سرديات عودة
ملاحظات قاهرية عن المعرض و المعروض و ما بينهما (الخميس 11 شباط 2010)
التعليق
كتب راجي بطحيش :
أسباب معلنة وأخرى خفية
ثمة أسباب معلنة لزيارة معرض القاهرة للكتاب بمعدل مرة كل عامين تتمثل بشراء الكتب ،والإطلاع على احدث إصدارات العالم العربي من عناوين وكذلك حضور الندوات ولقاء الزملاء من الكتاب والصحفيين والنقاد ، والتثاقف والتلاقح الفكري ( وأحيانا غير الفكري) وزط الحكي وزط المزيد من الحكي والإصابة بالتخمة السامة من زط الحكي والتنظير المزدوج، ونسج البكائيات والعويل الجماعي للمثقف العربي، وهنالك دوافع خفية تتعلق بعقد هذا الحدث الهام والكثيف في أكثر مدن الشرق سحرا وصخبا ...أسباب خفية..لن أكشفها...
من التقى بمن-سندروم المقهى الثقافي
تدخل المقهى الثقافي الشهير في المعرض فتجد ان جزءً كبيرا من جالسيه هم من شعار واشباه شعار الداخل (48) حيث يتصومع هؤلاء معظم النهار في المقهى علّ أحدا يكتشفهم أو يدعوهم الى مقابلة صحفية ، يفتح أمامهم ابوابا لم تفلح شح موهبتهم على فتحها ، لا تجد هؤلاء في أروقة المعرض أو ندواتها القيم منها وغير القيم ، بل يجلسون طوال النهار ينتظرون وينتظرون ..أي حاجة في أي حتة..يتبادلون ارقام الهواتف والإيميلات ويوزعون كتبهم التي تزعق من ثقل ركاكتها ، ويشعرونك وانت الداخل الى المقهى انك في حفل زفاف وانهم ام العريس أو اباه ..ثم تبدأ وصلة المباهاة الطفولية ...بالأمس قال لي علاء الأسواني.. واليوم لدينا سهرة مع عبد المعطي حجازي ..وبعد الغد سأظهر في قناة النيل الثقافية وبعدها سأتعشى مع جمال الغيطاني ...أنا والأخوة (الذين لا تفقه في حياتك من هم)...إذا ففي ليل المعرض عليك ان تحجز مقعدك في أحد مقاه وسط البلد الثقافية مع شخصية هامة ..يمكنك التباهي برنة أسمها ...أما أنا فقد فضلت أن أسهر بصحبة الكبير يوسف إدريس ..في الآخرة..
كتاب الموز
في المقهى الثقافي، يتحلق بعض الكتاب حول مائدة ، يسبون مبارك وجمال وعلاء والأيام السودا والغلاء والبرد وزحمة المعرض وسوء تنظيمه (بإعتقادي أن المعرض منظم جدا نسبة لسنوات سابقة) وجشع الناشرين ، يتبادلون الكتب التي لن يقرأها أحد... يفتح أحدهم كيسا ، يخرج منه عنقودا من الموز ..يوزع قرون الموز على الجالسين ، يقشرونها سوية ..ويتناولونها بتناغم مذهل ...هي وما تبقى من شاي في هذا الجانب من الكون...
أحاسيس
ما حكاية أفلام العري هذا الشتاء ...هذا ما سألته لفهد في سيارة الأجرة ..وما العلاقة بين ما يعرض من أفلام جريئة وشبه عارية هذا الموسم (أحاسيس، كلمني شكرا، بالألوان الطبيعية ، رسائل البحر وغيرها..) وبين كون أكثر من '80 من النساء في الشارع محجبات أو منقبات...ما العلاقة ...لا أفهم ..من يفسر لي... أكاد أجن! ولماذا لا نكاد نجد تذكرة لفيلم 'أحاسيس' اكثر الأفلام المذكورة فضائحية...ندخل 'أحاسيس' أخيرا ..محجبات ومنقبات الشارع يتزاحمن على باب دار العرض..يملأن القاعة...يبدأ الفيلم ..تخرج علا غانم من البحر في مايوه بكيني فاضح ومستورد ..أدخل في غيبوبة سينمائية لا تصدق...قصة ركيكة ، مضحكة وعبثية نساء يظهرن انصاف نهودهن بسبب وبدون سبب ، رجال يضاجعون نساء من وراء سراويل البوكسر ومن دون انتصاب أو إيحاء بذلك ..جميع أبطال الفيلم يبلغون ذروتهم تحت الدوش وهم يبكون أسفا على ما لم ولن يفهمه الجمهور الحاضر أبدا..بيوت فخمة الى درجة البذاءة. إغراء مفتعل لأشباه ممثلين لا يغرون حقا.أغاني كاملة تقسم ظهر السيناريو المهلهل أصلا .سينما تفحص أخلاقيا حدود احتمال المجتمع ..لإستهبالها له وبالعكس...أو ربما ذاك الجدل الزاعق بين 'التحرر' و'التدين'...
رسائل البحر
ما حكاية أفلام العري هذا الشتاء ...هذا ما سألته لفهد في سيارة الأجرة, لكن القصيدة السينمائية الجديدة 'رسائل البحر' لداوود عبد السيد كانت تستحق كل هذا الإنتظار منذ 'مواطن ومخبر وحرامي' في العام 2001.
جيل جديد بوهيميا قديمة
باستطاعتك ان تميز بحدة بين المثقف (الكاتب) المصري والعربي عامة من الجيل الخمسيني أو الستيني وبين الجيل الشاب فالكتاب المعتقين لا زالوا يحتفظون بمعظمهم بشكل كاريكاتيري يتمثل بالشعر المنكوش أو قبعة البيريه والملامح الدراماتيكية المعذبة والسجائر الرخيصة التي لا تفارق الشفتين ..هذا إضافة الى المعطف القديم الأسود الذي قضى العث على نصفه الداخلي ..والإنهيار الفظيع والكربلائي أمام الخمر ومشتقاته وأيامه ولياليه وعذاباته في أرصفة المدن..صعلكة صعبة وعذابات حتمية غير مبررة أحيانا ..وعلاقة إشكالية مع كل ما يتعلق بمفهوم 'الحرية' وتأويلاتها...بينما تلاحظ أن الجيل الشاب من الكتاب والمثقفين لا يؤمنون بشكل عام بطرح هويتهم الثقافية'بهذا الشكل الإستعراضي السبعيني(نسبة الى سنوات السبعينمن القرن الماضي)..بل تجدهم يلبسون ويتصرفون بتوازن أكبر وبتشنج ظاهري معذب أقل وكأنهم يدخرون التشنج لأمور عملية أهم (أو ربما لا)..آه ..ولن ننسى الكوفية...
بين الشامي والمصري
برز في هذه السنة الاستياء العام لدى الناشرين 'الشوام' من لبنان، سوريا والأردن من حجم المبيعات مقابل الحراك الكبير والرضا الواضح في الأجنحة المصرية والحديثة منها خاصة ...ويرجع ذلك الى سببين بارزين يجمع عليها الكل وهي ارتفاع أسعار الكتب 'الشامية' مقارنة بمثيلاتها المصرية على الرغم من التحسن الواضح في جودة الكتاب المصري ، إضافة الى قلة العناوين الجديدة في دور النشر 'الشامية' فبصعوبة يمكنك استخراج عناوين جديدة بعدد أصابع اليد الواحدة وأقل من كل دار نشر شامية. ولكن الأهم من كل ذلك وحسب إعتقادي هو تمسك دور النشر اللبنانية والأردنية بالذات بكاتبين أو أكثر بقليل دون أي محاولة للمجازفة بما هو جديد وشاب وجريء ، فدور النشر النخبوية هذه والتي تدعي لنفسها التحرر والإستقلالية لا تقدم لنا أي أسم شاب مع رؤية جديدة وصادمة مجتمعيا بل على العكس فهي تكرر نفسها بمنهجية وكل مرة من جديد وبعنجهية عجيبة! على عكس دور النشر المصرية كالشروق وميريت والعين وغيرها والتي تطلق كل عام المزيد والمزيد من الأسماء الشابة والتجارب الجريئة الواعدة! بل وترافقهم اولا بأول في جني نجاحاتهم.
مروان مخول
الشاعر الرائع النزق والمتسائل ، شكرا على تحملك كل هذا ، اشتقت لقعدتنا في كوفي بينز آند تي ليف الزمالك في الصباحات المركبة ، دون ان نبحث عن بعض...
عيش الفيلم
أجمل ما في القاهرة (عاصمة الأفلام) ان تقرر ان تعيش حبكة فيلم فيها ..حبكة غير متكاملة بالضرورة. حوارات غير مضبوطة ومنطقية ومتوازنة حتى النهاية ....دراما مفتعلة تلو الأخرى...كلام حب لا تقصد دائما معناه ...بكائيات على أطلال لوقائع وأمكنة لم تكن أصلا...العيش بين كلمات اغنية لأم كلثوم او في فيلم لمحمود ياسين ونجلاء فتحي..ما أجمل القاهرة في هكذا سيناريو واع لذاته ..وما أجملها حين تكون على إدراك انك تمثل فيلما رومانسيا تدور احداثة المتوقعة جدا بين الزمالك ووسط البلد ومدينة نصر.
' كاتب من فلسطين
المقال مأخوذ عن جريدة القدس العربي
أسباب معلنة وأخرى خفية
ثمة أسباب معلنة لزيارة معرض القاهرة للكتاب بمعدل مرة كل عامين تتمثل بشراء الكتب ،والإطلاع على احدث إصدارات العالم العربي من عناوين وكذلك حضور الندوات ولقاء الزملاء من الكتاب والصحفيين والنقاد ، والتثاقف والتلاقح الفكري ( وأحيانا غير الفكري) وزط الحكي وزط المزيد من الحكي والإصابة بالتخمة السامة من زط الحكي والتنظير المزدوج، ونسج البكائيات والعويل الجماعي للمثقف العربي، وهنالك دوافع خفية تتعلق بعقد هذا الحدث الهام والكثيف في أكثر مدن الشرق سحرا وصخبا ...أسباب خفية..لن أكشفها...
من التقى بمن-سندروم المقهى الثقافي
تدخل المقهى الثقافي الشهير في المعرض فتجد ان جزءً كبيرا من جالسيه هم من شعار واشباه شعار الداخل (48) حيث يتصومع هؤلاء معظم النهار في المقهى علّ أحدا يكتشفهم أو يدعوهم الى مقابلة صحفية ، يفتح أمامهم ابوابا لم تفلح شح موهبتهم على فتحها ، لا تجد هؤلاء في أروقة المعرض أو ندواتها القيم منها وغير القيم ، بل يجلسون طوال النهار ينتظرون وينتظرون ..أي حاجة في أي حتة..يتبادلون ارقام الهواتف والإيميلات ويوزعون كتبهم التي تزعق من ثقل ركاكتها ، ويشعرونك وانت الداخل الى المقهى انك في حفل زفاف وانهم ام العريس أو اباه ..ثم تبدأ وصلة المباهاة الطفولية ...بالأمس قال لي علاء الأسواني.. واليوم لدينا سهرة مع عبد المعطي حجازي ..وبعد الغد سأظهر في قناة النيل الثقافية وبعدها سأتعشى مع جمال الغيطاني ...أنا والأخوة (الذين لا تفقه في حياتك من هم)...إذا ففي ليل المعرض عليك ان تحجز مقعدك في أحد مقاه وسط البلد الثقافية مع شخصية هامة ..يمكنك التباهي برنة أسمها ...أما أنا فقد فضلت أن أسهر بصحبة الكبير يوسف إدريس ..في الآخرة..
كتاب الموز
في المقهى الثقافي، يتحلق بعض الكتاب حول مائدة ، يسبون مبارك وجمال وعلاء والأيام السودا والغلاء والبرد وزحمة المعرض وسوء تنظيمه (بإعتقادي أن المعرض منظم جدا نسبة لسنوات سابقة) وجشع الناشرين ، يتبادلون الكتب التي لن يقرأها أحد... يفتح أحدهم كيسا ، يخرج منه عنقودا من الموز ..يوزع قرون الموز على الجالسين ، يقشرونها سوية ..ويتناولونها بتناغم مذهل ...هي وما تبقى من شاي في هذا الجانب من الكون...
أحاسيس
ما حكاية أفلام العري هذا الشتاء ...هذا ما سألته لفهد في سيارة الأجرة ..وما العلاقة بين ما يعرض من أفلام جريئة وشبه عارية هذا الموسم (أحاسيس، كلمني شكرا، بالألوان الطبيعية ، رسائل البحر وغيرها..) وبين كون أكثر من '80 من النساء في الشارع محجبات أو منقبات...ما العلاقة ...لا أفهم ..من يفسر لي... أكاد أجن! ولماذا لا نكاد نجد تذكرة لفيلم 'أحاسيس' اكثر الأفلام المذكورة فضائحية...ندخل 'أحاسيس' أخيرا ..محجبات ومنقبات الشارع يتزاحمن على باب دار العرض..يملأن القاعة...يبدأ الفيلم ..تخرج علا غانم من البحر في مايوه بكيني فاضح ومستورد ..أدخل في غيبوبة سينمائية لا تصدق...قصة ركيكة ، مضحكة وعبثية نساء يظهرن انصاف نهودهن بسبب وبدون سبب ، رجال يضاجعون نساء من وراء سراويل البوكسر ومن دون انتصاب أو إيحاء بذلك ..جميع أبطال الفيلم يبلغون ذروتهم تحت الدوش وهم يبكون أسفا على ما لم ولن يفهمه الجمهور الحاضر أبدا..بيوت فخمة الى درجة البذاءة. إغراء مفتعل لأشباه ممثلين لا يغرون حقا.أغاني كاملة تقسم ظهر السيناريو المهلهل أصلا .سينما تفحص أخلاقيا حدود احتمال المجتمع ..لإستهبالها له وبالعكس...أو ربما ذاك الجدل الزاعق بين 'التحرر' و'التدين'...
رسائل البحر
ما حكاية أفلام العري هذا الشتاء ...هذا ما سألته لفهد في سيارة الأجرة, لكن القصيدة السينمائية الجديدة 'رسائل البحر' لداوود عبد السيد كانت تستحق كل هذا الإنتظار منذ 'مواطن ومخبر وحرامي' في العام 2001.
جيل جديد بوهيميا قديمة
باستطاعتك ان تميز بحدة بين المثقف (الكاتب) المصري والعربي عامة من الجيل الخمسيني أو الستيني وبين الجيل الشاب فالكتاب المعتقين لا زالوا يحتفظون بمعظمهم بشكل كاريكاتيري يتمثل بالشعر المنكوش أو قبعة البيريه والملامح الدراماتيكية المعذبة والسجائر الرخيصة التي لا تفارق الشفتين ..هذا إضافة الى المعطف القديم الأسود الذي قضى العث على نصفه الداخلي ..والإنهيار الفظيع والكربلائي أمام الخمر ومشتقاته وأيامه ولياليه وعذاباته في أرصفة المدن..صعلكة صعبة وعذابات حتمية غير مبررة أحيانا ..وعلاقة إشكالية مع كل ما يتعلق بمفهوم 'الحرية' وتأويلاتها...بينما تلاحظ أن الجيل الشاب من الكتاب والمثقفين لا يؤمنون بشكل عام بطرح هويتهم الثقافية'بهذا الشكل الإستعراضي السبعيني(نسبة الى سنوات السبعينمن القرن الماضي)..بل تجدهم يلبسون ويتصرفون بتوازن أكبر وبتشنج ظاهري معذب أقل وكأنهم يدخرون التشنج لأمور عملية أهم (أو ربما لا)..آه ..ولن ننسى الكوفية...
بين الشامي والمصري
برز في هذه السنة الاستياء العام لدى الناشرين 'الشوام' من لبنان، سوريا والأردن من حجم المبيعات مقابل الحراك الكبير والرضا الواضح في الأجنحة المصرية والحديثة منها خاصة ...ويرجع ذلك الى سببين بارزين يجمع عليها الكل وهي ارتفاع أسعار الكتب 'الشامية' مقارنة بمثيلاتها المصرية على الرغم من التحسن الواضح في جودة الكتاب المصري ، إضافة الى قلة العناوين الجديدة في دور النشر 'الشامية' فبصعوبة يمكنك استخراج عناوين جديدة بعدد أصابع اليد الواحدة وأقل من كل دار نشر شامية. ولكن الأهم من كل ذلك وحسب إعتقادي هو تمسك دور النشر اللبنانية والأردنية بالذات بكاتبين أو أكثر بقليل دون أي محاولة للمجازفة بما هو جديد وشاب وجريء ، فدور النشر النخبوية هذه والتي تدعي لنفسها التحرر والإستقلالية لا تقدم لنا أي أسم شاب مع رؤية جديدة وصادمة مجتمعيا بل على العكس فهي تكرر نفسها بمنهجية وكل مرة من جديد وبعنجهية عجيبة! على عكس دور النشر المصرية كالشروق وميريت والعين وغيرها والتي تطلق كل عام المزيد والمزيد من الأسماء الشابة والتجارب الجريئة الواعدة! بل وترافقهم اولا بأول في جني نجاحاتهم.
مروان مخول
الشاعر الرائع النزق والمتسائل ، شكرا على تحملك كل هذا ، اشتقت لقعدتنا في كوفي بينز آند تي ليف الزمالك في الصباحات المركبة ، دون ان نبحث عن بعض...
عيش الفيلم
أجمل ما في القاهرة (عاصمة الأفلام) ان تقرر ان تعيش حبكة فيلم فيها ..حبكة غير متكاملة بالضرورة. حوارات غير مضبوطة ومنطقية ومتوازنة حتى النهاية ....دراما مفتعلة تلو الأخرى...كلام حب لا تقصد دائما معناه ...بكائيات على أطلال لوقائع وأمكنة لم تكن أصلا...العيش بين كلمات اغنية لأم كلثوم او في فيلم لمحمود ياسين ونجلاء فتحي..ما أجمل القاهرة في هكذا سيناريو واع لذاته ..وما أجملها حين تكون على إدراك انك تمثل فيلما رومانسيا تدور احداثة المتوقعة جدا بين الزمالك ووسط البلد ومدينة نصر.
' كاتب من فلسطين
المقال مأخوذ عن جريدة القدس العربي
التعليق
وصف ممتع مش هيك....؟؟؟