سرديات عودة
الكاتبة السعودية بدرية البشر تؤكد وجـود روح روائية جـــــــــــــــــــديدة في المملكة (الأربعاء 10 آذار 2010)
* محمد إسماعيل - دبي
عن الإمارات اليوم
بدرية البشر: مسؤوليتي أن أقول لا. من المصدر
مبدعة ضد القيود والمهادنة والأقنعة ولعبة التخفي، تتماس مع بطلات رواياتها وقصصها في سمة التمرد، والجهر بـ«لا في وجه من قالوا نعم»، والبعد عن الوطن كي تقترب من أزماته وتراها أوضح، يتبنى قلمها ـ إبداعا وكتابات مقالية وبحثية ـ حرية الاختيار وحق الاختلاف ورفض التدجين والقهر كقيم للجميع، خصوصاً لحواء تعيش في مجتمعات سلبت الأنثى كثيراً من حقوقها.. إنها الروائية والباحثة السعودية الدكتورة بدرية البشر التي ترى أن «مهمة الكتَاب هي زراعة القلق في نفوس القراء، ودفعهم نحو التغير دون انتظار مخلص خارجي».
وتغوص الكاتبة التي تقيم في دبي في هموم مجتمعها الحساسة، وتتصدى بجسارة لقضايا قد يؤثر البعض غضّ الطرف عنها، وتمتلك صوتا روائيا له حيز مختلف وسط موجة الكتابة الروائية في المملكة، التي اختلط فيها خلال المرحلة الأخيرة الحابل بالنابل، تصفها البشر نفسها بأنها «طفرة روائية عصية على التحليل». وصدر للبشر خلال الأيام الماضية رواية «الأرجوحة» التي وقّعتها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي اختتمت فعالياته أخيرا، وكتاب «تزوج سعودية» الذي يضم مجموعة من المقالات الساخرة المنشورة في عدد من الصحف.
أفق مختلف
وعن الهموم التي عالجتها الروائية السعودية في «الأرجوحة» تقول «تتعرض الرواية لأفق مختلف عما عالجته من قبل، خصوصاً في روايتي الأولى (هند والعسكر)، ففي (الأرجوحة) سيجد المتلقي طرحاً لمفهوم الحرية سواء بالنسبة للرجل، أو للمرأة، وما الذي وصلت إليه المرأة في سعيها للتحرر من التقاليد البالية الهامشية والنظرة الدونية من قبل كثيرين، وما مفهوم الأنثى للحرية لاسيما أن بعض النساء حاولن تقليد الرجل (النموذج الحر) في اقتناص ما تظنه متعة من وجهة نظرها»، مضيفة لـ«الإمارات اليوم» أن المفارقة أن الرواية تكتشف أنه لا الرجل حر ولا المرأة حرة في مجتمعاتنا العربية إلى حد كبير، وأن أموراً كثيرة مجرد عبث، فمفهوم الحرية هو القدرة على الاختيار والحب والفعل وهي أشياء غائبة عن كثير من شخوص «الأرجوحة»، «فمشاري المثقف المنهزم (بطل الأرجوحة) يكتشف في أولى تجاربه أنه ليس حراً، إذ لا يستطيع اصطحاب زوجته إلى مطعم بيتزا، وحين يرى مجتمعه في غيبوبة، ينكسر ويغيب منغمسا في الكحول، فالرجل الذي لا يمتلك أن يصنع قراراً له ولزوجته داخل مجتمع محافظ يرفض التفرد والحريات الشخصية، ليس حراً، ومقولة أنه أكثر تحررا في مجتمعاتنا، سطحية».
هروب
أما عن الحل شبه الجاهز الذي يسعف شخوص قصص البشر ورواياتها، وهو الهروب من الوطن، كما هي الحال مع بطلات «الارجوحة» وكذلك في رواية «هند والعسكر»، لاسيما هند التي هربت في النهاية إلى أخيها (شبه الهارب هو الآخر)، فتوضحه الروائية قائلة «إذا كان الإنسان لا يستطيع أن ينتصر لحريته، وأن يتلاءم مع من حوله في مجتمعات منغلقة، فلابد أن يهرب باحثاً عن فضاء أرحب، وأحيانا يكون الخلاص الفردي هزيمة، ولكنه شكل من أشكال الانتصار المتاح، وللأسف نحن مهوّسون بصناعة البطل المخلص للجماعة، ولا ينبغي أن نجلس في انتظار المخلص، فكل فرد تنتظره مهمة يقوم بها كي يحرر ذاته أولاً».
وتشير إلى أن فكرة الهروب في أحيان تكون خياراً وحيداً، ففي «الأرجوحة» تسافر إحدى البطلات (مريم) كي تبحث عن حل، ثم تعود ثانية إلى الوطن مختارة، كأن اختبارات السفر وتغيير المكان واحدة من أشكال التفتيش عن حل، «ومسألة التحرر من الوطن ليست سهلة، لكن في المقابل، المثقف لا يستطيع العيش في مكان بقيود خانقة، دائماً يرنو إلى فيء يستظل به كي يبدع، والخلاص الفردي ليس مريحا، فالمبدع يحب أن يظل بين أهله ومن تربى بينهم، ولكن أحياناً لا يمتلك خيارات كثيرة كي ينتقي من بينها خصوصاً في مجتمع ما».
المشهد الروائي
وتصف البشر الإقبال على كتابة الرواية في السعودية بـ«الطفرة العسيرة على التحليل»، موضحة «أعتقد أنها واحدة من الألعاب التي نخوض فيها يومياً، فـ(بنات الرياض) لرجاء الصانع رغم بساطتها إلا أنها مثلت في المشهد السعودي أحداث 11 سبتمبر، وكشفت عن حقائق عدة، إذ أظهرت أن هناك قراء كثيرين نهمين في المملكة، وحرضت الشباب على القراءة، بل جعلت نصفهم يقرأ، وربعهم يكتب»، مشيرة إلى أن «بنات الرياض» أثارت شهوة كثيرين للوصول إلى أمجاد سريعة، فصار الصحافي يكتب رواية، والناقد والمفكر والشاعر جميعاً يميلون إلى كتابة رواية، معتبرين ذلك طريقاً قصيرة توصل إلى القارئ.
بطاقة
بدرية البشر كاتبة وروائية سعودية، حصلت على الدكتوراه في فلسفة الآداب، علم اجتماع من الجامعة اللبنانية في بيروت. شاركت ككاتبة في عدد من الصحف العربية منذ عام 1997 حتى الآن، وعملت لفترة محاضرة جامعية في جامعة الملك سعود. ومن بين مؤلفاتها ثلاث مجموعات قصصية هي «نهاية اللعبة، 1990»، و«مساء الاربعاء، 1996»، و«حبة الهال»، ورواية «هند والعسكر» التي أثارت ضجة حين صدورها في ،2005 وكتاب «معارك طاش ما طاش.. قراءة في ذهنية التحريم، 2007»، وآخر أعمالها كتاب «تزوج سعودية»، مجموعة مقالات، ورواية «الأرجوحة».
وتضيف «أنا ضد تلك الفوضى، لكنني أراها (ماراثون)، قد يبدأ بألف لكن يصل لخط النهاية ثلاثة، أو حتى عشرة، ومن ناحية أخرى لا نمتلك إلا القول: أن يكتب الناس أفضل من ألا يكتبون، وأن يقرأوا أحسن من ألا يقرأون، وشخصياً لا أدين الصغار ومن في بداية الطريق، بل أنتقد اتجاه بعض الكبار إلى ذلك السبيل، ممن دخلوا إلى الرواية تاركين مجالاتهم الأصلية بحثاً عن مكسب ما أو لأجل الشهرة والانتشار على حساب تخصصاتهم الأصلية».
وتلفت المبدعة وزوجة بطل «طاش ما طاش» الفنان ناصر القصبي، إلى أن هناك حياة جديدة سرت في الرواية السعودية، وقدرة على الكشف ورفع سقف حرية التعبير، والقدرة على الانتشار والتمدد عربيا، «فالرواية السعودية حازت (البوكر) أخيراً، وتلك دلالات إيجابية».
وترى أن الاتهامات التي توجه للروائيات السعوديات من أنهن يتعمدن تشويه مجتمعهن، ويعكسن صورة غير حقيقية له، ويتطرقن دون داع إلى التابوهات، صارت بمنزلة انتقادات جاهزة ترمى بها الكتابات، مشيرة إلى أنها تتفهم تلك الانتقادات حين تأتي من داخل السعودية، مضيفة «لكن حين تصف روائية عربية الكاتبات السعوديات بأنهن يتوسلن بالجنس، فهذا ما لا أتفهمه، كأنه محرم علينا ما هو مباح لغيرنا، وأنا أؤكد أنني لا أدافع عن الابتذال، لكن في الوقت نفسه أشدد على أننا كسعوديات مثلنا مثل غيرنا، لنا همومنا، ومن حقنا أن نكتب بشكل حر، فلماذا حين نلتقط أموراً من حياتنا وتفاصيل من واقعنا يحرم علينا البوح الفني بها».
وتشير البشر إلى أن الحالة الثقافية في المملكة أصبحت لافتة، «وما يحدث داخل المشهد السعودي صار ينظر إليه بصورة أقرب من ذي قبل، ويوجد حاليا فضول شديد لمعرفة ما نقوله، خصوصا بعد فترة طويلة من العتمة، والعيش في التغييب، وبعد سنوات من الصمت الذي حجب أصواتنا عن كثير من العرب».
معارك
وتؤكد الكاتبة المشاكسة والباحثة أن طموحها في أعمالها المختلفة هو التحريض على التغير، وزراعة القلق المحرض على التفكير، وإثارة أسئلة كثيرة، تساعد على إيجاد حلول، معتبرة أن مهمتها هي نفض السكون وإثارة رياح التغيير، حتى وإن أثار ذلك البعض، وجر على البشر معارك، «إذا لم أكتب بهذه الطريقة أمرض، وأشعر بأن أيامي خاوية وكئيبة، فما يظنه البعض مهمات صعبة، والقدرة على تحويل الضغوط إلى تحديات، هي المسألة التي لا أصلح إلا لها».
وتضيف البشر التي تثير أعمالها جدلاً داخل المملكة «أحاول الرد على بعض من يعملون على طمس حقيقة وجه مجتمعنا السعودي، وتدجين أفراده وغسل أدمغتهم، إذ مررنا بزمن طويل زعم البعض أنه كان زمنا للصحوة، بينما كان زمناً للغفوة، ودجنوا كثيرا من شبابنا إلى ان انتهينا إلى 11 من سبتمبر وحولونا جميعاً إلى ضحايا، ومسؤوليتي أن أقول لا، ومهمتي ألا أتكاسل، فالمحرك الأساسي لكتاباتي هو بالضبط الشعور بالمسؤولية، وليس صحيحاً أن مجتمعنا يريد تلك التسوية، ولا يختار ذلك الواقع المشلول ولا المستقبل المظلم الذي يحاول البعض اقتيادنا إليه».
التعليق
* محمد إسماعيل - دبي
عن الإمارات اليوم
بدرية البشر: مسؤوليتي أن أقول لا. من المصدر
مبدعة ضد القيود والمهادنة والأقنعة ولعبة التخفي، تتماس مع بطلات رواياتها وقصصها في سمة التمرد، والجهر بـ«لا في وجه من قالوا نعم»، والبعد عن الوطن كي تقترب من أزماته وتراها أوضح، يتبنى قلمها ـ إبداعا وكتابات مقالية وبحثية ـ حرية الاختيار وحق الاختلاف ورفض التدجين والقهر كقيم للجميع، خصوصاً لحواء تعيش في مجتمعات سلبت الأنثى كثيراً من حقوقها.. إنها الروائية والباحثة السعودية الدكتورة بدرية البشر التي ترى أن «مهمة الكتَاب هي زراعة القلق في نفوس القراء، ودفعهم نحو التغير دون انتظار مخلص خارجي».
وتغوص الكاتبة التي تقيم في دبي في هموم مجتمعها الحساسة، وتتصدى بجسارة لقضايا قد يؤثر البعض غضّ الطرف عنها، وتمتلك صوتا روائيا له حيز مختلف وسط موجة الكتابة الروائية في المملكة، التي اختلط فيها خلال المرحلة الأخيرة الحابل بالنابل، تصفها البشر نفسها بأنها «طفرة روائية عصية على التحليل». وصدر للبشر خلال الأيام الماضية رواية «الأرجوحة» التي وقّعتها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي اختتمت فعالياته أخيرا، وكتاب «تزوج سعودية» الذي يضم مجموعة من المقالات الساخرة المنشورة في عدد من الصحف.
أفق مختلف
وعن الهموم التي عالجتها الروائية السعودية في «الأرجوحة» تقول «تتعرض الرواية لأفق مختلف عما عالجته من قبل، خصوصاً في روايتي الأولى (هند والعسكر)، ففي (الأرجوحة) سيجد المتلقي طرحاً لمفهوم الحرية سواء بالنسبة للرجل، أو للمرأة، وما الذي وصلت إليه المرأة في سعيها للتحرر من التقاليد البالية الهامشية والنظرة الدونية من قبل كثيرين، وما مفهوم الأنثى للحرية لاسيما أن بعض النساء حاولن تقليد الرجل (النموذج الحر) في اقتناص ما تظنه متعة من وجهة نظرها»، مضيفة لـ«الإمارات اليوم» أن المفارقة أن الرواية تكتشف أنه لا الرجل حر ولا المرأة حرة في مجتمعاتنا العربية إلى حد كبير، وأن أموراً كثيرة مجرد عبث، فمفهوم الحرية هو القدرة على الاختيار والحب والفعل وهي أشياء غائبة عن كثير من شخوص «الأرجوحة»، «فمشاري المثقف المنهزم (بطل الأرجوحة) يكتشف في أولى تجاربه أنه ليس حراً، إذ لا يستطيع اصطحاب زوجته إلى مطعم بيتزا، وحين يرى مجتمعه في غيبوبة، ينكسر ويغيب منغمسا في الكحول، فالرجل الذي لا يمتلك أن يصنع قراراً له ولزوجته داخل مجتمع محافظ يرفض التفرد والحريات الشخصية، ليس حراً، ومقولة أنه أكثر تحررا في مجتمعاتنا، سطحية».
هروب
أما عن الحل شبه الجاهز الذي يسعف شخوص قصص البشر ورواياتها، وهو الهروب من الوطن، كما هي الحال مع بطلات «الارجوحة» وكذلك في رواية «هند والعسكر»، لاسيما هند التي هربت في النهاية إلى أخيها (شبه الهارب هو الآخر)، فتوضحه الروائية قائلة «إذا كان الإنسان لا يستطيع أن ينتصر لحريته، وأن يتلاءم مع من حوله في مجتمعات منغلقة، فلابد أن يهرب باحثاً عن فضاء أرحب، وأحيانا يكون الخلاص الفردي هزيمة، ولكنه شكل من أشكال الانتصار المتاح، وللأسف نحن مهوّسون بصناعة البطل المخلص للجماعة، ولا ينبغي أن نجلس في انتظار المخلص، فكل فرد تنتظره مهمة يقوم بها كي يحرر ذاته أولاً».
وتشير إلى أن فكرة الهروب في أحيان تكون خياراً وحيداً، ففي «الأرجوحة» تسافر إحدى البطلات (مريم) كي تبحث عن حل، ثم تعود ثانية إلى الوطن مختارة، كأن اختبارات السفر وتغيير المكان واحدة من أشكال التفتيش عن حل، «ومسألة التحرر من الوطن ليست سهلة، لكن في المقابل، المثقف لا يستطيع العيش في مكان بقيود خانقة، دائماً يرنو إلى فيء يستظل به كي يبدع، والخلاص الفردي ليس مريحا، فالمبدع يحب أن يظل بين أهله ومن تربى بينهم، ولكن أحياناً لا يمتلك خيارات كثيرة كي ينتقي من بينها خصوصاً في مجتمع ما».
المشهد الروائي
وتصف البشر الإقبال على كتابة الرواية في السعودية بـ«الطفرة العسيرة على التحليل»، موضحة «أعتقد أنها واحدة من الألعاب التي نخوض فيها يومياً، فـ(بنات الرياض) لرجاء الصانع رغم بساطتها إلا أنها مثلت في المشهد السعودي أحداث 11 سبتمبر، وكشفت عن حقائق عدة، إذ أظهرت أن هناك قراء كثيرين نهمين في المملكة، وحرضت الشباب على القراءة، بل جعلت نصفهم يقرأ، وربعهم يكتب»، مشيرة إلى أن «بنات الرياض» أثارت شهوة كثيرين للوصول إلى أمجاد سريعة، فصار الصحافي يكتب رواية، والناقد والمفكر والشاعر جميعاً يميلون إلى كتابة رواية، معتبرين ذلك طريقاً قصيرة توصل إلى القارئ.
بطاقة
بدرية البشر كاتبة وروائية سعودية، حصلت على الدكتوراه في فلسفة الآداب، علم اجتماع من الجامعة اللبنانية في بيروت. شاركت ككاتبة في عدد من الصحف العربية منذ عام 1997 حتى الآن، وعملت لفترة محاضرة جامعية في جامعة الملك سعود. ومن بين مؤلفاتها ثلاث مجموعات قصصية هي «نهاية اللعبة، 1990»، و«مساء الاربعاء، 1996»، و«حبة الهال»، ورواية «هند والعسكر» التي أثارت ضجة حين صدورها في ،2005 وكتاب «معارك طاش ما طاش.. قراءة في ذهنية التحريم، 2007»، وآخر أعمالها كتاب «تزوج سعودية»، مجموعة مقالات، ورواية «الأرجوحة».
وتضيف «أنا ضد تلك الفوضى، لكنني أراها (ماراثون)، قد يبدأ بألف لكن يصل لخط النهاية ثلاثة، أو حتى عشرة، ومن ناحية أخرى لا نمتلك إلا القول: أن يكتب الناس أفضل من ألا يكتبون، وأن يقرأوا أحسن من ألا يقرأون، وشخصياً لا أدين الصغار ومن في بداية الطريق، بل أنتقد اتجاه بعض الكبار إلى ذلك السبيل، ممن دخلوا إلى الرواية تاركين مجالاتهم الأصلية بحثاً عن مكسب ما أو لأجل الشهرة والانتشار على حساب تخصصاتهم الأصلية».
وتلفت المبدعة وزوجة بطل «طاش ما طاش» الفنان ناصر القصبي، إلى أن هناك حياة جديدة سرت في الرواية السعودية، وقدرة على الكشف ورفع سقف حرية التعبير، والقدرة على الانتشار والتمدد عربيا، «فالرواية السعودية حازت (البوكر) أخيراً، وتلك دلالات إيجابية».
وترى أن الاتهامات التي توجه للروائيات السعوديات من أنهن يتعمدن تشويه مجتمعهن، ويعكسن صورة غير حقيقية له، ويتطرقن دون داع إلى التابوهات، صارت بمنزلة انتقادات جاهزة ترمى بها الكتابات، مشيرة إلى أنها تتفهم تلك الانتقادات حين تأتي من داخل السعودية، مضيفة «لكن حين تصف روائية عربية الكاتبات السعوديات بأنهن يتوسلن بالجنس، فهذا ما لا أتفهمه، كأنه محرم علينا ما هو مباح لغيرنا، وأنا أؤكد أنني لا أدافع عن الابتذال، لكن في الوقت نفسه أشدد على أننا كسعوديات مثلنا مثل غيرنا، لنا همومنا، ومن حقنا أن نكتب بشكل حر، فلماذا حين نلتقط أموراً من حياتنا وتفاصيل من واقعنا يحرم علينا البوح الفني بها».
وتشير البشر إلى أن الحالة الثقافية في المملكة أصبحت لافتة، «وما يحدث داخل المشهد السعودي صار ينظر إليه بصورة أقرب من ذي قبل، ويوجد حاليا فضول شديد لمعرفة ما نقوله، خصوصا بعد فترة طويلة من العتمة، والعيش في التغييب، وبعد سنوات من الصمت الذي حجب أصواتنا عن كثير من العرب».
معارك
وتؤكد الكاتبة المشاكسة والباحثة أن طموحها في أعمالها المختلفة هو التحريض على التغير، وزراعة القلق المحرض على التفكير، وإثارة أسئلة كثيرة، تساعد على إيجاد حلول، معتبرة أن مهمتها هي نفض السكون وإثارة رياح التغيير، حتى وإن أثار ذلك البعض، وجر على البشر معارك، «إذا لم أكتب بهذه الطريقة أمرض، وأشعر بأن أيامي خاوية وكئيبة، فما يظنه البعض مهمات صعبة، والقدرة على تحويل الضغوط إلى تحديات، هي المسألة التي لا أصلح إلا لها».
وتضيف البشر التي تثير أعمالها جدلاً داخل المملكة «أحاول الرد على بعض من يعملون على طمس حقيقة وجه مجتمعنا السعودي، وتدجين أفراده وغسل أدمغتهم، إذ مررنا بزمن طويل زعم البعض أنه كان زمنا للصحوة، بينما كان زمناً للغفوة، ودجنوا كثيرا من شبابنا إلى ان انتهينا إلى 11 من سبتمبر وحولونا جميعاً إلى ضحايا، ومسؤوليتي أن أقول لا، ومهمتي ألا أتكاسل، فالمحرك الأساسي لكتاباتي هو بالضبط الشعور بالمسؤولية، وليس صحيحاً أن مجتمعنا يريد تلك التسوية، ولا يختار ذلك الواقع المشلول ولا المستقبل المظلم الذي يحاول البعض اقتيادنا إليه».
التعليق
فقط تشعرون أن رياح التغير تهب