هالني أن أقرأ مرة أخرى عن إنتحار عاشقين في الجزائر، لأن عائلتيهما قامت بتفريقهما نزولا عن رغبة المجتمع
هالني أننا في ال2013 لا نزال نحارب الحب و نمجّد الجنس المفرغ من العواطف، و نباركه و نعالج مشاكلنا بنفث مزيد من الكراهية في قلوب الأجيال الجديدة.
في مدينة جيجل الخارقة الجمال، يعيش الناس بأعباء ثقيلة من الأحقاد الخفية، كما في الجزائر كلها، و أي زلّة يقوم بها شاب و شابة بالتقرب من بعضهما تنتههي بهما في قاع جحيم الثرثرة.
و في هذه المدينة أحب شاب في التاسعة عشرة شابة تصغره بسنة، و لكن المجتمع الجزائري الغريب حارب هذا الحب البريء بوسائله الحقيرة، ما دفع العائلتين على العمل على إبعاد العاشقين عن بعضهما بعضا. و سريعا وُجِد عريس للشابة، لإصلاحها، و جعلها تعود إلى رشدها، و الغريب كيف لهذا العريس " الشهم" أن يقبل أن يتزوج إمرأة تحب غيره؟ و كيف لمن أنجبوا هذه الصبية أن يفضلوا تقديمها لرجل لا تريده ليغتصبها، و يهين كرامتها، و يذلها و يكون معها شيئا يظنه أنه " عائلة" ؟
منذ قرأت الخبر في جريدة جزائرية و أنا أحلل السيناريو و قد وجدت له أكثر من حل منطقي غير هذا الحل " الإرهابي" الذي جعل العاشقين يرميان بنفسيهما من الطابق السادس و يموتا معا على طريقة روميو و جولييت.
ترى هل إرتاح الأهل الآن من عار هذا الحب؟
هل اطمأنت قلوبهم؟
في مجتمعنا القاسي الذي يرفض الحب جملة و تفصيلا لأنه يبني نفسه على قاعدة " التنافر" و الكراهية و الزيجات المدبرة و القائمة على المصالح و الخوف من ألسنة الناس، قد يجرّم للمرة الأخيرة العاشقين، و يعتبرهما ذاهبان للنار، لأنهما انتحرا، و قد ستفلسف البعض بالإفتاء أن الصلاة لا تجوز على جثمانيهما، و لكن هذه الترهات لن تبرئ الجميع من جريمة قتل مريعة اشترك فيها الجميع،
فقد كان يمكن معالجة الأمر بأبسط طريقة ممكنة، و هي التعاطي برحمة مع فلذات أكبادنا و تفهم مشاعرهم.
كان يمكن ترك العاشقين يختبران مشاعرهما لمدة أطول، و قد ينتهيان بإدراك أن شغف ما يشعران به مجرد إنجذاب طبيعي بين ذكر و أنثى في مرحلة إنتقالية نحو النضج؟  و قد يدركان أن حبهما واثق و صلب فيكون الحب حافزا لهما لتكوين عائلة جميلة أساسها الوفاق و الود.
يا خسارة...
ستين ألف مرة يا خسارة على مجتمعنا الذي يعتبر الحب " مجرد شهوة" مرتبطة بالشيطان
يا مليون خسارة على مجتمع دفع الغالي و النفيس ليحصل على حريته و يتخلص من آخر استعمار تعرض له ليدخل حقبة سوداء أسوأ من أي استعمار خارجي آخر...
آخ يا " دزاير" يا مسكينة ...!