آراء حرة مقالات اخرى
لكاتبة الجزائرية رشيدة محمدي لمجلة "ذوات": المناهج الدراسية العربية تجعل من الطلاب، إما مشاريع إرهابيين أو كائنات محرومة من لذّة التفكير (الإثنين 28 ك1 2015)
حاورها: الحبيب الدائم ربي*
قيل عن الدكتورة رشيدة محمدي "لم يمر على الولايات المتحدة الأمريكية من المبدعين الجزائريين في الكتابة الإبداعية والثقافية، إلاّ رشيدة محمّدي"، لأن كل من عبروا إلى بلاد العم سام،من بني جلدتها، كانوا ذوي تخصصات علمية، فيما استطاعت هي فرض ذاتها هناك، باعتبارها شاعرة، وأكاديمية، ومترجمة، ومتحدثة مستقلة معتمدة في مجموعة من جامعات أمريكا، وعضواً مؤسساً لرابطة الكتاب الأمريكيين العرب، ومستشارة فيها.
في هذا الحوار مع مجلة "ذوات" تتحدث الكاتبة والشاعرة رشيدة محمدي (من والد جزائري وأم سورية) عن نفسها، وعن اختيارها الإقامة بالولايات المتحدة الأمريكية، وعن رابطة الكتاب الأمريكيين، التي ساهمت في إنشائها، وعن اللغة العربية، والعروبة، والكونية، والترجمة، التي تمارسها، وتقول إن "إتقان لغة ثانية لا يعني البتّة القدرة على الترجمة منها أو إليها، لأن صفة الإتقان في اللّغة تحديدا هي ضرب من الخيال والخداع المُدغدغ وأكاد أجزم أنّه سراب خطير".
وتسترسل رشيدة محمدي في هذا الحوار، في الحديث عن الأمور التي تشغلها، وعلى رأسها انعدام الحياء المتفشي بين من يعتبرون أنفسهم "مثقفين"، والخطر المحدق بكوكب الأرض، وانجرار المرأة وراء هندسة ذكورية أكثر استلابا لها،
لا يعجبني الاكتفاء بالذهني دائما وأطمعُ أنْ يتقبّلني مدار توهّج هذين الشّمسينوانسحاق شخصية الطالب العربي بذريعة التحصيل العلمي بمناهج دراسية، "إن لم تجعل من الطلاب مشاريع إرهابيين، تجعل منهم كائنات محرومة من لذة التفكير قبل حرمانها من ممارسة حريته"، والقضية الفلسطينية التي أكلت أعمار الشعوب العربية.
أصدرت رشيدة محمدي أربعة دواوين شعرية، ومجموعة من الترجمات في اللغة العربية والفرنسية والإنجليزية، واشتغلت في "باسيفيكا راديو" بنيويورك لأكثر من عقد من الزمن، وهي تعمل حاليا مستشارة في اللجنة الأوروبية للإبداع التعليمي "يو سي سي تي" تخصص تعليم صوتيات اللغة الإنجليزية كلغة ثانية. في سجلها العديد من الجوائز داخل وخارج البلاد، منها "جائزة مفدي زكريا الأولى للشعر" عام 1994، والجائزة الثالثة للفن التشكيلي عيد الثورة عام 1992، وجائزة السي سي بي "مراسل الشجاع" لباسيفيكا راديو عام 2004، وجائزة الأمم المتحدة لأحسن متحدث لعام 2004 عن "العلاقة بين المبدعين والأمم المتحدة"، وجائزة أحسن قراءة في مهرجان المربد بالعراق عام 2000. إضافة إلى جائزة مشتركة لأكبر مبيعات "سي دي" شعري بقصائد بالعربي والإنجليزي للشاعرتين العراقية بشرى البستاني، ورشيدة محمدي عن متحف التاريخ العربي بكاليفورنيا عام 2008. تقيم الآن بإسبانيا، وتشتغل في المركز الأوربي لتطوير فنون تعليم الإنجليزية، فهي رئيسة فريق لإعداد مُقرر في اللغة الإنجليزية لأطوار الابتدائي، المتوسط، والثانوي.
* فقيهة متمردة، جزائرية سورية، عربية كونية، شاعرة أكاديمية، مترجمة متسكعة بين اللغات والثقافات والقارات، كيف عشتِ وتعيشين هذا التمزق الحادّ؟ وأين تقيمين وسط هذا الاحتدام هنا والآن؟
تمزّق!؟.. حادّ؟! لمَ لا تسمّه ثروة؟ غنائم خير؟ إنّه ركضي وراء شمسين، يقيني أننّي قد أصِلْهما ولكنّني لن أتوصّل إليهما قَط. أعني الحبّ كحقل جاذبية للعالم والمعرفة من حيث هي إصغاء للقلب.. أحاول عمليا ألاّ أحْرِمني من الحراك التطبيقي داخل سطور الطبيعة. لا يعجبني الاكتفاء بالذهني دائما وأطمعُ أنْ يتقبّلني مدار توهّج هذين الشّمسين.
-فقيهة؟ إن كان ما تعنيه حيويتي الذهنية للفهم تثمينا لرشاقة إنسانيتي، فليكن.
-متمردة؟ إنْ كان ما تعنيه هو رفضي أن تكبّلني حادثة حفظي للقرآن قبل سن العاشرة؟
- عربية؟ ولكنّ العروبة في السُّلالة للحصان. أمّا العروبة في اللسان؛ فهي بصْمَتُك وبَصْمَتي على تمدّنِ وجداننا، انسجاما مع تعليلنا، منقوشتيِنْ على المَعيش، لحظة بلحظة، بمِشرط مدى تفعيلنا المتحضر لكيمياء اللّغة العربية داخل فنادق الخمس نجوم، وفي ألعاب أطفالنا، وهو اشتغال عضلي وفكري، يبدأ من زرعنا العربية في مفاصل تتعرّق وتتذاوب بفطنة في ملح الانتماء وتقاوم الانتهاء؛
لا شيء كالقشرة يطفو؛ أظنّ أنني ما زلتُ مُنهمكة في تكويني إنسانيا وإبداعيا، مقتنعة بأنّ تفاعلي كقارئة كفيل بتطريز بهجتي اليومية.فاللغة تاج على رأس مملكة الغيب الماورائية. فالله لغة، والإنسان لغة، ولكن بعيدا عن المُتاجرة باللّغة العربية واعتبارها سندات لشراء عقارات وإيجار قصور في الجنّة، أو بناء مَعَاملِ حياكة النّقَاب الإسلامي الوفي ليهوديةٍ مسكوت عنها، وإلاّ صار الموضوع بكلّه نتاجا للجناح التنظيري لمشروع داعِشيّ بكل مراميه.
- كونية؟... أتجاهل وأتغافل كثيراً. أحب تحصين سِلمي الذّاتي، وأثمّن هدية الأمان إلى أبعد المُطلق..
-شاعرة؟ لم يستوقفني هذا المصطلح يوما، لأنّني حتى وأنا في حالة بُعْد عن الكتابة. ومع ذلك سأُسايِرُك وأصدّقُ أنّني شاعرة لو استطعت يوما أن أعبُر إلى اسمي بارتباك أكبر، وبهاجس خوف أشد من كرة اللغة الحارقة التي لا تنوي الرفق بحواسي التّي أعرفها، والتي لا أعرف.
* على الرغم من ترجمة بعض أعمالك( ديوان "أوراد الدمعة"، مثلا) إلى أكثر من اثنتي عشرة لغة وتدريسها في أكثر من جامعة أمريكية وأوروبية، ورغم فوزك بجوائز مهمة عديدة، فإن اسمك ليس متداولا بما يكفي في الوطن العربي، بمَ تفسرين هذا الانحسار؟
لا شيء كالقشرة يطفو؛ أظنّ أنني ما زلتُ مُنهمكة في تكويني إنسانيا وإبداعيا، مقتنعة بأنّ تفاعلي كقارئة كفيل بتطريز بهجتي اليومية كما ثبت لي منذ أول مشاركة في أهم مهرجان للشعر في الجزائر، أنّني لا أستطيع التماهي في دائرة من العهر المُشفـّر. أراني أكثر ابتعادا وأنقى حرّية. أراني أكثر رفضا لتفريش كتاباتي على الأسِرّة الجبانة. دعني أذكرك أن الذي عَرّفَ بي بعد سقوط بغداد كشاعرة، حدث عندما تُرجِم ديواني "أوراد الدمعة" إلى الرومانية، أوّلا، ومنه إلى لُغات أخرى؛ أي خارج الوطن العربي. لقد كان احتكاكي بنادي الأُبنمايك في بروكلين بالشّاعر الأمريكي جميس نكومي، ومايا أنجلو آسوسِّيايشن بوويتري هاوس، كافيين لأراني داخل قالبي الحقيقي الأشرف. لا أرى أننّي بحاجة إلى أكثر. أكثر من وقوفي أمام نفس الميكروفون الذي وقف أمامه الفيتوري وعبد الرزاق عبد الواحد ببغداد، ومايا آنجلو في نادي تشامبر نيويورك. أُشيد هنا بالميكروفون، لأنّني أومن أنّ الشّعر عموما فنّ سمعي إلقائيٌّ بالدرجة الأولى.
كل معرفة في واقعها هي نسبية إلى أن تُثبت معرفة لاحقة نسبية أقوى من سابقتهاما الذي أريده أكثر من شهادة عبد الجبّار عبد الواحد رفيق الدرب والنّاقد الخاص لبدر شاكر السيّاب ونازك الملائكة في كتابة "أساور نسائية": "لم يعثر الشّعر العربي على إسورته النسائية بعد نازك الملائكة إلاّ في معصم الشّاعرة رشيدة محمّدي". ما الذي أريده أكثر؟ كما يجب أن أعترف أنّ سقوط بغداد كان الضربة القاصمة لي التي جعلتني أبتعد عن الكتابة إلى حد الخوف منها، والتدبّر في حيثياتها البشرية المتطفّلة على صفاء الوجود العائمة في ضجيج الكلام، وجلبة اللّقاءات التي أراها أحيانا تسّد فراغا لم تمنحه الطبيعة الاجتماعية في البلاد العربية للّقاء عادي بين الأفراد خاصة بعد الجدران المتنامية للفصل بين الكاتبات والكتّاب. فمَا أحققه أنا في أيّة مدينة غربية في جلسة وئام نقّية مع جاري أو زميلي أو طالبي في مقهى لا تستطيع تحقيقه كاتبة في الوطن العربي دون مُدرعةٍ على الجانب المقابل للمكان، أو كاميرات ذات الصلاحية المُؤبدة / العيون /. عليك أن تتذكر أنّني لم أدخل الوطن العربي منذ 2005، ولستُ مُتهافتة لدخوله. لقد حققتُ في الغرب أمانا أجمل من الحبّ وسلاما حنونا أكثر هدوء وأرقى بكثير من ضجيج القبيلة.
* ساهمتِ في تأسيس رابطة الكتاب الأمريكيين العرب، كيف جاءت الفكرة؟ ولأية أهداف؟
قبل أن أتأكد أنّ الولايات المتحدة ستصبح بلد استقراري، شدّتني إلى نيويورك بعض الكتب التي انقضضت عليها استعدادا لاندماجي أو تفاعلي مع المجتمع الأمريكي، حيث للأفراد خاصيّة راقت لي، فالواحد فيهم عندما يقتنع بفكرة يجند لها كل قواه التي تصل أحيانا إلى حد فتح بيته خدمة لفكرته. وكان أوّل احتكاك لي بنادي للكتّاب السود في قلب بروكلين بعد وصول إعلان. كنت وقتها، قد بدأت العمل متطوعة في باسيفيكا راديو وجزء من برنامجي هو بث الإعلانات الثقافية لكل الجاليات. وما كان منّي سوى العزم للحضور إلى مقهى الأُوبِنْمايك الذي أذعتُ إعلانا عن أحد نشاطاته، وقرأت فيه بالعربية إحدى قصائدي مع العلم ألاَّ أحد من الحاضرين كان عربيا. ولم يُطلب منّي الترجمة، بل طُلِب مني أن أُعيد أدائي الشّعري. وقتها أحسست أنّ الأُوبنمايك هو مكان للإبداع الحُر، وأنّ القائمين عليه جديّون في عشقهم للإبداع. وبعد فترة من تردّدي لاحظت جودة تسييره وشدّني فضول كيف للإبداع الأدبي أن يُسيّر مقرا كهذا. فكتبت لرئيسة المقهى روزماري روث الإفريقية الفاتنة، رسالة عبّرت فيها عن فضولي ذاك، راجية أن أتعلّم منها كيفية تسيير المقهى. فأجابتي على الفور مرحبة مقابل تطوُعي ب 16 ساعة عمل أسبوعيا كمُشرفة على الصندوق، مقابل ساعتين من وقتها، لتعلمني كيف يمكن للثقافة أن تحمل عنصر استمرارها في استقلالها المادي. وقد أذهلني ما تعلّمتُ حينها أنا القادمة من بلاد كل ما له علاقة بالإبداع تُخطط له الدولة، لكي تدوس على أحرار الأقلام بسلطان مالها، أو بجهل مسيّريها. وما يزال احتكاكي مستمرا بالأوبنمايك حتى بعد تأسيس رابطة الكتاب الأمريكيين العرب التّي أعلن بيانها التأسيسي، أنّها استمرار للرّابطة القلمية الخالدة.
لا حياة للعربية ما لم تلبس ملابسها العصرية على أيادٍ متخصصه وواعية بهرمون اللّغة ضمن توازنات مستيقظة في الهويةوقد كان لسيدة عظيمة هناك الدكتورة بربارا نمري عزيز، وهي منْ مُهاجري ما قبل القرن الماضي من سوريا، الدّور الأكبر في جعل هذا الحلم حقيقة، لما طاف بيني وبينها من ثقة ومحبة الابنة لأمّها. وحدث أن أقيم أوّل مؤتمر تأسيسي بمانهاتن هايْسكول ربيع 2004 شهورا قليلة بعد رحيل العزيز إدوارد سعيد، الذي حضرتْ زوجته المؤتمر وقالت بالحرف الواحد: "كان حلم إدوارد أن يجمع المبدعين الأمريكان العرب دائما، لكنّ اللوكيميا أفسدت عليه أحلامه". وللعلم إلى الآن، ليس لدينا مقر ولكنّنا صِرنا أكثر من 280 كاتبا في مختلف فنون الكتابة ومن جميع أنحاء الولايات... وبانتظام يُعقد مؤتمرنا المتواضع ولكنّه الواثق في خطاه. نحلم بعلاقة ما مع الكتّاب في البلاد العربية قائمة على تغيير رؤية القارئ الأمريكي للعرب. وقد نجحنا في فتح ورشات افتراضية لتعليم الصحافة وأقسام واقعية لتعليم اللغة العربية في 4 ولايات، وهي سابقة فريدة في نوعها في تاريخ الولايات المتحدة.
* في إطار اهتماماتك بالترجمة، نقلتِ مجموعة من النصوص العربية والكردية (رواية "الكلب" للكردي خيسرو الجاف، مثلا) إلى الإنجليزية والفرنسية، ماهي مقاييسك في هذه الترجمات؟
ترجمتُ "سنوات عراقية جدا" أوّل مجموعة شعرية لـ 50 شاعرا عراقيا تحت الحصار إلى الفرنسية، وهو يُدرَّس بشكل واسع في أقسام اللغة الفرنسية في الولايات المتحدة وبلجيكا وفرنسا، ورواية "الكلب"، و"يوميات طفلة في الثورة" إلى الإنجليزية ويدرس في أمريكا. وفي فترة ما اضطررت إلى ترجمات من انتقائي بغرض تدريسها، لأن الساحة هناك شبه خالية من النّصوص العربية المعاصرة. ولكن لي رأيا حاسما في الترجمة مبنيا على تجربتي الديداكتيكية. فمن بديهيات إتقان أية لغة ثانية، استقرار طالبها ثلاث سنوات على الأقل في البلد الأصلي الناطق بها. فكيف يُمكن لأي كان أنّ يجرؤ على القيام بترجمة كتب، وهو لم يغادر مكتبة بلديتِهِ في أحسن الأحوال. إذا لم تخترقك اللّغة، وهي تمارس سلطانها المكاني عليك، فأنت في الكيلومتر الصفر من لسانك الثاني. "اللّغة كائن حي" كما قال فيكتور هوجو. فهي تأكل، تشرب وتشُم، تغضب وتفرح، تسافر وتتنفّس، تعطس ويغمى عليها وتشتهي، تنام، تعشق، تمل، تكفر، تؤمن، تتكاثر، تعقر، تَجلِد، تداعب، تكره، تَكذب وتغدر، تخون، تتجبّر، تماما مثلي ومثلك. من السّخافة أنْ ترى بعض المتهافتين على الترجمة يحفظون قاموس "لاروس" أو "أكسفورد" عن ظهر قلب، معتقدا أنّه بذلك قد امتلك ناصية تلك اللّغة بحفظه الميكانيكي، الذي يحوّله إلى مُخزِّن لألفاظ لا متدبر في الكلمات ككائنات. إتقان لغة ثانية لا يعني البتّة القدرة على الترجمة منها أو إليها، لأن صفة الإتقان في اللّغة تحديدا هي ضرب من الخيال والخداع المُدغدغ، وأكاد أجزم أنّه سراب خطير. فهل تعرف أنت أو أنا كل شيء عن أو في اللّغة العربية؟ أو هل يعرف الإسباني والفرنسي كل شيء عن لغتيهما؟ الجواب قطعا، لا. كل معرفة في واقعها هي نسبية إلى أن تُثبت معرفة لاحقة نسبية أقوى من سابقتها. باستثناء اللّغة، فهي المعرفة الوحيدة التي لا تُلغيها نسبية لاحقة أشدّ قوة من سابقتها أو نظرية آتية. اللّغة معرفة استثنائية ليس بإضافتك لها ما ليس فيها، وإنّما باكتشافك لما فيها بالتعمّق الشاقولي داخلها ولا أتجاوز، إذا قلت إنّها مسألة غير محصنّة من الغيبيات. وعليه، فإنّ الترجمة هي ذلك التزحلق الفنّي بين كلمتين تعكس الواحدة منهما الأخرى؟ وذلك بالاستغناء المؤقت ـ عند لحظة الترجمة ـ عن جنسيّتهما وباعتمادٍ كُلّي على النّبش في ذبذبات الإحساس بكل مفردة ككلمة بتجرد تام ـ أي بغض النّظر عن أية لغة تنتمي تلك الكلمة ـ وعدم الانشغال بالتفكير في هيبة أو شمولية اللّغة المُتَرجَم منها أو إليها كهيكل مستقل ومحصّن سياديا. على الترجمة أن تستفيد من القليل من الفيلولوجيا والقليل من الفونيتيكيا والكثير من الأنثروبولوجيا وتسخيرها للحظة تكثيف الفعل التَرْجَمي، ولا بأس بسقف كلمات غير عال جدا عدديا جنبا إلى جنب مع تمكُنِك من اللّغة المترجَم إليها القائم على استيعابك لها بأنفاس دلالية موحية لا ألفاظ صارخة ومفرغة من أبعادها. وتأسيسا على ما أوردت، فإنّه من المستحيل أن تكون مُترجما بارعاً، ما لم تستسلم للحقل المكاني المغناطيسي للّغة الثانية، وتترك لسلطان طاقته حرية التعاطي اللاَّمشروط مع كل خلاياك العصبية لمدة لا تقل عن 3 سنوات وبعدها يمكنك الانطلاق في مغامرة غير سهلة أبدا، لمن يحترم موقعه من جبروت اللغة.
* مازالت الدول المغاربية لحد الآن، وبعد عقود من الاستقلال، لم تحسم بعد في لغة التدريس، حتى أن مسألة اللغة في هذه البلدان، باتت تخضع لمزايدات سياسوية وتناحرات أيديولوجية، باعتبارك خبيرة في مجال الديداكتيك واللسانيات التطبيقية وتدريس اللغات، كيف تتصورين الحل لهذه المعضلة اللغوية؟
لم تُحسم العلاقة المتشابكة والمتماهية بين الفكر واللغة، ولن تُحسم لا فلسفيا ولا أنثروبولوجيا، فكيف لها أن تُحسم بنصوص ديداكتيكية؟ الحديث عن اللّغة هو حديث عن أعقد وسائل الإنسان للاندماج لا مع محيطه فحسب، بل مع ذاته. لا يمكن لقانون ما أن يقضي على مخزون نُطْقي بشري بأبعاده السيكولوجية، ويضعه أمام شيزوفرينيا مرتبطة مباشرة بمفهوم الهُوية ودوّامة من المفاهيم غير المفهومة، كالوطنية والمواطنة. إذن، أنت تستعجل قتل جيل كامل أوّل ضحاياه الطلبة، وهُم الأمل المعرفي لأية أمّة. الحل هو التدرّج وانطلاق الإدارة العمومية في احترامها للغتها، أوّلا، بمقاضاة المسؤولين في حال تكلّمهم بغير العربية في المحافل الرسمية داخل بلدانهم أو خارجها. ثانيا، تفعيلها في كل ما له علاقة بالخدمات المُباشرة: أصناف الفواتير، الوصفات الطبّية جنبا إلى جنب مع العمل على تثبيتها في وسائل الأعلام، الدعاية والإشهار وكل ما هو استهلاكي. وثالثا، التفكير في فتح ورشات لتقريب العربية ضمن تحفيزات حقيقية على هامش الوظائف الحكومية. في برامج لا تزُج بالنّص القرآني كاستثمار وحيد، لا ثاني له، حتى تسير عجلتها مدنيا، وبأسلوب تسريبي رشيق وأنيق يتبنّى المعارف الإنسانية والفنون كوسائل جذب لها... لا حياة للعربية ما لم تلبس ملابسها العصرية على أيادٍ متخصصه وواعية بهرمون اللّغة ضمن توازنات مستيقظة في الهوية لا بها فقط. الموجع أنّ الدول المغاربية ما زالت ترى لحاقها بركب المدنية مشروطا باللغة الفرنسية، ولا تريد أن تفهم أن فرنسا نفسها، مهددة بخطر الزوال الألسُني، فهي تأتي في المرتبة الرابعة عشرة من حيث عدد مُتكلّميها. وهم من 75 إلى 79 مليونا في كل العالم. ولغتها لم تقدم لا للبيداغوجيا ولا للديداكتيك، أي جديد خلال الثلاثين سنة الماضية. مع العلم أنّ التعليم في العشر سنوات السابقة شهد فجيعة مفاجآت، ووجد نفسه أمام خيار وحيد هو الاندماج مع وتيرة تسارع فلكي البَذخِ معلوماتيا. الفرنسية بحد ذاتها، مكلومة ومسجونة على خارطة ضيقة لا تجد لها من يتعامل بها إلاّ في المنطقة المغاربية تقريبا، حيث إنّ ثاني بلد فرانكفوني في العالم بعد "فرنسا الأمّة" هو الجزائر. 11 مليون جزائري يتكلمونها ويكتبونها.
تشغلني القضية الفلسطينية كقضية أكلت أعمار شعوبنا العربيةفرنسا متوجسة جدا من غول الإنجليزية. هل تعرف أنّ الرئيس الفرنسي الأسبق ميتران كان يترأس، شخصيا، جمعية الدفاع عن اللغة الفرنسية؟ هل تعرف متوسط نفقة الأسرة الفرنسية السنوي لتتعلم الإنجليزية؟ إنّه 5000 يورو حسب تقرير متخصص نبهّت له France 2 السنة الماضية؟ هل تعرف أن للمواطن الفرنسي الحق في قرض بنكي بغرض تعلُّمِه اللّغة الانجليزية؟ يجب الاعتراف أن المحافظين على جينات الإنجليزية والمستثمرين فيها والسّاهرين على تطويرها ليست لديهم عقدة. يجب أن تكون إنجليزيا لتكون موهوبا. ولا عقدة في الاستعانة بأيّة خبرات ومن مُختلَف الجنسيات التي يرونها موهوبة في فن التعليم أوّلا، ثمّ مُبدعة في تقنيات توصيل الإنجليزية كلغة إلى العالم. بمناهج لا يمر عليك 24 شهرا إلاّ لترى مُحاولة ما لتقديمها بأسلوبٍ يجعلها أسهل لمن يريد تعلّمها. ولن أذيع سرّاً، إن قلت إن من شروط قبول إطارات تطوير مناهج الإنجليزية على الأقل في المركز الذي أعمل فيه هو أن يُتقن الإطار 3 لغات موازاة للإنجليزية.
* ما الشواغل التي تؤرقك حاليا؟
يشغلني انعدام الحياء المتفشي بين من يعتبرون أنفسهم مثقفين؛ يشغلني الخطر المحاق على أمّنا الأرض كوكبنا الوهّاب. يشغلني أطفال بلا قمصان يلوّحون بأعلام بلادهم، ويُجبرون على إسماع جدران مدارس بلا كتب أو تدفئة نشيدهم الوطني. يشغلني انجرار المرأة وراء هندسة ذكورية أكثر استلابا لها وأفدح جهلا، عندما تنتظر الخلاص على يد الرجل الذي كان يتودّدها، بل يعبدها قبل كمشة آلاف وقليل من السنين. رجل هو نفسه مدفون في وحل منظومة اجتماعية، ويحتاج إلى من يحرره تحريرا حقيقيا. يشغلني انسحاق شخصية الطالب العربي بذريعة التحصيل العلمي بمناهج دراسية، إن لم تجعل من الطلاب مشاريع إرهابيين، تجعل منهم كائنات محرومة من لذّة التفكير قبل حرمانها من ممارسة حريته، أجيال بعيدة عن قيَم الفن واستفزاز الجمال وعشق التنوّع. تشغلني القضية الفلسطينية كقضية أكلت أعمار شعوبنا العربية، ولم نقدم لها شيئا إلاّ خنوعنا لزعامات اشتغلت على نقطة ضعف شعوبها إزاء كلمة "فلسطين". يشغلني أن تموت النّاس ولا تعرف لمَ تموت. تشغلني أمنيات بلا أمل. يشغلني غياب فضيلة الشجاعة لقول "لا" حين المساس بالحريّات الخضراء التي تتقزز من دموية الحرّية الحمراء، التي جرّعونا إياها استسهالا للموت، واستصغارا لحصّادة الأرواح في معارك لا نعرف على وجه التحديد منها سوى دفن أسرارها بدفن ضحاياها.
*باحث وروائي مغربي.
حاورها: الحبيب الدائم ربي*
قيل عن الدكتورة رشيدة محمدي "لم يمر على الولايات المتحدة الأمريكية من المبدعين الجزائريين في الكتابة الإبداعية والثقافية، إلاّ رشيدة محمّدي"، لأن كل من عبروا إلى بلاد العم سام،من بني جلدتها، كانوا ذوي تخصصات علمية، فيما استطاعت هي فرض ذاتها هناك، باعتبارها شاعرة، وأكاديمية، ومترجمة، ومتحدثة مستقلة معتمدة في مجموعة من جامعات أمريكا، وعضواً مؤسساً لرابطة الكتاب الأمريكيين العرب، ومستشارة فيها.
في هذا الحوار مع مجلة "ذوات" تتحدث الكاتبة والشاعرة رشيدة محمدي (من والد جزائري وأم سورية) عن نفسها، وعن اختيارها الإقامة بالولايات المتحدة الأمريكية، وعن رابطة الكتاب الأمريكيين، التي ساهمت في إنشائها، وعن اللغة العربية، والعروبة، والكونية، والترجمة، التي تمارسها، وتقول إن "إتقان لغة ثانية لا يعني البتّة القدرة على الترجمة منها أو إليها، لأن صفة الإتقان في اللّغة تحديدا هي ضرب من الخيال والخداع المُدغدغ وأكاد أجزم أنّه سراب خطير".
وتسترسل رشيدة محمدي في هذا الحوار، في الحديث عن الأمور التي تشغلها، وعلى رأسها انعدام الحياء المتفشي بين من يعتبرون أنفسهم "مثقفين"، والخطر المحدق بكوكب الأرض، وانجرار المرأة وراء هندسة ذكورية أكثر استلابا لها،
لا يعجبني الاكتفاء بالذهني دائما وأطمعُ أنْ يتقبّلني مدار توهّج هذين الشّمسينوانسحاق شخصية الطالب العربي بذريعة التحصيل العلمي بمناهج دراسية، "إن لم تجعل من الطلاب مشاريع إرهابيين، تجعل منهم كائنات محرومة من لذة التفكير قبل حرمانها من ممارسة حريته"، والقضية الفلسطينية التي أكلت أعمار الشعوب العربية.
أصدرت رشيدة محمدي أربعة دواوين شعرية، ومجموعة من الترجمات في اللغة العربية والفرنسية والإنجليزية، واشتغلت في "باسيفيكا راديو" بنيويورك لأكثر من عقد من الزمن، وهي تعمل حاليا مستشارة في اللجنة الأوروبية للإبداع التعليمي "يو سي سي تي" تخصص تعليم صوتيات اللغة الإنجليزية كلغة ثانية. في سجلها العديد من الجوائز داخل وخارج البلاد، منها "جائزة مفدي زكريا الأولى للشعر" عام 1994، والجائزة الثالثة للفن التشكيلي عيد الثورة عام 1992، وجائزة السي سي بي "مراسل الشجاع" لباسيفيكا راديو عام 2004، وجائزة الأمم المتحدة لأحسن متحدث لعام 2004 عن "العلاقة بين المبدعين والأمم المتحدة"، وجائزة أحسن قراءة في مهرجان المربد بالعراق عام 2000. إضافة إلى جائزة مشتركة لأكبر مبيعات "سي دي" شعري بقصائد بالعربي والإنجليزي للشاعرتين العراقية بشرى البستاني، ورشيدة محمدي عن متحف التاريخ العربي بكاليفورنيا عام 2008. تقيم الآن بإسبانيا، وتشتغل في المركز الأوربي لتطوير فنون تعليم الإنجليزية، فهي رئيسة فريق لإعداد مُقرر في اللغة الإنجليزية لأطوار الابتدائي، المتوسط، والثانوي.
* فقيهة متمردة، جزائرية سورية، عربية كونية، شاعرة أكاديمية، مترجمة متسكعة بين اللغات والثقافات والقارات، كيف عشتِ وتعيشين هذا التمزق الحادّ؟ وأين تقيمين وسط هذا الاحتدام هنا والآن؟
تمزّق!؟.. حادّ؟! لمَ لا تسمّه ثروة؟ غنائم خير؟ إنّه ركضي وراء شمسين، يقيني أننّي قد أصِلْهما ولكنّني لن أتوصّل إليهما قَط. أعني الحبّ كحقل جاذبية للعالم والمعرفة من حيث هي إصغاء للقلب.. أحاول عمليا ألاّ أحْرِمني من الحراك التطبيقي داخل سطور الطبيعة. لا يعجبني الاكتفاء بالذهني دائما وأطمعُ أنْ يتقبّلني مدار توهّج هذين الشّمسين.
-فقيهة؟ إن كان ما تعنيه حيويتي الذهنية للفهم تثمينا لرشاقة إنسانيتي، فليكن.
-متمردة؟ إنْ كان ما تعنيه هو رفضي أن تكبّلني حادثة حفظي للقرآن قبل سن العاشرة؟
- عربية؟ ولكنّ العروبة في السُّلالة للحصان. أمّا العروبة في اللسان؛ فهي بصْمَتُك وبَصْمَتي على تمدّنِ وجداننا، انسجاما مع تعليلنا، منقوشتيِنْ على المَعيش، لحظة بلحظة، بمِشرط مدى تفعيلنا المتحضر لكيمياء اللّغة العربية داخل فنادق الخمس نجوم، وفي ألعاب أطفالنا، وهو اشتغال عضلي وفكري، يبدأ من زرعنا العربية في مفاصل تتعرّق وتتذاوب بفطنة في ملح الانتماء وتقاوم الانتهاء؛
لا شيء كالقشرة يطفو؛ أظنّ أنني ما زلتُ مُنهمكة في تكويني إنسانيا وإبداعيا، مقتنعة بأنّ تفاعلي كقارئة كفيل بتطريز بهجتي اليومية.فاللغة تاج على رأس مملكة الغيب الماورائية. فالله لغة، والإنسان لغة، ولكن بعيدا عن المُتاجرة باللّغة العربية واعتبارها سندات لشراء عقارات وإيجار قصور في الجنّة، أو بناء مَعَاملِ حياكة النّقَاب الإسلامي الوفي ليهوديةٍ مسكوت عنها، وإلاّ صار الموضوع بكلّه نتاجا للجناح التنظيري لمشروع داعِشيّ بكل مراميه.
- كونية؟... أتجاهل وأتغافل كثيراً. أحب تحصين سِلمي الذّاتي، وأثمّن هدية الأمان إلى أبعد المُطلق..
-شاعرة؟ لم يستوقفني هذا المصطلح يوما، لأنّني حتى وأنا في حالة بُعْد عن الكتابة. ومع ذلك سأُسايِرُك وأصدّقُ أنّني شاعرة لو استطعت يوما أن أعبُر إلى اسمي بارتباك أكبر، وبهاجس خوف أشد من كرة اللغة الحارقة التي لا تنوي الرفق بحواسي التّي أعرفها، والتي لا أعرف.
* على الرغم من ترجمة بعض أعمالك( ديوان "أوراد الدمعة"، مثلا) إلى أكثر من اثنتي عشرة لغة وتدريسها في أكثر من جامعة أمريكية وأوروبية، ورغم فوزك بجوائز مهمة عديدة، فإن اسمك ليس متداولا بما يكفي في الوطن العربي، بمَ تفسرين هذا الانحسار؟
لا شيء كالقشرة يطفو؛ أظنّ أنني ما زلتُ مُنهمكة في تكويني إنسانيا وإبداعيا، مقتنعة بأنّ تفاعلي كقارئة كفيل بتطريز بهجتي اليومية كما ثبت لي منذ أول مشاركة في أهم مهرجان للشعر في الجزائر، أنّني لا أستطيع التماهي في دائرة من العهر المُشفـّر. أراني أكثر ابتعادا وأنقى حرّية. أراني أكثر رفضا لتفريش كتاباتي على الأسِرّة الجبانة. دعني أذكرك أن الذي عَرّفَ بي بعد سقوط بغداد كشاعرة، حدث عندما تُرجِم ديواني "أوراد الدمعة" إلى الرومانية، أوّلا، ومنه إلى لُغات أخرى؛ أي خارج الوطن العربي. لقد كان احتكاكي بنادي الأُبنمايك في بروكلين بالشّاعر الأمريكي جميس نكومي، ومايا أنجلو آسوسِّيايشن بوويتري هاوس، كافيين لأراني داخل قالبي الحقيقي الأشرف. لا أرى أننّي بحاجة إلى أكثر. أكثر من وقوفي أمام نفس الميكروفون الذي وقف أمامه الفيتوري وعبد الرزاق عبد الواحد ببغداد، ومايا آنجلو في نادي تشامبر نيويورك. أُشيد هنا بالميكروفون، لأنّني أومن أنّ الشّعر عموما فنّ سمعي إلقائيٌّ بالدرجة الأولى.
كل معرفة في واقعها هي نسبية إلى أن تُثبت معرفة لاحقة نسبية أقوى من سابقتهاما الذي أريده أكثر من شهادة عبد الجبّار عبد الواحد رفيق الدرب والنّاقد الخاص لبدر شاكر السيّاب ونازك الملائكة في كتابة "أساور نسائية": "لم يعثر الشّعر العربي على إسورته النسائية بعد نازك الملائكة إلاّ في معصم الشّاعرة رشيدة محمّدي". ما الذي أريده أكثر؟ كما يجب أن أعترف أنّ سقوط بغداد كان الضربة القاصمة لي التي جعلتني أبتعد عن الكتابة إلى حد الخوف منها، والتدبّر في حيثياتها البشرية المتطفّلة على صفاء الوجود العائمة في ضجيج الكلام، وجلبة اللّقاءات التي أراها أحيانا تسّد فراغا لم تمنحه الطبيعة الاجتماعية في البلاد العربية للّقاء عادي بين الأفراد خاصة بعد الجدران المتنامية للفصل بين الكاتبات والكتّاب. فمَا أحققه أنا في أيّة مدينة غربية في جلسة وئام نقّية مع جاري أو زميلي أو طالبي في مقهى لا تستطيع تحقيقه كاتبة في الوطن العربي دون مُدرعةٍ على الجانب المقابل للمكان، أو كاميرات ذات الصلاحية المُؤبدة / العيون /. عليك أن تتذكر أنّني لم أدخل الوطن العربي منذ 2005، ولستُ مُتهافتة لدخوله. لقد حققتُ في الغرب أمانا أجمل من الحبّ وسلاما حنونا أكثر هدوء وأرقى بكثير من ضجيج القبيلة.
* ساهمتِ في تأسيس رابطة الكتاب الأمريكيين العرب، كيف جاءت الفكرة؟ ولأية أهداف؟
قبل أن أتأكد أنّ الولايات المتحدة ستصبح بلد استقراري، شدّتني إلى نيويورك بعض الكتب التي انقضضت عليها استعدادا لاندماجي أو تفاعلي مع المجتمع الأمريكي، حيث للأفراد خاصيّة راقت لي، فالواحد فيهم عندما يقتنع بفكرة يجند لها كل قواه التي تصل أحيانا إلى حد فتح بيته خدمة لفكرته. وكان أوّل احتكاك لي بنادي للكتّاب السود في قلب بروكلين بعد وصول إعلان. كنت وقتها، قد بدأت العمل متطوعة في باسيفيكا راديو وجزء من برنامجي هو بث الإعلانات الثقافية لكل الجاليات. وما كان منّي سوى العزم للحضور إلى مقهى الأُوبِنْمايك الذي أذعتُ إعلانا عن أحد نشاطاته، وقرأت فيه بالعربية إحدى قصائدي مع العلم ألاَّ أحد من الحاضرين كان عربيا. ولم يُطلب منّي الترجمة، بل طُلِب مني أن أُعيد أدائي الشّعري. وقتها أحسست أنّ الأُوبنمايك هو مكان للإبداع الحُر، وأنّ القائمين عليه جديّون في عشقهم للإبداع. وبعد فترة من تردّدي لاحظت جودة تسييره وشدّني فضول كيف للإبداع الأدبي أن يُسيّر مقرا كهذا. فكتبت لرئيسة المقهى روزماري روث الإفريقية الفاتنة، رسالة عبّرت فيها عن فضولي ذاك، راجية أن أتعلّم منها كيفية تسيير المقهى. فأجابتي على الفور مرحبة مقابل تطوُعي ب 16 ساعة عمل أسبوعيا كمُشرفة على الصندوق، مقابل ساعتين من وقتها، لتعلمني كيف يمكن للثقافة أن تحمل عنصر استمرارها في استقلالها المادي. وقد أذهلني ما تعلّمتُ حينها أنا القادمة من بلاد كل ما له علاقة بالإبداع تُخطط له الدولة، لكي تدوس على أحرار الأقلام بسلطان مالها، أو بجهل مسيّريها. وما يزال احتكاكي مستمرا بالأوبنمايك حتى بعد تأسيس رابطة الكتاب الأمريكيين العرب التّي أعلن بيانها التأسيسي، أنّها استمرار للرّابطة القلمية الخالدة.
لا حياة للعربية ما لم تلبس ملابسها العصرية على أيادٍ متخصصه وواعية بهرمون اللّغة ضمن توازنات مستيقظة في الهويةوقد كان لسيدة عظيمة هناك الدكتورة بربارا نمري عزيز، وهي منْ مُهاجري ما قبل القرن الماضي من سوريا، الدّور الأكبر في جعل هذا الحلم حقيقة، لما طاف بيني وبينها من ثقة ومحبة الابنة لأمّها. وحدث أن أقيم أوّل مؤتمر تأسيسي بمانهاتن هايْسكول ربيع 2004 شهورا قليلة بعد رحيل العزيز إدوارد سعيد، الذي حضرتْ زوجته المؤتمر وقالت بالحرف الواحد: "كان حلم إدوارد أن يجمع المبدعين الأمريكان العرب دائما، لكنّ اللوكيميا أفسدت عليه أحلامه". وللعلم إلى الآن، ليس لدينا مقر ولكنّنا صِرنا أكثر من 280 كاتبا في مختلف فنون الكتابة ومن جميع أنحاء الولايات... وبانتظام يُعقد مؤتمرنا المتواضع ولكنّه الواثق في خطاه. نحلم بعلاقة ما مع الكتّاب في البلاد العربية قائمة على تغيير رؤية القارئ الأمريكي للعرب. وقد نجحنا في فتح ورشات افتراضية لتعليم الصحافة وأقسام واقعية لتعليم اللغة العربية في 4 ولايات، وهي سابقة فريدة في نوعها في تاريخ الولايات المتحدة.
* في إطار اهتماماتك بالترجمة، نقلتِ مجموعة من النصوص العربية والكردية (رواية "الكلب" للكردي خيسرو الجاف، مثلا) إلى الإنجليزية والفرنسية، ماهي مقاييسك في هذه الترجمات؟
ترجمتُ "سنوات عراقية جدا" أوّل مجموعة شعرية لـ 50 شاعرا عراقيا تحت الحصار إلى الفرنسية، وهو يُدرَّس بشكل واسع في أقسام اللغة الفرنسية في الولايات المتحدة وبلجيكا وفرنسا، ورواية "الكلب"، و"يوميات طفلة في الثورة" إلى الإنجليزية ويدرس في أمريكا. وفي فترة ما اضطررت إلى ترجمات من انتقائي بغرض تدريسها، لأن الساحة هناك شبه خالية من النّصوص العربية المعاصرة. ولكن لي رأيا حاسما في الترجمة مبنيا على تجربتي الديداكتيكية. فمن بديهيات إتقان أية لغة ثانية، استقرار طالبها ثلاث سنوات على الأقل في البلد الأصلي الناطق بها. فكيف يُمكن لأي كان أنّ يجرؤ على القيام بترجمة كتب، وهو لم يغادر مكتبة بلديتِهِ في أحسن الأحوال. إذا لم تخترقك اللّغة، وهي تمارس سلطانها المكاني عليك، فأنت في الكيلومتر الصفر من لسانك الثاني. "اللّغة كائن حي" كما قال فيكتور هوجو. فهي تأكل، تشرب وتشُم، تغضب وتفرح، تسافر وتتنفّس، تعطس ويغمى عليها وتشتهي، تنام، تعشق، تمل، تكفر، تؤمن، تتكاثر، تعقر، تَجلِد، تداعب، تكره، تَكذب وتغدر، تخون، تتجبّر، تماما مثلي ومثلك. من السّخافة أنْ ترى بعض المتهافتين على الترجمة يحفظون قاموس "لاروس" أو "أكسفورد" عن ظهر قلب، معتقدا أنّه بذلك قد امتلك ناصية تلك اللّغة بحفظه الميكانيكي، الذي يحوّله إلى مُخزِّن لألفاظ لا متدبر في الكلمات ككائنات. إتقان لغة ثانية لا يعني البتّة القدرة على الترجمة منها أو إليها، لأن صفة الإتقان في اللّغة تحديدا هي ضرب من الخيال والخداع المُدغدغ، وأكاد أجزم أنّه سراب خطير. فهل تعرف أنت أو أنا كل شيء عن أو في اللّغة العربية؟ أو هل يعرف الإسباني والفرنسي كل شيء عن لغتيهما؟ الجواب قطعا، لا. كل معرفة في واقعها هي نسبية إلى أن تُثبت معرفة لاحقة نسبية أقوى من سابقتها. باستثناء اللّغة، فهي المعرفة الوحيدة التي لا تُلغيها نسبية لاحقة أشدّ قوة من سابقتها أو نظرية آتية. اللّغة معرفة استثنائية ليس بإضافتك لها ما ليس فيها، وإنّما باكتشافك لما فيها بالتعمّق الشاقولي داخلها ولا أتجاوز، إذا قلت إنّها مسألة غير محصنّة من الغيبيات. وعليه، فإنّ الترجمة هي ذلك التزحلق الفنّي بين كلمتين تعكس الواحدة منهما الأخرى؟ وذلك بالاستغناء المؤقت ـ عند لحظة الترجمة ـ عن جنسيّتهما وباعتمادٍ كُلّي على النّبش في ذبذبات الإحساس بكل مفردة ككلمة بتجرد تام ـ أي بغض النّظر عن أية لغة تنتمي تلك الكلمة ـ وعدم الانشغال بالتفكير في هيبة أو شمولية اللّغة المُتَرجَم منها أو إليها كهيكل مستقل ومحصّن سياديا. على الترجمة أن تستفيد من القليل من الفيلولوجيا والقليل من الفونيتيكيا والكثير من الأنثروبولوجيا وتسخيرها للحظة تكثيف الفعل التَرْجَمي، ولا بأس بسقف كلمات غير عال جدا عدديا جنبا إلى جنب مع تمكُنِك من اللّغة المترجَم إليها القائم على استيعابك لها بأنفاس دلالية موحية لا ألفاظ صارخة ومفرغة من أبعادها. وتأسيسا على ما أوردت، فإنّه من المستحيل أن تكون مُترجما بارعاً، ما لم تستسلم للحقل المكاني المغناطيسي للّغة الثانية، وتترك لسلطان طاقته حرية التعاطي اللاَّمشروط مع كل خلاياك العصبية لمدة لا تقل عن 3 سنوات وبعدها يمكنك الانطلاق في مغامرة غير سهلة أبدا، لمن يحترم موقعه من جبروت اللغة.
* مازالت الدول المغاربية لحد الآن، وبعد عقود من الاستقلال، لم تحسم بعد في لغة التدريس، حتى أن مسألة اللغة في هذه البلدان، باتت تخضع لمزايدات سياسوية وتناحرات أيديولوجية، باعتبارك خبيرة في مجال الديداكتيك واللسانيات التطبيقية وتدريس اللغات، كيف تتصورين الحل لهذه المعضلة اللغوية؟
لم تُحسم العلاقة المتشابكة والمتماهية بين الفكر واللغة، ولن تُحسم لا فلسفيا ولا أنثروبولوجيا، فكيف لها أن تُحسم بنصوص ديداكتيكية؟ الحديث عن اللّغة هو حديث عن أعقد وسائل الإنسان للاندماج لا مع محيطه فحسب، بل مع ذاته. لا يمكن لقانون ما أن يقضي على مخزون نُطْقي بشري بأبعاده السيكولوجية، ويضعه أمام شيزوفرينيا مرتبطة مباشرة بمفهوم الهُوية ودوّامة من المفاهيم غير المفهومة، كالوطنية والمواطنة. إذن، أنت تستعجل قتل جيل كامل أوّل ضحاياه الطلبة، وهُم الأمل المعرفي لأية أمّة. الحل هو التدرّج وانطلاق الإدارة العمومية في احترامها للغتها، أوّلا، بمقاضاة المسؤولين في حال تكلّمهم بغير العربية في المحافل الرسمية داخل بلدانهم أو خارجها. ثانيا، تفعيلها في كل ما له علاقة بالخدمات المُباشرة: أصناف الفواتير، الوصفات الطبّية جنبا إلى جنب مع العمل على تثبيتها في وسائل الأعلام، الدعاية والإشهار وكل ما هو استهلاكي. وثالثا، التفكير في فتح ورشات لتقريب العربية ضمن تحفيزات حقيقية على هامش الوظائف الحكومية. في برامج لا تزُج بالنّص القرآني كاستثمار وحيد، لا ثاني له، حتى تسير عجلتها مدنيا، وبأسلوب تسريبي رشيق وأنيق يتبنّى المعارف الإنسانية والفنون كوسائل جذب لها... لا حياة للعربية ما لم تلبس ملابسها العصرية على أيادٍ متخصصه وواعية بهرمون اللّغة ضمن توازنات مستيقظة في الهوية لا بها فقط. الموجع أنّ الدول المغاربية ما زالت ترى لحاقها بركب المدنية مشروطا باللغة الفرنسية، ولا تريد أن تفهم أن فرنسا نفسها، مهددة بخطر الزوال الألسُني، فهي تأتي في المرتبة الرابعة عشرة من حيث عدد مُتكلّميها. وهم من 75 إلى 79 مليونا في كل العالم. ولغتها لم تقدم لا للبيداغوجيا ولا للديداكتيك، أي جديد خلال الثلاثين سنة الماضية. مع العلم أنّ التعليم في العشر سنوات السابقة شهد فجيعة مفاجآت، ووجد نفسه أمام خيار وحيد هو الاندماج مع وتيرة تسارع فلكي البَذخِ معلوماتيا. الفرنسية بحد ذاتها، مكلومة ومسجونة على خارطة ضيقة لا تجد لها من يتعامل بها إلاّ في المنطقة المغاربية تقريبا، حيث إنّ ثاني بلد فرانكفوني في العالم بعد "فرنسا الأمّة" هو الجزائر. 11 مليون جزائري يتكلمونها ويكتبونها.
تشغلني القضية الفلسطينية كقضية أكلت أعمار شعوبنا العربيةفرنسا متوجسة جدا من غول الإنجليزية. هل تعرف أنّ الرئيس الفرنسي الأسبق ميتران كان يترأس، شخصيا، جمعية الدفاع عن اللغة الفرنسية؟ هل تعرف متوسط نفقة الأسرة الفرنسية السنوي لتتعلم الإنجليزية؟ إنّه 5000 يورو حسب تقرير متخصص نبهّت له France 2 السنة الماضية؟ هل تعرف أن للمواطن الفرنسي الحق في قرض بنكي بغرض تعلُّمِه اللّغة الانجليزية؟ يجب الاعتراف أن المحافظين على جينات الإنجليزية والمستثمرين فيها والسّاهرين على تطويرها ليست لديهم عقدة. يجب أن تكون إنجليزيا لتكون موهوبا. ولا عقدة في الاستعانة بأيّة خبرات ومن مُختلَف الجنسيات التي يرونها موهوبة في فن التعليم أوّلا، ثمّ مُبدعة في تقنيات توصيل الإنجليزية كلغة إلى العالم. بمناهج لا يمر عليك 24 شهرا إلاّ لترى مُحاولة ما لتقديمها بأسلوبٍ يجعلها أسهل لمن يريد تعلّمها. ولن أذيع سرّاً، إن قلت إن من شروط قبول إطارات تطوير مناهج الإنجليزية على الأقل في المركز الذي أعمل فيه هو أن يُتقن الإطار 3 لغات موازاة للإنجليزية.
* ما الشواغل التي تؤرقك حاليا؟
يشغلني انعدام الحياء المتفشي بين من يعتبرون أنفسهم مثقفين؛ يشغلني الخطر المحاق على أمّنا الأرض كوكبنا الوهّاب. يشغلني أطفال بلا قمصان يلوّحون بأعلام بلادهم، ويُجبرون على إسماع جدران مدارس بلا كتب أو تدفئة نشيدهم الوطني. يشغلني انجرار المرأة وراء هندسة ذكورية أكثر استلابا لها وأفدح جهلا، عندما تنتظر الخلاص على يد الرجل الذي كان يتودّدها، بل يعبدها قبل كمشة آلاف وقليل من السنين. رجل هو نفسه مدفون في وحل منظومة اجتماعية، ويحتاج إلى من يحرره تحريرا حقيقيا. يشغلني انسحاق شخصية الطالب العربي بذريعة التحصيل العلمي بمناهج دراسية، إن لم تجعل من الطلاب مشاريع إرهابيين، تجعل منهم كائنات محرومة من لذّة التفكير قبل حرمانها من ممارسة حريته، أجيال بعيدة عن قيَم الفن واستفزاز الجمال وعشق التنوّع. تشغلني القضية الفلسطينية كقضية أكلت أعمار شعوبنا العربية، ولم نقدم لها شيئا إلاّ خنوعنا لزعامات اشتغلت على نقطة ضعف شعوبها إزاء كلمة "فلسطين". يشغلني أن تموت النّاس ولا تعرف لمَ تموت. تشغلني أمنيات بلا أمل. يشغلني غياب فضيلة الشجاعة لقول "لا" حين المساس بالحريّات الخضراء التي تتقزز من دموية الحرّية الحمراء، التي جرّعونا إياها استسهالا للموت، واستصغارا لحصّادة الأرواح في معارك لا نعرف على وجه التحديد منها سوى دفن أسرارها بدفن ضحاياها.
*باحث وروائي مغربي.
مقالات اخرى
الكاتب والناقد لونيس بن علي في حوار حول كتابه "الفضاء السردي في الرواية الجزائرية/ رواية الأميرة الموريسكية لمحمد ديب نموذجا":
الشاعرة التونسية إيمان عمارة : تم إغفال صوت المرأة الشاعرة على مدى التاريخ العربي
الجنس في الروايات العربية
كُتاب يستعيدون بختي بن عودة في ذكرى غيابه
الصحافة الثقافية في الجزائر.. تشخيص أزمة
موقع الرواية التاريخية في خارطة المقروئية العربية:
الذكرى الثانية لغياب الروائية يمينة مشاكرة
كُتاب عرب يتحدثون عن وردة الغناء في ذكرى رحيلها
الكاتب والمترجم الأردني فخري صالح في حوار حول كتاب "موت الناقد" للمؤلف رونان ماكدونالد:
نُقاد يجمعون على موت الناقد لا النقد ويصرحون:
عودة إلى أب الرواية المغاربية في ذكراه : محمد ديب : الهويّة المستعادة
"محمد ديب" أكبر كُتاب الجزائر لم يُقرأ بعد
الدكتور إسماعيل مهنانة في حوار حول كتابه الجديد:
فوبيا سهيلة بورزق
الكاتب الصحفي والباحث مهدي براشد في حديث عن كتابه "معجم العامية الدزيرية":
أي رسالة تحملها لنا أميرة الغناء الأمريكي ليدي غاغا
عم سلاما أيها الوطن
ثلث نساء العالم يتعرضن لاعتداءات جنسية وبدنية
هل تراني امرأة..؟
عمر السيدة عائشة حين تزوجت النبي عليه الصلاة و السلام
كيف تعرفين صديقتك الحقيقية؟
آه يا بلادي
حوار مع الشاعر والروائي ابراهيم نصر الله:
الكاتب والمترجم الكردي صباح إسماعيل في حوار حول الأدب والترجمة:
المختصة في مجال التنمية البشرية والتدريب سامية بن عكوش في حوار للنصر:
عياد: أنا كاتب إشكالي مهمتي طرق باب المغاير... وفي نصوصي نكهة تمرد
المتوج بجائزة الطيب صالح العالمية للرواية، الشاعر والروائي إسماعيل يبرير : في الجزائر ننظر بكثير من الشك إلى أعمالنا
لماذا انتحرت صافية كتو؟؟ تقديم و ترجمة: محمد عاطف بريكي
مصطفى الشعار: من يحترم أمه يحترم حقوق كل نساء العالم
الشاعرة الجزائرية المغتربة مليكة بومدين:
الشاعرة نوارة الأحرش تحاور الكاتب اللبناني جبور الدويهي
الأكاديمي والباحث والروائي اليامين بن تومي:
الكاتب والناقد حبيب مونسي في حوار عن الرواية الجزائرية
الشاعر والكاتب والمفكر أزراج عمر:
لماذا المرأة السعودية في دائرة الاتهام؟
مو يان: علينا قبول أن يعبّر كل جيل عن انفراده ويغير اللغة الأدبية
الكاتب والباحث والمترجم بوداود عمير:
بين الحلال و الحرام...واقع بلا كرامة للكاتبة الجزائرية هدى درويش
الشاعرة نصيرة محمدي:
ثقافة الإنسان العربي، بين الحقيقة و الإدعاء لهدى درويش
الكاتب والروائي والدبلوماسي المصري عز الدين شكري فشير:
فلسطين و المثقفون العرب ..ماذا بعد؟
فتوى تحرم على المرأة تناول الموز والخيار حتى لا تستثار جنسياً
ذكورية الفقه الإسلامي للمفكر محمد شحرور
"كل عيد استغلال و انتم بخير "
ناصر بوضياف نجل الرئيس الجزائري المغتال محمد بوضياف "الجزائر للجميع و مستقبلها بين أيدي الجزائريين"
الروائية اللبنانية لينة كريديّة:
الشاعرة والروائية الجزائرية ربيعة جلطي:
الشاعرة الجزائرية خالدية جاب الله:
الفيلم السينيمائي كقصيدة، برايت ستار نموذجا
الروائية السعودية رجاء عالم: أكتب للذين يشبهونني وتجربتي لا تمثل خصوصية سعودية
الروائي والكاتب كمال قرور في حوار عن روايته الأخيرة
الكاتب والمترجم الإيطالي سيموني سيبيليو
الشاعر والروائي اللبناني شربـل داغـر: استعذبت كتابة الرواية، فيما الشعر عملية مؤلمة
الكاتبة الجزائرية زهرة ديك: الحكم على كتابات المحنة بالأدب الإستعجالي هو الذي كان استعجاليا
الكاتبة السورية مها حسن: الدافع الأول لكتابتي كأمرأة هو الدفاع عن فرديتي وسط المجموع!
عندما تكون الطفولة أنثى...نقيم عليها الحد
إسلام الآخرين..!
اليوم العالمي للبنطال سيدتي، أنت تخالفين القانون!
جرائم النخبة.. ظاهرة جديدة فى مصر الآن
تجمع كتاب أفريقيا في اللغة العربية
عن المثقف و المرأة
قصتي مع صاحبة أقاليم الخوف
لست متعاطفا مع غزة...!
أطفئ سيجارتك و أنت تتجول في هذا الموقع
هل ستشجع الجزائر يوم الأحد في مباراتها الأولي في كأس العالم؟
هل أدركنا دور المرأة في دعم الإرهاب؟؟؟
أحمد ترك يحمل القضية الكردية من ديار بكر إلى واشنطن
عكاظية الجزائر: حديث ذو شجون بين كمال قرور و شرف الدين شكري
حول عكاظية الشعر العربي في الجزائر
معهم الحياة أقل قسوة
المنفى ... هذا الأكثر وطنا
لماذا لا تقراؤن سلمان رشدي؟
الكاتب والناقد لونيس بن علي في حوار حول كتابه "الفضاء السردي في الرواية الجزائرية/ رواية الأميرة الموريسكية لمحمد ديب نموذجا":
الشاعرة التونسية إيمان عمارة : تم إغفال صوت المرأة الشاعرة على مدى التاريخ العربي
الجنس في الروايات العربية
كُتاب يستعيدون بختي بن عودة في ذكرى غيابه
الصحافة الثقافية في الجزائر.. تشخيص أزمة
موقع الرواية التاريخية في خارطة المقروئية العربية:
الذكرى الثانية لغياب الروائية يمينة مشاكرة
كُتاب عرب يتحدثون عن وردة الغناء في ذكرى رحيلها
الكاتب والمترجم الأردني فخري صالح في حوار حول كتاب "موت الناقد" للمؤلف رونان ماكدونالد:
نُقاد يجمعون على موت الناقد لا النقد ويصرحون:
عودة إلى أب الرواية المغاربية في ذكراه : محمد ديب : الهويّة المستعادة
"محمد ديب" أكبر كُتاب الجزائر لم يُقرأ بعد
الدكتور إسماعيل مهنانة في حوار حول كتابه الجديد:
فوبيا سهيلة بورزق
الكاتب الصحفي والباحث مهدي براشد في حديث عن كتابه "معجم العامية الدزيرية":
أي رسالة تحملها لنا أميرة الغناء الأمريكي ليدي غاغا
عم سلاما أيها الوطن
ثلث نساء العالم يتعرضن لاعتداءات جنسية وبدنية
هل تراني امرأة..؟
عمر السيدة عائشة حين تزوجت النبي عليه الصلاة و السلام
كيف تعرفين صديقتك الحقيقية؟
آه يا بلادي
حوار مع الشاعر والروائي ابراهيم نصر الله:
الكاتب والمترجم الكردي صباح إسماعيل في حوار حول الأدب والترجمة:
المختصة في مجال التنمية البشرية والتدريب سامية بن عكوش في حوار للنصر:
عياد: أنا كاتب إشكالي مهمتي طرق باب المغاير... وفي نصوصي نكهة تمرد
المتوج بجائزة الطيب صالح العالمية للرواية، الشاعر والروائي إسماعيل يبرير : في الجزائر ننظر بكثير من الشك إلى أعمالنا
لماذا انتحرت صافية كتو؟؟ تقديم و ترجمة: محمد عاطف بريكي
مصطفى الشعار: من يحترم أمه يحترم حقوق كل نساء العالم
الشاعرة الجزائرية المغتربة مليكة بومدين:
الشاعرة نوارة الأحرش تحاور الكاتب اللبناني جبور الدويهي
الأكاديمي والباحث والروائي اليامين بن تومي:
الكاتب والناقد حبيب مونسي في حوار عن الرواية الجزائرية
الشاعر والكاتب والمفكر أزراج عمر:
لماذا المرأة السعودية في دائرة الاتهام؟
مو يان: علينا قبول أن يعبّر كل جيل عن انفراده ويغير اللغة الأدبية
الكاتب والباحث والمترجم بوداود عمير:
بين الحلال و الحرام...واقع بلا كرامة للكاتبة الجزائرية هدى درويش
الشاعرة نصيرة محمدي:
ثقافة الإنسان العربي، بين الحقيقة و الإدعاء لهدى درويش
الكاتب والروائي والدبلوماسي المصري عز الدين شكري فشير:
فلسطين و المثقفون العرب ..ماذا بعد؟
فتوى تحرم على المرأة تناول الموز والخيار حتى لا تستثار جنسياً
ذكورية الفقه الإسلامي للمفكر محمد شحرور
"كل عيد استغلال و انتم بخير "
ناصر بوضياف نجل الرئيس الجزائري المغتال محمد بوضياف "الجزائر للجميع و مستقبلها بين أيدي الجزائريين"
الروائية اللبنانية لينة كريديّة:
الشاعرة والروائية الجزائرية ربيعة جلطي:
الشاعرة الجزائرية خالدية جاب الله:
الفيلم السينيمائي كقصيدة، برايت ستار نموذجا
الروائية السعودية رجاء عالم: أكتب للذين يشبهونني وتجربتي لا تمثل خصوصية سعودية
الروائي والكاتب كمال قرور في حوار عن روايته الأخيرة
الكاتب والمترجم الإيطالي سيموني سيبيليو
الشاعر والروائي اللبناني شربـل داغـر: استعذبت كتابة الرواية، فيما الشعر عملية مؤلمة
الكاتبة الجزائرية زهرة ديك: الحكم على كتابات المحنة بالأدب الإستعجالي هو الذي كان استعجاليا
الكاتبة السورية مها حسن: الدافع الأول لكتابتي كأمرأة هو الدفاع عن فرديتي وسط المجموع!
عندما تكون الطفولة أنثى...نقيم عليها الحد
إسلام الآخرين..!
اليوم العالمي للبنطال سيدتي، أنت تخالفين القانون!
جرائم النخبة.. ظاهرة جديدة فى مصر الآن
تجمع كتاب أفريقيا في اللغة العربية
عن المثقف و المرأة
قصتي مع صاحبة أقاليم الخوف
لست متعاطفا مع غزة...!
أطفئ سيجارتك و أنت تتجول في هذا الموقع
هل ستشجع الجزائر يوم الأحد في مباراتها الأولي في كأس العالم؟
هل أدركنا دور المرأة في دعم الإرهاب؟؟؟
أحمد ترك يحمل القضية الكردية من ديار بكر إلى واشنطن
عكاظية الجزائر: حديث ذو شجون بين كمال قرور و شرف الدين شكري
حول عكاظية الشعر العربي في الجزائر
معهم الحياة أقل قسوة
المنفى ... هذا الأكثر وطنا
لماذا لا تقراؤن سلمان رشدي؟