سرديات عودة
خمسون عاما على حبوب منع الحمل (الجمعة 11 حزيران 2010)
التعليق
نقلا عن إذاعة هولندا العالمية :
قبل خمسين عاماً طـُرحت حبوب منع الحمل للاستخدام للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية. عـُرضت هذه الحبوب في البداية كعلاج ضد آلام الحيض، لم تكن الأفكار السائدة آنذاك تسمح بالقول بشكل مباشر إنها حبوب لمنع الحمل. وصلت هذه الأقراص إلى هولندا بشكل تجريبي بعد سنتين من إطلاقها في الولايات المتحدة. حالياً تـُستخدم أقراص منع الحمل في كل أنحاء العالم تقريباً، لكن الجدل حولها لم ينته بعد.
إذاعة هولندا العالمية تلقي الضوء على كيفية التعامل مع حبوب منع الحمل لدى الشعوب والثقافات المختلفة:
هولندا: الأسقف الذي روج لحبوب منع الحمل
ميرتيل فان بومل / ساعد خطاب تلفزيوني للأسقف الكاثوليكي بيكرس عام 1963 على اتساع رقعة استخدام حبوب منع الحمل في الأوساط الشعبية في هولندا. أدت كلمات الأسقف إلى استخدام الحبوب من قبل 16% من النساء الهولنديات خلال ثلاثة أعوام.
قال الأسقف بيكرس إن الحبوب وسيلة ممتازة لتنظيم النسل. كانت الاسر الهولندية آنذاك كبيرة نسبياً، وكانت الطريقة الوحيدة لتحديد النسل هي الامتناع المؤقت عن ممارسة الجنس في فترة الخصوبة (الامتناع الدوري). وقد تم تقديم الحبوب في البداية كمادة لتنظيم الدورة الشهرية.
"ربما لم يكن يعلم الأسقف بيكرس أصلاً، بأن هذه الحبوب تمنع الحمل." يقول روب بيرتهاوزن، مدير المعهد الهولندي لمنع الحمل، ويوضح: "الشركة المصنع للحبوب أخبرت الأسقف بنصف الحقيقة فقط." حين تم الكشف عن حقيقة الأمر، إلى احتجاجات في صفوف العاملين في مصنع، الحبوب، وخاصة بين الكاثوليكيين منهم، حيث اضربوا عن العمل، الذي اعتبروه "عملاً شيطانياً".
حالياً تـستخدم 40% من النساء الهولنديات أقراص منع الحمل.
"كثير من الفتيات يبدأن باستخدام الحبوب، بفترة طويلة قبل أن يبدأن بأي نشاط جنسي. نلاحظ أن الفتيات غفي عمر 14 إلى 24 سنة، كثيراً ما يستخدمن الحبوب كعلاج ضد بعض الآلام. تتناقص نسبة استخدام الحبوب لدى فئة النساء من 25 إلى 39 سنة، لأن كثيراً منهن يرغبن في هذا العمر بالإنجاب. كثير من الأسر تختار التعقيم النهائي، عندما تقرر الأسرة التوقف عن إنجاب المزيد من الأطفال.
جزر الأنتيل الهولندية: الإجهاض أسهل!
بيتر باس فان فيخن/ كان طبيب الأمراض النسائية سيرجو ليون هو أو من أدخل حبوب منع الحمل إلى جزر الأنتيل عام 1962. يقول: "أجريت دراسة حولها في ميامي. وعندما ذهبت للعمل في جزيرة كوراساو، كان الناس هناك قد سمعوا بالحبوب. لكنها لم تكن متوفرة هناك. كانت هناك مشكلة، خاصة لدى الناس قليلي التعليم، فقد كانوا ينجبون الكثير من الأطفال، ولم يكونوا قادرين على رعايتهم بشكل جيد."
في عام 1965 ساهم ليون بإنشاء مؤسسة "فاميليا بلانيا" المختصة بالتشجيع على تحديد النسل. "لقد عملت على تسهيل كل وسائل منع الحمل، ليس الحبوب أو الواقي الذكي فقط، بل أيضاً تسهيل الإجهاض والتعقيم."
تلقى سيرجو ليون دعماً من جهة غير متوقعة: الكنيسة الكاثوليكية. " كان هناك قس بارز بين أعضاء الهيئة الإدارية لمؤسسة فاميليا بلانيا." مع ذلك بقيت نسبة استخدام الحبوب منخفضة نسبياً قفي الجزر، وحسب الطبيب الذي لا يزال عضوا غدارة المؤسسة، فإن الكثيرات يخترن الإجهاض. "يبدو أن الكثيرات يعتبرن الإجهاض أسهل، فالحبوب يجب أن تتذكرها كل يوم."
إندونيسيا: الحبوب الخيار المفضل
فيديا أندينا/ بدأ استخدام أقراص منع الحمل في إندونيسيا في السبعينات. ساعدت حملات التوعية في تشجيع النساء المتزجات على استخدامها. ولا تزال الأقراص هي الوسيلة الأكثر شعبية لمنع الحمل.
في البداية كانت أشرطة الأقراص متاحة فقط للنساء المتزوجات اللاتي سبق لهن الإنجاب. في السنوات الأخيرة أصبحت الحبوب متاحة بشكل أوسع. ولم يعد يـُرض على النساء إثبات أنهن متزوجات لغرض الحصول على الحبوب. وفي المناطق الريفية يمكن للنساء الحصول على الأقراص مجاناً. لكن هذه الأقراص هي من النوع القديم، والذي يحمل بعض المخاطر الصحية.
في البداية كان رجال الدين، من المسلمين والمسيحيين، متحفظين على حبوب منع الحمل، وعادة ما ينصحون بعدم استخدامها. ويعتقد بعضهم أن إنجاب المزيد من الأطفال أمر جيد في حد ذاته. لكن النقاشات المتواصلة حول هذه القضية جعلت تنظيم النسل أمراً شائعاً في المجتمع الإندونيسي.
أفريقيا: الجنس يعني الإنجاب
صوفي فان ليون/ يصعب الحصول عليها، غالية، والأهم أنها لا تزال محاطة بالتابوهات. أفريقيا لم تتقبل حتى الآن حبوب منع الحمل. لا توجد أرقام دقيقة، ولكن من الواضح أن القليل من النساء الأفريقيات يستخدمن الحبوب. خاصة في المناطق الريفية، لا تزال فكرة ممارسة الجنس دون إنجاب أطفال غير شائعة.
ترتبط حبوب منع الحمل في ذهان الكثيرين بالإباحية الجنسية، وهذا ما يجعل الحديث حولها صعباً. وعادة ما يعارض الآباء والأزواج استخدامها. " كثير من النساء يستخدمن الحبوب سراً." يؤكد طبيب النسائية بيرتوس ستاين من جامعة ستيلنبوش في جنوب أفريقيا.
ولأن من الصعب إخفاء الحبوب، فإن كثيراً من النساء الافريقيات يفضلن حقنة منع الحمل. وتكفي حقنة واحدة من الهورمونات لمنع الحمل لشهرين أو ثلاثة، مما يجعل إخفاء أمرها سهلاً، كما إنها أرخص من الحبوب.
مع ذلك شهدت الأعوام الأخيرة تطور الثقافة الجنسية في جنوب وغرب القارة الأفريقية. حملات التوعية، التي تركز بالدرجة الأولى على مرض الايدز، ساعدت في تطوير الوعي بالقضايا الجنسية عموماً. في جنوب أفريقيا يمكن الحصول مجاناً على حبوب منع الحمل عن طريق شركات التأمين الصحي.
لكن معظم الأسر الأفريقية ترى في كثرة الأطفال مصدراً للثراء والجاه، وهو ما يجعل استخدام حبوب منع الحمل أمراً غير مرغوباً به، على حد قول الدكتور ستاين.
الهند تفضل التعقيم
ديرا سوجان/ بسبب التقاليد الثقافية وتحريم ممارسة الجنس قبل الزواج، تستهدف حملات استخدام وسائل منع الحمل في جنوب آسيا في العادة النساء المتزوجات. والآن بدأت الأجيال الشابة المتعلمة من نساء الطبقة المتوسطة يخترن بأنفسهن الوسيلة والوقت المناسب لبدء استخدام وسائل منع الحمل.
تعتبر الهند واحدة من أوائل دول المنطقة التي بدأت باستخدام موانع الحمل في عقد الستينيات. لكن بعد ذلك بفترة طويلة، في عام 1987، قامت الحكومة بتصنيع أول نوع محلي من حبوب منع الحمل (مالا ميد) وإتاحتها للمستخدمات دون الحاجة لوصفة طبية.
لكن تقبل المجتمع الهندي لحبوب منع الحمل كان مليئا بالشكوك. حسب المسح الوطني الصحي للأسرة عام 2005-2006 فإن 49% من النساء الهنديات يستعملن موانع الحمل الحديثة. لكن فقط 3,1% منهن يستخدمن حبوب منع الحمل. وبالمقارنة مع الهند فإن 50% من النساء اللواتي يستخدمن موانع الحمل في بنغلادش المجاورة، يفضلن استخدام هذه الحبوب لسهولة استخدامها والحصول عليها. وباستطاعة العاملين في قطاع الصحة توزيع الحبوب على النساء محليا. لكن في كلا البلدين هنالك تفضيل لوسيلة أخرى من منع الحمل لا يمكن التراجع عنها مثل التعقيم.
حسب موهان راو، أستاذ في جامعة جواهرلال نهرو في العاصمة نيودلهي فإن الفقر أحد الأسباب الرئيسية لقلة استخدام حبوب منع الحمل. يقول راو: "هذه الحبوب لا تناسب المرأة الفقيرة التي ربما تعاني من الجوع وفقر الدم وانخفاض مؤشر كتلة الجسم. والأهم من ذلك افتقارها للرعاية الطبية. في هذه الحالات من المرجح أن يقرر الزوج استعمال وسائل أخرى لمنع الحمل".
الصين: الكثير من سوء الفهم
بيه وانغ/ لا تحظى حبوب منع الحمل بشعبية عالية في الصين مع أنها متاحة بدون وصفة طبية. الوسائل الأكثر استعمالا في الصين هي اللولب (للإناث) والواقي الذكري. نسبة ضئيلة لا تتجاوز 2 إلى 3 % من أصل 100 مليون امرأة صينية ما بين سن 21 و29 تختار حبوب منع الحمل.
ربما تكمن أسباب عدم انتشار الحبوب في سوء الفهم الذي يحيط بهذه الحبة والآثار الجانبية المترتبة عليها. من بين المعتقدات الشائعة في الصين أن هذه الحبوب تسبب زيادة في الوزن، تضر بخصوبة المرأة أو قد تحدث تشوهات للجنين.
تشرح الآنسة شاو من لجنة محلية في شنغهاي: "في الوقت الحالي فإن وسائل منع الحمل متاحة مجانا للصينيات كجزء من خطة الأسرة وسياسة الطفل الواحد. باستطاعة المرأة بغض النظر إذا كانت متزوجة أو عازبة أن تحصل على حبوب منع الحمل أو الواقي الذكري مجانا من مركز الحي المحلي. كما أن بعض الشركات توزع الحبوب مجانا".
العالم العربي: مواقف دينية وحكومية إيجابية
جانيت نمور/ بشكل عام يمكن اعتبار الموقف من منع الحمل، أو تحديد النسل، في العالم العربي إيجابيا، خاصة في البلدان التي تشارك فيها المرأة في الحياة العامة بشكل واسع نسبياً. ومارست بعض الحكومات العربية، خاصة في المغرب وتونس ولبنان، أدواراً فاعلة في التشجيع على تنظيم النسل منذ الستينات. وإلى جانب تشجيع النساء استخدام حبوب منع الحمل، أطلقت تونس أيضاً برنامجا يشجع الرجال على استخدام الواقي الذكري.
في عام 1965 ساهم ملك المغرب الحسن الثاني شخصياً في الحث على تنظيم النسل، عبر مذكرة ملكية حث فيها الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية على جعل "تنظيم الأسرة" من ضمن أهدافها.
ردود فعل رجال الدين المسلمين يمكن وصفها بشكل عام بالإيجابية، باستثناء قلة منهم ممن يرون أن تحديد النسل واستخدام وسائل حبوب منع الحمل يعارض الشريعة الإسلامية.
تقول الباحثة المغربية خديجة مصلح إن الإحصاءات تـُظهر أن 65% من النساء المغربيات في المدن، يستخدمن موانع الحمل المختلفة، والغالبية منهن يستخدمن الحبوب. ونتج عن ذلك، حسب البروفيسورة مصلح، انخفاض معدلات الإنجاب لدى المرأة المغربية من سبعة أطفال إلى 2,3 خلال الأعوام الثلاثين الماضية.
قبل خمسين عاماً طـُرحت حبوب منع الحمل للاستخدام للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية. عـُرضت هذه الحبوب في البداية كعلاج ضد آلام الحيض، لم تكن الأفكار السائدة آنذاك تسمح بالقول بشكل مباشر إنها حبوب لمنع الحمل. وصلت هذه الأقراص إلى هولندا بشكل تجريبي بعد سنتين من إطلاقها في الولايات المتحدة. حالياً تـُستخدم أقراص منع الحمل في كل أنحاء العالم تقريباً، لكن الجدل حولها لم ينته بعد.
إذاعة هولندا العالمية تلقي الضوء على كيفية التعامل مع حبوب منع الحمل لدى الشعوب والثقافات المختلفة:
هولندا: الأسقف الذي روج لحبوب منع الحمل
ميرتيل فان بومل / ساعد خطاب تلفزيوني للأسقف الكاثوليكي بيكرس عام 1963 على اتساع رقعة استخدام حبوب منع الحمل في الأوساط الشعبية في هولندا. أدت كلمات الأسقف إلى استخدام الحبوب من قبل 16% من النساء الهولنديات خلال ثلاثة أعوام.
قال الأسقف بيكرس إن الحبوب وسيلة ممتازة لتنظيم النسل. كانت الاسر الهولندية آنذاك كبيرة نسبياً، وكانت الطريقة الوحيدة لتحديد النسل هي الامتناع المؤقت عن ممارسة الجنس في فترة الخصوبة (الامتناع الدوري). وقد تم تقديم الحبوب في البداية كمادة لتنظيم الدورة الشهرية.
"ربما لم يكن يعلم الأسقف بيكرس أصلاً، بأن هذه الحبوب تمنع الحمل." يقول روب بيرتهاوزن، مدير المعهد الهولندي لمنع الحمل، ويوضح: "الشركة المصنع للحبوب أخبرت الأسقف بنصف الحقيقة فقط." حين تم الكشف عن حقيقة الأمر، إلى احتجاجات في صفوف العاملين في مصنع، الحبوب، وخاصة بين الكاثوليكيين منهم، حيث اضربوا عن العمل، الذي اعتبروه "عملاً شيطانياً".
حالياً تـستخدم 40% من النساء الهولنديات أقراص منع الحمل.
"كثير من الفتيات يبدأن باستخدام الحبوب، بفترة طويلة قبل أن يبدأن بأي نشاط جنسي. نلاحظ أن الفتيات غفي عمر 14 إلى 24 سنة، كثيراً ما يستخدمن الحبوب كعلاج ضد بعض الآلام. تتناقص نسبة استخدام الحبوب لدى فئة النساء من 25 إلى 39 سنة، لأن كثيراً منهن يرغبن في هذا العمر بالإنجاب. كثير من الأسر تختار التعقيم النهائي، عندما تقرر الأسرة التوقف عن إنجاب المزيد من الأطفال.
جزر الأنتيل الهولندية: الإجهاض أسهل!
بيتر باس فان فيخن/ كان طبيب الأمراض النسائية سيرجو ليون هو أو من أدخل حبوب منع الحمل إلى جزر الأنتيل عام 1962. يقول: "أجريت دراسة حولها في ميامي. وعندما ذهبت للعمل في جزيرة كوراساو، كان الناس هناك قد سمعوا بالحبوب. لكنها لم تكن متوفرة هناك. كانت هناك مشكلة، خاصة لدى الناس قليلي التعليم، فقد كانوا ينجبون الكثير من الأطفال، ولم يكونوا قادرين على رعايتهم بشكل جيد."
في عام 1965 ساهم ليون بإنشاء مؤسسة "فاميليا بلانيا" المختصة بالتشجيع على تحديد النسل. "لقد عملت على تسهيل كل وسائل منع الحمل، ليس الحبوب أو الواقي الذكي فقط، بل أيضاً تسهيل الإجهاض والتعقيم."
تلقى سيرجو ليون دعماً من جهة غير متوقعة: الكنيسة الكاثوليكية. " كان هناك قس بارز بين أعضاء الهيئة الإدارية لمؤسسة فاميليا بلانيا." مع ذلك بقيت نسبة استخدام الحبوب منخفضة نسبياً قفي الجزر، وحسب الطبيب الذي لا يزال عضوا غدارة المؤسسة، فإن الكثيرات يخترن الإجهاض. "يبدو أن الكثيرات يعتبرن الإجهاض أسهل، فالحبوب يجب أن تتذكرها كل يوم."
إندونيسيا: الحبوب الخيار المفضل
فيديا أندينا/ بدأ استخدام أقراص منع الحمل في إندونيسيا في السبعينات. ساعدت حملات التوعية في تشجيع النساء المتزجات على استخدامها. ولا تزال الأقراص هي الوسيلة الأكثر شعبية لمنع الحمل.
في البداية كانت أشرطة الأقراص متاحة فقط للنساء المتزوجات اللاتي سبق لهن الإنجاب. في السنوات الأخيرة أصبحت الحبوب متاحة بشكل أوسع. ولم يعد يـُرض على النساء إثبات أنهن متزوجات لغرض الحصول على الحبوب. وفي المناطق الريفية يمكن للنساء الحصول على الأقراص مجاناً. لكن هذه الأقراص هي من النوع القديم، والذي يحمل بعض المخاطر الصحية.
في البداية كان رجال الدين، من المسلمين والمسيحيين، متحفظين على حبوب منع الحمل، وعادة ما ينصحون بعدم استخدامها. ويعتقد بعضهم أن إنجاب المزيد من الأطفال أمر جيد في حد ذاته. لكن النقاشات المتواصلة حول هذه القضية جعلت تنظيم النسل أمراً شائعاً في المجتمع الإندونيسي.
أفريقيا: الجنس يعني الإنجاب
صوفي فان ليون/ يصعب الحصول عليها، غالية، والأهم أنها لا تزال محاطة بالتابوهات. أفريقيا لم تتقبل حتى الآن حبوب منع الحمل. لا توجد أرقام دقيقة، ولكن من الواضح أن القليل من النساء الأفريقيات يستخدمن الحبوب. خاصة في المناطق الريفية، لا تزال فكرة ممارسة الجنس دون إنجاب أطفال غير شائعة.
ترتبط حبوب منع الحمل في ذهان الكثيرين بالإباحية الجنسية، وهذا ما يجعل الحديث حولها صعباً. وعادة ما يعارض الآباء والأزواج استخدامها. " كثير من النساء يستخدمن الحبوب سراً." يؤكد طبيب النسائية بيرتوس ستاين من جامعة ستيلنبوش في جنوب أفريقيا.
ولأن من الصعب إخفاء الحبوب، فإن كثيراً من النساء الافريقيات يفضلن حقنة منع الحمل. وتكفي حقنة واحدة من الهورمونات لمنع الحمل لشهرين أو ثلاثة، مما يجعل إخفاء أمرها سهلاً، كما إنها أرخص من الحبوب.
مع ذلك شهدت الأعوام الأخيرة تطور الثقافة الجنسية في جنوب وغرب القارة الأفريقية. حملات التوعية، التي تركز بالدرجة الأولى على مرض الايدز، ساعدت في تطوير الوعي بالقضايا الجنسية عموماً. في جنوب أفريقيا يمكن الحصول مجاناً على حبوب منع الحمل عن طريق شركات التأمين الصحي.
لكن معظم الأسر الأفريقية ترى في كثرة الأطفال مصدراً للثراء والجاه، وهو ما يجعل استخدام حبوب منع الحمل أمراً غير مرغوباً به، على حد قول الدكتور ستاين.
الهند تفضل التعقيم
ديرا سوجان/ بسبب التقاليد الثقافية وتحريم ممارسة الجنس قبل الزواج، تستهدف حملات استخدام وسائل منع الحمل في جنوب آسيا في العادة النساء المتزوجات. والآن بدأت الأجيال الشابة المتعلمة من نساء الطبقة المتوسطة يخترن بأنفسهن الوسيلة والوقت المناسب لبدء استخدام وسائل منع الحمل.
تعتبر الهند واحدة من أوائل دول المنطقة التي بدأت باستخدام موانع الحمل في عقد الستينيات. لكن بعد ذلك بفترة طويلة، في عام 1987، قامت الحكومة بتصنيع أول نوع محلي من حبوب منع الحمل (مالا ميد) وإتاحتها للمستخدمات دون الحاجة لوصفة طبية.
لكن تقبل المجتمع الهندي لحبوب منع الحمل كان مليئا بالشكوك. حسب المسح الوطني الصحي للأسرة عام 2005-2006 فإن 49% من النساء الهنديات يستعملن موانع الحمل الحديثة. لكن فقط 3,1% منهن يستخدمن حبوب منع الحمل. وبالمقارنة مع الهند فإن 50% من النساء اللواتي يستخدمن موانع الحمل في بنغلادش المجاورة، يفضلن استخدام هذه الحبوب لسهولة استخدامها والحصول عليها. وباستطاعة العاملين في قطاع الصحة توزيع الحبوب على النساء محليا. لكن في كلا البلدين هنالك تفضيل لوسيلة أخرى من منع الحمل لا يمكن التراجع عنها مثل التعقيم.
حسب موهان راو، أستاذ في جامعة جواهرلال نهرو في العاصمة نيودلهي فإن الفقر أحد الأسباب الرئيسية لقلة استخدام حبوب منع الحمل. يقول راو: "هذه الحبوب لا تناسب المرأة الفقيرة التي ربما تعاني من الجوع وفقر الدم وانخفاض مؤشر كتلة الجسم. والأهم من ذلك افتقارها للرعاية الطبية. في هذه الحالات من المرجح أن يقرر الزوج استعمال وسائل أخرى لمنع الحمل".
الصين: الكثير من سوء الفهم
بيه وانغ/ لا تحظى حبوب منع الحمل بشعبية عالية في الصين مع أنها متاحة بدون وصفة طبية. الوسائل الأكثر استعمالا في الصين هي اللولب (للإناث) والواقي الذكري. نسبة ضئيلة لا تتجاوز 2 إلى 3 % من أصل 100 مليون امرأة صينية ما بين سن 21 و29 تختار حبوب منع الحمل.
ربما تكمن أسباب عدم انتشار الحبوب في سوء الفهم الذي يحيط بهذه الحبة والآثار الجانبية المترتبة عليها. من بين المعتقدات الشائعة في الصين أن هذه الحبوب تسبب زيادة في الوزن، تضر بخصوبة المرأة أو قد تحدث تشوهات للجنين.
تشرح الآنسة شاو من لجنة محلية في شنغهاي: "في الوقت الحالي فإن وسائل منع الحمل متاحة مجانا للصينيات كجزء من خطة الأسرة وسياسة الطفل الواحد. باستطاعة المرأة بغض النظر إذا كانت متزوجة أو عازبة أن تحصل على حبوب منع الحمل أو الواقي الذكري مجانا من مركز الحي المحلي. كما أن بعض الشركات توزع الحبوب مجانا".
العالم العربي: مواقف دينية وحكومية إيجابية
جانيت نمور/ بشكل عام يمكن اعتبار الموقف من منع الحمل، أو تحديد النسل، في العالم العربي إيجابيا، خاصة في البلدان التي تشارك فيها المرأة في الحياة العامة بشكل واسع نسبياً. ومارست بعض الحكومات العربية، خاصة في المغرب وتونس ولبنان، أدواراً فاعلة في التشجيع على تنظيم النسل منذ الستينات. وإلى جانب تشجيع النساء استخدام حبوب منع الحمل، أطلقت تونس أيضاً برنامجا يشجع الرجال على استخدام الواقي الذكري.
في عام 1965 ساهم ملك المغرب الحسن الثاني شخصياً في الحث على تنظيم النسل، عبر مذكرة ملكية حث فيها الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية على جعل "تنظيم الأسرة" من ضمن أهدافها.
ردود فعل رجال الدين المسلمين يمكن وصفها بشكل عام بالإيجابية، باستثناء قلة منهم ممن يرون أن تحديد النسل واستخدام وسائل حبوب منع الحمل يعارض الشريعة الإسلامية.
تقول الباحثة المغربية خديجة مصلح إن الإحصاءات تـُظهر أن 65% من النساء المغربيات في المدن، يستخدمن موانع الحمل المختلفة، والغالبية منهن يستخدمن الحبوب. ونتج عن ذلك، حسب البروفيسورة مصلح، انخفاض معدلات الإنجاب لدى المرأة المغربية من سبعة أطفال إلى 2,3 خلال الأعوام الثلاثين الماضية.
التعليق
إن ربط حبوب منع الحمل بممارسة الجنس دون رباط شرعي هو السبب الرئيسي في إنتشار ظواهر غير صحية في مجتمعنا
أولها على الإطلاق تكاثر الأطفال غير الشرعيين، إذ يبدو واضحا أن البغاء و ممارسة الجنس خارج إطار الزوجية موجود و هو في تزايد، إذن وجود الحبوب أو عدم وجودها ليس بدافع لممارسة الجنس.
غير ذلك فإن هذه الإحصاءات لا تعني أبدا أن مجتمعنا يدرك أهمية هذه الحبوب أو مساوئها من وجهة نظر طبية، فهذه الحبوب إلى يومنا هذا تتحدث عنها الغالبية من وجهة نظر دينية...
و السؤال الذي يطرح، أين العلم في كل هذا؟ و اين ثورتنا التعليمية التي نتباهى بها؟؟؟
أولها على الإطلاق تكاثر الأطفال غير الشرعيين، إذ يبدو واضحا أن البغاء و ممارسة الجنس خارج إطار الزوجية موجود و هو في تزايد، إذن وجود الحبوب أو عدم وجودها ليس بدافع لممارسة الجنس.
غير ذلك فإن هذه الإحصاءات لا تعني أبدا أن مجتمعنا يدرك أهمية هذه الحبوب أو مساوئها من وجهة نظر طبية، فهذه الحبوب إلى يومنا هذا تتحدث عنها الغالبية من وجهة نظر دينية...
و السؤال الذي يطرح، أين العلم في كل هذا؟ و اين ثورتنا التعليمية التي نتباهى بها؟؟؟