سرديات عودة
فصل من رواية :" زمن البصم" للكاتبة الجزائرية نجاح حدّة، خاص بفامو (الخميس 15 آب 2013)
وقفت أجالت النظر في جميع ارجاء الغرفة المستطيلة , ثم تهالكت على أقرب مقعد لترتاح قليلا من تعب الطريق والشمس التي يبدو أنها كانت في أوج حرارتها صاحب مقهى السيبار كوفي كان فتى في مقتبل العمر كان يشغل أغنية حزينة باللغة الإنجليزية كانت تروقها الأغنية فيما مضى it’s toolate to apologies عندما كانت هي الأخرى قبل ان تتغير وتصبح هذه المرأة التي تجرجر أقدامها في الشارع ولا تحس بحرارة الشمس التي كانت تحسب لها الأخرى ألف حساب. امتدت يدها بآلية إلى حلقها تتحسسه سمعت الرمل يهسهس في أعماقها . صراخ نساء ’ ملايين من النساء ’ كانت تسمعهن وتراهن في أغوارها ’ يستغثن ’ يسعلن ’ مشعثات الشعر تتعالى صيحاتهن تحت أكوام الرمل التي تلقيها عليهن أيادي خشنة لأبائهن وإخوانهن . ثم يسكتن ’ يسكتن . فيلتقط سمعها صوتا مازال في السيبار كوفي صدىit’s too late to apologiesالأغنية متأخر جاء اعتذارك اراحت يدها من عبء الحقيبة على طرف إحدى الطاولات همست : أي أعتذار سيكفي ومن سيكفي؟ قفزت إلى ذهن هدى صورة الخالة عيشة وهي تترجاها: يا هدى يا بنتي راكي مادة يدك للحنة انتاع عرسك كاش مافيك براكة ونية ادعي لي ربي يديني راني كرهت الدنيا شبعتها حابه أنموت. كان صوتها ينبعث حارا صارخا من الذاكرة كأنه الآن ولم يمر عليه عشرون سنه لماذا يا خالتي عيشة اخترت ان تنتصبي أمامي في يومي الموعود يوم عرسي نصبا تذكاريا للحزن واليأس ؟ لماذا عندما أخذت يومها مكانا إلى جانبك في سيارة الأجرة جعلتني أدخل معك في متاهة لعبة كلعبة ( جومانجي) لماذا الآن تصبح حكايتك خلفية لحكايتي وجرحك خلفية لجرحي ؟ فجاءت الحكاية أحيانا على لسانك وأحيانا على لساني ؟ هل بلغ تواطؤنا هذا الحد المدهش في البدء كانت الحكاية حكايتك أنت سيدتها فلماذا تدخل أمي وجمع من النسوة ؟ من أي نافذة يدخلن ويقتحمن علينا خلوتنا ويربكن انسجامنا ؟ أهي عادة النساء في التجمع في الحمامات والأعراس والمأتم ’ فهن لا يصدقن أي حجة لطرح همومهن ’ وشكاويهن التي لا تنتهي . لكن هذه حكايتك التي أصبحت حكايتي وليس عرسا أو حماما أو مأتما. من أين أتت هذه المرأة التي أنفرط عقدها في الصحراء فبقيت لتلملمه – وتقضي حاجتها فتتركها القافلة وتتحرك من دونها ’ لتتقاذفها ألسنة السوء. لكنها هي الأكثر حظوة ومنزلة أدركتها الرحمة والبراءةأدركتها الرحمة والبراءة من فوق سابع السموات غير أن الجرح يبقى نديا يمشي في الوقت – لا احد يستطيع إغماض جفن الجرح – لذا عثر علي في طريقه إلى الأبد أصبح الآن إرثي وإرث جميع النساء هانذي بعد عشرين سنة من لقياك - في داخلي-أحمل لعنة روحك المعذبة أعرف أنك الآن معي تستمعين إلى مقطع الأغنية الحزينة
آه يا خالتي ها أنت تسكنينني , تطلعين من أعماقي بوجهك الأبيض وعينيك اللماعتين بلون الطحالب ’ بيديك المغضنتين أقرأ فيهما ما لا تحمله اللغات وما لا تستطيعين قوله لي في موعدنا الذي رتبته الأقدار بعناية فائقة هأنت تطلعين حمامة خنقها أطفال عابثون وأمهضوا جناحيها بحب حتى دون ان يشعروا انهم أساءوا إليها . آه يا عيشة يا حمالة لدراك ’ كما تقول أمي أخيرا أخيرا وكما كانت رغبتك ودعاؤك الحار . ترحلين بعد أسبوع من لقائنا ومن عرسي ’ تنامين حيث تتصورين الراحة ’ أغمضت عمرك وجفنيك وذهبت راغبة إلى الأمان الذي في التراب . قلت لك: بعيد الشر عليك خالتي عيشة ’ مازالت البركة والعمر الطويل’ قلت لك ذات مرارة انسكبت بيننا سكبتها أنت وكبرت في ذاكرتي شجرة علقم تحرك أوراقها الشتاء والرياح الباردة في كل الفصول ’ ريح تحركني وتحركها تدفعني بلا وعيي في أزقة المدن التي لا تشبه قريتك أو دوارك النائي ولا تحمل في نسماته رائحة الشيح والحلفاء. لأوثق جرحك الذي أصبح جرحي هل البياض الذي يلوح في الأوراق سيريحني ولو قليلا هل القلم سيبكي مثلما أريد ويحمل زفرتي إلى البياض الذي يلوح في الأوراق المطمئن والمريب في آن ’ حارة حارقة كريح الشهيلي التي لفحتك طويلا في تلك السهول والهضاب التي لا ترحم وتشكل إنسانها مخلوقا يحمل المتناقضات ’ الحب الشديد ة والقسوة اللامتناهية آه يا ثمار المناخ القاري كم تتكسرين تنضجين قبل الوقت بين الثلج وحرارة جهنمية كما تتكسر صلابة الحجر في المدى الحراري بين الليل والنهار لتصبح هشاشة رمل تحملها ريح الشهيلي بسهولة وتذروها كيفما تشاء . هل سأرتاح ولو قليلا على بياض الأوراق وسواد القلم مثلما تصورت أنت الراحة في بياض الكفن وسواد ظلمة القبر؟
زبائن السيبار كوفي لم يغادر منهم أحد مكانه ’ يبدو أن الأغنية الحزينة سمرتهم بثقل الشجن الذي تحمله في أماكنهم الفتى صاحب المقهى إما ذكي وخارق الذكاء يسلط عليهم الأغنية لتفتح نوافذ الحزن التي في لا وعيهم وفي أعماقهم فتثقلهم وتشل رغبتهم في المغادرة السريعة أو عاشق موله ومصدوم يعيش حالة حزن فائقة الاحباط رمته على رصيف الضياع و اللا جدوى فعلق كذبابة في شرك عنكبوتيه لا تستطيع الفكاك منها فأدمن هذا المقطع تلحسه نفسه كسكينة جارحة ’ أهو يطهر نفسه وروحه أم مازوشي يتعذب ويتلذذ بعذاباته؟
رفعت الحكاية رأسها على الورق طلعت كما تطلع الجنيات من البحر إلى الشاطئ على جسدها طراوة الماء ولذعة الملح الحارق لتغوي الصيادين ’ القراصنه ’ العشاق وكل راكبي البحر .آه يا لذعة الملح على لسان القلم والقلب ؟ تحذرني ويا طراوة الماء تدعوني دعوة سرية للغوص.
.. خالتي عيشة يا امرأة مكسورة بجمالها يا تنهيدة طويلة طالعة من صدر الصفصاف الذي أسلم أوراقه للريح ذهبت إلى حيث تريدين ولم تذهبي تماما كيف لإنسان أن يرحل ولا يرحل ؟ كيف لأمراه تسكنني كغزال شارد بثتني روحها ودموعها وغصة سلسلة حديدية لا تمحى من على قدميها .
يا نساء الرمل اللائي سكنني وحولن حلقي ساعة رملية حزينة. لم تمارسن سلطتكن علي وتحولنني هامشا صغيرا علي بياض ورقة أنا اشتريتها لماذا تغزين حاضري وتأخذنني من حياتي اليومية من زوجي وأطفالي من حقيبتي التي نسيتها – وكنت دائما –بدونكن أحملها في اليسار جهة القلب . لماذا تأخذن أيامي عنوة وتجعلن مني امرأة باذخة الألم ؟ يا نساء يثرن الدهشة ؟ يتحملن وخز إبر الوشام على خدودهن وجباههن وزنودهن ليزددن جمالا وفتنة وثم يغمرنها – في لحظة تحدي- ببراز أطفالهن وحموم طواجينهن حتى لا يطمع المستعمر الفرنسي فيهن يا نساء متطرفات في الحب والفتنة وفي الصد. يا نساء أثبتن وبصمن على خروجهن من رحم الكاهنة التي أحرقت محاصيلها وزيتون سهولها التي تعبت وتعب شعبها في زراعته- لتصد رغبة جامحة في احتلال أرضها. يا بناتها اللائي حملهن الريح- الشهيلي- أو- البحري حبوب طلع من رحمها .وزرعهن صفصافا و سنديانا في الأوراس. رفقا بي ببياض أوراقي التي لا يتسع لبياضكن وسواد حبري الذي لا يرقى إلى سواد الكحل الذائب في دموعكن فأعذرن ارتباكي وخوفي منكن ومن البياض المفترس.
..................................... آه يا أمي يا امرأة رسمتني بلهفتها ودمها المحروق بخورا لأجلنا ’آه يا امرأة غرغرتني بدموع أبناء وأرامل الشهداء وخلفتني إسفنجة تلملم دموع المحزونين يا امرأة علمتني كيف يكون النخل معطاء وصامتا وطويلا كيف تكون الدالية دانية قطوفها كيف كيف تكون عيونك صافية ومحبة ولا تحمل نظرة منانة أو متبجحة تؤميء لعطائها اللأ متناهي وتضحيتها الكبيرة ولو بصمت . يا امرأة قمصتني أحداثها وأمكنتها ’ وألبستني عباءتها المجاهدة . وأنا أبنه الاستقلال كانت أمي روائية رائعة لو لم تكن أمية . كانت تحكي عن أوراسها ’ عن الثورة تضع الفواصل والنقاط بتنهيداتها ودموعها ونقاط الاستطراد بنشيجها آه ياهدى فأصبحت وأنت وليدة الاستقلال بذاكرة ثورية تغني لك أغنية عن الشهيد:كي جاء للممات شهد وسلم ارفع يدو لله يطلب ويحشم يا شبان بلادي أطهللاو في ولادي زوروهم في العيد كي جاء للممات شهد وسلم ارفع يده لله يطلب ويحشم كبادو شهاقة وعيونو مشتاقة اخينا الشهيد هل لاحظت ياهدى او لم تلاحظي انك حملت وصاياها ونفذتها آه يا هدى هل لاحظت انك تزوجت بابن شهيد مات ابوه وعمره خمس سنوات والتحقت امه بالجبل لتثأر لزوجها وبقي دائم الوحدة واللوعة تثبت في يتمه مسمارا فولاذيا في صدر الجرح وتحجر حفرية ازلية لدمعة لا تنزل إلا بعملية قيصرية من قلم جاف. كان مثبتا طفلا والزمن وحده يجري . فجاءت مشاعرك نحوه خليطا من مشاعر امومة وعشق امرأة لرجل . وحرصت بكل ما اوتيت من حب وذكاء وأنوثة ان تجعليه سعيدا. - احيانا تختلفان كعادة الأزواج- وكان الطفل الذي له في اعماقك يغفر دائما للرجل الذي في الواقع فتسير الحياة بكما في توازنها الذي يجب . دونت هدى على كراستها خواطرها وهي لا تدري الأنها تحت طائلة الحزن الذي بثته أغنية السيبار كوفي وهي تنتظر دورا على إحدى طاولات الكمبيوتر لتنجز بحثا علميا لأبنتها سارة. صلصلت عيشة بصوت صدر من قدميها لتقول انا هنا دائما ة’وأريد ان أكون خلقا سويا لم يكن الصوت زغرودة فرح لخلخال زينة تساءلت ياهدى : هل كان الخلاص الذي نشدته في الموت وهما ؟ أم انها اورثتك عذاباتها ؟فقط ونامت شريطا أفعوانيا في الذاكرة ؟يهتز ويربو بنسبة الحديد الزائد في دمك . ............................................................ .امك الروائية التي كان من المفروض ان تكون لولا اميتها والأ تجعل منك نايا حزينا لزفراتها والأ تورثك جيناتها الابداعية قالت تحكي عن ابنة خالها عيشة بنت محند بن الهادف كانت فتاة فاتنة ’ قرة عين ابيها وسط سرب من الاخوة والأخوات كان يدللها يأخذها معه إلى الأسواق على حصانه الأشهب يردفها معه إلى سوق الثلاثاء والخميس والجمعة لتختار ما تشاء من ثياب ومناديل ولبان وطيب وتعود محملة بالحكايا والدهشة ....... وتشرب الخنجلان الساخن . بشرتها البيضاء المائلة إلى الشفافية حتى تفضح خضرة عروقها ’ كانت سر جمالها وعينيها التي كانتا مزيجا من الخضرة الزيتونية والبني لا احد في إخوتها او اخواتها يستطيع ان يقول عن عينيها خضراوين حتى ينطق أخر : بل بنيتان كان الجدل قائما دائما بين الأخوة عن لونهما الحقيقي وشعرها الكستنائي المشوب بخصلات مائلة إلى الصفرة ينحدر في جديلتين طويلتين تتمردان على طول المنديل فتنحدران وتستقران تحت الحجاب الحاجز. وانفها الدقيق وشفتيها المكتنزتين تغيظان الورد. كانت في فرحتها الطفولية المبكرة تلتصق بأبيها كأنها جزء منه لم تنفصل عنه قط .كانت ماتزال فيه ولم تنفصل عنه قط ’ كأنها خلقت هكذا او لتكون هكذا. لو لم يكن ذلك اليوم , لو لم ينزل من على حصانه في طريقها إلى سوق الثلاثاء أحس محند بلهادف بشيئين لدنين دافئين عند ظهره لم يعهدهما في فتاته عندما نزل على ظهر حصانه رأى ابنته قد كبرت وأصبح لها ما للنساء من يومها تغيرت حياتها وانقلبت رأسا على عقب عندما عاد إلى منزله أنفرد بزوجته خضرة أم عيشه بوجه مكفهر خال من اللين كأن نزلت به صاعقة ما. رفعت هدى قلمها من على ورقها من لذع الحكاية الملحية الكاوية جالت ببصرها في من حولها يبدو ان أستراتيجية الفتى صاحب المقهى واثقة من نفسها ’ وحيلة الأغنية التي تتسلل إلى اغوار المحزونين انطلت على من في المقهى فلم يترك أحد مقعده او يغادر كانت في يدها قصاصة لتنجز بحثا علميا لا بنتها التي تدرس بالسنة الأولى ثانوي حول نظرية جورج ماندل ومرور الجينات بين الأجيال. اضافت بقلمها متطلبات أخرى ستبحث عنها في إلى القصاصة الخنثى مرض الهلوسه هل هو عضوي ؟ نفسي ؟ عقلي اعراضه ؟ كيفية علاجه
استأنفت امك التي كان من الممكن أن تكون روائية رائعة . من هذاك اليوم عيشة المغبونه ماشافتش الربح واللا نهار مليح ربطها ابوها دون مقدمات ودون تبريرات بسلاسل حديدية إلى وتد غرس في وسط غرفة من غرف الدار المبنية بالطين المخلوط بالتبن بكت صرخت توسلت استفسرت عما فعلته ترجته : بابا بابا واش درت ؟ انا عيشة بنتك انا عيشة غادر بسرعة كأنه لم يستمع إلى صراخها وتوسلاتها وسط سيل من الدموع. قالت أم عيشة بصوت بالكاد يسمع بصح عيشه رزينة وعاقلة . راني عارف بصح الشيطان عليه اللعن قادر يلعب براسها. واللا واحد من ولاد الحرام يهرب بيها. عسيها ردي بالك عليها حتى يجي المختار ولد خويا من حرب لاندوشين يدخلها لدارو عروسه ونتهناو.
كان محند بلهادف ذي الأصول البربرية حسب حكايات الأجداد الذين يعدون على الأصابع بن فلان بن فلتان التاريخ بألسنتهم بن فلان بن فلتان بن فلان بن فلتان...... يحركون سلسلة وأصابعهم المفرودة للعد تتحرك كما تتحرك السبحة بين أصابع صهره محمد الصالح الذي زوجه أخته بدينارين ذهبيين يومها اهدى له برنوسا خاط حواشيه بيديه وقال له : هذه هدية عرسك من نسيبك اطهللا في اخ راهي طفلة عاقلة كون راجل معاها من يومها علا في عينيه وقربه كأخ وصديق لا كصهر قد يختلف معه عندما تعلو على السطح مشاكل الزوجية . كثيرا ما كانا يجتمعان على موائد الشاي والقهوة في سهرات صيفية لا تنتهي يكون فيها محمد الصالح حاضر النكتة يقرأ القران او يسرد عليهم حكايات مختلفة عن السيد علي وشجاعته وعن الأغوال أو عن شجاعة الكاهنة او الجازية الهلالية وذياب الفرطاس او يقرا لهم ما حفظه من أشعار او ما تجود به قريحته وما يرتجل عندما يطلب إليه ذلك وهم يبرمون سجائر العرعار في اناقة ودقة متناهيتين . وعندما يغيب عن المجالس لسبب ما يقول محند بلهادف لجلسائه : القعدة بلا محمد الصالح صامته وما عندها حتى طعمه ويأوي مبكرا إلى إلى فراشه إلى زوجته خضراء كأنه يبحث فيها عنها وعن روح محمد الصالح تساءل محند بلهادف عن غياب صديقه وصهره منذ مدة ’ بحث في ذاكرته عن سبب مقنع...لعل...لعل لم يجد سببا مقنعا نفض رأسه كأنه يتخلص من غبار وسواس يريد ان يطرق مخيلته ويسيطر على تفكيره تكفيه الوحشة والبرد وهذا الطريق الطويل المضني. ........................................................................................................................... تساءل محند بلهادف بكل موضوعية وهو بعيد عن الانتشاء التي تخلفه حكايا محمد الصالح عن الكاهنة البربريه وأساطيرها وشجاعتها النادرة إن في السلم او في الحرب. لم لم تختر أمنا الكاهنة رغم حكمتها الواسعة ونظرتها الثاقبة غير هذا المناخ الذي لا يعرف سوى البرودة الشديدة او الحرارة التي تذيب المخ وتكسر الرأس. هل اغرتها هذه السهول الرعويه التي على شساعتها لا تتعدى ما تجودبه من نبات غير الشوك والحلفاء وبعض المردقوش ذي الطعم المر . تبادرإلى ذهنه ما حكاه صهره وصديقه الحميم عن جرأتها وشجاعتها وحكمتها في حرق اراضيها ومحاصيلها الزراعية التي اشتهرت بها . عاد إلى واقعه من سحر الحكايا والأساطير التي كانت تمده بدفء ينسيه الحرارة والبرودة والأمراض وهموم الدنيا. إستشعر في ظهره وخز رياح ( البحري ) الآتية من الجهة الشمالية فتململ فوق ظهر حصانه كردة فعل لمقاومتها مثلما يفعل دائما عندما يصطدم به رياح الشهيلي الآتية من الجهة الجنوبية او عندما تتسرب إلى ظهره حطام السنابل او الدقيق من التبن الهشيم الذي كثيرا ما يتسرب إلى جسمه ويتناساه في غمرة أعماله وانشغالاته في ري وعلف ماشيته من بقر وأغنام وماعز وحمير وأحصنة وبغال . .......................................................... ..............................................................تحت وطأة البرد تذكر محند بلهادف ذي الأصول البربريه أنه ولمدة طـــــــــــــــــــــــــــويلــــــــــــــــــة نسي هذا البرد برد ريح البحري , لأن ابنته دائما تلتصق بظهره وتحيط ظهره وبطنه بذراعيها وتشبك يديها كشريط حريري على خصره وتضع رأسها كحمامة بين وسط لوحتي كتفيه العريضين لتنطلق وتنطلق ساقيها جدولان متوازيان من الدفء. تنهد محند بلهادف وهو يتذكر عيني ابنته الطحلبيتين غمره فيض أبوة وهو في الطريق المقفر البارد إلى سوق الثلاثاء. تمتم: آه ياعيشه واش دارت بيك وبي الأيام تذكر لثغتها الجميلة وهي تنطق : بابا غدوه ثوق ا لخميث تديني معاك فيضحك ويداعبها : إذا قلت سوق الخميس بالسين نديك معاي فتحاول ان تقول سوق الخميس لكن لسانها الوردي الصغير دائما يسبقها في الخروج بين اسنانها والذهاب بعيدا فتنطق ثوقالخميث. يغرق محند بلهادف ذي الأصول البربرية في ضحك عال حتى تتبلل عيناه الخضروان . لعنة الله على الشيطان وعلى الوقت اللي يجري . وعلاه يا عيشة ما تبقايش دائما طفلة باباك تذكر يوم ميلادها لما اتاه اخوه وزجته مهنئين وخاطبين في آن واحد. رانا سمعنا جبتو طفلة انعم طفلة وسميناها عيشة ربي يعيشهالم ويصلحها انشاء الله آمين خويا الهادي . لبنات صعاب وهمهم هم تديه حتى للقبر راني جيت انشوفها باه تخليهالي للطفل راه المختار اكبر عليها غير بربع سنين يكباروانشاللهوانزوجوهم . نفرحوا بيهم _ مشات مشات خويا الهادي على بركة الله ويضع يده في يده كإتفاق مسبق لخطبتهما. ..................................................
كورت عيشة جسدها كقنفذ صغير إستشعر خطرا ’ وضعت رأسها فوق ركبتيها وأحاطتهما بذراعيها محاولة استحضار أفراحها الطفولية كفارسة خلف ظهر ابيها ذاهبة آيبة من وإلى مختلف الأسواق . اجتاحتها رغبة طفولية جامحة في شراء حلوى الفوندا ذات الطعم النعناعي جاست بلسانها بحركة دائرية حول شفتيها الجافتين جراء حرارة تداهم جسمها تارة وتارة أخرى تتحول إلى برودة وقشعريرة .تنهدت : لو لم تدر لك ياعيشة ظهرها الأيام . لكنت اليوم في السوق الثلاثاء اليوم حياة بأكملها هناك. آه ياعيشة لا حال يدوم . كم كنت سعيدة تقفزين من على ظهر الحصان . يذهب ابوك لربطه إلى وتد ثم تبدأن تسوقكما وفرجتكما تبدآن بالتحايا والسلام والقبل ودفء احضان اصدقاء أبيك لتأتي بعدها الهبات والمنح التي يغدقها عليك الجمع من أصدقاء ومعارف أبيك . يعطيك هذا ربعة دورو يشتري لك ذاك كمشه من الكاوكاو يضع احدهم في كفك قرطاس لوبان أو قرون الخروب اللذيذة يجود عليك أحدهم بكأس خنجلان ساخن ليبعد عنك البرد . تأكلين ما يحلو لك وتضعين الباقي في كيسك ذي الألوان الزاهية نسجته لك أمك خصيصا للتسوق في سدايتها المعلقة في إحدى غرف منزلكم على مدار العام . تشربين الخنجلان. كم تشتاقين طعمه الآن .اول الأمر صدمك مذاقه اللأذع ثم أصبح من قرائن المتعة وفرضا من فروض السوق التي لا تسقط.
هدى يا أنت الموزعة بين الحكاية التي تضج في دماغك وتنكتب على جدران قلبك مؤلمة بخط مسماري جارح. وبين الانتظار المشين مقعدا امام احد الحواسيب في مقهى انترنت علقت به عذابات إنسان تشعرين نزيفه ترين دخانه ورماده الذي ما يزال حارا
........................................................................................................................... تقذف بك اقدامك خارج المقهى , هل أنت أم المرأة الأخرى التي تستبد بك ؟ كانت المرأة الأخرى تحفظ مقاطع الأغنية وتؤديها بشجن وتأثر كبيرين أينك ؟ أين المرأة الأخرى فهذه دون سابق إنذار ينفذ صبرها فتفتح الباب وتدع خطواتها لترتسم على رصيف شارع يكاد يذوب إسفلت هوإسمنته من شدة الحر من شمس كأنها حاقدة تواطات مع منابع الجحيم داخلها.
لم تنتبه انها نسيت حقيبتها على طرف أحدى طاولات الحواسيب. عندما كانت هي المرأة الأخرى كانت شديدة الحرص على حقيبة يدها ’ بل كان لها منزلة وقدسية لا يعلمها غيرها فمثلا كانت تضعها تقريبا في الجهة اليسرى قريبة من النبض والقلب . وحدها تشعر الدفء الحاني المنبعث منها كل محتوياتها تحنو عليها بطريقة ما وتهدئ من روعها كامرأة وأم وإنسان له متطلباته وتوحي بإلتزاماته. فدفتر الشيكات والبطاقة المغناطيسية يوحيان لها بأمنها الاقتصادي واستقرارها وأنها ليست في حاجة إلى غيرها حتى زوجها - بل وبالأخص زوجها - هي التي لا تريد أن تنغص حياتها الزوجية بآلة حسابية باردة وترفض ان تكون مجرد امرأة مستهلكة وغير فاعلة في أسرتها وخارجها . الدفتر العائلي :عائلتها الصغيرة ربما كتبه موظف في البلدية يتثاءب من روتينه بآلية مفرطة باردة لم يشعر أنه يسطر أجمل السطور في حياتها عقد زواجها أسماء زوجها أطفالها ’ تواريخ ميلادهم . كانت تكره الحسابات والأرقام والتواريخ لكن الأرقام التي في دفترها العائلي كانت شيئا أخر وامضا وساحرا يكفيها ان تذكر مولد احدهم 1995..........1999.......لتبدأ يومها تطبع وجهها وأعماقها بإشراقة حب تهون عليها متاعبها اليومية من وظيفتها في التدريس إلى التزاماتها المنزلية وخارج المنزل التكفل بالمشتريات ومتطلبات أبنائها التي لا تكاد تنتهي. بعد أن كبر أطفالها وغادروا عتبات منزلها إلى المدارس تمسكت اكثر بالدفتر العائلي جعلت مكانه حقيبتها داخل جهة القلب كأنه حجاب أو تعويذة تحفظهم بها لتعيدهم إليها في كل مساء على طاولة الحليب والقهوة دائرة تحميها من كل سوء . أحيانا لا تستوجب ضرورة وجوده في حقيبتها فهي لا تريد استخراج أي وثيقة من البلدية لكنها تحرص ان يكون هناك حيث دقة القلب كأنها تتحسسهم واحدا واحدا , تستعيد لحظات ميلادهم صرخاتهم الأولى ’ الحمى الأولى والجزع الأول و انتفاخ ثدييها بالحليب وسيلانه في حمالة الصدر وهي في وظيفتها . دعاؤها ’ زجاجات الرضاعة الدافئة بالكمون سهرها حمامات الزيت , حمامات الماء والكريمات المرطبة ’ تبديل الحفاظات ليلا ومع الفجر نومها اليقظان ويقظتها النائمة . تعبها إرهاقها دموعها, جزعها , فرحها بالأسنان الحليبية ’ الكمادات الباردة في كل تطعيم اوكل حمى . الخطوات الأولى ’ السقطات الأولى , الكلمات السحرية ماما ..بابا بكاء الجوع , بكاء الألم , بكاء النوم. ............................................................. ..............................................................الحقيبة كانت هاجسها أو كانت هاجس المرأة الأخرى التي كانتها لكنها نسيتها أو هذا ما يقوله لها احد الشبان وهو يعطيها اياها مبديا الكثير من اللطف والتودد. _ تفضلي لقد نسيت حقيبتك مدمو زال أو مدام . تمد يدها تأخذها منه ترمقه بنظرة باردة خالية من الشكر ’ كأنها لا تراه أو لم تكن تنظر إليه أصلا . كان ينتظر عبارات الامتنان وبعض عبارات المجاملة _الأخرى التي كانتها لم تكن ابدا ساهية أو متكبرة أو قليلة الظرف لكنها مستغرقة تمتد يدها في آلية إلى حلقها فلسانها وفكها وأعصابها تخوض حربا من الرمل الذي لا تستطيع الفكاك من ²هسهسته. صراخ نساء ملايين من النساء كانت تسمعهن وتراهن في اغوارها يستغثن يسعلن مشعثات الشعر تتعالى صيحاتهن تحت أكوام الرمال التي تلقيها عليهن أيادي ابائهن وإخوانهن اجدادهن ثم يسكتن يسكتن ويهمدن قليلا في أعماقها لتلتقط أذنها صوت الشاب الذي ايقظ برودها وردة فعلها اللامبالية عدوانيته وحقارته الخفية . _ هل برقم هاتفك ؟ _ نعم ؟ ماذا ؟ _ أريد رقم هاتفك المحمول تنتفض كأنها تعرضت لصعقة كهرباء لماذا ؟ يقول في كثير من التطاول والمن _ لو أردت قبل قليل كنت أخذته لكنني كما ترين أنا من أولاد الحلال وأود التعرف إليك. تستعيد توازنها قليلا لتصعقه هي الأخرى _ أي رقم تريد الذي لزوجي أو لأطفالي ؟هكذا كانت المرأة الأخرى التي كانتها تعيد الأقزام وتنفيهم إلى جزيرتهم البعيدة التي لا تعنيها. لتقيم هي على جزيرة عملاقها الوحيد المتفرد في كينونته وحبها له.
آه يا عيشة لونستطيع تثبيت أعمارنا في لحظات الفرح وأماكنه السحرية لبقيت في السوق حتى لازمة من لوازمه كحجر في ساحته أو حتى ذرة غبار في رياحه . آه عندما تبدأ الفرجة التي تسلب العقول وتثير فقاقيع من الدهشة ورؤى ضبابية غامضة . تبدأ عادة بعادة القوالين والمداحين وهم يصلون على النبي المختار وعلى أتباعه الأبرار يدقون طبولهم _ بناديرهم_ بإحترافية عالية يرفعونها يخفضونها فتحتارين كيف لا يقفز البندير من بين أيديهم يجرون به يقربونه من أذان المتفرجين , يجلسون ينهضون يقفزون _ حي صلوا على النبي وصحابو عشره كانت حكاياتهم تدور حول الأغوال و الأفاعي ذات السبعة رؤوس أو الطامة اللي تغطي الشعر وتفرش الشعر وتحرس بنت السلطان التي لن يتزوجها أحد غير الذي يأتيها بالرؤوس السبع فوق ذِؤابة سيفه ’ فيحررها ليعيشوا في ثبات ونبات ويخلفوا من البنات سبعا ومن الذكور سبعة لتعلوا التصفيقات . يعطيك الصح , يعطيك الصح . ويتحول البندير إلى حصالة للنقود حي , حي . صلوا على النبي وصحابو عشره صلوا على النبي يازين البشره. تتغلغلن في السوق الذي تعرفين أكثر زواياه اكثر مما تعرفين زوايا بيتكم لتبدأ فرجة أخرى أكثر إثارة ودهشة عند موسى لمرابط _ تحطون الرحال _ هذا الرجل الذي يقال أنه يهمس في اذن جنيته التي يلفها بمنديل اخضر. يأخذ حفنة من تراب لينفخ فيها ويهمس بكلمات بكلمات مبهمة لا يسمعها الأخرون فيتحول التراب إلى جاوي وبخور يوزعه على الحضور ليرسخ دهشتهم عميقا أو يهمس لها لتذهب في لمح البصر إلى الثلث الخالي لتحضر له حلوى الكابريس والفليو تكون الفرجة في أوجها عندما يأخذ سكينا ويأمر أي واحد من الحضور ان يبقره به بأقصى ما أوتي من قوة. ويخرجها مضرجة بالدماء فيمررها على لسانه ليتذوقها ثم تأتي المفاجأة عندما يرفع ثوبه من على بطنه فلا ترى أثرا لجرح او بقر أو لنزف دم . أو حين يمضغ الزجاج .ليجمع أيضا حصته من الدنانير وسط دهشة المتفرجين الذين أكثرهم يعرب عن إعجابه بتقبيل يد موسى المرابط ويطلبون بركاته وبركات جنيته وهم يرددون : اشايلله بيك سيدي موسى اشايلله وهم يشيرون إلى جنيته وينحنون لتعظيمها وتحيتها وهم يرددون : مسلمين مكتفين , مسلمين مكتفين. ثم يبادروا في تقديم طلباتهم واحتياجاتهم كل على حده وانفراد . ليبدأ هو في البصق في بعض الأفواه _ كان هذا الجزء الذي تكرهينه او تتقززين من منظره _ سألت أباك قال ليذهب عنهم الحمى . تساءلت عن السر الذي في بصاق موسى الشيخ او المرابط ليذهب الحمى عن كل من يأتيه محموما. أحيانا ترينه منكبا على كتابة تميمة – حرز- بماء الزعفران الأصفر أو بالسمق الذي يستخرجه من الصوف المحروق ليكتب بعود مبري من عيدان القصب يغمسها عدة مرات وهو مستغرقا يتمتم دائما بكلمات تتوقين بفضولك لمعرفتها . وضعت يا عيشة يدك على مؤخرة ظهرك أحسست ألما مبرحا في حوضك وأسفل بطنك يصاحبه دم نازل من مكان ما بين فخذيك دون ان تري جرحا أو دملا فقط دم ’ دم يميل إلى الدكنة ويغرق جبتك ويصيبك بإحراج وخوف ؟؟؟ هل أصبحت انت أيضا يا عيشة مثل موسى الشيخ المرابط كما يحلو للبعض تسميته الذي ترين دمه فوق السكين ولا ترين أثرا لجرح او طعنة في بطنه . أم هل انت أيضا في بطنك جنية ؟ تسيل بقدرة ما دمك من مكان ما دون بقر أو حتى دمل أو جرح ؟ عندما اقتربت منك تفاحة اختك التي تكبرك لتفك السلاسل من قدميك لتأخذها إلى بيت الراحة التي في طرف الحوش الكبير المبني من الطين المخلوط بالتبن سألتها عن سر الدم النازل . ضحكت من مخاوفك وطمأنتك قالت هذا يحدث لجميع النساء كل شهر ويسمى حيضا لقد كبرت فعلا يا عيشة وأصبحت امرأة من حق ابي أن يخاف عليك فأنت أجمل منا جميعا هو يحبك يا عيشه ويخاف أكثر عليك يخاف ان يغرر أحدهم بك له الحق فيما فعل هو الحل الوحيد ليطمئن عليك هو الذي بقي وحيدا أخوتك الذين يدعم وجودهم حرمتنا وحرمة دارنا أخذتهم فرنسا – الله لا تربحها – لحرب لندوشين ) حرب الهند الصينيه السايح ,الطاهر و صالح .لم يبق معه غيرنا و بعضا من الفلاحين والخمامسه.
كنت مستسلمة في صمت لمنطق أختك المبرر لموقف أبيك من أنوثتك التي ظهرت كشيطان امامه ووضعتك هذا الموضع الذي لاشك تتبرم به حتى الحيوانات في حضيرتكم . كنت مستسلمة لمنطقها المهادن المسالم في صمت وللألم المبرح أسفل ظهرك ,للحرارة والبرودة اللتان تتداولان علي جسمك الذي تحسينه وقد تحول إلى ساحة معركة خفية وضارية . …………………………………………………….. ……………………………………………………… وأنت تعودين إلى السلاسل تساءلت إلى أي صورة أنت أقرب ؟ أتان أبيك التي تقيد في ساحة منزلكم حتى لا تعيث فسادا في زرع أبيك من قمح وشعير بعد أن تتعب كثيرا في نقل أكوام التبن والحطب وأكياس القمح والشعير تعود إلى مربضها إلى كومة تبن أمامها تأكل منها قبل أن تبللها ببولها ذي الرائحة النفاذة . أم أنت أقرب إلى ابنة السلطان التي يحرس جمالها أفعى بسبعة رؤوس ويأتيها فارسها ليحررها ويدفع مهرها بالتغلب على الأفعى وحمل رؤوسها السبع فوق ذؤابة سيفه . ههههههههه تبتسمين بل تضحكين في سخرية يا حسراه عليك يا عيشة وعلى فارسك المزعوم الذي خطبت له يوم مولدك . حاولت ان تجدي في دماغك ما يجعله فارسا فلم تتذكري سوى فمه الكبير الذي لا يتناسق مع وجهه وتموضع أنفه وعينيه مما يسبب تنافرا واضحا في ملامحه . تذكرت صورته وهو صغير يوم أتى به عمك معه إلى داركم بعدما ألمت به حصبة فخضبت أمه يديه ورجليه بالحناء وربطت رأسه بمنديل احمر . ..................................................... ...................................................... يقال في دواركم وفي كافة الدواوير المجاورة أن حمرة الحناء وحمرة المنديل تتضامنان وتذهبان بقوة ما حمرة وحمى الحصبة . تذكرت انك لم تريه منذ أعوام , إلى أن سمعت أنه ذهب مع إخوتك الذكور – السايح , صالح و الطاهر – إلى الحرب المسماة لندوشين . ............................................................................................................................لم تترك فرنسا غير الشيوخ أو بعض الشباب الذي به مرض أو فيه عاهة أو نقص ما أثار دهشتك كيف تأخذ فرنسا الشباب القوي إلى التجنيد الاجباري وتترك شابا مثل العروسي الذي تمدح في رجولته وقوته فاطمة ابنة عمتك التي ارسلها إليك طالبا ودك وقد راك عدة مرات في الأسواق وفي وعدة داده العلواني زرق عيونو وقد سلبه جمالك عقله. كانت فاطمة تأتيك محملة بمنديل كبير كرزمة معقودة من حلوى الحلقوم والشامية ودقلة نور والكاوكاوية والجوز واللوز والكاوكاو وتقول لك : ايسلم عليك لعروسي وليد الساسي ويقول لك _ قبل القول تتنهد_
عيشه زينك شايع ما كسبوه عربان ما ملكوه نصارى قلبي عطشان للندى وأنت نواره قلبي معلق بيك ولهان كي الحوته تتخبط في فمها لصقت صناره. ........... كانت فاطمة تحاول جاهدة إخفاء حسدها لك على الكلم الذي يرسله معها المدعو لعروسي ولد الساسي لم تشعر بشئ لا بالتعلق ولا حتى بالفضول لتطرحي عليها السؤال : من يكون ؟ أين يسكن من أي دوار هو ؟
نجاح حدة
قسنطينة
التعليق
وقفت أجالت النظر في جميع ارجاء الغرفة المستطيلة , ثم تهالكت على أقرب مقعد لترتاح قليلا من تعب الطريق والشمس التي يبدو أنها كانت في أوج حرارتها صاحب مقهى السيبار كوفي كان فتى في مقتبل العمر كان يشغل أغنية حزينة باللغة الإنجليزية كانت تروقها الأغنية فيما مضى it’s toolate to apologies عندما كانت هي الأخرى قبل ان تتغير وتصبح هذه المرأة التي تجرجر أقدامها في الشارع ولا تحس بحرارة الشمس التي كانت تحسب لها الأخرى ألف حساب. امتدت يدها بآلية إلى حلقها تتحسسه سمعت الرمل يهسهس في أعماقها . صراخ نساء ’ ملايين من النساء ’ كانت تسمعهن وتراهن في أغوارها ’ يستغثن ’ يسعلن ’ مشعثات الشعر تتعالى صيحاتهن تحت أكوام الرمل التي تلقيها عليهن أيادي خشنة لأبائهن وإخوانهن . ثم يسكتن ’ يسكتن . فيلتقط سمعها صوتا مازال في السيبار كوفي صدىit’s too late to apologiesالأغنية متأخر جاء اعتذارك اراحت يدها من عبء الحقيبة على طرف إحدى الطاولات همست : أي أعتذار سيكفي ومن سيكفي؟ قفزت إلى ذهن هدى صورة الخالة عيشة وهي تترجاها: يا هدى يا بنتي راكي مادة يدك للحنة انتاع عرسك كاش مافيك براكة ونية ادعي لي ربي يديني راني كرهت الدنيا شبعتها حابه أنموت. كان صوتها ينبعث حارا صارخا من الذاكرة كأنه الآن ولم يمر عليه عشرون سنه لماذا يا خالتي عيشة اخترت ان تنتصبي أمامي في يومي الموعود يوم عرسي نصبا تذكاريا للحزن واليأس ؟ لماذا عندما أخذت يومها مكانا إلى جانبك في سيارة الأجرة جعلتني أدخل معك في متاهة لعبة كلعبة ( جومانجي) لماذا الآن تصبح حكايتك خلفية لحكايتي وجرحك خلفية لجرحي ؟ فجاءت الحكاية أحيانا على لسانك وأحيانا على لساني ؟ هل بلغ تواطؤنا هذا الحد المدهش في البدء كانت الحكاية حكايتك أنت سيدتها فلماذا تدخل أمي وجمع من النسوة ؟ من أي نافذة يدخلن ويقتحمن علينا خلوتنا ويربكن انسجامنا ؟ أهي عادة النساء في التجمع في الحمامات والأعراس والمأتم ’ فهن لا يصدقن أي حجة لطرح همومهن ’ وشكاويهن التي لا تنتهي . لكن هذه حكايتك التي أصبحت حكايتي وليس عرسا أو حماما أو مأتما. من أين أتت هذه المرأة التي أنفرط عقدها في الصحراء فبقيت لتلملمه – وتقضي حاجتها فتتركها القافلة وتتحرك من دونها ’ لتتقاذفها ألسنة السوء. لكنها هي الأكثر حظوة ومنزلة أدركتها الرحمة والبراءةأدركتها الرحمة والبراءة من فوق سابع السموات غير أن الجرح يبقى نديا يمشي في الوقت – لا احد يستطيع إغماض جفن الجرح – لذا عثر علي في طريقه إلى الأبد أصبح الآن إرثي وإرث جميع النساء هانذي بعد عشرين سنة من لقياك - في داخلي-أحمل لعنة روحك المعذبة أعرف أنك الآن معي تستمعين إلى مقطع الأغنية الحزينة
آه يا خالتي ها أنت تسكنينني , تطلعين من أعماقي بوجهك الأبيض وعينيك اللماعتين بلون الطحالب ’ بيديك المغضنتين أقرأ فيهما ما لا تحمله اللغات وما لا تستطيعين قوله لي في موعدنا الذي رتبته الأقدار بعناية فائقة هأنت تطلعين حمامة خنقها أطفال عابثون وأمهضوا جناحيها بحب حتى دون ان يشعروا انهم أساءوا إليها . آه يا عيشة يا حمالة لدراك ’ كما تقول أمي أخيرا أخيرا وكما كانت رغبتك ودعاؤك الحار . ترحلين بعد أسبوع من لقائنا ومن عرسي ’ تنامين حيث تتصورين الراحة ’ أغمضت عمرك وجفنيك وذهبت راغبة إلى الأمان الذي في التراب . قلت لك: بعيد الشر عليك خالتي عيشة ’ مازالت البركة والعمر الطويل’ قلت لك ذات مرارة انسكبت بيننا سكبتها أنت وكبرت في ذاكرتي شجرة علقم تحرك أوراقها الشتاء والرياح الباردة في كل الفصول ’ ريح تحركني وتحركها تدفعني بلا وعيي في أزقة المدن التي لا تشبه قريتك أو دوارك النائي ولا تحمل في نسماته رائحة الشيح والحلفاء. لأوثق جرحك الذي أصبح جرحي هل البياض الذي يلوح في الأوراق سيريحني ولو قليلا هل القلم سيبكي مثلما أريد ويحمل زفرتي إلى البياض الذي يلوح في الأوراق المطمئن والمريب في آن ’ حارة حارقة كريح الشهيلي التي لفحتك طويلا في تلك السهول والهضاب التي لا ترحم وتشكل إنسانها مخلوقا يحمل المتناقضات ’ الحب الشديد ة والقسوة اللامتناهية آه يا ثمار المناخ القاري كم تتكسرين تنضجين قبل الوقت بين الثلج وحرارة جهنمية كما تتكسر صلابة الحجر في المدى الحراري بين الليل والنهار لتصبح هشاشة رمل تحملها ريح الشهيلي بسهولة وتذروها كيفما تشاء . هل سأرتاح ولو قليلا على بياض الأوراق وسواد القلم مثلما تصورت أنت الراحة في بياض الكفن وسواد ظلمة القبر؟
زبائن السيبار كوفي لم يغادر منهم أحد مكانه ’ يبدو أن الأغنية الحزينة سمرتهم بثقل الشجن الذي تحمله في أماكنهم الفتى صاحب المقهى إما ذكي وخارق الذكاء يسلط عليهم الأغنية لتفتح نوافذ الحزن التي في لا وعيهم وفي أعماقهم فتثقلهم وتشل رغبتهم في المغادرة السريعة أو عاشق موله ومصدوم يعيش حالة حزن فائقة الاحباط رمته على رصيف الضياع و اللا جدوى فعلق كذبابة في شرك عنكبوتيه لا تستطيع الفكاك منها فأدمن هذا المقطع تلحسه نفسه كسكينة جارحة ’ أهو يطهر نفسه وروحه أم مازوشي يتعذب ويتلذذ بعذاباته؟
رفعت الحكاية رأسها على الورق طلعت كما تطلع الجنيات من البحر إلى الشاطئ على جسدها طراوة الماء ولذعة الملح الحارق لتغوي الصيادين ’ القراصنه ’ العشاق وكل راكبي البحر .آه يا لذعة الملح على لسان القلم والقلب ؟ تحذرني ويا طراوة الماء تدعوني دعوة سرية للغوص.
.. خالتي عيشة يا امرأة مكسورة بجمالها يا تنهيدة طويلة طالعة من صدر الصفصاف الذي أسلم أوراقه للريح ذهبت إلى حيث تريدين ولم تذهبي تماما كيف لإنسان أن يرحل ولا يرحل ؟ كيف لأمراه تسكنني كغزال شارد بثتني روحها ودموعها وغصة سلسلة حديدية لا تمحى من على قدميها .
يا نساء الرمل اللائي سكنني وحولن حلقي ساعة رملية حزينة. لم تمارسن سلطتكن علي وتحولنني هامشا صغيرا علي بياض ورقة أنا اشتريتها لماذا تغزين حاضري وتأخذنني من حياتي اليومية من زوجي وأطفالي من حقيبتي التي نسيتها – وكنت دائما –بدونكن أحملها في اليسار جهة القلب . لماذا تأخذن أيامي عنوة وتجعلن مني امرأة باذخة الألم ؟ يا نساء يثرن الدهشة ؟ يتحملن وخز إبر الوشام على خدودهن وجباههن وزنودهن ليزددن جمالا وفتنة وثم يغمرنها – في لحظة تحدي- ببراز أطفالهن وحموم طواجينهن حتى لا يطمع المستعمر الفرنسي فيهن يا نساء متطرفات في الحب والفتنة وفي الصد. يا نساء أثبتن وبصمن على خروجهن من رحم الكاهنة التي أحرقت محاصيلها وزيتون سهولها التي تعبت وتعب شعبها في زراعته- لتصد رغبة جامحة في احتلال أرضها. يا بناتها اللائي حملهن الريح- الشهيلي- أو- البحري حبوب طلع من رحمها .وزرعهن صفصافا و سنديانا في الأوراس. رفقا بي ببياض أوراقي التي لا يتسع لبياضكن وسواد حبري الذي لا يرقى إلى سواد الكحل الذائب في دموعكن فأعذرن ارتباكي وخوفي منكن ومن البياض المفترس.
..................................... آه يا أمي يا امرأة رسمتني بلهفتها ودمها المحروق بخورا لأجلنا ’آه يا امرأة غرغرتني بدموع أبناء وأرامل الشهداء وخلفتني إسفنجة تلملم دموع المحزونين يا امرأة علمتني كيف يكون النخل معطاء وصامتا وطويلا كيف تكون الدالية دانية قطوفها كيف كيف تكون عيونك صافية ومحبة ولا تحمل نظرة منانة أو متبجحة تؤميء لعطائها اللأ متناهي وتضحيتها الكبيرة ولو بصمت . يا امرأة قمصتني أحداثها وأمكنتها ’ وألبستني عباءتها المجاهدة . وأنا أبنه الاستقلال كانت أمي روائية رائعة لو لم تكن أمية . كانت تحكي عن أوراسها ’ عن الثورة تضع الفواصل والنقاط بتنهيداتها ودموعها ونقاط الاستطراد بنشيجها آه ياهدى فأصبحت وأنت وليدة الاستقلال بذاكرة ثورية تغني لك أغنية عن الشهيد:كي جاء للممات شهد وسلم ارفع يدو لله يطلب ويحشم يا شبان بلادي أطهللاو في ولادي زوروهم في العيد كي جاء للممات شهد وسلم ارفع يده لله يطلب ويحشم كبادو شهاقة وعيونو مشتاقة اخينا الشهيد هل لاحظت ياهدى او لم تلاحظي انك حملت وصاياها ونفذتها آه يا هدى هل لاحظت انك تزوجت بابن شهيد مات ابوه وعمره خمس سنوات والتحقت امه بالجبل لتثأر لزوجها وبقي دائم الوحدة واللوعة تثبت في يتمه مسمارا فولاذيا في صدر الجرح وتحجر حفرية ازلية لدمعة لا تنزل إلا بعملية قيصرية من قلم جاف. كان مثبتا طفلا والزمن وحده يجري . فجاءت مشاعرك نحوه خليطا من مشاعر امومة وعشق امرأة لرجل . وحرصت بكل ما اوتيت من حب وذكاء وأنوثة ان تجعليه سعيدا. - احيانا تختلفان كعادة الأزواج- وكان الطفل الذي له في اعماقك يغفر دائما للرجل الذي في الواقع فتسير الحياة بكما في توازنها الذي يجب . دونت هدى على كراستها خواطرها وهي لا تدري الأنها تحت طائلة الحزن الذي بثته أغنية السيبار كوفي وهي تنتظر دورا على إحدى طاولات الكمبيوتر لتنجز بحثا علميا لأبنتها سارة. صلصلت عيشة بصوت صدر من قدميها لتقول انا هنا دائما ة’وأريد ان أكون خلقا سويا لم يكن الصوت زغرودة فرح لخلخال زينة تساءلت ياهدى : هل كان الخلاص الذي نشدته في الموت وهما ؟ أم انها اورثتك عذاباتها ؟فقط ونامت شريطا أفعوانيا في الذاكرة ؟يهتز ويربو بنسبة الحديد الزائد في دمك . ............................................................ .امك الروائية التي كان من المفروض ان تكون لولا اميتها والأ تجعل منك نايا حزينا لزفراتها والأ تورثك جيناتها الابداعية قالت تحكي عن ابنة خالها عيشة بنت محند بن الهادف كانت فتاة فاتنة ’ قرة عين ابيها وسط سرب من الاخوة والأخوات كان يدللها يأخذها معه إلى الأسواق على حصانه الأشهب يردفها معه إلى سوق الثلاثاء والخميس والجمعة لتختار ما تشاء من ثياب ومناديل ولبان وطيب وتعود محملة بالحكايا والدهشة ....... وتشرب الخنجلان الساخن . بشرتها البيضاء المائلة إلى الشفافية حتى تفضح خضرة عروقها ’ كانت سر جمالها وعينيها التي كانتا مزيجا من الخضرة الزيتونية والبني لا احد في إخوتها او اخواتها يستطيع ان يقول عن عينيها خضراوين حتى ينطق أخر : بل بنيتان كان الجدل قائما دائما بين الأخوة عن لونهما الحقيقي وشعرها الكستنائي المشوب بخصلات مائلة إلى الصفرة ينحدر في جديلتين طويلتين تتمردان على طول المنديل فتنحدران وتستقران تحت الحجاب الحاجز. وانفها الدقيق وشفتيها المكتنزتين تغيظان الورد. كانت في فرحتها الطفولية المبكرة تلتصق بأبيها كأنها جزء منه لم تنفصل عنه قط .كانت ماتزال فيه ولم تنفصل عنه قط ’ كأنها خلقت هكذا او لتكون هكذا. لو لم يكن ذلك اليوم , لو لم ينزل من على حصانه في طريقها إلى سوق الثلاثاء أحس محند بلهادف بشيئين لدنين دافئين عند ظهره لم يعهدهما في فتاته عندما نزل على ظهر حصانه رأى ابنته قد كبرت وأصبح لها ما للنساء من يومها تغيرت حياتها وانقلبت رأسا على عقب عندما عاد إلى منزله أنفرد بزوجته خضرة أم عيشه بوجه مكفهر خال من اللين كأن نزلت به صاعقة ما. رفعت هدى قلمها من على ورقها من لذع الحكاية الملحية الكاوية جالت ببصرها في من حولها يبدو ان أستراتيجية الفتى صاحب المقهى واثقة من نفسها ’ وحيلة الأغنية التي تتسلل إلى اغوار المحزونين انطلت على من في المقهى فلم يترك أحد مقعده او يغادر كانت في يدها قصاصة لتنجز بحثا علميا لا بنتها التي تدرس بالسنة الأولى ثانوي حول نظرية جورج ماندل ومرور الجينات بين الأجيال. اضافت بقلمها متطلبات أخرى ستبحث عنها في إلى القصاصة الخنثى مرض الهلوسه هل هو عضوي ؟ نفسي ؟ عقلي اعراضه ؟ كيفية علاجه
استأنفت امك التي كان من الممكن أن تكون روائية رائعة . من هذاك اليوم عيشة المغبونه ماشافتش الربح واللا نهار مليح ربطها ابوها دون مقدمات ودون تبريرات بسلاسل حديدية إلى وتد غرس في وسط غرفة من غرف الدار المبنية بالطين المخلوط بالتبن بكت صرخت توسلت استفسرت عما فعلته ترجته : بابا بابا واش درت ؟ انا عيشة بنتك انا عيشة غادر بسرعة كأنه لم يستمع إلى صراخها وتوسلاتها وسط سيل من الدموع. قالت أم عيشة بصوت بالكاد يسمع بصح عيشه رزينة وعاقلة . راني عارف بصح الشيطان عليه اللعن قادر يلعب براسها. واللا واحد من ولاد الحرام يهرب بيها. عسيها ردي بالك عليها حتى يجي المختار ولد خويا من حرب لاندوشين يدخلها لدارو عروسه ونتهناو.
كان محند بلهادف ذي الأصول البربرية حسب حكايات الأجداد الذين يعدون على الأصابع بن فلان بن فلتان التاريخ بألسنتهم بن فلان بن فلتان بن فلان بن فلتان...... يحركون سلسلة وأصابعهم المفرودة للعد تتحرك كما تتحرك السبحة بين أصابع صهره محمد الصالح الذي زوجه أخته بدينارين ذهبيين يومها اهدى له برنوسا خاط حواشيه بيديه وقال له : هذه هدية عرسك من نسيبك اطهللا في اخ راهي طفلة عاقلة كون راجل معاها من يومها علا في عينيه وقربه كأخ وصديق لا كصهر قد يختلف معه عندما تعلو على السطح مشاكل الزوجية . كثيرا ما كانا يجتمعان على موائد الشاي والقهوة في سهرات صيفية لا تنتهي يكون فيها محمد الصالح حاضر النكتة يقرأ القران او يسرد عليهم حكايات مختلفة عن السيد علي وشجاعته وعن الأغوال أو عن شجاعة الكاهنة او الجازية الهلالية وذياب الفرطاس او يقرا لهم ما حفظه من أشعار او ما تجود به قريحته وما يرتجل عندما يطلب إليه ذلك وهم يبرمون سجائر العرعار في اناقة ودقة متناهيتين . وعندما يغيب عن المجالس لسبب ما يقول محند بلهادف لجلسائه : القعدة بلا محمد الصالح صامته وما عندها حتى طعمه ويأوي مبكرا إلى إلى فراشه إلى زوجته خضراء كأنه يبحث فيها عنها وعن روح محمد الصالح تساءل محند بلهادف عن غياب صديقه وصهره منذ مدة ’ بحث في ذاكرته عن سبب مقنع...لعل...لعل لم يجد سببا مقنعا نفض رأسه كأنه يتخلص من غبار وسواس يريد ان يطرق مخيلته ويسيطر على تفكيره تكفيه الوحشة والبرد وهذا الطريق الطويل المضني. ........................................................................................................................... تساءل محند بلهادف بكل موضوعية وهو بعيد عن الانتشاء التي تخلفه حكايا محمد الصالح عن الكاهنة البربريه وأساطيرها وشجاعتها النادرة إن في السلم او في الحرب. لم لم تختر أمنا الكاهنة رغم حكمتها الواسعة ونظرتها الثاقبة غير هذا المناخ الذي لا يعرف سوى البرودة الشديدة او الحرارة التي تذيب المخ وتكسر الرأس. هل اغرتها هذه السهول الرعويه التي على شساعتها لا تتعدى ما تجودبه من نبات غير الشوك والحلفاء وبعض المردقوش ذي الطعم المر . تبادرإلى ذهنه ما حكاه صهره وصديقه الحميم عن جرأتها وشجاعتها وحكمتها في حرق اراضيها ومحاصيلها الزراعية التي اشتهرت بها . عاد إلى واقعه من سحر الحكايا والأساطير التي كانت تمده بدفء ينسيه الحرارة والبرودة والأمراض وهموم الدنيا. إستشعر في ظهره وخز رياح ( البحري ) الآتية من الجهة الشمالية فتململ فوق ظهر حصانه كردة فعل لمقاومتها مثلما يفعل دائما عندما يصطدم به رياح الشهيلي الآتية من الجهة الجنوبية او عندما تتسرب إلى ظهره حطام السنابل او الدقيق من التبن الهشيم الذي كثيرا ما يتسرب إلى جسمه ويتناساه في غمرة أعماله وانشغالاته في ري وعلف ماشيته من بقر وأغنام وماعز وحمير وأحصنة وبغال . .......................................................... ..............................................................تحت وطأة البرد تذكر محند بلهادف ذي الأصول البربريه أنه ولمدة طـــــــــــــــــــــــــــويلــــــــــــــــــة نسي هذا البرد برد ريح البحري , لأن ابنته دائما تلتصق بظهره وتحيط ظهره وبطنه بذراعيها وتشبك يديها كشريط حريري على خصره وتضع رأسها كحمامة بين وسط لوحتي كتفيه العريضين لتنطلق وتنطلق ساقيها جدولان متوازيان من الدفء. تنهد محند بلهادف وهو يتذكر عيني ابنته الطحلبيتين غمره فيض أبوة وهو في الطريق المقفر البارد إلى سوق الثلاثاء. تمتم: آه ياعيشه واش دارت بيك وبي الأيام تذكر لثغتها الجميلة وهي تنطق : بابا غدوه ثوق ا لخميث تديني معاك فيضحك ويداعبها : إذا قلت سوق الخميس بالسين نديك معاي فتحاول ان تقول سوق الخميس لكن لسانها الوردي الصغير دائما يسبقها في الخروج بين اسنانها والذهاب بعيدا فتنطق ثوقالخميث. يغرق محند بلهادف ذي الأصول البربرية في ضحك عال حتى تتبلل عيناه الخضروان . لعنة الله على الشيطان وعلى الوقت اللي يجري . وعلاه يا عيشة ما تبقايش دائما طفلة باباك تذكر يوم ميلادها لما اتاه اخوه وزجته مهنئين وخاطبين في آن واحد. رانا سمعنا جبتو طفلة انعم طفلة وسميناها عيشة ربي يعيشهالم ويصلحها انشاء الله آمين خويا الهادي . لبنات صعاب وهمهم هم تديه حتى للقبر راني جيت انشوفها باه تخليهالي للطفل راه المختار اكبر عليها غير بربع سنين يكباروانشاللهوانزوجوهم . نفرحوا بيهم _ مشات مشات خويا الهادي على بركة الله ويضع يده في يده كإتفاق مسبق لخطبتهما. ..................................................
كورت عيشة جسدها كقنفذ صغير إستشعر خطرا ’ وضعت رأسها فوق ركبتيها وأحاطتهما بذراعيها محاولة استحضار أفراحها الطفولية كفارسة خلف ظهر ابيها ذاهبة آيبة من وإلى مختلف الأسواق . اجتاحتها رغبة طفولية جامحة في شراء حلوى الفوندا ذات الطعم النعناعي جاست بلسانها بحركة دائرية حول شفتيها الجافتين جراء حرارة تداهم جسمها تارة وتارة أخرى تتحول إلى برودة وقشعريرة .تنهدت : لو لم تدر لك ياعيشة ظهرها الأيام . لكنت اليوم في السوق الثلاثاء اليوم حياة بأكملها هناك. آه ياعيشة لا حال يدوم . كم كنت سعيدة تقفزين من على ظهر الحصان . يذهب ابوك لربطه إلى وتد ثم تبدأن تسوقكما وفرجتكما تبدآن بالتحايا والسلام والقبل ودفء احضان اصدقاء أبيك لتأتي بعدها الهبات والمنح التي يغدقها عليك الجمع من أصدقاء ومعارف أبيك . يعطيك هذا ربعة دورو يشتري لك ذاك كمشه من الكاوكاو يضع احدهم في كفك قرطاس لوبان أو قرون الخروب اللذيذة يجود عليك أحدهم بكأس خنجلان ساخن ليبعد عنك البرد . تأكلين ما يحلو لك وتضعين الباقي في كيسك ذي الألوان الزاهية نسجته لك أمك خصيصا للتسوق في سدايتها المعلقة في إحدى غرف منزلكم على مدار العام . تشربين الخنجلان. كم تشتاقين طعمه الآن .اول الأمر صدمك مذاقه اللأذع ثم أصبح من قرائن المتعة وفرضا من فروض السوق التي لا تسقط.
هدى يا أنت الموزعة بين الحكاية التي تضج في دماغك وتنكتب على جدران قلبك مؤلمة بخط مسماري جارح. وبين الانتظار المشين مقعدا امام احد الحواسيب في مقهى انترنت علقت به عذابات إنسان تشعرين نزيفه ترين دخانه ورماده الذي ما يزال حارا
........................................................................................................................... تقذف بك اقدامك خارج المقهى , هل أنت أم المرأة الأخرى التي تستبد بك ؟ كانت المرأة الأخرى تحفظ مقاطع الأغنية وتؤديها بشجن وتأثر كبيرين أينك ؟ أين المرأة الأخرى فهذه دون سابق إنذار ينفذ صبرها فتفتح الباب وتدع خطواتها لترتسم على رصيف شارع يكاد يذوب إسفلت هوإسمنته من شدة الحر من شمس كأنها حاقدة تواطات مع منابع الجحيم داخلها.
لم تنتبه انها نسيت حقيبتها على طرف أحدى طاولات الحواسيب. عندما كانت هي المرأة الأخرى كانت شديدة الحرص على حقيبة يدها ’ بل كان لها منزلة وقدسية لا يعلمها غيرها فمثلا كانت تضعها تقريبا في الجهة اليسرى قريبة من النبض والقلب . وحدها تشعر الدفء الحاني المنبعث منها كل محتوياتها تحنو عليها بطريقة ما وتهدئ من روعها كامرأة وأم وإنسان له متطلباته وتوحي بإلتزاماته. فدفتر الشيكات والبطاقة المغناطيسية يوحيان لها بأمنها الاقتصادي واستقرارها وأنها ليست في حاجة إلى غيرها حتى زوجها - بل وبالأخص زوجها - هي التي لا تريد أن تنغص حياتها الزوجية بآلة حسابية باردة وترفض ان تكون مجرد امرأة مستهلكة وغير فاعلة في أسرتها وخارجها . الدفتر العائلي :عائلتها الصغيرة ربما كتبه موظف في البلدية يتثاءب من روتينه بآلية مفرطة باردة لم يشعر أنه يسطر أجمل السطور في حياتها عقد زواجها أسماء زوجها أطفالها ’ تواريخ ميلادهم . كانت تكره الحسابات والأرقام والتواريخ لكن الأرقام التي في دفترها العائلي كانت شيئا أخر وامضا وساحرا يكفيها ان تذكر مولد احدهم 1995..........1999.......لتبدأ يومها تطبع وجهها وأعماقها بإشراقة حب تهون عليها متاعبها اليومية من وظيفتها في التدريس إلى التزاماتها المنزلية وخارج المنزل التكفل بالمشتريات ومتطلبات أبنائها التي لا تكاد تنتهي. بعد أن كبر أطفالها وغادروا عتبات منزلها إلى المدارس تمسكت اكثر بالدفتر العائلي جعلت مكانه حقيبتها داخل جهة القلب كأنه حجاب أو تعويذة تحفظهم بها لتعيدهم إليها في كل مساء على طاولة الحليب والقهوة دائرة تحميها من كل سوء . أحيانا لا تستوجب ضرورة وجوده في حقيبتها فهي لا تريد استخراج أي وثيقة من البلدية لكنها تحرص ان يكون هناك حيث دقة القلب كأنها تتحسسهم واحدا واحدا , تستعيد لحظات ميلادهم صرخاتهم الأولى ’ الحمى الأولى والجزع الأول و انتفاخ ثدييها بالحليب وسيلانه في حمالة الصدر وهي في وظيفتها . دعاؤها ’ زجاجات الرضاعة الدافئة بالكمون سهرها حمامات الزيت , حمامات الماء والكريمات المرطبة ’ تبديل الحفاظات ليلا ومع الفجر نومها اليقظان ويقظتها النائمة . تعبها إرهاقها دموعها, جزعها , فرحها بالأسنان الحليبية ’ الكمادات الباردة في كل تطعيم اوكل حمى . الخطوات الأولى ’ السقطات الأولى , الكلمات السحرية ماما ..بابا بكاء الجوع , بكاء الألم , بكاء النوم. ............................................................. ..............................................................الحقيبة كانت هاجسها أو كانت هاجس المرأة الأخرى التي كانتها لكنها نسيتها أو هذا ما يقوله لها احد الشبان وهو يعطيها اياها مبديا الكثير من اللطف والتودد. _ تفضلي لقد نسيت حقيبتك مدمو زال أو مدام . تمد يدها تأخذها منه ترمقه بنظرة باردة خالية من الشكر ’ كأنها لا تراه أو لم تكن تنظر إليه أصلا . كان ينتظر عبارات الامتنان وبعض عبارات المجاملة _الأخرى التي كانتها لم تكن ابدا ساهية أو متكبرة أو قليلة الظرف لكنها مستغرقة تمتد يدها في آلية إلى حلقها فلسانها وفكها وأعصابها تخوض حربا من الرمل الذي لا تستطيع الفكاك من ²هسهسته. صراخ نساء ملايين من النساء كانت تسمعهن وتراهن في اغوارها يستغثن يسعلن مشعثات الشعر تتعالى صيحاتهن تحت أكوام الرمال التي تلقيها عليهن أيادي ابائهن وإخوانهن اجدادهن ثم يسكتن يسكتن ويهمدن قليلا في أعماقها لتلتقط أذنها صوت الشاب الذي ايقظ برودها وردة فعلها اللامبالية عدوانيته وحقارته الخفية . _ هل برقم هاتفك ؟ _ نعم ؟ ماذا ؟ _ أريد رقم هاتفك المحمول تنتفض كأنها تعرضت لصعقة كهرباء لماذا ؟ يقول في كثير من التطاول والمن _ لو أردت قبل قليل كنت أخذته لكنني كما ترين أنا من أولاد الحلال وأود التعرف إليك. تستعيد توازنها قليلا لتصعقه هي الأخرى _ أي رقم تريد الذي لزوجي أو لأطفالي ؟هكذا كانت المرأة الأخرى التي كانتها تعيد الأقزام وتنفيهم إلى جزيرتهم البعيدة التي لا تعنيها. لتقيم هي على جزيرة عملاقها الوحيد المتفرد في كينونته وحبها له.
آه يا عيشة لونستطيع تثبيت أعمارنا في لحظات الفرح وأماكنه السحرية لبقيت في السوق حتى لازمة من لوازمه كحجر في ساحته أو حتى ذرة غبار في رياحه . آه عندما تبدأ الفرجة التي تسلب العقول وتثير فقاقيع من الدهشة ورؤى ضبابية غامضة . تبدأ عادة بعادة القوالين والمداحين وهم يصلون على النبي المختار وعلى أتباعه الأبرار يدقون طبولهم _ بناديرهم_ بإحترافية عالية يرفعونها يخفضونها فتحتارين كيف لا يقفز البندير من بين أيديهم يجرون به يقربونه من أذان المتفرجين , يجلسون ينهضون يقفزون _ حي صلوا على النبي وصحابو عشره كانت حكاياتهم تدور حول الأغوال و الأفاعي ذات السبعة رؤوس أو الطامة اللي تغطي الشعر وتفرش الشعر وتحرس بنت السلطان التي لن يتزوجها أحد غير الذي يأتيها بالرؤوس السبع فوق ذِؤابة سيفه ’ فيحررها ليعيشوا في ثبات ونبات ويخلفوا من البنات سبعا ومن الذكور سبعة لتعلوا التصفيقات . يعطيك الصح , يعطيك الصح . ويتحول البندير إلى حصالة للنقود حي , حي . صلوا على النبي وصحابو عشره صلوا على النبي يازين البشره. تتغلغلن في السوق الذي تعرفين أكثر زواياه اكثر مما تعرفين زوايا بيتكم لتبدأ فرجة أخرى أكثر إثارة ودهشة عند موسى لمرابط _ تحطون الرحال _ هذا الرجل الذي يقال أنه يهمس في اذن جنيته التي يلفها بمنديل اخضر. يأخذ حفنة من تراب لينفخ فيها ويهمس بكلمات بكلمات مبهمة لا يسمعها الأخرون فيتحول التراب إلى جاوي وبخور يوزعه على الحضور ليرسخ دهشتهم عميقا أو يهمس لها لتذهب في لمح البصر إلى الثلث الخالي لتحضر له حلوى الكابريس والفليو تكون الفرجة في أوجها عندما يأخذ سكينا ويأمر أي واحد من الحضور ان يبقره به بأقصى ما أوتي من قوة. ويخرجها مضرجة بالدماء فيمررها على لسانه ليتذوقها ثم تأتي المفاجأة عندما يرفع ثوبه من على بطنه فلا ترى أثرا لجرح او بقر أو لنزف دم . أو حين يمضغ الزجاج .ليجمع أيضا حصته من الدنانير وسط دهشة المتفرجين الذين أكثرهم يعرب عن إعجابه بتقبيل يد موسى المرابط ويطلبون بركاته وبركات جنيته وهم يرددون : اشايلله بيك سيدي موسى اشايلله وهم يشيرون إلى جنيته وينحنون لتعظيمها وتحيتها وهم يرددون : مسلمين مكتفين , مسلمين مكتفين. ثم يبادروا في تقديم طلباتهم واحتياجاتهم كل على حده وانفراد . ليبدأ هو في البصق في بعض الأفواه _ كان هذا الجزء الذي تكرهينه او تتقززين من منظره _ سألت أباك قال ليذهب عنهم الحمى . تساءلت عن السر الذي في بصاق موسى الشيخ او المرابط ليذهب الحمى عن كل من يأتيه محموما. أحيانا ترينه منكبا على كتابة تميمة – حرز- بماء الزعفران الأصفر أو بالسمق الذي يستخرجه من الصوف المحروق ليكتب بعود مبري من عيدان القصب يغمسها عدة مرات وهو مستغرقا يتمتم دائما بكلمات تتوقين بفضولك لمعرفتها . وضعت يا عيشة يدك على مؤخرة ظهرك أحسست ألما مبرحا في حوضك وأسفل بطنك يصاحبه دم نازل من مكان ما بين فخذيك دون ان تري جرحا أو دملا فقط دم ’ دم يميل إلى الدكنة ويغرق جبتك ويصيبك بإحراج وخوف ؟؟؟ هل أصبحت انت أيضا يا عيشة مثل موسى الشيخ المرابط كما يحلو للبعض تسميته الذي ترين دمه فوق السكين ولا ترين أثرا لجرح او طعنة في بطنه . أم هل انت أيضا في بطنك جنية ؟ تسيل بقدرة ما دمك من مكان ما دون بقر أو حتى دمل أو جرح ؟ عندما اقتربت منك تفاحة اختك التي تكبرك لتفك السلاسل من قدميك لتأخذها إلى بيت الراحة التي في طرف الحوش الكبير المبني من الطين المخلوط بالتبن سألتها عن سر الدم النازل . ضحكت من مخاوفك وطمأنتك قالت هذا يحدث لجميع النساء كل شهر ويسمى حيضا لقد كبرت فعلا يا عيشة وأصبحت امرأة من حق ابي أن يخاف عليك فأنت أجمل منا جميعا هو يحبك يا عيشه ويخاف أكثر عليك يخاف ان يغرر أحدهم بك له الحق فيما فعل هو الحل الوحيد ليطمئن عليك هو الذي بقي وحيدا أخوتك الذين يدعم وجودهم حرمتنا وحرمة دارنا أخذتهم فرنسا – الله لا تربحها – لحرب لندوشين ) حرب الهند الصينيه السايح ,الطاهر و صالح .لم يبق معه غيرنا و بعضا من الفلاحين والخمامسه.
كنت مستسلمة في صمت لمنطق أختك المبرر لموقف أبيك من أنوثتك التي ظهرت كشيطان امامه ووضعتك هذا الموضع الذي لاشك تتبرم به حتى الحيوانات في حضيرتكم . كنت مستسلمة لمنطقها المهادن المسالم في صمت وللألم المبرح أسفل ظهرك ,للحرارة والبرودة اللتان تتداولان علي جسمك الذي تحسينه وقد تحول إلى ساحة معركة خفية وضارية . …………………………………………………….. ……………………………………………………… وأنت تعودين إلى السلاسل تساءلت إلى أي صورة أنت أقرب ؟ أتان أبيك التي تقيد في ساحة منزلكم حتى لا تعيث فسادا في زرع أبيك من قمح وشعير بعد أن تتعب كثيرا في نقل أكوام التبن والحطب وأكياس القمح والشعير تعود إلى مربضها إلى كومة تبن أمامها تأكل منها قبل أن تبللها ببولها ذي الرائحة النفاذة . أم أنت أقرب إلى ابنة السلطان التي يحرس جمالها أفعى بسبعة رؤوس ويأتيها فارسها ليحررها ويدفع مهرها بالتغلب على الأفعى وحمل رؤوسها السبع فوق ذؤابة سيفه . ههههههههه تبتسمين بل تضحكين في سخرية يا حسراه عليك يا عيشة وعلى فارسك المزعوم الذي خطبت له يوم مولدك . حاولت ان تجدي في دماغك ما يجعله فارسا فلم تتذكري سوى فمه الكبير الذي لا يتناسق مع وجهه وتموضع أنفه وعينيه مما يسبب تنافرا واضحا في ملامحه . تذكرت صورته وهو صغير يوم أتى به عمك معه إلى داركم بعدما ألمت به حصبة فخضبت أمه يديه ورجليه بالحناء وربطت رأسه بمنديل احمر . ..................................................... ...................................................... يقال في دواركم وفي كافة الدواوير المجاورة أن حمرة الحناء وحمرة المنديل تتضامنان وتذهبان بقوة ما حمرة وحمى الحصبة . تذكرت انك لم تريه منذ أعوام , إلى أن سمعت أنه ذهب مع إخوتك الذكور – السايح , صالح و الطاهر – إلى الحرب المسماة لندوشين . ............................................................................................................................لم تترك فرنسا غير الشيوخ أو بعض الشباب الذي به مرض أو فيه عاهة أو نقص ما أثار دهشتك كيف تأخذ فرنسا الشباب القوي إلى التجنيد الاجباري وتترك شابا مثل العروسي الذي تمدح في رجولته وقوته فاطمة ابنة عمتك التي ارسلها إليك طالبا ودك وقد راك عدة مرات في الأسواق وفي وعدة داده العلواني زرق عيونو وقد سلبه جمالك عقله. كانت فاطمة تأتيك محملة بمنديل كبير كرزمة معقودة من حلوى الحلقوم والشامية ودقلة نور والكاوكاوية والجوز واللوز والكاوكاو وتقول لك : ايسلم عليك لعروسي وليد الساسي ويقول لك _ قبل القول تتنهد_
عيشه زينك شايع ما كسبوه عربان ما ملكوه نصارى قلبي عطشان للندى وأنت نواره قلبي معلق بيك ولهان كي الحوته تتخبط في فمها لصقت صناره. ........... كانت فاطمة تحاول جاهدة إخفاء حسدها لك على الكلم الذي يرسله معها المدعو لعروسي ولد الساسي لم تشعر بشئ لا بالتعلق ولا حتى بالفضول لتطرحي عليها السؤال : من يكون ؟ أين يسكن من أي دوار هو ؟
نجاح حدة
قسنطينة
التعليق