أولاً مبارك عليكم الشهر.
ثانياً، يرحم الله والديكم يا ‘شيخ’ نبيل العوضي ويا دكتور طارق سويدان ويا بقية رجال الدين، أو رجال الأعمال، الذين تتزاحمون كتفاً بكتف على أبواب الفضائيات في الشهر الفضيل هذا، أرجوكم وأتوسل إليكم ألّا تدعوا هذا العام على النصارى بأن يبيدهم الله. معلش، سامحوهم هالمرة، على الأقل إلى أن يكملوا اكتشاف الخريطة الجينية التي ستساهم في علاج الأمراض بشتى أنواعها. فهم لايزالون في منتصف الطريق، وقد توصلوا إلى علاج أمراض كثيرة، منها السمنة.
ثم لو فرضنا جدلاً أن الله استجاب لدعائكم وأبادهم وفرقهم بدداً، عليّ النعمة حينئذ لن تستفيدوا من نفطكم مثقال ذرة، إلا في الحنّاء أو في علاج جرب الإبل. وطبعا أنتم منذ أن احتلت فلسطين عام 1948 تدعون على اليهود ونحن نؤمّن خلفكم كل يوم، واليهود يرزعوننا على قفانا كل يوم، حتى أصبح قفا الواحد منا كما إطار بريجستون مقاوماً للحرارة.
وبعدين يا شباب، لماذا الدعاء عليهم بالفناء؟ لماذا لا ندعو الله أن يصلح علاقاتنا معهم، وأن يساعدهم على اكتشاف علاج مرض السكري الذي أبادنا، ولاسيما أنهم قد شارفوا على الانتهاء من ذلك؟، ما هذه الغريزة الشريرة التي تتلبسكم ولا غريزة الرئيس الإفريقي عيدي أمين، آكل لحوم البشر؟… يقول: اللهم فرّق شملهم؟! طيب ليش وهُم الذين اخترعوا لنا الأدوية وآلات الزراعة وتنقية مياه البحر وكل ما يخطر على الذهن؟ أهذا رد الجميل أم هي النذالة؟ يعني تستيقظون من نومكم في أنصاص الليالي لتدعوا عليهم، ‘وين إذنك يا جحا’؟ لماذا لا تستيقظون من نومكم وتتجهون إلى المختبرات والمصانع؟ أم أن السالفة هي البحث عن الأسهل، ارفع يديك وبس.
لكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، إذا كنتم متعطشين للدماء والمقابر الجماعية، وإذا كان لابد من الدعاء على أحد بالإبادة فأرجو أن تحددوا الدولة المنكوبة. دونكم أميركا الوسطى وأميركا اللاتينية، السلفادور والهندوراس وكوستاريكا، الله الله فيهم، فهم مثلنا ‘بَجَم’ وعالة على الأرض، فاحرقوهم بالدعاء الله يلعنهم ويلعن ساعتهم، كي يتفرقوا بددا ويصيبهم ‘الرمدا’ و’الكمدا’ (المد بالألف لدواعي السجع)، عليكم بهم فاحشروهم بالدعاء سدد الله رميكم.
أنا لا أعترض على الدعاء، ولا على جدواه، اعتراضي فقط على طريقة استخدامنا له، إذ لم أسمع مرة إماماً يقول: ‘اللهم حبّبنا في المختبرات، اللهم واجعلنا نملأ الأرض بهجة وعمراناً، اللهم إنا أمضينا السنين في بحث حثيث عن علاج العقم فيسّر لنا اكتشاف الدواء بسرعة كي تنتفع البشرية…’. أدعيتهم في أغلبها أسلحة دمار شامل، الخالق الناطق، محرمة شرعاً ومجرّمة قانوناً. فأقل ما يدعون به على النصارى هو الشلل، هذا إذا كان لدى الإمام قليل من الذوق، بينما يؤكد النصارى والبوذيون أنهم سيقضون على الشلل قريباً، ليفرح المشلولون، من المسلمين والنصارى واليهود والهندوس والبوذيين وعبّاد النمل الأصفر.
لا أدري كيف حوّل بعض مشايخنا دين الاسلام المبني على التسامح إلى دين قصف عشوائي وحرب مدن، وكأنهم على خط النار لا على منابر المساجد، أو كأنهم ينتمون إلى مافيا آل كابوني أيام عزه في شيكاغو.
التعليق
في الوقت الذي نعاني فيه من الإرهاب، كمثقفين و مواطنين لا حول لهم و لا قوة، نجد الإعلام العربي يروج لمزيد من المظللين، و فعلا تبدو طريقة إطلاق الأدعية الغريبة المشحونة بالكراهية نحو غير المسلمين من أبشع الطرق التي يسلكها المسؤولين عن هذه الفضائيات لترهيب الناس و إعطاء صورة سيئة عنا كمجتمع مسلم مسالم جاء لتحرير الناس من كل أشكال العبودية و الخضوع للقوى البشرية.
المقال منقول عن موقع الكاتب نبيل المعجل، و ننشره هنا لتعميم الفائدة.