسية التي تقصف مدناً ومدنيين آمنين لكنني ليس لدي أية رغبة أن يكون صمتكم شريكاً في قتل شعبي أيضاً.
(فيرتيجو) تتحول من الأدب إلى الدراما و هند صبري تقوم بالبطولة
رواية (فيرتيجو) تتحول من الأدب إلى الدراما و هند صبري تقوم بالبطولة "فيرتيجو" هي الرواية الأولى للكاتب أحمد مراد، الصادرة عن دار ميريت للنشر، والتي تأخد الطابع السينمائي في السرد، وقد تم ترجمة الرواية إلى الإنجليزية.   الجدير بالذكر أن رواية "فيرتيجو" التي كتبها أحمد مراد 2007، يجرى الآن …لقراءة المزيد
رواية (فيرتيجو) تتحول من الأدب إلى الدراما و هند صبري تقوم بالبطولة "فيرتيجو" هي الرواية الأولى للكاتب أحمد مراد، الصادرة عن دار ميريت للنشر، والتي تأخد الطابع السينمائي في السرد، وقد تم ترجمة الرواية إلى الإنجليزية.   الجدير بالذكر أن رواية "فيرتيجو" التي كتبها أحمد مراد 2007، يجرى الآن تحويلها إلى عمل درامي، فيقوم مؤلف العمل محمد ناير بوضع سياق مسلسله، بعد العديد من جلسات العمل مع الكاتب أحمد مراد، و ستقوم هند صبري ببطولة هذا العمل الدرامي، و سيخرجه عثمان أبو لبن، والمسلسل من إنتاج "الشروق للإنتاج السينمائي". ومن المقرر طرح هذا العمل في رمضان القادم. بعد الاستقرار على كامل طاقم العمل.   " أحنى رأسه في الحوض و أغمض عينيه، تاركا الماء الساخن ينسال عليها، لم تكن المرة الأولى التي ينهي فيها حيا إنسان، يرة نظرة الموت في عينيه، يشعر بالألم و هو يعتصر ضحيته من أثر المقذوف الساخن الذي هتك أنسجتها وأعضاءها واستقر ليستنفذ أسباب الحياة منها" بهذا الكلمات يتواصل أحمد مراد مع قرائه ليتشاركا في تحليل روايته. في انتظار تحويلها لعمل درامي يحمل طابع الرواية و روحها.
حياة غاندي الجنسية في كتاب ...الصدمة في الرجل الفقير المتعفف...!
بقلم عبدالاله مجيد
كتاب جديد عن المهاتما غاندي يخوض في الحياة الخاصة لأيقونة الهند الذي لم يمنعه تعففه عن النوم مع نساء عاريات والقيام بـ"تجارب" جنسية غريبة معهن. يسلط كتاب "غاندي: طموح عارٍ" للمؤرخ البريطاني جاد ادمز ضوء جديدا على أب الهند الروحي وبطل الاستقلال الذي تشكل حياته المتقشفة وعزوفه عن ملذات الدنيا عنصرا …لقراءة المزيد
كتاب جديد عن المهاتما غاندي يخوض في الحياة الخاصة لأيقونة الهند الذي لم يمنعه تعففه عن النوم مع نساء عاريات والقيام بـ"تجارب" جنسية غريبة معهن. يسلط كتاب "غاندي: طموح عارٍ" للمؤرخ البريطاني جاد ادمز ضوء جديدا على أب الهند الروحي وبطل الاستقلال الذي تشكل حياته المتقشفة وعزوفه عن ملذات الدنيا عنصرا ملازما لصورته الشعبية في الأذهان. صدر الكتاب في بريطانيا وسيوزع قريبا في الهند حيث من المؤكد ان يثير ضجة في هذا البلد الغيور على صورة زعيمه الروحي التي اصبحت مصدرا للاعتزاز القومي. كانت مواقف غاندي الغريبة من الجنس معروفة على نطاق واسع، وكتب هو نفسه يتحدث عن شعوره بالاشمئزاز والقرف من نفسه لأنه ضاجع زوجته كاستوربا وهي في الخامسة عشرة من العمر حين توفى والده عام 1885. في سنواته اللاحقة، بعدما انجب اربعة اطفال، حرَّم غاندي ممارسة الجنس حتى على الأزواج المقيمين معه في صوامعه الروحية، وكان يلقي على الرجال محاضرات حول ضرورة اللجوء الى الحمام البارد لإطفاء شهواتهم الجنسية. بعد اكثر من 60 عاما على وفاة غاندي درس المؤرخ آدمز مئات الصفحات من كتاباته واقوال شهود عاصروه لبناء صورة عما كان يجري وراء الأبواب المغلقة في حياة رجل يعتبر قديسا وأب الأمة الهندية في آن واحد. لاحظ المؤلف في حديث صحفي حجم ما كتبه غاندي عن الجنس قائلا اننا عندما ننظر الى جنسوية غاندي نجد انه عاش حياة جنسية طبيعية تماما في الشطر الأول من حياته لا تختلف عن حياة أي انسان آخر في هذا العالم يتزوج ويبني عائلة من اربعة افراد. واضاف آدمز ان ما اثار اهتمامه في حياة غاندي القرار الذي اتخذه في عام 1900 بأن التعفف فكرة صائبة. وبعد ست سنوات على قراره يقطع على نفسه عهدا ويبدأ حياة من الزهد والعفاف. ولكن على الضد من صورة الزاهد الهندوسي المتعفف عن ملذات الدنيا كان غاندي في السنوات اللاحقة من حياته كثيرا ما يستحم مع حسناوات شابات ويسلِّم جسمه للتدليك عاريا وينام في فراش واحد مع واحدة أو اكثر من اتباعه النساء، على ما يذهب آدمز في كتابه. يعترف المؤلف بأنه لا يملك دليلا على ان غاندي نكث بعهد العفة الذي قطعه على نفسه مع أي من هؤلاء النساء رغم تعريفه المحدود لفكرة العفة. ويقول آدمز ان غاندي "يتحدث عن الايلاج ولكنه يعرِّف الجنس تعريفا محدودا يتجاهل معه العديد من النشاطات التي يعتبرها كثير من الأشخاص نشاطات حسية إن لم تكن جنسية فعلا وممارسة". ويرى المؤرخ البريطاني ان غاندي "كان ينتظر من هؤلاء النساء ان يستثيرنه جنسيا ليتمكن من إثبات مقاومته ضد الأغراء". وكانت من المشاركات في هذه الاختبارات سوشيلا نايار شقيقة سكرتيرة غاندي، ومانو حفيدة أخيه ابنة الثمانية عشر عاما. في حالات أخرى كان غاندي يدعو زوجات رجال مقيمين في صومعته الى مشاطرته الفراش رغم تحريمه عليهن النوم مع ازواجهن، الأمر الذي اثار شكاوى من بعض اتباعه الذكور الذي كانوا من اشد انصاره تفانيا من أجل قضيته. ويعتقد الكاتب ان هذه "التجارب" كانت اشبه بلعبة تعرٍ يُمارس فيها نشاط جنسي بلا اتصال جسدي. وهو يقول ان غاندي "أراد ان يرى إن كانت السيطرة على الجنس ممكنة لأنه كان يشعر ان الجنس قوة عاتية". كان غاندي يؤمن بحفظ سائله المنوي الذي رأى فيه مصدرا للطاقة الروحية. وكانت آراء غاندي ونشاطاته هذه سببا لامتعاض رفيقه في النضال من اجل استقلال الهند ورئيس وزرائها الأول بعد الاستقلال جواهرلال نهرو. ويقول المؤرخ آدمز ان نهرو كان ينظر الى هذه الممارسات على انها شاذة ونأى بنفسه تماما عن سلوك غاندي. تزوج غاندي من كاستوربا حين كانت في الثالثة عشرة من العمر وعاشت معه حياة من المعاناة المريرة بسبب غيابه فترات طويلة وتعامله الجاف احيانا مع اطفاله وإمساكه عن الأكل الذي كثيرا ما كان يستمر فيه الى حد التطرف. ويبدو انها جارت زوجها في تجارب العفة والجنس والصيام ولكن على ممض. ويقول آدمز ان كاستوربا كانت لا تقيم اعتبارا يُذكر للقيود التي يفرضها زوجها على الأكل أو ممارساته الأخرى ولكنها جارته لأنها كانت زوجة هندوسية وفية ورعة. يلاحظ المؤلف ان ممارسات غاندي كانت موضع نقاش عام في حياته ولكن بعد اغتياله عام 1948 زُينت تفاصيل حياته في مجرى عمليه رفعه الى مرتبة الأيقونة القومية. وتنقل صحيفة ذي سدني مورننغ هيرالد الاسترالية عن آدمز قوله ان البحث في جنسوية الفرد، أي فرد، لفهمها لا يؤدي بالضرورة الى حكم سلبي عليه. يعمل مؤلف "غاندي: طموح عارٍ" زميل ابحاث زائرا في جامعة لندن وكتب سير حياة السياسي العمالي البريطانية توني بين ورائدة الحركة النسوية البريطانية ايملين بانكهرست وعائلة نهرو في الهند عن موقع إيلاف http://www.elaph.com/l
كاتبة من أصل عربي تُعرّي حياة كارلا ساركوزي
بقلم حسام مصطفى إبراهيم
  يصدر خلال الأيام القليلة المقبلة في فرنسا، كتاب جديد يتناول تفاصيل وخبايا الحياة السرية لعارضة الأزياء السابقة وقرينة الرئيس الفرنسي الحالية كارلا ساركوزي، على الرغم من عدم حصول مؤلفته على تصاريح بنشر الكتاب، سواء من الرئاسة الفرنسية أو كارلا نفسها. ومن المتوقع أن يتسبب الكتاب في إثارة …لقراءة المزيد
  يصدر خلال الأيام القليلة المقبلة في فرنسا، كتاب جديد يتناول تفاصيل وخبايا الحياة السرية لعارضة الأزياء السابقة وقرينة الرئيس الفرنسي الحالية كارلا ساركوزي، على الرغم من عدم حصول مؤلفته على تصاريح بنشر الكتاب، سواء من الرئاسة الفرنسية أو كارلا نفسها. ومن المتوقع أن يتسبب الكتاب في إثارة الكثير من الجدل، لحساسية محتواه، وحساسية الشخصية التي يتحدث عنها، ولكن يبدو أن مؤلفته، الكاتبة الصحفية الفرنسية بسمة لاهورى -عربية الأصل- لا تبالي بكل ذلك، ولا تفكر إلا في عرض الحقائق التي تقول إنها قد توصلت إليها بخصوص حياة كارلا. ووفقا لما جاء في مجلة "لوبوان" الفرنسية، فإن دار "فلاماريون" -ناشرة الكتاب- تدرك تماما خطورة نشر كتاب لا يحظى بموافقة الإليزيه، ومن ثم فقد اتخذت مجموعة من الإجراءات، لتحصين نفسها، مثل أخذ آراء مجموعة من كبار المحامين حول قانونية ما تفعله، حتى تجنب نفسها الدخول في صراعات قانونية، لا قبل لها بها. لاهوري -مؤلفة الكتاب- تؤكد أن الكتاب يستند إلى الحقائق وحدها والتي حصلت على 80% منها، من أشخاص مقربين للغاية لكارلا، وينتمون إلى فئات عمرية ومهنية مختلفة، فمنهم النواب في البرلمان الفرنسي، ومنهم المصورون، والمصممون، وغيرهم. وضمن فصول الكتاب، كانت لاهوري تحرص على ذكر التصريح منسوبا لصاحبه بالاسم، حتى ترفع عن نفسها أي حرج أو مسئولية، وتوضّح بالضبط من أين حصلت على هذه المعلومة. نقلا عن: www.gn4me.com
إعتراف بالخيانة من أجل بيع كتاب
بقلم منجي جيرار
هل يواصل الممثل الأميركي أرنولد شوارتزينغر أداء دور غلادياتور على مسرح الحياة ايضا؟ أم  أن الحياة هذه المرة هي التي لعبت دور غلادياتور معه؟ و هي تكشف في كتاب خيانته لزوجته ماريا شيفر سنة 2006 علما أنه رغم زواجه الذي يقوم على دعامات قوية تتمثل في أربعة أولاد، لم تسقط عنه أبدا صفة الرجل الذي يركض …لقراءة المزيد
هل يواصل الممثل الأميركي أرنولد شوارتزينغر أداء دور غلادياتور على مسرح الحياة ايضا؟ أم  أن الحياة هذه المرة هي التي لعبت دور غلادياتور معه؟ و هي تكشف في كتاب خيانته لزوجته ماريا شيفر سنة 2006 علما أنه رغم زواجه الذي يقوم على دعامات قوية تتمثل في أربعة أولاد، لم تسقط عنه أبدا صفة الرجل الذي يركض خلف التنانير، و يكفي أنه سنة 2003 إعترفت ست نساء على أنهن أقمن علاقة جنسية معه و لكنه تمسك ببراءته و أقسم أنه لم يخن زوجته أبدا، فما الذي جعله اليوم يعترف بخيانة وقعت سنة 2006، هل إستعمل الخيانة كورقة إشهارية للكتاب، أم  إستعملها ورقة لعودته لواجهة الشائعات الإعلامية و كلام المجتمع...هل إشتاق لثرثرة الصالونات الراقية و الطبقات المخملية بعد أن أصبح مجرد سيناتور تأكل السياسة يوما بعد يوم تاريخ شهرته الطويل.و لماذا اليوم ؟ و هل هناك سر ما تخفيه الإبتسامة الجميلة لعائلة شوارتزنغير؟ مؤقتا نرى القبلات التاريخية بينه و بين زوجته قد اخذها الريح، و العصافير الأربعة التي كانت تحيط به قد أوشكت على الطيران...و في هذه الظروف تحل أزمة العمر على بطل الأجساد الجميلة و قد تغير مسار حياته بشكل غير متوقع.
انكسارت المؤنّث في "صابون" رشا الأطرش
بقلم هايل شرف الدين
غالباً ما تُستخدم صورة البطريق في التحليل النفسي كرمز للتعبير عن "الانزلاق" إلى أعماق الذات البشرية، وفي رواية "صابون" (دار الساقي) لرشا الأطرش تنزلق بطلة الرواية غادة بسبب هذا الصابون - إلى عالمها الداخلي الذي كانت قد حظرته على نفسها. وما بين الانزلاق السيكولوجي والانزلاق الأدبي، ثمة انزلاقٌ آخر …لقراءة المزيد
غالباً ما تُستخدم صورة البطريق في التحليل النفسي كرمز للتعبير عن "الانزلاق" إلى أعماق الذات البشرية، وفي رواية "صابون" (دار الساقي) لرشا الأطرش تنزلق بطلة الرواية غادة بسبب هذا الصابون - إلى عالمها الداخلي الذي كانت قد حظرته على نفسها. وما بين الانزلاق السيكولوجي والانزلاق الأدبي، ثمة انزلاقٌ آخر تعيشه غادة هو انزلاقها العاطفي تجاه من أحبّت. غادة الشابة الثلاثينية التي تعمل في محل لبيع مستحضرات التجميل وسوائل الاستحمام والتي تعيش حالة خيبة أمل تجاه أقرب ثلاث إناث إلى حياتها أمها وأختها وخالتها. والغريب في الأمر أن ما تسميه غادة بـ"الانكسارات" قد جاءتها فقط من خلال شخصيات مؤنثة. سميرة أمها الثرثارة على حد قول غادة السكوتة في بداية النهار والتي قد تربّت على صوت قهقهاتها مع خالتها بهية (الأرملة)، والتي تحتفظ في خزانتها بمستحضرات "اليزابيث آردن" للعناية بالوجه وزجاجات العطر مع الماركة الأميركية التي أخلصت لسنوات في شرائها. أما منى أختها التي حصلت على شهادة البكالوريا من مدرسة نصف خاصة فقد تقدّم إلى خطبتها شاب مغترب في أستراليا. منى تستأنس صبحيات القهوة مع الجارات (عكس غادة) وتلازم أمّها في زياراتها وتسوّقها وسهراتها الليلية. كانت غادة " تقاوم" نموذج أمّها المتكرر في صورتَين أُخريَين، ربما أحسّت بأنها قد أخذت حب الماكياج واللانجوري من خالتها التي هي صورة عن أمّها وهذا ما لا تريده هي وقد حاولت محاربته حتى عندما فكرت بالحب فهي سلكت طريقاً مختلفاً عن الطريق الذي سلكته منى النسخة الأخرى عن أمّها سميرة، لقد كان هدف غادة الأساسي ألا تكون أمها وحسب. تصف الكاتبة الأشياء من حول غادة بدقة واسلوب ذكي ولغة أنيقة جذّابة على بساطتها: "ردهة الإستقبال شاسعة. أرضيتها الرخامية سكّرية اللون، لامعة لا يخلو أي من جدرانها من لوحة تجريدية أو شاشة مسطحة تقلب صورها الشاشات أيضاً لوحات مسطحة، حية، خرساء، ترقص أو يحتلها مطرب مكتوم الصوت يفرد ذراعَيه وعلى وجهه تأثر بالغ أجساد طويلة تتبختر فوق منصة حتمية، ملابس وتسريحات وعيون مزركشة بخطوط لا يُرى مثلها في سهرات بيروت". أو في القسم الأخير من الرواية: "بثيابها تكوّرت على السرير كجنين يرتاح في مائه أغمضت عينيها، ثم خرجت من ذاتها لتفحصها. لم ترَ الكثير. ولعلها رأت كثيراً لا يسعها الجزم به. كما الجيوش الجرّارة في الأفلام الضخمة، لا يعود يبين سوى جمعها إذ يتداخل البشر بالأحصنة، من ذا الذي يسقط أولاً؟ الفستان الأسود يشف عن أبيض، الأسطر كالمربعات، أستريد تغني بالدومينيكانية وتطير الى القمر، قميص الجنون يربطها إلى سجادة صفراء... وهاتفها الأصم الأخرس أي زحمة هذه؟ أي معركة لا بأس ما زال هناك متسع. ما زال النهار على طوله. وبإمكان الليل أن يتأخر". "صابون" أكثر من رواية أولى، لروائية أخذت وقتها - كما يبدو - حتى تعلن عن نفسها راوئية متميزة. عن المستقبل اللبنانية
سارة النواف...قاصة من الإمارات
بقلم ماجد نورالدين
تحتل الكتابة النسوية مكانة استثنائية في المشهد الثقافي الإماراتي. فهي غنية بأقلامها واسمائها. مبادرة في موضوعاتها. غزيرة في انتاجها. متنوعة في إبداعاتها ما بين الشعر والقصة والرواية والريشة. هنا إطلالات على “نصف” المشهد الثقافي الإماراتي، لا تدعي الدقة والكمال، ولكنها ضرورية كمدخل …لقراءة المزيد
تحتل الكتابة النسوية مكانة استثنائية في المشهد الثقافي الإماراتي. فهي غنية بأقلامها واسمائها. مبادرة في موضوعاتها. غزيرة في انتاجها. متنوعة في إبداعاتها ما بين الشعر والقصة والرواية والريشة. هنا إطلالات على “نصف” المشهد الثقافي الإماراتي، لا تدعي الدقة والكمال، ولكنها ضرورية كمدخل للاسترجاع والقراءة المتجددة. تعتبر القاصة الإماراتية سارة النَواف من الكاتبات الاستثنائيات في مجال صياغة قصة قصيرة معاصرة، فهي تمتلك لغة جميلة، منفتحة على الواقع وتؤدي إلى فهمه، وإنتاج معالجة فنية ذات رؤيا تستطيع ترجمة واستبطان مشاعر الإنسان في معظم حالاته. وربما يمكن اعتبارها أيضا من جيل الكاتبات اللواتي امتلكن حدَ الجرأة على التقاليد في طريقة القول والقص.. من ذلك يمكن القول إنها كاتبة تملك أدواتها التعبيرية لتميز وجمال أعمالها القصصية ذات النزعة التجديدية على مستوى اللغة والجماليات، ومرونة التعبير، والقالب السردي التخييلي، وطريقة الكتابة عندما تعبر عن المرأة المستغلة في مجتمعها، حينما تكون هذه المرأة وفي نفسها إحساس طائر يحبس في قفص. لذلك يمكن القول بأنها من أهم الكاتبات اللواتي أولين قضية الحرية وتأكيد قيم العدالة اهتمامهن من خلال قصص مشحونة بلغة رفيعة المستوى، وصراع يعلن رفع الحدود أمام مسيرة البشر الطامحين إلى غد أفضل. ومن ذلك قصتها “إلى جهنم” وكيف حاولت فيها رصد ظاهرة العمالة الوافدة من خلال تصوير حركة مجموعة من الناس في أحد الشوارع، مستخدمة تقنية (الرواي) في تسجيل حالة الشارع وتنامي الحدث إلى ذروته في تصوير بديع لحالة المدينة التي تختنق بفعل زحام الناس والعمال الوافدين: “بائع الجرائد يبكي وجمهرة من الناس حوله.. خليط من أجناس وأشكال مختلفة..”. إنه تصوير نابع من روح الشخصية التي صدرتها لنا القاصة في واقعها المعاش، وقد جاءت معظم شخصيات القصة في إطارها المنطقي من حيث الشكل واللغة والوصف والإيقاع وحتى الموسيقى الداخلية والمكان، وهي عملية معقدة وشاقة في أحد معانيها في اختراقها للواقع، أو على نحو ما يقوله الناقد الأميركي رولاند ميرلاس: “إن القصة تنظر الى الشخصية وسط ظروفها البيئية من خلال خمسة احتمالات ممكنة، تنتهي عند واحد منها محصلة العلاقات أو الصراع، حتى تصل القصة الى نهايتها المنطقية”. إن كافة الشخصيات هنا تأخذ من البيئة تكوينها الخارجي المظهري مع التأكيد على حالتي الزمان والمكان. هذا المستوى من التعامل البيئي أكسب القاصة تميزاً في تحديد الأنماط المعيشية في إطار يحفظ للقصة منطقيتها في مناقشة موضوع العمالة الوافدة، وهو موضوع أثير لدى العديد من الكتاب الإماراتيين في مختلف المجالات الإبداعية، حيث من الطبيعي أن تنشأ تناقضات عديدة في المجتمع على أثر الطفرة الاقتصادية والاجتماعية وحياة ما بعد اكتشاف النفط، ولا غرو إذن ونحن نرى سارة النواف تعالج هذه المسألة المتعلقة بتصوير آثار النقلة الحضارية ما بين مظاهر الرفاه والفتنة والتحدي. وفي حوار معها تؤكد النواف أن المناخ الحضاري ومساحة الحرية المفتوحة للكتاب في الإمارات أسهما كثيراً في مناقشتها للعديد من الأفكار والظواهر الطافية على السطح الاجتماعي، وعن ذلك تضيف في الحوار: “من خلال خبرتي الشخصية وجدت أن هامش الحرية في الإمارات مفتوح منذ بدأت تجربة الكتابة وحتى الآن، سواء كانت الكتابة الورقية أو النشر في الجرائد والمجلات، والمواقع الإلكترونية أو حتى من حيث إنشاء مواقع إلكترونية بغرض النشر. في كل هذا لم أجد أي تضييق للخناق أو مضايقات من قبل المؤسسات في المجتمع. الحياة بصورة عامة ليست أخذاً فقط، وحرياتنا تتوقف عند حريات الآخرين، ولكل إنسان إن كان كاتباً أو شخصاً بسيطاً يعيش على هامش الحياة حدود ومدى. والمؤسسات الثقافية في الإمارات تساعد بشدة على الكتابة الإبداعية والنشر، والمجتمع بصفة عامة مجتمع متفتح وواع وسريع التكيف. وهذه الحالة التي اكتسبها المجتمع الإماراتي من خلال التطور السريع المتلاحق للدولة مما أكسبنا صفة القدرة على التكيف والاندماج، حيث إننا ندور بنفس دوران ما يحدث حولنا، ويبقى لكل مجتمع خصوصيته وخطوطه الحمراء. وفي قناعتي الخاصة لا أرى أي عمل يعمل على تجريح الوطن وتقطيعه انه عمل إبداعي”. جائزة ونشاط أصدرت سارة النَواف، الحاصلة على جائزة الشيخ راشد بن حميد للعلوم والثقافة بعجمان عام 1996 عن قصتها “طاخ.. طاخ.. طاخ”، ثلاث مجموعات قصصية الأولى وحملت عنوان “كلنا كلنا نحب البحر”، والثانية “نسمات من الخليج”، والثالثة “بحر لا يغيب أبدا”. ترجمت بعض قصصها إلى اللغة الإنجليزية بمساعدة وإشراف الدكتور بيتر كلارك مدير المجلس الثقافي البريطاني بدبي، ومن ثم في دمشق، ونشرت هذه الترجمات في لندن في الفترة ما بين 1991 إلى 1994. كما تمت ترجمة بعض أعمالها إلى اللغة الألمانية بمساعدة وإشراف المؤرخة جيل رامزي الأستاذة بجامعة أوبسالا في السويد، في الفترة ما بين 1998 إلى 2003. كما تم تحويل قصتها “المفاجأة” إلى تمثيلية إذاعية لمصلحة إذاعة دبي تحت عنوان “درر من الخليج”، كذلك حوّلت قصتها “العانس” إلى سهرة درامية تلفزيونية. وقد شجعها ذلك على دخول مجال الكتابة للمسرح، حيث كتبت أولى مسرحياتها بعنوان “ابتدأ الدرس يا خالد” وعرضت في إطار نشاطات مسرح الشارقة الحديث. كما كتبت مسرحية للأطفال بعنوان “الأميرة والنَاي السحري” لمصلحة مسرح عجمان الحديث. أما الحضور اللافت للقاصة سارة النَواف سواء على المستوى النقدي، أو على مستوى المشاركة في الأمسيات والمنتديات الثقافية والأدبية، فقد أسهم في اكتسابها عضوية لجنة الكَتاب والأدباء في المجلس العالمي للصحافة التابع للمجلس الاستشاري بالمجلس العالمي للصحافة بالمنطقة العربية. ويهدف عمل هذه اللجنة إلى إثراء الحركة الأدبية والثقافية ودعم الشعراء والمفكرين وتحسين المهارات المهنية والتحقق من توافر حرية الرأي واستقلال الأدباء والكتَاب والشعراء. كما أسهم ذلك في وضعها في دائرة النقد الأدبي العربي، ومن ذلك ما ورد في عرض الناقد العراقي عبد الإله الصائغ لكتاب “النقد الأدبي الأنثوي العربي” للباحثة العراقية دجله أحمد محمد آل رسول السماوي الصادر عن جامعة ذمار اليمنية عام 2009. والكتاب كما هي بلورته رسالة علمية نالت عنه الباحثة درجة الماجستير من الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك. وقد عالج الكتاب موضوعين مهمين هما: نقد النقد، والأدب الأنثوي. ومما جاء في الموضوع الثاني نقتطف: “... ومثل ذلك يمكننا فعله مع القاصة السودانية بثينة خضر مكي، التي جعلت التماهي بين الواقع المزري والواقع المتخيل دون أن تتورط في ردم الفجوة بين الواقعين، كما يمكننا المتابعة على النول ذاته مع قصص فاطمة وأسماء الزرعوني وميسلون هادي وشيخة الناخي وسارة النواف وهدية حسين، ممن أسهمن فعلياً في تبكيت الضمير الجمعي العربي وانتصرن لحضارة الجنسين!”. سارة النَواف عضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، حاصلة على شهادة البكالوريوس في علم النفس من جامعة الإمارات، نائب رئيس مجلس إدارة رابطة الأديبات الإماراتيات، عضو اللجنة الإشرافية على مجلة “أشرعة” هي من جيل الثمانيات، حيث الخصوبة الثقافية والفكرية في تلك الفترة، نجحت في تأكيد صوتها الإبداعي خلال وقت قياسي نسبة إلى زميلاتها في باقي دول الخليج العربية. وتقول النواف حول اهتمامها بالعمل في إطار المؤسسات الثقافية المحلية: “العضوية في المؤسسات الثقافية هامة اذ أنها تحدد هوية الكاتب المبدع وتبني له الإطار الفكري المناسب، ولكنها لا تصنع كاتبا من عدم، وما يحدث هنا في الإمارات هو ما يحدث في عموم المؤسسات الثقافية في أي مكان آخر، حيث إن هناك مجموعة تسعى للعمل الإبداعي، ومجموعة أخرى تجعل من العمل الإبداعي سلماً وجسراً للتسلق الى المناصب الإدارية ومن ثم البدء في الحروب الخاصة لتحقيق المزيد من البريق”. جماليات البناء شكلت قصة “درب أم الدويس” لسارة النواف مادة خصبة للدراسة والبحث الأكاديمي والنقدي، نظراً لقيمتها الفنية، وما احتوته من جماليات اللغة والبناء الفني والصورة المشهدية العالية. وقد تناول الباحثان حسين الهنداوي، وحاتم قاسم القصة بدراسة تحت عنوان “المونولوج الداخلي والبحث عن الذات التائهة في قصة درب أم الدويس” والتي تتسم بنفس مسرحي على مستوى استخدام الحوار. ونقتطف مما جاء في الدراسة: “درب أم الدويس بحث مضن من الكاتبة عن الذات التائهة في تلافيف اللاشعور وفي أعماق اللاوعي الذي اختزن الآخر مخلوقاً يتصور وجوده مزاحماً له فبين “أم الدويس” الحقيقة و”أم الدويس” الخيال يقف الإنسان حائراً باحثاً عن الوجود الحقيقي. والكاتبة سارة النواف في نصها تحاول أن تخرج الأسطورة الشعبية من قمقمها لتحولها الى واقع اجتماعي إنساني يعكس صورة الإنسان في ذروة مجده. فأم الدويس في العقل الباطن لكل إنسان يعيش في أرض الخليج، امرأة ساحرة جميلة معطاءة يتمنى الرجال لقاءها ومحادثتها، و”أم الدويس” في العقل الواعي هي المرأة التي تفاجئك بعيون قطة مخيفة مرعبة وبساقين منجليين يستطيعان قطع الرؤوس. قدمت الكاتبة صورتين للمرأة الأولى الفتاة الجميلة في ريعان شبابها وأنوثتها. والثانية صورة المرأة في غياب شمس الجمال عنها بسبب تراكم السنين”. لقد استخدمت الكاتبة في قصة “درب أم الدويس” مستوى رمزياً من دمج المتخيل بالواقع من خلال “مونولوج داخلي” جميل داخل المرأة المزدوجة المشاعر، بلغة شفافة تحمل في معطياتها وحياً لمعان أكبر من الكلمات، مع تصوير لتصعيد الحالة النفسية للبطلة، بلغة معبرة، تصاعدت مع توتر الحدث ووصوله إلى لحظة الذروة في إطار الفكرة الفلسفية التي تناولتها القاصة حول حقيقة الخلود على هذه الأرض: “تمشي.. تحث الخطى.. تلتصق بالجدار الرطب.. تنصت أكثر.. لعل الصوت يدلها على مصدر الضوء الخافت الذي كلما تدنو منه يخالجها إحساس أنها وصلت.. تفاجئ أنها لا تزال بعيدة. نقاط مطرية باردة تهطل على رأسها وكتفيها. تزداد أحيانا وتكون غزيرة.. وتكاد أحيانا أن تتوقف ـ من القصة”. لقد طرحت الكاتبة المرأة كنموذج رئيسي لقصتها من خلال وعي فلسفي مشحون بذاكرة الذات، حينما تقمصت الكاتبة شخصية “أم الدويس” لتبحث من خلال هذه التقنية عن ذاتها، وكأنها دون أن تقصد اشتغلت على آلية الحلم، وهي واحدة من أخطر الآليات الداخلة في العمل الإبداعي في إطار التذكر والحلم والتجربة. إنها قصة ذات أبعاد دلالية كثيرة، فهي تقرض من الشعر لغته الفنية، فتنقل القارئ من نص قصصي إلى نص مشحون بالشعر، ولو أنك تصفحت تلك اللغة الشعرية في القصة لوجدت عزفاً حزيناً يصحبها، وكأنك تستمع إلى شريط موسيقي يكسر أعتابها من ذلك الحنين والدفء الإنساني الذي يلف اليدين الباردتين: “ترفع عباءتها وتغطي رأسها لتحمي نفسها من البلل ولكن عباءتها تجمع مياه المطر لتسيل على ثوبها فيرتجف بردا جسدها المرتجف خوفا.. رائحة الموت غريبة في البيوت الخربة.. بيوت بلا أسقف أو نوافد أو أبواب.. بقايا خربة لبيوت كانت ذات يوم عامرة.. قدماها تغوصان في بحيرات المياه الصغيرة التي تملأ الأزقة والمداخل.. مزيج من الوحل والطين يلطخ ساقيها وثيابها.. وتتابع السير”. حضور الموت موضوعة “الموت” احتلت مساحة كبيرة في معظم النصوص السردية الأنثوية، سواء على مستوى الموت كلغة صريحة وفيزيولوجية، أو على مستوى الموت بلغته الرمزية ودلالاته النفسية والفلسفية. ولم تكن سارة النواف بعيدة عن اللعب في هذه الدائرة الأثيرة حتى بالنسبة للإنسان العادي، فقد عبرت عنه من خلال مكنوناتها الداخلية ورؤيتها الخاصة للحياة، فهو يتحول عندها إلى مفهوم آخر عن الفقد والغياب وأزمة الإنسان تجاه حقيقة الوجود. ومن ذلك مضمون قصتها بعنوان “النوخذة” من مجموعتها القصصية “حوار صامت” حيث يصبح الموت هو الحل، وهو الخروج من المأزق، وبذلك يشكل “الخلاص” نهاية لبطلة القصة التي لم تستطع التحدي أو التصدي للظلم. تماما على النحو الذي شاهدناه يحدث لبطل مجموعة “الصهيل الأبيض ـ 1961” لزكريا تامر، حيث يواجه البطل عالمه برغبة في الانسحاب منه، فالموت هو الجواد الأبيض الذي يناديه ليصحبه في رحلته للمروج الخضر. ثمة حضور نوعي لفكرة الموت عند سارة، انه شكل آخر من أشكال الحياة في متاهات الاستسلام للمصير، هنا قلق دائم وخوف من التقدم في العمر، ومن ثم الخوف من النهايات غير المعلنة، لدرجة أن الموت أصبح مفتوحا كجرح في خاصرة الكلمات: “قالت لي إن القبور المفتوحة شؤم.. فالقبر الجاهز ينادي صاحبه، ويناديه ليترك الدنيا، ويأتي إلى القبر”. هذه قصة نموذجية من حيث هي تضم موضوعا شموليا مؤرقا على المستوى الإنساني، ومن حيث صياغتها التي تعتمد على الجملة القصيرة المحددة التي بمقدورها أن توحي بحالة شعورية كاملة، أما تلك الصور التي رسمتها الكاتبة لتطور الحالة النفسية للبطلة المأزومة، فقد تم استخدامها على نحو شاعري فريد، بحيث يمكن أن تكون هذه الحالة لأي إنسان على هذه الأرض. إنه نص سردي جميل، تغريك مفرداته بالعاطفة المتوقدة الصادقة لأن تقرأ بوح تلك الكلمات التي نحتتها القاصة من نسغ روحها المجدولة بسؤال الوجود الغامض والمؤرق لوجدان كل من كتب في هذا الجانب المأساوي، ولسان حالها يقول مما ورد على لسان بطلتها.. إننا نعيش كحصان مشاكس لا تستطيع أن تسرجه وأنت تعيش بين موتين بصمت، موت يحمل إليك مرارة الموقف والحياة بمرارة صورها، وموت ميثيولوجي يتمثل أمام الذات كل لحظة. وكأن هذه الرمزية البديعة التي رسمتها الكاتبة ترسم لنا ذلك الشعار الأبدي أن الإنسان لا يحصل في النهاية إلا على تلك الثمار الحنظلية ما قبل الموت وبعده. ألم يقل أوديب الإغريقي يوما في مسرحية سوفوكليس “أوديب ملكا” أن لا سعادة للإنسان إلا في القبر. إن سارة النواف صاحبة قلم رشيق، إنه مثل سيف، لكنه سيف من حرير، ويكتب بحبر أنثوي، لكنه في النهاية يفصح بجرأة عن المسكوت عنه في ضمير المجتمع ولو من خلال مناقشة موضوع الموت. للقاصة سارة النواف بصمتها أيضا في تناول مشكلة (الإدمان عند الشباب) في الداخل والخارج، وخطورة هذا التناول لا تتحقق فقط في موت بطل القصة (راشد) بفعل الإدمان، بل في تلك الإشارة التي جاءت في شكل ورقة إدانة واتهام للمجتمع الذي يسهم بصورة أو بأخرى في بروز مثل هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة من خلال قدرتها على رسم الصورة الضبابية لشخصيات القصة، كاشفة بذلك بعض السلبيات التي يعاني منها المجتمع، والمطالبة بإعادة ترتيب العلاقات بين الأجيال في ضوء المتغيرات الفكرية المتسارعة، مترجمة أحاسيسها تجاه هذه القضية بكل صدق ووعي وبساطة. سارة النواف في جانب آخر من مسيرتها الإبداعية لها اهتمام نوعي بالأدباء والمثقفين العرب من خلال “موسوعة الأدباء العرب”، فهي تشرف على القائمة الأدبية في الإنترنت وهي قائمة بلغ عدد أعضائها نحو 6000 مشترك من ذوي الاهتمامات الأدبية والثقافية والفكرية. حول انطباعها عن دور الإنترنت في المشهد الثقافي العربي والتأثيرات السلبية والإيجابية التي أحدثها قالت: “الإنترنت بصورة عامة أحدث ثورة نوعية في المشهد الثقافي في العالم كله وليس العربي فقط، رغم السلبيات التي ظهرت ومنها ظاهرة السرقات الأدبية ومدعو الأدب، الا أن الإيجابيات الكثيرة والمتميزة تجعل للإنترنت مكانة كبيرة، حيث برز جيل جديد من كتاب الإنترنت وهم أدباء وأديبات ليس لهم أية إصدارات ورقية أو مواد منشورة في المطبوعات الورقية، ولكنهم في المقابل نالوا شهرة أدبية عريضة من خلال الإنترنت، بالإضافة الى النشر عبر شبكة المعلومات يتميز بمواصفات مفقودة في النشر الورقي أهمها سرعة النشر والانتشار والتواصل مع القراء والزوار، ومسألة الحدود والمكان وحتى الزمان تتلاشى عند النشر على الإنترنت، ومن أهم التأثيرات تراجع أهمية الكتاب المطبوع والنشر الورقي، حيث أصبح أغلب الأدباء يميلون الى النشر الرقمي لأنه في تقديرهم متطور أكثر ويحمل مؤثرات غير موجودة في الورقي كالموسيقى وغيرها”. انكسارات سياسية وفي معرض ردها على سؤال حول هموم وتطلعات وأحلام الإنسان العربي من خلال الخطاب الثقافي قالت النواف: “في فترة ما كانت الكلمة تغير أموراً كثيرة، ولا تزال للكلمة مقامها وقدرتها في بعض المجتمعات، أما في مجتمعاتنا العربية فهي لا تحرك ساكناً، وكتّاب اليوم غارقون في الهم الذاتي، يعبرون ربما عن حال الأمة، ولكنه مجرد تعبير وانكسار للكلمات على الورق. والكاتب هو إنسان قبل أي شيء وما ينطبق على غيره من الإحباطات الناتجة عن ضغوط الحياة، ينطبق عليه أكثر بصورة مضاعفة وذلك يعود لطبيعة الكاتب النفسية التي جعلت منه في الأساس كاتبا، فردود الأفعال تجاه متغيرات الحياة تكون لدى الكاتب أكثر حدة ووضوحا، خاصة لدى الكتاب الذين تعاني دولهم من انكسارات سياسية أو ضغوطات عالمية، بالإضافة الى أحوالهم النفسية من خلال عيشهم في المهجر أو حتى البقاء في الوطن، ولكن تحت ضغط نفسي، هذه الأمور الشائكة تؤدي بالكاتب إلى الانصهار في انكساراته حيث لا يستطيع الانفصال عنها وبالتالي يغرق في الذاتية والتي يرى أنها تعبر عن حاله الذي هو مثل حال أمته..”. تبقى سارة النواف واحدة من ذلك الجيل الثمانيني الجميل وفضاءاته الحميمية على مستوى الفكر والمضمون والشكل، الذي كتب لنا بأصالة وعمق وصدق شديد، بلغة متقنة محكمة وموازين الفترة بكل حمولاتها، ومضامين نابعة من البيئة والظاهرة الاجتماعية، ولعل النواف هنا وقد أثارت العديد من القضايا والمسائل الشائكة في قصصها وبخاصة في موضوع المرأة ، إنما تمثل حالة خاصة، إنها لا تثير الجدل فحسب، ولكنها تثير الاهتمام من خلال أسلوبها ومفرداتها المقتصدة في سردها القصصي الممتلئ بالصور والمشهدية وحسن استخدام الحوار في المسرح، وتضمينه في إطار جذاب، ونحسب أن ذلك من أهم العوامل التي أثرت في بناء شخصيتها وهويتها الكتابية. يقول بورخيس: “إن الكتب الحقيقية تحتاج إلى زمن طويل كي تقرأ من جديد..”. ونختتم: هل يقصد بورخيس أن هناك كتبا حقيقية وأخرى مزيفة؟ وماذا يعني بالحقيقية هل الكتب الحقيقية هي التي تؤثر فينا لفترة من الزمن ويدفعنا الحنين لها بإعادة اكتشافها وقراءتها من جديد؟ إذا كان هذا ما يقصده، فإن قراءتنا الجديدة لإبداع سارة النواف كانت في محلها، لأنها كاتبة حقيقية بكل المقاييس. عن الإتحاد الإماراتية
فضيحة ألمانيا الثقافية لعام 2010
بقلم نجم والي
من يتابع النقاش الدائر على الصفحات الثقافية للصحافة الألمانية في هذه الأيام حول رواية «آكسولوتل رودكيل» الصادرة عن دار نشر «أولشتاين»، ومؤلفتها هيلينا هيغيمان، لا بد له أن يشعر بالشفقة على الشابة «المسكينة» التي كتبت روايتها ولها من العمر 17 عاما. إنها فضيحة …لقراءة المزيد
من يتابع النقاش الدائر على الصفحات الثقافية للصحافة الألمانية في هذه الأيام حول رواية «آكسولوتل رودكيل» الصادرة عن دار نشر «أولشتاين»، ومؤلفتها هيلينا هيغيمان، لا بد له أن يشعر بالشفقة على الشابة «المسكينة» التي كتبت روايتها ولها من العمر 17 عاما. إنها فضيحة ألمانيا الثقافية لعام 2010، لأن الرواية التي تبوأت بسرعة قائمة البيست سيلير ووصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة معرض لايبزغ الدولي للكتاب لهذا العام، ليست أخيرا، غير كولاج لنصوص جمعتها هيلينا هيغيمان من الإنترنت، والقسم الأكبر من تجميعها هذا كما ثبت، نقلته حرفيا عن مؤلف مغمور «بلوغير»، أطلق على نفسه «آيرين»، ويكبر الكاتبة «الناجحة» بعشرة أعوام. الفارق طبعا بين الاثنين، هو أن بلوغير «آيرين» تحدث عن تجربته الخاصة التي مر بها في عالم المخدرات والإدمان على الكحول، فضلا عن تجاربه الجنسية، التي لم يفرق فيها بين الجنسين. النص الأصلي هو نص مليء بالمرارة والغضب والرفض، رحلة حديثة في «جحيم» العالم السفلي لمدينة برلين، بكل ما يحوي عليه هذا العالم من فوضى وغضب، والتي خرج منها الشاب بأعجوبة. اليوم يعيش «آيرين» حياة برجوازية صغيرة تقليدية، متزوج وعنده طفل، وفي وظيفة يريد الحفاظ عليها، بكلمة واحدة يعيش «آيرين» حياة بعيدة عن الحياة التي تسردها الآن في كتابها الشابة هيلينا هيغيمان. تسجيله لتجربته كان أقرب للتفريغ النفسي، كما يقول، ولم يكن هدفه يوما أن يصبح كاتبا، وذلك ما يوضح طريقته في الكتابة، فهي أقرب إلى تفريع حقيقي، من دون اللجوء إلى خيال أدبي وعالم روائي مواز، بكل ما يحويه هذا العالم من تعقد وتشابك، بكل ما تحويه شخصيات الرواية من تناقضات داخلية، كل تلك المبادئ التي تعتمد عليها رواية ما، أو كل ما يطلق عليه من تعقد في العلاقات الدرامية والحبكة وووو... وغيرها من العناصر التي يعتمد عليها السرد الروائي، وهذا ما يشترك فيه الاثنان في الحقيقة، النص الأصلي والنص المنتحل، المنقول عنه، على الرغم من الإضافات عليه، وعلى الرغم أيضا من أن هيلينا هيغيمان تأتي من عائلة مختلفة فهي ابنة المسرحي الألماني المعروف كارل هيغيمان. لكن بغض النظر عن ذلك، تظل المشكلة التي تثيرها الفضيحة هذه هي ليست الإجابة عن السؤال الذي يشغل الصحافة الألمانية، هل الرواية الجديدة منتحلة أم لا؟ وإلى مدى يحق لكاتب ما الانتحال أو السرقة أو الاستنساخ أو التضمين، أو كما برع فيه النقد العربي في الحديث عن التناص، الذي هو في أغلب حالاته تلاص. المشكلة الأهم في رأيي هي إلى أي مدى يعبر النص الجديد عن حرفية كاتبه الذي اعتمد على نصوص أخرى؟ إلى أي مدى ذهب في موضوعه بعيدا عن النص الأصلي الذي تأثر به؟ هل تحوي التجربة المعاشة في النص الجديد على مصداقية تجعلها تملك ماركتها الخاصة بها، وليس الماركة المسجلة للنص القديم؟ وفي ذلك عندنا أمثلة كثيرة، رواية «اسمي أحمر» لأورهان باموك التي ابتعدت كثيرا عن رواية الإيطالي أومبيرتو أيكو، «اسم الوردة»، على الرغم من تقارب عالميهما، أو رواية غارسيا ماركيز «غانياتي الحزينات»، التي سارت على خطى «الجميلات النائمات» للكاتب الياباني ياسوناري كاواباتا. طبعا ليست تلك هي المرة الأولى التي يتهم بها كاتب أو كاتبة بالانتحال أو السرقة، فالانتحال قديم قدم الأدب، عرفه اليونانيون مثلما عرفه الرومان، لكنه لم يبدأ رسميا وتحت هذا الاسم في الغرب، إلا في العهد الروماني منذ أن بدأ تشريع حقوق الملكية الفردية. وإذا سببت تهمة الانتحال حالات من الاكتئاب والألم أو التوقف عن الكتابة عند بعض المبدعين، كما حدث لإيليا إيهرينبيرغ، وربما كانت سببا وراء انتحارهم، كما حدث لشاعر الثورة الروسية مايكوفسكي والشاعر الروماني الألماني الأصل باول تسيلان، فإنها وللمفارقة المرة الأولى التي يدافع فيها المنتحل عن انتحاله، ففي كل تصريحاتها الصحافية، لا تفهم الفتاة الصغيرة الضجة المثارة حولها، فما قامت به حسب اعتقادها أمر طبيعي ومسموح! وللطرافة أنها المرة الأولى أيضا التي يدافع فيها المُنتَحَل (بضم الميم وفتح الحاء) في هذه الحالة «آيرين» عن منتَحِله (بضم الميم وكسر الحاء)، ويجد فيما كتبه يعبر عن طاقة إبداعية كبيرة (سنأتي على سبب ذلك لاحقا)! ليست مهمة هذا المقال الحديث عن الانتحال من ناحيته القانونية وتوضيح أحقية الملكية الفردية وتقسيم الأرباح، فمن المعروف اليوم أنه ليس هناك عمل يُتهم بالانتحال ما لم يكن عملا وصلت شهرته إلى نطاق واسع وشكلت مبيعاته أرقاما عالية، والقضية لها علاقة بالمال، كل ما يريده أولئك الذين يرفعون دعاواهم إلى المحاكم متهمين كتابا آخرين بانتحالهم هو الحصول على جزء من الأرباح التي حصل عليها الكاتب، ولا ننسى أن أغلب أصحاب الدعاوى هم كتّاب أخصائيين في مجالات أخرى، التاريخ أو العلوم وبكل أصنافها، ذلك ما حصل لرواية «العطر» لبيتر سوزكيند، عندما اتهمه عالم أخصائي بتاريخ صناعة العطور، بأنه أخذ القسم الأكبر من معلوماته من كتابه، وذلك ما حصل لدان براون في «شيفرة دافنشي» عندما رفع مؤرخان بريطانيان دعوى ضد المؤلف، وطالباه بحصة من الأرباح، هذه الحالات هذه التي اشتهرت في المحاكم، وحالات أخرى كما مع الرواية البوليسية «تينود» للكاتبة الألمانية أندريا ماريا شينكيل، التي رفع فيها أخصائي جنائي دعوى ضد المؤلفة، لأنها اعتمدت على كتاب له بحث في جريمة مشابهة حدثت في إقليم بايرن، وفي المكان نفسه الذي تحدثت عنه الرواية. كل الدعاوى هذه لم تربح، على الرغم من أننا نعرف قصصا أخرى، جرى الاتفاق فيها بين المؤلف (أو ناشره) وبين متهميه بالانتحال بتسوية الأمر عن طريق دفع مبلغ تسوية قبل رفع الدعوى. ذلك ما حدث لمؤلف ألماني اسمه فرانتز شيتزلينغ، وروايته «السرب». والطريف في هذه الرواية، التي اعتمدت على معلومات تفصيلية لكيفية حدوث إعصار «تسونامي»، المنشورة في عام 2004، أنها ظلت مجهولة، مبيعاتها محدودة على الرغم من صدورها عن دار نشر ألمانية كبيرة، دار نشر كيبينهوير أوند فيتج، إلى حين حدوث كارثة الإعصار الذي تعرضت له إندونيسيا، فجأة اكتشف الجمهور الألماني هذه الرواية، لتتصدر بعدها ولأشهر طويلة قائمة البيست سيلير، وذلك ما أثار طبعا شهية العالم الألماني المختص بالبيئة ومطالبته الكاتب ودار النشر بدفع تعويضات له، حالات مثل هذه عرفها تاريخ الأدب الألماني أيضا. «أوبرا القروش الثلاثة» العمل الذي جعل برتولد بريشت يشتهر بين ليلة وضحاها، لطشه بريشت من مؤلفه الأصلي بيكير، الذي ظل مسرحيا مغمورا على عكس بريشت، كان بريشت سخيا في دفعه مبلغا «دسما» من حصة نجاحه لبيكير، على الرغم من أن «أوبرا القروش الثلاثة» اشتهرت أيضا بسبب الموسيقى التي وضعها له الموسيقار كورت وايلد. ويجب ألا ننسى أيضا براعة بريشت بانتحال قصائد من آخرين وتحويلها إلى ماركة خاصة به. قد يبدو الأمر غريبا بالنسبة لنا عربيا، ليس لأن العرب عرفوا الانتحال أيضا وتحدثوا عنه كثيرا، بل لأن القضية عندنا لها علاقة بالمكانة الأدبية والطليعية، والتأثير على أجيال، ولا علاقة لها بالمال، وتهم الانتحال عندنا لا تشبع ولاتسمن مَنْ يثيرونها، لأن في عالم تغيب فيه الحرية الفردية وانتهاك حقوق الإنسان، فإن آخر ما يمكن الحديث عنه هو احترام حقوق الملكية الفردية، اليوم يمكن عمل قائمة طويلة من روايات عربية اشتهرت في السنوات الأخيرة هي نسخ حرفي لروايات كتاب عرب آخرين لا علاقة لهم بالمشهد «الثقافي» العربي الرسمي! الشابة الألمانية هيلينا هيغيمان، علقت في معرض ردها على الضجة الدائرة حولها، أن كل ما تقرأه يوميا هو يؤثر عليها ويمنحها أفكارا جديدة للكتابة، وهي لأنها شابة تقرأ كثيرا في الإنترنيت، ولا تستطيع أن تنسى ما تقرأه هناك يوميا، وإذا أثر عليها نص «آيرين» بشكل خاص، فبسبب قوته، وأنها تعتقد أن من حقها أخذ كل نص يعجبها في الإنترنت، لأنه ليس هناك قانون ينظم حقوق الملكية الفكرية في الإنترنت، وهذا ما جعلها تنقل الكتاب، لكن «المسكينة» لم تعرف إلا قبل أيام، أن ما كتبه «آيرين» في الإنترنت نشره لاحقا في دار نشر صغيرة «سوكولتور»، وهي دار النشر الصغيرة هذه التي أثارت القضية في الصحافة، لأن نجاح كتاب هيلينا هيغيمان جاء كهدية لها من السماء، وذلك أمر طبيعي بالنسبة لدار نشر صغيرة تتكون من شخصين، ومكتبها هو سرداب صغير في بيت سكن في برلين. بريشت دفع حصة من أرباحه لبيكير، وشيتزلينع أيضا، هيغيمان أيضا دفعت مبلغا من أربعة أرقام، لنقل 9999 يورو لـ«آيرين». كل الذين تحدثوا عن الموضوع أبدوا دهشتهم من اكتفاء صاحب النص الأصلي «آيرين» ودار نشره بذلك المبلغ التافه، لأن الرواية وصلت إلى طبعتها الرابعة، وتعدت مبيعاتها المائة ألف نسخة، لكن لأن المرء يتعلم دائما شيئا جديدا في السوق، ولأن الكتابة في أوروبا تخضع لاقتصاد السوق، كان على الجميع انتظار المفاجأة الجديدة التي سجلت تاريخا على طريقتها: المؤلف وناشره تنازلا عن رفع دعوى ضد الكاتبة أو ضد دار نشرها، لأن دار نشر «أولشتاين» التي هي دار نشر تجارية كبيرة، اتفقت مع «آيرين» على نشر كتابه مجددا وبطبعة أنيقة هذه المرة. الكتاب سيتصدر بالتأكيد قائمة المبيعات، وربما نافس كتاب هيلينا هيغيمان! قبل أيام احتفلت المؤلفة الشابة بعيد ميلادها الثامن عشر في أحد الديسكوهات، وفي هذه المناسبة قرأت مقاطع من الكتاب، بصحبة موسيقى رقص صاخبة وشباب يرقصون على الحلبة. وفي تحقيق صحافي عن الأمسية أجاب أحد الشباب الحاضرين هناك على سؤال عن رأيه في الأمسية «الأدبية» بالجملة التالية: «كل شيء جميل ورائع، فقط قراءة النص من قبل الكاتب هي التي كانت مزعجة». إنها مفارقة بالفعل، أن يُحتفى بكاتب ما، لكن من فضلكم من دون نصه! ربما ستدخل هيلينا هيغيمان، التاريخ بصفتها شخصية تراجيدية، فهي على الأقل ساعدت كاتبا مغمورا بالحصول على المال والشهرة، بينما سيُحكم عليها هي بالفشل، فهي كاتبة وقعت مباشرة ضحية ماكينة الشهرة وتهم دور النشر التجارية. كاتبة تولد ميتة أدبيا منذ الآن، فماذا على المرء أن يفعل وهو يقرأ كل ذلك، غير أن يشعر بالشفقة على فتاة صغيرة أرادت أن تصبح «كاتبة» مشهورة لكنها وُئدت مبكرا؟ عن الشرق الأوسط
«ذاكرة الجسد» من الورق إلى الشاشة
بقلم  موسى حوامدة
تعتبر "ذاكرة الجسد" الرواية الأهم لأحلام مستغانمي ، هذه الرواية التي كتب كلمة غلافها نزار قباني ، والذي يعترف فيها لسهيل إدريس ان الرواية دوخته ، وهذا يعني أنه قرأها قبل النشر ، ولا ندري إن كان قباني ، رحمه الله ، قد قرأها مجرد قراءة ، أم حرر شيئا فيها ، أم أعاد كتابة بعض الصفحات ، لأن صوت نزار يطل …لقراءة المزيد
تعتبر "ذاكرة الجسد" الرواية الأهم لأحلام مستغانمي ، هذه الرواية التي كتب كلمة غلافها نزار قباني ، والذي يعترف فيها لسهيل إدريس ان الرواية دوخته ، وهذا يعني أنه قرأها قبل النشر ، ولا ندري إن كان قباني ، رحمه الله ، قد قرأها مجرد قراءة ، أم حرر شيئا فيها ، أم أعاد كتابة بعض الصفحات ، لأن صوت نزار يطل من بين الكلمات والفقرات والصفحات ، فهل من المعقول أن تكون الكاتبة قد تشربت أفكاره إلى هذه الدرجة؟ وهل يعقل أن تكون الكاتبة نفسها هي التي كتبت "فوضى الحواس" و"عابر سرير" ، و"نسيان دوتكم" ، مع الاختلاف الكبير بين لغة "ذاكرة الجسد" ولغة ما صدر للروائية فيما بعد من أعمال؟ لست ممن يقفون ضد كتابة المرأة ، ولا ممن يعتقدون أنها أقل مرتبة من الرجال ، وقد عبرت عن إعجابي الشديد بما كتبته ايزابيل الليندي ، وكنت معجبا بما كانت تكتبه غادة السمان ، واليوم فأنا من قراء الكثير من الكاتبات العربيات ابتداء من سحر خليفة ، وهيفاء البيطار ، وجميلة عمايرة ، وبسمة النسور ، وسامية عطعوط ، وغصون رحال ، وغيرهن. أعرف تلك القصة التي أثيرت عن زعم سعدي يوسف كتابة رواية مستغانمي ، ثم تنكره لما قال ، ولا آخذ ذلك بعين الاعتبار ، لأنني لم أجد أثرا لسعدي في الرواية ، بينما وجدت رائحة نزار ، وكلماتًه وقصائدَه متناثرة بين الصفحات ، حتى عروبته وإحساسه القومي ، وبكاءه القومي ، وخيباته وتفجعاته القومية ، كلها موجدودة ، ولكن لنفترض أن الكاتبة تشربت كل أفكار نزار ، فكان ينبعي أن تختلف اللغة قليلا ، أو كثيرا ، تهبط قليلا ، أو تبتعد مسافة ما ، لكن من يقرأ نثر نزار ، وشعره طبعا ، ومن يقرأ "قصتي مع الشعر" يحس تماما بوجوده في الرواية. ومع ذلك صارت الرواية جزءا من تاريخ السرد العربي ، بل صارت من كلاسيكيات الرواية العربية في القرن العشرين ، وهي رواية ممتعة حقا ، ومختلفة وجذابة. وكنت أتساءل منذ سمعت أنه سيتم تحويل الرواية إلى مسلسل تلفزيوني: كيف سيتم تحويل الخواطر ، الشعر ، الأسئلة ، المقارنات والمونولوجات الداخلية إلى عمل درامي؟ وقد سمعت أن أكثر من كاتب سيناريو بدأ يكتب سيناريو الرواية ، ثم سرعان ما يتلاشى ذلك ، حتى وجدنا أن ريم حنا هي التي كتبت السيناريو ، وسبق للكاتبة نفسها أن قدمت عددا من الأعمال الدرامية الناجحة. لا شك أن تحويل أي عمل روائي إلى السينما أو المسرح أو التلفزيون قد يكون واحدا من اثنين: إما أن يقتل العمل الدرامي روحَ العمل الأصلي ، ويصدر بشكل سيىء ، وإما أن يكون على مستوى العمل الأول من ناحية الجودة والتفوق ، فعلى صعيد المثال وجدت الفيلم الذي قدم عن عمارة يعقوبيان أفضل من الرواية ، بل تكاد الرواية تكون مجرد سيناريو للفيلم ، وهناك الكثير من الأعمال الروائية التي نجح مخرجو أفلامها في تحويلها إلى عمل درامي ناجح ، مثل: زوربا ، العجوز والبحر ، دكتور زيفاغو ، ذهب مع الريح ، وغيرها. بينما هبطت كثير من الأعمال الدرامية والسينمائية عن مستوى الرواية الأصلية مثل: مرتفعات وذرينغ ، العطر ، الحب في زمن الكوليرا ، وغيرها. وربما يتساءل المرء: ماذا استفادت "ذاكرة الجسد" رواية من العمل الدرامي؟ بكل صراحة أقول: لم يفاجئني العمل لمخرجه المبدع نجدت انزور وللممثل المتميز جمال سليمان ، فقد جاء العمل جيدا جدا ، لكنه لم يقدم جديدا على الإطلاق ، لم يعط إضاءة جديدة للعمل ، كان مجرد نقل حرفي للمشاهد والكلمات والعبارات ، وهذا قد يعني أن كاتبة السيناريو كتبت تحت ضغط نفسي شديد ، ولم تستطع خلق ملحمة درامية ، واكتفت بنقل الرواية حرفيا ، خشية أغضاب صاحبة العمل ، التي قيل أنها فرضت شخصية البطل بنفسها. لن يجد من كان قرأ الرواية شغفا في متابعة العمل الدرامي ، ومن لم يقرأ العمل من قبل ، قد تشده أجواء التصوير والمشاهد السينمائية في فرنسا وقسنطينة ، وبعض المشاهد ، وبعض الممثلين ، ولكن لن يجد غموضا محببا ، أو فرقا ذا إضافة معينة ، أو تشويقا لقراءة العمل المكتوب ، خلافا لكثير من الأعمال السينمائية التي ساهمت في زيادة مبيعات الكتب الأصلية إلى أضعاف مضاعفة. كما أن العمل الدرامي يجب أن يكون مبنيا على عدة عناصر فنية ، منها: الصراع الدرامي بين الخير والشر ، وتطور الشخصيات ، والحبكة ، وعنصر التشويق ، وكل ذلك لم يتوفر في المسلسل. جاء العمل ، رغم جمالية التصوير والإخراج والآداء ، عبارة عن صفحات تتلو صفحات ، وكأنه تم نقل الكلمات عن الورق إلى شاشة التلفزيون ، وبذا صار أشبه بالعمل التسجيلي ، وليس بالعمل الدرامي. Musa.hawamdeh@gmail.com
بروكلين هايتس: غرفة صغيرة للذاكرة
بقلم ظبية خميس
الناشر دار ميريت ، القاهرة  (2010)
  رواية ميرال الطحاوي الأخيرة رواية تشظي, وبحث عن ذات وأنوثة مجروحة في أم المدن الحديثة نيويورك. ميدل ايست اونلاين بقلم: ظبية خميس لو أن للحرية بيتا, أو زقاقا, أو حيا وعنوانا لندلف إليها في بحثنا المحموم عنها. ميرال الطحاوي حاولت أن تجد للحرية, والنسيان, والبدايات الجديدة بعيدا عن القاهرة …لقراءة المزيد
  رواية ميرال الطحاوي الأخيرة رواية تشظي, وبحث عن ذات وأنوثة مجروحة في أم المدن الحديثة نيويورك. ميدل ايست اونلاين بقلم: ظبية خميس لو أن للحرية بيتا, أو زقاقا, أو حيا وعنوانا لندلف إليها في بحثنا المحموم عنها. ميرال الطحاوي حاولت أن تجد للحرية, والنسيان, والبدايات الجديدة بعيدا عن القاهرة ومصر، عنوانا جديدا في روايتها بروكلين هايتس. حزمت حقائبها, وأخذت ابنها أحمد ومضت. خارجة من أجواء الصحراء, والريف, والبدو ورواياتها السابقة الباذنجانة الزرقاء، ونقرات الظباء، إلى رواية تتحدث عن مدينة حديثة, بل عن أم المدن الحديثة نيويورك. في سردها بوح ووصف ومقارنات وعذابات. وفي روايتها تداخل ما بين ما يراه بصرها اليوم وما رأته ذاكرتها بالأمس. تثبت كاميرا لالتقاط أحاسيسها بالمكان والبشر ومشاعرها وتناقضاتها. ترصد تجربة الابن وردود أفعاله وتقارنها بردود فعلها. تتعلم من طفلها الأسهل انسياقا للأمركة مفاهيم ومصطلحات وأسماء أطعمة لا تعرف كيف ومتى أدركها والتصق بها بكل تلك السرعة. تجوب الشوارع والحدائق والمقاهي والحانات. تريد أن تكون جزءا من عالم الكتاب والمبدعين هناك. وتحاول كسر حاجز اللغة الأميركية المتقنة، وهي التي ذهبت إلى هنالك لتدريس اللغة العربية التي تعشقها. تقارن طفولتها الريفية - البدوية بطفولة ابنها النيويوركية فيبزغ من الذاكرة ألبوم شخصيات أحبتها وحيرتها من الأب إلى الأم والجدة ومن عاشت معهم وبينهم. تهرب من الفشل العاطفي والزواج الناقص والحب الذي لم تجده بطلة روايتها لعل مكانا جديدا في هذا العالم يغسل عقد الخيانة الزوجية والوحدة والمعاناة التي مرت بها هذه البطلة. البحث عن المستقبل في مكان آخر, ولكن حتى المستقبل تكبله أحداث وذاكرة الأمس كما قد ذكر كازنتزاكس وكافافي حين خلص إلى أنه كما دمرت نفسك في ذلك المكان، فأنت حيث ما تذهب دمار. وأن الرحيل من أثيكا يقود في آخر الأمر إلى أثيكا. وكما عاش سهيل إدريس تفاصيل روايته "الحي اللاتيني" في باريس, والطيب صالح موسم الرحلة إلى الشمال في لندن، ومع فارق الحقبة الزمنية تعيش هذه المرة ميرال الروائية نيويورك لتضيف إلى رواية العلاقة بين الشرق والغرب في زمن جديد اختلفت فيه التفاصيل ونوع العلاقة بين المكانين. في الوصف السينمائي للشخصيات التي تلتقيها هند في بروكلين هايتس, كل شخصية تقابلها تحيلها إلى ذاكرة قديمة كما هو حالها في وصفها لشخصية الجوز إميليا التي صادقتها، فهي تذكرها بالجدة زينب التي كانت تعمل في بيت أبيها لسبب واحد هو رائحة العجائز. تصف الشخصيات بالتفصيل، وبحميمية تتيح للروائية فيها الاحتفاظ بمسافة التأمل غير المحايدة. وما بين الحياة المقترة التي تحياها هند في نيويورك وجمع طوابع الطعام والبقالة تذهب ذاكرتها إلى رغد حياتها في مصر وبيت أبيها والخدم والحشم والحياة الممتلئة بالطعام والتفاصيل الثرية الصغيرة. تسهب ميرال في وصف شخصية الأب, ولا تمل العودة مرارا وتكرارا إلى تفاصيل شخصيته وحياته وأثره على من حوله. وبشكل غير مباشر يبدو الأب رغم كل الصفات التي يتسم بها من اللامبالاة والرعونة والمزاجية، وكأنه الرجل النموذج والحبيب الحقيقي الذي لم تعثر عليه تماما في من أحبت من رجال. الرجل المحب للهو والعبث والحياة والشراب والمتعة والنساء. الرجل الذي يخون أمها التي تنتحب بعد كل نزوة من نزواته. وهو رجل يشبه أيضا الزوج الذي تركته هند وراءها في القاهرة، ولكن أكثر فخامة في تفاصيله المدللة. في وحدتها الباحثة تعثر على سعيد المسيحي في نيويورك الذي يأخذها إلى الكنيسة وأجوائها، فيحيلها إلى أصدقاء وجيران مسيحيين في طفولتها. غير أنها لا تبحث عن الرب, إنها تبحث عن الحب. تقول له: "تعرف إنني أريد أن أشعر هذه الليلة بأنني حرة, حرة فقط من كل توقعاتي عن نفسي. حرة في الخلاص على طريقتي, حرة في روحي. عارف ماذا يعني حرة في روحي؟" فهل سيعرف سعيد ما الذي تعنيه تلك الحرية التي تتوق لها هند؟ سواق الليموزين المتدين المسيحي ماذا يستطيع أن يقدم إلى المرأة التي تحلم بأن تكون كاتبة وحرة في روحها. عبر جارها الستينى شارلي ودروس رقص التانغو تعيد هند تذكر تفاصيل جسدها, مخاوفها, خيباتها, تفاصيل خيانة زوجها لها, وخوفها من أي حميمية جسدية محتملة. الرقص يذكرها بأن لها جسدا. جسد معذب بمخاوفه وآلام ذاكرته. ولا تزيدها تجربتها مع الأفغاني الخائن لبلده إلا مزيدا من الألم والشك في أنوثتها. في بروكلين هايتس، تسرد ميرال الطحاوي رواية تتداخل فيها الذاكرة مع المرصود وتفاصيل حيوات لأناس ومهاجرين مهمشين في نيويورك مع بشر كانوا يعنون لها الكثير، وخلقوا لها تفاصيل حياتها منذ الطفولة التي تزورها في أغلب الأحيان إلى البحث عن شبح الحبيب الأول الذى مات, أو أبيها, أو زوجها الذي هجرها وهجرته. البشر يستدعون بشرا آخرين فيها, والأماكن والشوارع تحيلها غالبا إلى قريتها التي تربت فيها. وهي رواية فيها طزاجة اللقاء الأول مع تفاصيل الحياة الأميركية، ولكن الرواية, بالتأكيد ليست عن ذلك. إنها رواية تشظي, وبحث عن ذات وأنوثة مجروحة. إنها هجرة ليست من المكان وتعجز أن تكون عن النفس والذات الأولى. آلامها آلالم امرأة شرقية بتفاصيل حميمة وحنين دائم للحضن الأول وبحث مؤلم عن الإحتواء. عن الرجل الذي لا تجده, والأنثى التي تحاول التصالح معها وعن الاغتراب بين الغرباء. ظبية خميس عن موقع ميدل إيست أونلاين
عن فتوحات أقاليم الخوف...لفضيلة الفاروق
بقلم أحمد عبد الكريم
تستهل فضيلة الفاروق روايتها الجديدة "أقاليم الخوف" الصادرة عن دار الريس 2010، بعبارة دالة هي"لا أحد يعرف الشرق كما أعرفه أنا".. ليأتي متن الرواية تصديقا لذلك ورصدا دقيقا لتضاريس وملامح هذا الشرق الخرافي المراوح في أقاليم الرعب، المنغلق والخائف من كل التيارات الجديدة التي تهب عليه من جهات العالم …لقراءة المزيد
تستهل فضيلة الفاروق روايتها الجديدة "أقاليم الخوف" الصادرة عن دار الريس 2010، بعبارة دالة هي"لا أحد يعرف الشرق كما أعرفه أنا".. ليأتي متن الرواية تصديقا لذلك ورصدا دقيقا لتضاريس وملامح هذا الشرق الخرافي المراوح في أقاليم الرعب، المنغلق والخائف من كل التيارات الجديدة التي تهب عليه من جهات العالم الأربع..   بريشة الرسام المتمرس، ترسم فضيلة الفاروق مشهديات لاذعة ومفزعة لشرق التناقضات والرياء والمظاهر الزائفة للتدين المغشوش البعيد عن الجوهر الحق للدين.. من خلال مشاهدات امرأة عاشت في خضمّ هذا الشرق وعانت من جراء ذلك ما عانت.. لتقدم لنا في النهاية لحظات تعبير قوية ومؤثرة عن جرائم الإنسان في حق الإنسان والإنسانية، وفي حق التاريخ. وأي صورة أبلغ من صورة "نوا" المسيحي وهو يدافع عن فتاة مسلمة في كوسوفو، أو صورة الأستاذ "متوكل" وهو يغتصب تلميذته المحجّبة في ملجأ في حرب بيروت، ليلقى جزاء ذلك بشكل تراجيدي.. أو مشهد "زاهدة" في إسلام آباد التي يفقأ زوجها عينها، وتحاكم بطريقة ظالمة لمجرد شك زوجها في خيانتها، إذ يطلب القاضي شهودا لإثبات براءتها، ولا يطلب شهودا لإثبات تهمتها، أو مشهد استنطاق محمد لمارغريت في بغداد الذي ينتهي بممارسة جنسية سادية ولذيذة في الآن ذاته.     في كل أقاليم الشرق المرعبة، تظل المرأة هي الضحيّة الأولى والأسهل، لكل جرائم الثالوث العربي المدنّس: الدين والجنس والسياسة.."الشرق الذي لا فرق بينه وبين مغارة "على بابا والأربعون حرامي"، شرق السبايا والحريم والغنائم النسائية، شرق الموت، والخوف الذي يرقص في الشوارع، شرق الجرائم التي ترتكب باسم الله،  وشرق الصمت، وليد الخوف واختلاس الحياة اختلاسا، شرق الأقنعة التي تخفي الملامح والحقائق..".     ما يصنع استثنائية رواية "أقاليم الخوف" من بين عناصر كثيرة، يطول تعدادها، هو اعتمادها على الحبكة البوليسية المعقدة والمتشابكة العناصر والأطراف والتي تحتاج إلى كاتب متمرّس قادر على نسج خيوط الأحداث وترابطها المدروس. ذلك أن بطلة الرواية مارغريت التي تبدو في البداية  مجرد زوجة لإياد، الذي يعود بها من أمريكا إلى بيروت، ليعيشا معا في وسط عائلة آل منصور بتجاذباتها وتناقضاتها، والتي تنتهي بانفصالهما بعد حصولها على إرث والدها، لتعود إلى الإرتباط بصديقها الصحافي "نوا"، الذي يختفي في ظروف غامضة ثم يغتال في إحدى سفراته، لتنتقل هي إلى بغداد للبحث عنه بمساعدة صديقه المصور"ميتس" الذي سرعان ما يغتال هو الآخر، لينتهي مصير مارغريت إلى أحد مراكز الاعتقال ببغداد.. لتبدأ حكايتها مع محمد الجلاد الحميم..     لنكتشف في نهاية الرواية بأن "مارغريت نديم نصر" هي مجرد ابنة بالتبني لنديم نصر الذي كان يتاجر في  الأطفال، وبأنها كانت مجنّدة في "منظمة النسور السوداء"، وكانت مكلفة بمهمة سرية لقمع مشاريع النهضة في الشرق الأوسط، كما أنها كانت عنصرا فعّالا في مشروع "حقول البذور الذكيّة" الذي نجح في بيروت ولم ينجح في بغداد وكان سفرها إلى بغداد للبحث عن صديقها الصحافي مجرد ذريعة للتحقيق في فشل ذات المشروع في بغداد، ليتبين لها أن البروفيسور"شنيدر"، المكلف به حوّله إلى مشروع تجاري.. وقد وظّفتْ الجميع لتنفيذ مهمتها السرية دون وعي منهم، بمن فيهم زوجها إياد، عالم الطاقة النووية، الذي لم يكن يعلم أن له أكثر من عشرين ولدا سيكونون في المستقبل عقولا أمريكية.. لأن نطافه كان يزرع في أرحام نساء أجنبيات.. إياد الذي تخلت عنه بعدما أصبح غير قادر على الإنتاج لأنها كانت تدسّ له عقّار مسح الذاكرة في القهوة..     في أقاليم الخوف يخيّل إلي أنني قرأت رواية مختلفة عن عوالم الروائيات العربيات اللائي عادة ما يملن إلى الفضاءات الرومانسية والتداعيات الحميمة الناعمة التي صارت مملة بفعل تكرارها، إذ تقتحم بجسارة كبيرة وبروح الكاتبة المغامرة عوالم ظلت حكرا على الكتّاب من الرجال، بما يشكل فتحا روائيا محمودا، فضلا عن أنها تقدم لنا، نموذج المرأة القادرة على الفعل والتأثير في مجريات التاريخ والتي تصنع مصيرها بإرادتها بخلاف ما تعودنا عليه من صور المرأة الخانعة المستسلمة لقدر يصنعه الرجل. نقلا عن جريدة الفجر الجزائرية
قبل الفصح بيوم
بقلم إسكندر حبش
   تقف زويا بيرزاد على أكثر من تقاطع في هويّتها. هي من أب روسي، أمّا والدتها فأرمنية – إيرانية. ومن هذا المزيج، تكتب بيرزاد باللغة الفارسية، التي جعلتها اليوم واحدة من أكثر الكاتبات الإيرانيات حضورا في المشهد الروائي، إذ ربما تكون كثرة الترجمات إلى اللغات الأخرى، تُشكلّ سببا في هذا …لقراءة المزيد
   تقف زويا بيرزاد على أكثر من تقاطع في هويّتها. هي من أب روسي، أمّا والدتها فأرمنية – إيرانية. ومن هذا المزيج، تكتب بيرزاد باللغة الفارسية، التي جعلتها اليوم واحدة من أكثر الكاتبات الإيرانيات حضورا في المشهد الروائي، إذ ربما تكون كثرة الترجمات إلى اللغات الأخرى، تُشكلّ سببا في هذا الحضور. ومع هذه الشهرة التي بدأت تعرفها مؤخرا، إلا أن زويا بيرزاد تبقى «حسّاسة» بشكل خاص، ومنتبهة، إلى مسألة الهوية، التي نجدها في كتاباتها، وهي مسألة تقف على حدّين. تقف ما بين المغازلة والخلاف، ما بين التفاهم واللاتسامح. من هذا «التناقض» إذا جاز التعبير، نستطيع أن ندعي أن ثمة حيّزا للكتابة، فيما لو اعتبرنا أن كل كتابة، ليست في النتيجة سوى هذه «الخلاسية» المتعددة الاتجاهات، غير الواقفة على حدّ معين، حتى من دون أن تقف على «جنسيّة» أو «قومية» صافية، إذ بدون شك، تفتح أفقا للتعبير، قد لا نجده، فيما لو اقتصرت على فضاء واحد. نستطيع القول إن شهرة بيرزاد الحقيقية، خارج إيران، بدأت مع كتابها «طعم الكاكي (الخرمى) الحارز» (الذي سبق أن تناولناه في سفير 26 حزيران 2009). بيد أنه لم يكن كتابها الأول بالتأكيد، إذ سبقه «كما كلّ يوم بعد الظهيرة»، و«قبل عيد الفصح بيوم» (وأعود هنا إلى الترجمة الفرنسية التي أتاحت لنا قراءة هذه الكاتبة التي لم تترجم بعد إلى العربية). فكتابها هذا «طعم...» كان نشر في إيران عام 1997 وهو عبارة عن مجموعة أقاصيص، وصفت بأنها «أقاصيص رحبة أكثر من كونها أقاصيص نحيلة، تقع في منتصف المسافة ما بين المقاطع الجذرية التي كان يعج بها كتابها الأول، وما بين الكتابة الروائية» التي كانت السبب الرئيسي في شهرتها التي تخطت الحدود. في اكتشافنا لكتابها هذا، بدت المقاطع التي تتألف منها الكتابة عند بيرزاد، وكأنها تملك خاصية محددة تتمثل في بعثرة مفهوم الزمن: الزمن الذي يمضي، الزمن الذي مضى، الزمن الراهن. كل ذلك يدخل في دوائر الحياة أو الفصول المتعاقبة، فترات الحياة المشتركة بين شخصين، من دون أن ننسى بالطبع، أسلوبها الذي يضفي تأثيرا مضاعفا على كتابتها المقطعية. بمعنى أنه ولكي يتم الالتصاق بزمن الشخصيات، نجد أن السرد لا يستطيع أن يسمح لنفسه بأن يقطع إيقاعها الطبيعي. في أيّ حال، تُعيد سلسلة منشورات «كتاب الجيب» مؤخرا، نشر كتاب بيرزاد السابق على «طعم الخرمى الحارز» – وهو بعنوان «قبل عيد الفصح بيوم» – بعد أن كان نُشر منذ سنوات قليلة في منشورات «زولما»، ربما لأن نجاح الكتاب الآنف الذكر، جعل الجميع ينتبهون إلى الكاتبة. لكن ما يحضر أكثر في هذا الكتاب – على الرغم من أن أقاصيصها تقف دائما على هذه الكتابة المقطعية – هو دخولها أكثر إلى الهوية الأرمنية، أقصد أنها تتخطى الحدود التي تبدو «حدودا مسامية» متعلقة بتحولات شخص أرمني، كان يعمل أستاذا في مدرسة قبل أن يصبح مديرا لها. يشكل عيد الفصح في كتابها هذا – وهو رمز الانبعاث في الديانة المسيحية – شكلا من أشكال التذكر، أي يأتي بمثابة «منارة» في ذكريات هذا الرجل كما أنه مناسبة ليبرهن على التعايش السهل، إلى حدّ كبير، الذي عرفته الأزمنة في تلك البلاد، ما بين الطائفتين الإسلامية والمسيحية الأرمنية. ما بين طهران وضفاف بحر قزوين، ينساب الزمن، مثلما تجري دماء الرجل في عروقه. هو شاعر شاخ رويدا رويدا. كان فيما مضى (في الزمن الأبعد) طفلا حالما وصديقا كبيرا لفتاة مسلمة تدعى «طاهرة»، كانت ابنة البواب. أما في الأمس (الزمن الأقرب) فقد أصبح أبا لفتاة وقعت في مراهقتها في حبّ شاب مسلم. في حين كانت زوجته «مارتا» لا تنظر بعين الرضى إلى هذا «الاقتران» بين ألينوش (اسم ابنته) وبين هذا «الآخر». أما حاليا (الزمن الراهن) فقد أصبح أرملا «غير متعز» يحاول أن يعيد زميلته دانيك إلى الحياة لتتذوقها من جديد، إذ كانت بدورها قد عاشت ماضيا مليئا بهذه الروابط غير المرغوب بها: صداقات وغراميات من دون أن يكون لها الحق في أن تنتقل فيها عبر الخطوط التي تفرضها الطوائف المختلفة. خطوط، ليست في الواقع سوى عبارة عن جدران من الصعب هدمها. تكتب زويا بيرزاد في «قبل عيد الفصح بيوم» عن هذا الزمن الذي يعيدنا إلى درب لا بدّ أن نجد عليه بعض «الأشياء» التي تدفع بقوة إلى ذكريات صغيرة وتفاصيل كنا نظن أنها اختفت إلى الأبد مع مرور العمر: تلك اللعبة الصغيرة التي على شكل حيوان التي كنا نضعها في الفراش حين ننام، تحضير الشاي الصباحي من أجل الزوجة العاشقة والمعشوقة، الحلويات التي يتم تحضيرها من أجل الأعياد (وبخاصة الأعياد الدينية)... كل هذه الذكريات، لا بدّ أن تفرض نبرة «كئيبة»، نبرة مليئة بالمرثاة والحنين عن كائن لا يتوقف عن البكاء على من يسميهم «النائمين الأبديين». صحيح أننا أمام كتابة مقطعية، إلا أننا أيضا أمام رواية صغيرة (147 صفحة، نقرأها بمتعة ودفعة واحدة، تماما كأننا ننظر إلى السماء لنشاهد غيمة تمر فيها. قد تكون غيمة حاملة للمطر، من هنا نبقى نحدق فيها حتى تتحقق الرغبة. ربما أيضا هي رغبة في اكتشاف أدب لا نعرف عنه الكثير ونبقى بحاجة إلى لغة أخرى كي نتمكن من الإطلالة عليه. إسكندر حبش عن جريدة السفير اللبنانية
فضيلة الفاروق...بيروت مدينة الحب و الحرب
بقلم سعيد خطيبي
كتب: سعيد خطيبي        تمتدّ الحكايات، وتتشعب أقدار شخصيّات فضيلة الفاروق في روايتها «أقاليم الخوف» (دار الريس). لكن في النهاية، تصبّ مسارات هذه الشخصيّات في وصف اتساع العنف والدّم، وبؤر التعصّب الديني في البقاع المسلمة من العالم المعاصر التي تتشارك …لقراءة المزيد
كتب: سعيد خطيبي        تمتدّ الحكايات، وتتشعب أقدار شخصيّات فضيلة الفاروق في روايتها «أقاليم الخوف» (دار الريس). لكن في النهاية، تصبّ مسارات هذه الشخصيّات في وصف اتساع العنف والدّم، وبؤر التعصّب الديني في البقاع المسلمة من العالم المعاصر التي تتشارك تناقضات الحياة اليومية وضبابية استشراف المستقبل. «بيروت، مدينة الحب والحرب» هي المحرّك الأهم لمجريات الرواية التي تتخذ من عدوان تموز 2006 خلفيةً لها، وتسرد جزءاً من ذاكرة البطلة ـــــ الراوية مارغريت نديم نصر. هذه الأخيرة فشلت في التخلّص من ولعها بالشرق، رغم فقدان والدتها وأخيها الوحيد أسعد في هجوم انتحاري في شرم الشيخ. الشرق هنا يتجسّد خصوصاً في بيروت. هذا الشرق الذي أغرى مارغريت وملأها شغفاً وشبقاً، قبل أن يذيقها المرارة ويدفعها إلى الإقرار: «شرق السبايا، والحريم والغنائم النسائية. شرق الموت الأحمر، والخوف الذي يرقص في الشوارع. شرق الجرائم التي ترتكب باسم الله...». الراوية التي عادت إلى بيروت من أميركا بعد نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، تسرد هنا خيبتها من عائلة زوجها. تقول: «عادةً بعد جلسات الغداء التي تجمعنا جميعاً، يقوم الجميع لتأدية الصلاة جماعة خلف عبد الله زوج شهد الذي يؤم الصلاة، وسلوى التي تكون أحياناً بالعادة الشهرية تدّعي أنّها على وضوء دائماً، فترتدي ثوب الصلاة وتقف خلفهم وتؤدي الحركات للصلاة». رغم كونها مسيحيةً، فإنّ مارغريت لا تخفي رغبتها في الاندماج بحياة عائلة زوجها أياد المسلمة، قبل أن تجد نفسها في حلقة مفرغة، بسبب تصادم القناعات في بيروت. إذ تخاطبها العمّة روزين: «وبكرا إذا صار عندك ولاد، شو راح يطلعوا، إسلام أو مسيحية؟». تساؤل عن شرق التناقضات والمستقبل المجهول أعاد الراوية إلى نقطة الصفر، إذ تجيب في سرّها: «لم يخطر ببالي أن يكون أولادي مسلمين أو مسيحيين، كنت دوماً أحلم وأخطّط أن يكون لي أولاد يشبهونني أنا وأياد». وتضيف بأسى: «أما بعدما عشت في بيروت، فقد أصبحت أرى فضاءات الأديان والتيارات السياسية تتصارع، إما صمتاً أو علناً». هذا الصراع حتّم على زوجها التخلي عن القناعات التي كان يجاهر بها في منفاه الأميركي، ما دفع مارغريت إلى الانفصال عنه والعودة إلى مهنتها في الصحافة. بين بيروت العشق وبيروت الصدمة، تخوض مارغريت رحلة البحث عن ذاتها وهويتها تحت مظلّة عملها الصحافي، فتزور دول العالم الإسلامي التي مزّقتها الحرب، من أفغانستان إلى دارفور، مروراً بباكستان حيث شهدت محاكمةً غريبة. ها هي تسرد وقائعها: «لقد شكّ الرجل في زوجته، ظنها تخونه مع رجل آخر، فقطع أذنيها لأنه افترض أنها كانت تسمعه بأذنيها، وفقأ عينيها لأنه افترض أنها كانت تنظر إليه، وافترض ما افترضه، وبتر منها ما بتر، ثم برر جريمته قائلاً إنّه مسلم ومن واجبه أن (...) ينقذ شرفه». بين مشاعر الخوف، والرغبة في فرض الذات، وعدم التوقف عن رثاء عائلتها التي فقدتها، وذكريات مراهقتها الممتلئة إيروتيكيةً، ونصرتها ضمنياً حياة المثليين، تنتهي مارغريت في عشق بيروت، قائلة: «يتفق الجميع، من دون أن يعلنوا ذلك بصوت عالٍ على أنّ الحرب قدر يتربص ببيروت دائماً، فهي تذهب وتجيء، وبيروت كلما احترقت أو دمرت تنهض من جديد». نشر المقال في جريدة الأخبار اللبنانية.
سيد الخراب
بقلم كمال قرور
الناشر دار فيسيرا ( الجزائر)  (2010)
بعد خرجاتها الناجحة مثل رواية "جبل نابليون الحزين" لشرف الدين شكري و "أقعنة الروح" لبار لاجير كفيست ترجمة محمد بوطغان ها هي دار النشر الوليدة حديثا لصاحبها الشاعر الشعبي توفيق ومان تصدر رواية "سيد الخراب "لكمال قرور في إنتظار الكتاب و معلومات أكثر عنه... ألف مبروك للكاتبو الناشر معا. …لقراءة المزيد
بعد خرجاتها الناجحة مثل رواية "جبل نابليون الحزين" لشرف الدين شكري و "أقعنة الروح" لبار لاجير كفيست ترجمة محمد بوطغان ها هي دار النشر الوليدة حديثا لصاحبها الشاعر الشعبي توفيق ومان تصدر رواية "سيد الخراب "لكمال قرور في إنتظار الكتاب و معلومات أكثر عنه... ألف مبروك للكاتبو الناشر معا.
السيرة الذاتية في الأدب الليبي
بقلم خلود الفلاح
عن منشورات مجلة شؤون ثقافية صدر للكاتبة نعيمة العجيلي كتاب جديد " السيرة الذاتية في الادب الليبي" وعن اختيارها لهذا الموضوع وما يصاحبه من لذة الاحساس بالبحث على كتب ليبية تندرج ضمن السيرة الذاتية تقول: ندرة البحوث الجامعية الاكاديمية والدراسات الحرة حول موضوع أدب السيرة الذاتية بشكل عام ليصبح الامر …لقراءة المزيد
عن منشورات مجلة شؤون ثقافية صدر للكاتبة نعيمة العجيلي كتاب جديد " السيرة الذاتية في الادب الليبي" وعن اختيارها لهذا الموضوع وما يصاحبه من لذة الاحساس بالبحث على كتب ليبية تندرج ضمن السيرة الذاتية تقول: ندرة البحوث الجامعية الاكاديمية والدراسات الحرة حول موضوع أدب السيرة الذاتية بشكل عام ليصبح الامر أزمة مصادر تعين الباحث في معرفة مادون في مجال السيرة الذاتية في الادب الليبي اذ لا نكاد نجد غي المقالات القليلة المتناثرة في المجلات أو الورقات البحثية ، هذا الى جانب أن لا أحد خص أدب السيرة الذاتية في الادب الليبي الحديث بدراسة وافية أو بحث مستقل، الامر الذي يعد من بين الاعتبارات والبواعث الموضوعية الرئيسة التي جعلتني أتمسك بانجاز هذه الدراسة. إشكالية مفهوم السيرة الذاتية تعرضت الكاتبة في هذا القسم الى صعوبة وضع تعريف محدد وجامع لمفهوم السيرة الذاتية نظراً لمرونته وتطوره عبر المدارس الادبية المختلفة إلى جانب التداخل والتشابه بينه وبين أجناس أخرى مثل: اليوميات_ الاعترافات_المذكرات_ الرواية_ أدب الرحلات. تاريخ السيرة الذاتية في الادبين الغربي والعربي هنا تتبعت الكاتبة نشأة فن السيرة الذاتية منذ بدء الكتابة الاعترافية والتي ارتبطت بالتطهر من الآثام وكان القديس أوغسطين أول من دونها في كتاب " الاعترافات" والذي يعتبره الكثير من النقاد أقدم سيرة ذاتية في الادب الغربي، بعد ذلك توالت كتابات السيرة الذاتية عبر العصور ولعل أشهرها في العصر الحديث "صورة الفنان في شبابه" لجيمس جويس و"في البحث عن الزمن المفقود" لمارسيل بروست". أما في الادب العربي فإن ارهاصات السيرة الذاتية بدأت منذ القرن الاول الهجري وكانت على شكل رسائل ثم قطعا من كتب مثل كتاب "طوق الحمامة في الألفة والألاَف" لابن حزم الأندلسي في القرن الخامس الهجري. ثم توالت الكتب الخاصة بادب السيرة والتي اختلفت باختلاف توجه أصحابها. واذا تحدثنا عن القرن العشرين فتقول الكاتبة نعيمة العجيلي ان فن السيرة تطور بفعل القراءات في الآداب الغربية والاطلاع على التراجم الكاملة لحياة الادباء الغربيين، مما جعل كتُاب عرب يصفون حياتهم وصفا شاملا للعيوب والمحاسن، بل إنهم تحولوا بها إلى اعترافات صريحة ابتعدت عن التحرج أو الافتعال ولذلك صارت السيرة الذاتية عندهم ضربا من القصص النابض بالحياة. وتضيف الاديب طه حسين أفضل من جارى الغربيين في هذا المجال عبر كتابه "الايام". السيرة الذاتية في الادب الليبي الحديث ان البحث عن جذور لفن السيرة الذاتية في الادب الليبي كما ترى الكاتبة قادني الى ان البدايات القديمة كانت مجرد عملية توثيقية لمجموعة من الاحداث التي عايشها الكاتب وتفاعل معها ولعل يوميات التاجر الطرابلسي حسن الفقيه حسن أول ما وصل إلينا من التسجيلات الفردية لأحداث ليبية صرفة. ثم كتاب" رَي الغليل في أخبار بني عبد الجليل" لصاحبه محمد بن عبد الجليل سيف النصر. في نهايات القرن العشرين شهدت الكتابة الذاتية في ليبيا تطورا ملحوظا فكانت كتب "الواقدت" لعبدالله القويري و"مسارب" لأمين مازن و"محطات"لكامل المقهور و"هذا ما حدث" لعلي فهمي خشيم. "محطات" لكامل المقهور و"هذا ما حدث" لعلي فهمي خشيم ان اختيار الكاتبة نعيمة العجيلي لهذين الكتابين يرجع كما تقول بانهما يتميزان بمحاولتهما تأسيس أدب السيرة الذاتية في ليبيا ويعتبران أهم الأعمال التي تندرج ضمن أدب السيرة الذاتية.
ألف ليلة في ليلة
بقلم سوسن جميل حسن
الناشر الدار العربية للعلوم ناشرون (2010)
  "ألف ليلة في ليلة" رائعة الروائية السورية "سوسن جميل حسن" الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون؛ نقرأ فيها قصة شهرزاد أخرى غير التي نعرفها، نسجتها أديبتنا من الواقع، لتبحث معها عن فارس الأحلام الذي يراود كل امرأة في خيالها، سمّته "مولاي" تبحث فيه عن حب حقيقي "تحلم أن تكون امتداده وأن يكون …لقراءة المزيد
  "ألف ليلة في ليلة" رائعة الروائية السورية "سوسن جميل حسن" الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون؛ نقرأ فيها قصة شهرزاد أخرى غير التي نعرفها، نسجتها أديبتنا من الواقع، لتبحث معها عن فارس الأحلام الذي يراود كل امرأة في خيالها، سمّته "مولاي" تبحث فيه عن حب حقيقي "تحلم أن تكون امتداده وأن يكون امتدادها، تنوء بعبء الخيال وتحمل للعالم رسالتها: "لن يكون خلاصكم من الشر المستفحل حدّ الوباء في هذا العصر المجنون إلا بالحب". قضايا متعددة برزت في ثنايا هذه الرواية لتنسج الروائية قراءتها النقدية – الاجتماعية إلى أولويات حياتنا وأهدافنا، امرأة، أو رجل تقترب فيها من الواقع، وتعريه، لا تختبئ وراء الرموز والكلمات، بل تقحم الحياة بسيل من التساؤلات في نقد لاذع لواقع الحال الذي ترزح تحت وطأته مجتمعاتنا وحكوماتنا في الشرق العربي. تقول بطلة الرواية ديمة: "... وكان زمن الشعارات كنا أيام المدرسة نُساق كالقطعان إلى الشوارع بأوامر لا أعرف من كان يصدرها، إنما تقترب من الأوامر الإلهية، بل هي أخطر (...) نردد هتافات لا أفهم منها شيئاً، لكنها تنفحني بشعور القوة، كيف لا وهم يسقطون الرجعية والإمبريالية، وأعداء الوطن (...) وذلك الزمن ولّى يا مولاي؟ اليوم صار من معه المال يملك مقومات الحياة...". تحمل هذه الرواية بين طياتها الكثير من التأملات والأسئلة لحالات إنسانية شفافة، لامست جانباً خفياً في تكوين شخصية أبطالها امرأة أو رجل نقرأ هذا في شخصية ديمة ومروان وعبير التي تبحث عن المتعة، متحدية قيود المجتمع. لقد أجادت الروائية رسم تحركات أبطالها من خلال لعبة ما يسمى بالسيرة النصية في الأدب الذي أصبح رائجاً كأسلوب أدبي في العقدين الماضيين حتى أصبح الروائي يتكلم بلسان شخصيات رواياته ويكشف ما يتقد في ذاتها من أحلام وطموحات تقول: "هل أنا امرأة حالمة حدّ المرض؟ أعرف جيداً أنني كنت حالمة منذ طفولتي؛ كنت أطفو فوق الواقع، وما زلت، برغم ما مررت به من تجارب قاسية، محن صعبة. لم تفارقني أحلام اليقظة منذ ذلك العهد (...)". هذه الرواية ليست مجرد تجارب وأفكار أو صور وذكريات، أو أحلام، إنها إشراقة أمل تنبعث من جديد، هي عودة إلى الحياة، فكيفما نفهم الحياة نجدها ونتحسسها ونعبِّر عنها بالكتابة وهكذا كانت سوسن حسن، الحب عنوانها الوحيد فيه وحده تسمو الروح وتزدهر.
مصحف أحمر
بقلم محمد الغربي عمران
الناشر دار الكوكب - بيروت (2010)
كتب: خالد محمد الشامي:          على الرغم من الجذور الأولى لظهور فن القصة في اليمن التي تعود إلى الثلاثينات من القرن العشرين، إلا أنها قد شهدت نموا متسارعا خلال العقد الأخير من الألفية الثانية، والعقد الأول من الألفية الثالثة، وصار المتابع للمشهد الأدبي في اليمن لا يكاد …لقراءة المزيد
كتب: خالد محمد الشامي:          على الرغم من الجذور الأولى لظهور فن القصة في اليمن التي تعود إلى الثلاثينات من القرن العشرين، إلا أنها قد شهدت نموا متسارعا خلال العقد الأخير من الألفية الثانية، والعقد الأول من الألفية الثالثة، وصار المتابع للمشهد الأدبي في اليمن لا يكاد يلحظ خلو مطبوعة تهتم بالشأن الثقافي من قصة أو أكثر في كل عدد منها، ولمعت أسماء قصصية عديدة - من كلا الجنسين - في كتابة القصة القصيرة، وعدد من هذه الأسماء وجدت طريقها نحو التحليق في سماء السرد العربي، وبعضها تتهيأ لمواصلة تحليقها عالميا، وكان من نتيجة ذلك نشوء كيان خاص بالقصة هو نادي القصة اليمنية "إل مقه"، الذي صارت فروعه تمتد على كثير من المحافظات في اليمن. لكن الرواية في اليمن ظلت متعثرة الخطى كثيرا عن اللحاق بشقيقاتها من فنون السرد الأخرى، إذ لا نجد إلا عددا محدودا من الأعمال الروائية لا تكاد تتجاوز في مجملها عدد العقود التي مرت منذ ظهور الفن القصصي اليمن، وفضلا عن ذلك ظلت بعض هذه الأعمال على قلتها لا ترقى إلى المستوى الفني الذي يتيح لها الانتشار خارج حدود بلدها، لكن نقلة غير متوقعة حدثت في السنوات الأخيرة دفعت إلى الساحة الأدبية عددا من الأعمال الروائية، التي انطلقت لتتجاوز أسوار الرتابة والإحباط التي تحاصرها محليا لتجد مكانا يليق بها بين شقيقاتها العربيات، مثلما أتيح لوجدي الأهدل، وعلي المقري. أما أحدث هذه المفاجآت فهو العمل الروائي الجديد الذي شهدته الساحة الثقافية في اليمن، والمتمثل في رواية "مصحف أحمر" للكاتب محمد الغربي عمران، رئيس نادي القصة في اليمن، وأمين العلاقات الداخلية في الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وربما توقع الكثير قبل أن يُقْدم الكاتب على خوض هذه التجربة خاصة أن اسمه قد لمع في سماء القصة القصيرة، ويعد أبرز الأسماء القصصية في اليمن حاليا، لكن لم نكن نتوقع أن يكون العمل بمثل هذه القوة باعتباره العمل الروائي الأول للكاتب، ولذا فقد كانت خطوة منتظرة أن يتم حجز هذه الرواية فور وصولها من دار الكوكب – أحد الفروع الجديدة لشركة رياض الريس للكتب والنشر- إلى مطار صنعاء من قبل السلطات. وقد ردد البعض أن هذه ربما تكون حركة استعراضية متفقا عليها للترويج للرواية، لكن هذه الأصوات خفتت حينما تم تهريب نسخ منها إلى أيدي عدد من المثقفين، وأدركوا ما تحمله هذه الرواية من تميز في البناء وجرأة في الطرح، ولذا فقد وصفها الدكتور عبد العزيز المقالح بأنها "رواية الموسم" قائلا: "كثيرا ما تساءلت إلى متى سيظل الكاتب المبدع الفنان محمد الغربي عمران يكتب القصة القصيرة والطويلة فقط، ومتى يقتحم عوالم الرواية؟ وإذا به يفاجئني ويفاجئ الجميع بهذا العمل الروائي البديع المبهر الذي يدخل دون مبالغة فيما يمكن تسميته بالتأسيس الحقيقي لكتابة رواية عربية في اليمن بكل شروطها الموضوعية والفنية" ، وقد أدرك الكثيرون سر المعاناة التي لاقها الكاتب وروايته، والحقيقة أنني لو قرأتها بعيون رقيب عربي وحس أمني لأصدرت قرارا نهائيا بمصادرتها، لكن الله سلّم وتمكنت من تجميد غريزة الإلغاء العربية إلى حين الانتهاء من قراءتها، ولا أدري إن كانت هذه الغريزة قد عادت وأنا أدون قراءاتي الأولى حول هذه الرواية. وقد أثارت الرواية في مراحل ظهورها الأولى أصداء أولية على مختلف المستويات: دينيا واجتماعيا وسياسيا، نظرا لجرأة الطرح الذي قدمته الرواية، والمثير أن الكاتب هو ابن البيئات السابقة جميعها، ففي المستويين الأولين يعد الكاتب ابن بيئة محافظة جدا دينيا واجتماعيا حتى أن عددا من النساء هناك تم حرمانها من المشاركة في العملية الانتخابية لأن ذلك سيتطلب إعلان اسمها أمام عدد من غير محارمها. فضلا عن نشر صورها في سجلات الناخبين، زد على ذلك أن الكاتب هو ابن إحدى الأسر اليمنية التي توارثت السلطة الأعلى في النظام القبلي اليمني "المشيخ"، أما على المستوى السياسي فيعد الكاتب من أبرز أعضاء الحزب الحاكم في اليمن، وهو إلى ذلك عضو سابق في البرلمان اليمني، ثم وكيلا لأمانة العاصمة، وقد راهن الكثير في الوسط الثقافي أن الرجل يعد أبرز الوجوه المرشحة لتولي منصب وزير ثقافة مستقبلا، إلا أن البعض مؤخرا بدأ يتخلى عن مراهنته في ذلك، بعد صدور قرار سياسي - فور صدور الرواية- بتعيينه مستشارا لأمانة العاصمة – وهي ترقية سياسية لها دلالاتها الخاصة في السياسة اليمنية- ذلك الوخز المؤلم الذي وجهته الرواية نحو عدد من صور التخلف في اليمن جعل كل طرف يتحسس مكان الألم في جسده. ومنذ أسابيع تمكنت من الحصول على إحدى النسخ لرواية "مصحف أحمر"، وعلى الرغم من أنني قرأت الرواية أكثر من مرة، إلا أنه وفي كل مرة تتضح للقارئ أبعاد جديدة تدفعه إلى التريث فيما لو أراد أن يقنع نفسه بأنه قد اقترب من وضع تصور نهائي عنها، لكن يمكن القول أن القارئ سيجد في ما تبنته هذه الرواية عددا من الرؤى والأفكار التي قد يختلف فيها مع ما ذهب إليه الكاتب وما طرحته الرواية، لكن وفي كل الأحوال فإن القارئ سيجد نفسه أمام عمل روائي يدهشه فيها جرأة الطرح وقوة البناء والحبكة وفرادة الأسلوب. ولأن هذه القراءة ربما تكون من أولى القراءات المنشورة حول الرواية –إن لم تكن هي الأولى- فإنها لن تغامر بالغوص في الرواية لتنتزع بعض الأزهار وأحيانا بعض الأشواك لعرضها أمام القراء في هذا الموضوع، خشية من سوء العرض وأحيانا من بعض مخاطره المحتملة، خاصة إذا ما حاول البعض أن يجتزئ منها بعض الأسطر ليضمنها دعاوى حسبة محتملة.
رؤية حول شكل وأسلوب الرواية تتناول هذه الرواية واحدا من أكثر الأحداث حساسية في تاريخ اليمن الحديث، ومن أشدها تأثيرا في توجيه وتشكيل النظام السياسي في اليمن، كانت البدايات الأولى لهذا الحدث قد نمت حينما قوي المد الماركسي في جنوب اليمن، وتشكل نظام في عدن ذو أيديولوجية ماركسية صارمة، كان من نتائجه ظهور حركة مسلحة عرفت بعد ذلك باسم "الجبهة الوطنية" مدعومة من نظام الحكم في عدن، تهدف إلى تحقيق شعارها الذي رفعته: ‘‘النضال حتى تحقيق الوحدة اليمنية.. لا لعمالة نظام صنعاء لأنظمة عربية رجعية كأداة لتنفيذ سياسة الغرب الاستعمارية في المنطقة.. العدالة والمساواة والحرية أساس كل نضال ‘‘. وقد قويت شوكة هذه الحركة في أواخر السبعينات حتى أوشكت خلال سنوات قليلة على اكتساح صنعاء وإسقاط نظام الحكم فيها، وتتناول الرواية هذه الفترة من خلال سردها لمعاناة أسرة سكنت "حصن عَرْفطَة" شمال اليمن، حيث عانت من تسلط أحد المشايخ – بمفهومه القبلي- الذي كان مدعوما من النظام، وقد تسبب ذلك في هروب "تُبَّعَة" -أحد الأبطال الرئيسيين في الرواية- من الحصن، ليرافق "مولانا" –أحد العملاء السريين للجبهة الوطنية في الشمال- ثم انضمامه إلى الجبهة الوطنية والقتال في صفوفها، وقد شاركه في هذا النضال صديقته "سمبرية" التي عقد قرانه عليها لاحقا وفق طريقة خاصة بهما، ثم إنجابهما لطفلهما الوحيد "حنظلة" الذي سافر في عام 2000 ليدرس الطب في العراق، ثم تنقطع أخباره عن أمه طوال سنوات إقامته في العراق ليعود بعدها وقد أصبح إرهابيا. أما "العطوي" - والد "تبعة" - فقد استمر في مواجهة المعاناة بسبب معارضته لتسلط الشيخ عليهم في "حصن عرفطة"، ثم نقله إلى صنعاء ليقيم في معتقل سري بصفة مستمرة بعد أن أضيفت له تهمة الزندقة والخروج عن الإسلام بسبب اعتناقه وإيمانه بعدد من الديانات المختلفة، وهي التي وردت تعاليمها في مصحفه الأحمر، إضافة إلى تبنيه الفكر الشيوعي، وقد رصدت الرواية من خلال سير أحدثها حالة الصدام بين الجبهة المدعومة من نظام عدن، في مقابل نظام صنعاء المتحالف مع السلطة الدينية - المتمثلة بالتيار السلفي – وكذلك مع النظام القبلي -المتمثل بالمشايخ- ثم تدوين عدد من الأحداث الجزئية التي دفعت بالأحداث نحو بلوغ عنفوان الصراع وصولا إلى ذروة التشويق.
* العنوان: يشير هذا العنوان ابتداء بصيغة التنكير ‘‘مصحف أحمر‘‘ إلى وجود مصحف آخر غير المصحف المتعارف عليه، وهذه الصيغة خففت قليلا من وطأة الطابع الاستفزازي الذي حمله العنوان، مقارنة فيما لو كان بصيغة التعريف ‘‘المصحف الأحمر‘‘ ، لكن الصيغة الأولى لن يكون تنكيرها إلا مؤقتا، وربما تكون مقتصرة على العنوان فقط، أما فيما عداها فإنه سيتم الانتقال بها إلى صورة تقربه من العلمية، وهو ما نراه بعد ذلك يتردد في ثنايا الرواية تحت مسمى ‘‘المصحف الأحمر‘‘. وهذا المصحف الأحمر - كما أسمته الرواية وكما وردت توصيفاته فيها - مختلف عن المصحف الذي نعرفه كمسلمين، فهو يضم بين دفتيه أجزاء من كتب مقدسة لديانات مختلفة، فهناك أجزاء من القرآن الكريم، وأجزاء من التوراة، وأجزاء من الإنجيل، إضافة إلى تعاليم لديانات أخرى: كالبوذية، والزرادشتية ، والصابئة....، وهذه كلها تضمها دفتا "المصحف الأحمر"، لكن إشكالية التسمية تبدو فيما لوحظ بعد ذلك في الغلاف الداخلي للرواية، حيث تُرجمت عبارة "مصحف أحمر" إلى ‘‘A RED KORAN ‘‘ وهكذا تم تخصيص العنوان وكأنه ينصرف إلى القرآن الكريم فقط. أما عن دلالة تلازم اللون الأحمر مع ذلك المصحف، فربما نجد تعليلا أوليا في الرواية من أن لون هذا المصحف هو اللون الأحمر، لكن الرمزية قد تجعلنا ننطلق لنبحث في أقرب الدلالات الملتصقة بهذه الصفة وهي ارتباط اللون الأحمر بالدم، ومن ثم ارتباط الدم بالإرهاب الذي لم تقتصر مظاهره فيما حصل لـ"حنظلة" من تغير فكري بعد رحلته الدراسية إلى العراق، بل نرى صورا كثيرة ومتنوعة للإرهاب داخل الرواية، ومن ثم فلعل الرواية قد أرادت القول: أن المصحف الذي يمارس البعض الإرهاب باسمه إنما هو مصحف أحمر لا يتصل من قريب أو من بعيد بالكتاب الإلهي المليء رحمة وعدلا. كما أننا لا يمكن أن نغفل ارتباط دلالة اللون الأحمر بالاتجاه الفكري لـ"العطوي" و "تبعة"، وارتباط ذلك بالاتجاه الماركسي، الذي يبرز شعاره الواضح بنجمته الحمراء، ومن ثم فلا يمكن رفض الاعتقاد بأن هذا المصحف الذي جعل منه "العطوي" رفيقه الدائم ومنهجه، هو كتاب لدين مختلف يتبناه "العطوي"، وهذا الدين يقوم على المزج بين كل الديانات باعتبارها تؤدي في نهاية الأمر إلى طريق واحد، وهي الدعوة القديمة التي اتضحت صورتها عند محيي الدين ابن عربي. * الغلاف: حمل لونين رئيسيين: الأسود والأحمر وهو ما يتناسب مع عنوان الرواية ومضمونها معاً، وفي النتيجة يعكس هذا اللونان صورة لواقع معاش – كما تطرحه الرواية - أعلاه ظلام وأسفله دماء. ويتصدر الغلاف مشهدٌ ثابت يتكون من صورتين: صورة لفتاة يمتد هذان اللونان كخلفية لها، وإذا تأملنا في عينيها وجدنا إحدى العينين محجوبة عن الرؤية بسبب غطاء ينسدل من على رأسها، أما العين الأخرى فهي مغمضة، كما تبدو الحيادية في ملامح وجهها وبهذا يتضح أن المرأة بعيدة عن الواقع من حولها. أما الصورة الأخرى فهي لفتى في مقتبل العمر إحدى عينيه تذرف الدمع وتصور براءته، والأخرى تنغرز جمجمة يقطر منها الدم بفعل الإرهاب، لكن هذه الصورة يمكن لها أن تحمل تأويلا آخر؛ فتلك العين التي تذرف الدمع هي إشارة إلى براءة الأطفال في حاضرهم، بينما الجمجمة التي سدت فتحة العين هي تعبير عن قلق من مستقبل هذا الطفل الذي يمكن أن يصبح إرهابيا مستقبلا، مثلما حدث مع "حنظلة" الذي ذاق صورا كثيرة من المعاناة والظلم في طفولته، ليصبح إرهابيا في مرحلة الشباب. * الأمر الآخر الذي يلفت النظر في الغلاف، هو الاقتباس الذي ضمته صفحة الغلاف الأخير للرواية، إذ كان من المتوقع أن يتم اختيار مقاطع منتقاة تشير إلى المضمون الفكري الذي تحمله الرواية، وبدلا من ذلك تم اقتباس مقاطع تصور لحظات جنسية مثيرة تمت بين "تبعة" و"سمبرية"، وهذا الأسلوب يذكر بما كانت تفعله دور السينما وعدد من القنوات للترويج لأفلامها، من خلال عرضها بعضا من اللقطات الساخنة كي تغري المشاهد بمتابعتها، وهذا ما يطرح تساؤلات حول علاقة الهدف الفكري والتجاري ثم هدف الإثارة بما تضمنه الغلاف الأخير!!.
الرواية الأسلوب والفكرة وقد سلكت الرسالة أسلوبا متقدما في تشكيل بنائها، إذ أن الرواية تعد في حقيقتها رسالة واحدة موجهة من "سمبرية" إلى ابنها "حنظلة" تضم عددا من الرسائل الفرعية، لا تتقيد بترتيب تعاقبي للزمن، وإنما تخضع لما يقتضيه الموقف والسياق وما يتفرع عن ذلك من تداعيات نفسية وذكريات، وقد سهل من ذلك التنقل تلك الرسائل المتضمنة التي كان يرسلها "تبعة" إلى زوجته "سمبرية" وتشكل رمزا لحالة راهنة تتهدج بين انكسارات الماضي والحاضر ثم استمرار التطلع القلق نحو المستقبل، وتكاد هذه الرسائل أن تظهر حالة من الانفصام بين الماضي والمستقبل، وغربة هذين الزمنين عن الحاضر، ففيما كانت رسائل "تبعة" تأتي كذكريات مسترجعة تستحضرها "سمبرية" كلما شعرت بالحنين إلى الماضي أو الإحباط من المستقبل الذي انتهى بانتكاسة فكرية لثورية "تبعة" ونضالاته، فإن رسائل "سمبرية" إلى ابنها – رمز الحاضر والمستقبل معا- لا تصل إليه أي منها طوال غيابه في العراق، فيما ينقطع تواصله مع أمه نهائيا قبل أن يعود متشحا أفكارا إرهابية غريبة. وكل الرسائل التي كانت تدونها "سمبرية" إلى ابنها تبتدئ بالحلم الذي شكل المدخل إلى الرواية وهو المعنون بـ"حنظلة": ويفتتح بهذا التصدير: "وحيدي حنظلة"، وصولا إلى انكسار هذا الحلم في القسم الأخير من الرواية والمعنون بـ"إرهاب"، وهو يفتتح بهذا التصدير أيضا: "وحيدي حنظلة". ولعل هذا الأسلوب الذي اعتمدته الرواية يتميز بقدرته على إفساح المجال لتقييم تداخلات الأحداث بما يسمح بتكوين قدر كبير من وضوح الرؤية، فـ"سمبرية" ـ مثلاـ وهي تدون الأحداث في رسائلها بعد مرور زمن من وقوعها يسمح لها بالربط بين الأحداث وتقييمها، وهو ما لم يكن ممكنا فيما لو سارت الأحداث وفق الطريقة التقليدية ذات التعاقبية الزمنية المباشرة. والرواية لم تقسم إلى تلك الفصول بنمطيتها المعتادة، لكنها جاءت وفق تقسيمات، تتصدرها العناوين التي تشكل أبرز محاور الرسالة، وتوزعها عشرون محورا، ثلاثة عشر منها حملت أسماء أبرز شخصيات الرواية وهي: حنظلة – سمبرية – العطوي – شيخنا – مولانا – شهيد – شرهان – عذراء – فيدل – تبعة – خمينة – شخنما – فتاح، مع ملاحظة أن عذراء ليست شخصية مستقلة بل هي توصيف لـ"سمبرية" في أحد محاور الرواية. وأربعة محاورة جاءت معنونة بأسماء أمكنة: الضالع – الرياض – شلال – بغداد وبقيت ثلاثة محاور، اثنان منها كانا عنوانين لبعض من الأحداث الهامة في الرواية: اغتيال – إرهاب. ثم المحور الذي تتفرع عنوان الرواية: مصحف ولعل مما يمكن أن يشار إليه في أسلوب الرواية أن هناك فترات زمنية قد فصلت بين كتابة بعض من أجزائها قبل مواصلة الأجزاء الأخرى، ولذا يلاحظ في بعض محاور الرواية أن اللغة فيها تكاد تقترب من اللغة الشعرية، وهو ما يختلف عن لغة الكاتب في مواضع أخرى من الرواية. رؤية مضمونية عامة حين يتتبع القارئ مسار الرواية وتفاصيلها يكاد يجزم أن هذه الرواية ليست إلا خلاصة لمذكرات شخصية لأحد أفراد الجبهة الوطنية، ومن ثم تدخلت فيها ريشة الكاتب بالإضافة والحذف والتعديل لإخراجها في صورة عمل أدبي مكتمل، وهو ما اتضح في دقة الخارطة المكانية للأحداث، وربما يبدو هذا ماثلا بصورة مدهشة لي كقارئ، حيث كانت إحدى محطات البطل "تبعة" هي قريتي النائية "بيت الشامي" في محافظة "إب"، وهي من المناطق التي كانت على خط التماس الساخن في معركة النظام مع الجبهة. فضلا عن عدد من الأماكن الأخرى القريبة منا مثل: يريم - قاع الحقل – السدة – وادي بنا....، وهي أماكن ربما لم يكن الكاتب على معرفة بأسماء الكثير منها فضلا عن الوصول إليها. ولعل مما يميز الرواية أنها تعد أول عمل أدبي يتجرأ على تدوين بعض من تاريخ تلك المرحلة الشائكة، بل تكاد أن تنفرد بطرح رؤية مغايرة للرؤية السائدة في المجتمع من النظر إلى ما كان يسمى بالجبهة الوطنية على أنها حركة تخريبية خلفت كثيرا من المآسي بين الناس. وإذا كان البعض من القراء قد جزم أن الكاتب أظهر انحيازا واضحا نحو تبني مواقف الجبهة ومحاولة تحسين صورتها، في مقابل وقوفه ضد الأطراف الأخرى، إلا أن التأمل في الرواية يظهر أنه إذا كان لهذه النظرة ما يبررها من خلال سياق أحداث الرواية وتتبع معاناة أبطالها، إلا أن الرواية في الحقيقة تطرح ما يناقض هذه الرؤية، ذلك أن الرواية من خلال عدد من أحداثها تعكس صورة قاتمة تعزز النظرة السلبية بين الكثير عن تلك الحركة المسلحة، فهي على سبيل المثال ترسم صورة لتوجه ديني عند بعض المنتمين إلى تلك الحركة، ينحرف عن حقيقة الدين الذي يؤمن به أفراد المجتمع، إضافة إلى تلك الصور من الشذوذ الجنسي التي مارسها عدد من أفراد الجبهة سواء لدى الرفاق أو لدى الرفيقات. فهاهو "تبعة" يبدو بعد فترة من الصراع وقد انسجم مع حركات أصابع "مولانا" التي باتت تراوغ ما بين فخذيه. على الرغم من أن ذلك ليس إلا صورة رمزية متقنة قد لا يفطن لها كثير من القراء، ذلك أن "مولانا" ليس سوى رمز لمذهب ديني كان هو المذهب السائد في شمال اليمن، قبل أن يتوارى بفعل المد السلفي الذي وجد كل الدعم من قبل السلطة ليتحالفا معا ضد ما أسموه بالغزو الشيوعي، بينما لم يكتب النجاح لـ"مولانا" في ترويض الفكر الثوري للجبهة الذي انهار مبكرا، خاصة وأنه قد أصبح مقطوع "العضو" ومن ثم فإن تأثيره قد يبدو محدودا. كما أن من المشاهد المثيرة للقارئ حينما يبدو "تبعة" وهو يعقد قرانه على "سمبرية" بطريقة غير معتادة، فحينما تعريا ونزلا ليسبحا في الشلال، عرض عليها الزواج، وهما وحيدان دون ولي أو شهود أو قاض، لأنهما- كما يذكر "تبعة" - لا يحتاجان إلى تلك الورقة ‘‘التي تميت الحب‘‘، تساءلت "سمبرية" باستغراب: ‘‘-كيف إذن نتزوج؟ -هكذا !! مددتُ كفي إليك.. صافحتك.. خاطبتك: -هل تقبلين بي زوجا..؟ إن رغبت قولي: "قبلت بك زوجا.. وإن..." قاطعتِنِي بقولك: - لا تكمل.. بل قبلت بك زوجا على سنة الحب.‘‘ ثم يقرران بعدها الزواج، لينتج عن تلك العلاقة غير الشرعية مولود غير شرعي أيضا وهو "الإرهاب" الذي يمثله حنظلة. كما تظهر علاقة "المثلية" التي نشأت بين "سمبرية" وصديقتها "شخنما" كتتويج لإعجاب متبادل بينهما ظل كامنا لفترة من الزمن، قبل أن تبوح كل منهما لرفيقتها بما تشعر به تجاهها، ثم نرى "سمبرية" تصف لنا بعضا من تلك العلاقة قائلة: ‘‘نصعد غرفتنا العلوية.. نقضي معظم ليالينا معا....يتفرع الكلام ليأخذ منحى آخر، نترك لأجسادنا فسحة من الإغواء.. لا نطفئ السراج.. يتحول الضوء إلى خيوط شبقة.. خدر الكلمات المغناة.. اللمسات المرتعشة.. تجوس ألسنتنا ما شاء لها من اللذة.. يسيل لعاب أجسادنا.. تفرد أرواحنا ذروة أجنحتها.. تبلغ أفق النشوة.. تغمض بأجسادنا شعلة الظلمة،، ثم يتخذان قرارا بهائيا بـ"الزواج" بعد طلب من "شخنما"، وتردّدٍ من "سمبرية" كونها على ذمة رجل، لكنها لا تستطيع مقاومة جنونها وهيامها برفيقتها، التي ألحت أيضا على أن تقوم "سمبرية" بدور الرجل، وعلى الرغم من الرمزية المبهرة في هذا المشهد حول علاقة "الهيام" التي وحدت بين "صنعاء" و"عدن"، وقرارهما بالاتحاد جسدا وروحا، في ظل غياب الأزواج الأكفاء، لكن مثل هذا المشهد وغيره، ستظل تحمل دلالتها المباشرة في ذهن القارئ العادي. أما الصورة الأوضح التي تؤكد أن الرواية قد حطمت الصورة المثالية التي كاد القارئ أن يشكلها في مخيلته عن "الجبهة الوطنية"- من خلال معايشته الطويلة لرحلة الرفيق "تبعة"- فهي الانكسارات المتدرجة التي قادتنا إليها الرواية وصولا إلى نقطة التلاشي تقريبا لهذه الحركة. وكانت أوضح معالم هذا التحول قد بدأت منذ العام الأول للألفية الثالثة وتحديدا في أغسطس 2000 حينما حضر "تبعة" متسللا لوداع ابنه "حنظلة" المسافر إلى العراق للدراسة وهو اللقاء الأول بينهما منذ عرف الابن الحياة، لقد انهارت في أذهان حنظلة تلك الصورة التي رسمتها له "سمبرية" عن أبيه، كانت تصور له أباه شابا قويا مفتول العضلات وفارسا جسورا لا يقهر، لكن حين التقاه حنظلة، فوجئ بـه يخطو نحوه ‘‘ بخطوات مرتبكة.. رجل اقترب من الأربعين.. بوجه صغير.. ضامر الجسد.. انحسر شعر رأسه.. تهتز قامته بشيء من الإعاقة.. لف جذعه بفوطة فضفاضة ‘‘ حينها شعر حنظلة بالانكسار، ليحيلنا هذا المشهد إلى ما طرحته القصة الشهيرة لمحمد عبدالولي "ليته لم يعد". ثم تظهر صورة أخرى أشد قتامة تصور حالة العجز التي أصيب بها "تبعة" حينما عاد مع "سمبرية" -التي غاب عنها 20سنة - ليقضيا فترة بجوار بعضهما في أحد الفنادق، ورغم أنهما قد قضيا الليلة بأكملها بجوار بعضهما، وطلب منها أن تنزع كل ملابسها عنها، ممارسا معها أقصى درجات الإثارة، لكنه أصبح عاجزا عن إشباع رغبتها رغم محاولاته المتكررة فقد أصابته مظاهر المرض والشيخوخة على الرغم من أنه لم يتجاوز الأربعين من العمر. أما التحول الأهم في مسيرة "تبعة" والذي كان خاتمة التحولات، فقد ظهر حينما أعلنت مجموعة من الأحزاب الصغيرة عن تشكيل تحالف سياسي فيما بينها، والمهم ليس هذا الحدث بل هو ما شرحته "سمبرية" في رسالتها لابنها قائلة: ‘‘لم يكن ذلك ما يهمني.. لكن أن يكون تبعة أمينا عاما لأحد تلك الأحزاب.. ونائبا لرئيس ذلك التحالف.. فهذا خبر مثير. تابعت تطور تلك الأخبار.. فجأة ظهر "تبعة" على شاشة القناة الأولى ليعلن في مؤتمر صحافي عن دخول التحالف في حوار سياسي مع حزب السلطة على طريق التحالف معه، لأول مرة أشاهد "تبعة" منذ وداعك.. كان كالأرجوز.. كرفته حمراء.. كوت فضفاض.. وجهه استعاد عافيته أو هكذا بدا لي.. يلعن في كلماته الرفاق السابقين.. يتهمهم بالعمالة‘‘. وهنا يتضح انقلاب "تبعة" على شعاراته وماضيه، فبينما كان يلصق بحليفه الجديد – عدوه القديم- كل صفات الظلم والتخلف والرجعية هاهو يتحالف معه على الرغم من أن أبيه "العطوي" ما زال في معتقله السري، وما زال شيخ حصن عرفطة يمارس صلاحياته بكل حرية، كما نلاحظ أن النجمة الحمراء قد تمددت لتصبح في هيئة كرافتة حمراء هي شعار المرحلة الجديدة، أما تلك الفوطة الفضفاضة التي كانت على جذعه فقد انتقلت من أسفله باتجاه أعلاه لتظهر في هيئة "كوت" سلطوي فضفاض مختلف عن حجم جسده الثوري، وهذا التحول ليس مفاجئا فقد سبقته فترة زمنية سمحت بظهور آثار النعمة الجديدة عليه، كما يبدو من ملامح وجهه الذي استعاد عافيته، وصولا إلى لعنه الرفاق السابقين واتهامهم بالعمالة، متناسيا ما يقوم به حاليا. وهكذا تظهر التناقضات والانكسارات والتحولات في واقع ترسم الرواية مشاهد متعددة تضعها أمام القارئ تاركة تأمل هذه المشاهد وقراءتها، ومجمل هذه المشاهد تتلخص في: المشهد الأول: نظام يبدو واهنا ومثقلا بهيمنة القبيلة والسلفية. المشهد الثاني: حركات ثورية تبدو شعاراتها مجرد مطايا توصلها نحو أغراض نفعية مجردة. المشهد الثالث: اتجاه يحاول إيجاد طريقة بديلة لكل ذلك، لكنه محاصر غير قادر على طرح ما يراه، وهو ما يرمز له بـ"العطوي" الذي لم يعرف مصيره في معتقله بعد. ختاما يمكن الإشارة إلى تأثر الكاتب بعدد من الأعمال القصصية عربيا وعالميا، ويمكن الإشارة هنا إلى وجود عدد من صور التشابه بين ما تضمنته رواية "مصحف أحمر"؛ وبين مضامين رواية "فيلسوف الكرنتينة" للقاص والروائي وجدي الأهدل، فبينما نجد رواية وجدي الأهدل تتحدث عن تحالف وثيق يربط بين السلطة السياسية والدينية والقبلية في إحدى الدول المجاورة، نجد رواية الغربي عمران تتحدث عن هذه العلاقة أيضا ولكن في إطار مجتمع يقع إلى الجنوب من المجتمع الأول، كما أن قرواية "فيلسوف الكرنتينة" تتخذ من "مقبرة زيمة"" مسرحا رئيسيا لأحداثها، حيث تشير دلالة التسمية إلى أن مجتمع هذه المقبرة صارت كل مظاهر حياته وحتى غذائه مطعمة بـ"نكهة جثث الموتى" في إشارة إلى عدم قدرة هذا المجتمع على التآلف مع كل ما هو جديد وحي. أما رواية "مصحف أحمر" فتتخذ من "حصن عرفطة" المكان الرئيسي لأحداثها، وعلى الرغم مما يبدو من الاختلاف بين صورة المقبرة وصورة الحصن في الأذهان، لكن يلاحظ من خلال هذه الرواية أن هذا الحصن ليس إلا عبارة عن سور حجري متين يحول دون وصول أي صورة من صور التغيير إلى سكان هذا الحصن، الذي تتسع دلالته المكانية من الجزئية إلى الامتداد الكلي. ومن ثم تبدو صور التشابه الأخرى بين سكان المجتمعين "المقبرة والحصن" لنلمح ذلك التشابه القائم بين شخصية مشعل الحجازي بطل "فيلسوف الكرنتينة" وشخصية "العطوي" "مصحف أحمر"، واتهام كل منهما بالزندقة والخروج عن الدين. ثم هناك المذهب "الرملي" الذي كان المذهب السائد بين سكان "مقبرة زيمة" بتعاليمه الغريبة، يقابله في "مصحف أحمر" ذلك الانتشار السريع لتيار ديني استغل فرصة ضعف الدولة واحتياجها إلى دعمه ليوسع من قاعدة نفوذه، على حساب المذهب الآخر الذي سبقت الإشارة إليه عن طريق الرمزية التي حملتها شخصية "مولانا"، الذي أزيح عن معقله الأشهر "المسجد المقدس" –كما أسمته الرواية- الذي صار دوره يكاد يقترب من دور محاكم التفتيش من خلال جلسات الاستتابة التي كانت تقام فيه. هذا بالإضافة إلى ما يلاحظ من تشابه كبير بين شخصية حصة الطريسي، وشخصية "سمبرية"، إضافة إلى تشرد ومقتل كثير من رفاق مشعل الحجازي، وكذا انقلاب كثير من أفراد حركته وتخليهم عن المبادئ التي وضعها لهم مشعل الحجازي، وهو ما نجده، فيما حدث أيضا من تنكيل وتشريد لأفراد الجبهة، ثم تخلي الكثير منهم عن مبادئها وتنكرهم لها. وفيما عدا هذه التشابهات يظل لكل من محمد الغربي عمران ووجدي الأهدل أسلوبه وخصوصيته التي لا يشبهه فيها أحد، ومن ثم يمكن القول أن هذين الروائيين – عمران والأهدل - قد تصدرا المشهد الروائي في اليمن عن جدارة واقتدار، ليضعا أسسا قوية لأعمال روائية تضاهي وربما تتفوق على عدد من الأعمال الروائية الشهيرة عربيا وعالميا. عن " عرب أونلاين" ____________________ 1 - صحيفة الثورة اليمنية، العدد، 16575، 30مارس 2010م. 2 - مصحف أحمر، ص 197. 3 - مصحف أحمر، ص 181 . 4 -مصحف أحمر، ص 300.
سيرة حياة غابرييل غارسيا ماركيز
بقلم جيرالد مارتن
الناشر الدار العربية للعلوم ناشرون (2010)
كتب: إسكندر حبش                                       كلّ شيء بدأ بجملة. تقول القصة إنه في العام 1965، كان هذا الكاتب الشاب يشعر بأزمة كتابة منذ …لقراءة المزيد
كتب: إسكندر حبش                                       كلّ شيء بدأ بجملة. تقول القصة إنه في العام 1965، كان هذا الكاتب الشاب يشعر بأزمة كتابة منذ أشهر. حاول كثيرا لكنه لم ينجح في الوصول إلى أيّ جملة مفيدة. لذلك قرر أن يأخذ إجازة قصيرة (كان يعيش يومها في المكسيك) ليذهب مع زوجته وأولاده إلى أكابولكو. وفوق الطريق غير المعبدة التي أشعرتهم بالإرهاق، جاءت جملة لتحتل روحه وعقله. كانت تبدأ على الشكل التالي: «بعد مرور سنين عديدة، وأمام فصيل الإعدام، تذكر الكولونيل اورليانو بوينديا تلك الظهيرة البعيدة...». وأمام إلحاح هذه الجملة عليه، استدار وعاد إلى منزله، ليبدأ بكتابة تلك الرواية التي لم تجعل منه فقط واحدا من كبار كتاب القرن العشرين، وإنما أيضا لتؤسس لمرحلة أدبية، لم يستطع أدب قارة (والعالم أيضا) تجاوزها بسهولة. إنه غابرييل غارسيا ماركيز، والرواية كما تعرفون «مئة عام من العزلة». وإن كنت أستعيد هذه الحادثة، فلأن كتاب الباحث البريطاني جيرالد مارتن «سيرة حياة غابرييل غارسيا ماركيز» – (صدرت ترجمته العربية مؤخرا عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» (بيروت) بالتعاون مع «ترجم» (مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم – الإمارات) وقد نقله إلى العربية محمد درويش) – يعيد «تذكيرنا» (من نسي حقا؟) بتفاصيل كثيرة من حياة وأعمال هذا الكاتب الذي عرف كيف يصوغ عوالم، من الصعب نسيانها بعد قراءتها. وبهذا المعنى أيضا يأتي كتاب مارتن، إذ إنه كتاب من الصعب تركه قبل أن تصل إلى صفحته الأخيرة. تماما مثل بعض روايات ماركيز التي تعلق بها، عند قراءتها، من دون أن تتمكن من الإفلات منها، قبل أن تصل إلى نهايتها. في الأساس كان يرغب مارتن في أن يكتب «السيرة الرسمية» الأولى لماركيز (نوبل للآداب العام 1982)، لذلك استمر 17 عاما في الإعداد لعمله هذا، بيد أن الكتاب يتخطى مجرد سيرة رسمية إذ نقع أيضا على قراءة لأعمال المؤلف الكولومبي الشهير، عبر مرآة حياته، لنخرج أمام كتاب لا بدّ أن يؤرخ لنوع أي سيرة ذاتية مستقبلا. ما من تفصيل عن حياة الكاتب وأعماله، إلا موجودة هنا، عبر كلّ تحولاتها: بدءا من الولادة، وصولا إلى الكتابة، ومن الكتابة إلى نوبل، ومن الأدب إلى الالتزام الثوري، ومن غابرييل إلى غابيتو، مرورا بكل تلك الأسماء التي تطلق على كاتب عرف كيف يأخذ الرواية إلى مناطق لم تكن مألوفة. كتاب مدهش، تماما مثل هذه الجملة التي ينقلها مارتن عن ماركيز حين نبهه: «اكتب ما تراه، ومهما كان ما تكتبه، فسأكون موجودا». بالتأكيد، إنه موجود في كل شيء، على الأقل من الصعب تخطي هذا الأدب الذي كتبه، أكنت معه أم ضده. من هنا، ربما يكون من المفيد أن يعيد المرء قراءة أعمال ماركيز، حين ينتهي من هذه السيرة.  
الجزيرة المغلقة Shutter Island
بقلم دينيس ليهان، ترجمة: تيا معوض - مركز التعريب والبرمجة
الناشر الدار العربية للعلوم ناشرون (2010)
"الجزيرة المغلقة Shutter Island" رائعة سيد الرواية الأميركية المعاصرة "دينيس ليهان Dennis Lehane" وأحد أبرز الروائيين العالميين في القرن العشرين، والذي تصدرت روايته هذه لائحة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعاً وتحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي مثير من إخراج مارتن سكور سيزي وبطولة ليوناردو دي كابريو. …لقراءة المزيد
"الجزيرة المغلقة Shutter Island" رائعة سيد الرواية الأميركية المعاصرة "دينيس ليهان Dennis Lehane" وأحد أبرز الروائيين العالميين في القرن العشرين، والذي تصدرت روايته هذه لائحة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعاً وتحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي مثير من إخراج مارتن سكور سيزي وبطولة ليوناردو دي كابريو. تدور أحداث الرواية عام 1954 أثناء إجراء المارشال الأميركي "تيدي كابريو" وشريكه "تشاك" تحقيقاً حول اختفاء مريضة حسناء من مستشفى للمصابين باضطرابات عقلية إجرامية يقع على جزيرة نائية، حيث تمثل Shutter Island مرتبة بارزة ضمن لائحة أسوأ الأماكن التي يمكن زيارتها في العالم. وعندما يبدأ المحققان عملهما والتحقيق في ملابسات عملية الهرب، سرعان ما يكتشفان بأن الموضوع هو أكثر تعقيداً من مجرد العثور على امرأة مفقودة. وبعد مراجعتهما لسجلات المرضى الطبية يصلا إلى حائط مسدود بفضل مدير المصح غير المتعاون، الذي يبدو أنه يخفي شيئاً؟ وخلال هبوب عاصفة بحرية هوجاء، يختفي فجأة أحد رجلي الشرطة في ظروف غامضة فتتملك شريكه هواجس عدة ليس أقلها الخطر على حياته. هذه الخلطة العجيبة من البشر والتي تمثلت بمجموعة من القتلة والمغتصبين الذين يحتلون الجزيرة ويسيرونها حسب أهوائهم، هذه المجاميع أدارها الروائي بحنكة عالية ذات طابع عاطفي عميق، وحوارات تبين قدرة "ليهان" على الغوص أكثر في الجهة المظلمة من النفس البشرية، في إطار من التشويق الأخاذ الذي يلفه الغموض بحيث يجد القارئ نفسه عاجزاً عن اكتشاف هذه المعلومات والأسرار حتى نهاية الرواية، ما يجعلنا نهيم في عالمها أكثر فأكثر. وهنا يتساءل المرء هل تقدم العلوم وشعار خدمة العلم، يدفع الإنسان ثمنها بإجراء التجارب عليه "يقول الطبيب نحن نحاول فقط مساعدة هذا المسكين اللعين". مفاجآت كثيرة تحملها هذه الرواية الممتعة والمؤثرة في آن معاً، بما تكشفه من متناقضات المجتمع المتحضر، حيث المظهر الخادع للحضارة رقيق جداً يكشف عن أنيابه في لحظة يبدو العنف الإجرامي باهتاً أمام رعب مؤامرات العقل البشري.
Oprah: A Biography كتاب يفضح أوبرا لأول مرة
بقلم كيت كيلي
علي عكس الكتب السابقة التي تناولت قصة حياة المذيعة الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفري أصدرت الكاتبة الأمريكية المعروفة كيتي كيلي يوم الثلاثاء الماضي بأمريكا كتاب «Oprah: A Biography» والذي يتناول قصة حياة المذيعة الشهيرة أوبرا وينفري كما ذكرتها الكاتبة والتي جمعت معلوماتها من خلال مقابلاتها …لقراءة المزيد
علي عكس الكتب السابقة التي تناولت قصة حياة المذيعة الأمريكية الشهيرة أوبرا وينفري أصدرت الكاتبة الأمريكية المعروفة كيتي كيلي يوم الثلاثاء الماضي بأمريكا كتاب «Oprah: A Biography» والذي يتناول قصة حياة المذيعة الشهيرة أوبرا وينفري كما ذكرتها الكاتبة والتي جمعت معلوماتها من خلال مقابلاتها مع 850 مصدرًا ماعدا أوبرا نفسها التي رفضت الحديث معها أكثر من مرة ولم تعط لها تصريحًا بنشر هذا الكتاب الذي تسبب فور نشره في كثير من الجدل بسبب المعلومات المذكورة في الكتاب والتي تشكك في مصداقية المعلومات التي علي حد قول الكاتبة فبركتها أوبرا عن حياتها الشخصية وتعرضت إلي هويتها الجنسية وعلاقاتها الحميمة مع الآخرين وتعاطيها للمخدرات وطريقة معاملتها لعائلتها وموظفيها، لكن كان أهم ما تعرضت له كيتي علي صفحات كتابها هو موضوع التحرش الجنسي الذي تعرضت له أوبرا وهي في سن التاسعة من عمرها من عمها واحد أصدقاء عائلتها وهي المعلومة التي نفاها احد أبناء عمها خلال حديثه مع كيتي وصرح بأن أوبرا اختلقت هذه القصة التي ذكرتها لأول مرة في برنامجها خلال حلقة عن التحرش الجنسي في 1986 ليتعاطف معها الجمهور والمشاهدون، أيضا ذكرت كيتي بأن أخت أوبرا غير الشقيقة قد ذكرت ممارستها للبغاء أثناء مرورها بمرحلة المراهقة للحصول علي المال الذي ذكرت أوبرا أن عائلتها كانت تفتقر له بشدة وأنها كانت تعيش في منزل فقير وقذر، لكن في الكتاب ومن خلال حديث كيتي مع كاثرين كار ابنة عم أوبرا أكدت كاثرين أنها تحدثت مع أوبرا وقالت لها: «لماذا تخبرين الناس بمثل هذه الأكاذيب؟» فردت عليها أوبرا قائلة «هذا هو ما يود الناس سماعه ومعرفته، فالحقيقة والواقع أكثر مللا بكثير».. جدير بالذكر أن الكاتبة الأمريكية كيتي كيلي قد اشتهرت في أمريكا بلقب «القلم السام» لنشرها العديد من كتب السيرة الذاتية لكثير من المشاهير والسياسيين بأمريكا وبريطانيا والتي احتوت علي كثير من الفضائح والأسرار مثل قصة حياة فرانك سيناترا وإليزابيث تايلور وعائلة الرئيس بوش ونانسي ريجان وجاكلين كيندي والعائلة الملكية البريطانية، وذكرت كيتي تورط هؤلاء المشاهير مع شخصيات أخري معروفة، الأمر الذي أدي إلي تعرضها لكثير من النقد حول كتبها التي نشرتها وتمت مقاضاتها أكثر من مرة بالتشهير لكنها لم تتم إدانتها في أي قضية منها ولم يتم إجبارها ولو مرة واحدة علي التراجع عن أي موضوع ذكرته في كتبها السابقة، وقد عانت الكاتبة كيتي كثيرا خلال محاولتها نشر كتابها الجديد بسبب تخوف كثير من دور النشر الأمريكية من رد فعل أوبرا غير المتوقع، لاسيما أن كثيرًا من المذيعين ومقدمي أشهر البرامج في أمريكا رفضوا استقبال كيتي كيلي في برامجهم للإعلان عن كتابها الجديد ومنهم راتشيل راي التي خشيت من رد فعل أوبرا وينفري إذا ظهرت كيتي في برنامجها، والمذيع الأمريكي الشهير دافيد ليترمان الذي بالرغم من معاداته لأوبرا منذ 16 عاما رفض ظهور كيتي في برنامجه حتي لا يفسد علاقته مع أوبرا وينفري والتي بدأت في التحسن مؤخرا. ولم تقم أوبرا وينفري أو أحد من متحدثيها الرسميين حتي الآن بالرد علي ما ورد في كتاب كيتي كيلي. عن جريدة الدستور www.dostor.org
الأميرة و الغول
بقلم عبد الغني بومعزة
الناشر منشورات إتحاد الكتاب الجزائريين (2010)
رصاصة تدوي في أقبية المسكوت عنه          صدر عن منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين للكاتب الجزائري عبد الغني بومعزة روايته الأولى " الأميرة و الغول " التي جاءت في طبعة أنيقة في 350 صفحة من الحجم الصغير. و تحكي الرواية يوميات رجل شاب فقد زوجته حبيبته في حادث …لقراءة المزيد

رصاصة تدوي في أقبية المسكوت عنه          صدر عن منشورات اتحاد الكتاب الجزائريين للكاتب الجزائري عبد الغني بومعزة روايته الأولى " الأميرة و الغول " التي جاءت في طبعة أنيقة في 350 صفحة من الحجم الصغير. و تحكي الرواية يوميات رجل شاب فقد زوجته حبيبته في حادث أليم بسبب مراهق متهور ".. منذ موتها لم تعد حياتي كما كانت في السابق . لم تعد لي رغبة في الخروج أو الاحتكاك أو الاتصال بأحد . أهملت عناويني ، و لم يعد يثيرني ما يحدث خارج الحوش .. كل شيء مات معها . ذفنته معها. كنت مهيئا لاتخاذ هذا القرار . و ما شجعني عليه حادث المرور الذي تعرضت له . و ما تبعه من رحلة علاج طويلة فتحت عيني على حائ مؤلمة . " ص 32 .   يوميات وجع يمتد ليشمل واقعه المرير . واقعه الغول . الذي ما يفتأ يكشف عن وجهه القبيح . عبر مدينة تفقد أمانها ".. و ما عادت المدينة الجميلة التي كان يسميها الفرنسيون في وقت ما باريس الصغيرة .. احتدم النقاش العقيم حول من هو ولد لبلاد و الراني . قاطعكم الشيخ سي عبد الحميد ،، مستحضرا سيرة شيوخ أيام زمان خريج المعاهد الإسلامية كالزيتونة أو الكتانية . قال لكم حاسما النقاش في جملة بسيطة جدا " هل تعرفون من هو ولد لبلاد ؟ ولد لبلاد هو الفار ،، " ص 21 و تمتد الرواية سواء من خلال حكاية البطل أو حكايات مجموعة من الناس ، جيرانه ، أصحابه . سفيان المشهور بسفيان دينو براسكو احد أبطال الحرب الأهلية يدخل في صدام ومطاردة دموية مع منظمة خطيرة تعيث فسادا و جرما في مدينته , شخصية الشيخ سي عبد الحميد تاريخ المدينة وذاكرتها المتعايشة مع الزمن الذي أبيد على يد أهله حتى أن بومعزة لا يتحرج في التحدث عن يهود الجزائر في سابقة للرواية المكتوبة بالعربية. و الذين شكلوا جزء من تاريخ الجزائر لا مجال لإنكاره. في "الأميرة و الغول" كذلك محمود الطباخ و هو شخصية شعبية , خفيفة الظلّ , يقع في ورطة عندما يقوم "الذيب الجيعان" أحد المجرمين بتسميم الجنود بالثكنة حيث يعمل ، فيتهم بأن له يدّ في هذه الجريمة, يقبض عليه ثمّ يختفي في ظروف غامضة .في اشارة من الكاتب إلى ملف مسكوت عنه حتى على صعيد الإبداع الجزائري ملف المفقودين خلال حرب الإرهاب سنوات التسعينيات . و حكايات أخرى و شخصيات أخرى. تتشكل عبرها لوحة ـ جدارية لمدينة سوق أهراس التي تفتك بالأحلام بأنياب أبنائها " الجدد " الذين لا يأبهون ( أو يجهلون) تاريخها و مجدها الدفين . و هي الصورة ـ المثال للصورة الأصل المتشعبة " الجزائر ". فيجد البطل ـ السارد ـ الكاتب في فن الفوتوغرافيا مادته الخالدة لاسترجاع تفاصيل الزمن الجزائري الجميل . تحكي له و للقارئ تفاصيل تاريخ يرى أنه يصلح للرسكلة ليكون مستقبلا يضمن للجميع الحياة المثلى . و يجد في السينما ملاذا لأحلام هشة معرضة للتلف .و هي مجموعة الجماليات التي أسست لبنية رواية "الأميرة و الغول". إلى جانب تقنية التناص مع رواية الغريب لألبير كامو و ذلك عبر شخصية "ميرسو" التي يجعل منها الكاتب بعدا لبطله السعيد الذي يباغثه في كل مرة ليحثه على اختيار درب تخالف دروب ال’خرين . يمكننا اعتبار رواية"الأميرة و الغول" نص جريء و متفجر يعرف ما ذا يقول حتى و إن كان ينطلق من أرضية السيرة الذاتية للكاتب إذ ينتبه بومعزة إلى أنه كائن تكتمل أبعاده بالآخر . و بتاريخه الجمعي الممتد من أسلافه إلى أخلافه . رواية رصاصها يدوي في صمت مبرمج . طارق مريسي ( الجزائر)
تحتانيات
بقلم فادي عزام
الناشر دار ميريت ( القاهرة) (2010)
كيف أقدم لفادي عزام، و هو الكاتب الذي سبقني بفكره و جرأته و لغته بسنوات ؟ و هو الذي حين يكتب يقدم لقارئه طبخة تغنيه عن الأكل و الشرب و التدخين ، و مشاهدة الأخبار و البرامج الترفيهية. نصوصه تخلو تماما من الملل حتى حين يناقضك في قناعاتك السياسية و الدينية و لم لا الثقافية ما دام حتى الثقافة يقدمها و …لقراءة المزيد
كيف أقدم لفادي عزام، و هو الكاتب الذي سبقني بفكره و جرأته و لغته بسنوات ؟ و هو الذي حين يكتب يقدم لقارئه طبخة تغنيه عن الأكل و الشرب و التدخين ، و مشاهدة الأخبار و البرامج الترفيهية. نصوصه تخلو تماما من الملل حتى حين يناقضك في قناعاتك السياسية و الدينية و لم لا الثقافية ما دام حتى الثقافة يقدمها و هي ترتدي فقط " أندر وير"  اي تحتانيات ... يقدمها و هي تلامس الجلد و دفئه... كاشفة عن الحجم الحقيقي للأشياء... بالطبع لن أقول أكثر لأن نصوص فادي أجمل من كل ما سأقوله و من الإجحاف في حقه أن أضعه في ميزان وهمي و أدعي أنني أقيمه قلمه جميل و رشيق مثله رؤيته دوما مختلفة و مغايرة بعيد عن التقليد الممل و التكرار العبثي الذي يجتره غيره فيما يكتبون  و لهذا لا يستحق تقديما أو قراءة مملة و مكررة فقط يستحق القراءة كما قرأته أنا و كنت دوما اشعر بالسعادة و أنا أقرأه ذلك ان بعض كتاباته ايضا تشبه حبوب منع الإكتئاب بحكم أني مكتئبة قديمة و أعرف عن تجربة عما أتحدث... هنيئا لكم كتابا كهذا... و عقبال الكتاب القادم...
حداد التانغو
بقلم الشاعرة الجزائرية نسيمة بوصلاح
الناشر نينوى للدراسات و النشر و التوزيع ( دمشق) (2010)
حداد التانغو... حداد التانغو... حداد التانغو... ومرة أخرى حداد التانغو... بعض الكتب كمصائرنا، فجة، وبمذاق البابريكا الحاد حداد التانغو، فج، وبمذاق البابريكا الحاد منذ أكثر من أربع سنوات، وهذا الكتاب يتعثر، قد يكون مصابا بشلل أطفال، لست متأكدة تماما، لكنه يتعثر. كان هذا الكتاب سيصدر دون هذه …لقراءة المزيد
حداد التانغو... حداد التانغو... حداد التانغو... ومرة أخرى حداد التانغو... بعض الكتب كمصائرنا، فجة، وبمذاق البابريكا الحاد حداد التانغو، فج، وبمذاق البابريكا الحاد منذ أكثر من أربع سنوات، وهذا الكتاب يتعثر، قد يكون مصابا بشلل أطفال، لست متأكدة تماما، لكنه يتعثر. كان هذا الكتاب سيصدر دون هذه الحكايات التي تشبه محادثة ماسنجرية فارغة، لكنه أيضا تعثر... قلت لكم بعض الكتب، فجة وبمذاق البابريكا الحاد. لا أدري ما الذي جعلني بدل أن أعود للنوم افتح اللاب توب، وأكتب، ربما علي أن أقدم لهذا الشيء حتى لا يتعثر مرة أخرى... علي أن أقلم أضافره حتى يكون مسالما مع شبهة المعنى.. بعض المقدمات كالعكاز، العكاز ليس الرجل، لكنه يعزيها، وإذا لم تصطبر ينوب عنها. الخطوة... ما أصعب الخطوة الأولى أيها الكتاب، لا شك أنك جبان بما يكفي لتتعثر كل هذا القدر، أو أنك على غير عادة عصرك مصاب بفرط الحياء، وفي الحالتين أنت لا تستحق أن تظهر. غلافك الأنيق هذا لم يكن كافيا لتطل برأسك على الشارع، ولا حتى على شقة جارتنا.. الجلود الجميلة لا تصنع كتبا جميلة، حتى وإن أغرت القراء باقتنائها، سيكون عداد السب ضاربا بعد أن يكون مقتنوها قد أدركوا أنهم خدعوا وأنهم كانوا ضحايا لمعطف الفرو الذي يخفي عجوزا درداء... هل أنت عجوز درداء، ولذلك ترتبك كلما جاءت سيرة الشارع؟ هل تخشى أن يفاجئك أحدهم بنكتة بائتة وتضطر للضحك فتبدو من غير أسنان؟ كم فكرت في هذا، وكم حاولت أن أنقذك، أنت الذي لا تريد أن تنقذ نفسك عدلت فيك حتى فسدت... ربما تخاف بعد الكم الهائل من الزينة غير المستحبة التي وضعتها على وجهك أن تبدو كتلك البدوية التي وجدت نفسها فجأة أمام واجهة ضخمة من المكياج والأصباغ، وضعت كل ما وقعت عليه يداها، وخرجت للناس كما يخرج المفجوعون مفجوع أنت... كم فيك من الفجائع، لذلك غالبا ما أراك شاحبا، ولذلك ، غالبا ما أضيف عليك بعض اللون، اعذرني إن أظهرت فيك ميولاتي القزحية الخبيثة، فلم يكن قصدي أبدا أن أجعلك ذميما الكثير من الأشياء أود أن أقولها لك، ليس كما توصي أم هتلرية أبناءها قبل أن يخرجوا إلى الشارع، لا أبدا، فأنا وأنت صديقان، لكنني سأقولها لك أنت بالذات ، لأن غيرك من الكتب لن يكون لديه فضل الاصطبار على الهوامش، ولن تكون مساحاته كبيرة لمثل هذه الهراءات، غيرك من الكتب التي ستجيء ستكون أجرأ منك، ستفر إلى الشارع عارية، ولن يكون صدرها واسعا كي تسمعني، ستشبه أطفال العولمة الذين تربوا من غير جدات، يستمعون حين يريدون هم، لا عندما يسيطر على الجدات هاجس الحكي. لست جدتك على كل حال، لا نقرب بعضنا، إلا كما يقرب الهواء والحبال البهلوان... من منا الحبل، ومن منا البهلوان. من منا رقص على الثاني، ومن منا سقط وسقط حتى أدميت ركبتاه، على ركبتي لا يوجد شيء، وعلى ركبتيك بعض من رضوضي وأنا أتعثر بك. هل أقيم لك حفلة توديع مثلا، حتى تغادر خلاياي الدماغية؟ لا أدري إن كان الذي فيك هو شعر، أم أنه رغوات طافية على معدة فارغة... لا أريد أن أناقش معك طروحات الفحولة التافهة، لأننا اتفقنا على أن نكتب دونما إقحام للأعضاء التناسلية... ماذا سيقول عنك الناس؟ وهم يفتحونك، لا يهمني أؤلئك الذين يحقدون على الجميع، فهم سقط المتاع وسقط السماع، يهمني الأنقياء الشفيفون، ربما سأضع إيميلي على ظهرك، بالضبط كما يفعل أصحاب المدارس الخاصة الذين يلصقون جولاتهم على ظهور باصات المدرسة كي يبلغ المارة عن تجاوزات أحدثتها هذه الباصات... هل ألصق إيميلي على ظهرك، حتى أخبر بتجاوزاتك للإشارات الضوئية، وتوقفاتك الممنوعة، والكسور التي تعتورك بين حادث سير وآخر؟ أحدهم ممن يسمون أنفسهم نقادا، أثنى عليك، لكنه عدد بعض الكسور في مفاصلك، هل تملك مفاصلا أنت الذي تنتمي لفصيلة الرخويات، هي كسور الخاطر لا غير، أيها البهلوان الذي يقربك الحبل والهواء. كانت معلمتي في الابتدائية طيبة، لكنها أكلت علي الكثير من العلامات في مادة التعبير الكتابي، لأن صفاقتي وطول لساني كانا يشذان عن النموذج المكتوب أمامها في مذكرة الدرس هل سيكون قراؤك كمدرسة الابتدائي؟ وهل تسكن رؤوسهم مذكرات درس جاهزة؟؟؟ تعرف دون أن أخبرك، أن كتابين آخرين قد أنتهيت منهما من فترة، ناضجان وجاهزان للفرجة، لماذا تعطل نصيبهما، تماما كما تعطل الفتاة البكر نصيب أخواتها في الزواج؟ لماذا تتوقف دائما عند عتبة البيت، العالم ليس سيئا تماما في الخارج. والأقفال والمتاريس هي عتبات نفسية لا غير. اجعل رأسك قبل السماء، ولا تعد للأرض إلى كما يزور الأصحاء المشافي. دمشق أوت 2008
لخضر.... رواية عن سنوات الإرهاب
بقلم ياسمينة صالح
الناشر المؤسسة العربية للدراسات و النشر - بيروت (2010)
    تعود الروائية الجزائرية ياسمينة صالح، مرة أخرى، حاملة معها عملا جديدا، وسمته بـ''لخضر''، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، ليكون هذا الاسم الرجالي الباب الذي تدخله الكاتبة المرأة في أجواء روائية، عادت بها إلى سنوات الإرهاب والتطرف الإسلاموي. تظهر مؤلفة ''وطن من زجاج'' (2006)، …لقراءة المزيد
    تعود الروائية الجزائرية ياسمينة صالح، مرة أخرى، حاملة معها عملا جديدا، وسمته بـ''لخضر''، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، ليكون هذا الاسم الرجالي الباب الذي تدخله الكاتبة المرأة في أجواء روائية، عادت بها إلى سنوات الإرهاب والتطرف الإسلاموي. تظهر مؤلفة ''وطن من زجاج'' (2006)، في عملها الجديد، متميزة في أسلوبها الحكائي، ودخولها إلى عالم قد يبدو غير معروف كفاية لدى المرأة، ألا وهو عالم الرجال، متمثلا في شخص ''لخضر''، بكل ما يحمله اسمه من دلالات، قد نفهمها نحن من الوهلة الأولى، أبرزها المرجعية الثقافية والاجتماعية والبيئية  وحتى الجغرافية، لجزائري يحمل اسم ''لخضر''.  تنفرد ياسمينة صالح بقلمها، كونها كاتبة لم تكتب عن هواجس المرأة، كما قد يٌنتظر منها، لكنها اخترقت فضاء بعيدا عن تاء التأنيث. وصف الناقد الأردني ''سميح الخطيب'' في مقالة نشرتها صحيفة أردنية، رواية ''لخضر''، بالمتميزة والمعقدة في آن واحد، فيها أبعادها فنية وفكرية، تؤكد أن عمل صاحبة ''بحر الصمت'' (2001)، يضعها ضمن أبرز الأسماء الروائية النسائية في جيلها الأدبي، فقد أعجب الناقد، بالقدرة العجيبة عند ''صالح''، على خلق أجوائها الروائية الخاصة، والتي تتجسّد طبيعتها في ذات البعد الإنساني، الذي من الصّعب عدم التأثر به وعدم الانجراف نحوه، بطريقة أو بأخرى. كذلك يعيد '' لخضر'' القارئ إلى فترة عصيبة من تاريخ الجزائر المعاصر، حيث المدّ المتطرف انتشر بين أهلها، فحمل العنف الداخلي اسم (الإرهاب)، اقتربت منه الكاتبة إنسانيا وأدبيا في آن واحد، رغبة منها في توقيع شهادتها على صفحة الأحداث الدامية للجزائر، ولكن أيضا إشارة إلى ما تعاني منه كل الأقطار العربية جراء العنف وفكر الإقصاء. أحبت ياسمينة أن تبعث حيثما هي الآن، وعبر روايتها الجديدة التي جاءت في 332 صفحة من الحجم المتوسط، أن تعبّر لنا: ''إن تواصلي مع كل ما هو جزائري ـ وأنا بعيدة بجسدي عن الوطن ـ يغري قلبي بالفرح''، وكأنها تذكرنا بـ ''قليل من الشمس تكفي'' (2003)، أو''حين نلتقي غرباء'' (2004). نبيلة سنجاق الخبر الجزائرية
نساء الريح
بقلم رازان نعيم المغربي
الناشر دار ثقافة للنشر و التوزيع ( الإمارات) و منشورات الإختلاف ( الجزائر)  (2010)
صدرت رواية الكاتبة الليبية رازان نعيم المغربي - و ركزوا على  كلمة "نعيم " في إسمها حتى لا يلتبس عليكم الأمر و تظنوا بالكاتبة الظنون لتشابه إسمها بإسم صبية تظهر على الشاشات كثيرا  بشكل كتير " كووووول" و تصرفات أغلبها طفولية - فرازاننا  غير كونها " رزينة" فهي لا تتقن …لقراءة المزيد
صدرت رواية الكاتبة الليبية رازان نعيم المغربي - و ركزوا على  كلمة "نعيم " في إسمها حتى لا يلتبس عليكم الأمر و تظنوا بالكاتبة الظنون لتشابه إسمها بإسم صبية تظهر على الشاشات كثيرا  بشكل كتير " كووووول" و تصرفات أغلبها طفولية - فرازاننا  غير كونها " رزينة" فهي لا تتقن الشخلعة    و الهيصة و القفز على إيقاعات الموسيقى الصاخبة، و لا تتقن حتى أن تقول : "هاااااااااااااااااااااااااااي" لنا و كأنها تخاطب جمهورا من الأطفال ... تلك موهبة لم تحظ بها رازان المغربي الكاتبة. و روايتها " نساء الريح" صدرت عن دار ثقافة للنشر و التوزيع ( الإمارات) و منشورات الإختلاف ( الجزائر) و رازان كاتبة قصة في الحقيقة، لكنها بعد قطع مسافات كبيرة على أراضي القصة التي هجرها أغلب أهلها تشد الرحال هي الأخرى إلى أراضي الرواية العامرة. فخارج فضاء المغرب العربي القصة القصيرة لم تعد تحتضر لأنها ماتت ، و هذا رأيي الشخصي . رازان كتبت القصة القصيرة جدا، ايضا، و هذا اللون لم ينتعش في المشرق العربي، مع أنه اللون المناسب جدا للعرب، كل قصة منه يجب أن تنشر في كتاب على حدة، و توزع بالمجان لنشر ثقافة "  تحبيب الأدب للقلوب" لدى الشعوب العربية. لا علينا ، صدرت الرواية، و التهاني لا تكفي لنبارك عمل الكاتبة، يجب أن نقرأه....! تنبيه : الرواية من القطع الوسط، عدد صفحاتها 192 ....أوووف...! لهذا أنصح فقط من لهم صبر أيوب أن يقتنوها، و يعملولنا مختصر من نص صفحة.
أميركا....تحفة الموسم الروائي في بيروت
بقلم ربيع جابر
الناشر المركز الثقافي العربي، و دار الآداب (بيروت) (2009)
التعليقات التي يتجنبها الإعلاميون عن النصوص الروائية التي يقرأونها تخفي دوما بعضا من أنانيتهم، كأن يقول أحدهم مثلا :" رواية ربيع جابر الأخيرة جميلة جدا" إذ من المعترف به في صحفنا أننا لا يجب أن نقول عن عمل أدبي أنه جميل فما بالك أن نضيف للجميل  مفردة "جدا"، فهذا قد يعني تملقا، أو ترويجا لكاتب …لقراءة المزيد
التعليقات التي يتجنبها الإعلاميون عن النصوص الروائية التي يقرأونها تخفي دوما بعضا من أنانيتهم، كأن يقول أحدهم مثلا :" رواية ربيع جابر الأخيرة جميلة جدا" إذ من المعترف به في صحفنا أننا لا يجب أن نقول عن عمل أدبي أنه جميل فما بالك أن نضيف للجميل  مفردة "جدا"، فهذا قد يعني تملقا، أو ترويجا لكاتب آخر غير كاتب المقال الذي هو حتما كاتب آخر ينافس هذا الروائي الشاب في البروز. طبعا من غير اللائق أن نكتب أيضا أن الرواية أكثر من رائعة و يصعب على قارئ روايات أن يجد المتعة نفسها في الرواية التي سيبدا قراءتها بعد هذه       ال" أميركا" التي أمتعنا بها ربيع جابر...! من العيب في ثقافتنا العربية أن نرفع كاتبا من نمط ربيع جابر، سوى بقراءات تحتمل مليون تأويل، لكثرة المصطلحات الأكاديمية و غير الأكاديمية التي تحشر في النص فيصبح مبهما، كأن يقول أحدهم :" هذه رواية الذاكرة و مدونة شفهية للتاريخ" ( سامح سامي - الشروق الجديد) تبا هذه رواية ممتازة و ليست مدونة شفهية للتاريخ. و ما معنى مدونة شفهية للتاريخ؟ سأجيب انها جملة بعيدة كل البعد عن الحقيقة، فلا أتخيل الكاتب يجلس مع " مرتا حداد" و هي تروي له الرواية، و هو مثل كُتاب الرسائل ايام زمان يُدوّن و يلحس قلمه بين الفينة و الأخرى. هذه رواية تقرأ الصفحة فيها مرتين أو ثلاث، و أحيانا يقرأ السطر الواحد فيها أكثر من مرة لنستيقظ من تاثيره السحري على حواسنا. رواية بنيت بدقة متناهية، و صورت لنا سيدة كاملة العفة تحقق أحلاما كبيرة لأن " الرب معها" و غلط أن يتباهى أحدهم قائلا:  " شخصية مرتا قد تثير الجدل حول ضعف بنيتها الدرامية، واستقامتها ضمن نسق واحد طوال الرواية، وعدم اضطرارها خوض أي صراع أو معركة للوصول إلى ما وصلت إليه وتحقيق ما حققت، في بلد يقوم كل ما فيه على علاقات الصراع أو المنافسة في الحد الأدنى؟ فكيف استطاعت هذه “البتول” ـ إن جاز التعبير ـ تجنب ذلك كله؟ وربما يمكن القول إن الرواية لم تشهد صراعات تذكر، باستثناء بعض المعارك بين السوريين، وهي معارك تم تبريرها بأنها لأسباب طائفية؟ بل إن بعض منافسي مرتا لم يجدوا غضاضة في مساعدتها على اجتذاب زبائنهم إليها؟ "( عمر شبانة - جريدة الإتحاد الإماراتية) يا للسخرية يكتب أحدهم مستسخفا " هذه البتول" و يحكم في مقال أغلبه كلام منقول من الرواية و وصف عادي لبعض أحداثها على أن شخصية مارتا ذات بنية درامية ضعيفة" من أين تأتي هذه الأوصاف التي تقلل من متانة هذا العمل؟ هل من هشاشتنا العربية؟ أم من وساختنا التي توارثناها منذ عصر الإنحطاط المطاطي الذي نعيشه باستمرار؟ إنها رواية تقدم لنا نموذجا فائق الروعة عن امرأة عربية نظيفة و عفيفة قادتها الأقدار لأميركا، لماذا يصر كتابنا على أن العاهرات فقط يحققن ذواتهن؟ ألم نشبع بعد من هذه النماذج الحقيرة التي يعج بها الأدب العربي  المعاصر، و الحديث ، و الحداثي، و ما بعد حداثي،؟ أين الغريب في أن يختار كاتب ذو خيال حي أن تكون بطلته إمرأة من الشرق، بكل هذه الجماليات و يرمي بها في أميركا 1913 و يتتبع خطاها، و مسار حياتها؟ بالطبع  لا غرابة، و لا مانع، و أظن أن العمل الروائي لا يرتبط بطرح المألوف، و لكن بطرح خيالات جديدة. ألس ظلما بعد ذلك الطرح الجميل و الجيد و الممتع أن نقرأ في قراءة " الشاعر شوقي بزيع" جملة تقول:"  أن مستوى السرد في الرواية الأخيرة لا يقل من حيث التلقائية و الدفء، و النفس الملحمي،في ثلاثيته البيروتية مما يؤكد مرة جديدة عن الموقع المتقدم لربيع جابر فوق خريطة الرواية العربية المعاصرة" ...! شو هالحكي؟؟؟؟ بعد ست عشرة رواية للرجل الذي لا يضيع وقته في المقاهي، و لا يهتم بأقاويل المثقفين و المشقفين سوا، و يكاد لا يعرفه أحد، و حتى بعض صوره القليلة التي تنشر هنا و هناك و لا تشبه بعضها بعضا و تجعلنا نشك أنها له فعلا، يأتي الأستاذ شوقي ليقول أن الرواية فيها تلقائية و دفء و نفس ملحمي و كأنه يشرح قصيدة من الأدب الجاهلي لتلاميذة في صفوف المتوسط...! لا ....و الأضرب من هيك يقرر الشيخ شوقي أن للكاتب موقع متقدم فوق خريطة الرواية العربية، على الكاتب أن يقفز فرحا هنا إذن، و يظهر للعيان          و يتوقف عن التخفي لأنه متقدم " فوق" مش " تحت" خريطة الرواية العربية، لأن القارئ للمقال سيستنتج بدون ذكاء أن خريطة الرواية العربية لها          " تحت " ايضا و هذا هو المقرف في واقعنا الروائي العربي. لنكن عمليين أكثر، و دون اللفاف حول ما كتب حول هذه الرواية، و نقول بشجاعة أنها رواية يجب ان تقرأ، لأنها ليست رواية تاريخية كما وصفها الجميع، بل لأنها رواية إنسانية ، نلمس فيها الأبطال كما لو أنهم على مرمى قريب من اعيننا. و أن نضيف أنها رواية قد تبكي الحساسين، و ذوي المشاعر الرقيقة... و أنه من المستحسن أن يقرأها المرء إذا ما قرر أن يعود نفسه على القراءة  أو يصالح نفسه مع الكتب، فحتما ستجرجره إلى عالم الأدب الجميل        و محتمل أن يخف الضغط على قلبه ، و يشعر لأول مرة أن " الدنيا بخير...! قراءة ضمن بعض القراءات: فضيلة الفاروق
لا أحد يستطيع القفز فوق ظله
بقلم شعيب حليفي
الناشر منشورات دار الثقافة ( الدار البيضاء) (2010)
ضمن منشورات دار الثقافة بالدار البيضاء صدر لشعيب حليفي ، نص إبداعي جديد يحمل عنوان "لا أحد يقفز فوق ظله"  ، مذيل بعنوان فرعي: الاحتمالات العشر لكتابة رواية واحدة ، وتقع في 231 صفحة بغلاف أنجزه الفنان التشكليلي بوشعيب خلدون. يتضمن هذا النص الذي تركه المؤلف غُفلا من التجنيس نصوصا سردية في شكل …لقراءة المزيد
ضمن منشورات دار الثقافة بالدار البيضاء صدر لشعيب حليفي ، نص إبداعي جديد يحمل عنوان "لا أحد يقفز فوق ظله"  ، مذيل بعنوان فرعي: الاحتمالات العشر لكتابة رواية واحدة ، وتقع في 231 صفحة بغلاف أنجزه الفنان التشكليلي بوشعيب خلدون. يتضمن هذا النص الذي تركه المؤلف غُفلا من التجنيس نصوصا سردية في شكل يوميات ذات نفس روائي كتبها شعيب حليفي على مدار سنة واحدة ، وهو مغامرة منه للبحث عن صيغة متجددة  وأسلوب متنوع للقول الإبداعي . ومما جاء على ظهر غلاف المقتطف التالي : "..ولم أدر متى نهض من داخلي شخص يُشبهني(لم يلتفتْ إليَّ أو يستأذن من خيالي) فرقصَ رقصاً بدويا ورجوليا، كما راقص المجموعة كلها رقصا رومانسيا طاهرا ومُعبرا.. لا وصف أو سرد أو حوار فيه ..فقط الروحانية  والمجاهدة حتى تقطعت عباءة الفقيه – وأنا مشدوهٌ وساهٍ في فِعْلِهِ الغَريب -  رقَصَ كمن ينتقم من شئ .كمن جاءته بشارة من السماء .كمن رأى الجنة ودخلها .هو لهو وخشوع في صورة رقص.. كمن يَدُكُّ الأرض على تلك النظريات  والسرديات والندوات والكتابات والروايات والمناقشات والمزايدات والمناقصات  وكل شئ خارج الحياة والممات  ..دَكًّا دَكًّا حتى أحس بطقطقات عظامها الرميم ، وبأبخرة جسمه وسيول العرق تنهمر... فسقطتُ الأرضَ مثل واحد من  الثوار  ، سقطتُ في آخر معاركنا والتي كان فيها النصر يخفي الهزيمة  ثم قمتُ وجلستُ مرتميا وسط ابتهالات العيطات التي لاتنتهي . أحسست بأنني تطهَّرتُ وعدتُ كما كنتُ  بريئا طُهرانيا ."  لشعيب حليفي  في السرد أربع روايات:  مساء الشوق، زمن الشاوية ، رائحة الجنة ، مجازفات البيزنطي 
العالم الإسلامي بحاجة إلى ثورة جنسية
بقلم سيران أتيس
من الطبيعي جدا أن نصل اليوم إلى مرحلة المطالبة بالحرية الجنسية في الإسلام، بعد أن " أبدع" المسلمون في تحقير النساء و إعتبارهن متاعا دنيويا للمتعة لا غير. فبعد أن واجهت المغربية رشيدة داتي العالم بأسره بحبلها المجهول الأب، كحق مارسته لتحقيق أمومتها بدون زواج، ها هو صوت آخر يصلنا من ألمانيا للتركية …لقراءة المزيد
من الطبيعي جدا أن نصل اليوم إلى مرحلة المطالبة بالحرية الجنسية في الإسلام، بعد أن " أبدع" المسلمون في تحقير النساء و إعتبارهن متاعا دنيويا للمتعة لا غير. فبعد أن واجهت المغربية رشيدة داتي العالم بأسره بحبلها المجهول الأب، كحق مارسته لتحقيق أمومتها بدون زواج، ها هو صوت آخر يصلنا من ألمانيا للتركية سيران أتيس على شكل كتاب ينادي بالحرية الجنسية للمسلمات. و إن كانت رشيدة داتي حققت نجاحات في عملها، أبلغتها الكرسي الوزاري في الحكومة الفرنسية و هذا في حد ذاته يخول لها الكثير من الحماية، فإن سيران تظل مجرد محامية قد يقتحم اي شخص مكتبها و يرديها قتيلة، فقد تعرضت لتهديدات كثيرة، و لكن أغرب و أسوأ ما تعرضت له هو هجوم زوج على زوجته التي كانت تستشيرها في مكتبها و إطلاق الرصاص عليها أمام عينيها، ثم تلقت سيران بدورها طلقات أصابتها و لم تقتلها، و كان ذلك قد حدث سنة 1984. لكن هذا لم يثن عزمها على مواصلة نضالها من أجل تحرير النساء من الإذلال الجنسي الذي يتعرضن له من طرف المجتمعات الإسلامية بأشكال متنوعة. فجرائم الشرف دوافعها جنسية، و تزويج البنات في سن مبكر من كهول دوافعه جنسية، و إرغام الزوجة على ممارسة الجنس مع زوجها دون حتى أن توافق عليه كزوج تحقير كبير للمرأة... و في كتابها الجديد " العالم الإسلامي بحاجة إلى ثورة جنسية" تشرح أتيس أهمية أن تتخذ المرأة قرارها بما يخص حياتها الجنسية، سواء في إختيار الشريك، أو في ممارسة حريتها الجنسية. و تشرح كيف أن الحرية الجنسية منتشرة في المجتمعات الإسلامية بشكل يتزياد يوميا و لكنه في الخفاء، و هذا السلوك لن يحل عقدة هذه المجتمعات تجاه أنفسها، و المفيد لها فعلا هو غثبات ذاتها في العلن على إحترام الجنسين في كل حقوقهما بما في ذلك حقوقهما الجنسية.
الرمز المفقود
بقلم دان براون
الناشر الدار العربية للعلوم ناشرون (2010)
قبل الحديث عن مؤلفاته التي تقبل عليها الأجيال الشابة بنهم، نلقي بعض الضوء على الكاتب الشاب الذي تربع على عرش الشهرة قبل بلوغه سن الأربعين مع صدور روايته " شيفرة دافنشي" العام 2003. فقد ولد من أبوين يعملان في التدريس، فالوالد استاذ رياضيات متألق حصل على العديد من الجوائز، ووالدته محترفة للموسيقى …لقراءة المزيد
قبل الحديث عن مؤلفاته التي تقبل عليها الأجيال الشابة بنهم، نلقي بعض الضوء على الكاتب الشاب الذي تربع على عرش الشهرة قبل بلوغه سن الأربعين مع صدور روايته " شيفرة دافنشي" العام 2003. فقد ولد من أبوين يعملان في التدريس، فالوالد استاذ رياضيات متألق حصل على العديد من الجوائز، ووالدته محترفة للموسيقى الدينية. كان و لا يزال شغوفا بفك رموز و اسرار المنظمات الحكومية، و كانت روايته الأولى " الحصن الرقمي" بداية لرحلة أدبية مشوقة يدخل فيها قارئه ليفك رموزا غريبة في الغالب لها علاقة بالواقع كما لها اسس خيالية قوية. ترجمت أعماله إلى 40 لغة حول العالم. اليوم تصدر له آخر رواياته " الرمز المفقود" باللغة العربية، و تتصدر صورته أغلب المكتبات في المشرق العربي خاصة.
كتاب " الأيام" لطه حسين يمنع فعلا من المناهج الدراسية بمصر
وصلنا خبر منع كتاب الأيام لطه حسين من المناهج التعليمية المصرية اليوم بعد أن كنا قد نشرنا خبرا نقلا عن موقع غيلاف أن الأزهر قد يصادره.... و نحن بدورنا إذ نتأسف على ما حدث، فإننا لن نتوقف عند الأسف على ما حدث و لكننا نروج لهذا الكتاب الجميل ذي اللغة الرائعة و السيرة الأروع لواحد من أكثر الكتاب العرب …لقراءة المزيد
وصلنا خبر منع كتاب الأيام لطه حسين من المناهج التعليمية المصرية اليوم بعد أن كنا قد نشرنا خبرا نقلا عن موقع غيلاف أن الأزهر قد يصادره.... و نحن بدورنا إذ نتأسف على ما حدث، فإننا لن نتوقف عند الأسف على ما حدث و لكننا نروج لهذا الكتاب الجميل ذي اللغة الرائعة و السيرة الأروع لواحد من أكثر الكتاب العرب فاعلية في العالم العربي، بفكره التنويري الذي لا تزال القوى الظلامية تحاربه. نعم لأيام طه حسين... و نتمنى أن يعاد نشره... و يباع بثمن رمزي حتى يقرأه الجميع... لقد عاش الكاتب كفيفا، و رغم ذلك بلغ مستوى تعليميا كبيرا، و من أطرف ما حكي عنه أنه ذات يوم وضع على كرسيه ورقة كتبت عليها آية قرآنية - و الله أعلم- فلما جلس عليه سأل صديقه: " هو إنتو غيرتو الكرسي؟ حاسس إنو بقى علي كتير" نحتاج لمزيد من الدعم لألا يتربع الظلاميون على عرش ثقافتنا.
أنت تفكر...إذن أنت كافر
بقلم الإعلامية و الكاتبة الأردنية سلوى لوباني
الناشر الدار العربية للعلوم ناشرون (2009)
التساؤل الأساسي الذي يدور هذا الكتاب في محيطه، والذي كان يلحّ على الكاتبة الأردنية دائماً "هو لماذا تبدّل دور المبدع العربي من مؤثر في المجتمع إلى مشاهد؟". فتتناوله كموضوع يستدعي الكثير من الأسئلة التي تتعلق بوضع المبدع العربي الحالي وبالتحولات التي طرأت على دوره الذي كان واعداً بأهميته وتأثيره …لقراءة المزيد

التساؤل الأساسي الذي يدور هذا الكتاب في محيطه، والذي كان يلحّ على الكاتبة الأردنية دائماً "هو لماذا تبدّل دور المبدع العربي من مؤثر في المجتمع إلى مشاهد؟". فتتناوله كموضوع يستدعي الكثير من الأسئلة التي تتعلق بوضع المبدع العربي الحالي وبالتحولات التي طرأت على دوره الذي كان واعداً بأهميته وتأثيره في تطور المجتمع، ثم تقّلص فجأة إلى دور مشاهد نتيجة تحول قيم هذا المجتمع وانعطاف حركته السياسية والاجتماعية، بانعطاف مركز السلطات فيه وبتنامي المفاهيم التي لا يمكن للمبدع بحق أو للمثقف الحقيقي مجاراتها.

أصبح هذا التعبير للصحافي أحمد بهاء الدين: "من مفارقات الزمن... أن يبتعد من يحق له الإقتراب.. وأن يسكت من يحق له الكلام"، بمثابة اختصار لوصف هذا العصر، فتستشهد به الكاتبة في بداية كتابها.

تقول في مقدمته: "ما أقدمه في هذا الكتاب قد لا يحيط بالقدر الكافي للوقوف على حقيقة هموم المبدع العربي بغض النظر اتفقنا أو اختلفنا مع أفكارهم، فهي نتاج تجربتهم، إلا أنها محاولة أولية شاركني بها على مدى سنوات مجموعة من الكتّاب والمثقفين في البحث والمعرفة من خلال تسجيل مشاركاتهم بإستطلاعات عديدة".

يتضمن كل فصل من فصول الكتاب الثلاثة، مجموعة من المقالات الجريئة التي لا تتوانى عن كشف الحقائق وتحليل ظواهرها. ففي الفصل الأول يجد القارئ: "مصائر بعض المثقفين.. المرض والانتحار"، وفيه تتحدث الكاتبة عن مصير هؤلاء الذين وان اختلفت آرائهم، "اتفقوا على أن الكلمة سواء من خلال المقال أو القصة أو الشعر لها أهميتها في نضالهم الفكري والسياسي والثقافي"، فجمعهم مصير واحد إما المرض أو الانتحار أو القتل.

تأخذ الكاتبة نماذج عن هؤلاء فتسميهم وتصّنفهم بحسب المرض النفسي والعضوي: الشاعر نجيب سرور، الشاعر صلاح جاهين، الصحفي أحمد بهاء الدين، المفكر عبد الله الفصيمي، الشاعر الجيلاني محمد طربيشان وعميد المسرح كاتب ياسين. ثم بحسب قيامهم بعملية الانتحار: الشاعر خليل حاوي، الأديب تيسير السبول، الشاعر قاسم جبارة. أما من الذين طالهم الإغتيال فتذكر: الكاتب غسان كنفاني، والرسام ناجي العلي.

في مقطع "أنت تفكر..إذن..أنت كافر!!"، تتحدث الكاتبة عن تكفير أكثر من 200 مبدع من الدول العربية، مما "اضطر بعضهم إلى ترك وطنهم والإقامة في المنفى هرباً من التطرف والإرهاب الفكري" الذي يمارس ضدهم. وفي "كرامة المبدع.. وتسول العلاج"، تتناول الكاتبة الوضع المخزي الذي يصل إليه عدد من المبدعين حين يضطرون إلى استجداء كلفة علاجهم الطبي من خلال لمّ التبرعات، في حين أن الدولة التي من المفروض أن يناط بها تأمين ذلك لهم، "تتجاهل المبدع في حياته وتقوم بتقديره بعد وفاته". يجد القارئ أيضاً بعض الأسماء لمبدعين دفعوا ثمن كلمتهم ومبادئهم معاناة إنسانية داخل قضبان السجون.

تتطرق الكاتبة في الفصل الثاني إلى تحليل مفهوم الرقابة على الانتاجات الثقافية ومنع التراخيص عن بعضها، فتعلّق على مضمونها وفحواها، كما تتطرق للحديث عن علاقة الثقافة بالإعلام وبانحطاط الذوق العام: "إلى أين سيذهب الإعلام العربي بنا وبمثقفينا.. الله أعلم!!". وتخصص الفصل الثالث لاستطلاع آراء عدد من المثقفين العرب حول عدد من القضايا والمواضيع الهامة المعاصرة والساخنة، وهي: الدين والإبداع .. هل يلتقيان؟، والعلاقة بين المبدع وسلوكه الشخصي، والدور الإعلامي للثقافة العربية الذي يتراوح بين التضخيم والتعتيم، والتساؤل حول الأدب العربي إن كان أدب تسجيل أم أدب تغيير وتفكير، وتختم بالتعليق على موضوع ظاهرة الجنس في الرواية العربية /السعودية، وبسؤال إن كانت مصر لا زالت تحتفظ بدورها الريادي الثقافي؟

 

تغريدة البجعة باللغة الإنجليزية
بقلم الكاتب المصري مكاوي سعيد
الناشر دار نشر الجامعة الأميريكة (2010)
صدرت رواية تغريدة البجعة للروائي المصري مكاوي سعيد باللغة الإنجليزية بعد أن نالت نجاحا كبيرا خلال تصفيات جائزة البوكر العربية  في دورتها الأولى سنة 2007 و بعد أن نالت جائزة الدولة التشجيعية في مصر سنة 2008 و حققت مبيعات كبيرة، و يمكن إختصار هذه الرواية على أنها تغريدة فعلا كتبها قلم خفيف …لقراءة المزيد
صدرت رواية تغريدة البجعة للروائي المصري مكاوي سعيد باللغة الإنجليزية بعد أن نالت نجاحا كبيرا خلال تصفيات جائزة البوكر العربية  في دورتها الأولى سنة 2007 و بعد أن نالت جائزة الدولة التشجيعية في مصر سنة 2008 و حققت مبيعات كبيرة، و يمكن إختصار هذه الرواية على أنها تغريدة فعلا كتبها قلم خفيف الظل، يروي فيها التغيرات التي تعرض لها المجتمع المصري من منظور متنوع شمل السياسي و الثقافي و الأخلاقي، و مكاوي سعيد قبل تغريدة البجعة كان الكاتب الذي يكتب في الظل، و مع أن القاهرة أم الدنيا، و مساحة شاسعة لسجال ثقافي أدبي مستمر إلا أن إسمه لم يبرز إلا مع هذه الرواية، و هو بدا النشر سنة 1982 إذ أصدر مجموعته القصصية الأولى " الركض وراء الضوء" على نفقته الخاصة على غرار أغلب كتاب القصة و الشعر في عالمنا العربي، أو بمعنى آخر أيضا على غرار كل الكتاب غير معروفي الإسم،. سنة 1990 حصل على جائزة " سعاد الصباح" عن باكورته الروائية "فئران السفينة" التي صدرت في طبعة ثانية عن دار ميريت العام 2005 و طبعة ثالثة عن " الدار" العام 2008. و مكاوي سعيد الذي صدرت روايته في طبعتها السادسة غير الطبعة التي صدرت عن دار الآداب ببيروت، تحفة سردية و حكاية جد ممتعة لكاتب متمرس و متحكم في مسارات متاهته الجميلة التي أدخلنا فيها و أخرجنا منها بعد مغامرة روائية مدهشة  تفخر بها المكتبة العربية.
كأس بيرة
بقلم سهيلة بورزق
الناشر  سندباد للنشر والإعلام ( القاهرة) (2009)
كأس بيرة ... قصص مُتميزة وكاتبة تُحسن ترويض جنون الكتابة لحظة تجلي المشاعر الإنسانية الشفيفة، كلما تقرأ قصة، تجد لذة للنص الذي تكتبه؛ كلماتها تُدهشك، تأخذك إلي عالمها الخاص وستجد نفسك مُستسلماً للقراءة، تُداهمك الصور كما تُداهمك عاصفة الطريق. وتزدحم الصور بكل التفاصيل والألوان، تُشاهد أصابع فنان …لقراءة المزيد
كأس بيرة ... قصص مُتميزة وكاتبة تُحسن ترويض جنون الكتابة لحظة تجلي المشاعر الإنسانية الشفيفة، كلما تقرأ قصة، تجد لذة للنص الذي تكتبه؛ كلماتها تُدهشك، تأخذك إلي عالمها الخاص وستجد نفسك مُستسلماً للقراءة، تُداهمك الصور كما تُداهمك عاصفة الطريق. وتزدحم الصور بكل التفاصيل والألوان، تُشاهد أصابع فنان تمسك ريشة ترسم مشاهدها القصصية بحرفية عالية. خيالٌ ما بعده خيال، لن تتوقف عن القراءة حتى آخر سطر من قصص الكتاب؛ لأنك أمام كاتبة تغوص بأعماق المرأة ترصد انكساراتها وهزائمها المكرورة بجرأة شديدة، عندما دق خراط البنات باب البنت السحري، حضرت المرأة العجوز وجزت زهرتها بالختان.

كيف تتحول البنت الخجلي المُكبلة بالعادات والتقاليد الشرقية، بميراث هذا عيب وهذا لا يليق، بين يوم وليلة إلي امرأة عاهرة لتشبع رغبات الزوج المتعطش ومنذ ليلة الدخلة؟!!! أعتقد أن تميز الكاتبة هو الجرأة بتعرية المسكوت عنه.

 

الطريق الطويل، مذكرات صبي مجند
بقلم إشمائيل بيه
الناشر دار الشروق ( القاهرة) (2009)
القاهرة (رويترز) - يهدي كاتب من سيراليون روايته التي تتناول سيرته الذاتية الى "كل أطفال سيراليون الذين سرقت منهم طفولتهم" بسبب حرب اجبر على المشاركة فيها وهو صبي بعد تجنيده دون ان يعرف شيئا عن أطراف الصراع. ويقول اشمائيل بيه في كتابه (الطريق الطويل.. مذكرات صبي مجند) ان المتمردين كانوا يجندون على …لقراءة المزيد

القاهرة (رويترز) - يهدي كاتب من سيراليون روايته التي تتناول سيرته الذاتية الى "كل أطفال سيراليون الذين سرقت منهم طفولتهم" بسبب حرب اجبر على المشاركة فيها وهو صبي بعد تجنيده دون ان يعرف شيئا عن أطراف الصراع.

ويقول اشمائيل بيه في كتابه (الطريق الطويل.. مذكرات صبي مجند) ان المتمردين كانوا يجندون على الفور الصبية في المناطق التي يهاجمونها ويختمون جلودهم بالاحرف الاولى من اسم (الجبهة الثورية المتحدة) في أي مكان بالجسم باستخدام رمح ساخن لضمان عدم الهرب منهم لان حامل هذا الختم معرض للقتل في أي وقت وبدون تحقيق عن طريق أي فصيل.

ونظرا للطبيعة التسجيلية للكتاب فقد تكررت في كثير من صفحاته مشاهد القرى المحترقة والقتل والدم المتخثر والجثث التي يتجمع عليها الذباب وقد تناثرت أعضاؤها كأوراق أشجار بعد العاصفة وعيون القتلى المفتوحة على الرعب رغم موت أصحابها.

ويقع الكتاب الذي ترجمته الكاتبة المصرية سحر توفيق في 300 صفحة متوسطة القطع وأصدرته دار الشروق في القاهرة بالاشتراك مع مؤسسة محمد بن راشد ال مكتوم.

ويقول الغلاف الخلفي للكتاب انه ترجم لاكثر من 22 لغة وان مؤلفه ولد في سيراليون في 1980 وانتقل الى الولايات المتحدة في 1998 حيث أكمل السنتين الاخيرتين من دراسته الثانوية في مدرسة الامم المتحدة الدولية بنيويورك وتخرج في كلية اوبرلين في 2004 وهو عضو في اللجنة الاستشارية لحقوق الانسان (قسم مراقبة حقوق الاطفال) ويقيم حاليا في نيويورك.

ويقول المؤلف انه كان يسمع حكايات عن الحرب ويظنها بعيدة في أرض أخرى ولن تصل الى بلده "فلم يسبق لي أن عرفت حروبا الا تلك التي قرأت عنها في الكتب أو رأيتها في الافلام" الى أن جاءت اليه الحرب في 1993 حيث كان بصحبة أخيه جونيور الذي يكبره بسنة في احدى المدن للاشتراك في حفل لاستعراض المواهب وكان المؤلف وأخوه وصديقاهما تالوي ومحمد أنشأوا قبل نحو أربع سنوات فرقة للرقص وأغاني الراب.

وكانت بداية تعرف المؤلف على الحرب بعد أن وصل هو وأصدقاؤه سيرا على الاقدام الى مدينة يفصلها عن بلدتهم 16 ميلا وهناك سمعوا أن المتمردين هاجموا بلدتهم وهرولت الامهات الى المدارس بحثا عن أبنائهن وجرى الاولاد الى البيوت بحثا عن ابائهم " وعندما تكاثف اطلاق النار تخلى الناس عن البحث عن أحبائهم وهربوا خارج البلدة" التي أصبح هواؤها يفوح برائحة الدم واللحم المحترق وأجساد القتلى والجرحى الذين برزت أحشاؤهم من ثقوب طلقات الرصاص.

ويرصد اشمائيل بيه كيف صار مجندا ضمن فرقة فيها صبية وقليل من البالغين وكانوا جاهزين للانقضاض على من يمتلكون "بعض الذخيرة والطعام" ثم يسيرون نحو القتلى في الطرف الاخر ويتبادلون التهنئة بصفق أكف الايدي.

وبعد اختيار الصبية للتجنيد يجري تأهليهم بالتدريب على بعض المهام بقتل بعض الناس أمامهم ويبرر المتمردون هذا السلوك الدموي للصبية قائلين "لا بد أن نفعل ذلك لتروا الدماء وتقوى قلوبكم" ثم يضحكون وهم يبشرون الصبية بأن القتل التالي سيكون بأيديهم.

ويروي الكاتب أنه شاهد متمردا يكبره بقليل وهو يحمل رأس رجل وبدا الرأس "وكأنه لا يزال يتألم من جذب شعره" والدم يتساقط من الرقبة المذبوحة ثم جلس المتمرد مع أصدقائه يتباهون وهم يلعبون الورق بما فعلوا وقال أحدهم "أحرقنا ثلاث قرى في ساعات قليلة بعد الظهر. انه أمر يستحق الفخر... كم كان عملنا متقنا لقد نفذنا الاوامر وأعدمنا الجميع" وتبادلوا ضرب الاكف واستأنفوا اللعب.

ويسجل أن هجوما فرق بينه وبين أخيه ذات ليلة أثناء صلاة العشاء فحين علم المصلون بوصول المتمردين الى القرية غادروا المسجد بسرعة وصمت "حتى أصبح الامام وحده" وأمسك به المتمردون الذين طالبوه بمعرفة مكان اختباء الناس لكنه رفض فقيدوا يديه وقدميه "وربطوه في عمود حديدي وأشعلوا النار في جسده. ولم يحرقوه كاملا لكن النار قتلته وظلت بقاياه نصف المحترقة في ساحة القرية" التي هجرها الاهالي.

ويصف كيف عاد بعد أيام الى القرية الخالية من الاهالي "وكان الصمت مثيرا للرعب... كانت الكلاب تأكل من البقايا المحترقة لجسد الامام... وفي الاعلى تجمعت النسور" استعدادا للانقضاض على الجسد.

وهرب المؤلف من القرية وظل خمسة أيام يمشي من الفجر الى الغروب دون أن يقابل انسانا في الطرق أو في قرى مهجورة عبرها وفي اليوم السادس رأى أربعة صبية وفتاتين ورجلا وامرأة يسبحون في نهر فلحق بهم لكنهم لم يطمئنوا اليه ولم يثقوا به فتركهم يواصلون السباحة وخرج من الماء الى الغابة التي عاش فيها وحيدا لمدة شهر لم ير خلاله أحدا الى أن قابل ستة من الصبية في مثل سنه هاربين من الحرب.

ويقول ان الخوف "حل محل براءتنا وأصبحنا وحوشا" اذ كان الناس يخشون الاقتراب منهم أو الرد على اسئلتهم الباحثة عن مخرج من هذا التيه بسبب انعدام الثقة ثم رأوا بعد ستة أيام من السير رجلا متقدما في العمر في شرفة بيت بقرية مهجورة وقال لهم "هرب الجميع عندما سمعوا أن سبعة أولاد في الطريق الى هنا. لكنني لم أستطع الجري فتركوني. لم يكن أحد مستعدا لحملي ولم أكن أريد أن أكون عبئا عليهم."

ويغادر الصبي تلك القرية مع أصدقائه في رحلة الى هدف غير محدد ويمرون بقرى وثوار ومتمردين يستوقفونهم ويحاكمونهم لدرجة الاقتراب من قتلهم الى أن يتأكد لهم أنهم صبية فارون من قتال لا علاقة لهم به. وفي احدى القرى تقترب امرأة من المؤلف وتخبره أنها رأت أمه وأباه وأخاه الاصغر في قرية أخرى وأن أخاه الاكبر جونيور جاء الى هنا قبل أسابيع للبحث عنه.

وفي قريته يساق المؤلف مع أطفال في مثل سنه للتدريب على حمل السلاح. وحين جرب أن يقتل في مواجهة داخل الغابة شعر "كأن شخصا اخر يطلق النار داخل عقلي" وتوالت عملية القتل حيث تناثرت الجماجم في الغابة وتحول المستنقع الى دماء وكان القتلى من الرجال والصبية يرتدون الحلي في الاعناق والمعاصم ثم أزاح المؤلف وزملاؤه الاجساد "وقلبناها وأخذنا ذخيرتهم وبنادقهم" قبل تلقي تدريب على قتل الاسرى حيث يتنافسون على ذبحهم بالحراب بطريقة سريعة ولم يكن الاسير الذي كان على المؤلف أن يقتله "سوى متمرد اخر مسؤول عن موت عائلتي كما أصبحت أعتقد بذلك". وأعلن العريف الذي كان يحمل ساعة ايقاف فوز المؤلف بالمركز الاول وتم منحه رتبة (ملازم أول شبل) وأصبح مسؤولا عن وحدة صغيرة من الصبية.

لكن اشمائيل بيه سيشدد في وقت لاحق عند مشاركته في افتتاح برلمان الامم المتحدة الدولي الاول للاطفال على أنه أضطر لخوض التجربة، و أنه لم يعد جنديا، إنه مجرد طفل...!

 

 

سر الغجر
بقلم حنين عمر
الناشر دار القلم الجزائر (2009)
أصدرت الشاعرة  حنين عمر أخيرا ديوان ما تسميه بـ  "المرحلة البحرية" من تجربتها الشعرية، والذي حمل عنوان: "سر الغجر" عن دار أهل القلم. وقد ضمَّ الكتاب ضمن 160 صفحة من القطع المتوسط 48 قصيدة تنوعت بين النثر والتفعيلة في إطار غزلي حينا وفلسفي حينا آخر كتبت قي غالبيتها بين 2003 …لقراءة المزيد
أصدرت الشاعرة  حنين عمر أخيرا ديوان ما تسميه بـ  "المرحلة البحرية" من تجربتها الشعرية، والذي حمل عنوان: "سر الغجر" عن دار أهل القلم. وقد ضمَّ الكتاب ضمن 160 صفحة من القطع المتوسط 48 قصيدة تنوعت بين النثر والتفعيلة في إطار غزلي حينا وفلسفي حينا آخر كتبت قي غالبيتها بين 2003 و2005، وهي الفترة التي تقول عنها الشاعرة أنّها (بدأت تعي فيها أبعاد تجربتها الشعرية الذاتية بملامحها الخاصة وتشتغل على التشكيل الصوري وعلى البناء اللغوي وعلى البحث عن الإختلاف والدهشة والحقيقة المطلقة التي يحملها كل منا في داخله). يذكر أن الشاعرة حنين عمر إضافة لكونها طبيبة وصحفية، من الشاعرات المتميزات اللواتي ينتمين إلى جيل الألفية الجديدة حيث برزت بقوة عام 2007 بعد مشاركتها في برنامج أمير الشعراء، كما تعد من الطاقات الإبداعية العربية الواعدة في مجال الكتابة النثرية والرواية وقد صدر لها وهي في سن مبكرة عام 2003 رواية بعنوان " حينما تبتسم الملائكة" ومن المنتظر أن تزيح الستار قريبا عن عمل روائي جديد.
بائع الكتب في كابول
بقلم آسني سييرستاد
الناشر الدار العربية للعلوم (2009)
مغتنمة فرصة نادرة، تقوم الكاتبة الشقراء البالغة الثالثة والثلاثين من عمرها بتتبع حياة أعضاء مختلفين من عائلة خان لمدة ثلاثة أشهر لترسم مجموعة من الصور النابضة المحيرة. ومن خلال برقع العباءة (البوركا) التي فرضها الإسلاميون الأصوليون، تكتب عن أرض غبراء يضربها الجفاف في الوقت الذي تتراجع فيه عنها قبضة …لقراءة المزيد
مغتنمة فرصة نادرة، تقوم الكاتبة الشقراء البالغة الثالثة والثلاثين من عمرها بتتبع حياة أعضاء مختلفين من عائلة خان لمدة ثلاثة أشهر لترسم مجموعة من الصور النابضة المحيرة. ومن خلال برقع العباءة (البوركا) التي فرضها الإسلاميون الأصوليون، تكتب عن أرض غبراء يضربها الجفاف في الوقت الذي تتراجع فيه عنها قبضة الأصوليين الإسلاميين ويجد أهلها أنفسهم وسط أزمة هوية... ولكن على خلفية من المباني المدمرة بالقذائف والعابقة بالغبائر، فإن الحياة تأخذ مجراها: فالناس ينغمسون في النميمة، ويميل بعضهم إلى البعض الآخر، ويأكلون الحلوى، ويتوقون إلى حياة أفضل. هذه الحياة اليومية لشعب أفغانستان يتم تصويرها عبر متابعة يومية لرجل شديد الإيمان بنفسه، استطاع خلال ثلاثة عقود من الزمن، وتحت الأنظمة القمعية المتعاقبة، أن يتحدى الاضطهاد ببطولة كي يؤمن الكتب للناس في كابول، مما استدعى إعجاب العالم، وتحولت سيرته كتاباً في كابول، مما استدعى إعجاب العالم، وتحولت سيرته كتاباً استثنائياً بين الكتب الأكثر مبيعاً في العالم. "بائع الكتب في كابول" كتاب مدهش في حميميته، وفي تفاصيله -إنه كشف عن مأزق الإنسان في أفغانستان، وهو نافذة على حقائق المدهشة للحياة اليومية في أفغانستان الحديثة.
الحفيدة الأميريكية قديسة مخذولة بين الولاء لأميركا و حب العراق
بقلم إنعام كجة جي
الناشر دار الجديد بيروت (2009)
  كتب : محمد كنعان صدرت رواية " الحفيدة الأمريكية" عن دار الجديد، و سجلت عودة قوية لمنشورات الدار، خاصة و أنها حازت على جائزة العويس، و بلغت التصفيات ما قبل النهائية لجائزة البوكر العربية، و حتى حين نالت رواية " عزازيل" للمصري يوسف زيدان الجائزة، تردد كثيرا إسم الروائي الفلسطيني …لقراءة المزيد

 

كتب : محمد كنعان

صدرت رواية " الحفيدة الأمريكية" عن دار الجديد، و سجلت عودة قوية لمنشورات الدار، خاصة و أنها حازت على جائزة العويس، و بلغت التصفيات ما قبل النهائية لجائزة البوكر العربية، و حتى حين نالت رواية " عزازيل" للمصري يوسف زيدان الجائزة، تردد كثيرا إسم الروائي الفلسطيني الأردني إبراهيم نصر الله، و روايته " زمن الخيول البيضاء، كما رواية " الحفيدة الأميريكية" للعراقية إنعام كجة جي على أنهما أحق بالجائزة.

تدور أحداث الرواية حول شخصية فتاة عراقية / أمريكية (زينة بهنام) التي غادرت عراقها قبل خمسة عشر سنه ليعيدها القدر إليه مجنّدةً على دبابة أمريكيةً فترفضها جدتها التى تمثل صوت الوطن الأصيل. وليبدأ من هناك صراع الهوية هل هي عميلة خائنة؟ أم ضحية النظام الذي فرّ منه والداها وظل يتوجس خيفة منه حتى وهو في حضن أمريكا. هويتان مختلفتان و تمزق بين وطنين :" رغم حماستي للحرب اكتشفت أنني أتألم ألما من نوع غريب يصعب تعريفة هل أنا منافقة أمريكية بوجهين ؟؟ أم عراقية في سبات مؤجل " .

 في الرواية تحاول الكاتبه استيعاب موقف العراقيين الذين عملوا مع الأحتلال من خلال علاقة زينه بجدتها رحمة" تراني المؤلفة ربيبة الاحتلال وجدتي من نفائس المقاومة " , "أنا مجدلية خاطئة وشابة ترجم بالحجارة ، وجدتي عذراء في الثمانين تحبل بلا دنس " . الجدة العراقية الرافضة أبدا للأحتلال أيا كانت ذريعته, أرملة العقيد في الجيش العراقي السابق والذي حارب في فلسطين، تظل ثابتة على موقفها من الاحتلال أكيدة من هويتها. أما الحفيدة الأمريكية فهي تواجه حقيقة وطن إسمه العراق : معّممون أصابتهم الهستيريا .. عراقيون جدد كرهوا العروبة .. عاشقون لأمريكا .. يساريون ضيعتهم بوصلة موسكو .. ممثلون نزقون مغرورون .. منافقون سرعان ما انقلبوا على أعقابهم بعد أن رقصوا طويلا للجلاد .. آخرون يصلحون لتمثيل فيلم عنوانه " مال شغل بالسوق .. نسوة محجبات ويلفهن السواد .. رجال بشوارب لينينية .. شباب برؤوس حليقة على طريقة مغني الراب .. "

هي رحلة أكتشاف للهوية وقصة حب مستحيلة, ما بين ترديدها النشيد الوطني الأمريكي " يارب أحفظ أمريكا .... غاد بلس أميركا " يوم حصولها على الجنسية تشعر الحفيدة الأمريكية بالانسحاق الوطني وهي تطلب السماح عند سماعها النشيد الوطني الأمريكي على أرض وطنها الأم العراق ! يتنازعها صراع من نوع نادر بين ولائين اثنين : الولاء للأصالة ولأهلها ، والولاء للأرض الجديدة التي أقسمت أنها ستدافع عنها ! تقول : " عندما وضعت قدمي اليمنى على درج الباص العسكري نحو طائرة مدنية نحو العراق .. في تلك اللحظة ، فقط ، أدركت أنني قد طويت عمري الماضي كله .. وحياتي لن تكون ، بعد الآن ، مثلما فات .. " .

كانت تلك الازدواجية تجعلها مابين ضميرين " أناس يديرون الوجوه ويبصقون ويحذرون من خيانة الأرض التي يشربنا من دجلتها وفراتها حتى ولو لصالح أرضنا الجديدة التي تسقينا الكوكا كولا صباح ومساء "

مأساة حقيقية تتجاوزها البطلة زينة بهنام ... الفتاة الشقية " البنت التي كبرت وهي تتابع أحلامها تتفرقع مثل البالونات عند انقضاض أعياد الميلاد ", " البنت الخائبة التي بكت مره أو أثنين حبا فاشلا  "

" الغد كلمة غامضة في قواميس الحروب " هكذا أصبحت حياة زينه أو الجيل الجديد  الذي نسى الأصالة وحب الوطن تركها لصالح شعارات جديدة بمقياس ثوب الوطن الجديد ...

أما رحمة جرجس الساعور فهي الجدة أو الوطن ... رمز العراق الأصيل..التي تحاول أعادة تربية حفيدتها وتلقينها حب الوطن كما تعيشه هي .صراع جيلين حول المفاهيم والمبادئ واللقاء الأخير بين الحفيدة و الجدة المريضة لقاء جيلين ... وطن قديم أصيل وأخر مزدوج وجديد, الجدة المريضة التي تموت ولا تدع عسكريا أمريكيا يكشف عليها ...

تهوي مطرقة الأحداث المجنونة التي تعيشها زينه لتحطمها, واقع الاحتلال والدمار الذي أصاب وطنها ,موت جدتها, علاقة حب فاشلة مع مقاتل من جيش المهدي الذي يصادف أنه أخوها في الرضاعه!! كل هذا يدفعها للشعور بالعجز "أقوى أفلامي يمر أمام ناظري ولا أفلح في إيجاد عنوان يليق به"، فتبقى معلقة في الفراغ لا تسندها سوى بغداد "أراني على الشاشة قديسة مخذولة تحمل حاجياتها في كيس خاكي على الظهر، ترتدي خوذة صلبة وبسطالاً مترياً وتسير وراء جنود مهزومين يرفعون شارات النصر. أين رأيت مثل هذا المشهد من قبل؟ أليس هنا في العراق، أيضاً، في زمن ماض وحياة أخرى؟ هل تتناسل الجيوش المهزومة على خصب هذه الأرض وبين هذين الرافدين؟"

نتهي الرواية بموت الجدة التي يرمز رحيلها إلى غياب الهوية الوطنية الراسخة ، وموت الذاكرة التي لا تمتلكها الحفيدة التي عادت من العراق بحصيلة من "شجن مثل عسل مصفى ثقيل، ولزج وشفاف، يفيد في ليالي الأرق ويحرض على كتابة الشعر، لكنه لا يصلح لتقوية الهمم والمعنويات".

عادت الحفيدة الأمريكية إلى وطنها الحقيقي ، أمريكا وتركت العراق لوحده وهو يعاني من كل التحديات والقساوة والآلام  لكن تجربتها الأمريكية علمتها الكثير ، بحيث لم تكن تدري ماهية العراق ، ولم تكن تعرف ثقل التناقضات التي يحفل بها المجتمع العراقي.

في ذاك اللامعقول تعيش شخصيه زينه وترويها أنعام كجة جي بأسلوب سردي رائع سلس وبلغه جميله قريبة وكأنك تشاهد فيلما في رواية ..تبدأ بالرواية وتظن أنك بالإمكان أن تتركها قليلا لتعود إليها هنا فقط تشعر بالشرك الخفي الذي أوقعتك الكاتبة به, هنا تجد نفسك منغمسا حتى أخمص مشاعرك وكأن تيارا بحريا يأخذك بعيدا في أعماق رواية محبوكة بأتقان لتعود من جديد الى يابسة الواقع...واقع الوجع العراقي المزمن.

هي مأساة وطن قاتل للخروج من الدكتاتوريه ليغرق في رمال متحركة من أحتلال أجنبي.

.

 

الرمز المفقود
بقلم دان براون
الناشر الدار العربية للعلوم ناشرون ( الترجمة العربية) (2009)
الرمز المفقود تصدر قريباً في الولايات المتحدة والقارة الأوروبية رواية دان براون المنتظرة «الرمز المفقود - The Lost Symbol»، والتي لا يزال مكنونها يلفّه ستار كثيف من السرية المطلقة. ورغم التعتيم الشديد المفروض عليها، يُنتظر أن تثير الرواية عاصفة من المشاكل مع جهات عالمية عديدة، خاصة …لقراءة المزيد

الرمز المفقود

تصدر قريباً في الولايات المتحدة والقارة الأوروبية رواية دان براون المنتظرة «الرمز المفقود - The Lost Symbol»، والتي لا يزال مكنونها يلفّه ستار كثيف من السرية المطلقة. ورغم التعتيم الشديد المفروض عليها، يُنتظر أن تثير الرواية عاصفة من المشاكل مع جهات عالمية عديدة، خاصة بعد أن تسرّب تعرُّضها للحركة الماسونية العالمية. لذلك تتهافت دور النشر العالمية للحصول على حقوق نشرها، نظراً لما حققته رواية دان براون الشهيرة «شيفرة دافنتشي» من مبيعات فاقت 80 مليون نسخة في مختلف أرجاء العالم ولغاته. وكعادتها، وكما عوّدت الدار العربية للعلوم ناشرون قراءها، فهي تستعدُّ لترجمة هذا العمل الجديد ونشره بالعربية قبل نهاية العام الحالي. يذكر أن الطبعة الإنجليزية ستصدر في منتصف شهر أيلول/سبتمبر 2009 ومن المقرر أن يُطبع منها 8 ملايين نسخة، ثم تُسلّم إلى الترجمة إلى مختلف لغات العالم.

تجدر الإشارة إلى أن الدار العربية للعلوم ناشرون سبق وأن نشرت أربع روايات للكاتب دان براون، وهي: شيفرة دافنتشي، ملائكة وشياطين، التي تحولت أيضاً إلى عمل سينمائي ضخم يعرض حالياً في صالات السينما، بالإضافة إلى الحصن الرقمي، وحقيقة الخديعة.

البجعة السوداء
بقلم الفيلسوف نسيم طالب
الناشر الدار العربية للعلوم ناشرون (2009)
صدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون الكتاب المنتظر «البجعة السوداء: تداعيات الأحداث غير المتوقعة» للفيلسوف نسيم طالب، الذي كان أول من تنبأ بالأزمة العالمية الحالية والتي كلفت الاقتصادات 150 تريليون دولار. والفكرة الأساسية للكتاب والتي يتناولها طالب من جميع جوانبها تدور حول عدد صغير من …لقراءة المزيد

صدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون الكتاب المنتظر «البجعة السوداء: تداعيات الأحداث غير المتوقعة» للفيلسوف نسيم طالب، الذي كان أول من تنبأ بالأزمة العالمية الحالية والتي كلفت الاقتصادات 150 تريليون دولار. والفكرة الأساسية للكتاب والتي يتناولها طالب من جميع جوانبها تدور حول عدد صغير من الأحداث غير المتوقعة والتي تفسِّر الكثير من الاضطرابات التي ضربت الأسواق المالية. وهو يشدِّد على أن أخطر ما يخبئه المستقبل لا يمكن التنبؤ به. من هنا، ولدت نظرية «البجعة السوداء» استناداً إلى اعتقاد ساد لقرون طويلة بأن لون البجع هو الأبيض ولا يمكن أن يكون إلاّ كذلك. ولكن، عندما تمَّ اكتشاف نوع أسود من البجع لم يكن معروفاً سابقاً، انهارت النظرية المعروفة سابقاً. من هنا، تكوّنت نظريته الجديدة التي تفيد أنه إلى جانب الأحداث المتكررة يومياً، والتي تساعدنا في فهمنا للحاضر والمستقبل، هناك دائماً مفاجآت غير متوقعة وغير قابلة للتنبؤ، وهذه الأحداث هي التي تكون الأشد تأثيراً في حياتنا. لذلك يجب خلق نظام مناعة له آلية تساعدنا على تخطِّي هذه الأحداث الداهمة والحدّ من تأثيرها علينا.

إسمه الغرام
بقلم علوية صبح
الناشر دار الآداب بيروت (2009)
تبدو رواية الكاتبة اللبنانية علوية صبح " إسمه الغرام" أكثر جرأة من نصيها " مريم الحكايا" و " دنيا" إذ تتوغل علوية هذه المرة في تلافيف المجتمع الإسلامي الشيعي، و تكشف بلغة سردية غاية في الجمال روعة الحب كعلاقة إنسانية بين الرجل و المرأة في مسارها الطبيعي، و كيف تتشوه هذه العلاقة بتدخل من رجال الدين …لقراءة المزيد

تبدو رواية الكاتبة اللبنانية علوية صبح " إسمه الغرام" أكثر جرأة من نصيها " مريم الحكايا" و " دنيا" إذ تتوغل علوية هذه المرة في تلافيف المجتمع الإسلامي الشيعي، و تكشف بلغة سردية غاية في الجمال روعة الحب كعلاقة إنسانية بين الرجل و المرأة في مسارها الطبيعي، و كيف تتشوه هذه العلاقة بتدخل من رجال الدين تحديدا، و من مفاهيم تنبع من التفكير الذكوري الشاذ. تتحدث علوية أيضا بإسهاب عن جسد الأنثى الذي أصبح لصيقا بأعراف إجتماعية سلخته عن إنسانيته. تتحدث عن أعضاء الأنثى و ما يقابلها من أعضاءالذكر، تقدم لنا بشكل عفوي أعضاء الجسد، دون أن نشعر أن الموضوع مقحم في الرواية من أجل أهداف أخرى غير التي تسعى لتجعل القارئ يستوعبها.

 

الحجاب
بقلم مريم خلف
الناشر الدار العربية للعلوم ناشرون (2009)
  للنساء الأنيقات بشكل عام وللفتيات بشكل خاص، يقدّم هذا الكتاب الجميل بطباعته والأنيق بشكله ومظهره وألوانه، وبصوره الجذابة، والمغري بموضوعه الخاص، والذي يهّم المرأة المحجبة والتي ستجد فيه ما يضيفها جمالاً ورونقاً. فكل منهن بحسب شخصيتها وذوقها، يمكنها انتقاء نموذجاً من نماذج الحجاب العديدة …لقراءة المزيد
 

للنساء الأنيقات بشكل عام وللفتيات بشكل خاص، يقدّم هذا الكتاب الجميل بطباعته والأنيق بشكله ومظهره وألوانه، وبصوره الجذابة، والمغري بموضوعه الخاص، والذي يهّم المرأة المحجبة والتي ستجد فيه ما يضيفها جمالاً ورونقاً. فكل منهن بحسب شخصيتها وذوقها، يمكنها انتقاء نموذجاً من نماذج الحجاب العديدة والجميلة التي أسهب الكتاب في شرح وتبيان طريقة تنفيذها، بخطوات توضيحية بسيطة ومدروسة.

العارضات الثلاث: ياسمين وسينيثيا وناريمان، "أضفين على نماذج الحجاب المعروضة بعضاً من جمالهن"، ومن خبرتهن في إظهار مراحل التنفيذ الواجب اتباعها للوصول إلى أي شكل من هذه التشكيلة المنّوعة "البعيدة كل البعد عن النمطية والتكرار، بل التي تتميز بالابتكار والتجديد اللذين يتناسبان مع طبيعة حياة الفتاة العصرية، سواء أكانت عاملة أو طالبة جامعية"، أو سيدة منزل أو سيدة مجتمع كما لا يخفى مثلاً مظهر السحر الخاص والجمال اللذان تظهر بهما العروس المحجبة، التي "تجمع ما بين حداثة المظهر وأناقته من جهة، والحشمة والالتزام من جهة أخرى."

يتضمن الكتاب ستة عشر نموذجاً منوعاً، مشروحة الخطوات بدقة وعناية وبالصور الجميلة الملونة والواضحة، لكل منها هدف خاص أو ميزة مختلفة أو هدف معين: الربطة العصرية، والكلاسيكية، والتقليدية، والخاصة بلغة الفتيات، وربطة الصباح، وربطة ما بعد الظهيرة، وتلك المسائية، وربطة الوردة الجورية، وربطة ووردتان، وأخرى بعقدتين، وربطة الأميرة، وربطة العصبة، والضفيرة، والمفتولة، والمتداخلة، والشينيون، والمزدوجة، وللون الفضّي أناقته، ثم أن هناك لكل بلد نموذجه: الحجاب التركي، والإسباني، والهندي، والخليجي، والكويتي الزاهي، كما أن هناك لفّة على شكل عقود، وأخرى منسابة، وثالثة متعاكسة.

لا يكتفي الكتاب بإظهار جمال وشرح طريقة تنفيذ هذه النماذج خطوة خطوة فحسب، بل يتعدى ذلك إلى العديد من النصائح والإرشادات الثمينة في هذا المجال. فيتحدث مثلاً عن أنواع المناديل المناسبة ومزايا أقمشتها، التي تحدد طرق استعمالها، كما أن "انتقاء نوع الحجاب أو قماش المنديل يعتمد على طبيعة ونوع الملابس"، كما يساعد مثلاً في اختيار الربطة المناسبة للحجاب بحسب شكل الوجه، وبحسب لون البشرة، كما يحذر من بعض الممارسات كأن "لا تغسلي شعرك ثم تضعي الحجاب مباشرة، لأن ذلك يؤثر سلباً في صحة شعرك".

يساهم هذا الكتاب المميز والفريد، في التأكيد أن الحجاب ليس لقمع المرأة وحجب جمالها بل هو "وسيلة من وسائل أناقة المرأة"، عبر عرض وسائل حديثة ونماذج جميلة لمساعدتها في خياراتها، "لذلك، عزيزتي القارئة، ابتكري وتفنّني وأضيفي لمستك الخاصة على مظهرك وكوني متميزة" ولو كنت محجبة.

تلك المسلمة البعيدة - مجموعة شعرية
الناشر دار شمس القاهرة
ليس سواك من أحد  يجمع هذا الغياب تنشر راحتيك بين طحالب الليل وتيهك المترامي تجمع الكون على كتفيك.. بفوضاه وعساكره وسجونه ومنافيه، وأسفار أوهامه ببحاره وموجه المتلاطم تحت (المركب السكران) بطلاسمه وتعاويذه وأحجاره الناصعة وطيوره الجارحة بعروض الهياكل الجبارة.. الرابطة على صدر الزمان …لقراءة المزيد

ليس سواك من أحد  يجمع هذا الغياب تنشر راحتيك بين طحالب الليل وتيهك المترامي تجمع الكون على كتفيك.. بفوضاه وعساكره وسجونه ومنافيه، وأسفار أوهامه ببحاره وموجه المتلاطم تحت (المركب السكران) بطلاسمه وتعاويذه وأحجاره الناصعة وطيوره الجارحة بعروض الهياكل الجبارة.. الرابطة على صدر الزمان بأفقه المتناهي اللاهي، السادر في غيه الشايع في جبروته المعرش بالحديد.. المتجذر كـ (سرافس) الوهم بريش جناحيه يغطي قرص الشمس ينثر بذاره على ما بقى منه فى الفضاء القادم عل برقه يرق عل رخه يبيض على بيض مواضعنا عله يهديك غواية أخرى وتسليات لأيامك القادمة القادمة من حيث لاتغيب.

الجدتان
بقلم دوريس ليسينج
الناشر الدار العربية للعلوم ناشرون
خمسون سنة كاملة تفصل بين تاريخ صدور مجموعة دوريس ليسينج الأولى من الروايات القصيرة، "خمس: روايات قصيرة" سنة 1953 وتاريخ صدور مجموعتها هذه "الجدتان" سنة 2003، خمسون سنة مرت من عمر الإنسان شهد فيها العالم أكثر من حرب، وأكثر من طاغية، وأكثر من زمان صعب، وأكثر من كارثة على جميع الصعد، أصدرت فيها ليسينج …لقراءة المزيد

خمسون سنة كاملة تفصل بين تاريخ صدور مجموعة دوريس ليسينج الأولى من الروايات القصيرة، "خمس: روايات قصيرة" سنة 1953 وتاريخ صدور مجموعتها هذه "الجدتان" سنة 2003، خمسون سنة مرت من عمر الإنسان شهد فيها العالم أكثر من حرب، وأكثر من طاغية، وأكثر من زمان صعب، وأكثر من كارثة على جميع الصعد، أصدرت فيها ليسينج زهاء الستين كتاباً في القصة القصيرة، والرواية القصيرة، والرواية، والشعر، والنقد والمسرح بل والأوبرا أيضاً، وكانت اللحظات الجميلة محدودة حقاً، لا نكاد نتبينها وسط هموم أبطالها، ومآسيهم، ومعاناتهم، وبحثهم المستميت عن الذات، وعن الحب، وعن "الأمل" وعن الوجود وسط عالم غير معقول تسوده الفوضى والخيبة والإحباط.

الغبار الأميريكي
بقلم زهير الهيتي
الناشر دار الساقي بيروت
تفتح هذه الرواية نافذة على ماضي العراق، فتعريه معددة عيوب حكامه وأساليب طغيانهم. وتطل على حاضره فتكشف فصولاً عدة من المعاناة الجاثمة على صدور العراقيين نتيجة الحرب. ولا تخفي خشيتها من أن تمضي البلاد إلى المجهول وسط عاصفة "الغبار الأميركي" الذي جعل الطريق إلى المستقبل ملبداً بالمخاوف وعلامات …لقراءة المزيد
تفتح هذه الرواية نافذة على ماضي العراق، فتعريه معددة عيوب حكامه وأساليب طغيانهم. وتطل على حاضره فتكشف فصولاً عدة من المعاناة الجاثمة على صدور العراقيين نتيجة الحرب. ولا تخفي خشيتها من أن تمضي البلاد إلى المجهول وسط عاصفة "الغبار الأميركي" الذي جعل الطريق إلى المستقبل ملبداً بالمخاوف وعلامات الاستفهام. مشاهد ومرويات وحوادث وتداعيات تعيشها بطلة الرواية، وهي امرأة جميلة مثقفة تبحث عن كل شيء، وفي الوقت نفسه كادت تخسر كل شيء. تأخذها التجارب إلى أمكنة لم يسبق أن زارتها وإن في الحلم. تجارب أتاحت لها اكتشاف جسدها بعدما قادها القدر إلى أناس غرروا بها إشباعاً لرغباتهم العطشى، أو غررت هي بهم كي تبلغ الهدف المنشود. يروي زهير الهيتي على لسان البطلة، ما يشعر به معظم العراقيين، هذه الأيام، في قالب سردي شائق، مسمياً الأشياء بأسمائها، ومجتازاً الخطوط الحمر في أحيان كثيرة.
عشاق أمي مجموعة قصص لهاجر عبد السلام
بقلم هاجر عبد السلام
الناشر شركة المطبوعات للتوزيع والنشر
قصص قصيرة، بل اعترافات خطيرة في قوالب جاوزت حدود القصة المألوفة والخارجة عن المألوف. حملت في ثناياها جرأة ما بعدها جرأة، وهي تتحدث عن الأسرة والمجتمع والدنيا والدين والحدود الملتهبة بين المرأة والرجل. لكنها جرأة لا تترك دليل إدانتها. فما إن يصل بك الأمر إلى رفع أصابع الاتهام لتنعت الكاتبة بكذا وكذا، …لقراءة المزيد
قصص قصيرة، بل اعترافات خطيرة في قوالب جاوزت حدود القصة المألوفة والخارجة عن المألوف. حملت في ثناياها جرأة ما بعدها جرأة، وهي تتحدث عن الأسرة والمجتمع والدنيا والدين والحدود الملتهبة بين المرأة والرجل. لكنها جرأة لا تترك دليل إدانتها. فما إن يصل بك الأمر إلى رفع أصابع الاتهام لتنعت الكاتبة بكذا وكذا، حتى تتراجع سريعاً. لا تدعك تهدأ وهي تجول بك بتواتر شديد في عالم الليل الغريب المريب، وعلى ضفاف الحب المباح والحب المفجوع. وفي دنيا الصداقات والارتباط بالزمن والفكاك منه؛ وتُدهشك على مفترق العبارات والمقاطع. تتسم بغرابة الموضوعات وغرابة مقاربتها، في مناخ يسهل فيه تبادل القبل والشتائم والحبيبات وحتى الأوطان. تحسبها تتحدث عن أم وأب عاديين؛ لكنك بصعوبة تكتشف أن الأمر أبعد من ذلك وكأنها تختصر قارة في امرأة أو امرأة في قارة: "ذراعا أمي غابتان من قصب السكّر.. ساقاها خيول هاربة.. جسدها يتمايل كزجاجة خمر.. في غابة الليل أُصبحُ أمي.. أشبك أصابعي بيد شاعر هجرتْه أمي وأصبحُ حبيبته..". قصص تشع سحراً وتظل أجمل من أي كتابة عنها. صدر الكتاب عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر . و يمكن طلبه من موقع النيل و الفرات.