ماذا فعل بي جورج قرداحي؟            من هي سيمون دي بوفوار؟؟؟؟            إمتنان قصيدة للشاعرة العراقية فيء ناصر             حياة محمد أركون بقلم إبنته سيلفي             مقولة اليوم لسيمون دي بوفوار : المرأة لا تولد إمرأة و إنّما تصبح كذلك       يمكننا شحن اللوحات أيضا إليكم : آخر لوحة وضعت على الموقع لوحة الرسامة اللبنانية سليمى زود             يقدم الموقع خدمات إعلامية منوعة : 0096171594738            نعتذر لبعض مراسلينا عن عدم نشر موادهم سريعا لكثرة المواد التي تصلنا، قريبا ستجد كل النصوص مكانا لها ..دمتم       نبحث عن مخرج و كاميرامان و مختص في المونتاج لإنجاز تحقيق تلفزيوني             فرجينيا وولف ترحب بكم...تغطية فيء ناصر من لندن             boutique famoh : أجمل اللوحات لرسامين من الجزائر و كل العالم             لوحات لتشكيليين جزائريين             المثقف العربي يعتبر الكاتبة الأنثى مادة دسمة للتحرش...موضوع يجب أن نتحدث فيه            famoh : men and women without Borders       famoh : femmes et hommes, sans frontieres       ***أطفئ سيجارتك و أنت تتجول في هذا الموقع            دليل فامو دليل المثقف للأماكن التي تناسب ميوله...مكتبات، ، قهاوي، مطاعم، مسارح...إلخ...إلخ           
في المرآة
من هي سيمون دي بوفوار ؟
    (أقول إن السعى الحثيث للتعرف على الأفكار والتصورات الدفينة فى أذهاننا، والتي تتعلق بالمرأة وعلاقتها بالرجل، والتى تشكل فى الوقت نفسه ميراثا، يُعتد به فى رسوخه وصلابته، لابد وأن يشكل البداية المنطقية لمقال كهذا. فلنلتمس إذن إجابة شافية على السؤال التالي: كيف بنى العقل البشري فكرة النوع؟)     بهذا التساؤل بدأت سيمون دي بوفوار مقالها عن المرأة في الفكرة الانساني و الذي بحثت فيه ما اسمته بالهزائم الكبرى للمرأة في تاريخ البشرية ابتداءاً من تاريخ الافكار التناسلية الفظة التي (قطعها ارسطو من شبطو ساي) و انتهاءاً لمجموع الموروثات الثقافية التي شكلت مفهوم الانثى في العقل الاوربي الكلاسيكي مروراً بالتناول النقدي الخلاق لاطروحات الكتاب المقدس حول المرأة - مستندة بالاساس لفحوى النص التوراتي التي ترجح كفة الاعتراف بالتفوق الذكوري كاساس قديم و راسخ قدم الوجود و رسوخه …لقراءة المزيد
    (أقول إن السعى الحثيث للتعرف على الأفكار والتصورات الدفينة فى أذهاننا، والتي تتعلق بالمرأة وعلاقتها بالرجل، والتى تشكل فى الوقت نفسه ميراثا، يُعتد به فى رسوخه وصلابته، لابد وأن يشكل البداية المنطقية لمقال كهذا. فلنلتمس إذن إجابة شافية على السؤال التالي: كيف بنى العقل البشري فكرة النوع؟)     بهذا التساؤل بدأت سيمون دي بوفوار مقالها عن المرأة في الفكرة الانساني و الذي بحثت فيه ما اسمته بالهزائم الكبرى للمرأة في تاريخ البشرية ابتداءاً من تاريخ الافكار التناسلية الفظة التي (قطعها ارسطو من شبطو ساي) و انتهاءاً لمجموع الموروثات الثقافية التي شكلت مفهوم الانثى في العقل الاوربي الكلاسيكي مروراً بالتناول النقدي الخلاق لاطروحات الكتاب المقدس حول المرأة - مستندة بالاساس لفحوى النص التوراتي التي ترجح كفة الاعتراف بالتفوق الذكوري كاساس قديم و راسخ قدم الوجود و رسوخه - التي نسفتها دي بوفوار بالاستناد العلمي على مرتكزات علم التاريخ و كتبات انجلز المجيدة عن قضية المرأة التي أمد فيها على أن الهزيمة الاولى للمرأة جاءت عندما اسقط بنو البشر حق الامومة ( الحق الامومي فينسبة الابناء) تلك التي ادت الي الغاء او انتهاء الجينيكوقراطية (مرحلة حكم او سيادة النساء) الا ان دي بوفوار بعد بحثها للاطر الاخرى غير تلك الاقتصادية التي تعمق انجلز في دراستها مما يليه ، قامت صديقتنا هذه بدراسة العوامل الاخري التي اجترأت على النساء في تهاويهم الحر الي ذلك الدرك الذي سيطر على تعرجات العقل الاوربي حتى بعيد مرحلة الحرب الثانية و العواصف الفكرية التي مر بها ذلك العقل بعدها . تعمقت دي بوفوار في دراسة مفهوم الجندر النوع و كانت اول داعية الي سيرة الفيمنيسم و ان لم تسمها لتفتح على نفسها ابواب جهنم     من سخرية اليمين و اليسار     لتحرم الكنيسة كتبها و ينعتها الشيوعيون بالانصرافية (و ذلك حق في مرحلة كانت عاملات مصانع رينو يبحثن سبل الاضراب لزيادةالاجر و حق العمل المتساوي ان تخاطبهن دي بوفوار عن علاقات الجنس المفتوحة ) فمن هي هذه السيمون     سيمون دي بوفوار (9 كانون الثاني 1908 - 14 نيسان 1986)درست الفلسفة في جامعة "أكول نورمال سوبراير" (المدرسة العليا) والتي كانت جامعة تضم الذكور فقط حينها. وفي جيل 21 تخرجت من الجامعة. في عام 1929 تعرفت على جان بول سارتر الذي كان وقتها طالب في قسم الفلسفة، ونشأت قصة حب بينهما استمرت حتى وفاة سارتر عام 1980، لكن بدون ان يلتزما بالزواج. في الاعوام 1931- 1943 درست بوفوار الفلسفة في ثانويات مختلفة في ارجاء فرنسا. في الاعوام 1941- 1943 عملت كبروفيسور (استاذه جامعيه) في السوربون. عام 1943 نشرت روايتها الاولى "المدعوة". هذه الاعوام كانت مهمة في صقل شخصيتها كفيلسوفة ومفكرة، لا سيما في المجال النسوي. في عام 1981 كتبت "مباركة الانفصال عن سارتر" وبه وصف صعب للسنوات الأخيرة التي عاشها سارتر.     في 1949 نشرت كتابها الجنس الاخر الذي ضمنته الكثير من رويتها الفكرية لقضايا المرأة و يعتبر من أهم اصداراتها، ناقشت فيه أوضاع المرأة التاريخية والاجتماعية والنفسية والثقافية في العصر الحديث، رابطة بين وضعية المرأة الفرنسية في القرن العشرين بالنماذج التحقيرية التي حاك خيوطها مذهب القديس (توما الاكويني)، وفيه اعتبرت دي بوفوار أن المرأة الفرنسية تعاني من اضطهاد نظري تمارسه سطوة الرجل العاطفية عليها، فيتحول من انسان واقعي إلى رمز شبيه بالآلهة، وإذ ترفض دي بوفوار ظواهر تأليه الرجل والخضوع للحب واعتبار المرأة مجرد «آخر»، وبحسب دي بوفور «لايولد الانسان امرأة بل يصبح كذلك» إذ ليس ثمة قدر بيولوجي او نفسي او اقتصادي يقضي بتحديد شخصية المرء كأنثى في المجتمع، فالأنثى تحوّل إلى امرأة ضمن واقع ذكوري متسلّط تشكّلت شخصيته انطلاقا من مفهوم السلطة التي وضعت ملامحها وحدودها السلطة الاقتصادية عبر العصور. والحضارة في أبجديتها هي التي تصنع هذا المخلوق الذي يقف في موقع متوسط بين الذكر ويوصف بانه مؤنث، وان الآخر الرجل أساس جوهري في صياغة الذات الانثوية والانسانية بكاملها.     ارتبطت دي بوفوار طوال عمرها بعلاقة مثيرة للجدل مع الفيلسوف سارتر واعتبرت لقاءها به «الحدث الرئيس في وجودها»، حيث عملا بالتدريس في المدارس الثانوية، واستمرت الرسائل بينهما، حتى لحقت به ليكونا معاً فريق عمل متفاهم ومتجانس في كل مجالات الفكر والأدب والسياسة، وتعاونا معا أثناء الحرب العالمية الثانية في حركة المقاومة، فشجع كل منهما الآخر على نشر نتاج فكره، كما قاما برحلات خارجية كثيرة، قوبلا خلالها بالترحاب.. لكن علاقاتهما المفتوحة والتي لم يخلداها برابط الزواج، كانت تمر أحياناً بنوبات الغيرة حين كان سارتر يتعلق بهذه أو تلك من النساء، ويصارحها بذلك، ما يثير عذابها، لكن ايمانها بما اعتبراه فلسفة وجودية كان يجعلها تخضع وتذعن. وحين مرض سارتر في سنواته الأخيرة، اعتنت به سيمون حتى مات في ابريل عام 1980، وبعد موته اصدرت كتابها «وداعاً سارتر»، حيث كتبت عن الرجال الذين احبتهم في ظل علاقتها بسارتر. ونشرت الرسائل المتبادلة بينها وبينهم، وهذا ما عده البعض بمثابة تصفية حساب معه، خاصة أنه لم يترك لها الوصاية على أعماله الادبية والفلسفية بما فيها خطاباته لسيمون، بل عهد بها إلى فتاة شابة تبناها تدعى «آرليت» كان قد ارتبط معها بعلاقة استمرت سنوات، لكن سيمون أصرت على نشر رسائلهما، وأقامت في شقة تطل على المقبرة التي دفن بها، كما أوصت أن تدفن فيها هي أيضا بعد وفاتها.. وعن تعقد العلاقة بينهما كتبت دي بوفوار (الحقيقة أنني كنت منفصلة عن سارتر بالقدر الذي كنت التحم فيه مع هذه الشخصية.. كانت علاقتنا جدلية. أحياناً كنت أشعر بأنني على مسافة لا معقولة منه، وفي أحيان أخرى كنت أشعر كأنني النصف الذي يكمل النصف الآخر. أخذت منه وأخذ مني، وبالتأكيد لم أكن تابعة لـه ). يجد الكثيرون أن تجربة سيمون دي بوفوار لم تكن مهمة إلا لكونها ارتبطت بفيلسوف مهم هو جان بول سارتر، وفي هذا غبن كبير لأهميتها، فالاثنان لم يشكلا معاً علاقة اعتيادية بل كان ثمة قضايا عالجاها معاً من خلال نقاشاتهما، والتي صدما بها العالم كقضايا الارتباط والاخلاص والخيانة، وقد وصف سارتر سيمون بأنها: تجمع بين ذكاء الرجل وحساسية المرأة، وعلى رغم الدرب الواحد الذي سلكاه، تناولت هي قضايا الواقع الملموس. وقد اختيرت دي بوفوار رئيسة للرابطة الفرنسية لحقوق المرأة.كما حصلت على جائزة «غونكور» وهي أرفع جائزة أدبية في فرنسا عن روايتها المثقفون، وبهذا سبقت سارتر الذي نال نوبل بعد ذلك بعشر سنوات، والجدير بالذكر أنه رفضها..!     الجديربالذكر ان سيمون دي بوفوار المثقفة والناشطة الثقافية والسياسية لم تشأ ان تحبس نفسها في قمقم النسوية. فرغم الرؤية النفاذة التي ميزت اطروحاتها في كتاب "الجنس الثاني" ورغم النجاح الواسع الذي حققه الكتاب فإنه لم يكن سوى محطة في مسيرة دي بوفوار الثرية.     كان من بين انجازات سيمون دي بوفوار المهمة مشاركتها في تأسيس مجلة "الازمنة الحديثة" التي اسستها مع سارتر ونخبة من المثقفين الفرنسيين لتتحول في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية الى منارة للفكر المتحرر ومنصة للمناقشات الفلسفية.     الى جانب الكتب النظرية, كتبت دي بوفوار الرواية وقد نالت روايتها "المثقفون" (1954) جائزة غوزكور . في هذه الرواية تظهر الكاتبة نفسها في دور الزوجة التي تعمل محللة نفسانية. كما يظهر سارتر والبير كامو بالقسط الادنى من التمويه, الرواية التي تزخر بالحوارات الفلسفية ليست سيرة ذاتية. لكن شخوصها حقيقيون واهميتها تأتي من قدرتها على التغلغل في اعماق الوسط الثقافي الفرنسي او ما كان يعرف ب¯ "الضفة الغربية" وقد تمكنت دي بوفوار بفضل معايشتها لذلك الوسط وحساسيتها المفرطة في التقاط سماته ومميزاته ان تجعل من هذه الرواية صرحا يخلد الحياة الثقافية في حقبة ما بعد الحرب في فرنسا ويعكس الصراع بين ابراج المثقفين العاجية وبين الحاجة الى مشاركة فعالة من قبلهم في النضال السياسي.     من بين كتب دي بوفوار المهمة كتابها "الشيخوخة" الذي صدر عام .1970 وقد اعطت فيه دي بوفوار للشيخوخة ما سبق لها ان اعطته للنساء في كتاب "الجنس الثاني" فقد تناولت اولا موقف الحضارات المختلفة من التقدم في السن وكيف يستحيل الانسان بفعل الشيخوخة الى كم مهمل لا دور له سوى انتظار الموت. وهو اول كتاب جاد يكسر حاجز الصمت المفروض على هذا الجانب مع المعاناة الانسانية. ولعله اليوم اجدر بالاهتمام مما كان عليه يوم صدوره بالنظر لاستفحال ازمة الشيخوخة في العالم وبروز ظاهرة مجتمعات الكهولة.     كتبت سيمون دي بوفوار سيرتها الذاتية في أربع كتب: مذكرات ابنة مطيعة- في ربيع الحياة- قوة الظروف- كل شيء قيل وحدث و كانت كلها قطع ادبية رفيعة ارخت للحركة الثقافية الفرنسية بعد الحرب الثانية     عموماً تمر ي عامنا هذا الذكرى ال100 لميلاد فيلسوفة فرنسا الثائرة على كلاسيكيات العقل الاوربي و الداعية لانسنة الانسان بمساوته باخيه الانسان 
فرجينيا وولف ترحب بكم صور فوتوغرافية ولوحات ومذكرات ورسائل.. وتاريخ عصر
لندن: فيء ناصر لم أكن أتخيل أن قامة فرجينيا وولف الفارعة تحتاج إلى عصا تستند عليها في مشوارها الأخير نحو نهر أوز (Ouse) لإسكات جنونها غير المحتمل، لكن هذه العصا هي التي دلّت ليونارد زوجها إلى المكان الذي غرقت فيه. توقفت كثيرا أمام العارضة الزجاجية التي ضَمّتْ هذه العصا، ورسالتيها الأخيرتين إلى ليونارد وأختها فينيسا. العصا وغيرها الكثير من المواد الأرشيفية من صور فوتوغرافية ولوحات ومذكرات ورسائل وطبعات أولى من الكتب التي صدرت عن دار نشر «هوكارث»، التي أسستها فرجينيا مع زوجها هو فحوى معرض «فرجينيا وولف.. الفن والحياة والرؤية» في «ناشيونال بورتريت غاليري» لموسم الخريف الحالي. يركز المعرض أيضا على أرشيف جماعة «بلومزبري» الأدبية الشهيرة الإنجليزية بداية القرن الـ20، التي ضمت أكاديميين وفنانين وكتابا ومفكرين، وسُميت باسم المكان الذي كانوا يلتقون …لقراءة المزيد
لندن: فيء ناصر لم أكن أتخيل أن قامة فرجينيا وولف الفارعة تحتاج إلى عصا تستند عليها في مشوارها الأخير نحو نهر أوز (Ouse) لإسكات جنونها غير المحتمل، لكن هذه العصا هي التي دلّت ليونارد زوجها إلى المكان الذي غرقت فيه. توقفت كثيرا أمام العارضة الزجاجية التي ضَمّتْ هذه العصا، ورسالتيها الأخيرتين إلى ليونارد وأختها فينيسا. العصا وغيرها الكثير من المواد الأرشيفية من صور فوتوغرافية ولوحات ومذكرات ورسائل وطبعات أولى من الكتب التي صدرت عن دار نشر «هوكارث»، التي أسستها فرجينيا مع زوجها هو فحوى معرض «فرجينيا وولف.. الفن والحياة والرؤية» في «ناشيونال بورتريت غاليري» لموسم الخريف الحالي. يركز المعرض أيضا على أرشيف جماعة «بلومزبري» الأدبية الشهيرة الإنجليزية بداية القرن الـ20، التي ضمت أكاديميين وفنانين وكتابا ومفكرين، وسُميت باسم المكان الذي كانوا يلتقون به (بلومزبري) في مركز لندن، حيث يتناقشون بالأمور السياسية والأدبية والفنية. فرجينيا وولف أحد أشهر أعضاء هذه الجمعية الأدبية برواياتها الحداثوية مثل «أمواج» (1931) و«السيدة دالاوي» (1925). والأرشيف المعروض يتناول حياتها وأدبها، وصداقاتها الكثيرة رغم قولها ذات مرة: «يجب أن أكون ذات خصوصية، مجهولة كما كل المجهولين، مغمورة كي أكتب ما أريد». يتناول المعرض أيضا معاناتها الطويلة مع الاكتئاب والانهيارات العصبية البعيدة عن الرومانسية، وتُستعرض بوفرة تفاصيل حياتها الشخصية بشكل محايد وبعيد عن نزعة تمجيد المشاهير. هناك أيضا صور ولوحات لفرجينيا عبر مراحل حياتها، وعدد من اللوحات رسمها أعضاء جماعة «بلومزبري» لفرجينيا، منها اللوحات المشهورة التي رسمتها أختها فينيسا بل (Vanessa Bell) ودونكان كراند (Duncan Grant) وروجر فري (Roger Fry). صور فوتوغرافية وهي في أشد حالاتها ضعفا أو في أوج شبابها، صور وهي في قمة تألقها الأدبي، وجهها الذي يَنمّ عن قلق وإبداع وشرود، قوامها الممشوق، عظام خديها، عيناها المدورتان الغائرتان كأنهما عينا مارد كتوم ترحب بالزائر وتتهكم منه بالوقت نفسه. المثير بهذا المعرض أيضا هو الربط بين إبداع فرجينيا الأدبي والفنون البصرية التي كانت سائدة في ذلك الوقت. تجاربها اللونية في الوصف التي تأثرت بألوان سيزان المركزة والمعقدة، رغم أنها لم تكن معجبة بعالم الفن وتجارته، فقد كتبت في مذكراتها عام 1912: «الفنانون هم متنافسون مقيتون تثيرهم المتعة البغيضة». يستقبلك المعرض بصورة فوتوغرافية كبيرة لفرجينيا بنظرة حانية ساخرة ويد على الخد، وبجانبها صورة فوتوغرافية بالحجم ذاته لحطام بيتها في دافيستوك سكوير (Tavistock Square) بعد أن دُمر بغارة جوية عام 1940. انشطرت البناية من المنتصف، بقي الموقد واللوحة التي فوقه وغرفة الجلوس في الطابق الأعلى مرئية من الشارع، كتبت في مذكراتها: «الأنقاض تغطي المكان الذي كتبتُ فيه روايات كثيرة، الغرفة التي سهرنا بها مع أصدقاء كثر مكشوفة للهواء». ولدت فرجينيا لعائلة عريقة مثقفة عام 1882. العائلة ضمت 7 إخوة وأخوات. كان أبوها الكاتب ليزلي ستيفنس، لذلك كان بيتهم مزارا لكثير من مشاهير الأدب في ذلك الوقت، الذين لم يغفلهم هذا المعرض فهناك صورا فوتوغرافية بكاميرا خالة فرجينيا (جوليا ماركريت كامرون) لتشارلز دارون وروبرت برواننغ وألفريد تينسون كلهم بلحى، ويبدو عليهم تقشف ما كأنهم ينوءون بحمل عبقرياتهم. كتبت فرجينيا في صورة من الماضي 1939 «العظمة تبدو لي ملكة إيجابية غريبة الأطوار تزدهر بالعزلة، شيء ما أقاد له بإخلاص من قبل والدي، بل العظمة وجود مجسد، كائن حي موجود في بعض الأشخاص». ستسير فرجينيا نحو إبداعها دائما، خاصة اختيارها لموتها بطريقة منقطعة النظير. اختلافها الوحيد عن عظماء وقتها أنها كانت امرأة في وقت كانت العبقرية والإبداع والتعليم امتيازات رجولية. كتبت في «غرفة تخص المرء وحده»، وهي من مقالاتها التي تدافع بها عن حقوق المرأة الكاتبة.. «أغلق مكتبتك لو شئت، لكن لا يمكنك أن تضع بابا أو قفلا أو مزلاجا على عقلي الحر». صورة فوتوغرافية بكاميرا فينيسا أختها، تُظهر الأبوين جالسين يقرآن في منزل عطلتهما عام 1893 في سانت أيفز، خلفهما في الجهة اليمنى تظهر فرجينيا ذات الـ11 عاما تحدق بعينين دائرتين مستسلمتين، كأنها شبح تسترق النظر وذقنها مقعر بيدها. سوف تموت أمها بعد هذه الصورة بسنتين، هذا الفقدان المبكر أصابها بأول انهيار عصبي وهي بعمر الـ13، وستختبر انهيارا أكثر حدة بعد وفاة والدها عام 1904. بعد ذلك ستسكن العائلة منطقة بلومزبري، وستتكون الجماعة الأدبية التي تحمل ذات الاسم عام 1906. عُرض أيضا عدد من الرسائل العاطفية، مثل رسالة الكاتب الإنجليزي ليتون ستارَجي (Lytton Strachey) أحد مؤسسي جماعة بلومزبري لأخيه جيمس 1909.. «تقدمتُ لخطبة فيرجينيا، كما تتخيل كانت لحظة حرجة، خصوصا إدراكي أن الأمر مقزز بمجمله، فرجينيا كانت مذهلة بحدسها، ولحسن الحظ، رفضت طلبي»، كتب ستارجي بعد ذلك إلى صديقه ليونارد وولف: «أنت من يستحقها، تزوجها أنت». كان ستارجي مثليّ الجنس، رغم أنه ارتبط بالرسامة دورا كارنكتون (Dora Carrington). وكتبت فرجينيا عنهما في مذكراتها بعد وفاة ستارجي: «أعتقد أن تأثير ستارجي عليها سحبها لدوامة الجنون»، وصدقت نبوءة فرجينيا، فقد انتحرت كارنكتون بعد شهرين من وفاته. صورة فوتوغرافية لزواج فيرجينيا وليونارد 1912، وصورة أخرى للكاتبة الأرستقراطية فيتا ساكفل - ويست (Vita Sackville - West) تزين عنقها قلادة لؤلؤ وترتدي قبعة بنية وسيجارة بين أصبعيها، فيتا صديقة فرجينيا وعشيقتها فيما بعد، كتبت لها فرجينيا أثناء رحلتها إلى إيران عام 1926: «انظري فيتا، اتركي الرجل الذي معك وتعالي نذهب إلى هامبتون كورت، نتناول غداءنا معا على ضفة النهر، ونسير في الحديقة ليلا في ضوء القمر، ونعود إلى المنزل في وقت متأخر، نشرب النبيذ ونثمل وسوف أقول لك ملايين الأشياء في رأسي، لا أبوح بها في النهار، في الليل فقط وعلى ضفة النهر أبوح بها، فكري بهذا، أقول لك اتركي رجلك وتعالي». وجاء في رسالتها الأخيرة إلى أختها فينيسا: «أشعر أنني قد ذهبتُ بعيدا جدا هذه المرة ويصعب علي العودة»، ورغم أنها حاولت الانتحار قبل ذلك في شبابها، مما اضطرها للعيش في المصحات والتشبث بمخالب عقلها لتحقيق إبداع أدبي متميز، انتحرت فيرجينيا عام 1941 عن عمر 59 عاما، وكتبت فينيسا بعد انتحارها: «على الأقل يمكننا أن نشعر بالسعادة لأنها لم تمت من المحاولة الأولى، كانت مواهبها ستتبدد نهائيا». نقلا عن الشرق الأوسط
حياة محمد أركون بقلم إبنته " سيلفي"
صدر منذ أيام بفرنسا عن منشورات بيف  كتاب جديد حول المفكر الجزائري محمد أركون موسوم "حياة محمد أركون"  قامت بكتابته ابنته سيلفي أركون، في الذكرى الرابعة لوفاة المفكر المتخصص في دراسة الفكر الإسلامي. وقد قالت الكاتبة المولودة بباريس سنة 1963، بأن مؤلفها الجديد المتكون من 464 صفحة ، يعتبر سيرة لوالدها الذي أثيرت حوله العديد من التساؤلات،  كما اعتبرته تخليدا لذكرى معاركه الفكرية والحديث عنها بشكل أوسع، خاصة وأن والدها يعتبر من أهم المفكرين الإسلاميين في الوقت الحالي، حيث سعى لنقد التراث الإسلامي بشكل جدي وجرئ. وأرجعت سيلفي الكتابة عن والدها بمحاولة رصد  محطات مهمة في حياة  محمد أركون، الإنسان والأب، ومحمد أركون المفكر، حيث اعتبرت كل شخصية منهما نتاجا للأخرى. كما أن إبراز التاريخ الجزائري والفرنسي من خلال الحديث عن نشأة محمد أركون في البلدين، وكيف أثرت ظلال السياسة عليه …لقراءة المزيد
صدر منذ أيام بفرنسا عن منشورات بيف  كتاب جديد حول المفكر الجزائري محمد أركون موسوم "حياة محمد أركون"  قامت بكتابته ابنته سيلفي أركون، في الذكرى الرابعة لوفاة المفكر المتخصص في دراسة الفكر الإسلامي. وقد قالت الكاتبة المولودة بباريس سنة 1963، بأن مؤلفها الجديد المتكون من 464 صفحة ، يعتبر سيرة لوالدها الذي أثيرت حوله العديد من التساؤلات،  كما اعتبرته تخليدا لذكرى معاركه الفكرية والحديث عنها بشكل أوسع، خاصة وأن والدها يعتبر من أهم المفكرين الإسلاميين في الوقت الحالي، حيث سعى لنقد التراث الإسلامي بشكل جدي وجرئ. وأرجعت سيلفي الكتابة عن والدها بمحاولة رصد  محطات مهمة في حياة  محمد أركون، الإنسان والأب، ومحمد أركون المفكر، حيث اعتبرت كل شخصية منهما نتاجا للأخرى. كما أن إبراز التاريخ الجزائري والفرنسي من خلال الحديث عن نشأة محمد أركون في البلدين، وكيف أثرت ظلال السياسة عليه وما هي أهم آرائه التي تكشف لأول مرة من طرف مقربيه. الكاتبة قالت في تصريح صحفي، بأنها ركزت على إظهار نقاط القوة والضعف على حد سواء في شخصية والدها، حيث ترفض أن تكتب سيرة الأشخاص على سبيل التقديس والتبجيل، مضيفة بأن هذا الأمر بالذات هو الذي سعى إليه والدها في كتاباته النقدية والتي تكرس عملية إعادة بعث المفاهيم العامة، بدراستها  بعيدا عن الاعتبارات الذاتية. و أضافت سيلفي بأن سيرة والدها، أتت بعد بحث جاد استغرق سنوات جمعت فيها  كل المصادر والأخبار عنه، انطلاقا من طفولته التي قضاها بإحدى قرى الجزائر،  قائلة بأن العمل يسلط الضوء على المراحل المظلمة من حياة المفكر الإسلامي ،خاصة ما تعلق منها بحياته بالجزائر، وعلاقته بموطنه الأصلي. الكتاب حاز على اهتمام كبير  من الصحافة الفرنسية، إذ أنه من الكتب القليلة التي تناولت سيرة محمد أركون الذي يمثل عند الفرنسيين صورة الإسلام الليبرالي ،خاصة وأنه قدم إلى فرنسا سنة 1954 و تزامن  قدومه مع انطلاق الثورة التحريرية.    حمزة.د
نادين لبكي في فيلمين.. درس في التمثيل
نديم جرجوره تستكمل اللبنانية نادين لبكي اشتغالها الإخراجيّ بممارسة تمثيلية في أفلام يُخرجها آخرون. تمتلك قدرة أدائية تمنحها فرصاً عديدة لإثبات اتقانها الوقوف أمام الكاميرا فقط. لا تتردّد عن قبول ما تراه مناسباً لها في هذا الإطار، متنقلة من نوع إلى آخر كمن يبحث عن أدوات فنية لتمتين تلك المَلَكة التمثيلية فيها، من دون أن تكون هي أيضاً مخرجة أفلامها التي تؤدّي فيها أدواراً رئيسة. في أقلّ من عام واحد فقط، أطلّت في فيلمين سينمائيين مختلفين تماماً، شكلاً ومضموناً. أطلّت في نمطين غير متشابهين بتاتاً، كمحاولة إضافية لها في الانفلاش دولياً، خصوصاً أنها لا تزال تعمل حالياً على إنهاء «أعجوبة»، فيلمها القصير كمخرجة وممثلة (إلى جانب الأميركي هارفي كياتل) في آن واحد، الذي يُشكّل أحد الأفلام العشرة القصيرة ضمن مشروع «ريّو، أحبّك»، كتحية حبّ إلى المدينة البرازيلية ريّو دي جينيرو …لقراءة المزيد
نديم جرجوره تستكمل اللبنانية نادين لبكي اشتغالها الإخراجيّ بممارسة تمثيلية في أفلام يُخرجها آخرون. تمتلك قدرة أدائية تمنحها فرصاً عديدة لإثبات اتقانها الوقوف أمام الكاميرا فقط. لا تتردّد عن قبول ما تراه مناسباً لها في هذا الإطار، متنقلة من نوع إلى آخر كمن يبحث عن أدوات فنية لتمتين تلك المَلَكة التمثيلية فيها، من دون أن تكون هي أيضاً مخرجة أفلامها التي تؤدّي فيها أدواراً رئيسة. في أقلّ من عام واحد فقط، أطلّت في فيلمين سينمائيين مختلفين تماماً، شكلاً ومضموناً. أطلّت في نمطين غير متشابهين بتاتاً، كمحاولة إضافية لها في الانفلاش دولياً، خصوصاً أنها لا تزال تعمل حالياً على إنهاء «أعجوبة»، فيلمها القصير كمخرجة وممثلة (إلى جانب الأميركي هارفي كياتل) في آن واحد، الذي يُشكّل أحد الأفلام العشرة القصيرة ضمن مشروع «ريّو، أحبّك»، كتحية حبّ إلى المدينة البرازيلية ريّو دي جينيرو («السفير»، 30 كانون الأول 2013). التمثيل حاجة ذاتية خاصّة بها. سابقاً، أدّت أدواراً مختلفة هنا وهناك. افتتاح برنامج «ليال عربية» في الدورة الـ10 (6 ـ 14 كانون الأول 2013) لـ«مهرجان دبي السينمائي الدولي»، كان معقوداً على «روك القصبة» (2013) للمغربية ليلى مراكشي. في 5 شباط 2014، بدأت العروض التجارية الفرنسية لـ«ميا كولبا» (Mea Culpa ـ 2014) للفرنسي فرد كافاييه (في أسبوعيه الأولين، شاهده 365831 مُشاهداً). الفيلم المغربي مُسطّح وبليد. يريد قراءة تفكّك عائلي إثر رحيل كبير العائلة (عمر الشريف)، لكنه يسقط في خطابية جوفاء، وبهتان بصريّ. نادين لبكي ممثلة بارعة في امتلاك تقنيات الانهيار الداخلي العميق والمؤلم لإحدى بنات الراحل، المتقوقعة داخل جدران من الأكاذيب والخدع، كأفراد عديدين في عائلتها الكبيرة تلك. الفيلم الفرنسي منتم إلى تقنية الأكشن والمطاردة والحركة، بأسلوب مخرج سينمائي اعتبره البعض «أفضل مُنفِّذ أفلام حركة فرنسي» (كزافييه لو إيربور، المجلة السينمائية الشهرية «استديو سيني لايف»، شباط 2014)، علماً أنه «المُستَحِقّ الوحيد» للقب «اختصاصيّ سينما التشويق» (جيرار دُلورم، المجلة السينمائية الشهرية «بروميير»، شباط 2014). بإدارة كافاييه، أدّت نادين لبكي دور آليس، المرأة الواقعة بين كفّي كماشة: هي أم تيو (ماكس بيسيت دو مالغلاف)، الذي عانى غياب الأب سيمون (فانسان ليندون) إثر تعرّض الأخير لحادث سير مروّع بسبب السُكر، ما أفقده وظيفته كتحرّ. وهي زوجة رجل وقع أسير لحظة غير منتظرة، ما دفعها إلى مواجهة تحدّيات شتّى، ازدادت حدّتها مع تحوّل تيو إلى «شاهد حيّ» على جريمة قتل. اللعبة التي تمارسها لبكي كامنةٌ في عيش تجربة آليس بشقّيها: الأم الساعية إلى إنقاذ ابنها من خطر الموت، والزوجة/ المرأة الباحثة عن منفذ لخلاصها من خيبات ومآزق. الحركة والتشويق المحكمان بقوّة لم يشفعا بالفيلم، لأن كافاييه، «بظنّه أن الشكل قادرٌ لوحده على جعل المُشاهد ينسى كل شيء آخر». يبدو مخطئاً تماماً: «فيلم النوع يفرض، في لحظة ما، اختلاقاً دراميّاً للّحظات كلّها» (ايريك ليبيو، المجلة الأسبوعية «الإكسبرس»، 5 شباط 2014). من مآسي الافتراء الذي غلّف يوميات مديدة داخل قصر فخم، لإخفاء عوالم تفلّتت من عقالها إثر موت الكبير (روك القصبة)، إلى إحساس بخطر داهم «قد» يسلبها وحيدها في أية لحظة (Mea Culpa)، تستمرّ نادين لبكي في اختبار قدراتها التمثيلية وفق أنماط واجتهادات سينمائية عديدة، بانتظار جديدها القصير الذي يُتوقّع عرضه في الدورة الـ67 (14 ـ 24 أيار 2014) لمهرجان «كانّ» السينمائي. بهذا، تكسر لبكي دائرتها المحلية، وتذهب في اتّجاهات سينمائية عربية ودولية يُفترض بها أن تزيد من نُضجها السينمائي أكثر فأكثر على مستوى اشتغالاتها الفنية المقبلة. نقلا عن جريدة السفير اللبنانية
نور الدين تبرحة، الفنان التشكيلي الجزائري : أنا لست متمردا لكني مدافع عن الهوية
الفنان الجزائري نورالدين تبرحة، فنان الجذور والمعاصرة، في أعماله يتجاور القديم والحديث ولا يمكن لك الفصل بينهما. تشكل أعماله تجربة فريدة في الفن الجزائري المعاصر.. عمق الرؤية الفنية هي هاجس لا يفارقه، يجعل من سند اللوحة فنا في حد ذاته ومكونا أساسيا من مكونات اللوحة.. هذا السند الذي استمده من عالمه الطفولي حين كان اللوح الخشبي سندا للحرف والعلم والدين، ورمزا للفن أيضا حين كانت الكتابة فنا في حد ذاته.. فيه تعلّمنا أشياء كثيرة وكان الطفل الصغير يتعلّم كيف يعد يوما لوحة هكذا يصف النحات الجزائري محمد بوكرش صديقه نور الدين تبرحة في حوار سابق . لا تصنّف نفسك ضمن مدرسة معينة لكن بدايتك كانت من مدرسة الأوشام، هل لنا أن نعرف هذه المدرسة؟ ثقافة التصنيف لا تعنيني كثيرا بقدر ما تعنيني قناعتي الفنية فالأحكام عادة ما تكون بدون مرجعية وبدون معرفة مسبقة لتصوراتي الإبداعية، لهذا كثيرا ما أتجاوز ما يقال عن …لقراءة المزيد
الفنان الجزائري نورالدين تبرحة، فنان الجذور والمعاصرة، في أعماله يتجاور القديم والحديث ولا يمكن لك الفصل بينهما. تشكل أعماله تجربة فريدة في الفن الجزائري المعاصر.. عمق الرؤية الفنية هي هاجس لا يفارقه، يجعل من سند اللوحة فنا في حد ذاته ومكونا أساسيا من مكونات اللوحة.. هذا السند الذي استمده من عالمه الطفولي حين كان اللوح الخشبي سندا للحرف والعلم والدين، ورمزا للفن أيضا حين كانت الكتابة فنا في حد ذاته.. فيه تعلّمنا أشياء كثيرة وكان الطفل الصغير يتعلّم كيف يعد يوما لوحة هكذا يصف النحات الجزائري محمد بوكرش صديقه نور الدين تبرحة في حوار سابق . لا تصنّف نفسك ضمن مدرسة معينة لكن بدايتك كانت من مدرسة الأوشام، هل لنا أن نعرف هذه المدرسة؟ ثقافة التصنيف لا تعنيني كثيرا بقدر ما تعنيني قناعتي الفنية فالأحكام عادة ما تكون بدون مرجعية وبدون معرفة مسبقة لتصوراتي الإبداعية، لهذا كثيرا ما أتجاوز ما يقال عن أعمالي. فالإبداع يتفوّق عن الانتماء لمدرسة أو أسلوب أو طراز. هاجسي الأوحد هو أن ألبي رغباتي بتعبير وصدق بشكل جميل  وممتع. لكن لوحاتك تصنّفك ضمن المدرسة الرمزية ؟ الأوشام ليست مدرسة بل هي مجموعة فنية أعطت حقنة تشكيلية للفن الجزائري والمغاربي واستثمارا في التراث الشعبي فلكل فنان رؤية وتعامله مع المرجعية البصرية. أنا مدمن هوية بكل عناصرها والتفعيل التشكيلي مهم جدا في طقوسي. إنه لمن المحرج أن تصدر أحكاما نقدية دون تحليل وقراءة نقدية جادة عن طبيعة أعمال المبدعين.   وماذا عن هذه الرموز وعمقها التاريخي البادية على لوحاتك، هل من أبحاث تاريخية قبل ذلك وكيف تنتقي هذه الرموز ؟ الشكل، الرمز واللون هي عناصر أساسية في تشكيل أعمالي ومعالجتي والتعاطي معهم له ما يبرّره جماليا وتعبيريا فالفن متفتح على كل اللغات الجمالية، وأنا أحاول جادا أن أكون عاكسا لروحانية تنمو يوما بعد يوم في كياني. إني أحس باستمرارية حياة أجدادي من خلال لغة تشكيلية معاصرة تخاطبك بجمالية آنية وتفعل كيانك وتوقظ كل خلاياك الخامدة.   الألوان الترابية من مميزات لوحاتك، هل الأرض رمز الأصالة التي تسكنك؟ كل الألوان جميلة لا أستثني منها فقط الحاجة الملحة هي التي تفرض نفسها، طفولتي كانت موزاييك حقيقية، وكنت مولعا وعاشقا للون، أما اليوم فالنضج والتجريب رسم معالم أخرى لأعمالي لكن أمي وطني، أمي بوشمها دوما حاضرة.   في مدينة محافظة كسيدي عقبة، كيف هي نظرة المجتمع لك كفنان متمرد؟أنا لست متمردا لكني مدافع عن هوية عن وجود وعن إثبات للذات. قد أختلف مع الكل ولكن أنا مواطن رغم كل شيء. فالمسؤولية تحتم علي أن أعكس المواطنة بأبعادها وأن أعيش في صف الكادحين.   أحسن لوحة بالنسبة إليك ولوحة رسمتها ولم تعجبك؟أنا لا أختبر مشاعري وأحاسيسي بأحكام بتفضيل ما تقديم الأخير وتأخير الثاني، أعمالي هي مد وجزر وكل العملية هي نحت في صخور كياني. كل ما أبدعه هو زفير وشهيق لأنفاسي.   عرضت لوحاتك بالمركز الثقافي الفرنسي، كيف كانت التجربة وإقبال الجمهور الذي قد يكون مختلفا؟المركز الثقافي الفرنسي بقسنطينة استضافني وهو مشكور على ذلك وهذا جميل، حيث تكون الفضاءات في خدمة الإبداع. قسنطينة مدينة الثقافة والذوق الرفيع رغم ما يحصل من تزييف لمظاهر الحضارة هي “سيرتا” التي أحبها فأسميت ابنتي البكر باسمها لقد استضافتني من قبل هذا التاريخ شكرا لأهلها لاحتضان أعمالي. أما شيء آخر أنا من صنف لا تسرقه الأضواء من نفسه ولا يتسرب إلى وجداني القحط والجفاف بعزوف الآخر لكن علينا أن نستخلص الجميل من كل حركة ومن كل همسة في حياتنا ونحولها إلى مشعل يقودنا حيث الإبداع والإنسانية بعيدين كل البعد عن الآفاق الشاذة والبليدة.   في أحد الحوارات كنت قد قلت بأن العصاميين أكثر صدقا من الأكاديميين، هل هذا الأخير يكذب أحيانا؟لم تفهم ما قلته فالإبداع لا جنس ولا لون له. فقد يقال لك أنت فنان لكن ما يعاب هو أن الألقاب توزّع بالمجان وهذا ما يخل بمنظومتنا اللغوية ويشوّش مفاهيمها فالمبدع مبدع كان أكاديميا أو عصاميا. أعتقد لا مجال ولا مبرر الآن لكل واحد يتهرّب من مجال النشأة والتكوين الفني فقط يجب إذابة العقد فالقيم الفنية هي السيد، فلا مزايدة. والتقنيات والمهارات هي وسائل إن لم تحسن استعمالها كانت لك منغصا فتحولك لحرفي تافه. كيف ترى واقع الفن التشكيلي في الجزائر والمغرب العربي؟في الجزائر نعيش دوما ثقافة بعث الموتى وعبادة القبور أما الحي فرزقه عند الله، ما يحصل عندنا هو هروب من الواقع نحو مجهول وبأساليب بدائية وبسرعة السلحفاة. دعني أقول بصراحة أنا فنان أمازيغي لا حلم لي إلا بالبربرية فلا يمكنني إلا أن أكون كذلك.   كلمة أخيرة..الفن ينمو بسرعة فائقة ومعدل سرعته كثيرا ما تتفوّق علينا في بلد يمتلك الطاقات. أعتقد أن الاستثمار في الكائن البشري والثقافي معطل وكل الماكينات صدئة. متى سنتغيّر تلقائيا قبل أن نزول ونتلاشى.  أجرى الحوار: قتالة جمال نقلا عن جريدتي
الكاتب الأميريكي بول أوستر : كل شيئ يبدأ من الجسد
حاوره فرانسوا بيزنال، ترجمة: سليم بوفنداسة يكشف الروائي الأمريكي بول أوستر في هذا الحوار عن جوانب مهمة من حياته وعن أسراره في الكتابة و في الحياة ، وقد أجرى الحوار الصحفي والكاتب الفرنسي فرانسوا بيزنال بمناسبة صدور الطبعة الفرنسية لروايته الأخيرة واقعة الشتاء أو حكاية الشتاء  إذا جارينا  الترجمة الفرنسية لرواية  winter journal و التي جاءت ِ  Chronique d’hiver و الدافع إلى ترجمة هذا الحوار وتقديمه هنا، ليس المكانة التي يحتلها بول أوستر كواحد من خيرة كتاب الرواية في عصرنا الحديث فحسب ولكن "للدروس" التي يقدمها بعفويته وبساطته الخادعة. واقعة الشتاء كتاب مدهش. هل هو سيرة ذاتية؟ لا, ليس تماما.ليس سيرة وليس مذكرات. ولا هو بحكاية, إنه مؤلف أدبي. مركب من شظايا سيرة ذاتية، ذو بنية  موسيقية. الكتاب ينتقل من سنة إلى أخرى. هنا كنت في الرابعة أو الخامسة وفي الفقرة …لقراءة المزيد
حاوره فرانسوا بيزنال، ترجمة: سليم بوفنداسة يكشف الروائي الأمريكي بول أوستر في هذا الحوار عن جوانب مهمة من حياته وعن أسراره في الكتابة و في الحياة ، وقد أجرى الحوار الصحفي والكاتب الفرنسي فرانسوا بيزنال بمناسبة صدور الطبعة الفرنسية لروايته الأخيرة واقعة الشتاء أو حكاية الشتاء  إذا جارينا  الترجمة الفرنسية لرواية  winter journal و التي جاءت ِ  Chronique d’hiver و الدافع إلى ترجمة هذا الحوار وتقديمه هنا، ليس المكانة التي يحتلها بول أوستر كواحد من خيرة كتاب الرواية في عصرنا الحديث فحسب ولكن "للدروس" التي يقدمها بعفويته وبساطته الخادعة. واقعة الشتاء كتاب مدهش. هل هو سيرة ذاتية؟ لا, ليس تماما.ليس سيرة وليس مذكرات. ولا هو بحكاية, إنه مؤلف أدبي. مركب من شظايا سيرة ذاتية، ذو بنية  موسيقية. الكتاب ينتقل من سنة إلى أخرى. هنا كنت في الرابعة أو الخامسة وفي الفقرة الموالية أكون في الستين... كيف ولد هذا النص؟ أجد صعوبة في التذكر. الفكرة كانت تسكنني منذ وقت طويل. أردت كتابة شيء عن جسدي. هذا الكتاب انكتب في فترة قصيرة جدا، بضعة أشهر فقط. وهذا أمر غير مألوف بالنسبة لك؟ أوه نعم، أنا بطيء جدا في الحالة العادية، لكن هنا، الكتاب كان جاهزا في رأسي. إنه أمر غريب جدا. ليست المرة الأولى التي تتناول فيها مقاطع من حياتك: اختراع العزلة، في 1979، كتابك الأول، ثم الكراس الأحمر والشيطان من مؤخرته؟ هذه الكتب الثلاثة  مؤلفات أوتوبيوغرافية  صريحة، حتى وإن كانت طريقة تناول الأشياء ليست بالتقليدية. واقعة شتوية هو الجزء الرابع في تقدم الأشياء الشخصية هذا، منذ اثنتي عشر سنة كتبت العديد من الروايات في فترات زمنية قصيرة. اعتقد أنني كنت أريد التنفس قليلا و رؤية الأشياء بشكل مغاير و كذا إيجاد طاقة وأفكار جديدة. اخترت ضمير المخاطب،"أنت" لماذا تخاطب نفسك؟ بدأت غريزيا الكتابة بضمير المخاطب ، لم أفكر، بدأت هكذا. بعد ثلاثين صفحة، توقفت وطرحت السؤال الذي طرحته : لماذا تنجز هذا الكتاب على هذا النحو؟ تقليديا، كتاب كهذا يكتب بضمير المتكلم، لكني أجد ال "أنا" اقصائية جدا، بكل تأكيد فإن الأمر يتعلق بقصة حياتي، لكن كانت لدي فكرة عما يجب أن يكون عليه هذا الكتاب، كان بامكاني استعمال ضمير الغائب "هو"، الذي استعملته في القسم الثاني من "اختراع العزلة" ، كتبت عن نفسي لكني كنت أسميني "ألف" بدل أنا , "ألف" لأوستر, إذا لماذا هذه المخاطبة، في واقعة الشتاء هاته؟ بدون شك  لأنني أردت أن يكون هذا الكتاب طريقة في التقاسم مع القارئ, يجب القول أنني لا أهتم بنفسي:ذلك ليس الموضوع الذي يفتنني، بعيدا عن هذا. ولكنني اعرف جيدا قصتي، على الأقل الأشياء التي أستطيع تذكرها، ما كنت أريده هو كتابة  عما هو إنساني، عن الاحساس بالعيش. لهذا أروي حوادث، جراحات، اكتشاف حياتي الجنسية، ما أتمناه هو أن ما أرويه يستطيع  إثارة أفكار شخصية لدى القارئ  وتنبثق عنها ذكريات ذاتية. ضمير  المخاطب "أنت"  يورط القارئ بشكل قوي  ويمكنه من إعادة التفكير في حياته الخاصة. الموضوع الكبير لهذا الكتاب ، هو أيضا الجسد: الطريقة التي  من خلال تأثراتنا تتحقق بها أفكارنا، وتجارب حبنا  في الواقع . لماذا يحتل الجسد مكانة بهذه الأهمية؟ أشعر أن حياتنا تمتلك قبل كل شيء أجسادا. طبعا نحن نفكر، بيد أن أفكارنا لا تأتي من العدم ، إنها تنمو من " أنا فيزيقي"، من أجسادنا، لم أقرأ أبدا كتبا كهذا، ولا أعرف على كل حال إن كان هذا يجعل الكتاب جيدا أو سيئا ، ولكنها طريقة مختلفة في تقدير الأشياء, أرى الحياة هكذا: دخلنا في الجسد، كل شيء يبدأ من أجسادنا وكل شيء ينتهي حين تموت أجسادنا. نحن أجسادنا. هل تختصر حياتنا في حكاية أجسادنا؟ في نهاية حياتنا، نعم, ينهي الواحد منا حياته دون قدرة على التفكير أو الكلام. نحن ببساطة لحم وعظم. خذ حالة المرض: حين نكون بعافية و في صحة جيدة ، لا نفكر في الجسد، لكن بمجرد ما نسقط  مرضى ، تصبح كل حياتنا تدور حول مشاكل الجسد. هناك، أيضا، المتع الجسدية... أيضا. أرأيت، كل شيء يبدأ مع الجسد، لوقت طويل كنت أعتقد أن الجنس هو أكبر متعة وجدت للجسد. تحاول فك معضلة الانجذاب العاطفي. من يقرّر: الجسد  أم الروح؟ آه ! الاثنان... الانجذاب نحو شخص آخر، أمر عصي جدا على الشرح، لا يفهمه أحد حقا، لكن ترى شخصا، امرأة تبدو جميلة في عينيك ، و مباشرة هناك انجذاب . أو ربما كانت طريقة هذا الشخص في السير في رفع الكتفين، في تقطيب الحاجبين ...كل هذه الحركات الصغيرة  يمكن أن تكون فاتنة ومثيرة . جمال؟ لا، الجمال ربما لا يؤخذ في الحسبان. كل يوم ، نرى جمالا كبيرا ولا تكون لنا انجذابات جنسية نحو هذا الجمال . اعتقد أن كل شيء يبدأ من النظر. إذن عبر الجسد، إنه شيء فيزيقي في البدء. لكن النظرة ، هي الروح التي تخرج من الجسد عبر العينين، إذا ما أردنا الحسم ، علينا أن نتذكر فقط أن العينين جزء من... الجسد. تكتب:" إحدى اللحظات الخارقة والأكثر سعادة في حياتي، كانت ذلك اليوم، في باريس، طالب شاب معدم، تجد نفسك بين ذراعي عاهرة وهي تقرأ لك أشعار بودلير" لماذا هذا؟ تلك الشابة الرائعة، عارية على السرير، كم كانت جميلة ، وفجأة  شرعت في القاء قصيدة لبودلير، بكثير من الاحساس، بروعة. إنها بحق واحدة من أحسن لحظات حياتي ! ولكنني لا أخترع شيئا. لماذا أخترع شيئا كهذا؟ سيكون ذلك سخيفا. عقبة كاتب،  حين يشرع في كتابة كتاب كهذا، ويكون في نفس الوقت نزيها قدر المستطاع، هي  استرجاع الذكريات واضحة قدر الامكان،  وحين لا يتذكر يقول ذلك بوضوح. قلت عدة مرات في الكتاب : لم أستطع التذكر. يقترح الجسد متعا، لكنه يقترح أيضا آلاما. كما هو الشأن لحالة الهلع التي ألمت بك في 2002, هل كانت هذه الأزمة عرضا لشيء ما؟ كانت  تجلّ. لم أكن أعلم أن الجسد يستطيع يفعل بك كل هذا. كنت متفاجئا بشكل كلي. حدث الأمر في وقت صعب للغاية، مع وفاة أمي، فجأة، وهي التي لم تكن تعاني من أي مرض.  ولم تكن زوجتي سيري معي: ذهبت إلى بيت أبويها في مينيسوتا، على بعد آلاف الكليومترات، لتحضير عيد ميلاد أبيها الرابع والثمانين. كنت وحيدا في نيويورك، حين تلقيت مكالمة من السيدة التي تتكفل بشقة أمي مرة في الأسبوع: دخلت بمفتاحها ووجدت أمي على السرير. وحين وصلت مسرعا وجدتها ميتة على سريرها. كانت لحظة صعبة للغاية، وأنا أنظر إلى أمي  كان أول ما تبادر إلى ذهني أن حياتي بدأت داخل هذا الجسد الممدد هناك، بدون حياة، وأنه لا يوجد رابط أقوى من الذي يربط طفل بأمه. وبعدها تكفلت بكل ما يجب القيام به حين يموت أحد، مهام عملية، قريبة جاءت لإعانتي في كل ذلك، قضيت الليل عندها في نيوجرسي، ولأنني لم أستطع النوم، شرعت في شرب الويسكي، كأس، إثنين، ثم  استمر الأمر كذلك حتى الثالثة أو الرابعة صباحا، أي بعد أن أصبحت الزجاجة فارغة. في اليوم الموالي كانت هناك مهام إدارية باقية ينبغي القيام بها، الذهاب إلى مصلحة حفظ الجثث، تحديد مكان الدفن... إلخ  لأن أمي لم تترك وصية. ثم عدت إلى بيتي في بروكلين وبقيت واقفا من جديد  في الليلة التالية، فاتحا زجاجة سكوتش، في النهاية وجدت نفسي في السرير منهكا وثملا، لكن في حدود الخامسة صباحا ، و بعد ساعتين من غرقي في النوم. استيقظت على رنين الهاتف, كانت العصافير بدأت تغني قلت في نفسي:"عليك أن تنام عشرة أو اثنتي عشر ساعة وإلا فإنك ستدمر تماما"، ، لكن وبطريقة غبية، رفعت الهاتف، كانت ابنة عم أخرى كانت لي معها  مشاكل زائدة عن المعتاد في الماضي، خصوصا حين نشرت ذلك الكتاب عن أبي، اختراع العزلة. سمعتها تتحدث ، ثم بدأت تقول أشياء جد قاسية عن أمي، وسيئة جدا.تملكني غضب شديد، انتبهت بعد انتهاء الحديث، أن كلامها أدخلني في حالة لن أستطيع بعدها العودة إلى النوم. ما العمل؟ أعددت قهوة مضبوطة جدا، ثم الثانية. فالثالثة، مع القهوة الرابعة والمعدة خاوية، بدأ جسدي يصدر رد فعل غير معهود، سمعت صخبا غريبا في رأسي، تسارع نبض قلبي، وفجأة لم أعد أستطيع التنفس، هنا خفت خوفا شديدا, أردت الوقوف لكنني سقطت أرضا, وأحسست أن الدم توقف عن التدفق في عروقي، بدا لي وكأن يدي ورجلي صاروا من الاسمنت المسلح. فكرت في أن الموت قد أتى وأنه يتصاعد في جسدي. ثم كان الذعر. الذعر المطلق. هذه هي أزمة الهلع. هذه كانت حقا معقدة. عند موت والدك، كتبت تقريبا على الفور "اختراع العزلة"، لماذا عشر سنوات بين وفاة أمك  وكتابة هذا الكتاب، واقعة الشتاء، الذي خصص لها بشكل واسع؟ نعم، بعد أسبوعين من رحيل أبي، بدأت ما سيصير "اختراع العزلة" في حين لم أكن بعد أسبوعين من وفاة أمي والأزمة التي تعرضت لها أعلم أنني سأكتب هذا، عن أمي، يجب القول أن علاقاتي مع أبي كانت على الدوام معقدة، مضطربة، مع أمي لم يكن الأمر معقدا. كانت تحبني جدا وأحبها جدا. لم تكن بيننا مشاكل، لم يكن الأمر حملا ثقيلا علي. إذن، نعم، احتجت إلى تسع سنوات لأشعر بالرغبة في الكتابة عنها. لكن موت أمي هو جزء من الكتاب وليس موضوعه. قلت بأنك لا تبكي عند فقدان قريب، ولكنك تعترف بأن عينيك تدمعان عند قراءة بعض الكتب أو مشاهدة بعض الأفلام. كيف تشرح هذا؟ يصعب علي جدا فهم هذا. عانيت من الحداد، دائما، كما الجميع. لكن في كل مرة يبلغني نبأ وفاة أحدهم أتصلب، أتخشب ، إنه نوع من الدفاع على ما أعتقد. هناك شيء بداخلي صار فارغا. أفضل البكاء. هل الكتابة نتيجة لعدم البكاء؟ لا... لأنه عندما لا نبكي نصاب بالهلع. لماذا  تكتب أنت؟ هل تعرف  هذا الكاتب الامريكي المختص في الرياضة, راد سميث؟ قال:"الكتابة أمر بسيط: تفتح شرايينك وتوقع" الفنانون هم أناس لا يكفيهم العالم. أناس مجروحون، وإلا لم نغلق على أنفسنا في غرف  لنكتب ؟ نحاول استعمال جراحنا لنعيد بعض الأشياء لهذا العالم الذي صدمنا. هل يضمد الزمن الجراح؟ أحيانا نعم، أحيانا لا. والكتابة، هل تضمد الجراح؟ اعتقدت ذلك لوقت طويل. وأعرف الآن أن الأمر ليس كذلك. كتبت كتابي الأول "اختراع العزلة"، معتقدا أنه سيشفيني. خلال كتابته شعرت بأن شيئا مؤلما يتجسد، لكن حين أنهيت الكتاب، لم يكن الأمر مختلفا، لم يتغير شيء. هل تستطيع أن تقول ما هي  الأسباب التي تدفعك للكتابة؟ كلا. أعرف أني بدأت قراءة الكتب بجدية في سن مبكرة، كما أنني بدأت الكتابة في سن مبكرة أيضا. كنت في التاسعة حين بدأت كتابة أشعار وقصص بشكل فظيع. سيئة بشكل كبير و بحماقة محرجة كثيرا حتى للوقت الراهن. لكن كان هناك شيء أستعذبه في فعل الكتابة، وهو الاحساس بالقلم على الورق. الاحساس بالكتابة. ذلك يشعرني أكثر بالارتباط بالعالم، وفي هذه الصلة مع العالم أحس بأني أفضل. في الثانية عشر كتبت ما أسميته "روايتي الأولى" كانت ربما مؤلفة من حوالي ثلاثين صفحة. سلمتها لأستاذي وأحبها وأقترح علي أن أقرأ كل يوم جزء صغيرا منها في القسم كانت تلك تجربتي الأولى ككاتب ، وفي القراءة . لكن إذا كان  بقية التلاميذ أحبوا ما كتبت، فإن ذلك كان بسبب  أنه في الوقت الذي كنت أقرأ عليهم مؤلفي، لم يكن لديهم ما يفعلونه ! وما مصير هذه "الرواية الأولى"؟ ضاعت ! لحسن الحظ. لكني أذكر أني كتبتها بحبر أخضر. كيف تكتب؟ بطرق مختلفة. بعض الروايات أخذت مني عشر سنوات في التفكير قبل أن أستطيع بداية كتابة جملة. وبعضها أتت في بضعة أشهر. كل مشروع يختلف عن الآخر. ليس لدي طريقة. في كل مرة أنهي فيها كتابا ، أصير مفرغا  واعتقد أني انتهيت واني لن أكتب أبدا. ثم شيئا فشيئا، يحدث شيء ما وأرغب في الكتابة مجددا. ما هو هذا الشيء الذي يحدث؟ موسيقى الكتاب. أسمعها في رأسي إنها نغمة. وعندي، فإن هذه النغمة هي التي تخلق الشخوص. ثم تخلق الشخصيات الوضعيات. الأصل في كتاب هو في موسيقى الكلام. الآن حتى بعد ان تركت عشرين كتابا خلفي، يراودني دائما شعور بأني مبتدئ، هاو، حين أشرع في كتابة كتاب وكأنني لم أتعلم شيئا طيلة هذه السنوات. بدون شك لأن هذا الكتاب الجديد مختلف جدا عن سابقيه ولأنني لم أكتب هذا الكتاب من قبل، علي أن أتكوّن وأنا أكوّنه. الكتابة، بالنسبة لي، مرتبطة جدا بالموسيقى. وبالمشي. بريتم الجسد. إذن هذا هو. الموسيقى: إيقاع الجسد. أجد في فعل المشي إيقاعات تساعدني على تكوين جمل وفقرات. أسمع بدء هذا اللحن، هذا الايقاع، سمه كما تشاء، في الجسد، ثم يتحول ذلك إلى كلمات ما إن أمسك قلما. أردد دائما هذه الجملة الرائعة لأوسيب ماندلستام: " أتساءل كم زوجا من الأحذية استهلك دانتي وهو يكتب الكوميديا الإلهية". فقد أحس ماندلستام بإيقاع المشي في كتابة و شعر دانتي. من جهة أخرى  حين نتحدث عن "نظم الشعر" نتحدث عن القدمين، أليس كذلك؟ وأنت، كم زوجا من الأحذية استعملت، منذ بدأت الكتابة؟ الآلاف ! هل لديك ربة إبداع؟ ربة؟ ربما...إذا كانت لدي ربة، فهي سيري، زوجتي. سيري هي مركز حياتي. هي التي أنقذت حياتي. أنقذت حياتك أليس في ذلك، بعض المبالغة ؟ نعم، لقد أنقذت حياتي. حين التقيتها، بكل تأكيد سيري غيرت الطريقة التي أنظر بها إلى العالم. كنت وحيدا، مطلقا، حزينا، بدون أمل كبير. بدون هذا اللقاء صدفة، في نيويورك، بدونها، لكانت الثلاثين سنة الأخيرة مختلفة بشكل كلي. كنت غبيا مع النساء. لا أدري ما  الذي أفعله، أتخذ  قرارات حمقاء، كل الوقت. الآن سيري هي قارئتي الأولى.  هل  تؤمن بالإلهام؟ لا، بل أؤمن باللاشعور. الذي هو مرشدي. لكن لتجد شيئا فيك، في اللاوعي، لا بد من حالة معينة: منفتحا  و بدون أحكام مسبقة. وترك الأشياء تتدفق. حين نكتب يجب أن نترك الأشياء تظهر و ألا  نراقبها على الاطلاق: لا يجب ولا يحق لنا مراقبتها. ثم يجب معرفة التوقف ، أقصد أنه حين أشتغل على كتاب وانهي يومي من الكتابة، أعمل كل ما في وسعي حتى لا أفكر فيه بقية اليوم. حين نشتغل كثيرا نبدأ في الجفاف. إذن أعود إلى البيت – لا أشتغل أبدا في بيتي ولكن في أستوديو على بعد دقائق مشيا- أغلق الباب علي  وأحاول نسيان كل ما كتبت. أعود إلى الحياة الحقيقية ماذا نعد لعشائنا أنا وسيري؟ هل نشاهد فيلما، أو نخرج، أو نذهب لرؤية أصدقاء، أو نتسوق، أو أي شيء آخر؟ دائما أغادر الاستوديو حيث أكتب طيلة اليوم، بمشكلة لم أنجح في تسويتها. أعود إلى البيت. أمارس الحياة، أنام واستيقظ في الصباح، أسير حتى الأستوديو، وهنا أعرف كيف أسوي المشكلة السالفة. حصل الأمر أثناء النوم. عوض إرغام الأشياء، نتركها تأتي، بهذا أؤمن، في الكتابة. حين أكتب كتابا لا أستطيع أن أقول لك ما هي الوضعية الجسدية التي أصير عليها، كما لو أن الجسد كله يصير جرحا مفتوحا...نصير منفتحين على كل ما يحدث، في الشارع، في السماء، في كل مكان في المحيط. و نضع كل هذا في الكتاب الجاري انجازه. الكتاب، هو أيضا نوع من الارتجال. غريب جدا، أليس كذلك؟ ما الذي تغير مع الزمن والخبرة؟ شيء واحد تغير. حين نكتب كتابا. نتوقف أحيانا ولا ندري كيف تكون الجملة المقبلة. لا تكون مناسبة. لا ندري أي فكرة ستأتي. لا ندري أين نتجه...أحيانا، أضيع. اتوقف حينها عن العمل. يوما. أسبوعا. شهرا، إن اقتضى الأمر ذلك. لأعرف كيف تكون المرحلة اللاحقة. فتسير الأمور لقد تم تجاوز العقبة.  هذا جديد. في السابق حين كنت كاتبا شابا، عندما أتعرض للحظات الانحباس هاته أقول: " آه قضي أمري !  لن يتم. ولن استطيع أبدا إنهاء هذا الكتاب..." وأبقى متوقفا. الآن وفي سني المتقدم أقول التالي: إذا كان لا بد أن يكتب الكتاب، إذا كان سيكتب حقا، إذن سأجد وسيلة لتسوية المشكلة. وفي انتظار ذلك، أتوقف. ليس لديك إذن مخطوطات مهملة؟ أوه.. بلى. لدي مشاريع مهملة. مرتين أو ثلاثة، بدأت كتابة روايات ولم أكن مرتاحا لما كتبت. نحو مئة صفحة أحيانا. لكني كنت أعرف من البداية أني ذهبت في الاتجاه السيء وألا أمل في إنقاذ القضية. هل كانت بعض الروايات أصعب في الكتابة، تركت آثارا أعمق من الأخرى؟ إنه سؤال جيد. حين كنت شابا أي بين التاسعة عشر والثانية والعشرين، حاولت كتابة روايتين أو ثلاثة ولم تكن لدي القدرة في ذلك الوقت على كتابة أشياء طموحة جدا كما أريد أن أفعل. أعتقد أن لدي تقريبا ألف صفحة من سرد روايات غير مكتملة. وهذه الروايات غير المكتملة هي  أصل الروايات التي كتبتها بعد خمسة عشر سنة: "مون بالاس"، "رحلة أنا بلوم" و"مدينة الزجاج". هذه الكتب الثلاثة صممت حين كنت شابا، ولم أكن قادرا على كتابتها. لكن أعتقد أن وقت الإحباط ذاك لم يذهب هدرا. كان تدريبا جرى في صمت ولم يرني أحد وأنا أقوم به. ما هي المكانة التي تحتلها السينما في حياتك؟ أحببت السينما دائما. حين كنت في العشرين، في الوقت الذي جئت فيها لفرنسا من أجل الدراسة. كنت أريد أن أصير مخرجا.  كتبت وقتها قصائد وحاولت كتابة روايات وراودتني فجأة الرغبة في السينما. أردت التسجيل في معهد الدراسات السينمائية العليا، لكن الإجراءات المعقدة للدخول، جعلتني أتخلى عن ذلك بسرعة... في تلك الفترة كنت خجولا جدا. أجد صعوبة بالغة في الحديث أمام الآخرين. أصير أبكما إذا تواجد أكثر من شخصين في القاعة. فقلت  والحال هذه ان السينما لم تخلق من أجلي. فكيف يا ترى أسير بلاتو؟ كيف استطيع الحديث إلى الناس أمام فريق سينما؟ تخليت، إذا، عن هذه الفكرة. لكن اهتمامي بالسينما لم يتضاءل. و في الوقت الذي بدأت فيه بنشر رواياتي أتى السينمائيون نحوي طالبين التعاون في هذا السيناريو أو ذاك. التقيت واين وانغ في سنة 1991 وقمنا بانجاز فيلم smoke"سموك" في . 1994اكتشفت حينها كم هو ممتع انجاز فيلم. لكن ثمة عمل كبير أيضا  بقدر المتعة، والعمل  في فريق بالنسبة لكاتب هو بطبعه انعزالي أمر في غاية الصعوبة لكنه يمنح بهجة كبيرة. ما هو الشكل الذي يمكنك من التعبير بشكل أحسن عما تحمله؟ الكتابة، بالطبع، أنا كاتب يحب كل طرق حكاية قصة والسينما تعد طريقة من هذه الطرق. أحسن الأفلام هي أيضا جيدة ومهمة كما الكتب الكبيرة. ما هي، أحسن الأفلام؟ "قصة طوكيو" لأوزي  أو "الوهم الكبير" لرونوار، أفلام بإنسانية كبيرة، التي تشبه روح الروائيين الكبار لنهاية القرن التاسع عشر أو بداية القرن العشرين . ساتياجيت راي في ثلاثية "آبو" مشابهة لتولستوي و"عالم آبو" ربما كان فيلمي المفضل. تجب رؤيته، ثلاث ،أربع أو خمس مرات لفهم ما فعله السينمائي حقيقة. لكن حين تشاهده جيدا، فغن ذلك يعطيك كل تعقيد وكل متعة رواية كبيرة. إذا كانت أغلب الأفلام عبارة عن منوعات، فإن أغلب الكتب أيضا منوعات... في المستوى العالي، يجب تقبل فكرة ان السينما والأدب شيء واحد تقريبا. "سموك" كان بدوره مستوحى من سيرة ذاتية، أليس كذلك؟ نصادف كاتبا اسمه بول بنجامين. الاسم المستعار الذي نشرت به كتابي الاول. رواية بوليسية كتبت من أجل المال في نهاية السبعينيات. لكن بنجامين هو أيضا اسمي. أدعى بول بنجامين أوستر. الفيلم كان تحت الطلب: النيويورك تايمز طلبت مني قصة حول "أعياد الميلاد" و واين وانغ اقتبس منها الفيلم. ماهو دور الكاتب بالنسبة إليك؟ على كل حال ، وليس من باب التنظير . على الاطلاق. الكاتب  ليس فيلسوفا وذلك لا يمنع من التفكير، طبعا. قرأت الكثير من الفلسفة  لكني لا أريد كتابة كتب فلسفية. أحاول فقط أن  أبرز و أن أُنقل الشعور بما يعنيه أن نكون أحياء. هذه مهمتي ككاتب وليس أكثر من ذلك، الحياة ممتعة ومرعبة في آن، ومهمتي هي التقاط هذه اللحظات. هل تضيء لنا سيرة الكاتب مؤلفاته؟ لا قاعدة في الأمر. يتوقف الأمر على الكاتب ويتوقف على الطريقة التي تكتب بها السيرة. وفي حالتك، لأنك توليت في كتب مختلفة  كاختراع العزلة،الشيطان من مؤخرته أو واقعة شتوية مهمة حكاية فصول من حياتك؟ في حالتي، أعتقد أن بعض المقاطع من سيرتي تستطيع إضاءة بعض النقاط في كتبي. حتى وإن كانت رواياتي لا تتطابق أبدا مع الواقع: إنه خيال، خيال خالص. بعض الروائيين ناقلون لتفاصيل حياتهم، خيالهم ليس سوى خيالا خفيفا. في حالة كهذه من الأفضل، بلا شك معرفة حياة الكاتب  لمقارنتها ولفهم ذلك عبر تحقيق  أو سيرة موقعة من طرف شخص آخر. أنا أستخلص بعض الأشياء من حياتي، بالطبع، ككل كاتب لكن ليس بشكل كبير. هل أنت من قراء السيرالذاتية للكتاب؟ نعم، أحب هذا النوع من الكتب. وألاحظ بأن النصف الأول من الكتاب أهم من الثاني. الطفولة. الشباب. قبل أن يصير الكاتب أو الشاعر إلى ما هو عليه. هذا ما يهمني أكثر، بعد ذلك، حين يصير الشخص كاتبا ، يصبح الأمر متعلقا بالنشر والنقد والأسفار والميداليات وهذا ليس مهما لكن معرفة تفاصيل مرحلة الشباب الصغيرة هو المهم... السيرة التي خصصها جيمس كناولسون لصموئيل بيكيت ، على سبيل المثال، ساعدتني على الإعجاب ببيكيت، طبعه وعائلته. إنه كتاب كبير. من هم بالنسبة لك أساتذة السير الذاتية؟ الكاتب الذي فكرت فيه وأنا اكتب "واقعة شتوية"، ذاك الذي يرافقني حينما أكتب عن حياتي، إنه مونتان. مونتان اخترع طريقة أخرى في التفكير، لأول مرة حين جعل من نفسه موضوعا، إنه يتيح طريقة محببة وعميقة في فهم الإنسان. و يا له من أسلوب و يا لها من طاقة في السرد !  أقرأ وأعيد قراءة مونتان. لكن حذار، الامر لا يتعلق بسيرة لا تنس بأنها "مقالات" بشكل ابتدعه هو، من جهة اخرى أجد روسو مهما للغاية أيضا. على سجل مختلف. كنت في الثانية والعشرين حين اكتشفت "الاعترافات" لروسو. ما ترك في انطباعا قويا، هو معرفة أنه يكذب لكنه يعترف بأشياء وقحة إلى حد صادم: كيف يتخلى عن أطفاله مثلا...المقطع الذي يكون فيه روسو في غابة يقذف شجرة بالحجارة ويردّد كطفل " إذا أصبت الشجرة بهذا الحجر فإن حياتي ستكون سعيدة". هذا المقطع استثنائي. تعرف الحكاية؟ روسو يقذف بالحجر ولا يصيب الشجرة. يتقدم ويقذف بحجر فيخطئها مرة أخرى. يتقدم خطوة أخرى يقذف ولا يصيب، حتى ما إذا أصبح بجوار الشجرة تماما إلى حد ملامستها قذف الحجر الذي أصاب الشجرة، ليقول بعدها بفرح: "الآن أصبحت حياتي  مثالية" ! في روايتي "موسيقى الصدفة"، أحد الشخوص، الذي هو "ناش" يقرأ الاعترافات. و في كتاب الأوهام، شخصية أخرى، دافيد زيمر مولعة بشاتوبريان... بعد مونتان وروسو، إنها مرة أخرى طريقة في رواية الحياة... آه، "مذكرات من وراء القبر" ! لشاتوبريان كتاب رائع. فهو بدءا يكتب بشكل جيد كان بالنسبة لي اكتشافا متأخرا. كنت في الخامسة والأربعين حين قرأت شاتوبريان لأول مرة وكان تجليا آخر وبعد ذلك يروي ضربا من حكاية مزدوجة: إنه يمزج الحاضر بالماضي بطريقة مهمة للغاية، لكن من بينهم جميعا الذي يؤثر في أكثر هو مونتان. ما هي علاقتك  بالحقيقة؟ تامة.روسو كان يكذب وهو يروي حياته. أما أنا فلا، على العكس يجب الاقتراب أكثر من الذكريات، والحديث بوضوح عن الذكريات المنسية منها والتي لم نعد نتذكرها. ما إن نكتب عن الذات وعن الاقارب حتى تطرح مسألة الخيانة. انت تحدثت عن القريبة التي اشتبكت معها بعد نشر اختراع العزلة، لأنك تطرقت لوالدك، وأسرار العائلة، إلى أي مدى تسمح لنفسك بالذهاب في الأمر؟ إنه أمر في غاية الصعوبة. في واقعة شتوية، لم أذكر بعض الأسماء. أغلبية الاشخاص الذين تم ذكرهم في الكتاب لم  تتم تسميتهم. حتى تلك القريبة التي توفيت الآن، لم أسمها، تطرقت في  "اختراع العزلة" إلى تلك المقتلة التي حدثت سنة 1919، حين قتلت جدتي جدي بطلقة مسدس. كان سرا من أسرار العائلة لم يتطرق له أحد، لكن كان هناك أرشيف عمومي حول هذا الحادث: كان في كل جرائد تلك الفترة !  أسرتي لم ترد الحديث، بالتأكيد، لكن الأمر وقع بالطريقة التي رويته بها ولم اخترع شيئا. هل يتعلق الأمر بخيانة؟ كتبت سنة 1979،أي بعد ستين سنة من الوقائع، اعتقدت أنه بعد هذا العدد من السنوات كان من حقي الحديث عن ذلك وأن هذه الفترة كافية من أجل عدم الإساءة إلى الأشخاص. هل أنت نوستالجي؟ إلى ماذا؟ إلى الطفولة؟ لا، ليس تماما. ما مضى فُقد. لكن كلما تقدمت في السن افكر في شبابي أكثر. أنا مفتون بالمرات الأولى. المرة الأولى التي تمكنت فيها من قيادة دراجة بمفردي، المرة الاولى التي تمكنت فيها من عقد سيور حذائي بمفردي...إنها علامات الاستقلالية و تأسيس و بناء الذات. أتيت على إنهاء كتابي القادم الذي يحمل عنوان "تقرير من الداخل": انه نوع من المرافقة لهذا الكتاب، ولا يتعلق الامر بحكاية جسدي  بل عن تشكل أفكاري والمغامرة الروحية والفكرية التي قمت بها حين كنت صغيرا. أروي أنه في السادسة شعرت بأكبر إحساس بالسعادة في حياتي  لأني اكتشفت في هذه السن أنني استطيع ارتداء ملابسي وربط حذائي بمفردي ، وانني صرت مستقلا. قبل هذا لم أكن سوى كائنا، بعدها عرفت أنني كنت و هذا يعني فرقا كبيرا. ما هي علاقتك بموتك؟ حسنا، أتمنى أن يحدث ذلك في أبعد وقت ممكن من هذا اليوم ! هذا كل ما أعرف... أتمنى لك ذلك. ماذا تثير فيك هذه الجملة لجوزيف جوبير التي توردها في واقعة شتوية : يجب أن نموت محبوبين إن استطعنا إلى ذلك سبيلا؟ هذه الجملة خارقة للعادة ! كل شيء موجود في عبارة إذا استطعنا. بالتأكيد فإن جوبير مرجع دائم بالنسبة لي، أعيد قراءته باستمرار, إنه كاتب مجهول حتى في فرنسا، أعتقد أني ترجمت بعض كتاباته حين كنت شابا, لأنه الكاتب الذي لم يكتب كتابا على الإطلاق. غير معقول، لا؟ لكن مقولاته عميقة... أحب هذا منه كثيرا  وسأترجمه من الذاكرة:" الأشخاص الذين  لا يستسلمون  أبدا يتحابون أكثر مما يكرهون الحقيقية".  عميق، أليس كذلك؟ كم مرة استسلمت أنت؟ مرات كثيرة جدا. يجب تغيير الأراء. من الخطر التصلب في الفكر. لكن الميوعة خطر أيضا. أنا معجب بالذين يمتلكون الشجاعة في تغيير أرائهم بين الحين والآخر، حول أشياء وأشخاص . إنها قوة حقيقية. هامش - نشر الحوار في مجلة LIRE  يوم 01 مارس 2013.
حمزة كاشغري من " نكرة" إلى " قضية رأي عام" إلى " و لا شي"
Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA MicrosoftInternetExplorer4   بدأت قضية كاشغري فجأة، ملأت الدنيا، و لم تقعدها ثم فجأة إنتهت، لم نعرف مصير الشاب المغرد، هناك من قال أنه أعدم، و هناك من قال أنه يعيش بسلام بعد تدخلات، و هناك من يقول أن سجن...و الحقيقة يعلمها الله وحده . و يمكن الدخول لموقع أنشئ من أجله و قراءة تفاصيل كثيرة عنه، في الغالب أنشأه أصدقاء له يعرفونه جيدا http://www.free-hamza.com/   ظهر إسم حمزة كاشغري من خلال تغريدات على " تويتر" ، مع ملاحظة أن  كل تغريدة  لا تتجاوز سطرين صغيرين،  بين آلاف التغريدات التي تطلق من طرف الناشطين على هذه …لقراءة المزيد

 

بدأت قضية كاشغري فجأة، ملأت الدنيا، و لم تقعدها ثم فجأة إنتهت، لم نعرف مصير الشاب المغرد، هناك من قال أنه أعدم، و هناك من قال أنه يعيش بسلام بعد تدخلات، و هناك من يقول أن سجن...و الحقيقة يعلمها الله وحده .

و يمكن الدخول لموقع أنشئ من أجله و قراءة تفاصيل كثيرة عنه، في الغالب أنشأه أصدقاء له يعرفونه جيدا

http://www.free-hamza.com/

 

ظهر إسم حمزة كاشغري من خلال تغريدات على " تويتر" ، مع ملاحظة أن  كل تغريدة  لا تتجاوز سطرين صغيرين،  بين آلاف التغريدات التي تطلق من طرف الناشطين على هذه الشبكة. قال كلاما يقال أسوأ منه يوميا على تويتر نفسه، و على فايس بوك، و مواقع أخرى، و لكن حظ كاشغري كان الأسوأ على الإطلاق، لأنه أثار أحد الذين تربصوا به ربما، و تحول من " نكرة" إلى قضية رأي عام، ثم من جديد طمست حكايته و نسيه الإعلام .

و أتساءل لو أن من حاكموه  قرأوا  ما قاله البخاري عن نبينا محمد عليه الصلاة و السلام ماذا سيكون رأيهم؟

البخاري : حديث رقم ( 4853 ) :

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَسِيلٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ حَتَّى انْتَهَيْنَا... إِلَى حَائِطَيْنِ فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْلِسُوا هَا هُنَا وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ وَمَعَهَا دَايَتُهَا حَاضِنَةٌ لَهَا فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَبِي نَفْسَكِ لِي قَالَتْ وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ قَالَ فأهوى إليها ليقبّلَها لِتَسْكُنَ فَقَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ "

 

و في حديث آخر للبخاري نجد تفاصيل أخرى في القصة:

" إن عائشة وحفصة دخلتا عليها أول ما قدمت فمشطتاها وخضبتاها , وقالت لها إحداهما : إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول أعوذ بالله منك"

 

و الآن هل نلعن البخاري كما لعنا حمزة كاشغري؟؟!

و هل ما حدث مع كاشغري كان منطقيا ؟

 

الروائي المصري محمد العشري:

أظن أن الأمر يحتاج إلى رجال الدين المستنيرين، وليكن "الأزهر" الذي عرف عنه ذلك الدور حكماً، حتى تخرج المملكة من تلك الأزمة، لأن الرسول محمد "عليه الصلاة السلام" لم يسع يوماً إلى أن يعامله الناس بغير صفته الإنسانية، وكان فخوراً بعمله قبل تلقي الرسالة في الرعي، وعرف عنه التواضع. وبتأمل مواقفه نجد أنه كان يقف مع العجوز ويزور المريض ويعطف على المسكين، ويصل البائس ويواسي المستضعفين ويداعب الأطفال ويمازح الأهل، ويواكل الناس ويجلس على التراب وينام على الرمل ويفترشه، ويتوسّد الحصير.

كذلك عرف عنه أنه ما طمع في شهرة أو منزلة أو مطلب أرضي أو مقصد دنيوي، يكلم النساء بلطف، ويخاطب الغريب بودّ، ويتألف الناس ويتبسّم في وجوه أصحابه يقول:"إنما أنا عبد: آكل كما يأكل العبد واجلس كما يجلس العبد"

وكان يكره المدح، وينهى عن إطرائه ويقول:"لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبدالله ورسوله، فقولوا عبدالله ورسوله" ذلك حديث نبوي أخرجه البخاري عن ابن عباس. وفي حديث آخر كان ينهى أن يقام له، وأن يوقف على رأسه، وكان يجلس حيثما انتهى به المجلس، وكان يختلط بالناس كأنه أحدهم، ويجيب الدعوة ويقول:" لو دعيت الى كراع لأجبت، ولو أهدي إليّ ذراع لقبلت"

 

أما الكاتب المغربي عبد الرحيم الخصار فيقول

انطلاقا من الجملة وحدها فحسب دون ربطها بما يجري خارجها، سواء ما يتعلق بنصوص موازية للكاتب او بحياته و أفكاره، فانا أرى أن هاته الجملة تحتاج منا ان نحاور الشاعر و نتفاعل معه، لا ان نحكم عليه بالاعدام، أنا أحب الرسول و أومن بانه حقا سيد الخلق، لكنني بالمقابل أومن بحرية الكلمات، و لنلاحظ أن الشاعر هنا يحاول أن يتعامل مع النبي كصديق، وهو يعلن انه سييبتسم له في يوم مولده متطلعا إلى أن الرسول سيقابله بالابتسامة نفسها،و هذا شيء رائع، الرجل لم يسب و لم يلعن، ولكن أراد ان يجعل من نبي هذا الدين صديقا له، و ثمة أيضا رغبة في عدم تقبيل يد الرسول، و هل كان الرسول سيفرح بأن يقبل الناس يده؟ إطلاقا لا. كأنه هنا يريد أن يحول دلالة الجملة من سياقها الديني إلى سياق آخر حيث ملوكنا و أمراؤنا الذين يمدون أيديهم للناس من اجل تقبيلها. هؤلاء هم من يجب محاكمتهم هم و زمرة المفسدين على هذه الأرض، يجب ان نحاكم الذين يمتصون الدماء البشرية و يستعبدون الناس، لا ان نحاكم شاعرا و ننتظر إعدامه، و ماذا لو كان الرسول حيا؟ هل سيطالب بإعدامه؟ هل اعدم محمد عليه الصلاة و السلام الشعراء الذين كانوا يهجونه ذلك الهجاء القاسي في فجر الإسلام؟ و إذا ما اخطأ الشاعر فعلا و أساء فلمَ لا نكون في حلم الرسول و عطفه و رحابة صدره هو الذي أزال بردته و وضعه على ظهر كعب بن زهير حين جاء يمدحه بقصيدة استهلها أولا بوصف حبيبته؟

 

فيما يقول الكاتب اليمني طه الضباب :

 

حقيقة انا ماتابعت موضوع كاشغري تحديدا ، ولا ماهية الكلمات التي قالها ،،

لكن يبقى موضوع التكفير احد الموضوعات الجدلية القديمة الجديدة، الذي عادة ما تقوم المؤسسة الدينية ورجال الدين بإصدار الاحكام بالتكفير والزندقة مثلا ، بناء على مقدار درجة التشدد الديني في كل بلد،، وغالبا ما تأخذ تلك القضايا أبعادا سياسية أكثر من كونها قضايا فكرية ، بغض النظر عن كونه مفكرا أو كاتبا صغيرا أو حتى مواطن عادي .. واحيانا يكون الدافع من اطلاق تلك الاحكام وتضخيمها، هو من قبيل الإلهاء للشعب عن قضايا أخرى مثارة ،،

وعموما أنا مع حرية التفكير والتعبير عن الأراء إلى أقصى حدودها، بعيدا عن حملات التكفير والوصاية على العقول، وبحيث أن يكون الرد على الاراء الفكرية ، بفكر مماثل دون المصادرة ..

هناك ملاحظة أخيرة تتعلق بقضايا تخرج عن إطار التعامل الفكري، وتندرج ضمن التجريح والإساءة لمعتقدات الغير واستفزاز مشاعر الآخرين، وهذه يمكن أن يتم التعاطي معها كقضايا جنائية بحتة ، وأعتقد كل القوانين في العالم تسمح لأي شخص من اتهام شخص آخر بجريمة لفظية ، ورفع قضية كغيرها من قضايا السب والقذف.. وهذا بدوره حق من حقوق الآخرين وحرية معتقداتهم..

هذا من وجهة نظري

 

أما الشاعر السوري المغيرة الهويدي فيقول

بخصوص قضية الكاتب حمزة كاشغري ..في الحقيقة لا أعرف ماذا يجب أن أقول .

بدايةً، المقطع الذي أرسلته لي ليس هو كل ماكتبه حمزة حول الذات الإلهية والرّسول .

ومن يقرأ كتابات كاشغري يدرك أنّ هذه العبارات تختزل أسئلة وجودية عظيمة ، وتعبّر عن ذات تفكّر وتتأمل وتحقق تطورّها عبر بحثها المشروع ..

أعتقد أن قضية الكاشغري لم تكن لتأخذ هذا الصدى ، بل لن يلتفت إليها في دولة أخرى ، إذ إنّ كثيرٍ من الكتاب والأدباء قاموا بتوظيف آيات قرآنية وأحاديث شريفة وقاموا بمحاكاة الذات الإلهية ومخاطبتها ومناجاتها ، ولا يخفى على أحد الدلالات الرمزيّة للشعر الصوفي من ربط بينها وبين الخمر وقصص الحبّ العذري وسواها ، ومقتل الحلاج وقوله : مافي الجبّة غير الله "خير مثال على سوء الفهم إذا كان من الممكن الاكتفاء بتعبير سوء الفهم .

نقطة ثانية تتعلق بمحاكمة الكتابات الأدبية على أساس ديني أو أخلاقي ،وهذا الإشكال النقدي قديم قدم الأدب والشعر ، وقد اختلف النّقاد وتنوعت آراؤهم ، لكنّها لم تنتقص من قيمة النص الفنيّة ، وإن كان لابدّ من المحاكمة فليحاكم امرؤ القيس والمنخّل وأبو نواس والمتنبي ..فالمتنبي قال شعراً يكفر به بقدرة الله وعظمته ، بقوله " أيّ مكان أرتقي ، أي عظيم أتقي

وكل ماخلق الله ومالم يُخلقِ ، محتقر في همتي كشعرة في مفرقي " والأمثلة كثيرة مما يضيق به المقال

وفيما يخص كتابات كاشغري فأعتقد أنّ من الخطأ محاكمة الكاتب على تصوراته واتّهامه بالزندقة والرّدة والدعوة إلى قتله .وإن صحّت توبته كما أشيع فهذا مبرر كافٍ لمنع أيّ عقاب ، وهو بهذه الحالة قال قولاً وتخلّص منه بتوبة يراها كافية ووافية ، وبعيداً عن توبته والهجمة الّتي تعرض لها ،يمكن القول : إنّه كان يرى في الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم رجلاً عظيماً يستحق التقدير والثناء بجانبه الإنساني الصرف بعيداً عن وصفه رسولاً من الله تعالى منها ، قوله : "في يوم مولدك لن أنحني لك، لن أقبل يدك، سأصافحك مصافحة الند للند، وأبتسم لك كما تبتسم لي، وأتحدث معك كصديق فحسب وليس أكثر."

أعتقد أنّ الكاشغري يرى أن تقدير الرسول الكريم لا يكون بالاحتفال بيوم المولد النبوي ، والدخول في طقوس احتفالية اعتاد المسلمون عليها ، بل بالاقتداء به وتمثّل أخلاقه وصفاته الحميدة التي أهلته لحمل الرسالة ، ويكون الاقتداء بالبحث والتعمق بأسرار تلك الشخصية والوصول إلى مكامن عظمتها ،فكلمة الند هنا لا تعني أن يكون خصماً للرسول الكريم ، بمقدار ما تؤكد أنّه يرى في نفسه القدرة على تمثل صفات الرسول والاقتداء بها ..ولا أرى في قوله هذا أي انتقاص من مكانة الرسول الكريم ،" مصافحة الند للند " ، " أبتسم لك كما تبتسم لي " تعبيرات تؤكد على أنّ الكاتب ضاق ذرعا من تعبير الناس عن محبتهم للرسول قولا وطقساً دينياً أو احتفالياً في الوقت الذي يجب أن تكون فيه التعبير بالاقتداء بصفاته والتشبه به إلى الحد الذي يصير فيه الرسول الكريم بسلوكه الإنساني مثالاً يحتذى ويمكن مصادقة من يحاولون التحلي بصفاته ...

 و إن كانت هذه الآراء لا تحرض على إهدار دم كاشغري ، و إن كانت آخر الأخبار فعلا تقول :

عاد اسم الأكاديمي السعودي يوسف الأحمد إلى "الساحة" مجدداً، بعد أمر خادم الحرمين الشريفين أمس(الاثنين) بالإفراج عنه، وإسقاط المدة المتبقية من سجنه. إذ تناقل إعلاميون وأكاديميون على حساباتهم في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" خبر "العفو" بين مبارك للأحمد ولأسرته وشاكر للملك على تجاوبه مع الالتماسات التي قدمتها أسرة الأحمد، وبين مناشد بالإفراج عن آخرين من بينهم الشاب حمزة كاشغري. وغرد الإعلامي هاني الظاهري: "إطلاق سراح يوسف الأحمد بعفو من خادم الحرمين ليس مستغرب فالعفو من شيم الكرام... نتمنى أن يكون الأحمد عاد إلى رشده ونتمنى أيضاً الحرية لحمزة". وأشار الدكتور عبدالله الطويرقي إلى أن "خروج الشيخ الأحمد بادرة جد موفقة، والشكر لكل من ساهم في ذلك وعلى العقلاء تقدير ذلك وعدم البحث فيما لا طائل من ورائه غير تأجيّج الشارع". فيما تساءل الأكاديمي والكاتب أحمد الفراج: "هل تفرح أم حمزة كشغري قريباً كما فرحت أم يوسف الأحمد اليوم... حمزة لم يصدر عليه حكم شرعي، كالأحمد وتاب ووثقت توبته شرعاً... أم حمزة كشغري تنتظر". وكتب المذيع في قناة "الجزيرة" علي الظفيري: "الحمد لله على إطلاق سراح الأحمد، والأمل كبير بإطلاق سراح كافة سجناء الرأي". وبارك الكاتب عبدالله النغيمشي "العفو"، مستطرداً: "لعل مكوث الشيخ في المعتقل كان تجربة ومراجعة جيدة". وبالعودة إلى الأحمد نفسه، فقد برز اسمه في قضايا مجتمعية عدة انطلاقاً من تساؤلات مخالفيه عن "الفكر" الذي تتشكل به المناهج الدينية في السعودية، على اعتبار أن الأحمد عضو في لجنة للمناهج الدراسية، مروراً بـمطالبته "الشهيرة" بـ "منع الاختلاط بين الجنسين في الحرم المكي، ببناء أدوار جديدة تفصل النساء عن الرجال". وصولاً إلى جولاته "الاحتسابية" في معارض الكتاب، بتزعمه مجموعة من المحتسبين "للإنكار" على نشر الكتب "المخالفة"، من وجهة نظره، وذلك في معركة شد وجذب مع مثقفين وإعلاميين. وحين مثل الأحمد أمام القضاء في دعوى رفعتها هيئة التحقيق والادعاء العام ضده مع 4 سعوديين ومصريين اثنين، تضمنت التأليب ضد ولي الأمر وإثارة الفتنة، وإنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، ونشره عبر شبكة الإنترنت، وهو ما نتج منه إثارة للفتنة، ومساعدة وتأييد معتنقي فكر ومنهج تنظيم "القاعدة" الإرهابي، نفى الأحمد التهم الموجهة إليه جملة وتفصيلاً، وشكك في الأدلة التي استند إليها "الادعاء العام"، وأن هناك مبالغة زائدة في التهم المنسوبة إليه، إذ أكد أن مقاطع فيديو العائدة إليه، التي تم بثها على الإنترنت كانت للمطالبة بإطلاق الموقوفين، وأنه رد فيها على فكر تنظيم "القاعدة" من جهة، وأثنى على جهود المسؤولين في البلاد من جهة أخرى. وبعد صدور الحكم الشرعي من المحكمة المتخصصة في الرياض بالسجن 5 أعوام، قدمت أسرته التماسات إلى خادم الحرمين الشريفين خلال الفترة الماضية، تطالب بالإفراج عن ابنهم، ليصدر اليوم (الاثنين) أمر الملك بالعفو وإسقاط المدة المتبقية من محكوميته، والمتضمنة أربعة أعوام وخمسة أشهر. و هذا ما أورده المؤشر الاعلامى : فؤاد المشيخص و نقلناه عن جريدة الحياة...

إلا أن السؤال العالق فعلا: هل سيكون حمزة كاشغري آمنا في بلده؟ و كيف ستكون حياته بعد هذه العاصفة التي ألمت به؟ و هل سيسامحه المجتمع لأن الملك عفا عنه؟

 تحقيق: منجي جيرار

الدكتور محمد بن أبي شنب (1869م - 1929م) - أول دكتور في تاريخ الجزائر - أول أستاذ جامعي جزائري - يتقن 10 لغات
محمّد بن أبي شنب عالم من العلماء الأفذاذ، وُلد بفحص قرب المدية، عام 1286/ 1869، وفيها تعلّم. ثمّ تابع تحصيله العلمي، فأتقن الفرنسية كأهلها، ولكنه لم يهمل تثقيف نفسه بتراث العرب ولغتهم، حتّى كان واحداً من علماء اللغة والأدب، وحتى صار أستاذاً للآداب العربية في الجامعة الفرنسية بالجزائر. وقد خدم الجامعة خدمات جلّى، وهو الذي أعطى للكتب والبحث العلمي قيمة واهتماماً، فكان خير من يمثّل بلاده في المهمّات العالمية، مثل مؤتمر المستشرقين في الرباط الذي أُقيم فيها سنة 1928م، ومؤتمر المستشرقين في مدينة أكسفورد. كان متقناً للغات كثيرة، منها العبرية والفارسية والإيطالية والتركية والإسبانية, واعترف الجميع بفضله وعلمه، فانتخب عضواً في المجمع العلمي العربي في دمشق سنة 1920، وعضواً في المجمع العلمي الاستعماري في باريس(2). يصف لنا الشاعر محمّد السعيد الزّاهري(3) حادثة تعرّفه على الشيخ ابن أبي شنب بقوله:" …لقراءة المزيد
محمّد بن أبي شنب عالم من العلماء الأفذاذ، وُلد بفحص قرب المدية، عام 1286/ 1869، وفيها تعلّم. ثمّ تابع تحصيله العلمي، فأتقن الفرنسية كأهلها، ولكنه لم يهمل تثقيف نفسه بتراث العرب ولغتهم، حتّى كان واحداً من علماء اللغة والأدب، وحتى صار أستاذاً للآداب العربية في الجامعة الفرنسية بالجزائر. وقد خدم الجامعة خدمات جلّى، وهو الذي أعطى للكتب والبحث العلمي قيمة واهتماماً، فكان خير من يمثّل بلاده في المهمّات العالمية، مثل مؤتمر المستشرقين في الرباط الذي أُقيم فيها سنة 1928م، ومؤتمر المستشرقين في مدينة أكسفورد. كان متقناً للغات كثيرة، منها العبرية والفارسية والإيطالية والتركية والإسبانية, واعترف الجميع بفضله وعلمه، فانتخب عضواً في المجمع العلمي العربي في دمشق سنة 1920، وعضواً في المجمع العلمي الاستعماري في باريس(2). يصف لنا الشاعر محمّد السعيد الزّاهري(3) حادثة تعرّفه على الشيخ ابن أبي شنب بقوله:" كانت أول معرفتي بالشيخ أني كنت سنة 1922م، وأنا يومئذ لا أزال أطلب العلم في الكليّة الزيتونيّة، وجاءتها لجنة في تلك السنة، لجنة من العلماء الفرنسيين لامتحان طلبة البكالوريا في تونس. وكانت هذه اللجنة تحت إشراف المرحوم الدكتور أبي شنب، فاستغرب الناس في تونس أن يكون عالم جزائري، غير متجنّس بالجنسية الفرنسية رئيساً مشرفاً على لجنة علمية فرنسية، يرأس جلساتها بملابسه الجزائرية، وبزيه الجزائري، وتعالم الناس الخبر، وسمعته أنا، وفرحت به وداخلني يومئذ شئ من النخوة والكبرياء، وجمعت نفراً من إخواني الطلبة الجزائريين، وذهبنا نزوره......سألته: - "كيف تصنع إذا أدركتك الصلاة وأنت في جلسة رسميّة؟" - فقال:" أوقف الجلسة للاستراحة، فيستريح زملاؤه بخطوات يمشونها ودخائن يشعلونها, وأستريح بأداء المكتوبة""(4). لست وحدك يا زاهري من داخله الشعور بالكبرياء والنخوة، فمثل هؤلاء نفتقد بيننا اليوم, فلا نكاد نرى العالم إلا متنكّراً لدينه وعروبته التماساً لاحترامٍ لا يُنال إلّا عندما يحترم المرء نفسه أولاً، ويعتّز بدينه وقوميّته ثانياً. ولا أعرف ما الرابط بين العلم والتقدم، وتغيير الزي والتنكر للدين والعروبة، إلّا ما بيّنه صاحبا كتاب "حول الحب والإستلاب"، بما أسمياه (إستلاباً تغلبياً)، تنظّمه ثنائية غالب ومغلوب، حيث يفرض الطرف الغالب نماذجه المختلفة على المظهر والسلوك، ويتطبّع بها المغلوب تلقائياً على اعتبار أنّها القيمة العليا للحقّ والخير والجمال(5). وهذا ما نلمسه اليوم، حيث صار التقدم متمثّلاً بمظهر مبتذل، أو بترديد مقولات مفروضة، صارت عند كثيرين بحكم المسلّمات طالما أنّها صدرت عن علماء غربيين. محمّد بن أبي شنب نال احترام كل من عرفه، بعلمه وتواضعه وبساطته وتمسكه بدينه وعروبته، فلم يعتبر العلم ترفّعاً عن الناس، ولا تنكّراً للدين والعروبة، ويكفي أن نسمع أحد أصدقائه الفرنسيين يقول عنه: "من الواجب أن نشير إلى جميع أعماله في الجملة، حتّى يتجلّى لنا نشاطه العلمي، فقد كنّا نرجع إليه، ونستضيئ بضيائه، وكنا نناديه بـ(يا شيخنا).....كان يجمع إلى صفات العلم والعالم الحقيقي صفات الصلاح والطيب"(6). ترك ابن أبي شنب مؤلّفات وتحقيقات وعلم غزير، فمن كتبه: 1 ـ تحفة الأدب في ميزان أشعار العرب، 1906 و 1928م. 2 ـ شرح لمثلثات قطرب 1906م. 3 ـ أبو دلامة وشعره، وهو أطروحته للدكتوراة التي حصل عليها سنة 1924م، حيث قدمها مع أطروحة أخرى هي الألفاظ التركية والفارسية الباقية في اللهجة الجزائرية(7). 4 ـ الأمثال العامية الدارجة في الجزائر وتونس والمغرب، ثلاثة أجزاء 1907م. 5 ـ الألفاظ الطليانية الدخيلة في لغة عامة الجزائر، (مخطوط). 6 ـ فهرست الكتب المخطوطة في خزانة الجامع الأعظم بالجزائر 1909م. 7 ـ معجم بأسماء ما نشر في المغرب الأقصى فاس من الكتب ونقدها 1922م. 8 ـ خرائد العقود في فرائد القيود 1909م وغيرها من الكتب والمؤلفات. وقد حقّق وصحّح كثيراً من كتب التراث العربي نذكر منها: 1 ـ البستان 1908م. 2 ـ عنوان الدراية 1910م. 3 ـ الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية 1920م. 4 ـ الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية. 5 ـ طرس الأخبار بما جرى آخر الأربعين من القرن الثالث عشر للمسلمين مع الكفار, وهو من تأليف الشيخ محمّد العربي المشرقي الغريسي. 6 ـ وصايا الملوك وأبناء الملوك من أولاد الملك قحطان ابن هود النبي مع تعليقات عليه. 7 ـ شرح ديوان عروة بن الورد لابن السكيت 1926م وغير هذه الكتب كثير جداً(8). وله كتاب مميز وضعه بالفرنسية بيّن فيه ما أخذه دانتي(9) الشاعر الإيطالي من الأصول الإسلامية في كتابه ديفينا كوميديا، أو الكوميديا الإلهية. ومما يلفت النظر بالنسبة لهذا العالم الكبير أنه فرض نفسه كعالم فذ، بعلمه وتواضعه، وتفانيه في خدمة التراث العربي وتدريسه والتعريف فيه، حتى اعترف بعلمه العدو قبل الصديق، ولا يمكن لنا أن نقول إن أمثال هذا العالم المتواضع له أعداء، بل إنّ كل من عرفه صار له صديقاً. وقد منحته حكومة فرنسا وسام جوقة الشرف, وذلك سنة 1922م، اعترافاً بفضله وعلمه(10). وعندما توفّي ـ رحمه الله _ سنة 1347/ 1929م، خرج في جنازته المسلمون والنصارى، العرب والأجانب، جمعهم الحزن على فقدان عالم قلّما يجود الزمان بمثله. وقد أبّنه مدير كليه الآداب في جامعة الجزائر قائلاً:" إنّ المنهج الّذي نهجه ابن أبي شنب يدلّ دلالة واضحة على مقدار ما يستطيع أن يعمله العقل والإرادة والعمل، في الارتفاع من أصغر المناصب إلى أعظمها، وإني أود أن يوقر هذا المنهج شباب هذه البلاد وشباب فرنسا نفسها"(11). إننا إذ نتذاكر سيرة هذا العالم العامل، نرجو أن يكون لنا كمسلمين وعرباً، مثلاً يُحتذى، في طلب العلم وخدمته، وفي الاعتزاز بديننا وعروبتنا، ونرجو من الله أن يرحمه، ويجمعنا به في جنات النعيم. الهوامش: (1) ـ محمّد كرد علي, المعاصرون, بيروت, دار صادر, ط2, 1413 / 1993, 338. (2) ـ عادل نويهض, معجم أعلام الجزائر, بيروت, مؤسسة نويهض الثّقافيّة, ط2, 1400/ 1980, 189. (3) ـ محمّد السّعيد الزّاهري, من مواليد 1899م بليانة بسكرة في الجزائر, درس في قسنطينة وتتلمذ على يد الإمام عبد الحميد بن باديس, انتقل إلى تونس, وأصدر عدة جرائد وهي الجزائر, والبرق, والوفاق, أسس المدرسة الإصلاحيّة, وكان من علماء الجزائر المهمّين, من مؤلّفاته حاضر تلمسان, وبين النّخيل والرّمال, وشؤون وشجون وغيرها, توفّي سنة 1956؛ 189؛ انظر, صالح الخرفي, سلسلة في الأدب الجزائري الحديث, محمّد السّعيد الزّاهري, الجزائر, المؤسسة الوطنيّة للكتاب, ط1, 1986, 109. (4) ـ محمّد السعيد الزاهري, محمّد بن أبي شنب, مقالة نشرت في المقتطف سنة 1929, مأخوذ عن كتاب صالح الخرفي, سلسلة في الأدب الجزائري الحديث, محمّد السّعيد الزّاهري, 138. (5) ـ د. حسين شاويش ومحمّد شاويش , حول الحب والإستلاب, دراسات في التحليل النفسي للشخصية المستلبة, بيروت, دار الكنوز الأدبية, 1995م. (6) ـ القول للعالم ماسيه زميل الشيخ ابن أبي شنب في جامعة الجزائر؛ مأخوذ عن كتاب محمّد كرد علي, المعاصرون, 341. (7) ـ محمّد السعيد الزاهري, محمّد بن أبي شنب, 129. (8) ـ عادل نويهض, معجم أعلام الجزائر, 191. (9) ـ دانته الياري, 1265- 1321م, من أعظم شعراء ايطاليا, ومن أعظم أدباء العالم, خلّدته ملحمته الشعرية "الملهاة أو المكوميديا الإليهية" وقد وصف فيها طبقات الجحيم والفردوس في رحلة وهمية قام بها بقيادة فرجيليوس وحبيبته بياتريس؛ انظر, مجموعة مؤلفين, المنجد في الأعلام, بيروت, دار المشرق, ط23, 1996, 239. (10) ـ محمّد كرد علي, المعاصرون, 342. (11) ـ مارتينو مدير كلية الآداب في جامعة الجزائر في
نزعات باروكية في الرواية الجزائرية، نموذج «الحالم» للروائي سمير قسيمي
«هو لا هو»نزعات باروكية في الرواية الجزائريةنموذج «الحالم» للروائي سمير قسيمي* محمد شوقي الزينمقدّمة: في زيارة خاطفة للمعرض الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة التقيت بالعديد من الكُتّاب والروائيين، ومن بينهم سمير قسيمي الذي أهداني روايته «الحالم» (منشورات الاختلاف والدار العربية للعلوم، 2012). شخص أنيق والابتسامة لا تغادره، في استنفار دائم للإجابة عن سؤال أو التواصل بالقارئ، الرؤية مسافرة عبر العناوين وتجاه الوافدين بالاستقبال والذاهبين بالشكر والامتنان. لكن يحمل هذا الإسم "السرّ" الذي وُجد معه ووُلد عليه وهذا منطلق دخولي على روايته "المرآوية"، دخول حذر، لأنّ في أول قراءة تنزلق الأقدام على أرضية كلها مرايا تعكس القارئ لتزجّ به في متاهة من التساؤل: من يكتب لمن؟ هل الروائي كتب بإلهام الشخصية الروائية؟ لكن يبدو أنّ سمير قسيمي يذهب دائماً عكس الرياح والسيول بحكم …لقراءة المزيد
«هو لا هو»
نزعات باروكية في الرواية الجزائرية
نموذج «الحالم» للروائي سمير قسيمي
* محمد شوقي الزين
مقدّمة:
في زيارة خاطفة للمعرض الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة التقيت بالعديد من الكُتّاب والروائيين، ومن بينهم سمير قسيمي الذي أهداني روايته «الحالم» (منشورات الاختلاف والدار العربية للعلوم، 2012). شخص أنيق والابتسامة لا تغادره، في استنفار دائم للإجابة عن سؤال أو التواصل بالقارئ، الرؤية مسافرة عبر العناوين وتجاه الوافدين بالاستقبال والذاهبين بالشكر والامتنان. لكن يحمل هذا الإسم "السرّ" الذي وُجد معه ووُلد عليه وهذا منطلق دخولي على روايته "المرآوية"، دخول حذر، لأنّ في أول قراءة تنزلق الأقدام على أرضية كلها مرايا تعكس القارئ لتزجّ به في متاهة من التساؤل: من يكتب لمن؟ هل الروائي كتب بإلهام الشخصية الروائية؟ لكن يبدو أنّ سمير قسيمي يذهب دائماً عكس الرياح والسيول بحكم تلك "العاكسة" الكونية التي هي المرآة: فالشخصية الروائية هي التي تكتب على لسان صانعها. من الصعب الدخول على الرواية برؤية الفيلسوف، لكن رواية سمير قسيمي هي من المتعة والتشعّب ما يصيب القارئ بالدُوار، يدور على رحى شيء وجده الآن ليفتقده على التوّ، ليجده بعد قليل ثم يفتقده أيضاً، لأنّه بحضرة المرآة التي تصاحبه وتعكسه وتضاعف من شخصه ومن الأشياء المحيطة به. أقول من الصعب الدخول عليها من وجهة نظر الفيلسوف، لكن يجد فيها الفيلسوف مادّة للتفكير ولرسم ملامح حياة بشرية هي حُبلى بالتناقض في الظاهر والانسجام في الباطن. شيء غريب في الرواية وكأنّها عبارة عن "وحدة الوجود الروائية" حيث الكاتب والشخص الروائي والقارئ شيء واحد لكن بمرايا متقابلة. فهي تهدّم الحدود المفروضة بين العوالم المتماسّة وكأنّ لسان حالها «هو لا هو». علينا أن نستحضر «هو لا هو» كمرآة، "الهو" الأول واقعي، و"الهو" الثاني مجازي أو مرآوي والفاصل بينهما أداة تفيد في الوقت نفسه النفي والإيجاب وهي المرآة ذاتها. هدم الحدود المفروضة هو نقض الهندسة الإقليدية ومبدأ عدم التناقض، وفي الرواية عناصر من هذا التجاوز للهويات نحو "وحدة وجود" دفينة. 
في قراءتي لهذه الرواية حاولتُ التركيز على بعض المبادئ "الباروكية" البارزة فيها وسأفسّر لاحقاً المقصود بالباروك Baroque الذي لا أستعمله كمرحلة تاريخية من الفنّ الإيطالي في الفترة الممتدّة بين القرنين السادس عشر والسابع عشر، ولكن كقيمة فكرية ومفهومية أسوة بما كتبه جيل دولوز في كتابه «الطيّة: ليبنتز والباروك» (مينوي، 1988). كما حاولتُ التركيز على سحرية "الإسم العَلَم» وكم يذكّرني سمير قسيمي بالعارف الأندلسي عبد الحقّ ابن سبعين الذي جعل من اسمه المنطلق لفلسفته في "التحقيق" (عبد الحق) والطريقة السبعينية (ابن سبعين)، وهي خاصيّة باروكية بامتياز، أن يستنبط الإنسان فلسفة أو فكرة من اسمه، لأنّه في الوضعية المرآوية، ليس بحكم الضرورة النرجسية التي تمثّلها رمزية المرآة، ولكن بحكم هذه "الوحدة الوجودية" التي أتحدّث عنها حيث الكاتب هو نفسه الشخص الروائي لكن بفاصل تُبرزه القيمة الأنطولوجية لفكرة «هو لا هو». وتحمل المرآة أيضاً قيمة "المقلوب" لأنّ من يرى نفسه في المرآة ويرفع يده اليمنى، فإنّها اليدّ اليسرى، وهي نظرية مرآوية عجيبة ومدوّخة يشرحها في الفصل الرابع على لسان شخصه الروائي (ص 68). واسم العَلَم مقلوب بشكل مبهم ومرآوي في هذه الرواية: «ريماس إيمي ساك». بقلب هذا الإسم نتحصّل على «سامير كاسيمي». المرآوية بارزة بشكل مدوٍّ: سمير/ريماس؛ كاسيمي/إيمي ساك: «قرأت فيها اسم "ريماس إيمي ساك" على المرآة مقلوباً» (ص 125). الإسم عربي ولكن النُطق إفرنجي لأنّ هناك الالتباس حول هوية كاتب الرواية: هل هو جزائري أم فرنسي؟ هنا أيضاً، وبذكاء مرآوي وشُعلة ذهنية، محاولة هدم الحدود بين المشكلات المختلقة والمصطنعة، الهشّة في جوهرها ومحورها، حول المعرَّب والمفرنَس في أزمنة لم تعد تتشبّث بالهوية القاتلة للذكاء البشري: «كنت أترجم من اللغتين العربية والفرنسية وإليهما أيضاً» (ص 133).   
هندسة الرواية ومتاهة الغواية: 
لنلتفت إلى هذه المرآوية العجيبة: «أخذ يحدّق في مرآة يد صغيرة كانت لحظتها على مكتبه» (ص 37) ثم يربط الإدمان على المرآة خلال أربع سنوات بصدور ثلاثين رواية «وهو أمر أدمنه منذ أزيد من أربع سنوات، تماماً بعد صدور روايته الثلاثين»؛ إنّنا في الحضرة المرآوية، فتنعدم الأمكنة والأزمنة على شاكلة قول الصاحب بن عبّاد: 
«رقّ الزجاج ورقّت الخمر    
وتشابها فتشاكل الأمر، 
فكأنما خمر ولا قدح          
وكأنما قدح ولا خمر» [الديوان، شعر 54، ص 176].  
فإنّ ما نفتقده هنا نجده هناك، وعندما نصل هناك لنجده نفتقده من جديد: «إنه حين ينظر إلى هنا لا ينظر حقيقة إلى هنا» (ص 69). في حضرة «هو لا هو» هناك النفي والإيجاب، الحيرة والدوخة، فلا هو الكاتب إذن ولا هو الشخص الروائي لأنهما معاً: «أتقصد أننا واحد أنا وأنت؟» (ص 94)، لكن بفاصل مرآوي لا ينفكّ عن مضاعفتهما: «فكرتُ في عدد الأشكال المحتملة في الصورة، فخلصتُ إلى أنه لانهائي، ولكنه في النهاية لن يؤول إلا إلى الواحد» (ص 104). فالوحدة الوجودية هي كثرة معقولة ووحدة مشهودة، فيتعقّل الكثرة ويرى الواحد، أو العكس، كالانعكاس المرآوي ذاته، يتعقّل الوحدة ويرى الكثرة. هناك وحدة أصلية لكن بفارق مرآوي عزيز المنال لأنّه غائر الأسرار: «كان يظهر ويختفي وأحياناً يتقمصني وأتقمصه بالكامل، ولكنه مع نفسي كان يُبقي على المسافة التي عادةً ما تكون بين الوجه والقناع» (ص 165). كذلك "الأربع" سنوات المضاف إليها "الثلاثين" رواية لها علاقة بسنّ "ريماس إيمي ساك" الإبداعي القائل من قبل: «إنه يوم ذكرى ميلاده الأربعة والثلاثين، والذي لم يكن بالمناسبة اليوم الذي خرج فيه من رُحم أمّه، بل الذي انتهى فيه من كتابة أولى رواياته» (ص 37). وسنصادف من جديد هذه "الثلاثين" في اسم المقهى: «يعيش لوحده في شقة لم يعد يعرف منها إلا غرفة مكتبه المطلّة على زقاق من غير منفذ، ينتهي بمقهى اسمها "ثلاثون"..» (ص 38)؛ وأيضاً «ثلاثون سنة من الخدمة [في المقهى]» (ص 50)، وثلاثون طاولة في المقهى (ص 53) مضافاً إليها أخرى؛ ثم الأربع سنوات المصاحبة لها: «ما قاساه من ضجر ووحدة في السنوات الأربع الأخيرة» (ص 54)، «هذه أربع سنوات لا عمل لديّ إلا محادثة نفسي» (ص 57)، و«فمنذ أربعة أعوام وأنا أحاول أن أبدأ» (ص 105).
ويعود الإسم في أدق التفاصيل لأنّ الأشياء والأفعال هي مسميّات على شاكلة «وعلّم آدم الأسماء كلّها» (البقرة، 31). هناك "تقسيم" نابع من الاسم "قسيمي"، تقسيم يطال فصول الرواية (ص 41) ومداخل الذهن التي هي الأخرى عاكسة لمظاهر الوجود: «جعل من ذاكرته سكناً مقسّماً إلى ثلاث غرف» (ص 46). التقسيم في الوجدان هو انعكاس للتقسيم في العيان، ولم ينفكّ قسيمي عن حمل هذا التقسيم في الاسم كما في الرسم، في البيان كما في العيان، في الوجدان كما في البرهان. التقسيم الخيالي للذاكرة ما هو سوى التقسيم الهندسي للمكان بحكم الانعكاس بين الواقع والذهن لكن في تميّز يجعل الذهن في إرجاء بالمقارنة مع الواقع (محو الذاكرة، فقدان الأنصاف..). وقسيمي الذي يقسّم (بتشديد السين) هو قسيمي الذي يُقسم (بسكون القاف): «وكأنك رأيت شبحاً للتوّ؟ لقد كان كذلك. أقسم إنه كذلك» (ص 69)، على شاكلة «كأنه هو» (النمل، 42) في الإجابة البلقيسية على العرش السليماني: «وكأنه الأزل» (ص 288)؛ «أكاد أقسم أنه هو من كان يحدّث أمي بشأنها» (ص 311). المرآوية هي ما أجازف بنعته بكلمة «كأنهية»: « كأنّه» يجمع ويفصل، الواصل/الفاصل لأنّه الحدّ، الحادّ والمحتدّ، بين الواقع والطيف، بين الشخص والتجلّي. «كأنّه» يستجيب لإيقاع «هو لا هو»: «إنه يا صديقي عالم يجعلك مرئياً وغير مرئي، ظاهر وغير ظاهر في الوقت نفسه» (ص 68). ويحيل القَسَم والتقسيم إلى هذا الفاصل/الواصل بين عوالم تتجاذب بمغنطة عجيبة ولكن تقاومها بتميّز راديكالي. التقسيم هو مؤسسة رمزية منذ بدء الخليقة كما تعبّر عنه الكلمة الإغريقية "سُمبولون" sumbolon والتي انحدر منها "الرمز" في اللسان الفرنسي symbole. تعني الكلمة حرفياً «تقسيم شيء إلى نصفين متساويين» يعبّران في الوقت نفسه عن الهوية والاختلاف، التماثل والتفارق، لأنّ النصف والنصف الآخر هما في وضعية «هو لا هو»، في حالة «كأنّهية»: كأنّ النصف مشابه للنصف الآخر على غرار التوأمين، لكن دائماً بكاف التشبيه التي هي أيضاً كاف الالتباس والتنبيه. 
لا يفارقنا هذا الرمز النصفي عبر الرواية: نصف بارز ونصف خفيّ، ولربّما كانت حقيقة الأشياء هي بالتعريف "نصفية": نصف مرئي ونصف غائر عبّر عنها التاريخ الفكري البشري بمقولات الظاهر/الباطن، الحرب/السلم، الشعور/اللاشعور، الخبر/السرّ، الكلام/الصمت. بل ويذهب الفيزيائي جون بيير بوتي Jean-Pierre Petit إلى الاعتقاد بأنّنا فقدنا نصف الكون، لأنّه نصف خفيّ يفلت من أجهزتنا في الرصد والتخمين كما يخفى علينا النصف القمري (عن كتابه «لقد فقدنا نصف الكون»، باريس، منشورات هاشيت، 1997). ولأنّ العقل البشري نفسه "نصفي" البنية: يُظهر ويُبطن، يُبرز ويحجب حسب السياقات والمواطن: «حياة ظاهرة وباطنة في آن واحد» (ص 151)، فيها اللفّ والدوران والمراوغة: «كنّ يبتكرن في كل مرّة قصّة غرام مختلفة، إلا أنهنّ كنّ يحسنّ تنميقها بحيث يجعلن أمر تصديقها مسألة وقت لا أكثر» (ص 313) لأنّ الإيهام يقتضي إبراز الباطل كحقّ أو الزائف كحقيقي تماماً مثل العُملة النقدية المزيّفة؛ وفيها الالتواء والتعريج بحكم تلك الطيّة التي تجمع الداني والقاصي كالكتاب الذي نغلقه فيتّحد أقصى يمينه بأقصى يساره: «كطيّ السجلّ للكتاب» (الأنبياء، 104)، لأنّ المسألة هي دائرية تتّحد فيها نقطة البداية بنقطة النهاية والبداية هي عينها النهاية «كما بدأنا أوّل خلق نعيده» (الآية). الباروك هو دائري بالتعريف بوجود الأقواس والدوائر والانعراج المفتوح على اللانهاية: «كان يمكنها أن تشعر بالارتخاء، لولا أنّ خط الزمن المتمدّد إلى أقصاه تقوّس من جديد، كالكون لحظة الانتهاء، ليعود أدراجه ويعيدها إلى حاضرها المتعب بالانتظار» (ص 229). 
نتفاجأ في كل مرّة بالمرآوية المدوّخة التي تدفعنا دائماً لنرى مقلوبات الأشياء أو بالأحرى ننقلب على وجوهنا فنمشي على الرؤوس والأقدام في السماء. فها هو يتحدّث من جديد عن "غياب النصف" بعدما فقد عينه في حادث مروّع. فهو لا يرى أنصاف الأشياء إلا بوجود مرايا عاكسة تُبرز له ما خفي على عينه الأخرى. لكنه يلج في المرآة «منطقة وسطى بين عالمين» (ص 312) ويشغل الحيّز الذي يختفي فيه من أعين الناس وهو يراهم: «يرى الجميع من غير أن يلاحظه أحد» (ص 313). يطبّق المبدأ البانوبسي أو البانوبتيكي Panopticon الذي ابتكره جيريمي بنثام في الهندسة السجنية حيث يتواجد الحارس في مركز يخفى عن الأنظار، يرى المساجين ولا يرونه، لأنّ هذه الهندسة البانوبسية هي مرآوية في هيكلها. وتعني الكلمة حرفياً «الرؤية» (opticon) «الحلولية» (pan)، فهي رؤية شاملة ترى كل شيء ولا تخفى عنها خافية. لكن لا يمكن أن تكون هذه الرؤية الحلولية بشرية، بل هي رؤية إلهية يندمج في حاضرها الماضي والمستقبل ومشارق الأمكنة ومغاربها. فهي بؤرة تستقطب كليّة الوجود وهو أمر محظور على الإنسان سوى بضرب من الخيال: «كانت قصّة سريعة بحيث يستحيل على الرائي القبض عليها بمشاهدة واحدة» (ص 287)؛ ولا يمكنه ذلك سوى بأن يحدّد نقاطاً في اللوحة الجامعة يستطيع بموجبها تحديد أبعاد ما يرى: «كنتُ أتأملها حتى خطر على بالي أنني قد أحتاج لفهمها إلى معلم ثابت لا بدّ وأن يكون مرسوماً عليها في مكان ما» (ص 287). يجيب الكاردينال نيكولا الكوسي (1401-1464) على سمير قسيمي بتجربة مثيرة في كتابه «اللوحة أو رؤية الله» (1453) حيث إذا رأينا لوحة عليها وجه يحدق بعينيه نحونا، فإنّه لا ينفكّ عن رؤيتنا مهما غيّرنا من مواقعنا، على اليمين أو على اليسار، في الفوق أو من التحت، سواء كنّا فرداً واحداً أو عدّة أفراد، سواء تنقّل فرد من اليمين إلى اليسار في الوقت نفسه الذي ينتقل فيه فرد آخر من اليسار إلى اليمين ويريان في اللحظة نفسها ذلك الوجه المحدق؛ فإنه لا ينفك عن رؤية كل رؤية تراه، مهما تحرّكت ومهما تعدّدت وتنوّعت. إنّ غرض الكوسي هو تبيان العين الحلولية لإله مفارق بالاعتماد على تجربة حسّية استقاها من الفنّ. الغرض هو تبيان أنّ الرؤية الشاملة هي رؤية إلهية بامتياز، ولا يمكن للإنسان، حبيس الحيّز الزماني والمكاني أن تكون له رؤية كونية سوى بضرب من الادّعاء أو الكبرياء أو البهتان أو الجنون. لا بدّ أن يحدّد لذاته معالم في اللوحة أو نقاط في المشهد تلمّ شمل نظره الباهت والتائه. لهذا السبب كانت الرؤية الإنسانية التي تلامس الرؤية الإلهية هي رؤية جنونية بالمعنى الإيجابي لكلمة "الجنّ" القريبة من العبقري génie (التي تشمل النبيّ أو الملهَم أو العالم والحكيم) وسليلة الكلمة الإغريقية "جينان" (gennan) ومعناه "المختفي" كالاختفاء وراء المرآة؛ وبالمعنى السلبي لكلمة "الجنّ" التي هي كبرياء وغرور وغطرسة تؤول إلى السحق والمحق وتجليّاتها السياسية هي الحكم المطلَق والمطبَق. 
يُبرز قسيمي انتماءه إلى النصف المتواري، الصنف الخفيّ والصامت، لأنّه في الضفّة الأخرى من المرآة، غير مرئي، في «وطن اللامرئيين» (ص 313). هؤلاء الصامتون والقابعون خلف الستائر والمرايا، هم الأكثر فعلاً وتفاعلاً مع وطن تحوّلت فيه النخبة إلى آلهة مستعِرة ومستعارَة، ذات الرؤية الحادّة كرؤية النسور، رؤية جنونية ونرجسية، في علاقة دائرية تستلذّ بانعطافها على ذاتها في 380 درجة من التحديق والتلصّص: «منذ ولادتي وأنا كائن لامرئي بامتياز» (ص 313) كالعديد من الذوات المنتمية إلى وطن خفيّ، كاختفاء النصف القمري، وطن الأغلبية الصامتة، التي تُصبح مرئية يوم الاقتراع ولها نسيان وهجران لمدّة 364 على مدار العام الدائري؛ يوم تشعّ فيه شمس الأغلبية بكل أنوارها وتختفي وراء غيوم تسود كالأسود الحالك على مدار السنة. إنّ فقدان الأنصاف أصاب "العين" بالمعنى المزدوج: حاسّته البصرية وجوهره الإنساني، ففقد المرآة وفقد المرأة: فقد نصف ما يراه في المرآة، وفقد نصف حياته: «في تلك السنة توفيت زوجته وهجرته ابنته صديقته الوحيدة» (ص 38). ويشير بانهمام على لسان شخوصه الروائية إلى "الرأس" الذي قسّم فيه غرفاً ودروباً عاكسة للواقع: «حفظته في رأسي»، «كل ما في رأسي»، «تهاوت على رأسي» (ص 44)، «كان يفعل ذلك حقيقة في رأسي» (ص 45)، «النص المنقوش في رأسه» (ص 46). وهذه الإشارة المكثّفة للرأس تتواقت مع الالتقاء بجميلة "بوراس". فيتوهّج الإسم نوراً أو لنقل بأنّه ينعكس على المرايا فتضاعفه إلى اللانهاية: «فلا بدّ أن يكون هو صاحب هذا النص الذي نُسخ في رأسه ملايير المرّات» (ص 41). ويواصل الرأس في الانعكاس بين الفصول «كان النادل يتساءل داخل رأسه» (ص 56)، «ثمة أسئلة كثيرة احتشدت داخل رأسه لأزيد من أربع سنوات» (ص 60)، «يتجاهل ملايين الأسئلة التي ملأت رأسه» (ص 63).
تأتي الفصول اللاحقة لتُبرز ملامح الملاحم السابقة عبر المقولة المرعبة "الاستحالة" التي تتكرّر دائماً بحكم ذلك الانعكاس المرآوي: «يكاد الأمر أن يكون مستحيلاً»، «تراءت في تجويفه أسنان تشبه في بياضها الصلاح: "مستحيل"» (ص 51)، «هذا أمر مستحيل» (ص 52)، «لم تعد مسائل مستحيلة بالنسبة لي» (ص 53)، «جعلت من فعل الكتابة أمراً مستحيلاً..» (ص 60)، «مدركاً بأنّ ذلك مستحيل» (ص 143). تأتي الاستحالة أيضاً على صيغة ما قمتُ بتسميته «هو لا هو». فهي مقولة مرآوية تقول الشيء وعكسه أو بالأحرى الشيء وانعكاسه، لأنّ الاستحالة تضمر في جوفها "المحال" و"التحوّل". يردّد العامل في المقهى استحالة "المحال"، فهو لا يصدّق؛ بينما يردّد الزبون استحالة "التحوّل"، بأنّ الأمور تبدّلت خلال الثلاثين سنة، وليس الزبون سوى صاحب المقهى جاء ليُشاهد التحوّل الطارئ على الأمكنة والأزمنة رغم ثبوت الأشياء التي تحتويها (ثلاثون طاولة). ثمة حوار عنيف بين حدّين نقيضين أحدهما ينفي لأنها استحالة والآخر يؤكّد لأنه يقصد التحوّل: «كنتُ أشعر بروحين تتعاركان في ساحة نصّه» (ص 140). ويبدو الانتقال من الاستحالة إلى التحوّل أمراً مريباً ومحفوفاً بالشكوك والخواطر والمخاطر، ولكن هذا الكائن المصاب بالعمى النصفي أبى إلا أن «يفقأ عين حسن الظنّ» ويخرج إلى الوجود ويجيب عن الأسئلة ويأخذ زمام أموره بيده. لكن محو الذاكرة وحوام أطياف الموت واقتحام الرسائل في حياته جعلته يكتفي بالحياة دون الإبداع المصاحب لها، دفعته لأن يحتفظ بالسرّ ليجعله أقرب من الموت، أي سرّ مقبور في الخُلد يبتغي به الخلود. 
لم يتسنَّ له سوى رؤية شبحه في المرآة لأنّ الانعكاس لا يغادره والانعكاس في المرايا هو أن يعكس الأسماء والمسميّات ويراها بالمقلوب وبعين القلب بالمعنى المزدوج: قلب التقلّب (الاستحالة والتحوّل) وقلب اللبّ (السرّ ومغزى الحياة). وحتى عنوان الإيميل الذي تلقّاه بدا له عاكساً ومعكوساً: telfer ليس سوى مقلوب reflet أي الانعكاس في المرآة (ص 126). وتبعاً لبداهة «هو لا هو» الملتبسة، «علّمته التجربة أن لكل واحد بصمة كتابية تختلف عن  بصمة سواه، بحيث ومهما بدا الكلام متشابهاً، فإنه يختلف في ألفاظه وفي طرائق بناء جمله وحتى بين سطوره آثاراً تختلف من واحد إلى آخر» (ص 64). كذلك في حديثه عن نصفه المفقود: «ربما تكون ميتة [يقصد زوجته] ولكن ذكراها ورائحتها بقيتا معي» (ص 106)، فالمرأة هي في وضعية المرآة، تعكس شيئاً مفقوداً/موجوداً في شكل "أثر" بالمعنى الذي أشكله دريدا وأشكل عليه، لأنّ الأثر يقول الشيء وعدمه، الموجود وما فُقد منه، مثل المعلم التذكاري الذي يستقطب، في الوقت نفسه، الصور الماضية التي تلامس الخيال والصورة الحاضرة التي تراها عين الشهود. فالأثر هو "كأنهي" بالضرورة، ورسمه أنّه يؤثّر حسّياً بالجرح الناتئ على الجسد أو ذهنياً بالجرح البادي على النفس. فالإنسان يتأثّر لأنّ الأثر جاء ليلتصق به، في حسّه أو وجدانه، تاركاً علامة سعيدة أو تعيسة حسب ضرورة الوقت أو عنف اللحظة. لأنّ الأثر له بالتدوين علاقة مروّعة: «الأثر، هذا ما كنتُ في النهاية أبحث عنه حين بدأت الكتابة» (ص 281). الأثر هو تدوين الحرف على الورقة أو القانون على السلوك أو العنف على الجسد. فمتى كان الأثر كانت العلامة كتلك التي يحملها الجلد من فرط التعذيب أو الجسد من وطأة السنين في العمل. الأثر هو للكتابة على الجسد بمداد الأقلام أو بوخز القهر، بدءً من شهادة الميلاد وحتى إمضاء شهادة الوفاة مروراً بصكّ الانتماء الثقافي والديني عبر الختان وتثبيت عقد القران. بين المبتدأ والمنتهى ينعطف القوس وتنغلق الدائرة.     
صدى الباروك وارتباك المعنى: 
جوهر الباروك هو "الحلم"، ولم يخطئ سمير قسيمي في عنونة روايته بالحالم. الحياة هي حلم، الوجود هو حلم: هذا ما يؤسّس جوهر الفكر الباروكي الذي، قبل أن يصبح حقيقة تاريخية متجسّدة في الفنّ والمعمار والموسيقى، كان حقيقة أنطولوجية بارزة خصوصاً عند أصحاب العرفان مثل ابن عربي القائل بأنّ الوجود كله خيال في خيال أو أيضاً ابن سبعين الذي جعل من الوجود وهماً لا يقوم بذاته: «الناس نيام، فإذا ماتوا انتبهوا» يقول الخبر؛ «سيكون الأمر ممتعاً ورائعاً لو تمكن أن يعيش خيالين في نفس الوقت.. خيال داخل خيال» (ص 116) يكتب قسيمي، فيكون التداخل على غرار الدمى الروسية. لقد سبق لكل واحد منّا، على الأقل مرّة في حياته، أن لاحظ معماراً باروكياً مثل بعض كنائس روما أو أقرب منّا في الجزائر أوبرا وهران ذات المعمار الباروكي الخلاّب، فتبدو الأشكال غريبة وملتوية، في وضعية متحرّكة تصدم الوعي أو تدهش العين. يمكن تلخيص المبادئ التي يقوم عليها الباروك في الخصائص التالية: 
1- الحركة واللعبة: نرى التماثيل في وضعية متحرّكة برفع اليدّ أو النفخ في البوق أو الرقص أو القهقهة وهي ثابتة برخامها؛ توهم بالحركة في جمودها بالذات. كذلك تُبرز النصوص الشعرية أو النثرية نصيباً من الحركة يميّز شخوصها بحكم الرغبة الدافعة كمحفّز أصلي يبتغي هدفاً: متعة، إشباع، حبّ. والحركة هي بالتعريف "شوقية" لها دافع أو محفّز ولها موضوع تصبو إلى بلوغه أو إنجازه. 
2- الغرابة والرغبة: تبدو الملامح عجيبة في وضعية العبث أو التكشير أو القهقهة في ما يسمّى بالأدب الهزلي Burlesque والشخوص راغبة بلوعة دفينة: حبّ، شهوة، دافع، عنف شبقي، صراع رجولي.. 
3- اللانهائي والتعدّد: الباروك هو مرآوي بامتياز لأنّه يقابل المرايا بعضها ببعض، فتتكاثر الأشياء الموجودة قبالة المرايا العاكسة إلى اللانهائي. 
4- تعايش الأضداد: نقض مبدأ عدم التناقض من شأنه أن يكسّر الحدود بين الأشياء والعوالم فيتّحد الواقعي بالخيالي أو الإلهي بالإنساني، وهي خاصيّة غالبة في هذا الفنّ الجامع بين الحقائق المتنافرة. 
5- الظلال والأنوار: يبدو فيها الأمر المثير نيّراً وناصعاً بينما الأشياء المحيطة به قاتمة وسوداء، وهي تقنية زيتية غالبة في الفنّ الباروكي مثل لوحات الرّسام كارافاجيو Caravaggio. 
6- الالتواء والانحناء: تبدو الأشكال ملتوية ومنعطفة على بعضها البعض مشكّلة ثنية أو طيّة تخبّئ سرّاً كالصَدَفة الحاوية على اللؤلؤة، ويفسّر هذا الأمر احتمال أن تكون كلمة "باروك" هي سليلة الكلمة البرتغالية "باروكو" Barroco وهي المحارة في شكل حلزوني يمتدّ إلى اللانهاية؛ أو تبدو الأمور في شكل دوّامة متصاعدة منفتحة على اللانهائي خصوصاً في القبب الكنائسية الحاوية على الرسوم والتي تُعطي الانطباع بأنّ الرسم يصعد نحو السماء وهو في الحقيقة ضمن ما سمّاه دولوز «الداخل المغلق».
 7- الإبهام والإيهام: توهم الأشكال بأنّها لانهائية أو ممتدّة أو كالدوّامة بالاعتماد على تقنيات في خداع البصر trompe-l’oeil، فهي مبهمة وتصدم العين الناظرة. نجد هذه التقنية في العديد من الكنائس ذات المعمار الباروكي في إيطاليا.   
8- العبث والموت: الرمزية البارزة هي الجمجمة في بعض اللوحات الزيتية مثل لوحة الرسّام لويس دي موراليس Luis de Morales التي يصوّر فيها القديس فرنسيسكو الأسيزي يقرأ كتاباً فوق جمجمة. وهناك لوحات عديدة في هذا المضمار تصوّر الحياة كحلم عابر أو محطّة يتوقّف عندها الإنسان ليغادرها بعد ذلك.
9- الخيال والحسّ: يعتمد الباروك على الحسّ الرهيف في إدراك الحياة الإنسانية المباشرة أي باستعمال قنوات الإحساس كالشمّ والذوق والرؤية ويقوم على إثارة العواطف والانفعالات كالدهشة والولع والرغبة؛ ويلجأ إلى الخيال لإدراك الحقائق المتعالية التي لا يبلغها العقل مثل الحبّ والمثال. فالخيال هو في وضعية وُسطى بين حسّ خشن وفكرة لطيفة، فيلطّف الكثيف ويجسّد اللطيف إذا استعرتُ عبارة هنري كوربان في قراءته لمذهب ابن عربي.
10- الحرب والاستنفار: أزمنة الباروك هي أزمنة الأزمة والحبكة المعقّدة. عندما يجد الإنسان نفسه في وضعية شائكة وحرجة يعجز العقل عن تفسيرها بشكل منطقي وسببي، فإنّه يلجأ إلى الخيال والحدس والذوق لتجسيد خوالج ذاته وخواطر ذهنه. فليس غريباً أن يتواقت الباروك مع الحروب الدينية لدى بروزه في إيطاليا. وعموماً أزمنة الحرب أو الصراع أو القلق أو الموت هي بالتعريف أزمنة باروكية ينكمش فيها العقل والحكم السليم لصالح الصرخة الباطنية في شكل هوس أو خوف أو احتراس وتتجسّد في كلمات أو معزوفات أو رسومات أو معماريات.  
هذه باختصار بعد الخصائص البارزة للباروك تتجاوز التعريف الماهوي للباروك كحقبة تاريخية ترعرع فيها الفنّ في إيطاليا بإيعاز من المباحث الدينية التي قامت الكنيسة الرومانية بترويجها. فالباروك خاصّية فكرية وذوقية كانت قبل وأثناء وبعد الفترة التي كان فيها الباروك صناعة إيطالية في الفنّ والمعمار. باللجوء إلى الميزات الكونية للباروك، يمكننا الوقوف على التشكيلات الثقافية والفلسفية والأدبية التي توفّرت فيها هذه الميزات وأخصّ بالذكر النص العرفاني في الثقافات المسيحية واليهودية والإسلامية، أو أيضاً الأدب والفلسفة والفنّ كما تُبرزها بعض النصوص مع ابن سبعين في الأندلس أو نيكولا الكوسي في إيطاليا أو ليبنتز في ألمانيا أو مونتاني في فرنسا، أو في الأدب مع شكسبير في انجلترا. وتشغل رواية «الحالم» هذه المكانة بحكم الميزة الباروكية التي تشتمل عليها: اللانهائي سليل الانعكاس المرآوي، الموت، الأضداد، الغرابة، الطرافة: «تقدّم خطوتين فتراءى له رواق لانهائي الطول يفصل بين غرف ذاكرته» (ص 80). نبرة مماثلة نجدها عند جيل دولوز الذي رأى في النفس عند ليبنتز دُرج أو سلالم تصعد نحو اللانهائي؛ ويُظهر العالم كقبّة نصفية لها وجه إلى الجسد أو العالم المادّي والسفلي ووجه إلى النفس أو العالم الروحي والعلوي: «سقفاً لانهائياً لقبّة سماوية كبيرة كبر السماء» (ص 308).  هناك في الرواية فاصل/واصل بين عالم الواقع وعالم الخيال، بين ما يريده الشخص الروائي (على وزن الشخص المفهومي عند جيل دولوز) وما يريده كاتب الرواية، فيكون الشخص الروائي هو الكاتب على لسان ويدّ الشخص الواقعي، أي بنوع من الانعكاسية المرآوية التي تزخر بها الرواية فإنّ الشخص الخيالي هو المحرّك للشخص الواقعي، ويسعى هذا الأخير للاستحواذ على إلهامه ثمّ إعدامه ليتحرّر منه بعد أزمنة التدوين: «كان هذا الشابّ تجسيداً بشرياً لموهبة ريماس» (ص 79). لكن تعود الشخوص الروائية لتحاول الانتقام من كاتبها، فتتحاور فيما بينها وتتواطأ وتتحالف في لعبة كر وفرّ للظفر بالخصم.  
ينخرط الوصف في مسارات منعرجة ولولبية باحثاً عن الأمور الدقيقة والمشوّقة: «عرف كم يحب ريماس التفاصيل في كتاباته» (ص 99)، بل افتتن هو الآخر بتفاصيل التفاصيل: «والتفاصيل هي التي جعلتني مهووساً بروايات ريماس إيمي ساك» (ص 146). إنها طريقة باروكية تُبرز العدول عن الأشياء المستقيمة والبديهية وتزجّ بالإنسان في العوالم الغائرة ذات الظلال والطيّات في تعاريجها اللانهائية، وتستجيب إلى لعبة الظلال والأنوار: «صورة المسخ على السقف، ولكنه عكس ما بدا لي في الظلمة، كان مسخاً أقل تشوّهاً مني.. ربما الضياء ما منع تطابق الصورتين» (ص 108). فلعبة الظلال والأنوار تقوم بالمشابهة بين الأشياء حيث في الظلمة كل القطط هي رمادية كما يقول المثل للدلالة على الغموض والالتباس، ولكن إلقاء نظام من الإنارة من شأنه أن يفضّ التشابه والإبهام ويميّز بين الأشياء. بَيْد أنّ تكوير الظلال على الأنوار من شأنه أن يجعل الأشياء والشخوص في وضعية "كاليدوسكوبية" Kaléidoscopique بالمعنى السينمائي للكلمة، أي كائنات متسارعة تتلوّن بتلوينات رمادية من جرّاء انعطاف الأسود على الأبيض، فتبقى بالتالي في وضعية الالتباس تتخلّله فترات الوضوح ولكن فقط كشذرات نورية متسلّلة من ثقوب داخل قبّة حالكة. نستشفّ في هذا المقام تواقت حالة التسارع بحالة الثبوت بناءً على قوله: «عالم أبطالي كان عالماً يتباطأ فيه الزمن وينعدم أيضاً، ليحظوا بأبدية مزيّفة» (ص 184). وكأنّ كاتبنا يغترف من علم الفلك الذي يبدو أنّه مولع به نظراً لحضور هذا المبحث في روايته كمعالم موجّهة وشذرات مزيّنة. ونعرف بناءً على بعض النظريات الفلكية أنّ الزمن قبل لحظة الانفجار العظيم كان زمناً متوقّفاً وشاملاً على اللاحق كالبذرة الشاملة على الشجرة اللاحقة. فكانت العوالم ثابتة كشخوص الرواية، في حالة شبه أقلاطونية بثبوت المُثل، أي كقُرص يحوي على فيلم متحرّك، لكن الفيلم في القرص هو ثابت. فالشخوص هي كالممثّلين في الفيلم، ثابتون في القرص ومتحرّكون في الفيلم: «أحاول أن تذكّر لحظة حدثت قبل (...) ثانية» (ص 297)، لحظة خاطفة قُبيل الانفجار العظيم بانفراج الطاقة وتحرير الخليقة.     
حالة الالتباس هي حالة معلّقة (كالعنوان: «مسائل عالقة») بالمعنى الشكوكي العريق لدى الإغريق حيث لا يمكن اتّخاذ موقف أو حكم نظراً للوضعية الحرجة التي يتواجد فيها موضوع الحكم: «طيلة تلك السنين يشعر بالسعادة والاكتئاب في نفس الوقت» (ص 108)، «حين يتحدّث عن تداخل الليل والنهار ساعة المغيب» (ص 139)، «أصبحتُ أفهم في منطق الكتابة، وأهمّ ما فهمته منه، ألا منطق فيها» (ص 189). وننتقل، مُرغَمين ومُغرَمين، من الشكوكية إلى العدمية عندما يكون السؤال هو: من المنعكس في المرآة إذا لم يكن موجوداً أصلاً؟ (ص 109)، لأنّ الشبح لا ينعكس في الشبح، ولكن فقط الحقيقي والواقعي هو الذي يتّخذ صورة شبحية: «إذ لا يمكن أن تعكس المرايا أجساداً لا وجود لها في الحقيقة» (ص 120). نجد أنفسنا في وضعية شائكة تلامس العبث l’absurde حيث الشخص الروائي المختلَق يحيا في حياة مزيّفة يعتبرها حقيقية وهو عين الإيهام: «يوهمهم بأنهم يعيشون حياتهم، وهي في الحقيقة ليست أكثر من أدوار مقيتة كتبها لهم وأجبرهم على لعبها» (ص 110). تمنح هذه الصيغة الباروكية صورة الحياة كخيال أو كمسرح يؤدّي فيه الأفراد أدواراً هادفة أو تائهة، ويكون القَدر أو العبث أو الله (تبعاً لمسمّيات لها بذور وجذور حسب الثقافات والمعتقدات) هو من يحرّكهم، بهم وعلى غير دراية منهم «وكأنّه كاتب مسرحي جعل لكل من حوله دوراً يلعبه» (ص 182). أو يكون الكاتب أداة في يدّ شخصه الروائي يسخّره كيف يشاء: «لقد صرتُ بطريقة ما لسان روحه، يوحي إليّ إلهامه بالكلمات» (ص 171). ويبدو هذا التسخير "القَدَري" راديكالياً بقوله «لما انتبه أحد إلى أنّني مجرّد صدى لغيري» (ص 172) تبعاً لفكرة التوالج التي سأطرحها بعد قليل. 
نجد أنفسنا إزاء ما سمّاه الفيلسوف هيغل "حيلة العقل" أو "حيلة التاريخ" بتدبير مصائر البشر بهم ضدّهم دون علمهم. هم وسائل لا مسائل، أدوات لا ذوات. والحيلة هي مرآوية بامتياز، لأنّها تُبرز عكس ما تُبطن، تُبرز الأشياء المنعكسة وتختفي كأداة في الانعكاس، توهم بوضع الالتباس والغموض في صُلب الحياة والوجود: «في عالم مواز لعالمنا، يستقل الإسم عن الكاتب بحيث يتوهم أنه حقيقي» (ص 171). وتنعطف هنا الحيلة على الاستحالة والتحوّل لأنّ لها بهما شُحنة وشَجنة بحُكم الجذر الاشتقاقي/الانشقاقي، مشتقة منهما ومنشقّة عنهما. فتتسلّل الحيلة في صُلب النفي (الاستحالة) والإيجاب (التحوّل)، لتعكس أدوارهما وتقلب منطقهما. لكن ليست الحيلة بالضرورة الخُبث. فهي ليست شرّاً في ذاتها أو خيراً في ذاتها، ولكن استعمالها هو الذي يحدّد خيرتها أو ضررها، فهي "حيلة" للدفاع عن النفس والفرار من مَواطن الافتراس، وهي "خُبث" و"خديعة" عندما يتعلّق الأمر بالتعدّي والابتزاز. فالشخوص الروائية تتحايل على الكاتب من وجهة الدفاع عن نفسها وإيجاد تعيّنات لها في الواقع، والكاتب يتحايل على شخوصه للتحرّر من وطأتها وجنونها. تتبدّى الشخوص الروائية على غرار رسوم موريتس إيشر Maurits Escher المنفتحة على الاستحالة واللانهاية. فهي كالرسومات تريد أن تصبح واقعية بالخروج من الورقة على غرار اليدين في رسم إيشر حيث اليدّ الواقعية ترسم اليدّ الخيالية وهي نفسها الصادرة عن اليدّ الخيالية. تريد الشخوص أن تتحرّر من رأس الكاتب، تريد أن تتعيّن، أن تكون لها أعيان واقعية وملموسة، تريد أن تخرج في حالة "جحوظ" يهبها حالة "مرئية" لكي تُرى بعدما كانت مجرّد حالة "مرآوية" أي شبحية أو طيفية. لكن هل بإمكان الكاتب أن يهب الحياة لشخوصه على الطريقة الإبراهيمية في النفخ في الطير؟ لا يمكنه ذلك مثلما لا يهب النحّات لتماثيله الحياة، بل تأتي الحياة من الرؤية، من كون الرؤية هي التي تنزع عن التماثيل المرآوية جمودها لتصبح تماثيل لمثالات، هياكل لنماذج، بنيات لقيمة أو معنى في الحياة: «ما مغزى هذه الحياة إن لم يكن المرء فيها قادراً على رؤية نفسه في مرآة؟» (ص 59). إنّ محاولة فرار الشخوص كهروب الشياطين من علبة باندورا، فهي بداية الفاقة والحروب، أي الانتقام وقتل "ريماس إيمي ساك". 
هل تحوّلت الحيلة إلى مكر وخديعة؟ ليس بين الحيلة والخديعة من فاصل سوى كالفاصل الموجود بين السمّ والترياق، أو بين الوجه والقناع. فهو يطرح «سؤاله المتعلّق بجدوى بقائه حياً إن تأكّد موت المبدع فيه» (ص 59). إنّ فرار الشخوص وجحوظها كتشخيص العيون المرتعبة/المرعبة، هو الذي يقضي بموت الكاتب. وكأنّ التشخيص بالعين منخرط في فكرة الشخص ذاتها، لكن في الحالات الاستنفارية والمرعبة تجحظ فيه العيون كلوحة الرسّام كارافاجيو Caravaggio عن "الميدوسّا" القائمة على الجلاء-القتمة أي تواطؤ النور والظلمة بتقنية زيتية ومضامين باروكية مذهلة: «بسبب أعينهم التي كانت جميعها واسعة بمقل عسلية» (ص 310)؛ «قالت وعيناها اتسعتا وكأنهما ترغبان في الخروج من وجهها» (ص 311). إنّ قصّة الخيال والموت والشبح هي عودة الماضي في ثنايا الحاضر: «لماذا تتحدّث عنه بصيغة الماضي؟» (ص 179). لا زلنا في تلك الطيّة التي تحدّث عنها جيل دولوز، تحمل في تعريجها الأسرار الكبار ولا يمكن شقّ صدرها لطلوع مصدرها سوى بأن نرى كيف يحلّ الماضي في الحاضر، كيف تسكن الطفولة في الكهولة، كيف تكتنف الذاكرة جيوب الزمن، كيف ينتاب الشبح أمن الهيكل الذي فرّ منه ليعود فيستقرّ فيه ويقرّ به. المعضلة الجوهرية في كل وجود إنساني هي الكيفية التي يتداخل فيها الفائت بالقائم أو المائت بالذي ينضح بالحياة، فيكون تواجدهما في الحيّز نفسه باروكياً وحاملاً لمشاهد الغرابة:
1- «التوالج» interpénétration بالمعنى الذي طرحه ابن عربي بفكرته حول "علم التوالج"، حيث الخيال في الخيال، الماضي داخل الحاضر، الرواية داخل الرواية (ص 213)، الرؤية في الرؤية، التقمّص، «فراغ غارق في الفراغ» (ص 261)، «أسئلة تؤرق أرقي» (ص 335)، إلخ؛ "توالج" بالمعنى الأنطولوجي لوجود حقائق داخل حقائق تختلف عنها في الشكل والبُعد والقيمة؛ وبالمعنى "الشبقي" أيضاً في توالج الفروج. هذا التداخل في الحقائق المتنافرة من شأنه أن يمنح للسرد والصورة قيمة فينومينولوجية هائلة. وعندما نقرأ بأنّ الكاتب هو مجرّد صدى لصوت شخصه الروائي (ص 172)، فنقف على حالة "توالجية" حيث تصدر أصوات عن أصوات أو بالأحرى يتضاعف الصوت بأصدائه أو الكاتب بشخوصه. فكرة الصوت والصدى هي الأخرى "باروكية" ومربكة تستجيب إلى منطق "هو لا هو"، لأنّ الصوت هو نفسه الصدى في خصوصيته الفيزيائية (النبرة) ولكن ليس هو الصدى في خصوصيته المنعكسة إذا جاز لي اللجوء مرّة أخرى إلى جيل دولوز في كتابه «الاختلاف والتكرار» (المطبوعات الجامعية الفرنسية، 1969). فما يتكرّر ليس عينه المكرَّر، فهو كالموجات المتداخلة التي تصنعها قطرة ماء ساقطة على بِركة، موجات عينها لكن في كل مرّة غيرها. المسألة هي مربكة وغامضة تلعب على حدّين متناقضين في الظاهر ولكنهما متواطئان في الباطن تبعاً لما سمّاه الكوسي «تزامن النقيضين» (oppositorum coincidentia) في كتابه «الأمية العالمة» (1440)؛ وتبعاً لما اصطلح عليه ابن عربي اسم «تآلف الضرّتين» الذي لا ينتمي إلى نظام العقل بل إلى نظام الخيال: «وكل ضدّين ضرّتان وهذا لا يدرك من قوّة العقل، فإنّ قوّة العقل لا تعطيه، وإنما يدرك هذا من المقام الذي وراء طور العقل» (الفتوحات المكية، الجزء الثاني، ص 660).   
2- «التواقت» synchronisme تجتمع فيه الأضداد لحظة تقاطعها العابر والفارّ: «"يا جماعة، رحم الله الميّت. أما أنا فاعذروني لأنّ زوجتي ستلد في أيّة لحظة"» (ص 218). يتواقت الموت والحياة، لحظة الدفن ولحظة الميلاد؛ أو تواقت الواقع والخيال أو الوهم والحقيقة بالحضور المبهم والموهم للمرآة: «تصوّرتُ أنّه في عالم موازٍ لعالمنا، يستقل الإسم عن الكاتب بحيث يتوهّم أنّه حقيقي» (ص 171). ينخرط هذا الأمر في تآلف الضرّتين (ابن عربي) أو تزامن النقيضين (الكوسي)، تنعطف فيها البدايات على النهايات وتتيح تحوّل الأشياء في أشياء أخرى، فتقتصر الأمكنة والأزمنة، ويقع التماسّ بين لحظة الآن ولحظة البدء تبعاً لقول ابن عربي: «البدء حالة مستصحبة قائمة لا تنقطع» (الفتوحات، الجزء الثاني، ص 55)؛ فيصطحب الماضي الحاضر والطفولة الكهولة والطيف الواقع كظلّ لا ينفكّ عن شخصه أو نصف متوارٍ لا ينعتق من نصفه البارز والمتجلّي.      
3- «المسرحة» théâtralisation حيث تضحى الحياة عبارة عن مسرح يتحوّل فيها الأشخاص إلى شخوص، والواقع إلى خيال. فها هو يخاطب الحياة قائلاً: «كلّما دنوتُ أراكِ تبتعدين من جديد» (ص 148)، فقط لأنّ الحياة كالحلم يقبل التأويل وأبداً الحقيقة، أو هي كالسراب في البيداء يوهم بوجود الماء، وكلّما ركضنا وراءه لنصل إليه لا ينفكّ عن الابتعاد، ولكنه يتيح الابتداع. لنقلب الجملة السابقة بهذه الصيغة عملاً بخاصيّة "القلب" كما يسمّيها فقهاء اللغة: «كلما دوّنتُ أراكِ تبتدعين من جديد». إذا كان من المستحيل (بالمعنى السلبي للامتناع وبالمعنى الإيجابي للتحوّل) أن ندنو منها لأنّها كالسراب، بل هي السراب والحلم، فإنّنا ندوّن بها، تبتعد باستمرار كإرجاء يختلف ويتخلّف، ولكن تبتدع الأمر الذي يجدّدها. هكذا هي الحياة، كوميديا في التدوين والابتداع بعد تراجيديا في التداني والابتعاد. فلا نقبض عليها لأنّنا نتكلّم بها عبرها، ولا تنفك عن الحلول والرحيل، خالقة لأشياء وحالات وخاتمة لآجال ومآل، في عطاء لا ينضب وسيرورة لا تنقطع.  
  
ثقافة الإسم واسم الجسد:  
أن يستنبط المرء نسقاً أو فلسفةً فقط بالاعتماد على اسمه هي أجمل مغامرة باروكية تميّزت بها بعض الفلسفات العريقة، في الثقافة اليهودية القائمة على القابلاه، أو في الثقافة الإسلامية مع ابن سبعين، أو في الأدب المعاصر القريب منّا مع قراءة جاك دريدا لاسم "فرنيس بونج" Ponge الذي يعني الاسفنج ويميل نحو محو ما يكتبه وشطب ما يخطّه. فالاسم كالذرّة الكونية السابقة على الانفجار العظيم، متى تفجّر تحرّر وحرّر المادّة الفكرية في توسّعها اللانهائي. للاسم مفاتن سحرية لأنّه يحدّد، بشكل خفيّ ودفين، مصير الإنسان، فيحمل أصله في ذاته كالطفل الذي كان والذي يكبر معه. وفي ذلك يكتب قسيمي: «كان السرّ إذن أمراً موجوداً معنا» (ص 47)، حالة مستصحبة كالبدء عند ابن عربي. يقسّم قسيمي حسب ضرورة بديهية في اسمه ولكنها تعود كالباده البرقي تشتعل ثم تنطفئ. يستعير من اسمه ليؤسّس كائنات يعرف خباياها وأسرارها: جميلة بوراس التي وهبته هوس الاهتمام بكل ما في الرأس من خواطر ومخاطر، وعثمان بوشافع الذي يؤمّن له اسماً مشفوعاً تتلقّفه الأقلام وتتداوله الصحف. له في كل إسم شاردة وواردة: «فكل كتبه الثلاثين بكل ما فيها، كانت لتحمله إلى الموت على أجنحة الرضا» (ص 115)، أي على أجنحة الجنون بحكم ذلك المجنون المدعو "رضا خباد". الإسم هو المفتاح الذي له يرتاح ويفتح به مغاليق الوجود وأقفال الشخوص التي تنتابه ليل نهار. يستعمل أسماءها ضدّها فيعرف كيف يلج في أغوارها لاقتناء أسرارها. في قسيمي التقسيم والقَسَم، التجزيء واليمين، واليمين هي القوّة والشدّة كالضرب بيدّ من حديد. إنّ في الإسم الرغبة، بل الهوس، في أن يكون للتقسيم الروائي قوّة ومتانة ككل نسق يلمّ عناصره وأشتاته بالرابطة العابرة للعناصر أو العلاقات العابرة للحدود. والعلاقات هي معدومة في جوهرها كما يقول ابن عربي. فبين الحدّين الأب والابن علاقة غير مرئية، أي معدومة، هي علاقة الأبوّة من الأوّل إلى الثاني وعلاقة البنوّة من الثاني إلى الأوّل. فالعلاقة هي التي تحدّد قيمة الحدّين. كذلك القوّة بين الشخوص الروائية تتحدّد بانسجام العلاقات بينها، تلعب على وتر التماهي والاختلاف، التبعثر والانتظام. 
ليس الإسم مجرّد كنية أو رفعة (فهو مشتق من "السموّ") ينعت شخصاً له كرامة ونسمة، أي روحاً تقتضي الاحترام لأنّها جزء من الروح الكونية الجامعة ومن الرابطة الإنسانية العالمية؛ وإنما الإسم هو أيضاً عبارة عن فعل. قسَّم وأقسم الصادران من "قسيمي" هما فعلان. وكل إسم له بالفعل رابطة كالعلاقة بين المبتدأ والخبر. يمكن أن ينفرد الإسم بجلاله ومكانته كإسم مستقل عن كل شائبة فعلية تُجبره على النزول إلى عوالم الكون والفساد، بينما هو ينبري التبدّل والتحوّل ليبقى في الهدوء المتعالي كإسم الجلالة "الله" مثلاً. لكن كل إسم له فعل لأنّ الله هو أيضاً الخالق والصانع. يمكن اللجوء إلى التصوير الفنّي الذي يبرزه ابن عربي بشأن الأسماء الحسنى وميلها إلى خلق العالم وتثبيت تعيّناتها في أطرافه وأرجائه: فها هو الإسم "الرزّاق" يتوكّل بالأرزاق، ونقول في تعبيرنا المعاصر "الاقتصاد"؛ والإسم العفوّ يتكفّل بالتسامح والصُلح ودرء الفتن؛ والإسم "المنتقم" يضع بصمته على أقاليم الصراع والحروب والنزاعات، والأمر نفسه مع الجبّار والغفور والعادل والخبير والحافظ والقادر والهادي، إلخ. الأسماء هي أفعال بتجسيد الإرادة في الصناعة. كذلك كانت الآلهة الإغريقية والرومانية والتي هي أسماء لها أفعال: "ديميتر" إله الأرض يُعنى بالزراعة والحرث، "بوسيدون" إله البحار يتكفّل بالملاحة والتجارة، "هيفستوس" إله النار يتوكّل بالصناعة وتذويب المعادن لفبركة الأدوات والأسلحة، إلخ. كل إسم هو نعت لأداء أو علامة على فعل. لكن الفرق بين الأسماء الحسنى كما نظّر لها ابن عربي والآلهة عند الإغريق أو الرومان، أنّ الأسماء الإلهية هي انكاس مرآوي للعالم، على الطريقة الأفلاطونية في كون العالم العلوي هو "مثال" أو نموذج العالم السفلي، فيما الآلهة في الأساطير الإغريقية والرومانية لها قيمة "حلولية" لأنها تختلط بالعالم وتمتزج به وتتجسّد فيه. إنّ الإسم الذي يأخذ به صاحب «الحالم» هو إسم مرآوي سليل ثقافته وتاريخه المذهبي والفكري، إسم يعكس مسمّى ولا يتّحد به: «أتقصد أننا واحد أنا وأنت؟»، والإجابة لا لُبس فيها: «لسنا واحداً، هذا أمر مفروغ منه» (ص 94). 
لكن يعود ليضع الشكّ في صُلب اليقين ويتساءل: «أيّ إسم قد يكون لكلينا في وقت واحد؟» (ص 326). يفتتن بهذه الازدواجية في الذات (ظاهر/باطن) أو بالأحرى بالاثنين في الواحد: «كنا ونحن الاثنين معاً وكأننا واحد بعقلين محشورين في عقل واحد» (ص 327)، لكن دائماً بالأداة "الكأنهية" (كأنّنا) التي تصل/تفصل، في الوقت نفسه، بين الاثنين، توحّد بينهما وتحدّد لهما الفواصل الضرورية في التميّز. يعود بالعناد ليقول بنبرة حلولية: «سينتهي به المطاف في التماهي معي (...) لن يصمد طويلاً ويذوب فيّ». لكن المنطق المرآوي يقتضي مجاوزة التعالي والحلول معاً، تجاوز المثاليات والتجريدات المستحيل الوصول إليها سوى بضرب الأمثال والاستنجاد بالاستعارات وإعارة الأشباه والنظائر، وتجاوز التجسيدات التي يقول لسان حالها «وتشابها فتشاكل الأمر». إنّ «الحالم» تقف على عتبة «هو لا هو» في التباس مؤسّس لا يمكن اختزاله، عتبة الشكّ الراديكالي المتجاوز للشكّ المنهجي، شكّ يدفع بالأسئلة إلى منتهى طاقتها وبالخواطر إلى منتهى المخاطر، لأنّ تركيبتها هي الالتباس، بل والتلبّس في هذا الزيّ أو ذاك، التنكّر بهذا الإسم أو ذاك. هل «الحالم» هي سيرة ذاتية؟ نعم ولا، وبين نعم ولا تتطاير البداهات وتتشظّى الوقايات إذا جاز لي محاكاة ابن عربي في السجال الذي يضربه لنا بين التصوّف والفلسفة، بين الوجدان والبرهان. إنّ السيرة الذاتية هي كإسم العَلَم: فلسفة قائمة بذاتها، لها قوام ومقام. إنّ «نعم ولا» هي على وزن «هو لا هو» لا محلّ لها من الإعراب سوى في هذا الحيّز البيني، بين الواقعي والخيالي، بين الحقيقي والشبحي تبعاً للتحذير الأصلي في بداية الرواية: «إنّ كل تشابه بين أحداث وشخوص هذه القصّة مع الواقع مجرّد صُدفة» (ص 15). قبل ضمّ الصُدفة، ماذا لو فتحناها لنرى ما بداخلها؟ أقصد ماذا لو جاءت الفتحة لتزدان الصاد والدال: صَدَفة؟ ها نحن من جديد أمام مشهد باروكي تكون فيه الصَدَفة ذات الأشكال الحلزونية الغريبة والمفتوحة على اللانهائي. كذلك الصُدفة (الآن بضمّ الصاد وسكون الدال) هي مفتوحة على اللانهائي: هناك فرصة في ملايين المرّات لأن يظفر اللاعب باللوتو. 
الصُدْفة هي كهذه الصَدَفة: عمياء، عرجاء، ملتوية، ولكنها تختزن على جوهرة نادرة لمن ظفر بها: «جاءت كحبّة "لويز" فريدة ومتميّزة» (ص 292). عندما تجتمع الفرص وتأتي الواردات بدون سابق إنذار ولكن بعلامات لا يفقه كنهها سوى من يتحيّن فرصها ويصغي إلى دبيب قدومها، فإنّها تلمّ في ظرف ومكان وسياق كل المواهب الكونية المتجمّعة بحرارتها الحارقة في هذه اللحظة الجامعة المانعة كتلك التي نعتها الإغريق القدامي بكلمة "الكايروس" Kaïros. "الكايروس" هو زمن المصادفات العزيزة النادرة، قصير في مدّته، جسيم في آثاره، مدوّي بأصدائه، وفير بنتائجه وثماره، كالحلم تماماً الذي في الثواني الخاطفة التي يجول فيها في مداخل الإنسان يُكسبه الفرحة العارمة والسعادة الكاسحة: ها نحن من جديد في الحلم، في هذه التركيبة المبهمة اللصيقة بالباروك، أي في الأمر العابر والعابث من الحياة: «"الدائم" مجرّد وهم لا جدوى منه» (ص 308) تبعاً لمقولة "العبث" vanité في الأدب الباروكي، حيث الحياة قصيرة وعابرة، تتكالب عليها القوى، تتحارب من أجلها الأمم، وهي في سيرورة خلاّقة ومهدّمة في الوقت نفسه، خالقة للجديد ومجاوزة للقديم. تكمن الحصافة في كيفية تركيز هذا العبور الحلمي والحالم في حياة بشرية ثريّة قوامها "الزمن الكايْري" (من "الكايروس")، أي في كيفية جعل حياة الإنسان بؤرة من العطاء كالفوّارة لا تجفّ ينابيعها حتى بعد وفاة الإنسان نفسه. والوجود مصادفات ونفحات، أفلح من أحسن اصطياد العطايا والواردات في الظروف السانحة بالذكاء المشتعل والحيلة المتوقّدة. كانت لابن عربي كلمة جامعة نافعة يلخّص بها هذه النفحة الوجودية بقوله: «عن الجود صدر الوجود» (الفتوحات، الجزء الثاني، ص 179). تنبع في الأوقات التي لا ينتظرها الإنسان واعياً ولا يتحيّن فرصها سوى بانتظار شبه واعٍ، في شكل يقظة أو انتباه. لهذا السبب كانت التحيّة الصباحية الإغريقية «خيرات» (Khaïrétè) كالعربية تماماً «صباح الخير» لأنّ لها بها جذر مشترك. والخير هو تلك النِعم القابلة للصيد في أزمنة ورودها ولحظات صدورها في العَوَد الوجودي الذي يتجدّد في متنفّس كل صبيحة.
تتصيّد الرواية النفحات البشرية وتلتفت إلى أقرب شيء للإنسان وهو بشرته التي تُبرز بشريته، تُظهر أدمته التي صدر منها، أي الطينة أو العجينة التي تكوّن منها. إنّ "باروكية" الرواية هي أيضاً حكاية عن هذه العجينة المبهمة المسمّاة "الجسد". الرواية هي أيضاً قصّة أجساد، كادحة أو ناكحة، تلك التي تبحث عن ذواتها في أغيارها، تبحث عن الأمر الذي يكمّلها ويسوّي عجينتها في هذه الصيغة أو تلك، في هذا الشكل أو ذاك، جاعلاً منها الهيولى القابلة لكل صورة. للجسد في الرواية قيمة حسّية وشهوانية: جسد يخرج من جسد (الولادة)، جسد يلج في جسد (النكاح)، جسد يعفس على جسد (العنف، القهر)، إلخ؛ لكن دائماً بالمبهم والعجيب الخلاّب: «لا تحدّث ابنها الذي أنجبته، بل الرجل الذي قرّرتُ أن أكونه، أقصد ذاك الذي أنجبته أنا» (ص 311). تلد الأمّ الرجل في الطفل الذي أنجبته. مشهد غريب لا يختلف عن الغرابة الباروكية التي أنشدها أبو منصور الحلاّج بهذه الأبيات: 
«إنني شيخ كبير في  علوّ الدارجات،
ثم إنّني صرتُ طفلاً في حجور المرضعات (...)
ولدت أمّي أباها أنّ ذا من عجباتي،
فبناتي بعد أن كنّ بناتي أخواتي» [الديوان، قافية التاء، ص 294]
هذا القلب المرآوي هو كالبذرة الحاملة للشجرة في انطوائها الأصلي كما الشجرة ستحمل البذرة في انبساطها البعدي. «الحالم» هي قصّة "الحامل"، الجسد الحامل للجسد، الجسد الحامل للإرهاق وسنوات الكدّ والكدح، الجسد الحامل للذكريات، السعيدة أو التعيسة، الملتصقة بالبِشرة قبل الذهن، الموشومة في مفاصل الجسم قبل فواصل الكتابة، المرسومة في أطراف البدن قبل أطياف الخيال. فهي تروي سؤال الحمل وطرائق التوليد (Maïeutique) على الطريقة السقراطية: «أقصد ذاك الذي أنجبته أنا». أنجبته أمّه من أحشاء بطنها وهو أنجب شخصه الروائي من أحشاء باطنه. لم ينفكّ عن توليد الخواطر الدائرة في خُلده لتصبح شخوصاً تبتغي الخلود وتحيك المكائد لتنشقّ عن الرأس المدبّر لها. من كل الأحاسيس التي يستشعر بها الجسد ومن كل الهواجس التي تستبدّ به، وقع خيار "الراوي" ريماس إيمي ساك واختيار "الروائي" سمير قسيمي، لأفصل وأصل بشكل مرآوي بين "الراوي" و"الروائي"، بين الصوت الذي يوحي والقلم الذي يدوّن؛ أقول وقع اختيارهما على الذاكرة الشمّية، من رأس الرواية إلى ذنبها، تلك الذاكرة التي أشار إليها ابن عربي بقوله: «وقد رأينا من رجال الروائح جماعة وكان عبد القادر الجيلي منهم يعرف الشخص بالشمّ» (الفتوحات، الجزء الثاني، ص 392). وليس ببعيد عن هذا المنطق الجسدي الخاصّ يقول الراوي على لسان الروائي: «الأجساد قادرة على الشمّ ليس كما نفعل بأنوفنا» (ص 306). والعلّة هي لغوية أوّلاً وفلسفية ثانياً: 1- أمّا العلّة اللغوية وهي أنّ المعرفة لا تنفكّ في جسدها اللغوي عن "العَرف" (بفتح العين) وهو الشمّ: فمن عَرف فقد عَرف، أي من شمّ أحاط ذكراً بالشيء المشموم؛ 2- أمّا العلّة الفلسفية فإنّ المعرفة لها قنوات حسّية مثل النظر والسمع والذوق. وينفرد الشمّ ببقاء الأثر بعد زوال قرينة الحال، لأنّ ذاكرته فورية بمجرّد التقاء حاسّة الشمّ بالشيء المشموم؛ خلافاً للعين التي قد يلتبس عليها الحال فترى شخصاً تظنّ أنها رأته من قبل، وكذلك السمع الذي قد يخلط بين الأصوات. 
المعرفة هي شمّية اشتقاقاً لغوياً وانشقاقاً أنطولوجياً. إذا جرت على لسان ابن عربي مقولة "الروائح" فلدلالة هي الأخرى لغوية ذات المضامين الفينومينولوجية، بحكم أنّ الرائحة من الروح، كما أنّ النَفْس (سكون الفاء) من "النَفَس" (فتح الفاء) حقيقة ومجازاً: 1- أمّا على سبيل الحقيقة فإنّ جوهر الحياة وبقاء النفس هو التنفّس، بل تكاد المدرسة الرواقية في الفلسفة الإغريقية تختزل النفْس في النفَس، أي في تلك النسمة التي بها حياة الإنسان؛ 2- أمّا على صعيد المجاز فإنّ النفس صادرة عن النفَس الإلهي الذي جاء للتنفيس عن كرب الأسماء الحسنى لخلق الوجود، فتطبع في العالم أعيانها، فجاء الخلق في صيغة الأمر: «كُنْ» (يس، 82). وما الشخوص في الرواية سوى على صورة هذا الكرب الأصلي الذي يستدعي التنفيس، فتخرج من رأس الروائي لتروي رغبتها في الكتابة والإبداع وصناعة شيء يكون له "الأثر" لأنّه سليل الأمر الأصلي «كُنْ». لكن الشخوص الروائية ليست مجرّد فبركة ذهنية، بل هي أيضاً صناعة جسدية، هي ما ينبثق من الجسد من ذاكرة حيّة ثبّتها الزمن بالحديد والنار أو بالكدّ والكدح أو بالألم والأسى أو بالذوق والشوق. فالشخوص هي كالأسماء، تسعى بولع وهوس إلى تحقيق أعيانها في الجسد مثلما الأسماء تغرس في العالم علاماتها بقوّة الخلق والطبع. تحكي الشخوص قصّة الجسد أمام هواجسه ورغابته، طريقة إفراغه لشحناته، سبيل تفريج كربه. تتأرجح بين الحكاية والحياكة، بين الطريقة الذكيّة في سرد وقائع الحياة ومَواطن الجسد، والطريقة الفنّية في نسج خطاب حول الشرط البشري أمام مساره ومصيره: «نحنّ بعقلنا الباطن إلى حيوانيتنا» (ص 306) يقول الراوي للروائي، أي هذا ما تقوله الشخوص على لسان الكاتب. وعلينا نفض كلمة "الحيوان" من الدونية الملتصقة بها، لأنّ الحيوان هو الكائن الذي يتوهّج بالحياة وليس هذه البهيمة التي نمقتها وننعتُها بأحطّ الدلائل. هناك "حيوانية" دفينة في أجسادنا بحكم الميول الغريزي لإشباع الرغبات والنزوات، وفي سلوكيتنا بحكم النزوع نحو الهيمنة والتسلّط تصدّقه ظواهر الصراع والتعدّي والمناطحة مضافاً إليها الرذائل من كل صنف ولون كالحسد والحقد والضغينة وفبركة المصائد والمكائد للإيقاع بالمنافس. نعم الإنسان هو حيوان ينضح بالحياة، والحياة هي في الوقت نفسه بناء وهدم، خلق وإعدام، ارتقاء وانزلاق، وفي ذلك التسمية الراقية للبشري اللصيق ببشرته أي جسده الذي هو أقرب إليه كالتنفّس الذي يسمع دبيب شهقته وزفرته.
خاتمة:
لقد حاولتُ في هذه القراءة المبدئية الوقوف على نمط باروكي في الكتابة الجزائرية الحديثة مع روائيين شباب لهم من الحماس والالتماس ما يثير الدهشة ويُغبط الذات، كتابة هي نتاج محنة معيشة طبعت النفوس والأجساد بقسوتها خلال أزمنة العنف والعبث. وكما أوضحتُ سابقاً، يَبرز الأدب الباروكي في أزمنة الأزمة لما ينطوي عليه من قيم الانطواء على الذات والانعراج في الأسلوب والخطاب باستعمال مكثّف للبلاغة وللأساليب البيانية كالاستعارة والمجاز المرسل وللصور المبهمة الدالّة على حقيقة لا يطيقها الوعي من فرط فظاعتها والتي تشتمل على مظاهر الحرب والعنف والمرض والجنون واليأس والقلق. وحده الأدب الباروكي يمكنه التعبير عن هذه المظاهر التي ينكمش فيها العقل وينتفي أثره لصالح قناة حسّية أو نظرية لها من الجحوظ والانتباه ما يجعلها تتحسّس دبيب الوجود وهمس الواقع بقرون استشعارية في غاية اليقظة والاحتراس. وتمنحنا رواية «الحالم» بعض المفاتيح الذكيّة التي ينبغي التقاطها في هذه المتاهة لفتح خزائن العوالم التي تتحدّث عنها. لكل عالم قفل ولكل حكاية مقدار معيّن من الحركات التي يمكن إدارتها لفتح الخزانة. لهذا السبب نجد أنفسنا في دهاليز تستدرجنا. في مدخل كل عالم من العوالم عقبات يتوجّب تجاوزها بفطنة للظفر بالمفتاح وفتح الخزانة، لأنّ الإبهام والالتباس يأتي من كون أنّ العوالم متشابهة في اختلافها بالذات ولأنّها مرايا عاكسة تخربط المواقع وتُضاعف من الأشياء والكائنات التي تعكسها. إنّ «الحالم» هي أروع رواية من حيث العرض الفنّي والسرد المتموّج الذي يباغت القارئ بقفزات وانثناءات ودروب متشعّبة ومتشابكة، تجعل القارئ نفسه في وضعية الحالم، لأنّها وببساطة رواية حلم داخل حلم، ولأنها هي أيضاً رواية داخل رواية، حكاية داخل حكاية، دهاء عنكبوتي يُنتج نسيجه من صُلبه. ولهذا السبب هي رواية ساحرة تتوّج الرواية الجزائرية ببريق من الشجاعة ومن الكتابة الصبورة والمحترفة، وأقول أيضاً المحترقة بنيران السليقة والذكاء المضطرم.    
* محمد شوقي الزين/مفكر وباحث جزائري مقيم في باريس
-----------------------------------------------------------
من هو الكاتب عبد الهادي سعدون؟
عبد الهادي سعدون شاعر وقاص عراقي مقيم في اسبانيا تولد: بغداد ـ العراق 1968. ـ ساهم في تأسيس وإدارة دار ألواح / مجلة ألواح الثقافية الفكرية ـ مدريد /أسبانيا/ منذ عام 1997. ـ مختص في الآداب واللغة الإسبانية.أنجز أكثر من كتاب مترجم من الإسبانية إلى العربية. الإصدارات: ـ اليوم يرتدي بدلة ملطخة بالأحمر/ قصص/ دمشق/ 1996. ـ كنوز غرناطة/ رواية للأطفال/ مركز الطفل العربي – الإمارات العربية/ 1997. ـ تأطير الضحك / شعر / دار ألواح ـ مدريد/ 1998. ـ ليس سوى ريح/ شعر/ دار ألواح ـ مدريد/ 2000. ـ انتحالات عائلة/ قصص/ دار أزمنة ـ دار ألواح/ 2002
من هي الدكتورة إبتهال الخطيب ؟
ابتهال عبدالعزيز الخطيب (مواليد 1972) أستاذة جامعية في جامعة الكويت بكلية الأداب قسم اللغة الإنجليزية وأدابها، وهي عضو هيئة تدريس منذ عام 2003 بالقسم برتبة مدرس، بتخصص الأدب والمسرح الحديث. حصلت على الدكتوراة من جامعة بولدر استيت سنة 2003. تقوم كذلك بالكتابة الصحفية في صحيفة أوان الكويتية، عرفت بجرأتها في تناول المواضيع المتعلقة بحقوق الإنسان، وتملك فكراً يعد تحررياً علمانياً سبب لها صداماً عنيفاً مع التيارات الدينية السنية والشيعية. وقامت بعدد من اللقاءات التلفزيونية منها مع تركي الدخيل في برنامج "اضاءات" ومع وفاء الكيلاني في "بدون رقابة". نقلا عن ويكيبيديا كما يمكن إيجاد كل حلقاتها التفزيونية على يوتوب
الشاعرة الجزائرية آنا غريكي
آنا غريكا من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة شاعرة جزائرية تكتب باللغة الفرنسية ولدت في 11 مارس 1931 في ولاية باتنة في الشرق الجزائري اسمها الحقيقي كوليت غريغوار وتوفيت في 6 يناير 1966 في الجزائر العاصمة حياتها ولدت لعائلة مثقفة من الكولون الفرنسيون القلاقل الذين كانو يدعمون الثورة الجزائرية أبوها كان مدرسا جامعيا في سكيكدة وأمها مدرسة ثانوية درست في باريس وعملت كمدرسة ثانوية في عنابة وانضمت إلى الحزب الشيوعي الجزائري ونظمت الكثير من النشاطات ضد المستعمر الفرنسي فاعتقلت سنة 1957 بتهمة دعم الارهاب والخيانة أين وضعت في سجن بربروس العسكري ومن ثم سنة 1958 وضعت في سجن بني مسوس بعد استقلال الجزائر عملت مدرسة في ثانوية الأمير عبد القادر إلى غاية وفاتها سنة 1966 مؤلفاتها آنا غريكا لها ثلاث دواوين شعرية ورواية واحدة لم تكتمل     Algérie, Capitale Alger الجزائر عاصمتها الجزائر …لقراءة المزيد
آنا غريكا من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة شاعرة جزائرية تكتب باللغة الفرنسية ولدت في 11 مارس 1931 في ولاية باتنة في الشرق الجزائري اسمها الحقيقي كوليت غريغوار وتوفيت في 6 يناير 1966 في الجزائر العاصمة حياتها ولدت لعائلة مثقفة من الكولون الفرنسيون القلاقل الذين كانو يدعمون الثورة الجزائرية أبوها كان مدرسا جامعيا في سكيكدة وأمها مدرسة ثانوية درست في باريس وعملت كمدرسة ثانوية في عنابة وانضمت إلى الحزب الشيوعي الجزائري ونظمت الكثير من النشاطات ضد المستعمر الفرنسي فاعتقلت سنة 1957 بتهمة دعم الارهاب والخيانة أين وضعت في سجن بربروس العسكري ومن ثم سنة 1958 وضعت في سجن بني مسوس بعد استقلال الجزائر عملت مدرسة في ثانوية الأمير عبد القادر إلى غاية وفاتها سنة 1966 مؤلفاتها آنا غريكا لها ثلاث دواوين شعرية ورواية واحدة لم تكتمل     Algérie, Capitale Alger الجزائر عاصمتها الجزائر     Éléments pour un art nouveau' عناصر من أجل فن جديد بالتعاون مع مصطفى لشرف     Temps forts الأوقات القوية
العالمة العربية السورية : شادية رفاعي حبال
ا عالمة عربية من بلاد الشام ذاع صيتها في الأوساط العلمية في الغرب حتى كاد يبلغ محيط الشمس، كيف لا وهي التي أسهمت في تصميم المركبة الفضائية التي انطلقت عام 2007 إلى أقرب نقطة من الشمس، إنها البروفسور شادية رفاعي حبال؛ أستاذة كرسي فيزياء الفضاء في جامعة ويلز في بريطانيا. ولدت شادية نعيم رفاعي في سوريا، حيث تلقت التعليم في مدارسها، وبدأت رحلتها العلمية في جامعة دمشق حيث حصلت على درجة البكالوريوس في علوم الفيزياء والرياضيات، ثم التحقت بالجامعة الأمريكية في بيروت لتنال فيها درجة الماجستير في الفيزياء. ولم تكتفِ شادية بكل هذا، فسافرت إلى أمريكا علَّها تروي ظمأها العلمي، فدخلت جامعة سنسناتي (Cincinnati) لتحصل منها على درجة الدكتوراه في الفيزياء. وفي عام 1978، التحقت شادية بمركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية (Harvard-Smithsonian Center for Astrophysics)، حيث قامت بتأسيس مجموعة أبحاث …لقراءة المزيد
ا عالمة عربية من بلاد الشام ذاع صيتها في الأوساط العلمية في الغرب حتى كاد يبلغ محيط الشمس، كيف لا وهي التي أسهمت في تصميم المركبة الفضائية التي انطلقت عام 2007 إلى أقرب نقطة من الشمس، إنها البروفسور شادية رفاعي حبال؛ أستاذة كرسي فيزياء الفضاء في جامعة ويلز في بريطانيا. ولدت شادية نعيم رفاعي في سوريا، حيث تلقت التعليم في مدارسها، وبدأت رحلتها العلمية في جامعة دمشق حيث حصلت على درجة البكالوريوس في علوم الفيزياء والرياضيات، ثم التحقت بالجامعة الأمريكية في بيروت لتنال فيها درجة الماجستير في الفيزياء. ولم تكتفِ شادية بكل هذا، فسافرت إلى أمريكا علَّها تروي ظمأها العلمي، فدخلت جامعة سنسناتي (Cincinnati) لتحصل منها على درجة الدكتوراه في الفيزياء. وفي عام 1978، التحقت شادية بمركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية (Harvard-Smithsonian Center for Astrophysics)، حيث قامت بتأسيس مجموعة أبحاث عالمية في الفيزياء الشمسية الأرضية، وذلك قبل تعيينها أستاذة كرسي في قسم الفيزياء بجامعة ويلز في أبريستويث. وتركزت أبحاث الدكتورة شادية على استكشاف مصدر الرياح الشمسية، والتوفيق بين الدراسات النظرية ومجموعة واسعة من عمليات المراقبة التي أجرتها المركبات الفضائية وأجهزة الرصد الأرضية. وقد اعتُبرت أبحاث العالمة العربية حول الرياح الشمسية بمثابة "تفجير قنابل" عند طرحها للمرة الأولى، كما ذكرت مجلة العلوم الأمريكية، إذ أطاحت أبحاث شادية وزملائها بالتصورات التي كانت سائدة عن الرياح الشمسية، فقد أكدت بأن الرياح تأتي من كل مكان في الشمس، وتتوقف سرعتها على الطبيعة المغناطيسية للمواقع المختلفة. وقد لعبت الأستاذة شادية دوراً رئيساً في الإعداد لرحلة المسبار الشمسي لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، وهو أول مركبة فضائية ستدور فعلياً داخل الهالة الشمسية كما ترأست شادية العديد من الفرق العلمية لرصد كشوف الشمس حول العالم، ومنها منطقة الجزيرة في سوريا. وقد تقدمت الأستاذة شادية بحوالي 60 ورقة بحث لمجلات التحكيم العلمية، كما شاركت بثلاثين بحثاً آخر في المؤتمرات العلمية، وتعد الأستاذة شادية من الخبراء الدوليين في الشمس والرياح الشمسية، كما إنها عضو في العديد من الجمعيات مثل: الجمعية الفلكية الأمريكية، والجمعية الأمريكية للفيزياء الأرضية، وجمعية الفيزيائيين الأمريكيين، وجمعية النساء العالمات، والجمعية الأوروبية للفيزياء الأرضية، والاتحاد الدولي للفلكيين، وتتمتع الدكتورة شادية بدرجة الزمالة في الجمعية الملكية للفلكيين. وتشير مسيرة حياة شادية العلمية والعائلية إلى القدرة الكبيرة التي تميز النساء العالمات في العالم العربي، فقد جمعت شادية بين واجباتها الأسرية من رعاية أطفالها والقيام بحق الزوجية، وبين التدريس والبحث العلمي وقيادة الفرق العلمية والنشاط الأكاديمي، فهي تذكرنا بأسلافها من العالمات المسلمات اللاتي ذاع صيتهن في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية. ولا تزال الدكتورة رفاعي حبال تشغل منصب أستاذة كرسي في قسم الفيزياء بجامعة ويلز في أبريستويث، إضافة إلى رئاستها للجنة جائزة هالي التابعة لقسم الفيزياء الشمسية في الجمعية الفلكية الأمريكية، وعملها محررة لمجلة فيزياء الفضاء وأبحاث الفيزياء الأرضية. وقد تم تكريمها مؤخراً بمنحها درجة أستاذة زائرة في جامعة العلوم والتقنية في الصين. المصدر : بوابة الإنترنيت إعداد : محمد إحسان الطويل phyforall@hotmail.com
مريم شديد، أول عالمة عربية تصل القطب المتجمد الجنوبي
   مريم شديد من مواليد 11 أكتوبر 1969، هي باحثة وفلكية مغربية في مرصد "كوت دازير" القومي الفرنسي، كما تعمل أستاذة بجامعة نيس الفرنسية. تعتبر مريم شديد أول عالمة أنثى في القطب الجنوبي [1]. كانت شديد ضمن فريق عمل علمي مهمته وضع منظار فضائي يهدف إلى قياس إشعاع النجوم في القطب المتجمد الجنوبي. تحصلت مريم شديد على إجازة في الفيزياء من جامعة الدار البيضاء ثم بدأت في تحضير دكتوراه في جامعة نيس سنة 1994 و التحقت بالمركز الوطني للبحث العلمي كمهندسة فلكية مريم شديد سيدة "استثنائية"، فهي ليست ككل النساء..إنها المرأة الأولى والوحيدة التي وضعت أقدامها على الأرض البيضاء للقطب الجنوبي المتجمد. هذه الباحثة والعالمة الفلكية التي لا يتجاوز عمرها ال 36سنة سجلت أول سابقة في تاريخ المرأة العالمية وهي تطأ أرض "قارة العالم السادس" كما يحب الكثيرون أن يسمونها، لتجعل العلم المغربي يرفرف، كأول علم عربي، …لقراءة المزيد
   مريم شديد من مواليد 11 أكتوبر 1969، هي باحثة وفلكية مغربية في مرصد "كوت دازير" القومي الفرنسي، كما تعمل أستاذة بجامعة نيس الفرنسية. تعتبر مريم شديد أول عالمة أنثى في القطب الجنوبي [1]. كانت شديد ضمن فريق عمل علمي مهمته وضع منظار فضائي يهدف إلى قياس إشعاع النجوم في القطب المتجمد الجنوبي. تحصلت مريم شديد على إجازة في الفيزياء من جامعة الدار البيضاء ثم بدأت في تحضير دكتوراه في جامعة نيس سنة 1994 و التحقت بالمركز الوطني للبحث العلمي كمهندسة فلكية مريم شديد سيدة "استثنائية"، فهي ليست ككل النساء..إنها المرأة الأولى والوحيدة التي وضعت أقدامها على الأرض البيضاء للقطب الجنوبي المتجمد. هذه الباحثة والعالمة الفلكية التي لا يتجاوز عمرها ال 36سنة سجلت أول سابقة في تاريخ المرأة العالمية وهي تطأ أرض "قارة العالم السادس" كما يحب الكثيرون أن يسمونها، لتجعل العلم المغربي يرفرف، كأول علم عربي، فوق القارة المتجمدة. رحلة مريم شديد إلى "قارة العالم السادس" واحدة من النجاحات التي حققتها هذه المرأة المغربية التي تقول عن نفسها إنها تعشق أن ترفع التحديات مهما صعبت، لتغير نظرة العالم عن المرأة العربية ولتثبت، بالعلم والممارسة وليس فقط بالقول والشعارات، ما باستطاعة المرأة العربية أن تفعله. وكتتويج لمسارها العلمي الناجح كباحثة مرموقة ضمن فلكيي العالم المتميزين تم مؤخرا اختيار مريم شديد عضوا بالمنظمة الدولية "أوربيان سوتيرن أوبسرفاتوري" ضمن العلماء الأوائل العاملين في أكبر مرصد فلكي في العالم. والحقيقة أن هذا التتويج، كما تقول مريم شديد، جاء بعد سنوات من الانخراط في البعثات العلمية الشاقة والمعقدة المهام. فمن صحراء "أطاكاما" بالشيلي حيث قضت بها لوحدها أربع سنوات في ظروف جد قاسية، إلى القطب الجنوبي الذي وصلت إليه ضمن بعثة علمية في إطار برنامج "تنمية مستقبل القطب الجنوبي" الذي اقترحته على المرصد الفرنسي الذي تشتغل فيه. هذه الرحلة الأخيرة ستعتبرها مريم شديد من المحطات الكبيرة في حياتها كامرأة مغربية وعربية، فالمشاعر القومية كانت حاضرة بقوة في هذه الرحلة رغم أن مريم شديد خرجت إليها تمثل المرصد الوطني الفرنسي. "رغم أنني خرجت ضمن هذه البعثة العالمية أمثل فرنسا إلا أن انتمائي للمغرب وهمومي كامرأة عربية كانت حاضرة بقوة.. وبصراحة فهذا هو أول شعور انتابني وأنا أرفع العلم المغربي وأضعه ليرفرف ضمن أعلام وطنية أخرى وسط تشجيع زملائي الفلكيين، فحالما وضعت الراية المغربية أحسست بصدق في أعماق نفسي أنني أحقق انتصارا لكل المرأة العربية..". ولكي تثبت أن المرأة العربية "متعددة الاختصاصات" وكرد منها لجميل التشجيع الذي خصه بها زملاؤها الفلكيون، أعدت لهم مريم شديد، في هذه الأرض المتجمدة التي تهبط فيها الحرارة إلى "56" درجة تحت الصفر، طبقا ساخنا من الكسكس المغربي الشهير. نجاح برنامج مريم شديد (تنمية مستقبل القطب الجنوبي) سينقلها من نجاح إلى آخر ليتحقق بذلك حلم أكبر طالما راودها، كما تقول، وهي في بدايات طريقها العلمية. ففي سابقة هي الأولى من نوعها أيضا، تم تكليف مريم شديد الفلكية العربية بالإشراف على برنامج ضخم يتعلق بمهمة فضائية معقدة أطلق عليها اسم COROT. وغاية هذا البرنامج هو رحلة استكشافية للنجوم مثل الرحلة الاستكشافية التي قام بها كريستوف كولومبوس لأمريكا وكذا من أجل دراسة زلازل النجوم. وفي إطار هذا البرنامج أطلق يوم "27" ديسمبر الماضي قمر اصطناعي فرنسي أمريكي ستستغرق مهمته سنتين كاملتين. وتقول مريم شديد إنها هي بنفسها من صنعت المنظار الذي سيعلق على هذا القمر الاصطناعي الذي حمل اسم البرنامج COROT. تحكي مريم شديد عن مسارها العلمي واختيارها لهذا التوجه المهني الغريب عن البيئة العربية فتؤكد أن البداية لم تكن أبدا سهلة، فأهلها كانوا يرفضون قطعا توجهها نحو علم الفلك الذي بحسبهم لا يسمن ولا يغني من جوع. وتقول إنه وحده شقيقها الأكبر من شجعها على المضي قدما في الطريق الذي اختارته لنفسها فأهداها وهي في سن "14" سنة كتابا حول التحول الكوني وقوانين كليبر. وبعد دراسة هذا الكتاب جاءت أولى الخطوات وبوادر النجاح في درب علم الفك حيث ستتمكن وهي في سن "16" سنة من صنع منظار خاص بها وبوسائلها الخاصة. وفي سنة "1990" ستحصل مريم شديد على دبلوم الدراسات العليا في مجال الرياضيات والفلك، ثم سافرت رغم معارضة عائلتها وضعف حالتهم المادية إلى فرنسا باعتماد قرض بنكي. وهناك في جامعة نيس تمكنت من الحصول على دبلوم الدراسات العليا المعمقة حول عالم الصورة في العلوم الكونية بجامعة "صوفيا إنتيبوليس" سنة "1993"، ثم الدكتوراه سنة "1996" بميزة مشرف جدا من جامعة "بول ساباتييه" بتولوز. وبعد حصولها على شهادة الدكتوراه التي أعدتها بالمرصد الفلكي "الهوت بروفانس"، منحتها فرنسا منصب مهندسة باحثة في مرصدها الوطني الذي يضم أضخم المنظارات في هذا البلد. وبعد ثلاث سنوات فقط سيتم اختيارها ضمن أحسن علماء الفلك من أجل القيام ببعض المهام الخاصة لحساب المرصد ذاته رغم أنه لم يكن متاحا لغير علماء الفلك من جنسيات أوروبية وأمريكية الالتحاق به. النجاح الباهر الذي حققته مريم شديد لا تعتبره يخصها وحدها، فهو تتويج لكل النساء العربيات المسلمات التي استحضرت همومهن حينما رفعت العلم المغربي فوق الأرض المتجمدة.."أحب للمرأة العربية النجاح، ولها كل الإمكانيات لتحقق كل ما تصبو إليه.. لكن الذي أؤكده أن الوصول إلى تحقيق الحلم ثمنه الصبر والتضحيات وبذرته الأولى وضوح الهدف والطريق".
بثينة كامل المذيعة الهادئة ، التي ترشحت للرئاسيات في مصر
ولدت بثنه كامل فى 18 ابريل 1962 فى محافظه القاهره و تخرجت من الكليه فى مايو 1983 و كانت جزء من الحركه السياسيه المصريه التى تطالب بالديموقراطيه و انتخبت مرارا فى اتحاد الطلبه فى جامعه القاهره معلومات سياسيه وإجتماعيه: بعد عام من التخرج تم تعين يثينه فى الجهاز المركزى للمحاسبات ثم بعد ذلك تم تعينها فى اتحاد الاذاعه و التليفزيون التابع للحكومه المصريه و كانت قارئه للاخبار وقررت انسحابها من قراءه النشرات نظرا لوجود حاله تناقض فاضحه بين ما تقراه و بين الواقع الاليم قدمت برنامج اعترافات ليليه من خلال البرنامج العام للاذاعه المصريه الذى استمر لمده ست سنوات و تناول البرنامج مشاكل المجتمع المصرى و قد سجل هذا البرنامج اعلى نسبه و معدل استماع على مستوى الاذاعه المصريه و كانت واحده من مؤسسى حركه شايفنكم و كانت هذه الحركه معنيه بمكافحه و معالجه الفساد الحكومى و تقديم المساعدات لاولئك الذين تعرضوا …لقراءة المزيد
ولدت بثنه كامل فى 18 ابريل 1962 فى محافظه القاهره و تخرجت من الكليه فى مايو 1983 و كانت جزء من الحركه السياسيه المصريه التى تطالب بالديموقراطيه و انتخبت مرارا فى اتحاد الطلبه فى جامعه القاهره معلومات سياسيه وإجتماعيه: بعد عام من التخرج تم تعين يثينه فى الجهاز المركزى للمحاسبات ثم بعد ذلك تم تعينها فى اتحاد الاذاعه و التليفزيون التابع للحكومه المصريه و كانت قارئه للاخبار وقررت انسحابها من قراءه النشرات نظرا لوجود حاله تناقض فاضحه بين ما تقراه و بين الواقع الاليم قدمت برنامج اعترافات ليليه من خلال البرنامج العام للاذاعه المصريه الذى استمر لمده ست سنوات و تناول البرنامج مشاكل المجتمع المصرى و قد سجل هذا البرنامج اعلى نسبه و معدل استماع على مستوى الاذاعه المصريه و كانت واحده من مؤسسى حركه شايفنكم و كانت هذه الحركه معنيه بمكافحه و معالجه الفساد الحكومى و تقديم المساعدات لاولئك الذين تعرضوا للاضطهاد بسسب نضالهم ضد الفساد و قد قدمت برنامج ارجوك افهمنى الذى كان معنيا بمعالجه المشاكل الاجتماعيه المختلفه فى المجتمع المصرى و استمر هذا البرنامج قرابه عشر سنوات على قناه الاوربيت و كانت السيده بثينه ناشطه فى مجال حقوق الانسان و اسست مجددا المنظمه المدنيه الشهيره ب مصريون ضد الفساد التى كانت مهتمه بمحاربه الفساد التى لاقت دعما و تأيدا من كل من كافح الفساد و لكونها جزء من الثوره المصريه كرست برنامجها فى قناه اوربيت لدعم الثوره المصريه و لكون برنامجها ينتمى الى قناه اوربيت المملوكه للملكه العربيه السعوديه فقهد نبهها مالك القناه ان لا تحيد عن خط برنامجها السابق الذى كان مهتما بالاتجاه الاجتماعى و من ثم فقد قدمت استقالتها و عادت للتليفزيون المصرى كقارئه نشره اخبار و فى غضون اسابيع لاحقه تم ايقافها لمجرد دعمها للثوره المصريه و اخيرا قررت السيده بثينه تقديم نفسها كمرشحه لرئاسه جمهوريه مصر العربيه و منذ ذلك الحين و هى لا تألو جهدا فى التجوال خلال محافظات مصر لتقديم العون و المساعده للطبقات المحتاجه و المهمشه فى جميع انحاء مصر حتى هذه اللحظه
الكاتب السوري خالد خليفة: الطفولة التي لا تغادر
تتهادى منه المشاعر في أوقات هدوئه الخاص،والذي ينعم بالهروب من الواقع ليسترجع أيام طفولته الساكنة في كينونته القاسية الحالمة يحب الحياة ويسعى إليها لكن المشيب يعطيه النذير فيعيد الحسابات في كل مرة مع رحلة الطفولة صراعه مديد ويمده بالعنفوان والقوة لكن سرعان ما يتمهل من جديد عنيد في تصميمه لكنه غالباً متهور  يحب الحياة ولا يحب أن يهرم ويقال له "ختيار" أي عجوز يفضل مصالحه على كل شئ لكن حساباته لا تصيب في غالب الأحيان كرمه من غير بوصلة أي يستخدمه في غير مكانه
الكاتب السعودي عبده خال : أحلى الصفات مع جائزة البوكر
كثيرا ما نصدم بالكاتب الذي نحب حين نلتقيه وجها لوجه...فعادة ما يكون الكاتب مختلفا عن نصه لكن من اسرار " فامو" أن لديه من يقرأ الملامح و يجعلك كقارئ ترى بعض أهم صفات كاتبك المفضل و ها نحن اليوم نقدم أهم الصفات التي يتميز بها الكاتب السعودي عبده خال الحاصل على جائزة البوكر العربية لهذه السنة: النشاط يدبّ في عروقه عند كل صرخة وجدان لأنه يحبّ الحياة مقدامٌ،شجاعٌ، ذو عنفوان يحلّق دائماً وفي عيونه قراءات الصقر الذي يتفحّص الأشياء بثقة،واستعراض لكنه من فترة إلى أخرى يحبّ أن يأخذ هدنة ليتماسك أنفاسه وينشد الراحة صديق وفيّ ينصح بكل أمانة ويتمنى الخير لأنه كذلك و هو  من فترة لأخرى يقييم أعماله، ويجري جردة حساب فيجد أنه غالباً لا يكافأ بالشكل المطلوب لكن هذا لا يثنيه عن واجباته  عزاءه الوحيد هو روح الخير التي يحمل. هذه قراءة لملامح كابتنا و نحن نهنئه لأنه قدر من طرف لجنة البوكر …لقراءة المزيد
كثيرا ما نصدم بالكاتب الذي نحب حين نلتقيه وجها لوجه...فعادة ما يكون الكاتب مختلفا عن نصه لكن من اسرار " فامو" أن لديه من يقرأ الملامح و يجعلك كقارئ ترى بعض أهم صفات كاتبك المفضل و ها نحن اليوم نقدم أهم الصفات التي يتميز بها الكاتب السعودي عبده خال الحاصل على جائزة البوكر العربية لهذه السنة: النشاط يدبّ في عروقه عند كل صرخة وجدان لأنه يحبّ الحياة مقدامٌ،شجاعٌ، ذو عنفوان يحلّق دائماً وفي عيونه قراءات الصقر الذي يتفحّص الأشياء بثقة،واستعراض لكنه من فترة إلى أخرى يحبّ أن يأخذ هدنة ليتماسك أنفاسه وينشد الراحة صديق وفيّ ينصح بكل أمانة ويتمنى الخير لأنه كذلك و هو  من فترة لأخرى يقييم أعماله، ويجري جردة حساب فيجد أنه غالباً لا يكافأ بالشكل المطلوب لكن هذا لا يثنيه عن واجباته  عزاءه الوحيد هو روح الخير التي يحمل. هذه قراءة لملامح كابتنا و نحن نهنئه لأنه قدر من طرف لجنة البوكر التي استعادت سمعتها من خلاله و هذا يعني أن عبده خال لم يكن الفائز وحده، لقد فازت البوكر بإسمه أيضا .