نشعر اليوم ، و بعد أن خدعنا كمجتمعات إسلامية أدلت بأصواتها سابقا لأحزاب إسلامية في إنتخابات مضت بالخوف  مما ينتظرنا من المشروع الإسلامي الذي لم تتضح معالمه منذ نهاية السبعينات إلى يومنا هذا  سوى في بعض الأمور الحياتية التي لا علاقة لها بالمستقبل الإقتصادي و السياسي على الخصوص للأمة الإسلامية و  على أصعدة أخرى، فإن كان الوضع في غزة يدعو لتوحيد القوى الفلسطينية و إيجاد مخرج للشعب الفلسطيني من أزمة الإحتلال فإن      " حماس" مثلا  تهدر مزيدا من الوقت في أمور لا تحسن من واقع المجتمع الفلسطيني الذي يرزح تحت نير الإستعمار، و أظن أن أصحاب القرار في حماس حين شعروا أنهم اضاعوا فرصة ثمينة قدمت لهم من طرف الشعب الفلسطيني مضوا إلى إرعاب الفتيات بإصدار قرار الحجاب، ثم لكسب مزيد من التعاطف الديني لدعم تأخرهم في تحقيق شيئ ملموس و مفيد لفلسطين.

و نفس الشيئ يحدث في الكويت، حين انتفض البرلمانيون الإسلاميون و رفعوا قضية ضد الدكتورة أسيل العوضي،  و البرلمانية رولا دشتي لأنهما لا ترتديان الحجاب . و إن كانت المحكمة الدستورية في الكويت أنصفتهما، إلا أن ما حدث في الكويت بات مخيفا لنا كنساء عربيات و مسلمات ، فهؤلاء الذين بلغوا البرلمان من باب الدستور الذي يمنحهم فرصا متساوية مع كل فرد من البلاد، يطعنون الدستور ، و قانون الحريات و إحترام حقوق الإنسان في لمح البصر ليعودوا إلى أفكارهم الرجعية التي تتدخل في حرية الفرد الشخصية.

لم يفكر أحد من هؤلاء البرلمانيين مثلا أن شاعرة مثل سعيدة مفرح المحجبة لا تملك جواز سفر كويتي يحفظ لها حقوقها كمواطنة، و لكنهم أرادوا أن يفرضوا سلطة بدون حق على من حققن ذواتهن. لقد بدا أن البرلماني المسلم اليوم ليس له دور سوى أن يراقب أزياء النساء، و ليس بعيدا أن يكون بعضهم تجار حجابات خائفين من إفلاس تجارتهم في ظل التغيرات الكبيرة التي يتحضر لها العالم.

و قد شهدنا في فترات مضت محاكمات غريبة كالتي تعرضت لها الكاتبة ليلى العثمان في الكويت، و نوال السعداوي في مصر، و لعل أغربها على الإطلاق محاكمة المفكر نصر حامد أبو زيد الذي حكمت المحكمة عليه بتفريقه عن زوجته، و محاكمات أخرى يضيق المقام لذكرها، لكنها كلها تصب في مكب واحد و هو أننا أفهمنا العالم كله أن الإسلام ليس دين تحرير الإنسان أبدا، و لكنه دين قد يسمح لشخص من " هونولولو" أن يخرب بيت أسرة في" أديس أبابا"  أو في الاسكا...

إسلامنا الهش الذي لا يحمينا من تدخلات الآخر في حياتنا اليومية، هو بالضبط نتاج التساهل مع موجة المتدينين الجدد الذين استعملوا التأويل، و السلاح، و فتاوي الجهاد ضدنا جميعا نحن الذين كنا نصمت تجاه تصرفاتهم من باب حرية التعبير و إحترام الآخر،

و هو أيضا الدين الذي نحاول اليوم إعادة سمعته الطيبة للواجهة العالمية و لكن بعد أن أصبحت سمته المرافقة له هي " الإرهاب" ...

و يحق لنا أن نتساءل في ظل هذه التطورات الجديدة، ماذا يحضر لنا الإسلاميون بعد مخطط تحجيبنا جميعا؟

هل المرحلة التالية هي إجبارنا على النقاب؟ أم العودة إلى البيوت خضوعا للنص الذي يقول" و قرن في بيوتكن" أم أنها مرحلة ما قبل الوأد، و دخول العالم العربي الإسلامي عهد جاهلية جديدة؟؟؟

ملاحظة: أخذت الصورة من موقع

le post

, و تنقل واقع النساء في عهد طالبان في أفغانستان