سرديات عودة
فصل من رواية عبد العزيز غرمول القادمة " مصحّة فرانز فانون" (الجمعة 5 حزيران 2015)
كان الاحتفال في أوجه. وكانت به رغبة للبكاء.. لا يعرف هل من الفرحة أم مواساة للأيام الباهتة التي لم يعرف الفرح إليها طريقا!؟.الآن، الآن فقط يشعر أنه تحرر من ماضيه إلى الأبد. يشعر أنه يطير في سماوات رحبة لا نهائية، ناشرا جناحيه كذراعي راقص أوبرا. كل شيء عاد إلى مكانه حيث يجب ان يكون. قلبه مطمئن. دماغه فوق كتفيه، جسده الممدد بجانب جسدها الغافي، مغسولا من كل شهواته وأدرانه... إنه هنا سيد أقداره. يقف على قمة ما عاليا كمسيح ريو دي جانيرو، في يده قبضة نجوم وفي الأخرى جسدها الأنثوي الذي استفرغ صخب شهواته. صمت عميق يخيم على الغرفة كصمت الصحراء. أين المدينة البائسة. أين ضجيج الناس والاهانات والتواطؤات الخفية. أين العسكر ذوو الأحذية الثقيلة والأنفاس العطنة. أين النخبة والحثالة وهما يتبادلان الأدوار. اين الناس الطغاة المتشبثين بماضيهم بلا شفقة. يا بنات آوى تعالوا بخطى وئيدة إلى ولائم الجيف التي تنتظركم. آه إن جناحي لترتفعان بي عاليا فوق جثث أبناء النكران والتوجس والحسد والنميمة والاحتقار.. أيتها النجوم الشقيقة، يا أسياد توازن الكون.. أيتها الأرباب القديمة الحاملة لتضرعات ودعوات البشر.. أيها الخالق الحي في مخلوقاته.. يا كل بهاء الحياة وعنفوانها... ها أنا واقف على بابكم، عاريا من كل الخرافات التي التبست بي في الماضي، حافيا من كل الطرقات التي لم توصلني إليكم في الماضي، جائعا وعطشانا للتسامح والإحسان الذي لم تنعموا به علي في الماضي. إنني هنا تحت وابل التقوى المنهمرة، تحت شمس الإيمان المحرقة، واقفا كنقطة بلا أبعاد، أطرق أبوابكم الضخمة بضراعاتي واستجدائي لعلها توقظ رحمتكم المنشغلة عني، راجيا ان تفتحوا أبواب كل المجانين بحبكم واحترامكم كي ينخرطوا في المستقبل لاستعادة وعيهم بكينونتهم الإيجابية!. ان بي رغبة للبكاء بين أيديكم، وغسل قاماتكم الجليلة بدموعي.. انني ابكي.. انني ابكي فرحا.تحركت بين ذراعيه فأيقظته من غفوته. قبلته على صدره وهي تهمس:ـ لحظة سأعود...نظر إلى جسدها وهو يذهب صوب الحمام..الجسد الأبيض الرجراج يهتز في كل خطوة فيهتز قلبه معه. اجتاحته رغبة اللحاق بها وهي تغتسل. لا يزال صهيل الرغبة يبوح في جسده، بل ازداد حيوية وعنفوانا!. ورآها تعود بخطى رشيقة يهتز صدرها وبطنها على إيقاع متتالي مثير لأكثر الخيالات كسلا.. ابتسم لذكرى أمرئ القيس حين سرق أثواب فاطم وهي تسبح في النهر..لك الله يا امرؤ القيس!. تمددت إلى جانبه، وضحكت وهي ترى أنه لا يزال في أوج رغبته. استغرقا لحظات طويلة في قبل وشم وضم، ثم التأمَّ جسديهما من جديد. غير أنه هذه المرة أراد إيقاعا بطيئا لأطول فترة ممكنة كي يحفظ صورتها وهي في حالة وجد، في حالة انقذاف في عتمات العالم، متفتحة ومبتسمة كوردة تمتص رحيقها نحلة. وفي لحظته تلك التي تقذف به خارج الزمان والمكان، وحين أحس أنها امتصته عميقا كوردة تخبئ بين بشلاتها نحلة.. تنهدت عميقا ثم سكنت، وفتحت عينيها وضحكت وهو ينسحب منها ويتمدد بجانبها. في تلك اللحظة المشبعة بالرغبة والفرح، سألته:ـ هيا قل لي يا ارخميدس ماذا اكتشفت.. أخفتني بصراخك.. وجدتها.. وجدتها...
* عبد العزيز غرمول من أهم كتاب القصة و الرواية في الجزائر
له عام ال11 سبتمبر " رواية رائعة" زعيم الأقلية الساحقة " رواية أروع"
رسول المطر مجموعة قصصية ساحرة
فقط إكتشفوا ذلك بأنفسكم
التعليق
كان الاحتفال في أوجه. وكانت به رغبة للبكاء.. لا يعرف هل من الفرحة أم مواساة للأيام الباهتة التي لم يعرف الفرح إليها طريقا!؟.الآن، الآن فقط يشعر أنه تحرر من ماضيه إلى الأبد. يشعر أنه يطير في سماوات رحبة لا نهائية، ناشرا جناحيه كذراعي راقص أوبرا. كل شيء عاد إلى مكانه حيث يجب ان يكون. قلبه مطمئن. دماغه فوق كتفيه، جسده الممدد بجانب جسدها الغافي، مغسولا من كل شهواته وأدرانه... إنه هنا سيد أقداره. يقف على قمة ما عاليا كمسيح ريو دي جانيرو، في يده قبضة نجوم وفي الأخرى جسدها الأنثوي الذي استفرغ صخب شهواته. صمت عميق يخيم على الغرفة كصمت الصحراء. أين المدينة البائسة. أين ضجيج الناس والاهانات والتواطؤات الخفية. أين العسكر ذوو الأحذية الثقيلة والأنفاس العطنة. أين النخبة والحثالة وهما يتبادلان الأدوار. اين الناس الطغاة المتشبثين بماضيهم بلا شفقة. يا بنات آوى تعالوا بخطى وئيدة إلى ولائم الجيف التي تنتظركم. آه إن جناحي لترتفعان بي عاليا فوق جثث أبناء النكران والتوجس والحسد والنميمة والاحتقار.. أيتها النجوم الشقيقة، يا أسياد توازن الكون.. أيتها الأرباب القديمة الحاملة لتضرعات ودعوات البشر.. أيها الخالق الحي في مخلوقاته.. يا كل بهاء الحياة وعنفوانها... ها أنا واقف على بابكم، عاريا من كل الخرافات التي التبست بي في الماضي، حافيا من كل الطرقات التي لم توصلني إليكم في الماضي، جائعا وعطشانا للتسامح والإحسان الذي لم تنعموا به علي في الماضي. إنني هنا تحت وابل التقوى المنهمرة، تحت شمس الإيمان المحرقة، واقفا كنقطة بلا أبعاد، أطرق أبوابكم الضخمة بضراعاتي واستجدائي لعلها توقظ رحمتكم المنشغلة عني، راجيا ان تفتحوا أبواب كل المجانين بحبكم واحترامكم كي ينخرطوا في المستقبل لاستعادة وعيهم بكينونتهم الإيجابية!. ان بي رغبة للبكاء بين أيديكم، وغسل قاماتكم الجليلة بدموعي.. انني ابكي.. انني ابكي فرحا.تحركت بين ذراعيه فأيقظته من غفوته. قبلته على صدره وهي تهمس:ـ لحظة سأعود...نظر إلى جسدها وهو يذهب صوب الحمام..الجسد الأبيض الرجراج يهتز في كل خطوة فيهتز قلبه معه. اجتاحته رغبة اللحاق بها وهي تغتسل. لا يزال صهيل الرغبة يبوح في جسده، بل ازداد حيوية وعنفوانا!. ورآها تعود بخطى رشيقة يهتز صدرها وبطنها على إيقاع متتالي مثير لأكثر الخيالات كسلا.. ابتسم لذكرى أمرئ القيس حين سرق أثواب فاطم وهي تسبح في النهر..لك الله يا امرؤ القيس!. تمددت إلى جانبه، وضحكت وهي ترى أنه لا يزال في أوج رغبته. استغرقا لحظات طويلة في قبل وشم وضم، ثم التأمَّ جسديهما من جديد. غير أنه هذه المرة أراد إيقاعا بطيئا لأطول فترة ممكنة كي يحفظ صورتها وهي في حالة وجد، في حالة انقذاف في عتمات العالم، متفتحة ومبتسمة كوردة تمتص رحيقها نحلة. وفي لحظته تلك التي تقذف به خارج الزمان والمكان، وحين أحس أنها امتصته عميقا كوردة تخبئ بين بشلاتها نحلة.. تنهدت عميقا ثم سكنت، وفتحت عينيها وضحكت وهو ينسحب منها ويتمدد بجانبها. في تلك اللحظة المشبعة بالرغبة والفرح، سألته:ـ هيا قل لي يا ارخميدس ماذا اكتشفت.. أخفتني بصراخك.. وجدتها.. وجدتها...
* عبد العزيز غرمول من أهم كتاب القصة و الرواية في الجزائر
له عام ال11 سبتمبر " رواية رائعة" زعيم الأقلية الساحقة " رواية أروع"
رسول المطر مجموعة قصصية ساحرة
فقط إكتشفوا ذلك بأنفسكم
التعليق