سرديات عودة
غسان المفلح عن نقاب الروح...! (الجمعة 30 تموز 2010)
غسان المفلح
النقاب سحبنا جميعاً بعيداً عن الحدث فتحول الحدث الطائفي في سورية حدثاً سلفياً
قال لي أحد الناشطين اليهود من أجل السلام في أوروبا بعربية فصحى, درسها في القاهرة” سورية آخر بلد في المنطقة, ستأتيه الديمقراطية, ولا تسألني لماذا, ولكن عليكم أن تستعدوا لذلك” يقصد المعارضة السورية. بسذاجة رددت عليه” هل لأنك تعرف جيدا السياسة الإسرائيلية?
ابتسم وقال” دوما تعتقدون أن إسرائيل كلية القدرة, لهذا عندما فشلتم في الاستفادة, من السنوات الماضية قلتم إسرائيل هي السبب, أو أن الدول الغربية غير معنية بحقوق الإنسان وبالديمقراطية في العالم العربي.
فعقبت كي لا يفلت مني” وأنت هل لك رأي آخر?
نعم أجابني سريعا, ربما ما تقوله صحيح…ولكنكم مهما تلون عداؤكم للغرب أو صداقتكم, سواء من منطق إسلام سياسي أو قومي عربي أو من منطق ماركسي أو حتى من منطق لبيرالي, فإن هذا العداء- الصداقة, يعود جذره إلى أنكم محاصرون بأنفسكم وعناوينكم وسلطاتكم, كما نحن اليهود قد حاصرتنا إسرائيل بمتاهة المستقبل, والسؤال” إلى أين نمضي كيهود?
لم أعلق.
عجرفة الفكر, وسلطان أسمائنا, سقفنا سلطتنا, مهما حاولنا أو زعمنا, فإننا لا نفكر أبعد من سقفنا.
عندما يهرب معارض سوري في ثمانينيات القرن العشرين من السلطة إلى أوروبا, ويعود الآن والسلطة نفسها قائمة وربما أسوأ لو نظرنا إلى وضع الشعب, وليس فسحة حرية غير مقوننة لبعض المثقفين, الفقر أشد وطأة على شعبنا, وشعبنا الآن منهك أكثر بكثير من ذلك الوقت…إنه سؤال?
إنسانيا من حق أي مغترب معارض كان أو خلافه, أن يعود لوطنه, ولكن من دون أن يؤطرها سياسيا… وعندما يصل هناك يبدأ بشتم أميركا, وأن التغيير يجب ان يكون سلميا تدرجا ومن الداخل, وربما قبل أن يصل يمهد للموضوع قبل وصوله لسورية السلطة الآن في سورية, تغيرت …نعم, ولكنه تغير نحو القوة, وبات لديها نظام قادر على استيعاب مثقفين معارضين, أكثر مما كان نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد.
“سيستيم” بات من القدرة والمرونة أكثر من السابق!
انتقائية القمع تعبير عن قوة هذا النظام, ومرونته.
النظام يدرك أكثر منا جميعا, أن الفكر لا يغير في هذا الزمن المعلوماتي الفضائي, نحن نكتب ليس لضخ الوعي للمتلقي…لأن ما نريد ضخه لا يعني المواطن السوري, لكن قل للمواطن السوري” هل تريد الهجرة للغرب, يوافق فورا, هل تريد أن تصبح سورية دولة مثل تركيا كي لا نبتعد بالنموذج ..أيضا يوافق بلا تردد.
آخر مقالة قرأتها للطيب تيزيني”المشروع العربي و”القطر القاعدة”…
آخر مقال قرأته للصديق العزيز جورج كتن”تجمع وطني ديمقراطي أم سلفي?
بين استمالة الشارع الإسلامي, وبين العداء له حدان, هذا ما أثارته مشكلة النقاب في سورية.
يقول الصديق جورج” فالإسلام السياسي المتطرف هو جناح من التيار الوسطي خرج عنه بحكم توهمه أن العنف هو الوسيلة الافضل”
برأيك صديقي تخلي هذا التيار عن العنف والجهاد, ألا يعتبر نقلة?
ثم يقول” إذ لم يبق للتجمع من “أعمال” يوردها في تقريره سوى الدفاع عن المنقبات والمحجبات فيما قضايا المرأة السورية شائكة ومتعددة بدءاً من القتل بحجة الشرف وحق الأم في إعطاء جنسيتها لاولادها وقضية العنف الممارس ضد المرأة والتمييز في مسائل الطلاق وحضانة الاطفال والإرث والشهادة في المحاكم وتعدد الزوجات وغيرها…بعد التوافق مع النظام في القضايا القومية كان لا بد من اعتراض ما, وليكن في موضوع المنقبات, لكي يحتفظ التجمع بتسميته كتكتل معارض حتى لو أصبح من الممكن إضافة “إسلامي” أو “سلفي” لاسمه, أو إضافة ألقاب مثل “الشيخ” رئيس التجمع, أو “الفقيه” الناطق الرسمي وغير ذلك مما تقتضيه المهنة! قال لي صديق إن “أكبر!” التنظيمات المشاركة في التجمع هو: “تنظيم إسلامي مشفر” ولكني لم اصدقه حينها..”
لم يحاور أحد من التجمع الصديق جورج, ولا أحد ممن يتبنون مواقف التجمع..لماذا? لا أعرف..?
الشباب لايريدون افتعال معارك جانبية! ربما من يدري?
لايوجد ثورة في العالم نجحت, وكان مثقفوها وسياسيوها, حياديين, وموضوعيين- بنزاهة- في تعاملهم مع من قاموا بالثورة عليهم, لا في الثورات البرجوازية ولا في الثورات البروليتارية, ولا في ثورات التحرر الوطني, ولا في ثورات التغيير الديمقراطي السلمية.
لأن الثورة أو اي عملية تغيير سلمي أو غير سلمي, هي في النهاية ميزان قوى, وما تبقى لا يحتاج كثيرا إلى تعليق.
النقاب سحبنا جميعا بعيدا عن الحدث فتحول الحدث الطائفي في سورية إلى حدث سلفي…!
فوجدت النقاب في داخلي.
عندما نفتح صدورنا للهواء…فإنه يدخل بكل مافيه…فهو ليس أوكسجينا نقيا.
وهكذا نحن….علينا تنقية ذواتنا دوما قبل أن نطالب الآخرين بذلك.
التعليق
غسان المفلح
النقاب سحبنا جميعاً بعيداً عن الحدث فتحول الحدث الطائفي في سورية حدثاً سلفياً
قال لي أحد الناشطين اليهود من أجل السلام في أوروبا بعربية فصحى, درسها في القاهرة” سورية آخر بلد في المنطقة, ستأتيه الديمقراطية, ولا تسألني لماذا, ولكن عليكم أن تستعدوا لذلك” يقصد المعارضة السورية. بسذاجة رددت عليه” هل لأنك تعرف جيدا السياسة الإسرائيلية?
ابتسم وقال” دوما تعتقدون أن إسرائيل كلية القدرة, لهذا عندما فشلتم في الاستفادة, من السنوات الماضية قلتم إسرائيل هي السبب, أو أن الدول الغربية غير معنية بحقوق الإنسان وبالديمقراطية في العالم العربي.
فعقبت كي لا يفلت مني” وأنت هل لك رأي آخر?
نعم أجابني سريعا, ربما ما تقوله صحيح…ولكنكم مهما تلون عداؤكم للغرب أو صداقتكم, سواء من منطق إسلام سياسي أو قومي عربي أو من منطق ماركسي أو حتى من منطق لبيرالي, فإن هذا العداء- الصداقة, يعود جذره إلى أنكم محاصرون بأنفسكم وعناوينكم وسلطاتكم, كما نحن اليهود قد حاصرتنا إسرائيل بمتاهة المستقبل, والسؤال” إلى أين نمضي كيهود?
لم أعلق.
عجرفة الفكر, وسلطان أسمائنا, سقفنا سلطتنا, مهما حاولنا أو زعمنا, فإننا لا نفكر أبعد من سقفنا.
عندما يهرب معارض سوري في ثمانينيات القرن العشرين من السلطة إلى أوروبا, ويعود الآن والسلطة نفسها قائمة وربما أسوأ لو نظرنا إلى وضع الشعب, وليس فسحة حرية غير مقوننة لبعض المثقفين, الفقر أشد وطأة على شعبنا, وشعبنا الآن منهك أكثر بكثير من ذلك الوقت…إنه سؤال?
إنسانيا من حق أي مغترب معارض كان أو خلافه, أن يعود لوطنه, ولكن من دون أن يؤطرها سياسيا… وعندما يصل هناك يبدأ بشتم أميركا, وأن التغيير يجب ان يكون سلميا تدرجا ومن الداخل, وربما قبل أن يصل يمهد للموضوع قبل وصوله لسورية السلطة الآن في سورية, تغيرت …نعم, ولكنه تغير نحو القوة, وبات لديها نظام قادر على استيعاب مثقفين معارضين, أكثر مما كان نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد.
“سيستيم” بات من القدرة والمرونة أكثر من السابق!
انتقائية القمع تعبير عن قوة هذا النظام, ومرونته.
النظام يدرك أكثر منا جميعا, أن الفكر لا يغير في هذا الزمن المعلوماتي الفضائي, نحن نكتب ليس لضخ الوعي للمتلقي…لأن ما نريد ضخه لا يعني المواطن السوري, لكن قل للمواطن السوري” هل تريد الهجرة للغرب, يوافق فورا, هل تريد أن تصبح سورية دولة مثل تركيا كي لا نبتعد بالنموذج ..أيضا يوافق بلا تردد.
آخر مقالة قرأتها للطيب تيزيني”المشروع العربي و”القطر القاعدة”…
آخر مقال قرأته للصديق العزيز جورج كتن”تجمع وطني ديمقراطي أم سلفي?
بين استمالة الشارع الإسلامي, وبين العداء له حدان, هذا ما أثارته مشكلة النقاب في سورية.
يقول الصديق جورج” فالإسلام السياسي المتطرف هو جناح من التيار الوسطي خرج عنه بحكم توهمه أن العنف هو الوسيلة الافضل”
برأيك صديقي تخلي هذا التيار عن العنف والجهاد, ألا يعتبر نقلة?
ثم يقول” إذ لم يبق للتجمع من “أعمال” يوردها في تقريره سوى الدفاع عن المنقبات والمحجبات فيما قضايا المرأة السورية شائكة ومتعددة بدءاً من القتل بحجة الشرف وحق الأم في إعطاء جنسيتها لاولادها وقضية العنف الممارس ضد المرأة والتمييز في مسائل الطلاق وحضانة الاطفال والإرث والشهادة في المحاكم وتعدد الزوجات وغيرها…بعد التوافق مع النظام في القضايا القومية كان لا بد من اعتراض ما, وليكن في موضوع المنقبات, لكي يحتفظ التجمع بتسميته كتكتل معارض حتى لو أصبح من الممكن إضافة “إسلامي” أو “سلفي” لاسمه, أو إضافة ألقاب مثل “الشيخ” رئيس التجمع, أو “الفقيه” الناطق الرسمي وغير ذلك مما تقتضيه المهنة! قال لي صديق إن “أكبر!” التنظيمات المشاركة في التجمع هو: “تنظيم إسلامي مشفر” ولكني لم اصدقه حينها..”
لم يحاور أحد من التجمع الصديق جورج, ولا أحد ممن يتبنون مواقف التجمع..لماذا? لا أعرف..?
الشباب لايريدون افتعال معارك جانبية! ربما من يدري?
لايوجد ثورة في العالم نجحت, وكان مثقفوها وسياسيوها, حياديين, وموضوعيين- بنزاهة- في تعاملهم مع من قاموا بالثورة عليهم, لا في الثورات البرجوازية ولا في الثورات البروليتارية, ولا في ثورات التحرر الوطني, ولا في ثورات التغيير الديمقراطي السلمية.
لأن الثورة أو اي عملية تغيير سلمي أو غير سلمي, هي في النهاية ميزان قوى, وما تبقى لا يحتاج كثيرا إلى تعليق.
النقاب سحبنا جميعا بعيدا عن الحدث فتحول الحدث الطائفي في سورية إلى حدث سلفي…!
فوجدت النقاب في داخلي.
عندما نفتح صدورنا للهواء…فإنه يدخل بكل مافيه…فهو ليس أوكسجينا نقيا.
وهكذا نحن….علينا تنقية ذواتنا دوما قبل أن نطالب الآخرين بذلك.
التعليق
لمن لا يعرف غسان المفلح: فهو كاتب ومعتقل سابق عدة مرات في سورية آخرها لمدة 12 عاما بتهمة الانتماء لحزب العمل الشيوعي في سورية.
درس الاقتصاد في جامعة دمشق.
مواليد حوران- سورية.
يعيش في سويسرا، ويكتب في العديد من المنابر والصحف العربية.
من لديه تعليق ؟؟؟؟
درس الاقتصاد في جامعة دمشق.
مواليد حوران- سورية.
يعيش في سويسرا، ويكتب في العديد من المنابر والصحف العربية.
من لديه تعليق ؟؟؟؟